التنمية الجهوية الممكنة بين واقع التشبيك الترابي والتشاركي اليوم وإدارة الأزمات الغد

الدكتور محمد البغدادي

باحث في العلوم القانونية

بكلية الحقوق بطنجة

 

مقدمة:

ما من شك في أن ورش التنمية الجهوية الممكنة تندمج ضمن المبادرات الجادة وذات المصداقية والمساعي الحثيثة بين مختلف المتداخلين والفاعلين السياسيين والمنتخبين في إطار تناغم وتكامل بين الديمقراطية التمثيلة والديمقراطية التشاركية في أفق تكريس رؤية النموذج التنموي الجديد لسنة 2021، وعملا بالتوجيهات الملكية السامية بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة بتاريخ 20 و21 دجنبر 2024 بعد النسخة الأولى في 20 دجنبر 2019 بأكادير التي شكلت إطاراتوجيهيا ومنهجيا.

ويراد بالتنمية الجهوية الممكنة على أنها تلك المقدرات التي تتمع بها الجهة كمركز للصدارة في باب التنمية الترابية.

واعتبارا لأهمية ومكانة التنمية الجهوية الممكنة في ضمان النمو الاقتصادي والتنمية المندمجة والمستدامة وتحقيق تسريع الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، فإن الإشكالية المحورية تتمثل فيمايلي: كيف يمكن ضمان التنمية الجهوية الممكنة في ظل تداخل الصلاحيات وتعدد الفاعلين وكثرة الأزمات؟.

وتحت هاته الإشكالية المركزية تتفرع عنها التساؤلات التالية: ما هو واقع التشبيك الترابي والتشاركي للجهوية المتقدمة؟ وكيف يمكن إدارة الفاعلين السياسيين والمنتخبين للأزمات على المستوى الاستراتيجي؟.

ولمقاربة هذا الموضوع، ارتأينا الاعتماد على التقسيم التالي:

المبحث الأول: واقع التشبيك الترابي والتشاركي للجهوية المتقدمة

المبحث الثاني: إدارة الفاعلين السياسيين والمنتخبين للأزمات على المستوى الاستراتيجي

 

المبحث الأول: واقع التشبيك الترابي والتشاركي للجهوية المتقدمة

لاريب في أن التنمية الجهوية الممكنة لها من التحديات الآنية والمستقبلية في إطار انسجام وتكامل بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في الشأن العمومي الترابي بالمملكة، وذلك عملا بالمقتضيات الدستورية والتشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وعليه، سوف نتطرق إلى صعوبات في إعادة بوصلة الفعل العمومي من خلال تدقيق الاختصاصات الدستورية والميثاق الوطني للاتمركز الإداري وبلورة التصاميم المديرية للقطاعات الحكومية في المطلب الأول وتحديات ورش الجهوية المتقدمة في المطلب الثاني.

المطلب الأول: صعوبات في إعادة بوصلة الفعل العمومي

من خلال تدقيق الاختصاصات الدستورية وأجرأة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري وبلورة التصاميم المديرية للقطاعات الحكومية

معلوم أن التشبيك الترابي والتشاركي للجهوية المتقدمة يعتريه جملة من التحديات التي يفرضها ورش التنمية الجهوية الممكنة، بما في ذلك تداخل الصلاحيات وتعدد الفاعلين وكثرة الأزمات من وقت لأخر، وذلك تماشيا مع الصلاحيات الدستورية المنصوص عليها في دستور 2011.

ويكفي الإشارة إلى أن صعوبات في تدقيق الصلاحيات الدستورية للفاعلين والمتدخلين في الشأن العمومي المحلي تكمن أساس في التخفيف من عبء البيروقراطية والروتين الإداري والمسطري وتدبير الأزمات على أساس استراتيجي، وهذا ما أكده تقرير المجلس الأعلى للحسابات 2023 و2024.

المطلب الثاني: تحديات ورش الجهوية المتقدمة

تزامنا ومواكبة مع المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة التي اتسمت بكثير من الوضوح والصراحة والمباشرة تحت الرعاية الملكية السامية، فإن العاهل المغربي ركز بالأساس في الرسالة الملكية السامية على التحديات السبعة للجهوية المتقدمة:

– التفعيل الحقيقي للميثاق الوطني للاتمركز الإداري وبلورة التصاميم المديرية للقطاعات الحكومية

– استكمال ورش تفعيل ممارسة الجهة لاختصاصاتها.

