التقـاضي عن بعد ورهـانـات المحـاكمة العـادلــة

ذ. ضوان قوبيع

محام بهيئة طنجة

المقدمة:

يعتبرالحق في المحاكمة العادلة من أهم الحقوق التي منحها الدستور المغربي والمواثق الدولية للمتهم، فهذا الأخير يعتبر بريئا إلى أن تصدر إدانته بمقتضى مقرر قضائي مكتسب لقوة الأمر المقضي به بناء على محاكمة عادلة[1] تتوفر فيها كل الضمانات القانونية.

ونظرا للحالة الوائية التي عرفها العالم بسبب تفسي فيروس كورونا 19 COVID  وعلى اثر ذلك بادر المغرب إلى إتخاذ مجموعة من التدابير الإحترازية من ذلك مثلا توقيف الدراسة بجيع الأقسام والفصول وتعويض الدروس الحضورية بدروس عن بعد وتعليق الجلسات بالمحاكم بإستثناء الجلسات المتعلقة بقضايا المعتقلين، والجلسات المتعلقة بالبت في القضايا الإستعجالية وقضاء التحقيق[2] وعليه فقد تم تعليق الجلسات بالمحاكم والذي استبدله اعتماد نظام التقاضي عن بعد باستعمال الوسائط الإكترونية كآلية بديلة للمحاكمات العادلة في ظل هذه الجائحة.

لا تخفى على أحد أهمية هذا الموضوع وراهنيته في ظل هذه الظرفية الإستثنائية لما لإمكانية إعتماد التقاضي عن بعد من دور أساسي في الحفاظ على الصحة العمومية من جهة وصيانة حقوق الأفراد من جهة أخرى.

وعليه ولإحاطة بهذا الموضوع لا بد من معالجته وفق التصميم التالي:

المبحث الأول: ماهية التقاضي عن بعد والأساس القانوني المؤطر

المبحث الثاني: المحاكمة العادلة عن بعد أية ضمانات

 

المبحث الأول: ماهية التقاضي عن بعد والأساس القانوني المؤطر.

الحق في التقاضي من الحقوق المكفولة دستوريا ومع انتشار فيروس كورونا والحالة الوبائية التي عرفها العالم تم إعتماد التقاضي عن بعد بواسطة آليات تكنولوجية حديثة وذلك بعدما أعلنت السلطات المغربية على إدخال تغييرات في نظام التقاضي داخل المغرب وذلك بعدما أن أقرت حالة الطوارئ الصحية وفرض الحجر الصحي على المواطنين بغية محاصرة الوباء والحفاظ على صحة الجميع على حد سواء.

وعليه، سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نعالج في الأول ماهية التقاضي عن بعد وخصائصه ونتطرق في المطلب الثاني الأساس القانوني لنظام التقاضي عن بعد.

المطلب الأول: مفهوم التقاضي عن بعد وخصائصه:

الفقرة الأولى: مفهوم التقاضي عن بعد.

يقصد بنظام التقاضي عن بعد آلية أو نظام يتم بمقتضاه تطبيق كافة إجراءات التقاضي بواسطة أجهزة الحاسوب المرتبطة بشبكة الأنترنيت[3].

أو هو نظام قضائي معلوماتي يتم بموجب تطبيق كافة إجراءات التقاضي عن طريق المحكمة الإلكترونية  بواسطة أجهزة الحاسوب المرتبطة بشبكة الأنترنت وعبر البريد الإلكتروني لفرض سرعة الفصل في الدعاوي وتسهيل إجراءاتها على المتقاضين[4] وانطلاقا من هاذين التعريفين، يمكن تعريف نظام المحاكمة عن بعد بأنه ذلك النظام الذي تتم بواسطته محاكمة المتهمين في مختلف القضايا الجنائية والجنحية وذلك عبر وسائل التواصل السمعي البصري، دون الحاجة إلى الانتقال من المؤسسة السجنية التي يتواجدون فيها إلى قاعة المحاكمة، التي تجري فيها المحاكمة فالحضور الافتراضي عبر شاشة التلفاز بدل الحضور الفعلي الجسدي في قاعة المحكمة وذلك فهذا النظام الجديد للتقاضي يتميز بمجموعة من الخصائص.

