أزمة مصطلح : مدونة الأسرة لا مدونة المرأة

يوسف بنشهيبة

طالب باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

جامعة القاضي عياض مراكش.

 

أكثر ما يقتل المصطلحات ويفقدها الغاية التي وجدت من أجلها، ومهما شكل تنوع استخدام المصطلحات سواء في المجال (الاقتصادي، الإجتماعي، السياسي، القانوني، الطبي …) وهو إعطاء وتحميل المصطلح أكثر من تفسير بشكل يتم معه تحريف المصطلح عن الهدف والغاية التي وجد من أجلها، هو إفراغ المصطلح من الروح، هو عقم بلا شك بشكل يتم معه نزع مهمة إنتاج المعرفة فالمصطلح هو منتج للمعلومة وللمعرفة.

يتم تسويق التفسير الجديد للمصطلح الذي هو نتاج تفسير شخصي غير علمي بتاتا على أنه هو التفسير الصحيح والسليم، وتنساق الجماعة نحو التفسير الجديد وتؤمن به إيمانا مطلقا مقدسا، الجماعة التي فقدت الوعي وسؤال الشك والبحث جماعة خالية من العقل، جماعة تتميز بقوة عمياء.

وهذا ما نلمسه من خلال مصطلح مدونة الأسرة الذي تم معه تحريف هذا المصطلح واستبداله بمدونة المرأة فهذا تفسير خاطئ وتحريف بمجهود شخصي، وأتفق معك إذا قلت أنه يخدم أهداف شخصية لأناس معينين.

متى كان المصطلح والتسمية الأصل هي مدونة الأسرة فقد كان المقصود وهو التعميم والشمولية لتنظيم الحياة الأسرية، أي أن هذه المدونة أريد بها خدمة الأسرة بشكل عام وشامل، بغض النظر على من يقول أن هذه المدونة خصصت جانبا لحماية الطفل وتحقيق مصلحته الفضلى، وحماية المرأة بالدرجة الأولى، إلا أن المدونة كما ذكرنا سابقا تخدم بشكل عام كل مكونات الأسرة بدون تخصيص أو تمييز فئة عن أخرى.

عالجت مدونة الأسرة من باب الذكر لا الحصر إشكالات مختلفة كالخطبة، والزواج، والطلاق، والحضانة والنفقة.

أما التسمية الجديدة (مدونة المرأة) فقد كان الهدف منها إيهام الناس على أن مدونة الأسرة تخدم مصلحة المرأة (الخطيبة، الزوجة، الطليقة) فقط وتمارس حسب اعتقاد هذه الفئة التمييز والإجحاف في حق الخطيب، الزوج، الطليق)، بل أكثر من هذا مدونة الأسرة جاءت فقط لتمارس نوعا من الضغط والقهر على الزوج ولا يبقى لهذا الأخير إلا الصبابة.

وهنا نقف دائما على نقطة مهمة جدا، وهي مدى أهمية أن يكون القارئ أو المتصفح له عقل مستقل لا ينساق إلى ما تنساق إليه الجماعة الخالية من قوة العقل، فكلما استسلمت الجماعة للغير يفقد عقلها تدريجيا نعمة الاستقلال والتحليل والشك والبحث وكل الأساليب والقدرات التي تمكنها من الوصول إلى عين الحقيقة.

ولا ننسى أن من ينشر المصطلح الجديد (العقيم) الذي هو عبارة فقط عن مزيج من التفسيرات والتحليلات الخاطئة، فهو بالفعل يتمتع بقدرة كبيرة على جذب الجمهور، كما أن المتناقلين للمصطلح العقيم بين أفراد المجتمع يتوقف مدى نجاح المصطلح العقيم على مدى قدرتهم من نقله إلى الأفراد الآخرين بشكل مبسط وسهل في قالب مثال من الواقع وهنا يكمن سر وصفة كعكة ازمة مصطلح.

قد يعجبك ايضا