الطلاق والتطليق في مدونة الأسرة: الحصيلة والآفاق

عبــدالمــــومن الصويـت

محام لدى هيئة المحامين بالقنيطرة مقبول لدى محكمة النقض

طالب باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام

جامعة عبد المالك السعدي طنجة

ملخص البحث:

     يمكن القول أن ظاهرة الطلاق والتطليق من الظواهر  الإجتماعية  التي لازمت المجتمعات البشرية على مر العصور  بسبب الإختلاف الحاصل بين طرفي العلاقة الزوجية  الرجل والمراة، ومع تطور أشكال الإختلاف تصاعدت نسب الطلاق ما حذى بالمشرع الى مواكبة هذا التحول من خلال تعديل قوانين الأسر.

وإذا كانت مدونة الأسرة بالمغرب جاءت نتيجة تفاعل بين مختلف أطياف  المجتمع، واستجابة لضرورة انخراط المغرب في كونية حقوق الإنسان، فإن التساؤل يثار  ـــــ وبعد عشرين سنة من التطبيق ــــــ حول مقتضياتها  خاصة المرتبطة منها بإنحلال  العلاقة الزوجية  كيف نظمت مسطرتي الطلاق والتطليق والإشكالات العملية التي تواجه هاته المساطر والمتدخلون فيها ثم مستقبل الصلح لترميم ما تبقى من الأسرة من أجل رسم أفق لتعديلها ، خاصة بعد تعيين لجنة المراجعة من طرف جلالة الملك  في الآونة الأخيرة.

 

المقدمة:

إن إصلاح قضايا الأحوال الشخصية والأسرة عموما مسألة صعبة ومعقدة وشائكة في كل المجتمعات، وتبقى من القضايا ذات الراهنية الدائمة والمتأرجحة ، نظرا لارتباطها بالقيم الدينية والثقافية وبالتحولات المجتمعية والمؤشرات السياسية . [1]

ولعل الحديث عن ذلك يحيل مباشرة على السياقات التي ظهرت فيها مدونة الأسرة ، سواء في بعدها الدولي الذي تمت فيه التوجهات العولمية بشكل سريع حيث أضحت مسائل إصلاح قانون الأسرة تصاغ على نحو متزايد في لغة حقوق الإنسان وربطها بالنقاش الدولي الأوسع حول حقوق المرأة خاصة  [2] وبرزت فيه المسألة الحقوقية وفي صورتها الكونية ، أو بعدها الوطني الذي يشكل بدوره انعكاسا  لتلك الحالة العالمية حيث نما النفس الحقوقي بشكل متسارع ، مما أصبح معه لزاما إعادة سيارغة  المنظور المجتمعي لمسألة الأحوال الشخصية لتتحول بعد تعديلها وفق الرؤية المجتمعية الجديدة إلى مدونة الأسرة [3]  .

فمدونة الأسرة لا مراء  أنها ثمار نضال ومثابرة وحرص من طرف مختلف تشكيلات المجتمع المغربي ، علماء ،باحثين ،ممارسين قضائيين ،جمعيات حقوقية ،أحزاب وهيئات مهنية ، نظرا للقناعة التي تولدت  لدى الجميع بأن مدونة الأحوال الشخصية لم تعد تساير في العديد من مقتضياتها التطور الحاصل في المجتمع ، واقع كان بمثابة الدافع الفعلي وراء انفتاح اللجنة الاستشارية المكلفة بتعديل المدونة على مختلف النقاشات المجتمعية التي خلفتها خطة إدماج المرأة في التنمية والتي توجت في شكل مقترحات شكلت الأرضية لإصدار مدونة الأسرة سنة 2004.

وإذا كان الهدف من المدونة هو إقرار سلم إجتماعي في الخلية الأسرية التي تعتبر هي الأساس لإصلاح المجتمع والحفاظ على تماسكه واستقراره ، باعتباره مؤسسة اجتماعية لها دور أساسي وفعال في التنمية [4]   فإن الواقع بعد 20 سنة من التطبيق من حيث هو قانون ، وحسب إحصائيات وزارة العدل التي أشارت إلى أن حالات الطلاق والتطليق بالمغرب ناهزت 300000 حالة بمعدل 800 حالة في الشهر 54 في اليوم يطرح أكثر من سؤال حول مدى نجاح مدونة الأسرة في إقرار ذلكم السلم الاجتماعي؟.

والسلم الاجتماعي داخل الأسرة يتداخل  فيه النفسي بالإجتماع ، الثقافي بالإقتصادي والقانوني،  حيث ينتهي هذا التداخل مرارا بإنهاء العلاقة الزوجية أو ما يصطلح عليه بالطلاق أو التطبيق ، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع الذي ينقل إلى قاعات المحاكم.

وإذا كانت مساطر الطلاق والتطليق التي جاءت بها مدونة الأسرة كانت تشكل فتحا مبينا مقارنة مع مدونة الأحوال الشخصية ، لأنها أقرت بمبادئ حقوقية كبرى كالمساواة وعدم التمييز في أفق ملائمة التشريع الوطني مع التشريع الدولي لحقوق الإنسان ، فإنه الآن مع ارتفاع حالات الطلاق والتطليق يطرح حولها أكثر من سؤال من حيث الحصيلة والآفاق.؟

من هنا تكمن أهمية الموضوع ، لأنه ينير الطريق ويضع الأصبع على الداء،  من خلال إثارة بعض الإشكاليات التي تواجه مساطر الطلاق والتطليق وسبل تجاوزها ، إلى رصد المؤسسات المتدخلة  فيها لإنقاذ ما تبقى من الأسرة ولو عبر مؤسسات لإصلاح ذات البين ،إن المغرب تجاوز دولة القانون   [5] ويتطلع إلى دولة المؤسسات [6] التي تبرز فيها المؤسسات ندا إلى جانب إرادة الدولة بشكل تكاملي من أجل معالجة الظواهر التي تهدد المجتمع ومنها الطلاق والتطليق.

لذلك إشكالية موضوع ” الطلاق والتطليق في مدونة الأسرة الحصيلة والآفاق ” تثار حول مدى نجاح مؤسسات الإصلاح في إنقاذ العلاقات الأسرية بالمغرب.

إشكالية تتفرع عنها جملة من الأسئلة من قبيل :

ماهي الإجراءات المسطرية للطلاق؟

ما هي الإجراءات المسطرية للتطليق؟

ما هي المؤسسات التي تتدخل في مساطر الطلاق والتطليق؟

كيف هو  تدخل النيابة العامةفي هاته المساطر ؟

ما هو دور قاضي الصلح والإشكالات التي تواجهه ؟

تقييم مؤسسة حالكمين و مجلس العائلة كمؤسسات إصلاح غير قضائية؟

الوساط الأسرية وإجراءاتها؟

مستقبل الوساطة الأسرية بالمغرب ودورها في إنفاذ الصلح وإنقاذ الأسرة ؟

أسئلة كثيرة وعميقة نجيب عنها استنادا إلى المنهج الوصفي ن والمنهج التحليلي ،لوصف الظاهرة وتحليلها على ضوء اجتهادات محاكم الموضوع ، وبعض التجارب المقارنة ، من خلال تقسيم الموضوع إلى محورين إثنيــــــــن:

المحور الأول : الإجراءات المسطرية  للطلاق والتطليق.

 المحور الثاني : مؤسسات الإصلاح ودورها في مساطر الطلاق والتطليق.

 

 

 

المحور الأول : الإجراءات المسطرية  للطلاق والتطليق.

قبل مناقشة هذه الإشكاليات  في الفقرة الثانية ، حري بنا التعريج على مسطرة الطلاق والتطليق في مدونة الأسرة من خلال الفقرة الأولى .

الفقرة الأولى : الإجراءات المسطرية في الطلاق والتطليق من خلال مدونة الأسرة.

الزواج رابطة مقدسة سماها الحق سبحانه وتعالى “بالميثاق الغليظ ” ، ومن ثم فهي تفرض على طرفيها حسن المعاشرة الذي يختزل الكثير من المعاني السامية مثل الإحترام والود والإخلاص ، وبانعدام تلك المعاني يختل التوازن الأسري ويصار إلى الإفتراق بالكيفية التي حددها الله سبحانه وتعالى المتمثلة في ” الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان” .

وسنخصص هذه الفقرة لإنحلال الرابطة الزوجية والإجراءات المصاحبة لذلك ، وما دام أن بعض أسباب الإنحلال لا تثير إشكالات عملية كالوفاة أو الفقد ، فإننا سنقف عند الإجراءات المسطرية للطلاق أولا ثم الإجراءات المسطرية للتطليق ثانيا .

أولا : إجراءات الطلاق المسطرية.

للطلاق مفهوم واضح جدا ، وكقاعدة عامة فهو تصرف قانوني أناطه المشرع بإرادة الزوج وحده والذي له أن ينقل ملكيته له للزوجة [7] ،ولعل من أبرز المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة في هذا الصدد أن الطلاق لم يعد تصرفا قانونيا انفراديا يكفي الإشهاد عليه أمام العدلان المنتصبين للإشهاد ، وإنما أصبح تصرف يحتاج إيقاعه إلى إذن من جانب المحكمة [8] بالكيفية التي سنعرضها   لاحقا ، حيث تبدأ الإجراءات القضائية وتتوج بالحصول على إذن من المحكمة يسمح للزوج بإيقاع الطلاق أمام العدين المنتصبين للإشهاد ، ثم صدور قرار بذلك من المحكمة فإشراف القضاء إنما غايته تجنب تعسف الأزواج في ذلك.

والمشرع المغربي نضم مسطرة الطلاق في المواد من 70 إلى 128 من مدونة الأسرة ضمن الكتاب الثاني منها ، حيث يقدم الزوج الذي يرغب في إيقاع الطلاق على زوجته طلب إلى المحكمة وفقا للفصل 31 وما يليه من قانون المسطرة المدنية قصد الحصول على الإذن من المحكمة بالإشهادة به لدى عدلين منتصبين لذلك بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية أو مواطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب [9] .

