قانون المالية لسنة 2024: أية عدالة جبائية؟

إيمان ناجح

طالبة/باحثة بسلك الدكتوراه تخصص المالية العامة والضرائب

جامعة الحسن الثاني – بالمحمدية

 

جاء في دستور 2011 في:

  • الفصل 39 “على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور”؛
  • الفصل 40 “على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”.

 

ظل مفهوم العدالة الجبائية أحد الشعارات التي واكبت مقتضيات دستور 2011، و الإصلاحات الضريبية دون أن يتحقق هدف إقرار نظام ضريبي عادل في توزيع الأعباء الضريبية  بشكل منصف بين جميع الملزمين، كل واحد حسب إمكانياته ودخله وممتلكات.

فالعدالة الضريبية، هي صفة من الصفات التي تتميز بها الضريبة وتساهم في توزيع الأعباء  الضريبية، ما بين الملزمين بأسلوب عادل ومتساوي بينهم، وذلك من خلال الاقتصاد على مجموعة من المعايير المالية “فالعدالة الضريبية هي المساواة والإنصاف في توزيع العبئ الضريبي بين الملزمين، فكل شخص يؤدي قيمة مالية لفائدة الدولة تتناسب وتتساوى مع غيره من الأشخاص”.

و للعدالة الضريبية مبدأين أساسيين، يتعلق الأول بالعدالة الأفقية، أي معاملة الأفراد ذوي الظروف المتماثلة معاملة ضريبية متساوية، فيقومون بتسديد ضرائب متماثلة، وهو ما يشكل أساسا لمبدأ العدالة أمام الضريبة. ولتقدير هذه الظروف، يتم الاعتماد على معايير الدخل أو الثروة أو الإنفاق أو الاستهلاك، كما يتطلب أيضا إلى جانب المعايير تحديد الوحدات التي ستتم بها هذه المقارنة كالأسرة أو الفرد.

أما المبدأ الثاني، فيهم العدالة العمودية، والذي يقضي بمعاملة الأفراد ذوي الظروف الاقتصادية المختلفة معاملة ضريبية مختلفة، فمن هم في وضع أفضل، يجب أن يدفعوا أكثر من الضرائب، وبهذا تصبح العدالة الضريبية جزءا من العدالة الاجتماعية وأداة أخرى لإعادة توزيع الدخول والثروات.

فالضريبة[1]، يجب أن تكون عادلة يشترك في تاديتها كل المواطنين بحسب قدرة كل منهم على الدفع.

 

ثانيا : الإشكالية العامة.

وتكمن أهمية مداخلتنا هذه في كون أن العدالة الجبائية من بين الأهداف الأساسية التي يسعى النظام الجبائي إلى تحقيقها، فإن جل التشريعات وقوانين المالية المطبقة سواء في الدول المتقدمة أو في الدول السائرة في طريق النمو، تنص من الناحية النظرية على الارتباط القائم بين المردودية والعدالة الجبائية وعلى ضرورة التوفيق بينهما، حيث يحدد قانون المالية بالنسبة لكل سنة مالية طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها، وتراعي في ذلك الظرفية الاقتصادية والاجتماعية عند إعداد قانون المالية وكذا أهداف ونتائج البرامج التي يحددها قانون المالية[2].

و من كل ما سبق تثار في مداخلتنا هذه  إشكالية أساسية  مفادها :

إلى أي حد استطاع قانون المالية لسنة 2024، من خلال مستجداته على ترسيخ ضمانات العدالة الجبائية ؟

 

ثالثا : معيقات تنزيل العدالة الجبائية.

لمعرفة واقع العدالة الجبائية في المغرب، يجب التطرق الى المعيقات التي تحد من تنزيل عدالة جبائية، ويمكن تلخيص هذه المعيقات على سبيل المثال لا الحصر الى إثنين، الأول مرتبط بارتفاع الضغط الضريبي بالمغرب؛ والثاني بفضي الى التهرب الضريبي.

1 – ارتفاع الضغط الضريبي :

إن مايميز النظام الضريبي المغربي، هو ارتفاع الضغط الضريبي مقارنة مع الدول التي توجد معه في نفس درجة التقدم ” نظرا لكون الدولة المغربية ليست بدولة نفطية، بل هي دولة تعتمد بالأساس على الموارد الضريبية، بحيث أنه تبلغ مايعادل %53 من مجموع الموارد المالية للدولة، فهي تعتمد على الضرائب كمصدر مهم في التمويل “.

