مقترحات لتعديل قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة

ذ. نبيل الوردي

خريج ماستر العقار و التوثيق بالمحمدية

 

مقدمة :

ففي الآونة الأخيرة كثرة الإضرابات و الإحتجاجات التي خاضتها الهية الوطنية للعدول بالمغرب من أجل تعديل جدري لا ترقيعي أو شكلي لقانون 16.03 بمثابة خطة العدالة ، لكي يتم تحسين ظروف عمل و اشتغال السادة العدول و انخراطهم في استرتجية المغرب الرقمي و توفير كل الضمانات الكونية و الدستورية و الحقوقية ، و سيرا على توجهات مثاق غصلاح منكومة العجالة التي يعد العدول من مساعديها بطبيعة الحال .

و بالموازاة مع كثرة  ردود الفعل التي انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعية و ذلك على  بخصوص مراسلة السيد وزير العدل لمدير الهيئة الوطنية للعدول بشأن إبداء الرأي في مروع قانون تنظيم مهنة العدول ، الذي اعتبره المكتب التنفيذي للهيئة الوكنية للعجول أنه لا يرقى لمستوى طموحات و  مطالب السادة العدول …

أن مشروع القانون لا يستجيب للحد الأدنى للمطالب المفصلية، التي تقدمت بها هيئة العدول، فضلا عن الإجهاز على مكتسبات القانون الحالي، وعدم اعتماد المقاربة التشاركية في إعداد المشروع المذكور، في تجاهل للمرجعية الدستورية والحقوقية والقانونية وتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة. ووعيا منا بنشر الثقافة القانونية و  بوجوب التحسيس بضرورة تحديث مهنة التوثيق العدلي ليس لمكانتها التاريخية البارزة فحسب ، و إنما ضمانا لمبدأ المنافسة و المساواة بين مهني التوثيق ، و رفع الحيف و النظرة النمطية عن مهنة العدول الموثقين ، بإعتبارها أحد أهم قطبي التوثيق بالمغرب ، بحيث تساهم بشكل كبير في إستقرار المعاملات و تحقيق الأمن التعاقدي و العقاري و إشاعة السلم و الإطمئنان داخل حضيرة المجتمع و كذا تحريك عجلة الإقتصاد …. [1]

و يمكن عموما تعريف التوثيق؛ في اللغة: معناه الإحكام والإتقان و التأكيد، أما كلمة عدلي المضافة إلى التوثيق فهي منسوبة إلى لفظة العدل الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى و هو مصدر لفعل عدل الحاكم في الحكم يعدل عدلا إذا حكم بالحق و لم يجر، و العدل من الناس المرضي قوله و حكمه. و في الاصطلاح: فقد عرفه ابن فرحون-التوثيق العدلي- فقال “صنعة كتابة الوثائق العدلية صناعة جليلة شريفة و بضاعة عالية و منيفة تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية و حفظ دماء المسلمين و أموالهم و الإطلاع على أسرارهم و أحوالهم [1]. و الذي يتناسب و ” خطة العدالة” أو ” مهنة التوثيق العدلي” في زماننا، أن نقول في تعريفها ” هي مهنة حرة قضائية  يناط بها القيام بالإشهاد و التوثيق بين الناس فيما لهم و عليهم تلقيا و أداء بالكتابة و فقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل و ما جرى عليه عمل القضاة عامة المكلفين بالتوثيق

و مما لا غرو فيه أن ميثاق إصلاح منظومة العدالة ، يقتضي إدخال تعديلات جوهرية و شكلية على عدة قوانين تهم كل المنتمين لأسرة العدالة و المساعدين لها . و خطة العدالة ضمن المهن القانونية و القضائية المساعدة للقضاء [2] ، لذلك فإن الحاجة ملحة اليوم من أجل تحديث مهنة التوثيق العدلي من أجل مسايرة الواقع الذي يشهد تدخل وسائل التكنولوجيا في مختلف المجالات و المهن … و كذا رفع القيود و الوصايا من طرف قاضي الوثيق و كل ما له علاقة بالإرتقاء بهذه المهنة الشريفة التي أولاها الفقهاء في الشريعة الإسلامية مكانة مرموقة .