ويترتب على تقديم طلب الإذن بالطلاق المرور مباشرة إلى مسطرة الإصلاح ما بين الطرفين وفقا للمادة  81 من مدونة الأسرة التي حددت إجراءات الإستدعاء للأطراف ، وما ينتج عن غياب الزوج أو الزوجة بعد التوصل شخصيا بالاستدعاء حيادا على مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية ، فإذا توصل الزوج بالاستدعاء ولم يحضر اعتبر متراجعا عن طلبه ، وإذا توصلت الزوجة شخصيا ولم تحضر اخطرتها  المحكمة عن طريق النيابة العامة أنها إن لم تحضر فسيتم البت في الملف ، أما إذا اتضح أن عنوانها مجهول استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة ، حتى إذا تبين لها أن الزوج يستعمل وسائل احتيالها لكي لا تتوصل زوجته بالاستدعاء توبع وفقا  لمقتضيات الفصل 361 من القانون الجنائي بناء على شكوى من الزوجة [10] .

والمحكمة تقوم بكل الإجراءات داخل غرفة المشورة [11] بما في ذلك الإصلاح والإستماع للشهود وانتداب الحكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين ما بين الطرفين ، وحالته وجود أطفال تقوم بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما حتى إذا تعذر الإصلاح ما بين الزوجين حددت للزوج مبلغا نقديا يودعه بكتابة الضبط داخل أجل أقصاه 30 يوما بأداء مستحقات الزوجة والأطفال تحت طائلة اعتباره متراجعا عن طلب الطلاق .

بمجرد إيداع الزوج للمبلغ المطلوب منه داخل الأجل القانوني ، تأذن له المحكمة بتوثيق الطلاق لدى العدلين داخل دائرة نفوذها ، ولعل من أبرز الإشكالات العملية التي طرحت مؤخرا على قضاء الأسرة أن الزوج بعد حصوله على الإذن من المحكمة لا يتقدم أمام العدلين لتوثيقه نكاية في زوجته ، لذلك وقياسا على عدم إيداعه للمستحقات نقترح  أن يتم العمل على توثيق الطلاق داخل أجل معين وإلا اعتبر متراجعا عنه حماية للأطراف  لذلك فالمشرع مدعو الى سد هذا الفراغ التشريعي في أي  تعديل مرتقب.

بعد توصل المحكمة بنسخة من خطاب قاضي التوثيق ، تصدر قرارا معللا يتضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 88 من مدونة الأسرة [12]  وهو قرار نهائي غير قابل للطعن في الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية ، وإن كان قابلا لذلك فيما يخص المستحقات.

إشكالية الوكالة في الطلاق .

نظم المشرع المغربي الوكالة في الزواج بموجب المادة السابعة عشر منه ، لكنه سكت عن الوكالة في الطلاق ، بل الأكثر من ذلك أنه فرض التوصل الشخصي بالإستدعاء  من أجل إجراء محاولة الإصلاح بين الزوجين بموجب المادة 81 من مدونة الأسرة،  إلا أن العمل القضائي سار لاعتماد الوكالة في الطلاق من خلال أحكام محكمة النقض.

الطلاق بالإتفاق و بالخلع.

لعل من أبرز مستجدات مدونة الأسرة أنها نظمت الطلاق بالإتفاق إلى جانب الطلاق بالخلع من خلال القسم الخامس من الكتاب التاني من مدونة الأسرة تحت عنوان الطلاق بالاتفاق أو بالخلع ، عنوان يوحي أننا أمام طلاق واحد قد نطلق عليه مصطلح الطلاق بالاتفاق أو الطلاق بالخلع.

إلا أن المشرع سرعان ما ميز بينهما لما نظم الطلاق بالاتفاق في المادة 114 والطلاق بالخلع في المواد من 115 الى 120 من المدونة بشكل مستقل لذلك وجب تناولهما تباعا .

الطلاق بالاتفاق.

صورة جديدة وحضارية لإنهاء العلاقة الزوجية نصت عليها المادة 114 من مدونة الأسرة [13] ، لا تصطدم بتاتا مع النصوص الشرعية والقانونية [14] وهي صورة معروفة حتى في القانون الفرنسي [15]  بل وتطبيقا للقاعدة العامة التي تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليها في الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود المغربي.

وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 114 من مدونة الأسرة ، فإنه يحق لكل من الطرفين أو إحداهما فقط التقدم بطلب الإذن بالإشهاد على الطلاق الاتفاقي إلى المحكمة المختصة بواسطة مقال مكتوب مؤدى عنه  ، فتقوم المحكمة بالاستماع إليهما وإجراء محاولة الإصلاح الذي يبقى من النظام العام خاصة إذا كان هناك أطفال ، السؤال مرتبط حالة وجود الأطفال هل  المحكمة ملزمة بإجراء محاولتين للصلح طبقا للفصل 82 من مدونة الأسرة ؟

المشرع في  المادة 114 من لم يحل على المادة 82 ، لذلك  نقول أن الأمر مرتبط بسلطة المحكمة التقديرية التي لها أن تجري محاولة إصلاح واحدة أو محاولتين  أو ثلاث حسب ظروف  كل قضية ، وعند تعذر الإصلاح بين الزوجين تأذن لهما بالإشهاد على الطلاق وتوثيقه لدى عدلين داخل دائرة نفوذ المحكمة.

السؤال أيضا يطرح حالة عدم حضور أحد الأطراف أمام العدلين ؟  هنا هل العبرة بإرادتهما أمام المحكمة ويكتفى بها ويتم الإشهاد على الطلاق من العدلين أم  لا بد من حضورهما معا تحت طائلة اعتبارهما متراجعين ؟ الأمر يقتضي تدخلا تشريعيا حقيقيا لأنهما يكونان مطلقين شرعا وغير ذلك قانونا.

أما ما يتعلق بالمسحقات خاصة مستحقات الأطفال ، فإن المادة 114 من مدونة الأسرة لم تحل بشأن الطلاق الإتفاقي على المادة 84 و85 من مدونة الأسرة الخاصتين بإيداع حقوق الزوجة والأطفال ولا على المادة 86 في شأن عدم الإيداع إلا على المادة 88 بخصوص القرار الصادر عن المحكمة بعد توصلها بوثيقة الطلاق المخاطب عليه من جانب قاضي التوثيق،  ولعل المسألة من جانبنا تتوقف على تكييف هذا النوع من الطلاق فنقول أننا أمام طلاق يفردض تطبيق جميع المقتضيات وإلا انتفت كل غاية من الإشراف القضائي المنصوص عليه في المادة 114 التي نحن بصددها.

 

الطلاق بالخلع.

الخلع لغة ” الإزالة ” يقال خلع فلان توبه أو نعله إذا أزاله عه و خلع الزوج زوجته عنه إذا أزل زوجيتها ، وفي الاصطلاح إزالة الزوجية بلفظ الخلع أو بما في معناه مقابل عوض تدفعه الزوجة لزوجها  [16] ، والظاهر مما سبق أن الخلع نوع من الطلاق ، لأن الطلاق تارة يكون  بدون عوض وأخرى يكون بعوض،  وهذا هو الخلع ، لذلك فهو في حقيقة عقد يبرم ما بين الزوج والزوجة ، وهو ما نصت عليه المادة 61 من مدونة الأحوال الشخصية ” للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بالخلع ” وفي نفس الاتجاه نص ت عليه المادة 115 من مدونة الأسرة ” للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بالخلع طبقا لأحكام المادة 114 ” .

واستنادا إلى مقتضيات المادة 114 فلا يكفي إبرام عقد الخلع بين الزوج والزوجة ، إنما يجب أن يعرض كذلك على المحكمة لتأذن  بالإشهاد عليه وتوثيقه أمام العدلين المنتصبين للإشهاد ،  فالطلب منهما معا أو أحدهما يقدم للمحكمة من أجل الحصول على الإذن وتوثيقه مصحوبا بالإتفاق على الخلع ، حيث تعمد المحكمة مباشرة إلى استدعاء الطرفين لإجراء محاولة الإصلاح بينهما وحالة فشل  الإصلاح أدنت لهما بالإشهاد على الخلع ، وبعد ذلك توثيقه أمام العدلين المنتصبين للإشهاد ، ثم يأتي دور قاضي التوثيق الذي يخاطب عليه.

أما العوض أو البدل فقد نظمته المادة 120 من مدونة الأسرة ، فإذا اتفق على مبدأ الخلع واختلف حول المقابل فالمحكمة بعد فشل الصلح تحكم بنفاذ الخلع بعد تقدير مقابله في إطار سلطتها التقديرية معتمدة في ذلك على مقدار مبلغ صداق وفترة الزواج وأسباب الخلع و الحالة المادية للزوج ، ولكن إن أصرت الزوجة على طلب الخلع واصطدمت برفض الزوج ؟ هنا أمكنها  اللجوء إلى مسطرة الشقاق كما هي منظمة بالمواد من 94 إلى 97 من مدونة الأسرة والتي من شأنها أن تؤدي إلى تطليقها دون مقابل .

ثانيا إجراءات التطليق المسطرية.

لما كان الطلاق في الأصل حق للزوج يوقعه بإرادته المنفردة مع إمكانية تمليكه إلى زوجته ، وكان الخلع اتفاق بين الزوج والزوجة على تطليقها منه مقابل عوض تدفعه له ، فإن الفقه الإسلامي عموما والفقه المالكي على وجه الخصوص ورفعا منه للحرج الذي قد تتعرض له الزوجة في بعض الأحيان بمناسبة بقائها في عصمة رجل ستتضرر من عشرته قد سمح لها اللجوء إلى القضاء ليحكم بتطليقها منه رغم معارضة الزوج كلما تمسكت بسبب جدي ومعقول.

فبالإضافة إلى الأسباب التقليدية للتطليق والتي تم التنصيص عليها ضمن المادة 98 من مدونة الاسرة ( اخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج ـــ الضرر ـــ عدم الإنفاق ـــ  العيب ـــ  الإيلاء أوالهجر ) جاءت مدونة الاسرة  من خلال المادة السابعة 97  منها بوسيلة حديثة لإنهاء عقد الزواج وهو التطليق بسبب الشقاق والمنظم بالمواد من 94 إلى 97 [17]

والشقاق في اللغة ، مشتق من ” الشق ” بكسر الشين ، والشق هو نصف الشيء ، ويقال قد انشق فلان من الغضب وكأن باطنه قد امتلأ حتى انشق [18] ، وفي الاصطلاح لم يحدد المشرع المغربي في مدونة الأسرة مصطلح الشقاق ، لذلك حسبنا الدليل العملي لوزارة العدل [19] الذي حدد مفهومه في ”  الخلاف العميق والمستمر بين الزوجين لدرجة يتعذر معها استمرار العلاقة الزوجية” .