الفقرة الثانية: خصائص التقاضي عن بعد:

ـ خاصية الحضور الافتراضي أو استبدال الحضور الجسدي بالحضور الافتراضي تقتضي هذه الخاصة أن المتهم يمثل في المحاكمة بطريقة إفتراضية وليس طريقة الحضور الجسدي الواقعي، فهو في الحقيقة تظهر صورته مع الصوت على شاشة الجهاز الإلكتروني الموجود بقاعة الجلسات وذلك بشكل افتراضي، أما هو فعليا يتواجد بالمؤسسة السجنية التي هو معتقل بها وهي طريقة[5] تتعارض مع مبدأ الحضورية التي تنبني عليها أسس المحاكمة العادلة.

ـ خاصية اعتبار قاعة السجن التي يوجد بها المعتقل امتدادا لقاعة المحكمة.

ـ إن قاعة السجن التي يوجد بها المعتقل تعتبر إمتدادا لقاعة المحكمة ما دام المتهم يشاهد قاعة المحكمة وخاصة الهيئة القضائية، واستنطاقه من طرف رئيس الهيئة وجواب عن التهمة المنسوبة إليه وكذا جوابه عن أسئلة النيابة العامة أو دفاع المتهم أو دفاع الضحية وسماعه لتصريحات الشهود والضحية، وكذا حضور دفاع المتهم بالجلسة وتناول الكلمة بالترافع عنه وبالتالي فقاعة الاعتقال بالمؤسسة السجنية تعتبر إمتدادا لقاعة المحكمة التي تجري فيها المحاكمة وهو ما لا ينطبق على المحاكمة الحضورية التي تجري في قاعة الجلسات بالمحكمة.

المطلب الثاني: الأساس القانوني للتقاضي عن بعد.

أثار هذا الشكل من المحاكمة جدلا بين مؤيدي هذه التقنية في المحاكمات الجنائية والجنحية التي يكون فيها المتهم معتقلا وبين رافض لاستعمال هذه التقنية وذلك لكل اتجاه مبرراته وأسبابه وحيثياته مما يؤدي إلى طرح السؤال التالي: ماهي المبررات والأسباب التي يرتكز عليها الإتجاه المؤيد والإتجاه الرافض لإستعمال هذه التقنية؟

وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين الأولى سنخصصها إلى استعراض الاتجاه المؤيد لإستعمال التقاضي عن بعد، والفقرة الثانية للاتجاه الرافض.

الفقرة الأولى: مبررات وأسباب الاتجاه المؤيد للمحاكمة عن بعد.

لقد انتصر المدافعون عن المحاكمة عن بعد إلى المبررات والتعليلات والأسباب التالية:

1) ضمان استمرارية المرفق القضائي وخاصة في قضايا المعتقلين للبت في قضاياهم وخاصة الجاهزة التي لا تحتمل التأخير.

2) تطبيق الدورية المشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وزارة العدل، وذلك بالعمل بتقنية المحاكمة عن بعد في قضايا المعتقلين دون إحضارهم إلى مقرات المحاكم ودون مثولهم المادي أمام هيئات الحكم والتواصل المباشر معهم عن بعد، من المؤسسات السجنية عبر تقنية ” الفيديو كونفرونس ” وذلك تنفيذا لمرسومي قانون رقم 2-20-292 بتاريخ 23/03/2020 وكذا مرسوم 2-20-293 بتاريخ 24/03/2020 المتعلقان بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة فيروس كورونا كوفيد 19 .

3) تطبيق المحاكم لهذه التقنية حماية لانتشار وباء كورونا بين السجناء، وحماية لأسرة العدالة من قضاة ومحامين وجميع الموظفين والعاملين بقطاع العدل من التقاط فيروس كورونا.