و من أجل تحقيق ذلك خاضت  للهيئة الوطنية للعدول عدة اضرابات وطنية كان أهمها  أيام 18 و 19 و 20 من سنة 2021 للضغط على مشرع الرباط ممثلا في الوزارة المكلفة بالعدل و الحريات ، و لعل الحناجر المنادية بتحديث و تعديل قانون [1]16.03 تجد آذان صاغية ، و إرادة حقيقية من طرف المنتمين للهيئة الوطنية للعدول و المؤسسات التشريعيى و هيآت المجتمع المدني و مختلف الفاعلين في الميدان القانوني و الحقوقي  من أجل النهوض بمهنتهم .

و عليه فإن تناولي للموضوع لن يتطرق للجانب النظري بل سنحاول قدر الإمكان الخوض في الإشكالات التي تؤرق السادة العدول و التي يجب تعديلها لتحقيق نوع من المساواة بين مهنتي التوثيق ، و ما ينبغي على  العدل و العدلة القيام به لتطوير و تحديث مهنتهم .

و عليه فإن الإشكالية التي يجيب عنها هدا المقال هي  ما هي النقط الجوهرية و الأساسية التي ينبغي تعديلها في قانون [3]16.03 ؟

و الجدير بالتنبيه اننا لن تنناول تحليل الموضوع وفق التصيصم الثنائي و ذلك لغاية البحث

 

من المعلوم أن مهنة التوثيق العدلي لها مميزات خاصة بها ، و ذلك نظرا لطابعها التاريخي المتجدر في أحكام الشريعة الإسلامية السمحة ، غير أن متطلبات العصر الحالي تفرض التحديث كمطلب أساسي و رفع بعض القيود على هذه المهنة كخطاب قاضي التوثيق.

أولا : ضرورة تعديل اسم القانون المنظم لمهنة العدول

إن من بين أهم التعديلات الكلية التي يجب أن تطال  القانون 16.03 المعلق بخطة العدالة ، هو تغيير هذا الإسم من  خطة العدالة إلى ” قانون التوثيق العدلي ” ، فزمن الخطة قد انتهى و ولى و انقطع ذابره ، لذا فمن الأفيد تغير اسم القانون كأول مطلب شكلي يجب على السادة العدول التمسك به في نضالاتهم .

ثانيا : مقترح لتعديل المادة 1

جاء نص المادة واحدة من قانون 16.03 بما يلي :” تمارس خطة العدالة بصفتها مهنة حرة حسب الاختصاصات والشروط المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة ، ويعتبر العدول من مساعدي القضاء.

هذه المادة تتضمن ثلاث مقتضيات يجب أن تعدل ، الأول يتعلق بمصطلح خطة العدالة و هو الذي سبق الحديث عنه بمناسبة تعديل اسم القانون .

و أما المقتضى الثاني و هو الذي يهم التنصيص على أن العدول من مساعدي القضاء ، فالمهن التوثيقية و غيرها المرتبطة بجسم العدالة من الأفضل أن تكون أو أن يطلق عليها لفظ المهن المرتبطة بأسرة العدالة ” إذا يجب تعديل يعتبر العدول من مساعدي القضاء ” ، إلى مصطلح أو عبارة ” : تعتبر مهنة التوثيق العدلي من المهن المرتبطة بأسرة العدالة ” .

فيما يهم المقتضى الثاني مصطلح القضاء ، فبعد دستور 29 يوليوز 2011 ، و الذي إرتقى بالقضاء إلى مصاف السلط الثلاث لما جاءت به نظرية مونتيسكيو في كتابه العظيم روح القوانين بحيث لم يعد لمصطلح القضاء مكانة بل المصطلح الصحيح هو ” السلطة القضائية ”

ثالثا : مقترح لتعديل المادة 6

لقد حددت المادة 4 شروط الإنخراط في المهنة [1]  من قانون 16.03 بتحديد شروط  ، و من بين شروط الإنخراط ، و لكن المشرع ترك أهم شرط لولوج المهنة إلى المادة 6 و التي نصت على ما يلي : ” يشارك في المباراة المشار إليها في المادة 4 أعلاه وكذا في التمرين والامتحان المهني ، حملة شهادة الإجازة المحصل عليها بالمغرب من إحدى كليات الشريعة ، أو اللغة العربية ، أو أصول الدين ، أو الآداب – فرع الدراسات الإسلامية- ، أو الحقوق – فرع القانون الخاص أو القانون العام- أو ما يعادلها.