واستنادا  إلى المواد 94 إلى 97 من مدونة الاسرة فإن مسطرة التطليق للشقاق تنطلق بمقال افتتاحي للدعوى يرفعه أحد الزوجين وفقا لقواعد المسطرة المدنية [20]

إلى قسم قضاء الأسرة التابعة للمحكمة المختصة مكانيا ، وعند تعيين الجلسة يستدعى الطرفان قصد الإصلاح بينهما وفقا لمقتضيات المادة 82 من مدونة الأسرة التي تشترط التوصل الشخصي بالاستدعاء خلافا للمادة 81 التي لم تتم الإحالة عليها ، ومن ثم وجب الاقتصار على تطبيق المادة 38 من قانون المسطرة المدنية [21]  حيث تجري محاولتين للصلح مع وجود الأطفال ، ومحاولة واحدة حالة عدمها ، حتى إذا ما نتج الصلح ونجح أشهدت عليه المحكمة وفقا لأحكام المادة 95 من مدونة الأسرة ، أما حالة فشل الصلح واستمر الشقاق تثبت المحكمة ذلك في محضر وتحكم بالتطليق والمستحقات وذلك حسب الحالات:

ــ  فإذا كانت الزوجة هي من قدمت الطلب صدر حكم بالتطليق للشقاق في شقين تطبيقا لاحالة المادة 97 على المادة 85  من مدونة الأسرة :  شق يتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية وهو حكم نهائي بات لا يقبل الطعن،  وشق يتعلق بمستحقات الأبناء من نفقة وسكن وحضانة بالإضافة إلى اجرة سكن المطلقة خلال فترة العدة وهو حكم يقبل الطعن [22]

ــ أما إذا كان الزوج هو من قدم طلب التطليق للشقاق وبعد انتهاء محاولة الإصلاح بالفشل أصدرت المحكمة حكما حددت له فيه المتعة  وأجرة سكن الزوجة خلال العدة عليه أداءه  داخل أجل شهر تحت طائلة اعتباره متراجعا عن الطلب ، حتى إذا ما قام بإيداع تلكم المبالغ داخل أجلها القانوني أصدرت حكمها بالتطليق للشقاق وإنهاء العلاقة الزوجية بين الطرفين وهو حكم أيضا مكون من شقين وفق ما تم ما بسطه آنفا.

تقدير المستحقات المترتبة عن التطليق للشقاق.

مستحقات الزوجة السابق الحديث عنها تتأثر إيجابا أو سلبا بحسب مسؤولية الطرف الذي كان سببا في الشقاق[23] على أنه لا مانع للمحكمة في الحكم بتعويض مدني للمستقل لأحد الأطراف [24] لأنه قد يتضح من خلال استقصاء أسباب الشقاق أنها ترجع كلها أو بعضها إلى أحدهما ، كما لو ارتكب أحدهما الخيانة الزوجية مثلا .

لكن هناك إشكالية سحب  المسحقات من الزوجة حالة اسئناف الملف  من الزوج نكاية بها.

روافــــد افتراضية للتطليق للشقاق.

بالإضافة إلى القاعدة الناظمة لمسطرة التطليق للشقاق المنصوص عليها بموجب المواد من 94 إلى 97 في مدونة الأسرة ، حيث يحق للزوجة أو الزوج التقدم بالطلب متى وجد شقاق في العلاقة الزوجية ، فإن هناك حالات اخرى مضمنة في نصوص متفرقة أحال المشرع في إطارها على مسطرة الشقاق المنصوص عليها في تلك النصوص ، لإفتراض وجود نزاع مستحكم بين الزوجين ، وهي نصوص وإحالات مفتوحة في وجه الزوجة وحدها لا غير ، ما يجعل التطليق للشقاق هو  غطاء تستظل تحته  كافة الأنواع الأخرى للتطليق [25]

1 ــ حالة التعدد.

من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 45 من مدونة الأسرة إذا ما تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها ولم تطلب التطليق طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة  الشقاق.

2 ــ حالة عجز الزوجة عن إثبات الضرر.

حالة عجزها  وأصرت على طلب التطليق أمكنها  اللجوء إلى مسطرة الشقاق ، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 100 من مدونة الأسرة.

3 ـ حالة النزاع حول مقابل الخلع.

إذا أصرت الزوجة على طلب الخلع ، و اصطدمت برفض الزوج ، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق وفق المواد من 94 إلى 97 من مدونة الأسرة والتي من شأنها أن تؤدي إلى تطليقها دون مقابل ، وهو ما يفهم من الفقرة الثانية من المادة 120.

4 ـ حالة رفض الزوجة للرجعة في الطلاق الرجعي .

القاعدة المعروفة شرعا هي إن للزوج مراجعة زوجته أثناء العدة وفقا للفقرة الأولى من المادة 124 من مدونة الأسرة ، لكن قبل خطاب القاضي على وثيقة الرجعة يستدعي الزوجة لإخبارها ، ومتى امتنعت ورفضت الرجعة أمكنها  اللجوء إلى مسطرة الشقاق وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 124 لمدونة الأسرة ، ما يوحي أن المشرع أضعف نوعا ما من مؤسسة الرجعة عوضا أن يقويها ويدعمها.

 

 

 

المحور الثاني : مؤسسات الإصلاح ودورها في مساطر الطلاق والتطليق.

سعى المشرع المغربي إلى جعل مدونة الأسرة إطارا قانونيا لتأهيل ودعم المنظومة الحقوقية الأسرية عبر خلق إطار من التفاعلات التشاركية بين عدد من الفاعلين الذين أوكل إليهم التعاون مع الجهاز القضائي بمناسبة نظره في قضايا الأسرة ، كالمحامون والعدول والنساخ والمساعدات الاجتماعيات ، لكن أبرز المؤسسات نجد النيابة العامة ومؤسسة الصلح نتناولهما في فقرة أولى ، على أن نعرج على مؤسسة الوساطة ومستقبلها في فقرة ثانية.

 

 الفقرة الأولى : النيابة العامة ومؤسسات الصلح ودورهما في قضايا الطلاق والتطليق.

عرف جهاز النيابة العامة نقلة نوعية في أدواره من خلال مدونة الأسرة ، حيث وسع المشرع من وظيفتها وجعلها تتجاوز الوظيفة الأساسية والعادية التي كانت تقوم بها  [26]  ، حيث تم تعزيز دورها وتقويته في القضاء المدني بوجه عام وفي قضاء الأسرة بوجه خاص ، ما  يجعلها طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية الى تطبيق أحكام مدونة الأسرة وفقا لأحكام المادة الثالثة منها  [27] ، لذلك عليها أن تقدم مستنتجا تها في كل ملف كلما تعذر عليها الحضور ، فالمشرع من خلال مدونة الأسرة راهن على جهاز النيابة العامة لإنجاح المدونة ، ويظهر ذلك جليا من خلال النصوص التي نظمت أدوارها بحيث تجاوزت 20 نصا تشريعيا ، والتي نصت على تلك الأدوار ونظمتها تبعا لكل حالة إلى درجة يصح معه القول انها قد جعلتها جهازا قيد الحاجة الدائمة في جل القضايا الاسرية.

وإذا كانت تلك الأدوار جلية من خلال النصوص التشريعية في مدونة الأسرة ، فإننا سنتجاوز مسألة عرضها إلى محاولة كشف أهم وأبرز الإشكالات التي لازالت تعترض تلك الإختصاصات والوقوف على مدى نجاحها في أدائها لأدوارها المنوطة بها  والمرتبطة بموضوع الطلاق والتطليق بشكل مباشر جوانب مهمة نتناولها :

قضايا التعدد.

حيث تتدخل في الإجراءات المسطرية عن طريق تكليفها من طرف المحكمة بتبليغ الزوجة المراد التزوج عليها واستدعائها للحضور ، وإذا تعذر ذلك فإن المحكمة لا تبت في طلب التعدد إلا بعد تقديم النيابة العامة إفادة سن بتعذر التبليغ إلى موطن أو محل إقامتها ، غير إنه إذا تبين لها تحايل الزوج بالإدلاء العمد بمعلومات خاطئة كالإدلاء بعنوان غير حقيقي ، أحالت تلك الوثائق على النيابة العامة لاتخاذ المتعين[28]  عبر تحريك الدعوى العمومية بناء على طلب من الزوجة بذلك ، علما أن تنازلها تسقط معه المتابعة بمفهوم المخالفة .

إلا أن الإشكال يصار حول اشتراط التسلم الشخصي للإستدعاء  من طرف الزوجة ،  ثم توجيه إنذار إليها ،  فعوض أن يعامل المشرع الزوجة الممتنعة عن تسلم الإستدعاء أو التي لم تحضر رغم توصلها تعاملا يليق برفضها من خلال السماح للزوج بالتعدد ، وضعت المدونة مقتضيات ترمي إلى إبعاد التعدد عنها وإن كان ذلك على حساب الزوج وعلى حساب قواعد التبليغ المعهودة.

 مسألة الصلح.

حيث أوكل للنيابة العامة القيام بأدوار هامة ، حيث تقوم بتبليغ إشعار المحكمة إلى الزوج المتخلف عن الحضور وفقا للمادة 81 من مدونة الأسرة ، إلا أن الإشكال يطرح حينما يقوم أحد الزوجين بتقديم عنوان غير صحيح ، أو تحريف إسم الزوج الآخر ، فإذا كانت المادتان  43  و80 من مدونة الأسرة قد أقرتا إمكانية تطبيق القانون الجنائي في هذه الحالة [29] فإنه حيادا على مبدأ المساواة يكون الزوج مهدد بالسجن في وقت لم تذكر الزوجة نهائيا كما لو أن الزوج وحدة هو من قد يتعامل بسوء نية و بتحايل ، علما أن الزوجة هي الأخرى يمكنها التحايل والتحريف لهوية الزوج وتقديم بيانات كاذبة وبسوء نية.

