قراءة في مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية
كريم احليحل
دكتور في الحقوق
أستاذ زائر بجامعة عبد المالك السعدي كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان
مقدمة:
تندرج مراجعة القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية بعد مرور أكثر من عشرين سنة من صدوره في إطار تحديث المنظومة القانونية الوطنية، والذي يعتبر من أهم محاور تحقيق المشروع الشامل والعميق الإصلاح منظومة العدالة ببلادنا الذي ما فتئ جلالة الملك أعزه الله ونصره يدعو إليه في عدة مناسبات، ومن بينها ما ورد في خطابه السامي يوم 20 غشت 2009 بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين الثورة الملك والشعب.
وتزداد أهمية هذه المراجعة التشريعية، في إطار ما شهدته بلادنا في الآونة الأخيرة من مستجدات حقوقية هامة تمثلت بالأساس في صدور دستور جديد للمملكة سنة2011 أفرد ضمن مضامينه حيزا هاما المجموعة من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها وضمان ممارستها، وكذا ما أقرته ديباجة الدستور من التزام المملكة المغربية بتعهداتها الدولية واحترامها للاتفاقيات التي أبرمتها وإعطائها الأولوية في التطبيق وهو ما أصبح يتطلب ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع المواثيق الدولية وتوصيات وملاحظات هيئات منظمة الأمم المتحدة ذات الصلة بمجال حقوق الإنسان وشروط المحاكمة العادلة من جهة، وبمكافحة وردع الجريمة والوقاية منها من جهة ثانية.
كما أن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي جرى طيلة سنة كاملة انطلاقا من ثامن ماي 2012 حينها نصب جلالة الملك الهيأة العليا للحوار، خلص إلى تقديم عدة توصيات يتطلب تنفيذها إدراج مقتضيات تشريعية جديدة على مستوى قانون المسطرة الجنائية أو تغيير أو تتميم بعض المقتضيات من هذا القانون.
وبالموازاة مع ذلك، فقد أثار التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد الذي وضع بين يدي جلالة الملك محمد السادس نصره الله في ماي 2021 مجموعة من المواضيع المرتبطة بمجال تدخل السياسة الجنائية تروم في عموميتها السعي نحو توطيد عدالة ناجعة وتعزيز مجال حماية الحقوق والحريات وكذا من قوانين واضحة لا يكتنفها أي غموض.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الممارسة العملية أفرزت عن وجود بعض الثغرات ومكامن النقص أو الفراغ في نصوص قانون المسطرة الجنائيةK تتطلب ردا تشريعيا لإصلاحها أو تلافي عيوبها.
وأخيرا، فإن قانون المسطرة الجنائية أصبح مطالبا بتوفير أجوبة للتحديات التي يفرزها التطور المذهل الأساليب الجريمة واستخدامها لمنتوجات تكنولوجيا المعلوميات والصناعات الحديثة، وهو ما يتطلب توفير ردود إجرائية من نفس النوع بالنسبة لآليات البحث والتحري الجنائي في ظل احترام تام لمبادئ المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان وفق ما هي متعارف عليها دوليا.
ولذلك، فإن مراجعة قانون المسطرة الجنائية التي تعتمد تحقيق التوازن الصعب بين شراسة الجريمة وتبديدها لأمن الإنسان وسلامة المواطن في بدنه وممتلكاته من جهة، وبين حماية الحقوق الأساسية للأفراد كما أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ودستور المملكة من جهة ثانية، استندت إلى مرجعيات أساسية تعتبر ثوابت في السياسة الجنائية للمملكة المغربية.
