المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم بين المخاطر الصحية والبيئية وفرص العمل من خلال عوائد إعادة التدوير

المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم

بين المخاطر الصحية والبيئية وفرص العمل من خلال عوائد إعادة التدوير

الدكتور محمد البغدادي

باحث في العلوم القانونية

بكلية الحقوق بطنجة

المقدمة    

تتصاعد التحذيرات والتنبيهات والإنذارات من حجم الخطر المتنامي للمخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم بالتوازي مع زيادة الطلب سنويا على الهواتف الذكية والأجهزة الالكترونية مثل المعدات الكهربائية والإلكترونية والهواتف والحواسب المحمولة والبطريات والثلاجات وأجهزة الاستشعار وأجهزة التلفزيون ، وهذا ما اتضح جليا من خلال تقرير المنتدى الدولي لنفايات الأجهزة الإلكترونية والكهربائية الذي أكد على جبل النفايات الإليكترونية والكهربائية إزاء اليوم العالمي للنفايات الالكترونية بتاريخ 14 أكتوبر 2022 ، بما في ذلك الغسالات والمحامص وأجهزة تحديد المواقع التي سترتفع إلى 74.7 مليون طن بحلول العام 2030، تماشيا مع حجم المخاطر الصحية والبيئية للنفايات الإلكترونية والكهربائية في ظل عالم يشهد صراعا على الثروات والنفوذ والأبعاد الجيو استراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند[1]، هذا فضلا عن أن التقرير أكد على أن إجمالي عدد النفايات الإلكترونية سنة 2021 57.4  مليون طن في جميع أنحاء العالم، أما عام 2020 سجل عدد النفايات الإلكترونية 53.6 مليون طن متري من مخلفات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي تم توليدها في عام 2019، كما أن جامعة الأمم المتحدة تقدر في دراسة حديثة أن العالم أنتج حوالي 46 مليون طن من النفايات الإلكترونية عام 2014.[2]

ويراد بالمخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم على أنها مخلفات ناجمة عن المعدات الإلكترونية والأجهزة الكهربائية والتي تنتشر في مختلف أرجاء العالم .[3]

ونظرا لأهمية ومكانة موضوع المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم في زعزعة السلم والأمن الصحي والبيئي، فإن الإشكالية المحورية تتمثل فيما يلي:” كيف يمكن التخلص من المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم؟.

وتحت هاته الإشكالية المركزية تتفرع عنها التساؤلات التالية: ما هو حجم مخاطر المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم؟ وماهي فرص العمل من خلال عوائد إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والكهربائية؟.

ولمقاربة هذا الموضوع، ارتأينا الاعتماد التقسيم التالي:

المبحث الأول: حجم مخاطر المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم

المبحث الثاني: فرص العمل من خلال عوائد إعادة تدوير المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية

 

المبحث الأول: حجم المخاطر المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في العالم 

من المؤكد أن المخاطر الصحية والبيئية للمخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية لها تداعيات وتبعات كبرى على مختلف مناحي الحياة، وذلك في ظل عالم يتسم بالتطور الالكتروني والتقدم التكنولوجي والتقني والعلمي من خلال عولمة اقتصاد المعرفة وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وعليه، سوف نتطرق إلى التأثيرات الصحية للمخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في المطلب الأول والتأثيرات البيئية للمخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول: التأثيرات الصحية للمخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية

يواجه العالم مشكلة خطيرة تتعلّق بالمخلفات الإلكترونية في السنوات المقبلة، إذ أكد المنتدى الدولي للنفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية أن 5.3 مليارات هاتف محمول سيذهب إلى مكبات النفايات في عام 2022 وحده، وهذا يسلط الضوء على أنها واحدة من “تيارات النفايات الأسرع نموا والأكثر تعقيدا والتي تؤثر على صحة الإنسان والبيئة، حيث يمكن أن تحتوي على مواد ضارة”.

وتشير ستطلاعات أجرتها منظمة Material Focus إلى أنه يتم حاليا، في بريطانيا، تخزين أكثر من 20 مليون عنصر كهربائي غير مستخدم ولكن يعمل، بقيمة تصل إلى 5.63 مليار جنيه إسترليني، في المنازل.