ثـــــــــــم أن ربط المتابعة بموجب مقتضيات الفصل 361 من القانون الجنائي المتعلق بالإدلاء ببيانات كاذبة بضرورة تقديم طلب بذلك من الزوجة بواسطة شكاية ، يشكل بحق خروجا على القواعد العامة الناظمة لعمل النيابة العامة ونص القانون الجنائي ، لأن الأفعال المجرمة تعد جريمة في حد ذاتها ولا تتوقف على طلب حتى تحرك المتابعة بل يكفي القيام بها ، ما يؤشر على وجود موقف مسبق يعتبر الزوج سيئ النية يجب التعامل معه بحذر واحتياط ، لذلك كان على المشرع سن قواعد مسطرية تحافظ على حقوق المتقاضين بنفس الدرجة [30] .

والى جانب جهاز النيابة العامة ، نجد مؤسسة الحكمين أو مجلس العائلة اللتين نص عليهما  المشرع المغربي في مدونة الأسرة وأسند لهما الإختصاص للمشاركة في محاولات الوصول إلى الإصلاح باعتبارهما  ضمن الأجهزة الموكول إليها مساعدة قضاء الأسرة في القيام بالمهام المنوطة به.

لكن وقبل الوقوف على  هاتين المؤسستين نعرج على دور قضاء الأسرة في مسطرة الصلح.

 

 دور قضاء الأسرة في مسطرة الإصلاح.

المقصود بقضاء الأسرة أو المحكمة التي تباشر عملية الإصلاح هي ” غرفة المشورة ” أو القاضي المقرر الذي ينتدب لإجراء جلسة البحث [31] وبالإستناد على أحكام المحاكم المغربية وانطلاقا من تجربتنا في مهنة الدفاع ، فإن المحكمة تبذل قصارى جهدها لتفعيل محاولة الإصلاح ، بل ومنها ما تبذل ما يفوق طاقتها لتحقيقه ، إذ لا  تلجأ إلى آلية الحكمين إلا بعد استنفاد مساعيها ، بل وأنها تستمر في بدل هذه المساعي حتى بعد اتفاق الحكمين على فشل محاولة الإصلاح  ، وهو وسلوك في حد ذاته محمود من زاوية المثل الروماني القائل بأن فض النزاع بالصلح أو الإصلاح أفضل بكثير من فضه قضاء ولو كان الصلح رديئا غير أن ما يؤاخذ عليه قاضي الصلح وهو يقوم بمحاولة الإصلاح ” عدم الغوص”  [32] في النزاعات الحقيقية وعدم توفره على مؤهلات ” المصالح المحنك” [33] ثم الضغط الرهيب [34] بسبب كثرة الملفات التي يبت فيها ، الأمر الذي يقتضي  توفير الموارد البشرية والمادية اللازمة والتكوين والتكوين المستمر للقضاة في مختلف المجالات خاصة العلوم الاجتماعية.

نعود إلى مؤسسة الحكمين ومجلس العائلة لرصد دورهما في نجاح مسطرة الإصلاح بالنظر للدور المحوري والهام لهما في هذه المسطرة والإشكالات التي تواجههما.

 مؤسسة الحكمين .

حالة فشل المحكمة ( الوساطة القضائية ) في مساعيها لإصلاح ذات البين ، يمكنها أن تستعين بمؤسسة الحكمين قبل الحسم في مسألة الطلاق والتطليق مصداقا لقوله تعالى ” إن يريد إصلاحا يوفق الله بينهما ” [35] وتطبيقا لنصوص مدونة الأسرة خاصة الفصلين 94 و95 منها ، وفي هذا الإطار يقوم الحكمان باستقصاء أسباب الخلاف بين الزوجين ، وحالة وقوع الصلح ينجزان تقريرا في ثلاث نسخ يوقع عليه الحكمين والزوجين وتسلم المحكمة نسخة منه لكل طرف وتحفظ النسخة الثالثة بالملف ثم تشهد على نجاح الصلح بينهما بموجب حكم نهائي ، وحالة تعذر الإصلاح يرفع الحكمان تقريرا للمحكمة يحددان فيه أسباب الشقاق أو الإساءة أو الخلاف    و تحكم بالتطليق والمستحقات مراعية مسؤولية كل طرف في سبب الفراق [36] .

لكن السؤال يطرح حول الصعوبات التي تواجه مؤسسة الحكمين في إصلاح ذات البين؟

يمكن إجمال أهم الإشكالات التي تحد من نجاح هذه المؤسسة فيما يلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي.

ــــــــــــ  الشروط الواجب توافرها في الحكمين  إذ أن مدونة الأسرة لم تحدد هذه الشروط لذلك يرجع إلى المذهب المالكي في كل ما لم يرد به نص في المدونة وفقا لأحكام المادة   منها 400 [37]  وقد ذكر فقهاء المالكية ما يجب أن يتوفر عليه الحكمين من شروط ، منها الإسلام ، العدالة ، الذكورة،  الرشد ، غير أنه يصعب على المحكمة من الناحية العملية إيجاد حكمين بهذه الأوصاف والشروط من أهل الأطراف ، ىحيث لا يعلم الأصلح من الأقارب ، إنما يعينهما بناء على اقتراح الزوجين ، ومعلوم أن الزوجين يرشحون الأقارب الذين يوافقونهم الرأي ، ما يجعل هاجس الحكم ليس التوفيق بين الزوجين بقدر الدفاع عنه ، ومن ثم المساهمة في تعميق الخلاف بدلا من تذويبه [38]  .

ــــــــــــــــــــــــ بخصوص مهمة الحكمين صياغة المادة 195 من مدونة الأسرة جاءت موجزة ومقتضبة ، بحيث لم توضح بما فيه الكفاية مهمة الحكمين وما يجب عليهما تضمينه في تقريرهما خاصة حالة عجزهم عن الإصلاح.

ـــــــــــــ لم تحدد مدة الحكمان  في الإصلاح  وترك تقدير ذلك للقضاء الذي عليه البت في الملف داخل أجل ستة أشهر ، وهي مدة تبدو غير كافية حتى للحكمين لتنظيم لقاءات بين الأسرة.

ــــــــــــــــــ  مدونة الأسر لم تنص على جزائ الإخلال  أو التهاون في تأدية الحكمين لمهامهما  لا كيفية انتهائها ، هل بتقرير شفوي أو كتابي ؟ مشترك أو منفرد ؟ ما يشكل ثغرة  تشريعية تجعل مهمة الحاكمين معرضة للارتجال.

ومن ثـــــــم فإن مؤسسة الحكمين جزء من القضاء وجوهر عمله،  عليها تقف مؤسسة الأسرة في تماسكها أو تفككها ، يقتصر دوره افي القيام ببعض الإجراءات كتعيين الحكمين و استدعائهما والإطلاع  على تقريرهما ، في حين نجد المحاكم الأخرى  قد عزفت عن تطبيق مسطرة الحكمين إلا في الأحوال الناذرة  جدا بسبب اطلاع قاضي الصلح على كون النزاع له أبعاد عائلية و، قد يكون للحكمين دور فعال في نشوبه ، فتتكون قناعة لدى القاضي أن تعيين الحكمين غير مجد ، لذلك فإن تأهيل مؤسسة الحكمين لتقوم بمهامها بنجاح يقتضي تكامل النصوص القانونية ووضوحها بشكل خال من التناقض والغموض.

 مجلس العائلة.

إلى جانب مؤسسة الحكمين  نجد مجلس العائلة ، الذي نصت عليه مدونة الأسرة في المادة 251 الفقرة الثانية التي نصت على : ” يحدث مجلس للعائلة تناط به مهمة مساعدة القضاء في اختصاصاته المتعلقة بشؤون الأسرة ويحدد تكوينه ومهامه بمقتضى نص تنظيمي ” ، ثم صدر فيما بعد مرسومه التنظيمي [39] حيث نصت  المادة السابعة منه  على: ”  أن مهام مجلس العائلة مهام استشارية وهو يقوم بالتحكيم لإصلاح ذات البين وإبداء رأيه في كل ما له علاقة بشؤون الأسرة ” .

ويتكون مجلس العائلة حسب المرسوم المنظم له من القاضي بصفته رئيسا ، الأب والأم أو الوصي أو المقدم بالإضافة إلى أربعة أعضاء يعينهم مجلس العائلة من بين الأقارب والأصهار بالتساوي ، جهة الأب والأم أو جهة الزوج حسب الأحوال ، وإذا تعذر توفرهم من الجهتين أمكن تكوينهم من جهة واحدة.

إلا أن التطبيق العملي لهذا المجلس في القيام بمهامه في إصلاح ذات البين ظل محتشما ، إن لم نقل جامدا للاعتبارات التاليـــــــــــــــــــــــــة.

ــــــــــــــــــــ  عدم تحديد المرحلة التي يعمل فيها هل قبل أم بعد فشل محاولة الصلح القضائية التي يجريها الحكمين؟ . ــــــــــــــــــــ تكوين المجلس من الأقارب وإقصاء الأغيار ممن لهم مؤهلات وبإمكانهم الدافع الدفع بالمجلس إلى التوصل إلى قرارات صائبة كالمحللين النفسانيين والأخصائيين الاجتماعيين والخبراء القانونيين والوسطاء لأن الاقتصار على الأقارب في تكوينه قد يؤدي إلى نتائج عكسية  [40] ، بالإضافة إلى إشكالية جمع أعضائه والتكاليف اللازمة لهم للإقامة داخل الدائرة القضائية للمحكمة ومصاريف تبليغهم أو انتداب إنابات قضائية حالة ماكانوا خارج تلك الدائرة.

ــــــــ  أن له مجرد دور استشاري غير ملزم ، وهو ما ينعكس على موقف القضاء الذي غالبا ما لا يظهر حماسة لتكوينه و يشكل إفراغ للجهود التشريعية في هذا الباب أملنا في تجاوزها إنجاحا لهذه المؤسسة.