والملاحظ أن الأجراء هم من يتحملون ضغط ضريبي مرتفع، وهم من يتحملون ضغط ضريبي بنسبة أولى. فالأجير يؤدي الضريبة على السيارات، الضريبة على الإستهلاك، رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية…، على عكس الشخص الذي لديه دخل يومي أو شخصى يحضى بإعفاءات ضريبية، فهم لايتحملون ضغط ضريبي مرتفع وبالتالي هذا النوع هو الذي ينقل العبئ الضريبي على الأجير.

وارتفاع نسبة الضغط الضريبي تؤدي الى التهرب من أداء الضريبة.

2 – التهرب الضريبي :

الملاحظ أن هناك تفاوتات على مستوى قياس نسبة الضغط الضريبي بالمغرب، حيث هذا التفاوت يشجع في حد ذاته على ظاهرة التهرب الضريبي، حيث نلاحظ أن هناك شرائح معينة من المجتمع تعاني من ضغط ضريبي مرتفع هذا ما يدفعها الى التهرب من أداء ما بدمتها من ضرائب سواء باستعمال وسائل قانونية أم غير قانونية للتهرب ” فالنص القانوني يعتبر بحد ذاته بمتابة وسيلة للتهرب الضريبي”، ومن بين أسباب التهرب الضريبي هناك أسباب حقيقية، أفضت وشجعت الملزم على البحث في التهرب أو أداء الضريبة بأقل تكلفة ولما لا عدم أدائها أساسا، فهو يستعمل أحد الوسائل إما مشروعة أم غير مشروعة تساعده في التهرب من أداء الضريبة :

  • أسباب سياسية : مثلا الملزم في المناطق الشمالية يعتبر من الظلم أن يساهم في الإنفاق العمومي من أجل أن يستفيذ من هذا الإعفاء شخص آخر مقيم في المناطق الجنوبية، فهو غير مقتنع بهذا التوزيع غير العادل.
  • أسباب بشرية : وذلك عبر تواطؤ الإدارة الضريبية مع المصرح فيما يتعلق بالتصريحات الضريبية، فتواطؤ بعض موظفي الإدارة الضريبية يسهل المأمورية لهذا الخاضع بالتهرب من التصريح لمجموعة من العمليات الضريبية.
  • هناك أيضا عامل نفسي : حيث أنه الخدمات المقدمة للملزم مقابل تأدية الضرائب هي خدمات ضئيلة أو شبه منعدمة لا على مستوى قطاع الصحة أو التعليم…، كذلك بالنسبة للزيادة الصاروخية لثمن المحروقات، وكذا غلاء الأسعار. هناك أيضا عامل مربط بنوع الخدمات، وتواطؤ الإدارة الضريبية في خدمة المواطن رغم تنزيل القوانين الخاصة بتبسيط المساطر الإدارية والرقمنة، إلا أنه لازالت الإدارة الضريبية تعاني من مجموعة من المعيقات تعيق من تنزيل العدالة الضريبية.
  • أسباب قانونية : فالقانون بحد ذاتة يسمح للملزم ويعطي إمكانية للتهرب، فهو يمهد الطريق للملزم للتهرب بواسطة سلوك مساطر أخرى من أجل التهرب وعدم أداء الضريبية، أوسلوك بعض المساطر القانونية معينة من أجل الإعفاء من أداء الضريبية.

   وبالتالي في ضل كل هذه الأسباب والعوامل، يمكن القول على أن هناك غياب هندسة قانونية في صياغة قوانين المالية هذا ما يؤدي الى التهرب من أداء الضريبة، مايجعل النظام الضريبي المغربي غير عادل ولا يتوفر على متطلبات العدالة الضريبية.

 

رابعا : أهم التعديلات والتدابير التي جاء بها قانون المالية 2024 لتنزيل العدالة الضريبية.

تمحورت التعديلات الضريبية التي جاء بها قانون المالية لسنة 2024، حول الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على الإستهلاك والرسوم الجمركية. فبخصوص:

1 – إصلاح الضريبة على القيمة المضافة :

كما هو متوقع، عملت الحكومة المغربية في إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، في قانون المالية لسنة 2024، وهو الإصلاح الذي سيتم على مدى ثلاث سنوات من 2024 إلى 2026.

   تعميم الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمنتجات الأساسية ذات الاستهلاك الواسع :

  • توسيع نطاق الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة ليشمل جميع الأدوية والمواد الأولية الداخلة في تركيبها وكذا اللفائف غير المرجعة؛
  • إعفاء الأدوات المدرسية والمنتجات والمواد الداخلة في تركيبها؛
  • إعفاء الزبدة المشتقة من الحليب ذي الأصل الحيواني؛
  • إعفاء مصبرات السردين ومسحوق الحليب والصابون المنزلي.

