قراءة متقاطعة في مشروع القانون رقم 20-43 والقانون رقم 05-53

قراءة متقاطعة في مشروع  القانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، و القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية

السروت رشيد

أستاذ التعليم الابتدائي طالب باحث بماستر المنازعات القانونية والقضائية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – سلا جامعة محمد الخامس بالرباط

مقدمة:

في ظل التطور التكنولوجي المتسارعة و الصحوة المعلوماتية التي يعرفها العالم في وقتنا الراهن فقد أضحت القواعد القانونية التقليدية عاجزة عن مجاراة و احتواء التطورات السريعة التي أحدثها التعامل عبر شبكة الإنترنت في إطار التجارة الإلكترونية، لذا أصبح من الضروري إيجاد نظام قانوني يتلاءم  و طبيعة الإنترنت و المعاملات و العقود بشكل إلكتروني على المستوى الوطني و حتى الدولي.

فمجال المعاملات الإلكترونية هو مرحلة جديدة على رجال القانون، و أن القوانين الحالية ليست كافية لمواجهة هذا الوليد الجديد. و إزاء هذا الواقع كان لزاما على المشرع المغربي إصدار قوانين جديدة تتلاءم و التطورات التي أفرزتها الثورة الرقمية و هو ما حداه المشرع المغربي بمقتضى ترسانة تشريعية كالقانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، و مشروع قانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية.

و بمحاولة منا الإحاطة بهذين القانونين ومقاربتهما من خلال قراءة متقاطعة من شتى الجوانب، يتبادر إلينا طرح الإشكال التالي:

إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلالها مشروع قانون رقم 20-43  المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، و القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، مواكبة المعاملات المبرمة بشكل إلكتروني؟

لتحليل ووضع قراءة متقاطعة لهذين القانونين سنعتمد التصميم التالي:

المحور الأول: نقط التشابه بين القانونين  

المحور الثاني: نقط الاختلاف بين القانونين

المحور الأول: نقط التشابه بين مشروع قانون 20-43 و قانون 05-53

الفقرة الأولى:  من حيث النظام المطبق على العقود المبرمة بشكل إلكتروني

 

بالرجوع إلى مقتضيات القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، و مشروع قانون رقم 20-43 المتعلق بخدمة الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، نجد المشرع المغربي حدد النظام المطبق على التبادل الإلكتروني للمعطيات، منها العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية و كذا القواعد الواجب التقيد بها من لدن مقدمي الخدمة المذكورين و من لدن الحاصلين على الشهادات الإلكترونية المسلمة.

الفقرة الثانية: من حيث المصادقة على التوقيع الإلكتروني  ونظام التشفير كوسيلة لحماية محتوى العقود الإلكترونية

لقد اورد المشرع المغربي محورا خاصا من خلال القانونين المذكورين يتعلق بالمصادقة والتشفير نظرا لاهميتهما القانونية والاقتصادية في إبرام التصرفات و المعاملات، فالمصادقة الإلكترونية هي وسيلة تسمح لضمان الصلة بين المنظومة العمومية للتشفير وصاحبها بحيث يتأكد الطرف المتعامل بأن التوقيع المعين يتعلق لهوية الشخص المراد التعامل معه دون آخر، فيتحقق بذلك الأمان المطلوب.

كما أن المصادقة الإلكترونية تعني ضمان سلامة و تأمين التعاملات الإلكترونية في مفهومها العام الذي يشمل كل تعامل يتم باستخدام وسيط إلكتروني، أيا كانت اطراف سواء كان التعامل بين أفراد أو جهات حكومية أو غير حكومية أو بين دول أو مؤسسات دولية او مع شركات تجارية.

و يبقى الهاجس الأول و الأخير من التعاملات الإلكترونية هو الثقة و الأمان، هذان العنصران أهم  الضمانات  التي يتعين توافرها لازدهار هذه المعاملات.

أما التشفير فيعد وسيلة لحفظ و حماية سرية المعلومات في التعاملات الإلكترونية و التي تتطلب الحفاظ على البيانات و معاملات الأطراف و حجم الصفقات، وكذلك حماية الأموال المتداولة عبر شبكة الإنترنت و غيرها من وسائل الاتصال الحديثة، و اعتبر المشرع المغربي  بان التشفير يراد به “كل عتاد أو برمجة او هما معا، ينشأ أو يعدل من اجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات او رموز، استنادا إلى اتفاقيات سرية او من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية او بدونها”

الفقرة الثالثة: من حيث التزامات صاحب الشهادة الإلكترونية

نص المشرع المغربي في القانونين معا على أن يكون صاحب الشهادة الإلكترونية المؤهلة او الخاتم الإلكتروني المؤهل، مسؤولا عن سرية و تمامية المعطيات المذكورة، عندما تكون هذه المعطيات موجودة في آليته المؤهلة لإنشاء التوقيع او الخاتم المذكورين.

و يعد كل استعمال لتلك المعطيات مانجا عن فعله ما لم يثبت خلاف ذلك.

كما يجب على صاحب الشهادة الإلكترونية القيام في أقرب الآجال لتبليغ مقدم خدمات الثقة بكل تغيير يطرأ على المعلومات التي تتضمنها الشهادة الإلكترونية.

الفقرة الرابعة: من حيث العقوبات و التدابير الوقائية و معاينة المخالفات

أقر المشرع المغربي في مشروع قانون 20-43 و القانون 05-53 عقوبات و تدابير وقائية في كل مقدم خدمات الثقة  ثبت في حقه وفقا لمحاضر الضابطة القضائية انه لم يعد يستوفي احد الشروط المنصوص عليها في المادة 33 من مشروع قانون رقم 20-43 أو أن نشاطه غير مطابق لأحكام هذا القانون أو النصوص المتخذة لتطبيقه، وهذه العقوبات إما تكون بالحبس أو بغرامة مالية حسب الفعل الجرمي المراكب من طرف مقدم خدمات الثقة المعتمد.

المحور الثاني: نقط الاختلاف بين مشروع قانون 20-43 و قانون 05-53

الفقرة الأولى: من حيث إبرام العقد بشكل إلكتروني

بالرجوع إلى مقتضيات القانون رقم 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية يتضح لنا أن المشرع المغربي لم يعرف العقد المبرم بشكل إلكتروني، في حين نجده قد عرفه في مشروع قانون 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية.

بحيث نص في المادة 2 من مشروع القانون رقم 20-43 على ما يلي:

المعاملات الإلكترونية: كل تبادل أو مراسلة أو عقد او وثيقة، أو أي معاملة أخرى تبرم او تنفذ بطريقة إلكترونية بشكل كلي أو جزئي.

الفقرة الثانية: من حيث الإثبات في العقود الإلكترونية (المحرر الإلكتروني)

قد نظم القانون 05-53 الإثبات في المحررات الإلكترونية، وذلك بوضع مبدأ المعادلة من حيث القوة الثبوتية بين الوثائق الورقية و الوثائق الإلكترونية مهما كانت دعامتها أو طريقة إرسالها إذا استجمعت هذه الوثائق الأخيرة أو نسخها شروطها المتمثلة في إمكان التعرف القانوني على صاحبها، و في اعدادها و حفظها بالشكل الذي يضمن تماميتها و ببعدها عن كل تحريف او تزوير، في حين نجد المشرع في مشروع قانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، سكت عن عن هذا الموضوع ولم يذكر القوة الثبوتية في العقود المبرمة بشكل إلكتروني و مقارنتها  بالعقود المبرمة بشكل ورقي.

الفقرة الثالثة: من حيث شروط إبرام العقد بشكل إلكتروني

نجد المشرع في القانون 05-53 يشترط لصحة إبرام العقد، أن يكون من أرسل إليه العرض قد تمكن من التحقق من تفاصيل الإذن الصادر عنه و من السعر الإجمالي و من تصحيح الأخطاء المحتملة، و ذلك قبل تأكيد الإذن المذكور لأجل التعبير عن قبوله، كما يجب على صاحب العرض الإشعار بطريقة إلكترونية و دون تأخر غير مبرر بتسلمه قبول العرض الموجه إليه، ملزمة به بشكل لا رجعة فيه.

يعتبر قبول العرض وتأكيده و الإشعار بالتسلم متوصلا بها إذا كان بإمكان الأطراف المرسلة إليهم الولوج إليها. في المقابل نجد مشروع القانون رقم 20-43 لم يتطرق لهذه الشروط.

الفقرة الرابعة: من حيث الخاتم الإلكتروني

ينص المشرع المغربي في مشروع القانون 20-43 على أه يكون الخاتم الإلكتروني إما بسيطا أو متقدما أو مؤهلا، و عرف كل واحد على حدا و حدد الشروط الواجب توفرها في كل نوع.

نجد المادة الثانية من هذا القانون تعرف لنا الخاتم الإلكتروني البسيط  بحيث تعتبره؛ معطيات في شكل إلكتروني تم إنشاؤها من قبل شخص اعتباري تكون مرفقة بمعطيات أخرى في شكل إلكتروني أو مرتبطة بها منطقيا من أجل ضمان أصل هذه الأخيرة و تماميتها. فين حين نجد القانون رقم 05-53 لم يشير إلى هذا الموضوع ، مما يجعلها من نقط الاختلاف الموجودة بين القانونين السابق ذكرها.

و هذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن المشرع حاول تجاوز الثغرات التي كانت في القانون 05-53 و تصحيحها في المشروع الجديد المتمثل في 20-43.

قد يعجبك ايضا