4) إن استعمال تقنية المحاكمة عن بعد تستمد مرجعيتها وأساسها القانوني، وشرعيتها في المادة 3 من المرسوم رقم          2-20-292 المتعلق بسن مقتضيات حالة الطوارئ الصحية، التي جاء فيها: “على الرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل تقوم الحكومة خلال فترة إعلان حالة الطوارئ باتخاذ جميع الاحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل …” إلى غيرها من مجموعة من الاعتبارات التي يؤسسون عليها شرعية المحاكمة عن بعد.

الفقرة الثانية: مبررات وأسباب الاتجاه الرافض للمحاكمة عن بعد.

لقد ركز الاتجاه الرافض للمحاكمة الجنائية عن بعد انتقاداتهم على أنها مضرة بالعدالة، وخرق القوانين المنظمة للمحاكمات الجنائية ولحقوق الدفاع وحقوق المتهم، وتتجاهل المواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب وهذه هما أهم مبررات هذا الاتجاه.

1ـ انعدام الإطار القانوني والتشريعي لقنية المحاكمة عن بعد.

الملاحظ أن المحاكم ماضية في تنظيم الجلسات القضائية الجنائية والجنحية للمعتقلين بتقنية المحاكمة عن بعد، دون أو في غياب النص التشريعي أو السند القانوني، الذي يمكن الاستناد إليه لتبرير اللجوء إلى هذا الإجراء مع العلم أن مشروع استعمال الوسائط الإلكترونية في المسطرة المدنية والجنائية ما زال لم يتم مناقشته والمصادقة عليه.

2ـ تطبيق إجراء المحاكمة عن بعد بدون سند تشريعي يعد تعديا على اختصاص السلطة التشريعية.

يعتبر هذا المبرر جوهري لأنه لا يمكن القيام بأي إجراء ضد المتهم أو تطبيق أي إجراء من إجراءات المحاكمة ما لم يكن منصوصا عليه في قانون المسطرة الجنائية ، وبالتالي لا يمكن للسلطة القضائية تطبيق إجراءات تتعلق بالمسطرة الجنائية، ما لم يكن منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية وأن المشرع هو المختص وحده، بوضع قواعد قانون المسطرة الجنائية.

3ـ استثناء اتخاذ التدابير القضائية من طرف السلطة التنفيذية وفقا للمادة 5 من مرسوم رقم 2-20-292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ.

هذه المادة أعلنت للسلطة التنفيذية في حالة الضرورة القصوى، اتخاذ أي إجراء يكتسي طابعا اقتصاديا أو ماليا أو اجتماعيا أو بيئيا، ولم تتحدث عن التدابير القضائية واستثنتها من اتخاذ الحكومة لأي قرار له طابع قضائي.

وعليه وأمام هذين الاتجاهين حول شرعية وعدم شرعية المحاكمة بواسطة تقنية التواصل عن بعد.

يمكن القول بأنه رغم الوضع الاستثنائي وحالة الطوارئ الصحية إلا أن مسألة المحاكمة عن بعد بواسطة تقنية السمعي البصري هو إجراء يمس بحق الأفراد في محاكمة عادلة وذلك لكونه يحتاج بالضرورة إلى أساس قانوني يتمثل في سن نصوص قانونية تنظم وتؤطر هذه المحاكمة، وذلك عبر قوانين تصدر عن السلطة التشريعية وتنشر بالجريدة الرسمية، ويبدو أن الدولة المغربية وأمام التحسن الملحوظ في الحالة الوبائية لا تعتزم التراجع عن هذه الطريقة في المحاكمة التي تفتقد إلى بعض شروط المحاكمة العادلة.

 

المبحث الثاني: المحاكمة عن بعد أية ضمانات.

تعتبر المحاكمة الرقيمة من أهم الأهداف التي جاء بها الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة والذي يهدف من خلاله إلى تحديث الإدارة القضائية ومواكبة التطور التكنولوجي، والمحاكمة عن بعد جانب من جوانب المحكمة الرقيمة.لكن السؤال المطروح في إطار هذه الرقمنة والمحاكمة عن بعد ما هي أهم الضمانات للمحاكمة عن بعد؟

للجواب عن هذا السؤال سوف نقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين الأول سنعالج فيه ضمانات المحاكمة العادلة على مستوى الدولي، والمطلب الثاني نعالج فيه ضمانات المحاكمة العادلة على المستوى الوطني.

