التخفيض التلقائي للعقوبة السالبة للحرية وفق مشروع قانون المسطرة الجنائية

يونس باعدي

دكتور في الحقوق

مقدمة:

ينطوي مشروع قانون المسطرة الجنائية على مجموعة من المستجدات القانونية، التي جاءت بأفكار و توجهات جديدة و حديثة، و من اهم ما جاء به المشروع إحداث آلية جديدة للتخفيض التلقائي للعقوبة السالبة للحرية لصالح السجناء، و يمكن تعريفه بكونه استفادة السجناء الذين أبانوا عن تحسن سلوكهم خلال مدة تنفيذهم للعقوبة وفقا لشروط قانونية محددة ولو كانت لديهم سوابق قضائية، وفق مقاربة تعتمد على تحفيز وتشجيع السجناء على الانضباط والانخراط بشكل إيجابي في البرامج الاجتماعية والتربوية والصحية الرامية إلى تسهيل الإدماج في المجتمع، الشيء الذي سيساهم لا محالة في الحد من معاناة السجين والتخفيف من الاكتظاظ التي تعرفة المؤسسات السجنية.

وقد حرص القانون في إطار فلسفة إعادة الإدماج والتأهيل إلى وضع مجموعة من التدابير التحفيزية، سواء على مستوى تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، كاعتماد آلية التخفيض التلقائي للعقوبة، يتوخى منها تحفيز وتشجيع نزلاء المؤسسات السجنية على حسن السلوك والانخراط في برامج التكوين والتعلم، من خلال استفادتهم من تخفيض للعقوبة كل شهر من طرف هيئة مختصة ووفق مساطر محددة، أو على مستوى العقوبات المالية، من خلال وضع آليات تحفيزية للتشجيع على أداء الغرامات المحكوم بها.

وفي إطار تعزيز هذا التوجه الإدماجي، تم اعتماد مجموعة من الإجراءات فها يخص تبسيط إجراءات رد الاعتبار بنوعيه القانوني والقضائي، وتجنب إشكالات الإكراه البدني، وبيانات السجل العدلي التي قد تكون عائقا أمام برامج إعادة التأهيل والإدماج، والبحث عن مقاربات جديدة لتدبير الإفراج المقيد بشروط بما يسهم في تحقيق أهدافه.

المطلب الأول: شروط الاستفادة من التخفيض التلقائي للعقوبة السالبة للحرية

يستفيد السجناء الذين أبانوا عن تحسن سلوكهم خلال تنفيذهم للعقوبة، من تخفيض تلقائي للعقوبة السالبة للحرية قدره:

– أربعة أيام عن كل شهر إذا كانت العقوبة سنة أو أقل؛

– شهر واحد عن كل سنة ويومين عن كل شهر إذا كانت العقوبة المحكوم بها أكثر من سنة.

لا يستفيد من التخفيض التلقائي للعقوبة المحكوم عليه الذي اتخذ في حقه قرار تأديبي وفقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالسجون خلال المدة التي يحتسب على أساسها التخفيض.

يتم تنفيذ التخفيض تلقائيا من قبل لجنة تتألف من مدير المؤسسة السجنية ورئيس المعقل

والمشرف الاجتماعي ورئيس مكتب الضبط القضائي وطبيب المؤسسة في نهاية كل شهر أو كل سنة حسب الأحوال شريطة:

1- أن يكون الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به؛

2- أن يكون المحكوم عليه قد قضى على الأقل ربع العقوبة السالبة للحرية المحكوم مها عليه.

يستفيد المحكوم عليه الذي تأخر في مواجهته صدور حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به من التخفيض التلقائي للعقوبة ابتداء من التاريخ الذي يستوفي فيه الشرط المتعلق بقضاء ربع العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليه، وذلك ما لم يكن قد قضى عقوبته.

يجب على المحاكم ومحكمة النقض إشعار المؤسسة السجنية بالطعون المقدمة والأحكام الصادرة في قضايا المعتقلين فور تقديمها أو صدورها. تسهر النيابة العامة على التطبيق الفوري لهذا المقتضى.

و من الاهمية مما كان انه يمكن أن يستفيد يمكن أن يستفيد المحكوم عليهم الذين لهم سوابق قضائية والذين أبانوا عن تحسن سلوكهم، من التخفيض التلقائي للعقوبة وذلك في حدود نصف المدة وضمن الشروط المشار إليها أعلاه.

يعهد إلى قاضي تطبيق العقوبات مراقبة قرارات التخفيض التلقائي للعقوبة ويرأس اللجنة التي تبت في التظلمات المرفوعة ضد هذه القرارات.

 

 

 

المطلب الثاني: مسطرة الاستفادة من التخفيض التلقائي للعقوبة السالبة للحرية

يتولى مدير المؤسسة السجنية تنفيذ التخفيض التلقائي للعقوبة بعد توفر شروطه القانونية.