وقد روعي في مراجعة قانون المسطرة الجنائية تحقيق الموازنة بين وقاية المجتمع من الجريمة وحماية أمنه واستقراره من جهة، وحماية حقوق وحريات الأشخاص من جهة ثانية، وهي معادلة بقدر ما تقتضي تحقيق الضمانات الأساسية للأطراف في مختلف وضعياتهم سواء كانوا مشتبه فيهم أو متهمين أو محكوم عليهم أو ضحايا الجريمة وتوفر لآليات العدالة الجنائية الوسائل والظروف المناسبة للتحري والبحث عن الجرائم وضبط مرتكبيها ومحاكمتهم ومعاقبتهم بكيفية توفر النجاعة اللازمة، مع ما يقتضيه ذلك من غل يد آليات البحث الجنائي في بما يتوافق مع المفهوم الكوني لحقوق الإنسان، فإنها يجب في نفس الوقت أن لا تخل بضرورة حماية المجتمع من التصرف في الحقوق والمس بالحريات إلا في إطار حالات الضرورة القصوى التي تقتضيها سلامة الأفراد والمؤسسات حينما تكون الجريمة خطيرة أو تكون شبهة إثباتها قوية كحالات التلبس بالجريمة وذلك في احترام تام المبادئ الشرعية والتناسب والضرورة كأهم مقومات الصناعة التشريعية في المجال الجنائي.
ويأتي هذا المقال لتسليط الضوء على أهم المستجدات والمحاور الكبرى التي تضمنها مشروع المراجعة والتي تهم بالأساس، تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة الجنائية وتحديثها، ووضع ضوابط قانونية ناظمة للسياسة الجنائية، بالإضافة إلى مستجدات تهدف إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتبسيط الإجراءات والمساطر الجنائية، وتقوية التعاون القضائي الدولي والوسائل الإلكترونية في مجال مكافحة الجريمة.
وبناءا على ما سبق سنعمل من خلال هذا المقال على تسليط الضوء على أهم مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية من خلال المحاور التالية:
أولا: تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة
في إطار تعزيز مزيد من الضمانات الحقوق الأفراد وحرياتهم التي كفلتها المواثيق الدولية على نطاق واسع، أقر هذا التغيير إلى جانب مبدأي احترام قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية مجموعة من المبادئ المتعارف عليها دوليا في مجال المحاكمة العادلة خاصة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تم التنصيص ضمن مقتضيات المادتين الأولى والثالثة على ضرورة مراعاة المبادئ التالية: (المساواة أمام القانون المحاكمة داخل أجل معقول، احترام حقوق الدفاع، ضمان حقوق الضحايا والمشتبه فيهم والمتهمين والمحكومين، حماية الشهود والخبراء والمبلغين، احترام قانونية الإجراءات وخضوعها لمراقبة السلطة القضائية مراعاة مبادئ الحياد وصحة وشرعية الإجراءات المسطرية والحرص على حقوق الأطراف خلال ممارسة الدعوى العمومية وفق الضوابط المحددة).
ولئن كانت الإشارة المبدئية لهذه الحقوق قد تمت في المواد المشار إليها، فإن تفعيلها تجسد في عدة إجراءات أخرى تضمنتها المراجعة، وهكذا يمكن الوقوف على جملة من الإجراءات المستحدثة بمقتضى هذا المشروع التي تروم تحقيق هذه الأهداف، ومن بينها:
- مراجعة الضوابط القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية
- ترشيد الاعتقال الاحتياطي
- وضع آليات للوقاية من التعذيب
- تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية
ثانيا: تعزيز حقوق الدفاع
إن حقوق الدفاع تلازم هذا المشروع من بدايته إلى نهايته، باعتبار هذا الحق من الحقوق الأساسية في المحاكمة العادلة، ولذلك فإن كل الإجراءات التي تتم بمقتضى هذا المشروع تراعي الممارسة السليمة لهذا الحق.
ويمكن الإشارة إلى بعض الإجراءات التي تعزز حق الدفاع على سبيل المثال ومن بينها:
- حضور المحامي عند الاستماع للحدث من طرف ضباط الشرطة القضائية (المادة (460).
- حضور المحامي خلال عملية الاستماع للمشتبه فيهم الموضوعين رهن الحراسة النظرية إذا كانوا من الأشخاص المشار إليهم في المادة 316 (المادة (664.
- إمكانية الاتصال بالمحامي من طرف الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية ابتداء من الساعة الأولى لإيقافه، باستثناء بعض الأفعال التي تشكل جناية أو جريمة إرهابية واقتضت ضرورة البحث تأخير الاتصال بالمحامي (المادة 2-66).