ــــــــ  بالإضافة إلى ذلك هناك عدة إكراهات واقعية تحول دون تفعيل حقيقي لهذا المجلس ، كضعف الثقافة المرفقية لدى المواطن ، وعدم المعرفة بوجودها ، وانحصار تلك المعرفة  عند ذو و الاختصاص فقط،  ما يحول دون إثارة دورها أو عدم الرغبة في تدخلها ، ووجود إكراهات ماديةترفع من كلفتة البت في النزاع ، ما يدفع القضاء في الأخير الي صرف النظر والاستغناء عن استشارة المجلس كإمكانية أخيرة يتيحها له المرسوم من خلال المادة الثامنة منه [41]

هكذا يظهر جليا أن الأجهزة المساعدة للقضاء لها  مكانة مهمة في هرم الحماية المقررة للاسرة ، الا ان تجربتها كشفت عن وجود فوارق بارزة بين النص والواقع فقانون الواقع يكون أحيانا أقوى بكثير أي يستلزم من المشرع إعادة قراءة تجربتها وتكييفها مع متطلبات وحاجيات الواقع ، وخاصة على المستوى الإصلاحي حتى وإن تطلب الأمر البحث عن مؤسسات بديلة للإصلاح.

الفقرة الثانية : الوساطة الأسرية.

استرعت الوساطة الأسرية اهتمام العديد من السوسيولوجيين بالنظر إلى التحولات الكبيرة التي عرفتها الأسرة في النصف الثاني من القرن العشرين ،  لذلك نشأت بادئ الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية بداية السبعينيات قصد إيجاد حلول بديلة للنظام القضائي ، ثم انتقلت إلى فرنسا مع بداية الثمانينيات كمقاربة جديدة مكملة للقضاء في مجال تسوية خلافات إنهاء الزواج.

المغرب أولى في الآونة الأخيرة اهتماما بالغا للوساطة  ، وقد بدأت بوادر هذا الاهتمام مع بداية العشرية الأولى من هذا القرن ، حيث دعا ملك المغرب بمناسبة افتتاح السنة القضائية بتاريخ 29 / 1 /  2003 إلى عصرنة القضاء ن وعقلنة العمل،  وتبسيط المساطر ، وتنويع مساطر التسوية التوافقية ، وإعداد مشروع قانون للتحكيم التجاري ، ثم خطاب العرش 9 / 8 /  2009 حيث دعا إلى تطوير الطرق القضائية البديلة كالصلح والوساطة والتحكيم والأخذ بالعقوبات البديلة [42] .

كما انخرطت وزارة العدل بالمغرب في هذا الإصلاح ، حيث دخلت في شراكات مع بعض المؤسسات الدولية من أجل إدخال الوسائل البديلة إلى النظام القانوني والقضائي بالمغرب ومأسسة هذه البدائل خاصة ما يتعلق بالوساطة،  وقد تم تنفيذ برامج للتعاون مع عدة مؤسسات ( المعهد الأمريكي  ISDLS  ـ ـــــ منظمة البحث عن أرضية مشتركة SFCG   بدعم من الحكومة البريطانية   ـــــــــ الوكالة الأمريكية USAID ـ  ــــ والمؤسسة المالية الدولية  SFI   التابعة للبنك الدولي ) ، وخلال سنة 2008 وضعت وزارة العدل برنامج تعاون بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة اليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة لتنمية المرأة بعنوان دعم أقسام قضاء الأسرة بالمغرب ليتم عقد عدة ندوات حول الموضوع قصد إنشاء الوساطة في المجتمع المغربي.

وخلال سنة 2010 ، أصدرت وزارة العدل مرسوما تطلب  من خلاله من قضاة أقسام الأسرة التنسيق مع المجالس العلمية المحلية في إصلاح ذات البين خلال مسطرة الطلاق والتطليق ، وقصد وضع إطار قانوني للوسائل البديلة خاصة الوساطة تــــــم إصدار القانون الرقم 05. 08 سنة 2007 الذي يتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.

وقد استمر مسلسل التأسيس للوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال مخطط إصلاح منظومة العدالة التي دعا إليه جلالة الملك ، حيث كلفت وزارة العدل بانتهاج مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين ، لذلك تم تشكيل هيئة وطنية للإصلاح بتاريخ 8/ 5  /2012 و نظمت ندوات جهوية خرجت بتوصيات ركزت في ثناياها على ضرورة تسهيل اللجوء للوسائل البديلة ، كما برزت عدة جهود أكاديمية في إشاعة الوسائل البديلة من خلال العديد من الندوات التي تعنى بالوسائل البديلة ، عالجت الوساطة الأسرية وسبل إدماجها في المنظومة التشريعية والقضائية ، وأدوار الجمعيات في نشر ثقافة الوسائل البديلة حيث تم إحداث ماسترات  وإجازات مهنية تعنى بالمنازعات والوسائل البديلة والوساطة الأسرية [43] .

على غرار ذلك ، بادرت وزارة العدل إلى القيام بعدة ورشات للتعريف بالوسائل البديلة وعقد عدة مؤتمرات وطنية ودولية في هذا الإطار،  أهمها مؤتمر الصخيرات المنعقد سنة 2015 بعنوان ” الوساطة الأسرية ودورها في الاستقرار الأسري ” ، جهود غايتها وضع أرضية صلبة في التأسيس للوساطة الأسرية بالمغرب ، إلا أنه ومع ذلك لم يكتب لها النجاح في الواقع العملي،  فما هي الصعوبات التي تواجهها ؟ وما هي  آفاقها؟ .

الإجابة تقتضي الوقوف عند هذه الصعوبات أولا ثم الوقوف مع مستقبل الوساطة  وآفاقها بالمغرب ثانيا .

أولا :  الصعوبات التي تعترض تنزيل الوساطة الأسرية بالمغرب .

. هذه الصعوبات منها ما يتعلق بالمستوى التشريعي، ومنها ما له علاقة بالجانب الواقعي.

 فعلى المستوى التشريعـــــــــــــــي يمكن رصد ما يلــــــــــــي .

ـــــ عدم التنصيص على الوساطة الأسرية في مدونة الأسرة التي اكتفت بالإشارة إلى مفهوم الوساطة فقط في ديباجتها و التي ورد بها”  تعزيز آليات التوفيق والوساطة بتدخل الأسرة والقاضي”  فماذا نقصد بالوساطة هنا؟  أكيد انها تقصد الوساطة القضائية التي يختص بها القاضي بمناسبة مباشرته لمسطرة الصلح،  لكن قد يقصد بها الوساطة غير القضائية التي يقوم بها الحكمان أو مجلس العائلة ما يجعل التحديد التشريعي غير دقيق.

كما أنه بالرجوع إلى المادة 82 من مدونة الأسرة نجدها أشارت إلى إمكانية استعانة المحكمة بمن تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين ، وهذا أيضا قد يدخل فيه المجالس العلمية،  وهو مقتضى لا يمكن اعتباره إشارة الى الوساطة الاسرية التي تحتاج نصوص واضحة المعالم.

ـــــــ  قصور قانون 05. 08 في تأطير الوساطة الأسرية،  لأنه اكتفى بتنظيم الوساطة الإتفاقية دون القضائية، وغايته النزاعات التجارية والمدنية ، ما يجعل تطبيقها على النزاعات الأسرية أمرا عسيرا.

ـــــــ  قصور قانون 28. 08 المنظم لمهنة المحاماة  [44] والذي أشار من خلال مادته 43  على حت المحامي موكله على فض النزاع عن طريق الوسائل البديلة قبل اللجوء إلى القضاء  [45]  وهي صياغة تكتفي بحت المحامي لموكله لسلك طريق الوسائل البديلة من غير إلزامه بذلك كما سارت على ذلك بعض الأنظمة   [46]  .

 وعلى المستوى الواقعـــــــــــــــــــــي يمكن الوقوف عند الصعوبات التالية:

ــــــ طبيعة المجتمع المغربي المحافظ  ، حيث تسود ثقافة الانغلاق ، وعدم قبول الأسرة بوسيط أجنبي عن العائلة واطلاعه على خصوصيتها وأسرارها ، خلافا للتجربة الغربية التي تتغيا  من الوساطة تسوية المسائل المتعلقة بآثار انتهاء العلاقة الزوجية سواء بعد الانفصال الجسماني أو الطلاق ، حيث يتم الاتفاق على المسائل المادية ، وكيفية تسيير الأموال المشتركة ، وتغذية الأطفال ، ومصاريفهم ، وشؤون حضانتهم  [47]  .

لذلك فإن المطلوب خلق وساطة أسرية مغربية تتماشى والثقافة والمرجعية الإسلامية للمجتمع المغربي ، غايتها تعميق أواصر التسامح والصلح بين أفرادها والحفاظ على كيانها وجبر ما تم كسره ، وهذا ليس بالأمر الهين بل يتطلب الأمر هيئة للوساطة تتألف من مجموعة من المتخصصين في شتى المجالات النفسية الاجتماعية والقانونية.

ـــــ ضعف انتشار ثقافة الوسائل البديلة في المجتمع المغربي بسبب ضعف التعريف بهذه المؤسسة من طرف مختلف الفاعلين في الحقل القانوني والقضائي والجامعي والمجتمع المدني،  الأمر الذي يجعل اللجوء إليها أمرا صعبا بل ونادرا [48].

ـــــــ مصاريف الوساطة الأسرية حيث نچحت التجارب الغربية على اعتماد تكاليفها سواء انتهت بالفشل أو النجاح ، وأداؤها يكون بمقابل مادي لكل ساعة  يتم استغراقها في عملية الوساطة ، ما يساهم في تفضيل المساطر القضائية ، لذلك ومن أجل  التحفيز على ولوج هاته المؤسسة ، يستحسن جعلها مجانية قدر الإمكان وبأثمنة رمزية على الأقل قصد تشجيع المتقاضين على ولوجها.

ثانيا :  مستقبل الوساطة الأسرية  بالمغرب وآفاقها.

إن مسايرة التوجه العالمي الذي ينحو في اتجاه تسهيل الولوج إلى العدالة والأخذ بنظام الوسائل البديلة بشكل عام والوساطة بشكل خاص يقتضي  من المغرب العمل على إخراج مؤسسة الوساطة بشكل يتلائم مع خصوصيته الثقافية أولا عبر  تقنينها وثانيا عبر مأسستها ثانيا  .

( أ )  تقنين الوساطة الأسرية.