ووفق الحسابات، فإن الأسرة المتوسطة في بريطانيا يمكنها بيع التكنولوجيا غير المرغوب فيها وجمع حوالي 200 جنيه إسترليني. وتقدم حملة المنظمة عبر الإنترنت نصائح، بما في ذلك مكان العثور على مراكز إعادة التدوير.

ويقول باسكا ليروا إنه يمكن عمل الكثير، مضيفا “إن توفير صناديق التجميع في محلات السوبر ماركت، واستلام الأجهزة الصغيرة المكسورة عند تسليم الأجهزة الجديدة وتقديم صناديق شحن لإعادة النفايات الإلكترونية الصغيرة ليست سوى بعض المبادرات التي تم تقديمها لتشجيع إعادة هذه العناصر”.

وتجدر الإشارة إلى أن إلقاء هذا الكم من النفايات الإلكترونية سيعني أن الكثير من المعادن الثمينة التي لا يمكن استخلاصها من نفايات الأجهزة –مثل الكانيون والرصاص وأوكيسد الرصاص والأنتيمون والزئبق والنكيل والنحاس في الأسلاك أو الكوبالت في البطاريات القابلة لإعادة الشحن- يجب أن يتم تعدينها وهو أمر يتسبب في تلويث المجال الصحي والبيئي، هذا فضلا عن أن هناك 57.5 مليون طن من النفايات في سنة 2021 حسب ما أكده المنتدى الدولي للنفايات الالكترونية والكهربائية[4].

 

المطلب الثاني: التأثيرات البيئية للمخلفات والنفايات الالكترونية والكهربائية

أكد المنتدى الدولي لنفايات  الأجهزة الالكترونية والكهربائية الذي يستند على بيانات التجارة الدولية يلقي الضوء على المشكلات البيئية المتصاعدة بسبب المخلفات الإليكترونية. وتشير الأبحاث إلى أن الكثير من الناس يحتفظون بالهواتف القديمة بدلا من إعادة تدويرها. والمعادن الثمينة غير المستخرجة من نفايات الإلكترونيات، مثل النحاس الموجود في الأسلاك أو الكوبالت في بطاريات يعاد شحنها ، يتم استخراجها من مصادر طبيعية. 

وفيما تشير التعليقات الواردة من الدول الأعضاء خلال فترة المشاورات بأن معظم الدول الأعضاء تؤيد الاقتراح السويسري الغاني بشأن النفايات الإلكترونية. إلا أن بعض البلدان أعربت عن قلقها من أن هذه الخطوة قد تكون لها عواقب غير مقصودة على التصدير المشروع للمعدات الكهربائية والإلكترونية المستعملة لأغراض الإصلاح والتجديد. إذ أفادت زمبابوي إن “العديد من البلدان النامية تستورد منتجات كهربائية مستعملة (أجهزة الراديو والتلفزيون والحواسيب وما إلى ذلك). وإذا كانت هذه الممارسة قانونية وتساعد على دعم الاقتصاد المحلي، فإنه من الضروري التمييز بين الواردات من الخردة والنفايات وما يتم استيراده لإعادة استخدامه”.[5]

 

المبحث الثاني: فرص العمل من خلال عوائد إعادة تدوير النفايات الالكترونية والكهربائية

من البديهي أن المخلفات والنفايات الإلكترونية والكهربائية لها جوانب إيجابية من خلال العمل على توفير فرص العمل من خلال إعادة تدوير هذه الثروة الإلكترونية حسب ما أكده المنتدى الدولي للنفايات الإلكترونية والكهربائية.

وتبعا لذلك، سوف نتناول ضرورة إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والكهربائية في المطلب الأول و عوائد تدوير النفايات الالكترونية والكهربائية في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول: ضرورة إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والكهربائية من الواضح جدا أن الخطوات المتبعة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية والكهربائية تتمثل في المراحل التالية:

1-المرحلة الأولية: يقوم مختصو إعادة التدوير بفصل الهواتف المحمولة القابلة لإعادة الاستخدام، وإرسالها إلى بعض الدول النامية. أما الهواتف الأخرى، فيبدؤون بإعادة التدوير. بداية يقومون بفصل البطاريات وغالبًا ما يتم إرسال البطاريات إلى الأقسام التي تعيد التدوير. بعد ذلك، يبدأ تحطيم الهواتف المحمولة، ثم يقومون بتسخين الهواتف المحطمة لدرجة حرارة قد تصل إلى 1100 درجة مئوية.