- استدعاء المحامي قبل كل استنطاق للمتهم من طرف قاضي التحقيق بعشرة أيام على الأقل وحقه في الاطلاع على الملف خلال هذا الأجل، ومنح محامي الأطراف حق الحصول على نسخ من المحضر أو باقي وثائق الملف مع إلزامية وضع ملف القضية ورقيا أو على دعامة إلكترونية، رهن إشارة محامي المتهم ومحامي الطرف المدني، قبل كل استنطاق أو استماع (المادة 139).
- تعزيز حضور المحامي في مسطرة الصلح (المادة 1-41).
- منح الحق في الطعن في أوامر الإيداع بالسجن الصادرة عن النيابة العامة، دون أن يمس هذا الحق بإمكانية طلب السراح المؤقت لاحقا (المادتان 2-47 و2-73).
- إشعار محامي الشخص الذي يتم توقيفه من أجل التحقق من الهوية (المادة 9-3-82).
- حق المحامي في طلب استدعاء أي شخص يرى فائدة في الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق (المادة117).
- وجوب تعيين المحكمة محاميا ينوب عن الضحية الذي يرغب في تقديم مطالبه المدنية متى كان حدثا أو مصابا بعاهة من العاهات المشار إليها في المادة 316 (المادة 1-317).
- منح دفاع الأطراف صلاحية طلب إحالة القضية إلى هيئة الحكم بمحكمة النقض مكونة من غرفتين مجتمعتين أو إلى هيئتين من الهيئات الجماعية المنتمية إلى الغرفة الجنائية مجتمعتين قصد البت فيها، بعدما كان الوضع مقتصرا على الرئيس الأول المحكمة النقض ورئيس الغرفة الجنائية وللغرفة نفسها (المادة 542).
ثالثا: ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها
إن حق المتقاضي متهما أو ضحية في أن ينت في قضيته في آجال معقولة، وبإجراءات سريعة وفعالة هو حق للمجتمع أيضا في التوفر على عدالة جنائية ناجعة وسريعة، تستهدف الوصول إلى الحقيقة وإيقاع الجزاء القانوني المناسب في ظروف جيدة تكفل للمجتمع سلامته وسكينته والأطراف حقوقهم. وهو ما يتطلب البحث عن الأساليب الناجعة للوصول إلى هذه الغايات، وهي لا تمر دائما عبر محاكمة تقليدية، إذ قد تتطلب أساليب أخرى لحل المنازعات، أو طرقا أخرى للتقاضي، أو تستلزم اختصار الإجراءات إلى الحدود الدنيا صونا للوقت وتجنبا لصرف المال العام في إجراءات روتينية لا تحقق أي هدف مرتبط بضمانات المتهم وحقوقه.
ويمكن في هذا الصدد ذكر أمثلة عن الإجراءات التي أتى بها المشروع توخيا للنجاعة:
- الصلح الزجري
- الاستدعاء المباشر المقدم من طرف المتضرر (الشكاية المباشرة)
-
- الشكاية العادية
- السند الإداري التصالحي في المخالفات والجنح
-
- الأمر القضائي في الجنح
- تسليم الاستدعاء من طرف ضابط الشرطة القضائية
- إقرار آلية التجنيح القضائي
- ترشيد التحقيق الإعدادي
- منح المحكمة سلطة تغيير التكييف في الجنح
- إحداث آلية لتجهيز الملفات في الجنايات
- منح النيابة العامة مباشرة إجراءات إدماج العقوبات
- اعتماد الوسائل العلمية والتقنية في الإجراءات
- إعادة النظر في بعض قواعد الاختصاص
رابعا: تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة
إن خطورة الجريمة وتهديدها للمجتمعات أصبحت تتطلب من آليات وأجهزة العدالة الجنائية اللجوء إلى أساليب متطورة لمكافحتها، ولذلك أصبح الأمر يتطلب تنظيم استعمال بعض التقنيات الحديثة في البحث والتحري أو التحقيق أو المحاكمة.
كما تم فتح الباب بالمقابل أمام ضباط وأعوان الشرطة القضائية المغاربة لتنفيذ عمليات اختراق بالخارج، بموافقة السلطات الأجنبية التي تنفذ عملية الاختراق على أراضيها (المواد من 1-713 إلى 3-713).