فبلا شك فإن القارئ لهذه المادة سيلاحظ أن المشرع اشترط للولوج إلى مهنة التوثيق أن يكون المشارك في المباراة و التمرين و الإمتحان  المهني  حاصلا على شهادة الإجازة في الشريعة أو اللغة العربية أو أصول الدين أو الأداب … إلخ.

فإن كان اشتراط الحصول على شهادة الإجازة في أصول الدين أمر مقبوال ، فإن سهام النقد الجارح هي التي وجهت إلى إمكانية إعطاء المشاركة في المباراة للطلبة الحاصلين على الإجازة في اللغة العربية أو  الأداب فرع الدراسات الإسلامية ، من الأمور غير المقبولة و التي يجب تعديلها ، فالعدل رجل قانون بدرجة أولى ، بل و اشتراط الحصول على الإجازة في القانون الخاص.

و كذلك ينبغي على المشرع بل و كان عليه أن ينظم هذا الشرط صمن المادة الرابعة المتعلقة بتحديد شروط الولوج للمهنة ، فما الغاية من تنظيمه في مادة مستقلة؟

رابعا : مقترح لتعديل المادة 14

و مما جاء في الفقرة الرابعة من  المادة  ما يلي 14 :  يتقيد العدل في ممارسة الخطة بحدود دائرة محكمة الاستئناف المنتصب فيها ، ما عدا الإشهاد بالزواج والطلاق فيتم وفق المادتين 65 و87 على التوالي من مدونة الأسرة .”

إن من بين أهم المطالب الذي يجب على السادة العدول النضال من أجلها و هي عدم حصر إختصاص العدل في حدود دائرة محكمة الإستئناف المنتصب فيها ، بحيث يجب أن يمارس في كل ربوع المملكة إسوة بأشقائهم الموثقين .

خامسا : مقترح لتعديل المادة 17 

تنص المادة 17 من قانون 16.03 على ما يلي :” للمتعاقدين الخيار بين أن يقوموا بأنفسهم بالإجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل والتنبر وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية وغيرها ، أو أن يكلفوا أحد العدلين المتلقيين بالقيام بالإجراءات المذكورة بمقتضى تصريح موقع عليه من الطرفين بكناش يحدد شكله بنص تنظيمي. ”

إنه لعبث تشريعي أن يترك المشرع الخيار للأطراف من أجل القيام بأنفسهم  بالإجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل والتنبر وإدارة الضرائب و المحافظة العقارية … أو أن يكلفوا أحد العدلين المتلقيين بالقيام بهذه الإجراءات.

إن السادة العدول يلتزمون بتحقيق نتيجة و ليس بذل عناية في هذه الحالة ، فمن الواجب بل إنه التزام قانوني يجب أن يتحمله كل عدل محرر للعقد ، بأن يقوم بالإجراءات المتعلقة بالتنبر و التسجيل و إدارة الضرائب ، و أهم هذه الإجراءات بطبيعة الحال و هو التقييد نعم تقييد العقد وفق منصوص الفصل 65 من ظهير 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري بالرسم العقاري إذا كان العقار محفظا ، أو القيام بإجراءات الإيداع وفق الفصل 84 من قانون 14.07 المعدل و المتمم لظهير  12غشت 1913 . و ذلك لخطورة الأمر لأن أغلب الأفراد لا يقومون بتقييد عقودهم ، أو إيداعها بمطلب التحفيظ أو نشرها وفق الخلاصة الإصلاحية لأن العبرة بالتقييد و ليست بإبرام العقود  . و بطبيعة الحال جعل العدول يلتزمون تلقائيا بالقيام بهذه الإجراءات لمن شأنه أن يحقق الأمن التعاقدي و العقاري و  ضمان و صون الحقوق كغاية تحابيها أنامل المشرع عند وضع أي قاعدة قانونية.