المطلب الأول: الضمانات المعززة للمحاكمة العادلة على المستوى الدولي.

باعتبار المغرب فاعلا أساسيا في المنظومة الدولية فقد صادق على مجموعة من الاتفاقيات ذات الصلة بالمحاكمة العادلة، ومن أهمها:

ـ العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 2200 نجده كرس العديد من المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة والتي تأتي وفقا لما كرسه الدستور المغربي.

ـ حيث بالرجوع إلى المادة 14 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، نجدها تنص على العديد من المبادئ ولعل أبرزها، من حق كل متهم بارتكاب جريمة، أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا.

ـ أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محامي من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة محاميا كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك دون تحميله أجرا على ذلك.

ـ وأن يحاكم دون تأخير لا مبرر له، أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل وفي لغة يفهمها بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها[6]، وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 10 منه والمواد 6 و7 التي تؤكد على أن البراءة هي الأصل، وعلى أن كل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين والحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه، إضافة إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ذات الصلة بالمحاكمة العادلة.

المطلب الثاني: ضمانات المحاكمة العادلة على المستوى الوطني وملائمتها مع التقاضي عن بعد.

هذا المطلب قبل الخوض في الإحاطة به نود أن نطرح سؤال له علاقة به، هل يمكن تحقيق المحاكمة العادلة في إطار التقاضي عن بعد؟ هل هذه المحاكمة تمس بحقوق المتقاضين المكفولة لهم قانونا؟

بالرجوع إلى القوانين الوطنية نجدها تحتوي على مجموعة من المقتضيات التي تعزز المحاكمة العادلة فعلى المستوى الدستوري نجد الفصول 20 و23 والفصل 120 من الدستور المغربي يتضمن مجموعة من الضمانات التي تعزز المحاكمة العادلة، فالفصل 23 من الدستور ينص على أنه لا يجوز إلقاء القبض على شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون، كذلك مجموعة من المقتضيات التي تنص عنها قانون المسطرة الجنائية كمبدأ قرينة البراءة، ومبدأ الحضورية المواد 184 و 114 من قانون المسطرة الجناية، هذا المبدأ الذي يقتضي حضور المتهم أمام الهيئة القضائية في قاعة المحاكمة حضورا ماديا جسديا، يتعارض مع التقاضي باستعمال تقنية التواصل عن بعد، إلا أن هذا المبدأ تحميه مسألة الموافقة على المحاكمة عن بعد من قبل المتهم أو دفاعه، بمعنى أن استعمال تقنية الاتصال عن بعد لا تتم إلا بموافقة المتهم ودفاعه[7].

إضافة إلى مبدأ الحضورية نجد مبدأ العلنية،

والملاحظ أن الجلسات في ظل التقاضي عن بعد تفتقر إلى شرط العلنية، بحيث أن القاعة فارغة بسبب منع الجهور والمرتفقين من الولوج إليها وذلك في إطار التدابير الاحترازية للحد من انتشار وباء كورونا، فتجد هيئة الحكم على المنصة، ودفاع المتهم وحده يدافع عن هذا الأخير وهو قابع في المؤسسة السجنية، وعليه فالمحاكمة عن بعد تخرق حق المتهم في محاكمة علنية طبقا للفصل 125 من الدستور والمواد 300، 364 ،366 و370 من قانون المسطرة الجنائية.

وكذلك المادة 287 من القانون الجنائي التي تنص “لا يمكن للمحكمة أن تبني مقررها إلا على حجج عرضت اثناء الجلسة ونوقشت شفاهيا وحضوريا أمامها “.

وبناء عليه فغياب المتهم امام الهيئة لجوابه عن التهمة الموجهة إليه ومواجهته مباشرة مع الضحية والشهود وعرض وسائل الإقناع عليه، بجعل إجراءات البحث والمناقشة باطلة طبقا للفصل 571 من قانون المسطرة الجائية.

