شروط قبول دعوى نزاعات الشغل
رشيد لكحل
إطار قانوني
المبحث الثاني: الشروط الشكلية للدعوى
يجب التأكيد في البداية على أن نظام وحدة القضاء لم يتم التخلي عنه، وهذا ما يتجلى في نصوص القانون المحدث للمحاكم الإدارية الذي تضمن المبدأ القاضي بتطبيق قواعد المسطرة المدنية لسنة 1974 أمام المحاكم الإدارية، ما عدا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ومن ناحية أخرى كانت الاستثناءات الواردة على المسطرة المدنية نادرة.
ونقصد بالشروط الشكلية البيانات التي يتعين الالتزام بها في الطلب الرامي إلى رفع الدعوى أمام القضاء.
وقد أوجب الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية على أن ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله، أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار إلى أنه لا يمكن له التوقيع.
غير أن المشرع سمح برفع الدعوى بواسطة تصريح شفوي يدلي به المدعي شخصيا أمام أحد أعوان كتابة الضبط بالمحكمة، ولكن مع ذلك فإن النتيجة في هذه الحالة أن يؤول هذا التصريح إلى محضر مكتوب يوقع عليه المدلي بالتصريح أو يشار إلى عدم توقيعه إذا كان من غير الممكن أن يوقع.
وفي كلتا الحالتين فإن المسطرة تكون كتابية ، ومن ثم تضحى الكتابة شرطا شكليا لقبول الدعوى كقاعدة عامة .
يضاف إلى شرط الكتابة المشار إليه، شرط شكلي آخر يتمثل في ضرورة احترام مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية الذي يلزم الطالب بتضمين مقاله الإفتتاحي:
_ تعريفا بأطراف الدعوى، وذلك بذكر أسمائهم العائلية والشخصية وصفة أو مهنة كل منهم، وموطنه أو محل إقامته، وعند الاقتضاء البيانات المعرفة بهوية الوكيل الخاص بالمدعي وموطنه.
وتكمن أهمية هذه البيانات في تحديد الاختصاص المكاني أو المحلي للمحكمة، وبيان الملتزم بالإثبات.
_ بيانا لموضوع الدعوى، هل يتعلق الأمر بدعوى شخصية أم بدعوى عينية وهل يتعلق بدعوى عقارية أم منقولة، ولا يخفى ما لتحديد موضوع الدعوى من آثار خاصة على مستوى الأشخاص.
_ عرضا للوقائع والوسائل التي يثيرها المدعي، وذلك لتسهيل مأمورية القاضي في فصل النزاع والبت فيه من جهة، ولمعرفة مدى جدية النزاع من جهة أخرى.
وبالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية، نجد أن المشرع يستعمل صيغة الوجوب والأمر وهذا يعني أن غياب أحد البيانات يؤدي إلى عدم قبول الدعوى.
وقبل ختام هذا المبحث نرى من الواجب تسليط الضوء على المسطرة المتبعة أمام المحكمة الإدارية حيث أن المادة الثالثة من قانون إحداث المحاكم الإدارية لسنة 1993 أوجبت مسألتين اثنتين، أولاهما تتمثل في ضرورة سلوك المسطرة الكتابية إذ لا تقبل أية دعوى لم تتم بواسطة مقال مكتوب، وهذا يعني أنه لم يفتح مجال لسلوك المسطرة الشفوية في المادة الإدارية، وثانيتهما تتجلى في وجوب تقديم المقال المكتوب من طرف محام، وهذا ما يفيد إتباع المشرع فلسفة مغايرة تماما لتلك التي اتبعها في قانون المسطرة المدنية، فلم يفتح الباب أمام سلوك المسطرة الشفوية من ناحية، ولم يعط الحق لأي كان للنيابة عن الغير في الدعوى أمام المحاكم الإدارية دون المحامين من ناحية أخرى.
وللتذكير أنه رفعا لكل حاجز قد يحول دون مطالبة الأجير بحقه أمام القضاء، فقد نص المشرع في المادة 273 من قانون المسطرة المدنية على استفادة الأجير أو ذوو حقوقه من المساعدة القضائية بحكم القانون سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، حيث يعفى من أداء مصاريف التقاضي، كرسم الدعوى، وأتعاب المحامي، أو الخبير، ويسري مفعول هذه المساعدة على مرحلة الاستئناف وكذلك على جميع إجراءات تنفيذ الأحكام القضائية، لكنه لا يسري على مرحلة النقض، إلا إذا تقدم طالب النقض بملتمس من أجل الحصول على المساعدة القضائية وهو ما سبق للمجلس الأعلى أن كرسه في إحدى القضايا التي لم يؤدي فيها طالب النقض الرسوم القضائية بحجة أن الدعوى الاجتماعية معفاة من الرسوم.