تقنيات البحث الجنائي الخاصة: الإختراق نموذجا

سعد ميكو

ماستر  في قانون الأعمال 

ماستر  العلوم الجنائية والدراسات الأمنية

ماستر الإدارة الترابية  للسلك  العادي للرجال السلطة 

 بالمعهد الملكي للإدارة الترابية  وزارة الداخلية

 

تقديـــم

عمد المشرع المغربي أخيرا في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية بإدراج تقنية من تقنيات البحث الجنائي الخاصة عن بعض الجرائم الخطيرة لا من حيث وصفها وإنما كذلك من حيث طبيعة الأشخاص الذين يقومون بها.

والذين يتشكلون في إطار جماعات إجرامية منظمة قد تكون إرهابية أولها علاقة بالإتجار الدولي بالمخدرات والسلاح والاتجار بالبشر ما إلى ذلك من جرائم…. من شأنها أن تحدث إضطراب إجتماعي يعاقب عليه التشريع الجنائي. ويتعلق الأمر والحالة هذه بتقنية الإختراق “L’infiltration “.

  إن الهدف الأساسي لأي سياسة جنائية مهما بلغت من الكمال والحداثة هو الاستباقية والوقاية من الجريمة خصوصا تلك التي من  شأنها أن  تزعزع  ثقة المواطن في أجهزة إنفاذ القانون. 

ولا شك أن المغرب غير بعيد عن هذه  الخاصية الأساسية ألا وهي الوقاية والحس الإستباقي للجريمة، وتطوير أليات العدالة الجنائية وذلك بإيجاد صيغة توافقية بين حماية النظام العام وضمانات المحاكمة العادلة و التي تعتبر من أهم مكتسبات حقوق الإنسان في مجال العدالة الجنائية، بل إنها تعتبر من مرتكزات  ورش إصلاح منظومة العدالة . 

بعد هذه التوطئة كيف  نظم المشرع المغربي تقنية الإختراق من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ؟

  1. مفهوم الإختراق :

 نص المشرع الجنائي المغربي  من خلال  مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديدة على تقنية الإختراق كألية من أليات البحث الجنائي الخاصة عن الجرائم والكشف عن مرتكبيها في المواد  16-82-11-82 ومن خلال المواد 4-713 ، 1-713.

إذا كان تحديد المفاهيم والتعريف بها من اختصاص الفقه والقضاء وهو أمر محمود تفاديا لتجميد حركية المفاهيم القانونية من طرف المشرع، إلى أنه وعلى العكس من ذلك لا حبذ أن تكون هناك تعاريف دقيقة في المادة الجنائية  حماية للذي في وضعية صراع مع القانون  وتطبيقا لقاعدة عدم التوسع في تفسير النص الجنائي.

المادة 11-82 : ” تتبع ومراقبة الأشخاص المشتبه فيهم من خلال التظاهر  أمامهم بأن المخترق فاعل أو مشارك أو مساهم أو مستفيد من الأفعال الإجرامية موضوع البحث التي يقوم بارتكابها المشتبه فيهم “.

إذن يلاحظ من خلال تحديد مفهوم الإختراق هو الدخول إلى عالم الجريمة بطريقة قانونية وبعلم السلطات المختصة  بغية التعرف على الأشخاص الضالعين في ارتكابها من فاعلين  أصلين ومساهمين ومشاركين والفاعلين المعنويين لها . والهدف من ذلك  هو استباق وقوع الجريمة والوقاية تفاديا المساس بالنظام العام .

فهي  مهمة استعلاماتية خطيرة فالتظاهر  بصفتك مجرما وأنت لست بذلك ليس بالأمر السهل . فمن أجل التأكد من ولائك للتنظيم الإجرامي فقد يطلب من  القتل والاقتتال والتقتيل ومختلف انواع الجرائم الخطيرة.  فقط من أجل الاطمئنان والحصول على ثقه هؤلاء المنحرفين الخارجين عن القانون.

  1. تفعيل الإختراق  : 

إن الحديث عن كيفية تطبيق الإختراق  يقودنا إلى التعرف عن الموظفين المكلفين  بالاختراق والجرائم المشمولة به.

 إن الجهة الموكولة لها عملية  تنفيذ  الإختراق هي الشرطة القضائية بمختلف  تشكيلتها الأمنية ، سواء  أكانوا تابعين للمديرية العامة للأمن الوطني أو مراقبة التراب الوطني أو لمديرية الإدارة الترابية  لوزارة الداخلية   في شخص  السيد الباشا  والقائد و خلفاء الباشاوات وخلفاء القياد  وكذلك ضباط الدرك الملكي  وذو الرتب فيه  (82-16- 82-11 ) ؛ (713-4 -713-1 ) . م.م.ق.م.ج.