وضمانا لنجاعة هذه الآلية، فقد تم تخويل ضباط الشرطة القضائية الأجانب نفس الاختصاصات المسندة الضباط الشرطة القضائية المغاربة، لاسيما في مجال معاينة الجرائم وتحرير محاضر بشأنها وفق الشكل الذي يتطلبه قانونهم الوطني عند الضرورة وتلقي التصريحات المدلى بها أمامهم وتحرير محاضر بشأنها ومساعدة ضباط الشرطة القضائية المغربية في أداء مهامهم والقيام بعمليات المراقبة والاختراق (المادة (5-713) كما تم منح نفس الصلاحية لضباط الشرطة القضائية المغاربة بالمشاركة في فرق بحث مشتركة بالخارج (المادة 6-713).
كما تم تنظيم مسطرة التحقق من الهوية بنوع من الدقة وفي ظل احترام تام لحقوق الأفراد، من خلال:
- تحديد أسباب التحقق من الهوية لغاية البحث في الجرائم والوقاية منها، وتنظيم مدة الاحتفاظ بالشخص للتحقق من هويته حين يتعذر التحقق منها بعين المكان.
- تحديد الأشخاص الخاضعين لآلية التحقق من الهوية في الأشخاص المشتبه في ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم الجريمة أو الذين قد يتوفرون على معلومات مفيدة للبحث في جريمة أو موضوع أبحاث أو تدابير مأمور بها من قبل السلطات القضائية المختصة، مع النص على إمكانية تمديد مدة إيقاف الشخص الذي يتم التحقق من هويته لست ساعات إضافية بإذن من وكيل الملك المختص.
- مراقبة النيابة العامة لعملية التحقق من الهوية.
- إمكانية التحقق من الهوية عن طريق البصمات.
- تحرير محاضر بالتحقق من الهوية (المواد من 7-3-82 إلى 11-3-82).
خامسا: العناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية
في إطار تعزيز الحماية القانونية لضحايا الجريمة وإيلائهم العناية الخاصة بهم، أقر المشروع مجموعة من المستجدات الحمائية المعززة لمركز الضحية في سائر مراحل الدعوى العمومية، وفق ما يلي:
- إشعار الضحية أو المشتكي بمال الإجراءات (المادتان 40 و49).
- الاستماع للضحية من طرف قاضي التحقيق بصفته تلك ودون أداء اليمين القانونية (المادة 123).
- تمتيع الضحايا ذوي العاهات والضحايا الأحداث من مساعدة محام (المادة 1-317).
- تعيين المحكمة للضحية ترجمانا إذا كان يتكلم لغة أو لهجة يصعب فهمها (المادة 318).
- الإحداث الرسمي لخلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم، يعهد لها بتدبير إجراءات الحماية في قضايا العنف وسوء المعاملة والاعتداءات الجنسية والاتجار بالبشر ضد النساء والأطفال (المادة (1-5-82).
- تعزيز دور مكتب المساعدة الاجتماعية في الاهتمام بالضحايا من النساء والأطفال من خلال تقديم الدعم النفسي لهذه الفئات والاستماع إليهم ومواكبتهم داخل المحكمة وخارجها، وإجراء الأبحاث الاجتماعية في القضايا التي يكلف بها (المادة 3-5-82).
سادسا: اختصاصات الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة
بادر المشروع إلى تأطير وتوضيح اختصاصات الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض كممثل للنيابة العامة داخل محكمة النقض من جهة وكذا بصفته رئيسا للنيابة العامة من جهة أخرى، وذلك على النحو التالي:
- الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
نص المشروع بموجب المادة 51 منه على مجموعة من الاختصاصات المسندة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تتجلى فيما يلي:
- يمثل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض شخصيا أو بواسطة المحامي العام الأول أو المحامين العامين النيابة العامة أمام محكمة النقض.
- يمارس الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سلطته على المحامي العام الأول وعلى جميع المحامين العامين التابعين المحكمة النقض.
- يمارس الوكيل العام للملك الطعون المخولة له بموجب التشريع الجاري به العمل.
- يمارس كل المهام والاختصاصات المخولة له بمقتضى هذا القانون أو بمقتضى نصوص أخرى.
- رئيس النيابة العامة
نص المشروع على مجموعة من الاختصاصات المنوطة بالوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، لاسيما ما يرتبط بسلطته وإشرافه على المؤسسة المذكورة وعلى قضاتها ومراقبة صلاحياتها المرتبطة بالدعوى العمومية والسهر على حسن سير الدعاوى وممارسة الطعون المتعلقة بها، وتمثل هذه الاختصاصات في:
- التأكيد على رئاسة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض للنيابة العامة (المادة 2-52).