وعليه يمكن القول أن المحاكمة عن بعد تثير إشكالات قانونية وحقوقية تتعلق بالأساس بمدى مراعاتها لشروط المحاكمة العادلة والتي تقتضي توفر عدة ضمانات فضلا على أن التقاضي عن بعد يحرم المتهم من الاستفادة من المشاعر الإنسانية للقاضي الجنائي في نطاق مبدأ القناعة الوجدانية.

هذا وجوابا على السؤال المطروح أعلاه، فإن المحاكمة عن بعد تمس بمبدأ المحاكمة العادلة للمتهم، ذلك أن استخدام تكنولوجيا التواصل بين المتهمين والقضاة في ظل غياب نص تشريعي ينص على ذلك لا على مستوى القانون الجنائي كقانون موضوعي، أو على مستوى قانون المسطرة الجنائية باعتباره قانون مسطري إجرائي، كل ما نجده هو مقتضيات تنظم هذا النوع من المحاكمات ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي لم يرى النور بعد تحت باب معنون ب ” استعمال تقنيات الاتصال عن بعد “.

وختاما يمكن القول أن المحاكمة عن بعد في المغرب وفي ظل جائحة كورونا ورغم ما لها من إيجابية تتمثل في عدم عرقلة سير مرفق العدالة لكون أن المتهمين الموجودين في حالة اعتقال كان يمنع إحضارهم إلى قاعة الجلسات بسبب الوضع الوبائي بالبلاد، حيث تمت هذه المحاكمة عن بعد شريطة الموافقة على ذلك من قبل المتهم ودفاعه إلا أن الاستمرار في هذا النوع من المحاكمة بعد أن تحسن الوضع الوبائي وعدم وجود نص قانوني ينظم هذا النوع من المحاكمات يتعارض مع مبدأ الشرعية الجنائية ويمس بمجموعة من حقوق المتهم المعززة  للمحاكمة العادلة من قبيل أن هذه التقنية أبانت عن بعض الإكراهات تتمثل اساسا في رداءة صبيب الانترنيت في بعض المؤسسات السجنية وكذلك المحاكم، مما يؤدي إلى توقف الجلسات عدة مرات وكذا وصول الصوت والصورة بشكل رديء لا يسعف على إجراء هذه المحاكمة إضافة إلى تزامن المحاكمة في القضايا الجنحية مع المحاكمات في القضايا الجنائية في آن واحد مما يؤدي إلى انتظار حتى الانتهاء من المحاكمة في المحكمة التي سبقت في ربط الاتصال، كذلك فإن مؤازرة المتهم من قبل دفاعه حيث أن عدم وجود المتهم خلف المحامي في قاعة الجلسة يفقد للمتهم ذلك الشعور بالاطمئنان، فبدل أن يكون المتهم خلف دفاعه يكون خلفه حارس السجن.

وعليه، ندعوا المشرع المغربي إلى سن مقتضيات قانونية تؤطر هذا النوع من المحاكمات إضافة إلى الرجوع للمحاكمات العادية الحضورية وذلك لتحسن الوضعية الوبائية في المغرب.

 

الإحالات والمصادر:

[1] – المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية.

” كل متهم أو مشتبه فيه في ارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية…”

[2]  – البلاغ المشترك بين وزير العدل ورئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بشأن تعليق انعقاد الجلسات بمختلف محاكم المملكة ابتداء من يوم الاثنين 16 مارس 2020.

[3] – مفهوم أورده ياسين الجباري في مقال إلكتروني منشور في مجلة ” المعلومة القانونية ” تاريخ الزيارة 11/03/2022 على الساعة 3 زوالا.

[4] – مقال منشور بمجلة القانون والاعمال الدولية ، للباحث ميمون حاجي .

[5] – منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 بتاريخ 24/03/2020 المتعلقة بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها

[6] – محمد أمين مروان، التقاضي عن بعد، أية ضمانات للمحاكمة العادلة، في ضوء مسودة مشروع قانون الوسائط الإلكترونية للإجراءات القضائية صفحة 8.

[7] – محمد أمين مروان، المرجع السابق صفحة 9.

قد يعجبك ايضا