 

   المطابقة التدريجية لأسعار الضريبة على القيمة المضافة للتخفيف وضمان حيادية هذه الضريبة بالنسبة للمقاولات:

  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على الماء وخدمات التطهير وكذا إيجار عداد الماء بشكل تدريجي “انتقال من 7 في المئة حاليا إلى 8 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024″؛
  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على الطاقة الكهربائية “انتقال من 14 في المئة حاليا إلى 16 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024”. وعلى إيجار عداد الكهرباء بشكل تدريجي “انتقال من 7 في المئة حاليا إلى 11 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024″؛
  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على الطاقة الكهربائية ذات المصادر المتجددة بشكل تدريجي “انتقال من 14 في المئة حاليا إلى 12 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024” ؛
  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على السكر المصفى بشكل تدريجي “من 7 في المئة حاليا إلى 8 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024″؛
  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على السيارة الاقتصادية “من 7 في المئة حاليا إلى 10 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024″؛
  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على عمليات نقل المسافرين والبضائع بشكل تدريجي “من 14 في المئة حاليا إلى 16 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024″؛
  • مطابقة سعر الضريبة على القيمة المضافة المطبق على الخدمات المؤداة لمقاولات التأمين من طرف كل عون أو وسيط أو سمسار بشكل تدريجي “من 14 في المئة حاليا إلى 12 في المئة اعتبارا من فاتح يناير 2024″؛

 

   إدماج القطاع غير المهيكل وترشيد الامتيازات الضريبية :

  • إحداث نظام التصفية الذاتية للضريبة على القيمة المضافة؛
  • إحداث نظام جديد لحجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع على العمليات المنجزة من قبل موردي السلع والأشغال الخاضعين للضريبة؛
  • إعادة إدراج إلزامية الاحتفاظ لمدة خمس سنوات بأموال الاستثمار المقيدة في الأصول الثابتة؛
  • مراجعة نظام الضريبة على القيمة المضافة المطبق على أموال الاستثمار المقتناة من طرف مؤسسات التعليم أو التكوين المهني؛
  • إحداث مبدأ تضامن مسيري المقاولات في مجال الضريبة على القيمة المضافة.

   تدابير للملاءمة وتوضيح قواعد الوعاء :

  • توضيح النظام الضريبي المطبق على الإيجارات الواقعة على العقارات فيما يخص الضريبة على القيمة المضافة؛
  • مراجعة الغرامة المطبقة في حالة إيداع إقرار دائن بعد انصرام الأجل القانوني؛
  • توضيح فترة التقادم المرتبطة بممارسة الحق في الخصم؛
  • الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة في الداخل بالنسبة للأتاوى والحقوق المرتبطة بالترخيص التي تدخل قيمتها في المبلغ الخاضع للضريبة على القيمة المضافة حين الاستيراد؛
  • تحيين قائمة المواد والتجهيزات المستعملة في تنقية الدعم المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة في الداخل وحين الاستيراد؛
  • توسيع الاعفاء من الضريبة على القيمة المضافة ليشمل الخدمات المتعلقة بالمعدات والتجهيزات العسكرية المقتناة من طرف الأجهزة المكلفة بالدفاع الوطني والأجهزة المكلفة بالأمن والحفاظ على النظام العام.

 

وتماشيا مع مستجدات التجارة الإلكترونية، فتم توسيع تطبيق الضريبة على القيمة المضافة ليشمل التجارة الإلكترونية، حيث يتعلق الأمر بمراجعة لقواعد إقليمية الضريبة، بحيث يتم دفع الضريبة حسب مكان إقامة مستهلك الخدمات الرقمية، وفقا للمعايير الدولية. وسيطلب من مقدمي الخدمات عن بعد تقديم هويتهم إلى مصلحة الضرائب، بالإضافة إلى الالتزام بالتصريح عن رقم المعاملات المحقق في المغرب.

2 – مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية.