2-المتابعة: بعد تسخين الهواتف المحمولة المحطمة، يقوم مختصو إعادة التدوير بمعالجة المادة المنصهرة باستخدام بعض المواد الكيميائية القوية. ويؤدي هذا غالبًا إلى تحويل الهواتف المحمولة إلىغبار.

بعد ذلك يقومون باستخراج المنتجات المعدنية المهمة، ثم يتم إعادة توجيه هذه المواد المعدنية إلى أشياء أخرى. بالنسبة للمواد البلاستيكية، فيتم تحبيبها وتشكيلها في مواد أخرى.

3-المرحلة النهائية: بعد إزالة هذه المواد المختلفة، يقوم المصنّعون بعد ذلك بنقلها إلى أقسام إعادة التدوير المختلفة. وهنا يتم استخدامها لصنع أشياء مختلفة لإعادة استخدامها. وإذا تم استخدامها لصنع أشياء تتلامس مع المواد الغذائية، فيتم إزالة السموم منها أولاً.

وينبغي الإشارة إلى أن يتم إعادة تدوير ما يزيد قليلا عن 17 في المائة من النفايات الإلكترونية في العالم بشكل صحيح، لكن الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة حدد هدفا لرفع ذلك إلى 30 في المئة بحلول العام المقبل.[6]

 

المطلب الثاني: عوائد تدوير النفايات الالكترونية والكهربائية

فاقت كمية النفايات الالكترونية حجم سور الصين العظيم في 2021 ووصلت إلى 57 مليون طن، 12% منها هواتف نقالة قديمة، وذلك وفقا لتقرير حديث نشره منتدى النفايات الالكترونية والكهربائية الدولي. وحسب دراسة قامت بها شركة فودافون للهواتف النقالة بالتعاون مع YouGov فإن ما يقرب من 5 ملايين شخص في بريطانيا يرمون هواتفهم القديمة في النفايات بدلاً من أن يعيدوا تدويرها أو يستبدلوها بأخرى. كما وجدت الدراسة أن حوالي 60% من البيوت في بريطانيا يمتلك أفرادها أكثر من هاتف نقال قديم ملقى في مكان ما في المنزل ولا يستخدمه أحد. وتضيف شبكة عمل بازل إنه “في كثير من الأحيان يثبت عدم صحّة الادعاءات وإنه يتم ببساطة كبّ المواد أو اكتشاف أنها غير قابلة للإصلاح.”

وقدّم الاتحاد الأوروبي أيضا اقتراحا يدعو إلى إنشاء فئة جديدة من النفايات تسمى “نفايات لأغراض التحضير لإعادة الاستخدام”. وتشمل هذه الفئة جميع المواد التي ينتهي بها المطاف في مراكز جمع القمامة في الدول المتقدّمة ثمّ يتم تصديرها بهدف تجديدها أو إصلاحها لإعادة استخدامها في بلدان المقصد.

ومن الناحية النظرية، سيؤدي استحداث هذه الفئة إلى توسّع في أنواع المنتجات والمعدات المستعملة التي تصنف على أنها نفايات، مما يجعلها خاضعة لنطاق اتفاقية بازل. ويتخّذ اقتراح الاتحاد الأوروبي مسارا مختلفا قليلا مقارنة بالاقتراح السويسري الغاني، إذ أنه يُركّز على إمكانية إعادة الاستخدام. إلا أن بعض الدول الأعضاء قد تراه يتجاوز حدود المعقول. وعلى كل حال، يتطلب إدخال تعديلات على الاتفاقية الموافقة بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات الدول الأعضاء.

ويؤكّد فيرتلي: “تدرك بلدان المقصد آثار النفايات الإلكترونية وتريد وضع حلول لها”، ويتدارك قائلا: “إلا إنها قضية حساسة لأنها تطال مصالح اقتصادية ووظائف معنية”.

وتقدّر القيمة الاقتصادية للنفايات الإلكترونية بنحو 62.5 مليار دولار سنويا، وهو أكبر من الناتج المحلي الإجمالي في 123 دولة. وللعلم، فإن كمية الذهب المُستخرجة من طن من الهواتف الذكية هي أكبر من تلك المستخرجة من طن من خام الذهب.

أمّا عدد العاملين في قطاع النفايات الإلكترونية غير النظامي فهو غير معروف، إلا أن منظمة العمل الدولية تقدّره بحوالي 000 690 في الصين وما يصل إلى 000 100 في نيجيريا.