 وفي إطار مبادئ التعاون القضائي الدولي يمكن القيام بالاختراق من ضابط شرطة قضائية أجنبي تحت إشراف زميل له مغربي، كما يمكن أن تتم العملية عن طريق العديد من الفرق الأمنية، وطنية أو خارج التراب، وفي هذه الحالة إذا تم تنفيذ العملية في التراب الوطني أو كانت المملكة  المغربية مسرح  الجريمة وفي هذه الحالة يطلق على الضابط المغربي باسم الضابط المنسق« L’officier coordinateur » .

  1. الجرائم المشمولة بالاختراق:

الاختراق ليس متاحا لجميع الجرائم، فتقنية كهذه لا يمكن اللجوء إليها في جرائم بسيطة من قبل السرقة بالنشل أو الضرب أو الجرح… وغيرها من الجرائم التي أصبحت عادية ومألوفة في المنظومة الجنائية المغربية. 

بالعودة لمقتضيات المادة 11-82، حددت على سبيل الحصر الجرائم التي يمكن استعمال تقنية الاختراق فيها” كجرائم الإرهاب، الاختطاف وأخذ الرهائن، الأسلحة والذخيرة، تزوير النقود وسندات القرض العام… المخدرات والمؤثرات العقلية، الاختطاف وأخذ الرهائن”.

  1. الضمانات القانونية لحماية المخترق:

إن عملية الاختراق ليست بالسهولة  بمكان من  قبل إلقاء القبض والأمر  بالإحضار أو الوضع تحت المراقبة القضائية وإن صح التعبير المتابعة والملاحقة العادية للأشخاص المشتبه فيهم بارتكاب جنايات وجنح، إنها تقنية معقدة وتشكل خطورة لحياة ضابط الشرطة القضائية فهل من حماية هذا الأخير؟.

على الرغم من التكوين الشبه العسكري والأمني لضباط الشرطة القضائية “تداريب استعمال السلاح الوظيفي، اللياقة البدنية وما إلى ذلك فإن الحماية الإجرائية ضرورية وحتمية فالضابط و قد يكن  رب أسرة أو شاب في  مقبل العمر يجب حمايته من الضرر الذي قد يصيبه سواء في مساره المهني أو في حياته الشخصية، وتتمثل أوجه هذه الحماية في : 

  • الإعفاء من المسؤولية الجنائية لضباط وأعوان الشرطة القضائية المادة14-82 وكذلك  الأمر بالنسبة للأشخاص المعينين من طرف ضابط الشرطة القضائية.
  •  عدم الكشف عن الهوية الحقيقية للمخترق في أية مرحلة  من مراحل التحقيق. 
  •  التنصيص على ضرورة التوفر على هوية  مستعارة للمخترق منفذ العملية.
  • العقوبات  السالبة للحرية من سنتين إلى غاية السجن المؤبد، بالإضافة  إلى غرامة مالية  تتراوح ما بين 2000 إلى غاية 50.000 درهم.  لأي  شخص كشف عن الهوية الحقيقية للضابط أو العون المنفذ لعملية الإختراق.

 

على سبيل الختام  إن القانون  الوضعي  ظاهرة إنسانية  والظاهرة الإنسانية تتخللها الثغرات  والعيوب، وتحقيق الأمن  الاستباقي  والوقاية من الجريمة  هدفه  عدم المساس بالنظام العام ، بمفهومه الحديث  والذي  يعتبر  رأسمال لامادي حقيقي للدولة . 

 

مــــراجـــع

  1. عبد اللطيف  بسكر ، “الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة “، مجلة الشرطة .
  2.  أحمد بوصوف ” إشكالية تعريف الجريمة المنظمة ” ، مجلة الشرطة .
  3.  هشام بوحوص ” السياسة الجنائية بالمغرب“.
  4.  مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية .
  5.  يونس الرحالي ”  تقنية الاختراق  بين تطوير آليات البحث  عن الجرائم وضمان المشتبه فيهم ” مجلة الشرطة .
  6. Hassan dribla  l’infiltration des réseaux criminelles  revue de police .
  7.  Nicolas bastuck les limites de l’infiltration de groupes criminels par les policiers .  journal le monde . 
  8. Stratégie de lutte contre la criminalité 2020_2023. Département fédéral de justice et police  DFJP . 
قد يعجبك ايضا