– تعزيز الديمقراطية التشاركية على المستويين الجهوي والمحلي.

-تفعيل المبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة في مجال تدبير الشأن الترابي، فضلا عن

– النهوض بالجاذبية الترابية للجهات.

– التصدي لبعض الأزمات.

– التكيف مع التحولات التي يفرضها واقع اليوم وتأثيرات الغد.

 

المبحث الثاني: إدارة الفاعلين السياسيين والمنتخبين للأزمات على المستوى الاستراتيجي

من المؤكد أن التنمية الجهوية الممكنة باتت مطلبا مستعجلا وآنيا في ظل حجم المشاريع الاستراتيجية الملكية ذات الصبغة التنمية المندمجة والمستدامة، وذلك بما ينسجم مع روح دستور 2011 ، وعملا بتصور النموذج التنموي الجديد لسنة 2021.

وتبعا لذلك، سوف نتناول الابتكار في اعتماد استراتيجية محكمة في المطلب الأول والإبداع في التمويل الترابي والتشاركي في المطلب الثاني.

المطلب الأول: الابتكار في اعتماد استراتيجية محكمة

دعت الرسالة المولوية السامية خلال المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة إلى ضرورة الابتكار في اعتماد استراتيجية محكمة ومضبوطة ومدروسة وفق مقاربة شمولية ومندمجة، وذلك تماشيا مع المتغيرات الدولية والإقليمية والتطورات الداخلية.

وتجب الإشارة إلى أن ورش الجهوية المتقدمة لها تحديات جد كبيرة تتمثل في إحداث منظومات تفكيرية وتسييرية وتدبيرية وتنظيمية، وكذا منظومات النقل العمومي والنقل المتعدد الأنماط والإجهاد المائي والتحول الرقمي للجماعات الترابية وتطوير جماعات ذكية ومستدامة.

المطلب الثاني: الإبداع في التمويل الترابي والتشاركي

من الواضح جدا أن تأهيل ورش الجهوية المتقدمة يحتاج إلى الأليات التمويلية الضخمة من خلال البحث عن الرأسمال المادي، وكذا الابتكار والإبداع في إيجاد آليات جديدة كفيلة لجذب الاستثمار والتخفيف من عبء البيروقراطية والروتين الإداري والمسطري وتدبير الأزمات على أساس استراتيجي في ظل محدودية الصلاحيات والاعتمادات المالية لجميع الجهات.

وينبغي التذكير إلى أن التمويل الترابي والتشاركي يشكل حجرة عثرة أمام الرهانات الاستراتيجية التي يعول عليها المغرب في أجرأة وتنزيل جميع المشاريع الملكية السامية وفق تناغم الديمقراطية التمثيلة والديمقراطية التشاركية من خلال التوقيع على أربع اتفاقيات للجهوية المتقدمة لتعزيز التعاون بين الجهات والحكومة في المجالات الاستراتيجية كالماء والتنقل وحماية البيئة والاستثمار هي:

– وضع منهجية جديدة لتحديد الآليات الإجرائية لاستكمال ومواصلة تنفيذ التزامات الأطراف الموقعة على الإطار التوجيهي لسنة 2019.

– الشراكة في مجال الماء بين وزير الداخلية وجميع رؤساء الجهات من خلال الالتزام من خلالها بالعديد من التدابير الرامية إلى مواصلة تنزيل السياسات الوطنية في ميدان الماء والبيئة الترابية.

– تمويل برنامج الاستثماري الخاص بالنموذج الجديد لعقود تدبير المفوض للنقل العمومي الحضري.

– تدبير قطاع النفايات المنزلية والمماثلة لها وهو قطاع أولوي يتصل برهان تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة والارتكاز على مبادئ الحكامة الجيدة.

 

الخاتمة:

وبناء على ذلك، يتضح أن التنمية الجهوية الممكنة أضحت رهانا استراتيجيا تندرج ضمن ورش الجهوية المتقدمة المندمجة والمستدامة في ظل التردد والحظر والتوجس التي تنهج الإدارة المركزية وفق مبدأ التميز والتدرج، وذلك عملا بالتوجيهيات الملكية السامية التي أكد عليها في المناظرة الوطنية الثانية بطنجة.