- تأكيد ممارسة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سلطته على جميع قضاة النيابة العامة في كافة محاكم المملكة (المادة 2-51).
- وضع ضوابط لتعليمات رئيس النيابة العامة الموجهة إلى الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك من خلال التنصيص على أن تكون قانونية وكتابية (المادة 2-51).
سابعا: ضوابط السياسة الجنائية
خصص المشروع للمرة الأولى فرعا للسياسة الجنائية (الفرع 5) بعدما كان مشار إليها بصفة عرضية ضمن مقتضيات المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية فيما يخص إشراف وزير العدل على تنفيذها.
وهو الفرع الذي تم من خلاله وضع ضوابط جديدة لتأطير وضع وتنفيذ السياسة الجنائية كجزء لا يتجزأ من السياسات العمومية للدولة روعي فيها المستجدات التي شهدتها منظومة العدالة ببلادنا، خاصة حدث نقل اختصاصات وزير العدل ذات الصلة بالدعوى العمومية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض – رئيس النيابة العامة بموجب القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة، وكذا التأكيد على مجموعة من توجهات المحكمة الدستورية في هذا الشأن.
ثامنا: تعزيز التدابير الرامية إلى حماية الأحداث
تعزيزا للتوجه الذي نهجه القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية منذ صدوره، بخصوص تفريد عدالة الأحداث بمعالجة حمائية خاصة تراعي طبيعة هذه الفئة تماشيا مع ما أقرته شريعتنا السمحاء والاتفاقيات الدولية في هذا الصدد، أقر التعديل مجموعة من التدابير الحمائية للأحداث:
- التأكيد على المصلحة الفضلى للحدث وتغليبها في تقدير القرارات المتخذة في حقه (المادتان 173 و482).
- حذف إمكانية تمديد مدة الاحتفاظ بالنسبة للجرائم المرتكبة من طرف الأحداث ما عدا الجرائم الواردة في المادة 108 (المادة 460).
- عدم إمكانية تمديد اعتقال الحدث احتياطيا في الجنح إلا في حدود مرة واحدة لمدة شهر وفي الجنايات في حدود مرتين لمدة شهرين، ويمكن تمديدها ثلاث مرات ولنفس المدة بالنسبة للجنايات المنصوص عليها في المادة 108.
- إضافة “الأسر البديلة” إلى تدابير نظام الحراسة المؤقتة التي يتخذها القاضي في قضايا الجنح المرتبطة بالأحداث (المادة 471).
- إضافة مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات إلى الجهات التي يمكن لها تقديم ملتمس بشأن استبدال العقوبة السالبة للحرية بتدبير أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب المنصوص عليها في المادة 481 (المادة 1-501).
- إمكانية حضور المحامي خلال الاستماع إلى الحدث من طرف الشرطة القضائية بعد ترخيص النيابة العامة المختصة (المادة 460).
- تفقد السجون ومراكز الملاحظة شهريا من طرف النيابة العامة أو قاضي تطبيق العقوبات مع إمكانية الاستعانة بخدمات مكتب المساعدة الاجتماعية (المادة 616).
- التأكيد على أن محاكمة الأحداث لا تكتسي طبيعة عقابية، وأن الأجهزة القضائية تراعي المصلحة الفضلى للحدث في تقدير التدبير الملائم له (المادة 1-462).
- منع إيداع الحدث الذي لم يبلغ أربع عشرة سنة كاملة في الجنايات وست عشرة سنة كاملة في الجنح بصفة مؤقتة، ومهما كان نوع الجريمة، وإذا كانت الأفعال المنسوبة لحدث يقل عمره عن 12 سنة كاملة، فإن النيابة العامة تتخذ قرارا بحفظ القضية لانعدام المسؤولية الجنائية للحدث وتسلمه لأبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف برعايته (المادتان 461 و473).
- إسناد مهمة إجراء الأبحاث الاجتماعية إلى مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحاكم (المادة 474).