يحيل المدير المذكور داخل أجل ثلاثة أيام نسخة من قرار التخفيض التلقائي للعقوبة إلى قاضي تطبيق العقوبات وإلى وكيل الملك الذي يوجد بدائرة نفوذه مقر المؤسسة السجنية، مرفقة بملخص الحالة الجنائية للمعني بالأمر يتضمن ملاحظات عن سلوكه وسيرته داخل المؤسسة السجنية وعن العقوبات التأديبية التي اتخذت في حقه وعن مساهمته في البرامج الاجتماعية والتربوية والصحية الرامية إلى تسهيل الإدماج في المجتمع.

يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أو وكيل الملك أن يطلب إيقاف تنفيذ التخفيض المقرر من قبل مدير المؤسسة السجنية خلال ثلاثة أيام من إشعارها به، وعرض الأمر على لجنة مراقبة تطبيق التخفيض للبت فيه.

و التي تتألف هذه اللجنة علاوة على قاضي تطبيق العقوبات بصفته رئيسا، من ممثل النيابة العامة والمدير الجهوي لإدارة السجون أو من يمثله، وتتولى كتابة الضبط بالمحكمة مهام كتابة اللجنة.

تضم كذاك هذه اللجنة في عضويتها قاضي الأحداث إذا كان الأمر يتعلق بحدث.

تجتمع اللجنة بالمحكمة الابتدائية ويمكن أن تجتمع بمقر المؤسسة السجنية إذا قرر قاضي تطبيق العقوبات ذلك بناء على طلب ممثل النيابة العامة.

يمكن للجنة أن تستمع إلى السجين المتظلم الذي يمكنه كذلك الاستعانة بمحام.

يمكن للجنة كذاك أن تطلب تقريراً من المندوب الجهوي لإدارة السجون حول سلوك المعني بالأمر.

، وذلك إذا كان لديها ملاحظات حول سلوك السجين المستفيد، أو في حالة عدم توفر الشروط الأخرى للاستفادة من التخفيض التلقائي للعقوبة.

يمكن لكل سجين لم يستفد من التخفيض التلقائي للعقوبة رفع تظلمه إلى اللجنة المذكورة.

تتم إحالة التظلمات فورا إلى قاضي تطبيق العقوبات.

تصدر اللجنة قرارها داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم التظلم إلى إدارة المؤسسة السجنية أو النيابة العامة أو إلى قاضي تطبيق العقوبات.

و يمكن للجنة كذلك بناء على اقتراح من الإدارة المكلفة بالسجون، منح تخفيض إضافي للسجناء المؤهلين للاستفادة من التخفيض التلقائي للعقوبة والذين شاركوا في برامج الإدماج أو أبانوا عن مجهودات متميزة في متابعة دراستهم أو في التكوين المهني أو الخضوع للعلاج وذلك لمدة أربعة أيام عن كل شهر بالنسبة للعقوبات المحكوم بها التي لا تتجاوز سنة أو شهرا واحدا عن كل سنة أو جزء من السنة بالنسبة للعقوبات التي تفوق السنة.

لا يمكن أن يستفيد السجين من التخفيض التلقائي الإضافي أكثر من خمس مرات طيلة مدة العقوبة التي يقضيها بالمؤسسة السجنية، ولا تقبل مقررات اللجنة أي طعن.

ويمكن للجنة أن تأمر بسحب آخر تخفيض تلقائي للعقوبة استفاد منه السجين الذي أبدى سلوكا سيئا وذلك بناء على ملتمس كتابي يقدمه مدير المؤسسة السجنية أو وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي تطبيق العقوبات.

بتعين على اللجنة الاستماع للسجين الذي يمكنه الاستعانة بمحاميه قبل اتخاذ القرار المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه.

خاتمة

 

إن للتخفيض التلقائي للعقوبة من خلال ما جائت به مواد المشروع الجديد، سيكون له وقع وقع مباشر على سياسة العقابالسالبة للحرية، وسوف تفتح أبواب الامل أمام السجناء الذي سوف يعمل جاهدا الى تقويم اعوجاحه و تهذيب سلوكه في المقابل كتسنفيد المؤسسة السجنية من التخفيف من ساكنتها السجنية و الحد من الاكتظاظ

و أنسنة العقاب.

 

 

  • المراجع:
  • مشروع القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية
  • https://justice.gov.ma/2022/12/26/ تاريخ الزيارة 21-10-2024 على الساعة 9:45
  • جواب وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي بمجلس النواب عن أسئلة حول حلول تشريعية قدمتها الوزارة لحل إشكالية الاعتقال الاحتياطي.

 

قد يعجبك ايضا