إن تفعيل آلية الوساطة الأسرية بالمغرب يقتضي تدخلا تشريعيا على مستوى مدونة الأسرة من خلال إصدار نص قانوني ينظمها ويحدد شروطها وشروط الوسيط ، وإدماجها ضمن الآليات المرصودة للصلح ، مع وضع قانون تنظيمي يحدد مفهومها ، طبيعتها ، شروطها ، ومدتها ومهام   الوسيط ومسؤوليته إلى غير ذلك ، لكن السؤال الذي يحق لنا طرحه يتعلق بنوع الوساطة التي نريد بالمغرب  ؟ ثم شروط الوسيط ؟

الجواب على هذا التساؤل يتجاذبه اتجاهان :

الأول يروم اعتماد الوساط الاتفاقية التي تتم خارج مؤسسة القضاء لتلافي الإجراءات القضائية وبطئها [49] والثاني يقول بالوساطة الأسرية القضائية التي تتم تحت إشراف القضاء  [50]  وهو الرأي الذي يمكن القول أنه عملي وإجرائي لذلك ننتصر إليه كمرحلة أولى.

أما شروط الوسيط فإذا كان قانون المسطرة  المدنية قد أغفلها ، فإنه يستحسن تحديدها بالنسبة للوساطة الأسرية لأنها تجسد محور وجوهر عملية الوساطة  ومحاولة منا لرسم الخطوط العريضة لهذه الشروط يمكن إجمالها كالتالــــــــــــــــــــــــــــــــــــي:

ـــــــ  الاستقلالية فنجاح الوسيط في مهامه  رهين باستقلاليته عن أطراف النزاع وحياده وعدم تحيزه لصالح احد الاطراف[51]  بمعنى عدم صلته بموضوع النزاع أو أطرافه أو من ينوب عنهم حتى.

ـــــ  السرية والنزاهة في العمل ،  بالنظر إلى خصوصية النزاعات التي يتوسط فيها وهي الأسرية التي تتسم بطابع خاص ، لذلك يفرض على الوسيط الالتزام بالسر والنزاهة في العمل وعدم وجود ما يقدح أو يحرج من شخصيته كأن يكون محلا لعقوبات تأديبية.

ـــــ  الخبرة والكفاءة خلافا للنزاعات البسيطة ، فإن النزاعات الأسرية يتجاذبها ما هو اجتماعي ــــ قانوني ونفسي ،الأمر الذي يتطلب من الوسيط الإلمام والتمكن من قواعد اللغة قراءة وكتابة ، ثم بالجانب القانوني بأن يتوفر على ثقافة قانونية حتى لا يتوصل إلى اتفاقات باطلة   [52]  . وأخيرا أن تكون له تجربة محترمة في مجال حل النزاعات ، بأن يكون على دراية تامة بالوسائل البديلة لحل النزاعات وفنون الوساطة وتدبير النزاعات من خلال تكوينه في هذا المجال [53] .

( ب )  مأسسة الوساطة الأسرية بالمغرب.

إن نجاح آلية الوساطة الأسرية لا يتوقف على إخراج نص تشريعي فقط،  بل يقتضي الأمر البحث عن صيغ لمأسستها عبر إيجاد مؤسسة بديلة لتسوية النزاعات الأسرية ، ومع ذلك يبقى  السؤال مشروعا عن صيغة هذه المؤسسة ؟ وشكلها  ؟ وطريقة اشتغالها ؟ .

سبق القول ببروز  اتجاهين أول  يقضي باعتماد الوساطة الاتفاقية ، والثاني  بالوساطة الأسرية القضائية وهما تصوران يؤطران حقيقة ما يجب أن تكون عليه هذه المؤسسة.

فالتصور الأول يذهب إلى إيجاد ” هيئة للوسطاء” على غرار ما هو معمول به في الدول الغربية ، تتكون من خبراء أصحاب مهن حرة يقيدون في جدول خاص ضمن لائحة الخبراء ، وهم من رجال القانون ( متقاعدي القضاة ــــ محامون ـــــ مساعدي القضاء )  لهم خبرة فنية عالية في مجال الوساطة ، يتم اللجوء إليهم اتفاقا بين الأطراف في إطار الوساطة الاتفاقية ، والتصور الثاني يقول بإحداث “لجنة الوساطة ” بأقسام الأسرة تسند رئاستها إلى قاض بقسم قضاء الأسرة وعضوين آخرين ذو خبرة في مجال التخصصات النفسية والاجتماعية والثقافية والقانونية.

لكن السؤال يبقى مطروحا أيضا حول طريقة إدماج هذه المؤسسة ضمن مصادر الصلح ؟

انطلاقا من تجربة قضاء الأسرة وما نتج عنها من مآس إجتماعية مرتبطة بارتفاع نسب الطلاق بالمغرب ما يكشف  عن  قصور مساطر  الصلح ـــــ سواء الصلح الذي تجريه وتقوم به المحكمة أو الحكمين  ــــــ  أو ما نعاينه يوميا بردهات المحاكم نقترح أن يتم إدماج مؤسسة الوساطة الأسرية ضمن مؤسسات الصلح تحت إشراف القضاء ، فبمجرد تعيين الملف بالجلسة وحضور الطرفان أمام القاضي يعين لهما هيئة الوساطة الأسرية التي تكون ضمن الجدول المعدل لذلك كما الخبراء ، تقوم بالوساطة بين الطرفين داخل أجل شهر من تلكم الجلسة ، مع تكليفها بوضع تقرير مفصل حول أسباب الطلاق والتطليق ومقرر فشل أو نجاح الوساطة ، مقابل أتعاب تحددها مسبقا لهذه الهيئة ، فإذا نجح الصلح صادقت عليه المحكمة ، وحالته فشله قام القاضي بالوساطة القضائية ، وحالة فشلها عين الحكمان أو مجلس العائلة للإصلاح ، وحالة الفشل تصدر المحكمة حكما بإنهاء العلاقة الزوجية وبالمستحقات.

هكذا يمكن أن يحقق نظام الوساطة الأسرية نتائج إيجابية كلما كان التركيز عليه بداية ما يحفز الأطراف على قبول هاته التسوية التي يقوم بها الوسيط بشكل ودي وبعيدا عن ردهات المحاكم .

 

 

الخاتمة:

بعد كل ما تم عرضه ومناقشته من أفكار وتوجهات في مختلف محاور هذا الموضوع ،يتضح لنا أن المجال الأسري باعتباره المجال الذي يختزن الخصائص المعبرة عن هوية المجتمع والتي تشكل الخصوصية أحد المصطلحات الدالة عليها بتنظيمه لمصادر الطلاق والتطليق وعلى مدى 20 سنة من التطبيق عن قصور أدى نوعا ما إلى نتائج متواضعة إن لم نقل سلبية ساهمت في تعميق الهوة بين الرجل والمرأة وانتشار آفة الطلاق والتطليق بشكل مبالغ فيه يمكن القول معه أن الأسرة أضحت على حافة الإنهيار.

لذلك كانت فطنة إمارة المؤمنين إلى هذا الموضوع حكيمة لما  دعا إلى إعادة النظر في بنود هذه المدونة ومراجعتها خاصة إجراءات الطلاق والتطليق لتلافي الإشكالات العملية السابق مناقشتها لإنقاذ الأسرة المغربية كوحدة إجتماعية.

ومحاولة منا للمساهمة في هذا النقاش العمومي ، نخلص إلى النتائج العملية التالية التي قد تشكل محطات في مسار إصلاح مدونة الأسرة  المرتقب على مستوى مسطرتي الطلاق والتطليق.

1 ــــــــ  فتح حوار وطني موسع يشارك فيه الجميع علماء النفس والاجتماع والاقتصاد والقانون يتدارس موضوع الاسرة  يتناول  معالم الكونية والخصوصية ، والحوار او التصادم الذي يخلقه قصد تحديد المعالم التي يجب الحفاظ عليها لصيانة الاسرة من غير الانصهار في بوتقة الكونية بشكل مفرط .

2  ـــــــ مأسسة الوساطة الاسرية  كباقي التشريعات الدولية امريكا فرنسا بلجيكا كندا سويسرا تونس الجزائر …-  عبر تقنينها بتحديد مفهومها شروط الوسيط اجراءات عمله الى غير ذلك ما دام ان مؤسسة الصلح المنصوص عليها في مدونةالاسرة ابانت عن فشلها  ان لم نقل ولدت ميتة .

3 ـــــــ توسيع حق المراة في النيابة عن ابنائها لانها نائب شرعي على سبيل الاحتياط فقط  في مدونة الاسرة وما يخلق ذلك من اشكالات عملية جمة  .

4  ــــــــ التنصيص على ضرورة اخضاع  المقبلين على الزواج الى دورات تكوينية حتى الحصول على ” شهادة الكفاءة للزواج ” اسوة بباقي التشريعات  للتعريف بهاته المؤسسة التي هم غرباء عنها .

 

 

لائحة المراجع:

1 ــ صالح ازحاف : “القضاء الدستوري وسؤال الدولة  الدستورية “الطبعة الأولى 2020 ،مطبعة الأمنية الرباط .

2 ــــ لميسي عابد: ”  حدود ملائمة التشريع الداخلي مع القانون الدولي لحقوق الإنسان ــــ المجال الأسري نموذجا ” سلسلة رسائل جامعية،  الجزء الأول ، الناشر مركز الدراسات الأسرية للبحث في القيم والقانون ، الطبعة الأولى 2020 ،مطبعة النجاح الجديدة الضار البيضاء.

3 ــــــ صالح ازحاف : ” الحريات الاساسية نحو تأسيس دستوري لمجتمع التعايش ،دراسة في المحددات المعيارية ” الطبعة  الاولى 2018   ، مطبعة المعرف الجديدة، الرباط

4 ــــــ ـ عبد السلام زوير : “شرح مدونة الأسرة الزواج الطلاق التطليق ” منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، سلسلة الدراسات والأبحاث ، العدد 7-11-2008 .

5 ـــــ محمد الأزهر : ” شرح مدونة الأسرة”  الطبعة الثامنة ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء السنة 2017 .

6 ــــــ نورالدين الكامل : ” الوساطة الأسرية دراسة فقهية قانونية ” رسالة لنيل شهادة الماستر ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، السنة الجامعية 2016/ 2017

7 ــــــ عبد الصمد عبو : ” أثر الاتفاقيات الدولية على المركز القانوني للزوجين في مدونة الأسرة” ،  مقال منشور في مجلة دراسات أسرية ، العدد الثاني . 2016 نشر مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون .

8 ـــــــ سعيد الغلاوي : ” الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الأسرية دراسة مقارنة ” رسالة لنيل الماستر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، السنة الجامعية 2013. 2014 .

9 ـــــــ   العابد العمراني الميلودي : ” الوساطة الجنائية في التشريع الجنائي الفرنسي والتونسي نموذجا ” ،  مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية للوساطة والتحكيم ، العدد 6 دجنبر 2012 ،

10عثمان أخديم : ” الوسائل البديلة لتسوية النزاعات الأسرية ( الوساطة نموذجا ) ” رسالة لنيل دبلوم الماستر للدراسات المعمقة في القانون الخاص،  جامعة عبد الملك السعودي،  كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ، السنة الجامعية 2009/ 2010 ،

11 ــــــ بنسالم أو ديجا : ” الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض النزاعات”  منشورات مجلة القضاء المدني ، سلسلة دراسات وأبحاث ، العدد 3 مطبعة دار القلم الرباط 2009 .

يوسف ملحاوي : ”  النيابة العامة بقسم قضاء الأسرة مؤسسة جديدة ” مقال منشور بمجلة القصر ، العدد 24 شتنبر

12  إبراهيم الأيسر: ”  مدونة الاسرة بعد أربع  سنوات من التطبيق ــ الحصيلة والآفاق ” مقالة منشورة في مجلة قضاء الأسرة ، العدد المزدوج الرابع والخامس. 2009

13 ــــــ عبد القادر قرموش : ” الدور القضائي الجديد في قانون الأسرة المغربي”  أطروحة دكتوراه كلية الحقوق بفاس السنة الجامعية 2008 2009 .

14 ــــــــ  محمد الكشبور : “شرح مدونة الأسرة ” الجزء الثاني ، انحلال  ميثاق الزوجية ، الطبعة الأولى 2006 ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء

15 ــــــ حسن بيوض : ” صلاحيات النيابة العامة في تفعيل مدونة الأسرة ” ، مقال منشور بمجلة القصر ، العدد 11   ماي -2005  .

16 ـــــ زهور الحر : ” دور القضاء في تفعيل مقتضيات قانون الأسرة ” مقال منشور في المجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية ، العدد 50/ 2004 .

16 ـــــ زارة العدل المغربية :”  سلسلة الزوج والدلائل”  الدليل العملي لمدونة الأسرة ، طبع دار القلم بالرباط ، العدد الأول 2004

17 ـــــــ المرسوم رقم 88/4/2  في 25 ربيع الثاني 1425 الموافق 14/6/ 2004 بشأن تكوين المجلس وتحديد مهامه الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5223 بتاريخ 21/6/ 2004 .

18 ـــــ عبد الكريم الطالب : ” النزاعات المدنية لمدونة الأسرة ” مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية ، العدد 106  يناير فبراير

19 ــــ محمد مصطفى شلبي: ”  أحكام الأسرة في الإسلام ” مطبعة دار النهضة العربية ، لبنان 1977 ،

20 ــــــ عبد القادر قرموش : ” حدود الدور الإصلاحي للقضاء في قانون الأسرة ”  مجلة القضاء المدني ، السنة الثانية العدد 3 .

21 ـــــ 22 ـــــ السايح بوساحية: ”  التوجه العالمي نحو قانون أسرة دولي .” مجلة الدراسات والبحوث القانونية العدد 6 المجلد 17 السنة 2017 الناشر جامعة بوضياف المسيلة كلية الحقوق والعلوم السياسية الجزائر .

23  ــــــ قواميس اللغة لدى إبن منظور: ”  لسان العرب ” مؤسسة الأعلى للمطبوعات ، بيروت ، الجزء الرابع.

24  ـــــــ المعجم الوسيط ” نشر مجمع اللغة العربية ، المكتبة العلمية ، طهران ، الجزء الأول .

Cod civil dalloz 2001 p 241  ــــــــ 25

26 ـــــــ الظهير الشريف رقم 101 .08/1 صادر بتاريخ 20 شوال 1429 موافق 20 اكتوبر 2008 بتنفيذ   القانون  رقم 08/ 28 المنظم لمهنة المحاماة المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ 7 ذو القعدة 1429 موافق 6 نونبر 2008 ص 4044 ـــــ 4057 .

27 ـــــــ الظهير الشريف رقم  22ــــ04ــــ1 الصادر في 12 ذي الحجة 1424  الموافق 3 فبراير 2004 بتنفيذ القانون رقم 03/70 بمثابة مدونة الاسرة والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذي الحجة 1424 موافق 5 فبراير  2005  ص 441 .

 

لائحة الإحالات:

[1]  عبد الصمد عبو : ” أثر الاتفاقيات الدولية على المركز القانوني للزوجين في مدونة الأسرة” ،  مقال منشور في مجلة دراسات أسرية ، العدد الثاني . 2016 نشر مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون ، الصفحة 54.

[2]  السايح بوساحية: ”  التوجه العالمي نحو قانون أسرة دولي الصفحة  29    .

[3]  لميسي عابد: ”  حدود ملائمة التشريع الداخلي مع القانون الدولي لحقوق الإنسان ــــ المجال الأسري نموذجا ” سلسلة رسائل جامعية،  الجزء الأول ، الناشر مركز الدراسات الأسرية للبحث في القيم والقانون ، الطبعة الأولى 2020 ،مطبعة النجاح الجديدة الضار البيضاء الصفحة 201.

[4]  زهور الحر : ” دور القضاء في تفعيل مقتضيات قانون الأسرة ” مقال منشور في المجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية ، العدد 50/ 2004 ، الصفحة 31  .

[5]  ظهر مفهوم دولة القانون بشكل تدريجي في أوربا كطرح بديل عن الدولة الإمبراطورية، دولة الحكم المشخصن و السلطة المطلقة ( الدولة التفكيرية ) ،و يمكن تعريف دولة القانون: بأنها الشخصية المعنوية التي تنشأ السلطات فيها وفقا لقواعد قانونية تحدد كيفية اسناد السلطة الى فرد او مجموعة من الأفراد معنيين ،التي تحدد القواعد القانونية بعد ذلك اختصاصاتهم تحديدا واضحا .

صالح ازحاف : “القضاء الدستوري وسؤال الدولة  الدستورية “الطبعة الأولى 2020 ،مطبعة الأمنية الرباط ،  ص 15 .

[6]  دولة المؤسسات : ” هي تلك التي تحترم حقوق الأفراد و حرياتهم الأساسية مع أن مأسسة السلطة في الأساس قامت على ضرورة وضع  حد للسلطة الإعتباطية و ربطها بأهداف مجتمعية ” .

للتوسع يرجع لصالح ازحاف : ” الحريات الاساسية نحو تأسيس دستوري لمجتمع التعايش ،دراسة في المحددات المعيارية ” الطبعة  الاولى 2018   ، مطبعة المعرف الجديدة، الرباط ، ص 180 .

[7]  محمد الكشبور : “شرح مدونة الأسرة ” الجزء الثاني ، انحلال  ميثاق الزوجية ، الطبعة الأولى 2006 ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الصفحة 19.

 [8]   أنظر المادة 77 من مدونة الأسرة التي تنص على، ” يحكم بفسخ عقد الزواج قبل البناء او بعده في الحالات وطبقا للشروط المنصوص عليها في هذه المدونة ”

[9]  حياد على قواعد الاختصاص المكاني المنصوص عليها في الفصلين 27 و28 من قانون المسطرة المدنية فإن الطلب القضائي يمكن أن يقدم حسب المستفاد من صريح المادة  79 من مدونة الأسرة :

أمام المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية

أما أمام المحكمة التي يوجد بدائرة وفودها موطن الزوجة .

أمام المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها محل إقامة الزوجة .

أما أمام المحكمة التي أبرم بدائرة نفوذها عقد الزواج .

حول التمييز بين الموطن ومحل الإقامة بالخصوص راجع الفصول من 518 إلى 524 من قانون المسطرة المدنية.

[10]  ينص الفصل 361 من القانون الجنائي على ما يلي : ” من توصل بغير حق إلى تسلم إحدى الوثائق المشار إليها في الفصل السابق أو حاول ذلك إما عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة وإما عن طريق انتحال اسم كاذب أو صفة كاذبة وإما بتقديم معلومات أو شهادات أو إقرارات غير صحيحة ، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 200  إلى 300 درهم  ” .

[11]  غرفة المشورة هو مكان داخل المحكمة يتم التداول فيه بكيفية غير علنية وأحيانا تناقش فيه القضية أو يستمع فيه للشهود

[12]  تنص المادة 88 من مدونة الأسرة على: ”  أسماء  الزوجين ، وتاريخ ومكان ولادتهما وزواجهما وموطنهما ومحل إقامتهما  ، ملخص ادعاء الطرفين وطلباتهما وما قدماه من حجج ودفوع والإجراءات المنجزة في الملف و مستنتجا ت النيابة العامة، تاريخ الإشهاد بالطلاق ، ما إذا كانت الزوجة حاملا أم لا، أسماء الأطفال و سنهم ومن أسندت إليه حضانتهم وتنظيم حق الزيارة ، تحديد المستحقات المنصوص عليها في المادتين 84 و85 وأجرة  الحضانة..”

[13]  تنص المادة 114 من مدونة الأسرة على : ” يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية دون شرط أو بشروط لا تتنافى مع أحكام هذه المدونة ولا تضر بمصالح الأطفال ” .

[14]  من أبرز النصوص القانونية الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه : ” الالتزامات التعاقدية المبرمة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها قانونا ” .

[15]  بين المشرع الفرنسي حالات الطلاق بحكم من القضاء في المادة 229 من القانون المدني التي تنص على ”

Le divorce peut etre prononce en cas

Soit le consentement mutuel

Soit de rupture de la vie commune

Soit de faute

وبعد هذا النص ، نظم المشرع الحالة الأولى المضمنة  بالنص والخاصة بالطلاق بالاتفاق في المواد من 230 إلى 236 من القانون المدني الفرنسي ، ومن أحكام هذا القانون أن الزوجين غير ملزمين ببيان سبب الطلاق ، وان القضاء يكتفي بمراقبة مدى توفرعنصر  الرضاء .

للتوسع انظر مختلف المراجع الفقهية المشار إليها في مقدمة المادة 230 من القانون المدني الفرنسي.

Cod civil dalloz 2001 p 241

[16]  محمد مصطفى شلبي: ”  أحكام الأسرة في الإسلام ” مطبعة دار النهضة العربية ، لبنان 1977 ، الصفحة 532.

[17]  مع الإشارة إلى أن التطليق بسبب الشقاق مفتوح في وجه الزوجين معا وإن كان الملاحظ أن الزوجة هي التي تستفيد منه بشكل أكبر.

[18]  انظر قواميس اللغة لدى إبن منظور: ”  لسان العرب ” مؤسسة الأعلى للمطبوعات ، بيروت ، الجزء الرابع ، الصفحة 2301.

” المعجم الوسيط ” نشر مجمع اللغة العربية ، المكتبة العلمية ، طهران ، الجزء الأول ، الصفحة 491.

[19]   وزارة العدل المغربية :”  سلسلة الزوج والدلائل”  الدليل العملي لمدونة الأسرة ، طبع دار القلم بالرباط ، العدد الأول 2004 ، الصفحة 71.

[20]  ينص الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية كما تم تعديله بالقانون الرقم 03. 72 على ما يلي : ” يقدم وفقا للإجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة الإبتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية ، أو مواطن الزوجة ، أو التي أبرم فيها عقد الزواج ” .

[21]   جاء في مطلع المادة 38 من قانون المسطرة  المدنية ” يسلم الاستدعاء تسليما صحيحا إلى الشخص نفسه وفي موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه” .

[22]  وهو ما يستفاد من المفهوم المخالف لمقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة.

[23]  جاء في تعليل الحكم الإبتدائي الصادر عن المحكمة الإبتدائية بمراكش عدد 3475 بتاريخ 25. 11. 2004 في الملف الأسري عدد 2114 . 8 . 2004 وهو حكم غير منشور ما نصه : ” أن المحكمة تلزم بتحديد مستحقات الزوجة من نفقة للعدة وسكنى خلالها ومتعة  وتراعي فيها مدى تعسف الزوجة في طلب التطليق   ”

[24]  حيث تم  الحكم على الزوجة في حكم التطليق للشقاق ب100,000 درهم تؤديها كتعويض للزوج لارتكابها جريمة الخيانة الزوجية .

حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء قسم قضاء الأسرة بتاريخ 29. 2. 2005 وهو حكم غير منشور.

[25]  وفي هذا الصدد يقول مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل بالمملكة المغربية إبراهيم الأيسر أن ” مسطرة الشقاق تشكل رافدا قانونيا لمصادر أخرى للطلاق والتطليق ، حيث يصار إليها عند الإقتضاء بمناسبة التعدد ، والرجعة ، والطلاق للخلع ، والتطليق للضرر.

انظر إبراهيم الأيسر: ”  مدونة الاسرة بعد أربع  سنوات من التطبيق ــ الحصيلة والآفاق ” مقالة منشورة في مجلة قضاء الأسرة ، العدد المزدوج الرابع والخامس. 2009 صفحة 34.

[26]  القاعدة أن الوظيفة الرئيسية لجهاز النيابة العامة تجسد في مباشرة الدعوى العمومية لدى الهيئات الزجرية لحماية مختلف فئات المجتمع ومتابعة   سيرها ، بإثارة الدعوة العمومية والسير فيها الى حين تنفيذ  المقررات الصادرة بشأنها قضاء.

[27]   حسن بيوض : ” صلاحيات النيابة العامة في تفعيل مدونة الأسرة ” ، مقال منشور بمجلة القصر ، العدد 11   ماي -2005  الصفحة 122.

[28]  يوسف ملحاوي : ”  النيابة العامة بقسم قضاء الأسرة مؤسسة جديدة ” مقال منشور بمجلة القصر ، العدد 24 شتنبر 2009 الصفحة 51.

[29]  تنص المادة 43 من مدونة الأسرة على: ”  إذا كان سبب عدم توصل الزوجة بالاستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج بسوء نية لعنوان غير صحيح أو تحريف في إسم الزوجة ، تطبق على الزوج العقوبة المنصوص عليها في المادة 361 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة  المتضررة ” تنص المادة 81 من مدونة الأسرة على : ”  إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول ، استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة ، وإذا ثبت تحايل الزوج طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 361 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة.

[30]   عبد الكريم الطالب : ” النزاعات المدنية لمدونة الأسرة ” مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية ، العدد 106  يناير فبراير 2007 الصفحة 50. 51

[31]  عبد السلام زوير : “شرح مدونة الأسرة الزواج الطلاق التطليق ” منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، سلسلة الدراسات والأبحاث ، العدد 7-11-2008 الصفحة 109. 110 .

[32]  ” عدم الغوص ” في النزاع يحتاج إلى معرفة الحد الذي ينبغي الوقوف عنده لتأييده أو تنفيذه

[33]  المؤهل الذي يحنك القاضي يكمن في جعله طبيبا اجتماعيا تتوفر فيه الفطنة والفراسة وسرعة البديهة ومهارات اتصالات عالية،  وقوة الإقناع وحسن الاستماع والقدرة على طرح أكثر من حل للنزاع والتفتح على قضايا المجتمع والاطلاع على أحوال الناس  ”

للمزيد انظر عبد القادر قرموش : ” الدور القضائي الجديد في قانون الأسرة المغربي”  أطروحة دكتوراه كلية الحقوق بفاس السنة الجامعية 2008 2009 الصفحة 67 وما بعدها

[34]  من حيث أن كثرة ملفات الطلاق والتطليق تجعل القاضي والدفاع وكتابة الضبط ككل في ضغط رهيب ،  حيث يستحيل على قاضي  الأسرة النجاح في مهمته والوصول إلى الإصلاح أمام الكم الهائل من الملفات المعروضة أمامه ، حيث لا تتجاوز عملية الإصلاح أمامه مدة 5 دقائق وهي مدة غير كافية مطلقا حتى للتعرف على هويات الأطراف.

[35]  سورة النساء الآية 35.

[36]  محمد الأزهر : ” شرح مدونة الأسرة”  الطبعة الثامنة ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء السنة 2017 الصفحة 178.

[37]   تنص المادة 400 من مدونة الأسرة على أنه: ”  كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعي فيه تحقق قيم الإسلام في العدل والإسلام والمعاشرة بالمعروف ”

[38]  عثمان أخديم : ”  الوسائل البديلة لتسوية النزاعات الأسرية ــ الوساطة نموذجا ” رسالة دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص ، جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية  بوجدة ، السنة الجامعية 2009 2010 ، الصفحة 124.

[39]  صدر المرسوم رقم 88/4/2  في 25 ربيع الثاني 1425 الموافق 14/6/ 2004 بشأن تكوين المجلس وتحديد مهامه الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5223 بتاريخ 21/6/ 2004 .

[40]  عبد القادر قرموش : ” حدود الدور الإصلاحي للقضاء في قانون الأسرة ”  مرجع سابق الصفحة 63/64 .

[41]  تنص المادة الثامنة من المرسوم على ما يلي: ”  يصرف النظر عن استشارة مجلس العائلة بعد استنفاد جميع الوسائل ”

[42]  نورالدين الكامل : ” الوساطة الأسرية دراسة فقهية قانونية ” رسالة لنيل شهادة الماستر ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، السنة الجامعية 2016/ 2017 الصفحة 107.

[43]  نور الدين الكامل:  مرجع سابق، ى الصفحة 112.

[44]  الظهير الشريف رقم 101 .08/1 صادر بتاريخ 20 شوال 1429 موافق 20 اكتوبر 2008 بتنفيذ   القانون  رقم 08/ 28 المنظم لمهنة المحاماة المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ 7 ذو القعدة 1429 موافق 6 نونبر 2008 ص 4044 ـــــ 4057 .

[45]  تنص المادة 43من قانون 28. 08 على : ” يحث المحامي موكله على فض النزاع عن طريق الصلح أو بواسطة الطرق البديلة الأخرى قبل اللجوء إلى القضاء ”

 [46]  نشير إلى أن المحامي في التجربة الأمريكية يقوم بدور الوساطة بكل الدعاوى التي تقل قيمتها عن 15,000 دولار ، في حين القانون البريطاني يفرض على المحامي اللجوء إلى هذه الوسائل البديلة قبل اللجوء الى القضاء تحت طائلة اعتباره مخلا بواجبه المهني .

للمزيد حول الموضوع انظر :

بنسالم أو ديجا : ” الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض النزاعات”  منشورات مجلة القضاء المدني ، سلسلة دراسات وأبحاث ، العدد 3 مطبعة دار القلم الرباط 2009 ، الصفحة 184.

[47]   الحسن بو يقين : ” مدى إمكانية تطبيق نظام الوساطة بالمغرب ” مجلة المرافعة ، العدد 14. 15 لشهر دجنبر 2004 ، الناشر هيئة المحامين لدى محكمتي الاستئناف بأكادير والعيون  ،  السنة 2004 ، الصفحة 23 .

[48]   عثمان أخديم : ” الوسائل البديلة لتسوية النزاعات الأسرية ( الوساطة نموذجا ) ” رسالة لنيل دبلوم الماستر للدراسات المعمقة في القانون الخاص،  جامعة عبد الملك السعودي،  كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ، السنة الجامعية 2009/ 2010 ، الصفحة 164.

[49]  سعيد الغلاوي : ” الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الأسرية دراسة مقارنة ” رسالة لنيل الماستر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، السنة الجامعية 2013. 2014 الصفحة 174 .

[50]  نور الدين الكامل : ” الوساطة الأسرية دراسة فقهية قانونية ”  مرجع سابق ،  الصفحة 135  .

[51]  ،   العابد العمراني الميلودي : ” الوساطة الجنائية في التشريع الجنائي الفرنسي والتونسي نموذجا ” ،  مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية للوساطة والتحكيم ، العدد 6 دجنبر 2012 ، الصفحة 47 .

[52]  محمد المكي : مرجع سابق ، الصفحة 99

[53]  نشير بهذا الصدد أن التجربة الفرنسية أحدثت دبلوم الدولة ” للوسيط الأسري”  ، وفي الأردن دبلوم ” الإرشاد الأسري ”  بعد  ترخيص بذلك وإجراء  مبارة .

قد يعجبك ايضا