- وجوب تعليل قرار إيداع الحدث الذي يتراوح عمره بين ست عشرة وثمان عشرة سنة في السجن مع التأكيد على ضرورة بيان الأسباب التي تحول دون تطبيق تدابير الحماية (المادة 473).
- تعيين قاضي الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية باقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية بالنسبة لقاضي الأحداث والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالنسبة للمستشار المكلف بالأحداث (المادتان 467 و485).
- إمكانية استبدال العقوبة المحكوم بها في حق الحدث من طرف آخر هيئة قضائية نظرت فيها بتدابير تربوية (المادة 1-501).
- تمديد الحماية المكفولة للأطفال الموجودين في وضعية صعبة إلى حين بلوغهم 18 سنة (المادة 517).
تاسعا: الجديد في طرق الطعن
أتى المشروع بعدة مستجدات على مستوى طرق الطعن، وفق ما يلي:
- على مستوى الطعن بالنقض
- منح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أو دفاع الأطراف الحق في تقديم ملتمس من أجل إحالة القضية إلى هيئة الحكم المكونة من غرفتين مجتمعين أو إلى هيئتين من الهيئات الجماعية المنتمية إلى الغرفة الجنائية مجتمعتين قصد البت فيها (المادة 542).
- تطبيق مقتضيات المادة 404 في الحالة التي يتعين فيها على المتهم الحضور من جديد أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بعد إبطال القرار الصادر ضده (المادة 551).
- على مستوى الطعن بالاستئناف
حذف الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة في المخالفات مع إمكانية الطعن فيها بالنقض طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 415 (المادة (396).
- على مستوى الطعن بالنقض الفائدة القانون
إسناد صلاحية الطعن بالنقض لفائدة القانون لكل من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة بصفته هذه بالنسبة للإجراءات القضائية أو القرارات أو الأحكام التي تصدر خرقا للقانون أو خرقا للإجراءات الجوهرية للمسطرة مع توحيد المسطرة والآثار في الحالتين معا (المادة 558 وما يليها).
- على مستوى إعادة النظر
التنصيص على تقديم طلب إعادة النظر المقدم من قبل الطرف المعني بواسطة محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض أو من النيابة العامة، بإيداع مذكرة بكتابة ضبط محكمة النقض داخل أجل ستين يوما من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه، ولا يترتب عن طلب إعادة النظر في القرارات الصادرة عن محكمة النقض أي أثر موقف للعقوبة المحكوم بها (المادة 563).
- على مستوى المراجعة
- منح سلطة المراجعة المرتبطة بالحالة المنصوص عليها في البند 4 من المادة 566 إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة (المادة 1-567).
- تحديد أجل 15 يوما للجنة للبت في قبول الطلب من عدمه يبتدئ احتسابه من تقديم النيابة العامة لملتمساتها (المادة 567).
- وضع ضوابط لإيقاف تنفيذ المقرر الصادر بالعقوبة في حالة المراجعة مع تمكين المحكمة عند الاقتضاء من إخضاع المحكوم عليه لواحد أو أكثر من تدابير المراقبة القضائية المنصوص عليها في المادة 161 (المادة569).
- على مستوى التعرض
عدم جواز التعرض إلا على الأحكام غير القابلة للاستئناف (المادة 393).
عاشرا: تنفيذ العقوبات
نظرا للدور الهام الذي يحتله موضوع تنفيذ العقوبات داخل السياسات العقابية المعاصرة، وما عرفه من تطورات هامة أملتها ضرورة تحقيق العقوبة لوظائفها في الردع وإصلاح الجاني والمساهمة في إعادة إدماجه داخل المجتمع، أولى المشروع عناية خاصة لموضوع تنفيذ العقوبات وفق مقاربة شاملة تتوخى تحقيق الأهداف المذكورة من خلال التنصيص على ما يلي:
- تنفيذ العقوبات السالبة للحرية ضد المحكوم عليهم في حالة سراح
- قاضي تطبيق العقوبات
- التخفيض التلقائي للعقوبة
- أداء الغرامات
- رد الاعتبار
المراجع:
- مذكرة تقديم مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.
- القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، الصادر بتنفيذه الطهير الشريف رقم 1.02.255، بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 30 يناير 2003.
- ظهير شريف رقم 91-11-1 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.
- https://justice.gov.ma