ومن أجل التغلب على التحديات السبعة التي نصت عليها المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة، لابد من اتخاذ التدابير والمطالب التالية:

– العمل على تسريع القوانين والمراسيم وتجنب البيروقراطية والعقليات التي تقف عقبة أمام تقدم ورش الجهوية المتقدمة.

– تأهيل الجهات.

– تدقيق بعض الصلاحيات للجهات.

– تطبيق مبدأ التدرج في تطبيق الاختصاصات.

– تطبيق الميثاق الوطني للاتمركز الإداري من خلال المصادقة السيد الوالي على التأشيرة فيما يتعلق بمقررات الجهة.

– تطوير آليات التتبع والتقييم لتحقيق أداء ونجاعة الفاعلين الترابيين.

– تقوية قدرات الفاعلين الترابيين من خلال توفير رأسمال بشري مؤهل من أجل تأدية المسؤولية على أحسن وجه.

– استمرار آليات التشاور والحوار.

– تحسين الحكامة الترابية.

 

لائحة المراجع:

البرامج التلفزيونية:

 مداخلة العباس الوردي، طنجة-المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة: توصيات بتسريع تسريع ميثاق اللاتمركز الإداري من أجل توطيد الحكامة الترابية، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسة الأولى، يوم 21 دجنبر 2024.

 مداخلة الخطاط ينجا، مضامين الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 26 دجنبر 2024.

 مداخلة حميد النهري، توصيات المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، مشاركة في برنامج قناة 1 ميدي، يوم 23 دجنبر 2024.

 مداخلة كمال الهشومي، الرهانات المستقبلية لمجالس الجهات على ضوء الرسالة الملكية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 21 دجنبر 2024.

 مداخلة محمد العمراني بوخبزة، مضامين الرسالة الملكية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 20 دجنبر 2024.

 مداخلة ميلود بلقاضي، المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة: اتفاقيات لتسريع التنزيل وتعزيز التعاون بين الجهات، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 23 دجنبر 2024.

 مداخلة سعيد الخمسي، لجهة فاعل أساسي في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 22 دجنبر 2024.

 مداخلة عبد الحفيظ والعلو، المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة: محطة لتقييم المنجز وبلورة توجهات المرحلة المقبلة، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 21 دجنبر 2024.

 مداخلة عبد اللطيف كومات، توصيات المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، مشاركة في برنامج قناة 1 ميدي، يوم 23 دجنبر 2024.

 مداخلة عبد اللطيف كومات، مضامين الرسالة الملكية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الظهيرة الأولى، يوم 21 دجنبر 2024.

 مداخلة عبد الغني مريدة، الرسالة الملكية للمشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة: خارطة طريق لتفعيل أمثل للجهوية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 17 دجنبر 2024.

 مداخلة علي الغنبوري، طنجة-المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة: توصيات بتسريع تسريع ميثاق اللاتمركز الإداري من أجل توطيد الحكامة الترابية، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسية الأولى، يوم 22 دجنبر 2024.

 مداخلة علي الغنبوري،الجهوية المتقدمة: جلالة الملك يدعو للخروج بخارطة طريق متوافق بشأنها لاعتماد توجهات استراتيجية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 20 دجنبر 2024.

 مداخلة رشيد الساري، طنجة-المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة: توصيات بتسريع تسريع ميثاق اللاتمركز الإداري من أجل توطيد الحكامة الترابية، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسة الأولى، يوم 21 دجنبر 2024.

 مداخلة فتيحة الطالبي، ورش ملكي استراتيجي بأبعاد تنموية لكل جهات المملكة، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 24 دجنبر 2024.

 مداخلة رضوان زهرو، ورش ملكي استراتيجي بأبعاد تنموية لكل جهات المملكة، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 24 دجنبر 2024.

 مداخلة خالد أشيبان، الرسالة الملكية للمشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة: خارطة طريق لتفعيل أمثل للجهوية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 17 دجنبر 2024.

 مداخلة خديجة والغازي، الجهوية المتقدمة: جلالة الملك يدعو للخروج بخارطة طريق متوافق بشأنها لاعتماد توجهات استراتيجية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 20 دجنبر 2024.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا