مستقبل الذكاء الاصطناعي في خلق الثقة الرقمية القضائية بالمغرب

The future of artificial intelligence

In creating judicial digital trust in Morocco

 

محمد ادريسي حسني

طالب باحث في سلك الدكتوراه

كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بالمحمدية

جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

مختبر الدراسات القانونية و القضائية

فريق البحث : قانون الأعمال و العلوم الجنائية  

 

ملخص :

يعد بزوغ التطورات التكنولوجية على مستوى  العالم في الآونة الأخيرة  ، ظهور اليات جديدة للعمل و المساهمة في بناء عمليات رقمية حديثة في استغناء كامل على العنصر البشري و الاكتفاء فقط على الأمور او العمليات ذات طابع الذكي و الرقمي ، و ذلك في مجموعة من المجالات على حد السواء لكن يبقى القضاء ابرز هذه المجالات لاسيما لما يعرفه من طابع حساس و تقليدي ، ادى يحتاج هذا المجال لكي يصل الى فكرة الذكاء الاصطناعي او الاعتماد على الروبوتات و الخوارزميات  في مجال التقاضي كعمل القاضي او المحامي من الأمور المحتملة في المستقبل ، لكن يبقى الاحتياج للوصل الى هذه الأمور الاعتماد على مجموع من  الدراسات و الأبحاث الدقيقة للصول الى الفكرة المبتغات الا و هيا وجود قاضي و محامي روبوت في المستقبل ، و هو ما جعلنا ان نحدد موضوع هذا البحث حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في تحقيق النجاعة القضائية بالمغرب لما اصبح له دورا بارز في تبيان تصور استراتيجيات جديدة على المنظومة القانونية بصفة عام و المنظومة القضائية بصفة خاصة وهو تحديات متعددة مرتبطة باستقلالها، والرفع من كفاءتها و نجاعتها في استغلال  الثورة الرقمية و التكنلوجيا الحديثة في تصريف عمل الإدارة القضائية بالمغرب .

كلمات مفتاحية : القضاء و الذكاء الاصطناعي ، القاضي الرقمي ، الروبوتات و العدالة ، التطورات الرقمية و نجاعة القضائية .

 

Abstract :

The emergence of technological developments in the world in recent times is the emergence of new mechanisms for work and contribution to building modern digital processes in complete dispensation of the human element and sufficiency only on things or processes of a smart and digital nature, and that in a group of fields alike However, the judiciary remains the most prominent of these areas, especially because of its sensitive and traditional nature, which led to the need for this field to reach the idea of ​​artificial intelligence or relying on robots and algorithms in the field of litigation, such as the work of a judge or a lawyer, among the possible things in the future, but the need remains to reach this Matters relying on a set of studies and accurate research to reach the idea of what is wanted, namely the presence of a judge and a robot lawyer in the future, which is what made us define the subject of this research on the future of artificial intelligence in achieving judicial efficiency in Morocco, because it has a prominent role in demonstrating the vision New strategies on the legal system in general and the judicial system in particular, which is multiple challenges related to its independence, and raising its efficiency and effectiveness in exploiting the digital revolution and modern technology in conducting the work of the judicial administration in Morocco.

Keywords: judiciary and artificial intelligence,  Digital Judge, Robots and Justice , Digital developments and judicial effectiveness.

 

مقدمة :

عرف عالمنا الرقمي في ظل التحولات التكنولوجيا الحديثة مجموعة من البيانات و التطورات سواء على المستوى الصناعي او حتى على المستوى المعرفي و المهني ، ادى اصبحنا اليوم تحت بزوغ ثورة تكنولوجيا جديدة سواء على المستوى الدولي او المحلي ، الا ان هذا البزوغ عرف ظهور وسائل جديدة للعمل ، و لعل هذه الوسائل ترتبط بالآلات الرقمية او الآلية و التي تعد احدى التطبيقات الذكية الأكثر تعقيدا و التي قد يكون لها أثر مختلفا  لخدمة البشرية قوامها توفير سبل الراحة، والمساهمة في ايجاد حلول جذرية للمشـاكل التي كان يعاني منها الانسان في الماضي القريب ، و تكمن هذه الوسيلة الآلية في ظهور الذكاء الاصطناعي بحيث يعتبر هو ذلك   التطوّر التكنولوجي الأكثر تشويقاً في عصرنا هذا من خلال  فهم طبيعة الذكاء الإنساني عن طريق عمل بـرامـج لـلـحـاسـب الآلي قادرة على محاكاة السلوك الإنساني المتسم بالذكاء، وتعنـي قـدرة بـرنـامـج الحـاسـب عـلـى حـل مسألة ما أو اتخاذ قرار في موقف ما بـنـاء عـلـى وصـف لـهـذا الموقـف، أو أن الـبـرنــامــج نــفــســه يــجــد الطـريـقـة التي يـجـب أن تـتـبـع لحـل المسألة أو للتوصل إلى القرار بالرجوع إلى العديد من العمليات الاستدلالية المتنوعة التي غذي بها البرنامج .

بحيث اصبح له دورا بارز في تبيان تصور استراتيجيات جديدة على المنظومة القانونية بصفة عام و المنظومة القضائية بصفة خاصة، بحيث عرف مرفق القضاء تحديات متعددة مرتبطة ب: استقلالها، والرفع من كفاءتها و نجاعتها ، مواردها، وتحديات الثورة الرقمية واستغلال التكنلوجيا الحديثة في تصريف عمل الإدارة القضائية… ولقد تم التغلب على بعض هذه التحديات، والبعض الآخر لا يزال يعد عائقا أمامها. وقد برزت تحديات جديدة ومثيرة، تأثر على عمل كل من القاضي وكتابة الضبط ومساعدي القضاء خاصة مع تزايد استعمال الانترنت ونزع الصفة المادية عن المساطر والإجراءات الادارية، البيانات المفتوحة لقرارات المحاكم، إلى جانب تطوير الذكاء الاصطناعي بحيث شكّل أداة فعالة في تقرير الإنفاق والاستثمار على البيانات القضائية الضخمة. فقد أثبت قدرته على تعزيز كفاءة هذه الأنظمة من خلال اعتماد منصّات العدالة الرقمية التي تعمل على تسريع إجراءات التقاضي وتختصر وقت وجهد المتقاضين. ولكن، لا بدّ من الإشارة في هذا السياق، لقد طرح الذكاء الاصطناعي الكثير من المخاوف، لأنه من المرجح أن يحلّ محلّ البعض في أداء واجباتهم المهنية، أما من منظور اخر أكثر تفاؤلاً وإيجابية سوف يوفر الذكاء الاصطناعي العديد من فرص العمل الجديدة نطراً لحاجته إلى التطوير الدائم ولارتباطه بشكل وثيق بالفكر والابداع وكل ما ينتجه العقل البشري.

أو اعتماده برمجيات خاصة ستؤثر حتما على طريقة صنع القرارات القضائية. إذ أصبحت العديد من الدول تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي في تقديم بعض من خدماتها الخاصة بمرفق القضاء وهو ما جعلنا نستشرف البحث حول هذا الموضوع مما له من أهمية علمية اكثر مما هيا  عملية  ، باعتبارها تندرج ضمن التطورات التكنولوجيا المستقبلية على مجموعة من الميادين صناعية كانت او مهنية بحيث  يبقى تجليات تنفيذها  في الميدان المهني هو استخدام هذه التكنولوجيات ضمن النظام القضائي مما سيجعلنا امام فعالية و نجاعة تتسم بالسرعة و التطور و تحقيق العدالة ، بحيث يبقى الاشكال حول هذا الموضوع ، الى اي حد قد يساهم  الذكاء الاصطناعي  في تحقيق الثقة الرقمية داخل  المنظومة القضائية المغربية من خلال تحقيق النجاعة من جهة  و توفير العدالة الرقمية  من جهة أخرى ؟

للإجابة عن هذه الإشكالية ارتئينا الى تقسيم هذا الموضوع الى ما يلي :

 

المبحث الأول : مرتكزات الذكاء الاصطناعي في تحقيق الثقة الرقمية  القضائية .

المطلب الأول : ماهية الذكاء الاصطناعي  في تحقيق الثقة الرقمية

عرف العالم موجة تكنولوجية وتطورات حديثة بغزوها لمختلف مناحي الحياة بميلاد الثورة الرابعة، التي تتميز بالجمع ما بين البعد المادي للأشياء والأخر ذو الطبيعة الرقمية، وتقديم خدمة للبشرية قوامها توفير سبل الراحة، والمساهمة في ايجاد حلول جذرية للمشـاكل التي كان يعاني منها الانسان في الماضي القريب ، بحيث عرف هذا التطور بزوغ مفهوم جديد و حديثة و ذلك من خلال المساهمة في تحقيق التطورات  في جميع المجالات و يبقى المجال القضائي من ابرز المجالات التي أصبحت تسير التطور التكنولوجي لدى لبدى ان نحدد مفهوم الذكاء الاصطناعي (أولا) ثم تحديد مرتكزات هذا التطور بصفة عامة ( ثانيا) .

الفقرة الأولى : مفهوم الذكاء الاصطناعي

يرتبط مفهوم الذكاء الاصطناعي بالإنجليزية Artificial Intelligence ،  بالذكاء المرتبط بالأجهزة الرقمية أو الإلكترونية مثل؛ الكمبيوتر، الأجهزة الخلوية أو الروبوتات، ويعبر الذكاء الاصطناعي عن قدرة هذه الأجهزة الرقمية على أداء المهمات المرتبطة بالكائنات الذكية.

ينطبق مصطلح الذكاء الاصطناعي على الأنظمة التي تتمتع بالعمليات الفكرية للإنسان مثل؛ القدرة على التفكير، واكتشاف المعنى والتعلم من التجارب السابقة.  ومن الأمثلة على العمليات التي تؤديها الأجهزة الرقمية والتي تعود لوجود الذكاء الاصطناعي؛ اكتشاف البراهين للنظريات الرياضية، ولعب الشطرنج، والتشخيص الطبي، ومحركات البحث على الشبكة، والتعرف على الصوت أو خط اليد ، بحيث يعمل الذكاء الاصطناعي في البيئة الرقمية من خلال توفر الأجهزة الرقمية والبرامج المتخصصة لتحليل وتصميم خوارزميات، والتعلم الآلي، وبشكل عام فإنّ نظام الذكاء الاصطناعي يستوعب كميات كبيرة من البيانات التدريبية. تستخدم البيانات التدريبية في تكوين الارتباطات والأنماط التي تستخدم فيما بعد في بناء التنبؤات المستقبلية، مثل الرد الآلي في الروبوتات الذكية، وعملية تحديد الكائنات في الصور ووصفها من خلال مراجعة ملايين الأمثلة المحفوظة لدى الجهاز الذكي.

كما ان مفهوم الذكاء الاصطناعي بفعل الاصطناع التي تنشأ نتيجة الفعل التصنيفي تمييزا عن الأشياء أو الظواهر الطبيعية الموجودة بالفعل و التي ليس لها علاقة مباشرة بتدخل  الانسان .

و قد عرفه البعض بأنه اسم يطلق على مجموعة من الأساليب و الطرق الجديدة في برمجة الأنظمة المحاسبية ، التي تستخدم لتطور أنظمة تحاكي بعض عناصر ذكاء الإنسان ، و تسمح لها بالقيام باستنتاجية عن حقائق و قوانين يتم تمثيلها في ذاكرة الحاسب .[1]

وهناك من عرفه على انه بناء برامج الكومبيوتر التي تنخرط في المهام التي يقوم بها البشر بشكل مرضي ، لأنها تتطلب عمليات عقلية عالية المستوى كالإدراك الحسي ، التعلم ، تنظيم الذاكرة و التفكير النقدي .[2]

و عليه فالذكاء الاصطناعي هو نظام آلي محوسب ، يحاكي الذكاء البشري ، قد يكون موازيا له في بعض الحالات ، و قد يفوقه أحيانا كثيرة ، و يجد مجال اشتغاله في ما هو رقمي أو افتراضي ، بحيث يؤدي أدوارا عدة ، أكثر من هذا قد يقوم ببعض المهام التي يستعصى على الإنسان القيام بها نظرا لمجالها التقني الذي يتطلب الوضوح و الدقة و السرعة و الفعالية لكي نصل الى النتيجة المبتغات و لا سيام في الميدان القضائي  و ذلك من خلال البرمجة الالية و الفعالة في تحقيق مهامها الإجرائية و القضائية .

الفقرة الثانية : مكونات الذكاء الاصطناعي في خلق الثقة الرقمية 

يعد الذكاء الاصطناعي واقعا مفروضا في حياة البشر لكونه يتدخل في جميع الأنشطة الحياتية التي يقوم بها البشر ، بل أكثر من هذا يتدخل في جميع فروع القانون ، لذلك تعد التطورات التي اصبح يعرفها العالم اليوم في حاجة ماسة الى تدخل قانوني و قضائي من اجل وضع مقومات أساسية من اجل مسيرات هذه التطورات .

أولا : خصائص الذكاء الاصطناعي :[3]

1-خصائص علمية : .

  • استخدام الذكاء في حل المشاكل المعروضة .
  • القدرة علي التفكير والإدراك .
  • القدرة علي اكتساب المعرفة وتطبيقها .
  • القدرة على التعلم والفهم من التجارب والخبرات السابقة .
  • القدرة علي استخدام الخبرات القديمة وتوظيفها في مواقف جديدة .
  • القدرة علي استخدام التجربة والخطأ لاستكشاف الأمور المختلفة .
  • القدرة علي الاستجابة السريعة للمواقف والظروف الجديدة .
  • القدرة علي التعامل مع الحالات الصعبة والمعقدة .
  • القدرة علي التعامل مع المواقف الغامضة مع غياب المعلومة .
  • القدرة على تمييز الأهمية النسبية لعناصر الحالات المعروضة .
  • القدرة علي التصور والإبداع وفهم الأمور المرئية وإدراكها .
  • القدرة على تقديم المعلومات لإسناد القرارات الإدارية .

2-خصائص تقنية تطبيقية  :

  • تعمل بمستوي علمي واستشاري ثبات دون تذبذب .
  • يتطلب بناؤها تمثيل كميات هائلة من المعارف الخاصة بمجال معين .
  • تعالج البيانات الرمزية غير الرقمية من خلال عمليات التحليل والمقارنة المنطقية .
  • تهدف لمحاكاة الإنسان فكرا وأسلوبا .
  • تهتم بإثارة افكار جديدة تؤدى الي الابتكار .
  • تخلد الخبرة البشرية .
  • تعمل علي توفير أكثر من نسخة من النظام تعوض عن الخبراء .
  • يغيب معها شعور الإنسان بالتعب والملل .

ثانيا : أنواع الذكاء الاصطناعي :

يُمكن تصنيف الذكاء الاصطناعي تِبعاً لما يتمتع به من قدرات إلى ثلاثة أنواع مُختلفة على النحو الآتي:

1-الذكاء الاصطناعي المحدود أو الضيق: يُعتبر الذكاء الاصطناعي المحدود أو الضيق (بالإنجليزيّة: Weak AI or Narrow AI) أحد أنواع الذكاء الاصطناعي التي تستطيع القيام بمهام مُحددة وواضحة، كالسيارات ذاتيّة القيادة، أو حتى برامج التعرُف على الكلام أو الصور، أو لعبة الشطرنج الموجودة على الأجهزة الذكية، ويُعتبر هذا النوع من الذكاء الاصطناعي أكثر الأنواع شيوعاً وتوفراً في وقتنا الحالي.

 

2-الذكاء الاصطناعي العام : “ General AI، وهو النوع الذي يُمكن أن يَعمل بقدرة تُشابه قدرة الإنسان من حيث التفكير، إذ يُركز على جعل الآلة قادرة على التفكير والتخطيط من تلقاء نفسها وبشكل مُشابه للتفكير البشري، إلا أنه لا يوجد أيّ أمثلة عمليّة على هذا النوع، فكل ما يوجد حتى الآن مُجرد دراسات بحثيّة تحتاج للكثير من الجهد لتطويرها وتحويلها إلى واقع، وتعد طريقة الشبكة العصبيّة الاصطناعيّة : “Artificial Neural Network” من طرق دراسة الذكاء الاصطناعي العام، إذ تُعنى بإنتاج نظام شبكات عصبيّة للآلة مُشابهة لتلك التي يحتويها الجسم البشري.

3-الذكاء الاصطناعي الفائق: يُعتبر الذكاء الاصطناعي الفائق النوع الذي قد يفوق: مستوى ذكاء البشر، والذي يستطيع القيام بالمهام بشكل أفضل مما يقوم به الإنسان المُتخصص وذو المعرفة، ولهذا النوع العديد من الخصائص التي لا بد أن يتضمنها؛ كالقدرة على التعلُم، والتخطيط، والتواصل التلقائي، وإصدار الأحكام، إلا أن مفهوم الذكاء الاصطناعي الفائق يُعتبر مفهوماً افتراضياً ليس له أي وجود في عصرنا الحالي.

ثالثا : الوظيفية التشريعية لذكاء الاصطناعي :

عملت جميع التشريعات الأجنبية لمواكبة التطور الهائل في مجال التكنولوجيا، فقد عمدت الكثير من التشريعات الى اصدار قوانين خاصة بالروبوتات والذكاء الاصطناعي، حيث اصدر المشرع الأوربي في العام 2017، قانون خاص بالروبوتات، الغى فيه وصف “الشيء” بالنسبة للروبوت، واستخدم مصطلح “النائب الالكتروني او الإنساني”، ثم اصدر الاتحاد الاوروبي في عام 2019، مجموعة إرشادات حول بيان كيفية تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي سابق الإشارة اليها، اما الولايات المتحدة الامريكية، فقد اصدرت قانون “مستقبل الذكاء الاصطناعي وآفاقهُ في العالم” في العام 2017، وهو أول قانون يتمحور حول نظم الذكاء الاصطناعي، اما بالنسبة لموقف المشرع البريطاني فقد تم تعيين لجنة مختارة حول الذكاء الاصطناعي، من قبل مجلس اللوردات في العام 2017، للنظر في الآثار الاقتصادية والاخلاقية والاجتماعية في مجال الذكاء الاصطناعي، في حين نجد ان البرلمان الاوروبي في العام 2018، اقترح على الدول الاعضاء في الاتحاد، وضع تشريع بشان الجوانب القانونية لتطوير استخدام الروبوت والذكاء الاصطناعي، ثم اصدر الاتحاد الأوروبي نصوصاً تكميلية، للائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات الشخصية، التي تضع اطاراً للتدفق الحر للبيانات غير الشخصية في الاتحاد الأوروبي رقم 1807 لسنه 2018، بينما نجد إن المشرع المصري، قد صدر عن مجلس الوزراء القرار المرقم 2889 لسنه 2019، حول إنشاء مجلس وطني للذكاء الاصطناعي، يختص بوضع الخطط الوطنية حول الذكاء الاصطناعي، وتنفيذها، ومتابعتها، وتحديثها، لكي تتماشى مع التطورات الدولية[4]، كما نجد ان دولة الإمارات العربية المتحدة، قد وضعت العديد من المبادئ والإرشادات حول أنظمة  الذكاء الاصطناعي، وضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي[5].

الا ان المشرع المغربي لزال متأخرا في  وضع أساس تشريعي لمكونات هذه التطورات الحديثة التي أصبحت تغزو علمنا اليوم ، غير أن ظهور ما يعرف باسم الذكاء الاصطناعي يثير مشكلات جديدة عند التعامل معها ، مثل التصرفات القانونية الناشئة عن الذكاء الاصطناعي في مجال السيارات ذات القيادة الذاتية مثلا  ، التي لم تكن في الحسبان بالنسبة لسلطة  القضائية، فمثلا ما هو التصرف حيال قيام روبوت بالتسبب في حادث خطير أو قاتل؟.

ادى ان هناك مجموعة من المناقشات المتزايدة التي  تدور داخل الدوائر القضائية والتشريعية ، حول الملابسات القانونية التي تحيط بتطورات الذكاء الاصطناعي، كما تثار مخاوف حول هذه الملابسات في الدوائر الصناعية وأيضا تناقش مشكلات تتعلق بعمل شركات التأمين حيال هذا الأمر  ، بحيث يتفق مجموعة من الخبراء على أنه في غضون بضعة عقود ستصبح استخدامات السيارات ذاتية القيادة والروبوتات الذكية العاملة في المجال الصناعي، وكذلك الآلات التي تعمل بشكل مستقل عن الإنسان، شائعة وواسعة الانتشار مثلما هو الحال اليوم في بعض الأجهزة الكهربائية و الإلكترونية .

بحيث ما زالت المسائل العملية المتعلقة بالقانون المدني سائدة، خاصة فيما يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة بالكامل أو في بعض عملياتها ، بحيث يعد هذا المجال من بين بعض المجالات التي يستغل فيها العمل بالذكاء الاصطناعي على سبيل المثال لا الحصر .

المطلب الثاني : علاقة الذكاء الاصطناعي في خلق الفعالية الرقمية القضائية

الفقرة الأولى : ارتباط الثقة الرقمية بالذكاء الاصطناعي :

يعد مجال الثقة الرقمية من المجالات التي يكتنفها الغموض مما له ارتباط بالغوص داخل دواليب النظم و البيانات الرقمية المرتبطة بتكنولوجية المعلومات و المرتبطة أيضا بنظام الذكاء الاصطناعي  الذي اصبح في الآونة الأخيرة معتمدا في جميع المجالات ، ادى يبق ارتباطه بنظام الثقة الرقمية من بين اهم الأمور من اجل خلق نوع من الحماية و تحقيق الأمن الرقمي او ما يسمى بالأمن السيبراني  ، بحيث عمل المشرع بوضع  القانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية و يهدف هذا القانون :” الى تحديد النظام المطبق على خدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية ، وعلى وسائل وخدمات التشفير وتحليل الشفرات وكذا على العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات الثقة والقواعد الواجب التقيد بها من لدن هؤلاء ومن لدن أصحاب الشهادات الإلكترونية…..”[6]

كما أن ارتباط الثقة الرقمية ببرمجيات الذكاء الاصطناعي و نتاج لأوجه التقدم في مجال يعرف بالتعلم الآلي. ويشمل التعلم الآلي استعمال خوارزميات تسمح لأجهزة الحاسوب التعلم ذاتياً بالبحث في البيانات والقيام بمهام استناداً إلى أمثلة بدلاً من الاعتماد على البرمجة الصريحة التي يقوم بها الإنسان مكن لقدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل الصورة العالية الاستبانة المتحصل عليها من بعض الآلات  كا الطائرات بدون طيار أو التصوير الطبي من اجل  تحسين الاستجابات لحالات الطوارئ الإنسانية وتزيد من الإنتاجية الزراعية وتساعد الأطباء على تحديد الإصابة بسرطان الجلد أو غيره من الأمراض.

بيد أن القدرة التحويلية للذكاء الاصطناعي تجلب معها أيضاً تحديات، بدءاً من القضايا الأخلاقية مروراً بالثقة والأمن الرقمي الذي يستعدي وضع مقتضيات تشريعية مستقبلية من اجل تنزيله على ارض الوقع وهو ما سيساهم لا محال في وضع نوع من التطور لا سيما في مجال المنظومة القضائية الرقمية .

الفقرة الثانية : استراتيجية خلق الثقة الرقمية على المنظومة القضائية :

تعد أهمية الذكاء الاصطناعي بالعمل على الأنظمة الذكية في المجالات التي يصنع فيها القرار، كون هذه الأنظمة تتمتع بالاستقلالية والدقة والموضوعية ، بحيث تشمل العديد من الجوانب، وله دور مهم في الكثير من الميادين الحساسة كالمساعدة في تشخيص الأمراض ووصف الأدوية، التعليم التفاعلي، المجالات الأمنية والعسكرية، الاستشارات القانونية والمهنية، واعتماد خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مساعدة القضاة على إصدار الأحكام القضائية.

فالذكاء الاصطناعي يساهم في المحافظة على الخبرات البشرية المتراكمة بنقلها للآلات الذكية، لتخفيف عبء إدارة مثل هذا المرافق الحساسة  ذات البيانات الضخمة والمعلومات السرية.

ومن المعلوم أن مرفق القضاء مرفق حيوي، والقاضي يعتمد عند اتخاذه القرار وإصدار الأحكام على حدسه وتقديره الشخصي واحترام القوانين الوضعية. ولقد لوحظ في أكثر من مناسبة على وجود تناقض في الأحكام القضائية الصادرة عن قضاة نفس المحكمة أو مقارنة مع الأحكام الصادرة عن محاكم نفس النوع، ولتفادي هذه المشاكل ومواكبة للتطور العلمي والتكنلوجي أصبحت المحاكم بدول عديدة تعتمد على ووكلاء الذكاء الاصطناعي لمساعدة القاضي على اتخاذ القرار، والاعتماد على نتائج رقمية تصدرها روبوتات الذكاء الاصطناعي من اجل تقيم مخاطر هروب المتهم من المحاكمة إذا ما تم إطلاق سراحه أو احتمال ارتكابه لأي جريمة أخرى. وتصل الروبوتات  لهذه النتيجة بناء على بيانات تاريخية تخص المتهم نفسه وبيانات أخرى دون تحيز أو محاباة. ويمكن أن يؤدي استخدام هذه الروبوتات إلى نتائج إيجابية فورية، إذ يمكن أن تساهم على سبيل المثال في خفض عدد المساجين دون التأثير سلباً على السلامة العامة.[7]

و تكمن العلاقة القائمة في هذا الأمر هو رفع تقنية العمل بالتطورات العلمية على الوظائف القضائية و القانونية عبر برمجيات رقمية ذات فعلية ستحسن من خلالها ، برفع من النجاعة القضائية على مختلف جميع المحاكم و الإدارات القضائية  عبر عوامل علمية و تقنية تكمن في ما يلي :

  • جمع المعطيات غير مهيكلة (عبارة عن وثائق: أحكام وقرارات وغيرها) وتتطلب وقت طويلا لمعالجتها معلوماتيا إن لم نقل سنوات عديدة لاستغلالها في الحواسيب.
  • العمل على إضافة لغات اجنبية أخرى مما سايساهم على الأجانب الولوج اليها ، مما يجعل الحاجة الى استعمال برمجيات ذات تقنيات حديثة و عالية، لا يوفرها إلا الذكاء الاصطناعي.
  • ابرز دور التطورات التكنولوجية في إحصاء الملفات التي تحال على الحاكم، وتعد بالملايين سنويا بالإضافة الى تبسيط المسطرة للولوج اليها بصيغة الكترونية .

لذلك عمل المشرع  المغربي و الهيئات المرتبطة بالعمل على تطوير رقمنه الإدارة الى و ضع استراتيجيات حديثة و لا سيما على مستوى المنظومة القضائية من خلال مجموعة من الأليات كالعمل بالمحكمة الرقمية و التقاضي الالكتروني و تبسيط الإجراءات القانونية ، بالإضافة الى وضع نصوص قانونية تساير الحداثة و التطورات التكنولوجية كالقانون رقم قم 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، والقانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والقانون رقم 07.03 ﺑتتميم مجموعة القانون الجنائي في ما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، والقانون رقم 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات؛ والقانون رقم 04.20 المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والقانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، والقانون رقم 43-20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، والقانون 55.19 المتعلق بتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية، والقانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية، فإن هذه القوانين غير كافية لوضع أسس برمجيات رقمية ما لم يتم وضع تصميم رقمي Shéma Directeur Informatique، ناجع وفعال، يحدد الإجراءات التقنية والمعلوماتية للشروع في وضع أسس المحكمة الذكية او الرقمية ؛ لأن التصميم الذي تم اعتماده في هذا الخصوص لم يصل بعد الى  الأهداف والنتائج المرجوة نحو بزوغ تطور تكنولوجي ذكي .

الا أن المجال القضائي يبقى من بين اهم المجالات التي اصبح اليوم في حاجة ماسة لتفعيل التطورات التكنولوجية داخل المنظومة القضائية بصفة عامة  و ذلك من خلال مجموعة الأليات و هو ما سنعالجه في الشق الثاني من الموضوع .

المبحث الثاني : اليات تحقيق العدالة الرقمية من خلال الذكاء الاصطناعي .

يعد مرفق العدالة بالمغرب من بين احد اهم المقومات التي تساير التطورات التكنولوجية الحديثة مما له من حيوية في العمل ، و هو ما ابرزه العالم الرقمي اليوم ، بحث أدى هذا التطور من خلق وظائف جديدة للإدارة القضائية الرقمية  و هو مسايرة التطورات التكنولوجية الحديثة من خلال ما يلي :

المطلب الأول: تأثير الذكاء الاصطناعي على العدالة .

عمل المغربي في الآونة الأخيرة الى رسم خريطة طريق لتطورات التكنولوجية على منظومة العدالة و ذلك من خلال احداث ثورة الرقمية، و هو ما أكده  إعلان مراكش حول استقلال السلطة القضائية وضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة: 2 و3 و4 أبريل 2018 على ضرورة استحضار  البعد الرقمي في تدبير مرفق العدالة، ضمن مبادئ   ترسيخ حكامة الإدارة القضائية وتعزيز نجاعتها، و  ذلك عن طريق مجموعة من الاليات الفعالة : [8]

  • تطوير الإدارة القضائية وتقوية حكامتها من خلال اتخاذ الإجراءات والقواعد الكفيلة بضمان حسن أدائها الوظيفي وتوجيهها استراتيجيا لتحقيق النجاعة وجودة الخدمات القضائية في إطار من المسؤولية والشفافية؛
  • اتخاذ الإجراءات العملية لتسهيل الولوج إلى العدالة، وترشيد تدبير الزمن القضائي وتيسير البت داخل أجل معقول، وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة القانونية والقضائية، ومأسسة الوسائل البديلة لحل المنازعات؛
  • مواجهة تحدي التحول الرقمي للعدالة من خلال تحديث خدمات الإدارة القضائية، والتوظيف الأمثل للتكنولوجيات الحديثة للإعلام والتواصل في مجال العدالة، والتجسيد اللامادي للإجراءات والمساطر، وإرساء مقومات المحكمة الرقمية؛
  • استشراف آثار الانتقال الى القضاء التوقعي أو القضاء الآلي وإعداد الخطط الملائمة للتعامل مع التطور التكنولوجي؛
  • معالجة آثار التحول الرقمي للعدالة على القوانين الموضوعية والاجرائية بما يحفظ الحقوق والمراكز القانونية؛
  • مواجهة آثار رقمنة العملية القضائية وتضخم مراكز الارشفة الرقمي على أمن وموثوقية المعلومات القضائية واحترام المعطيات ذات الطابع الشخصي؛
  • العمل على انخراط كافة الفاعلين في مجال القضاء والقانون في جهود إنجاح برامج رقمنة وتحديث منظومة العدالة.[9]

و لعل التطورات التي اصبحت تواكب العمل القضائي ، لازالت بعيدة كل البعد من خلق تلك الحداثة التي لبدى لها من مساهمات مالية و علمية حديثة داخل المنظمة القضائية  من خلال إرساء مقومات المحكمة الرقمية، وتهيئ البنية التحتية المعلوماتية ومواكبة التحول الرقمي بكل ما يحمله من رهانات وتحديات.

ولازال القاضي يواجه تحديات تقنية من خلال انشاء الاحكام القضائية بشكل رقمي ، فكيف يمكن الانتقال  من قاضي مبتدئ في استغلال تطبيقات التكنلوجيا المعلوميات، إلى قاضي يستغل الروبوتات و الذكاء الاصطناعي  في فك شفرة الأحداث والبت في الدعوى وإصدار الاحكام العادلة. لم يقضيه الدستور و الاتفاقيات الدولية و القوانين ، كما ان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات و الجريمة UNODC ، من خلال الشبكة العالمية لنزاهة القضاء [10]على وضع دراسة الاستخدام الناشئ للذكاء الاصطناعي في أنظمة العدالة. ويتم تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد مع التقدم التكنولوجي بحيث بدأت العديد من الهيئات القضائية في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة. ومع ذلك، في حين أن الذكاء الاصطناعي يجلب معه إمكانات كبيرة للتحسين، يجب على الهيئات القضائية أن تضع في اعتبارها التحديات المحتملة للمبادئ الأخلاقية، مثل الشفافية والمساءلة والحياد عند تطوير مشاريع جديدة.  في طبيعة الحال، عند استخدام التكنولوجيا الجديدة، لا يزال يتعين على السلطات القضائية التأكد من أنها تتمسك  بمبادئ بنغالور .

باعتباره مجالًا ناشئًا، يظل استخدام الذكاء الاصطناعي في الهيئات القضائية غير منظم إلى حد كبير من خلال إرشادات محددة وتأمل الشبكة في الاستفادة من الخبرات والممارسات الجيدة للمشاركين فيها في الأشهر المقبلة لسد هذه الفجوة.

إضافة إلى كل ما سبق  فإن التجربة المغربية بعيدة نوعا ما عن استغلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجال القضاء، وفي مجالات أخرى ذلك لما يتطلبه من استثمارات مالية وتكوينات خاصة وكوادر بشرية مؤهلة لتحديد الخوارزميات  و الروبوتات العادلة والاعتماد عليها لا سيما على مستوى المنظومة القضائية للوصل الى تحقيق النجاعة  القضائية العادلة و الفعالة .

المطلب الثاني : اثار الذكاء الاصطناعي على تحقيق النجاعة القضائية الرقمية

تكمن اثار الذكاء الاصطناعي في تحقيق الفعالية القضائية في خلق مجموعة من الاستراتيجيات و الاليات القضائية المساهمة في الرفع من التطورات التكنولوجية المساهمة لا محال في خلف الثقة الرقمية و تحقيق العدالة المبتغاة بصيغة الكترونية من خلال ما يلي :

أولا : ترسيخ أسس المحكمة الرقمية :

يظهر ترسيخ المحكمة الرقمية على أساس مجموعة من المقتضيات التشريعية أولهما دستور 2011 الذي عمل على إرساء و تكريس مبادئ الحكامة القضائية  عبر مجموعة من البادئ و لاسيما ما يرتبط بحقيق النجاعة القضائية الرغوب فيها ، كما ان[11] ميثاق اصلاح منظومة العدالة تبنى مفهوم حديث هو رقمنه و تقوية البنية التكنولوجية للإدارة الرقمية ، بالإضافة الى تسهيل العمل بالنصوص القانونية و مباشرتها بصيغة الكترونية لتسهيل خدمة المتقاضين ، بالإضافة التي تبني استراتيجيات رقمية حديثة تواكب التطورات المرغوب فيها عبر نظم ذكية كالتوقيع الالكتروني و الأداء المصاريف القضائية بصيغة الكترونية .

و لعل ترسيخ تكنولوجية حديثة تقوم على خلق ذكاء اصطناعي فعال هو تكريس امن قضائي و قانوني ، من خلال توفير قاعدة بيانات سهلة الاستغلال للاجتهادات القضائية و مختلف النصوص التشريعية ، كما تكمن الآليات الحديثة للمحكمة الرقمية من توفير كافة المعطيات المرتبطة بملف معين ، للمساعدة على اتخاذ القرار الصائب بالإضافة للدور الذي تلعبه هذه السوائل أو الأليات التكنولوجية الحديثة في تسريع العملية القضائية خاصة بالنسبة للملفات المماثلة في تبسيط إجراءات التقاضي و سرعة البث في الملفات  [12]

و تكمن أسس ترسيخ المحكمة الرقمية من خلال :

-خلق منظومة عدالة ميسرة ، فعالة ذات شفافية و انفتاح .

-خلق مرفق قضائي يحمي المتقاضين و يضع المرتفقين في صلب مهمته .

-محكمة ذكية تجعل الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن القضائي .

-تعميم الأنظمة المعلوماتية لتدبير القضايا و الإجراءات .

-التداول للامادي للمعلومات بين الفاعلين في مجال العدالة .

– تطوير الخدمات الرقمية للمتقاضين و المستثمرين و الفاعلين الاقتصادين .

-توفير بينة معلوماتية قادرة على تخزين و حفظ المعطيات بناء على برمجيات ذكية .

-اعداد و تنزيل تطبيقات خاصة ( بالقضاة و الموظفين و مساعدين القضاء ) على مستوى تدبير الصناديق ببرمجة الكترونية – توزيع القضايا بطريقة الية –تنزيل برامج التبدل الالكتروني مع السادة المحامين  – تطوير الاطلاع على النسخ و الاحكام و القرارات القضائية بصفة آنية و آلية .

-تثبيت الوسائل اللوجستيكي و التجهيزية لشبكات الانترنت .

فلعل خلق محكمة رقمية ذكية تقوم على تحقيق فعالية ذات طابع متطور و تكنولوجي يحتاج بالخصوص الى تنزيل هذه الأوراش على ارض الواقع للوصل الى محكمة ذكية و فعالة مواكب لكل التحولات التكنولوجية  العالمية المرتبطة بهذا الاطار .

ثانيا : تثبيت التقاضي الالكتروني في تحقيق النجاعة القضائية : 

إن ما تم وضعه عن طريق الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة نجد من بين أهم أهدافه هو تحديث الإدارة القضائية و تعزيز حاكمتها من خلال إرساء مقومات المحكمة الرقمية  و تشجيع العمل على التقاضي الالكتروني او بصيغة أخرى التقاضي عن بعد من خلال مشروع الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية .

كما ان التقاضي الالكتروني يقوم على مجموعة من الركائز [13] من خلال :

-مقومات قانونية : يقصد بها الإطار التشريعي و التنظيمي الذي يمكن على أساسه تطبيق التقاضي الإلكتروني ، سواء ما يتعلق بإجراءاته و ضبط المفاهيم القانونية  التقنية الخاصة به ، بكل ما يتعلق بالنصوص المرتبطة بهذا الاطار .

-مقومات بشرية : و تشمل الاطار البشري المتمثل في مجموعة من المختصين في المجال الفني و التقني ، و القانوني ، الذين يقومون بتطبيق التقاضي الالكتروني ، بحيث يتعين على المعنيين من قضاة ، محامين ، كتاب ضبط و مساعدين للقضاء أن يكونوا على دراية بكيفية استخدام الوسائل الإلكترونية ، و المساهمة في خلق برمجيات و بيانات تعمل على وضع استراتيجية رقمية جديدة تواكب مفهوم الذكاء الاصطناعي بخوارزميات و روبوتات ذكية تساهم في تحقيق التطلعات القضائية الفعالة.

-مقومات مادية : و يقصد بها العتاد او الأجهزة و المتطلبات الفنية اللازمة للتقاضي الالكتروني ، و تكمن في الحواسيب و شبكات الحاسب الآلي ، و البرامج الالكترونية ، و بيانات افتراضية تواكب تلك التطورات التكنولوجية المحدثة لمنظومة التقاضي الذكي و الالكتروني .

و لعل إرساء مكونات التقاضي الالكتروني على حساب التطورات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي هو تقويم العمل على خلق نوع من التحول الجذري للمنظومة القضائية ، في إعادة هيكلة المنظومة بوسائل حديثة و فعالة ، و المساهمة في تبسيط الإجراءات و الرفع من مستوى أداء الموارد اللوجستيكي ، و الاستثمار في تكنولوجية المعلومات بشكل اللامادي للبرمجيات ذات الطابع القضائي و السريع للوصل الى النجاعة الكفيلة بتحقيق تقاضي ذكي  .

خاتمة :

يعتبر مستقبل الذكاء الاصطناعي في تحقيق النجاعة القضائية بالمغرب ، هو إرساء مكونات جديدة تواكب تلك التطورات المبتغة في خلق الفعالية الرقمية و تجاوز مختلف العراقيل التي تحول تعقيد كل الإجراءات القضائية و المسطرية  ، و ذلك من خلال وضع أسس استراتيجية تتطلع بتتميم المشاريع الرقمية التي وضعتها الدولة من اجل دفع لتسريع وثيرة رقمنه المرفق القضائي و تنزيل مخططات تشريعية حديثة و لاسيما بواضع قوانين رقمية ، و العمل على تنزيل مخططات لوجستيكية متطورة للعمل القضائي للامادي ، بالإضافة  الى العمل على استثمار و اشراك  كل الفعالين القضائيين من اجل وضع مشروع يتبنى بعد العمل بروبوتات ذكية في صنع القرار القضائي ، بحيث اصبحنا نرى مؤخرا مجموعة من الأحاديث المرتبطة بخلق نظام قضائي جديد يقوم على ذكاء اصطناعي  ،  بحيث ان هناك مجموعة  من الأسباب التي ستؤدي الى خلق هذا النظام الجديد من خلال تخفيف الاعباء على النظام القضائي، ومن ناحية أخرى يمكن توكيل بعض المهام الاضافية للذكاء الاصطناعي مثل مقابلة المتقاضين في طرح الأسئلة و الاستجواب   وجمع المعلومات بشكل صحيح منهم، الا ان مكونات البرمجيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي حمل في طياتها مجموعة من المخاطر و لعل ابرزها خطأ أو عدم دقة في التنبؤ بنتيجة توفر بيانات غير صحيحة ثم خوصصة أدوات العدالة لأن تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي غالبا ما يتم إنتاجها من طرف شركات خاصة ، و هو ما سناره مستقبل بحيث ذكرت شركة DoNotPay، على أنها عملت على تطوير برمجيات متطورة و أن العالم سيرى خلال سنة  2023 ظهور محامي روبوت مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث يستمع لادعاء المحكمة، ويخبر المـ.ـدعى عليه بما يجب قوله من خلال سماعات و ذلك من خلال تدريبه على ملفات قضائية عديدة و تزويد الروبوت بالمعلومات على الالتزام بالقوانين وتقليص التحايل عليها لأقل قدر.

و إدى يبقى  السؤال المطروح حول هذه التقنيات الجديدة التي سيشهده العالم في الأيام المقبلة هو مدى فعالية الروبوتات في مواكبة القيم القضائية التي عشها عالمنا منذو قرون ؟و هل سيكفي بالغرد لننتقل من النظام القضائي التقليدي تم الإلكتروني للوصل الى قضاء ذكي يقوم على الروبوتات و البرمجيات الخوارزمية ؟ ام ان هذا النظام الجديد ستوكبه مراقبة ذاتية بشرية في حالات الخطاء ؟ تم كيف سيتم معاقبة هذه البرمجيات في حالات وجود خطاء او فعل مادي ؟ هل ستكون لديه شخصية قانونية ام لا ؟ و ما مدى رؤية هذه البرمجيات المرتبطة بالروبوتات على المنظومة القضائية المغربية ، هل في المستقبل سنرى قاضي روبوت او محامي روبوت ام اننا سنكتفي بالوضع الحالي ؟  .

كما أن بناء الثقة لدى المستخدمين لتكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و استخداماتها المتعددة و تعزيز امنها يحتاج تعاونا بين جميع أصحاب المصلحة في مجتمع المعلومات ، و تضافر الجهود من اجل حماية البنى الأساسية و النظم و المعلومات ، بالإضافة الى ضرورة الاستثمار في الخدمات الالكترونية و فق منهجيات مهنية لا تؤثر سلبا على حماية بيانات المواطن و كسب ثقته .

 

لائحة المراجع :

– عائشة يحي شقفة : ” الحماية القانونية للمصنفات النائية على برامج  الذكاء الاصطناعي ” بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ، كلية القانون ، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، دورة يونيو 2021.

– طاهر أبو العبيد ، الذكاء الاصطناعي و القانون ، سلسة مقالات المعرفة القانونية ، عدد   1 ، لسنة 2022 .

-مقال الكتروني حول الذكاء الاصطناعي ، تعريفه ، وظائفه ، تطبيقاته ، خصائصه ، اهدافه ، انواعه https://www.starshams.com/2021/12/blog-post.html بتاريخ 01-1-2023 .

– قرار مجلس الوزراء المصري رقم 2889 ، بشأن إنشاء مجلس وطني الذكاء الاصطناعي، نشر في الجريدة الرسمية، العدد 47 مكرر، في 24/ 11/ 2019.

-عائشة بنت بطي، مبادئ وإرشادات أخلاقيات الذكاء لاصطناعي، دبي الذكية، الأخلاقيات، الإمارات العربية المتحدة، 2019 .

-ياسر محمد اللمعي ، المسئولية الجنائية عن أعمال الذكاء الاصطناعي ما بين الواقع والمأمول، كلية الحقوق – جامعة طنطا”، مصر.

-سعاد أغانيم ، خوارزميات الذكاء الاصطناعي والعمل القضائي – قراءة في محاولات التجربة المغربية- https://www.droitetentreprise.com/خوارزميات-الذكاء-الاصطناعي-والعمل-ال/  تاريخ التصفح 30-12-2022 .

– إعلان مراكش حول استقلال السلطة القضائية وضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة: 2 و3 و4 أبريل 2018.

– للمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع الى ، محمد ادريسي حسني ، دور العدالة الاقتصادية في تحسين مناخ الأعمال و الاستثمار بالمغرب ، رسالة لنيل شهادة الماستر في قانون الأعمال ، السنة الجامعية 2019-2020 ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية المحمدية ، جامعة الجسن الثاني الدار البيضاء .

– مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات و الجريمة UNODC https://www.unodc.org/ji/ar/knowledge-products/artificial-intelligence.html .

-ميثاق اصلاح منظومة العدالة 2013

-المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة في المغرب وزارة العدل يونيو 2020 .

– بن عيرد عبد الغني ، مقال :” التقاضي الالكتروني على ضوء احدث التعديلات بين التطلعات و التحديات “مجلة الدراسات و البحوث القانونية ، المجلد 6 العدد 2-2021 .

 

لائحة الإحالات:

[1] – عائشة يحي شقفة : ” الحماية القانونية للمصنفات النائية على برامج  الذكاء الاصطناعي ” بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ، كلية القانون ، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، دورة يونيو 2021 ، ص 10 .

[2]  – طاهر أبو العبيد ، الذكاء الاصطناعي و القانون ، سلسة مقالات المعرفة القانونية ، عدد   1 ، لسنة 2022 ص 03.

[3] -مقال الكتروني حول الذكاء الاصطناعي ، تعريفه ، وظائفه ، تطبيقاته ، خصائصه ، اهدافه ، انواعه https://www.starshams.com/2021/12/blog-post.html بتاريخ 01-1-2023 .

[4] – قرار مجلس الوزراء المصري رقم 2889 ، بشأن إنشاء مجلس وطني الذكاء الاصطناعي، نشر في الجريدة الرسمية، العدد 47 مكرر، في 24/ 11/ 2019.

[5]  -عائشة بنت بطي، مبادئ وإرشادات أخلاقيات الذكاء لاصطناعي، دبي الذكية، الأخلاقيات، الإمارات العربية المتحدة، 2019، ص6؛

-ياسر محمد اللمعي ، المسئولية الجنائية عن أعمال الذكاء الاصطناعي ما بين الواقع والمأمول، كلية الحقوق – جامعة طنطا”، مصر، ، ص11.

[6] -ظهير شريف رقم 100-20-1 صادر في 16 من جمادى الأولى 1442 (31 ديسمبر 2020) بتنفيذ القانون رقم 20-43 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية.

[7]  -سعاد أغانيم ، خوارزميات الذكاء الاصطناعي والعمل القضائي – قراءة في محاولات التجربة المغربية- https://www.droitetentreprise.com/خوارزميات-الذكاء-الاصطناعي-والعمل-ال/  تاريخ التصفح 30-12-2022 .

[8]  – إعلان مراكش حول استقلال السلطة القضائية وضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة: 2 و3 و4 أبريل 2018.

[9]  – للمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع الى ، محمد ادريسي حسني ، دور العدالة الاقتصادية في تحسين مناخ الأعمال و الاستثمار بالمغرب ، رسالة لنيل شهادة الماستر في قانون الأعمال ، السنة الجامعية 2019-2020 ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية المحمدية ، جامعة الجسن الثاني الدار البيضاء .

[10]  –  مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات و الجريمة UNODC https://www.unodc.org/ji/ar/knowledge-products/artificial-intelligence.html .

[11] – ميثاق اصلاح منظومة العدالة 2013

[12]  -المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة في المغرب وزارة العدل يونيو 2020 .

[13]  – بن عيرد عبد الغني ، مقال :” التقاضي الالكتروني على ضوء احدث التعديلات بين التطلعات و التحديات “مجلة الدراسات و البحوث القانونية ، المجلد 6 العدد 2-2021 ص 16

قد يعجبك ايضا