من خلال تنزيل الورش الملكي للحماية الاجتماعية، وذلك عبر مواصلة تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، لفائدة الفئات المعوزة، وذلك بموازاة مع التنزيل التدريجي للدعم الاجتماعي المباشر بداية من نهاية السنة الجارية، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالسجل الاجتماعي الموحد، كما أكد على ذلك جلالة الملك في خطاب افتتاح البرلمان. كما يستهدف هذا البرنامج 60 في المائة من الأسر المغربية غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي. ونظرا لأهمية هذا الورش الملكي المجتمعي الكبير، وتجسيدا للعناية الكريمة التي يوليها جلالة الملك، أعزه الله، للأسر الفقيرة والهشة، من المقرر ألا تقل قيمة الدعم الاجتماعي المباشر عن 500 درهم، لكل أسرة مستهدفة، كيفما كانت تركيبتها.

وتمت مواصلة إصلاح المنظومة الصحية وإصلاح المدرسة العمومية من خلال إيلاء أهمية بالغة لكل من التلميذ والمعلم والمدرسة وذلك باعتبارها إحدى ركائز الدولة الاجتماعية، وتنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية والنهوض بالإصلاحات الهيكلية ومواصلتها، حيث:

  • سيتم تخصيص ملياري (2) درهم لتنزيل الرؤية الملكية المتعلقة بدعم السكن؛
  • ورصد خمسة وعشرون (25) مليار درهم لتمويل برنامج الحماية الاجتماعية؛
  • كما ثم إصلاح منظومة التربية والتكوين بتخصيص مبلغ إضافي يقدر بخمسة (5) ملايير درهم لسنة 2024 مع مواصلة تنزيل خارطة طريق التعليم الأولي؛
  • إضافة الى الرفع من ميزانية قطاع الصحة والحماية الاجتماعية لتصل إلى 30.8 مليار درهم سنة 2024؛
  • وكذا تخصيص مبلغ ثمانية عشرة (18) مليار درهم لتدبير إشكالية ندرة المياه؛
  • إلى جانب الرفع من حجم الاستمارات العمومية إلى ثلاث مئة وخمسة وثلاثون (335) مليار درهم مقارنة بسنة 2023 منها 118 مليار درهم مصدرها الميزانية العامة للدولة.

بمقابل هذا الإصلاح الضريبي التدريجي لهذه الضرائب، فهي تأتي في سياق صعب جدا، حيث هناك صدمة تضخمية، والمغرب اليوم لن يتعافى بعد من آثار مابعد جائحة كورونا، وهناك قدرة شرائية تسببت في ضغط كبير على المواطنين.

“فبالتالي كيف ساهمت هذه الزيادات في تنزيل مبدأ العدالة الضريبية ؟”

 

خامسا : واقع العدالة الجدبائية، ومستجدات قانون المالية لسنة 2024.

منذ انعقاد المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات في شهر ماي 2019 بالصخيرات، وما صدر منها من توصيات في محاولة ترجمة هذه التوصيات على مستوى قوانين المالية السابقة، إضافة الى الإصلاح الجبائي من خلال إصدار قانون الإطارلسنة 2021. جاء قانون المالية لسنة 2024 الذي شهد مجموعة من الإصلاحات الضريبية على شكل زيادات أو تخفيضات كما رأينا من قبل، فهي همت مجموعة من السلع و الأنشطة والخدمات، وخصوصا الضريبة على القيمة المضافة والتي شهدت تغييرات تمت على مدى ثلاث سنوات وماتنعكسه على القدرة الشرائية للمواطنين وتكريس غياب عدالة ضريبية.

ويبقى التساؤل مطروح، هل بالفعل جاء قانون المالية لسنة 2024، لترجمة فعلية لمبدأ العدالة الضريبية كما جاء في المناظرة الوطنية للجبايات و المقتضيات التي جاء بها النموذج التنموي الجديد ؟

انكبت النقاشات بالأساس على طريقة التي أنزل بها مفهوم العدالة الضريبية، وكذا الإصلاح الضريبي فيما يخص الضريبة على القيمة المضافة، حيث اعتمدت الحكومة في قانون المالية لسنة 2024 على مراجعة النسب المتعلقة بهذه الأخيرة، وتعتبر من الضرائب الغير مباشرة ومن مميزاتها أنها ضريبة تراكمية، فهي تؤدى على القيمة المضافة بالنسبة للمنتج وصولا الى المستهلك.