وسيطرح مقترح الاتحاد الأوروبي والمقترح السويسري الغاني للمناقشة في شهر يوليو. وسيعتمد نجاحهما على موافقة البلدان المستوردة للنفايات الإلكترونية في

الأجزاء الأكثر فقرا من العالم. ويبدو فيرتلي متفائلا إذ يقول: “اقتراحنا ليس الحل المثالي، ولن يُعالج جميع قضايا النفايات الإلكترونية، ومع ذلك، فهو خطوة إضافية ولكنها مهمة في الاتجاه الصحيح نحو اقتصاد دائري، وإن لديه فرصة للحصول على الموافقة”.ويتم إعادة تدوير ما يزيد قليلا عن 17 في المئة من النفايات الإلكترونية في العالم بشكل صحيح، لكن الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة حدد هدفا لرفع ذلك إلى 30 في المئة بحلول العام المقبل.

ففي أفريقيا وآسيا توجد أمثلة عديدة على مكبات ضخمة للنفايات الإلكترونية لكن لم يوثق أحد رسميا من أين وكيف تصلها هذه النفايات. وفي البلدان المتقدمة، قد يتم التعامل مع جبال من النفايات الإلكترونية غير الموثقة أو معالجتها بمعايير متدنية.[7]

 

الخاتمة:

وترتيبا على ما سبق، يتضح أن المخلفات والنفايات الإلكترونية تعد مشكلة متنامية على نطاق عالمي، لا يوجد في البلدان كل على حدة مقياس أو مؤشر موحد للنفايات الإلكترونية. غير أن عددا من البلدان المتقدمة والنامية على السواء قد بدأ بالفعل في جميع بيانات مهمة تتعلق بالإحصاءات عن النفايات الإلكترونية.

وفي محاولة لوضع معايير موحدة لكل البلدان، أعلنت الأمم المتحدة حديثا إطارا للمقاييس اقترحته شراكة قياس تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أجل التنمية. وتضم الشراكة في عضويتها الاتحاد الدولي للاتصالات ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ومجموعة البنك الدولي. ويعمل فريق بقيادة هذه الشراكة وجامعة الأمم المتحدة حاليا على بيانات إحصائية موحدة متكاملة وموثقة ومصادر أخرى لبيانات غير إحصائية لإدراجها في إحصاءات النفايات الإلكترونية. ويؤثر هذا الإطار على أهم العناصر في سيناريوهات التخلص من النفايات الإلكترونية حول العالم. ويمكن الاطلاع على العرض العام الكامل لمنهجية الشراكة في هذه الإرشادات.

ورغم أن تصنيف النفايات الإلكترونية مستقل في هذه المرحلة، فهو يرتبط بالعديد من مصادر البيانات ونماذج البيانات، مثل توصيف السلع الموحد، ونظام التشفير، وتوجيه الاتحاد الأوروبي بشأن الأجهزة الإلكترونية والكهربية. وتعمل المعايير في إطار المقاييس ووظيفة التصنيف مثل العمود الفقري لعملية جمع البيانات ومن ثم إتاحة الفرصة لقياس هذه التدفقات.

 

لائحة المراجع:

الكتب:

  • سمية إسماعيل قايد، النفايات الإلكترونية، مطبعة دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع ،طبعة: يناير 2012.

 

الوثائق الرسمية:

  • دراسة المنتدى الدولي لنفايات الأجهزة الإلكترونية والكهربائية لسنة 2022
  • دراسة جامعة الأمم المتحدة للنفايات الإلكترونية لسنة 2014.

 

الإحالات:

[1] سمية إسماعيل قايد، النفايات الإلكترونية، مطبعة دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع ،طبعة: يناير 2012، ص:1

[2] دراسة جامعة الأمم المتحدة للنفايات الإلكترونية لسنة 2014.

[3] سمية إسماعيل قائد، المرجع السابق، ص: 2.

[4] دراسة المنتدى الدولي لنفايات الأجهزة الإلكترونية والكهربائية  لسنة 2022.

[5] دراسة المنتدى الدولي لنفايات الأجهزة الإلكترونية والكهربائية  لسنة 2022.

[6] دراسة المنتدى الدولي لنفايات الأجهزة الإلكترونية والكهربائية لسنة 2022.

[7] دراسة جامعة الأمم المتحدة للنفايات الإلكترونية لسنة 2014.

قد يعجبك ايضا