ومن خلال الرفع التدريجي في الضرائب غير مباشرة والرفع من الضريبة على القيمة المضافة وكذا السياسة الجبائية التي جاء بها قانون المالية لسنة 2024، يمكن طرح تساؤل حول هل هناك اليوم توازن بين التخفيضات والزيادات التي حصلت؟ وفي نفس الوقت حين نتحدث عن القدرة الشرائية للمواطنين، وما تم رفعه الى حدود الساعة من ضرائب في الماء والكهرباء الى غير ذلك في نقل البضائع والمسافرين، حيث وصلت النسبة من 14% الى 20% حيث ان هذه الزيادة المرتقبة سوف تنعكس على المواطن بدرجة أولى، وكذلك ما حدث في الإرتفاع الصاروخي الذي عرفته الخضروات والمواد الأساسية للمعيشة.

 

فعلى الرغم من الإعفاءات التي ستطال الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لمجموعة من المنتجات وأهمها المنتجات الصيدلية، وهذه نقطة إيجابية جاء بها المشرع الضريبي المغربي، بالإضافة الى الأدوات المدرسية الى غير ذلك من المواد الإستهلاكية ذات الإستهلاك الواسع إلا أنه في المقابل حاول أن يتبنى الرفع من أسعار الضريبة على القيمة المضافة خلال الفترة الممتدة مابين 2024 و 2026.

ففي ضل  هذه الزيادات التي نتحدث اليوم مع ما تم نقصه من مواد أخرى، حيث يعتبر الأجير والمواطن العادي من أكبر المتضررين من خلال هذه السياسة الجبائية التي تضمنها قانون المالية لسنة 2024، فالدولة هي في حاجة ملحة الى تمويلات خصوصا أن هناك مجموعة من المقتضيات ومجموعة من الأوراش والمشاريع الكبرى تحتاج الى موارد مالية مهمة.

وفي ضل غياب تام لتوسيع الوعاء الضريبي نلاحظ أن مشروع قانون المالية لسنة 2024، بقي محصور فقط في الضريبة على القيمة المضافة، فهي ضريبة على الإستهلاك بامتياز ويؤديها في آخر المطاف المستهلك ألا وهو المواطن. في حين نجد أن هناك بعض القطاعات التي لاتؤدي هذا النوع من الضرائب مثلا، “الضرائب الرأسمالية، فهي غير موجودة، وليست هناك أيضا ضريبة على الثروة، وضريبة على الإرث”، فهي كلها ضرورية وثم النقاش لإحداثها في المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات مع إدماج القطاعات المعفية، من أجل تخفيف العبئ الضريبي، فهو مبدأ أساسي لتحقيق العدالة الضريبية.

ونظرا للأزمات التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة، إضافة الى زلزال الحوز، هناك أيضا النهوض بالمسألة الاجتماعية، وهناك أوراش كبرى اجتماعية تبنتها الدولة في الآونة الأخيرة، وكل هاته الأوراش والمشاريع تحتاج الى تمويل والى موارد مالية مهمة، والمغرب لايتوفر على الموارد الكافية لتمويل هذه المشاريع، هذا مايدفع المشرع للجوء الى خلق زيادات على مستوى الضريبة الغير مباشرة أو اختيار البحث عن الأموال السهلة وهي الزيادة على الموظف أو الأجير وكذا على مواد الإستهلاك.

 

والملاحظ أن السياسة الجبائية التي اعتمدها مشروع قانون المالية لسنة 2024، بزيادة أسعار مجال الماء والكهرباء والنقل، تحيلنا للقول أننا نحن اليوم أمام تضخم في ضل ارتفاع الأسعار. اذن وبالتالي أي سياسة و أي ارتفاع في نسب الضريبة على القيمة المضافة هو صحيح سوف يساعد على توفير مداخيل مهمة لفائدة خزينة الدولة، ولكن هذا الإجراء سوف ينعكس على القدرة الشرائية وسوف يساعد على تكريس غياب عدالة جبائية.

ومع الأسف مشروع قانون المالية لسنة 2024، ضل مشروع يحتوي على مقتضيات ومواد السنوات المالية السابقة وليس هناك أي ابداع في المحتوى المتعلق بتنزيل العدالة الجبائية، وبالتالي الإجراءات التي كانت في السنوات الماضية لازالت سارية المفعول، وكل هذه التعديلات تبقى غير كافية لتنزيل مبدأ العدالة الجبائية.

 

الإحالات والمراجع:

[1]  مفهوم الضريبة: الضريبة هي اقتطاع نقدي إجباري، يؤدى بدون مقابل، وتفرضه الدولة بواسطة هيئاتها المتخصصة (الإدارة الضريبية)، على الأشخاص الذاتيين والمعنويين، وتدفع بصفة نهائية وبدون مقابل.

[2]  الماد الأولى من القانون التنظيمي 130.13 لقانون المالية.

قد يعجبك ايضا