و مما يعرقل تطبيق هذه المادة على المستوى الواقعي ، لهو ذلك الشرط الذي أقره المشرع في آخر المادة 17 ، إذ نص على ما يلي : ” بمقتضى تصريح موقع عليه من الطرفين بكناش يحدد شكله بنص تنظيمي. ”

فإشتراط تصريح من الطرفين معا و أن يتضمن توقيعاتهم معا لهو ضرب من ضروب تفريخ حتى مكنة أن يقوم أحد العدلان المتلقان في حالة ما إن إراد أحد المتعاقدين أن يقوم العدل بتلك الإجراءات ، بحيث يكفي أن يعارض الطرف الآخر، أو أن أحدهم يرغب أن يقوم بنفسه بتلك الإجراءات بينما الطرف الآخر يود تكليف عدل للقيام بذلك ، و هذه هي الإشكالات المطروحة على مستوى تطبيق هذه المادة ، فما أعطاه المشرع باليد اليمنى أخذه باليد اليسرى

فحماية لحقوق المتعاقدين الذين أغلبهم يجهلون مزايا وخطورة العقال المحفظ أو الذي في طور التحفيظ يجب على المشرع أن يلزم العدول بالقيام بالإجراءات التي يتطلها تمام تنفيذ العقود و سريا آثارها فالملكية لا تنتقل في العقار المحفظ إلا بالتقييد في الرسم العقاري و إبتداء من يوم إجراء هذا التقييد .

و هذا الإجراء صراحة سيشجع الأفرا على اللجوء إلى التوثيق العدلي إسوة بالتوثيق العصري ، لأن المشرع ألزم الموثق العصري بالقيام بتلك الإجراءات .

سادسا : مقترح لتعديل المادة 35 من قانون 16.03

و هذا هو بيت القصيد ، إذ يعتبر خطاب قاضي التوثيق إجراء شكليا ، نادت و لازالت تنادي عدة أصوات سواء المهنية أو الباحثين في المجال برفع خطاب قاضي التوثيق و الذي نصت عليها المادة 35 من قانون 16.03 و التي جرى نصها على الشكل التالي :”

  يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام الإجراءات اللازمة ، والتأكد من خلوها من النقص ، وسلامتها من الخلل ، وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها.

يتعين على القاضي ألا يخاطب على الشهادات الخاضعة لواجبات التسجيل إلا بعد تأديتها.

لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب ، وتعتبر حينه وثيقة رسمية.

إن من بين أهم المطالب و شعارات الإضراب الوطني للهيئة الوطنية للعدول أيام 18 و 19 و 20 ماي لسنة 2021 ، هو إلغاء إجراء خطاب قاضي التوثيق ، ففي الواقع يشكل خطاب قاضي التوثيق حجر عثرة أمام الوثيقة العدلية إذ لا تصبح رسمية إلا بتذييلها بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق ، مما يطيل من الإجراءات من جهة إذ قد يتسغرق امر تلقي و تحرير و تذييل الوثيقة بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق أيام و أسابيع و شهور حتى تضيع الحقوق لأصحابها .

فاليوم لا حاجة لبقاء خطاب قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية ، لإعتباره إجراء شكلي لا غير ، ففي نظرنا إن الوثيقة العدلية تكتسب الرسمية بعد القيام بإجراءات التحرير و التي نصت عليها المادة 33 من قانون خطة العدالة و التي تفيد ما يلي :”

تكتب الشهادة تحت مسؤولية العدلين في وثيقة واحدة دون انقطاع أو بياض أو بشر أو إصلاح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب أو استعمال حرف إضراب.

تذيل الوثيقة بتوقيع عدليها مقرونا باسميهما مع التنصيص دائما على تاريخ التحرير.”

إذن فمنذ تذييل هذه الوثيقة بتواقيع عدليها و الذي يجب أن يكون مقرونا بإسميهما و مع التنصيص دائما على تاريخ التحرير ، تصبح رسمية و من دون حاجة إلى خطاب القاضي لإضفاء صفة الرسمية ، فمهنة العدول مهنة حرة مخول لها تحرير الوثائق الرسمية  و دليلنا في ذلك ما نصت عليها المادة 4 من م ح ع إذ تنص على تحرير التصرفات المرتبطة بالعقار تحت طائلة البطلان بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض . و المشرع في هذه الحالة مبدئيا ينص على أن العدول و الموثقين العصرين هم المكلفين بتحرير العقود الرسمية ، ناهيك عن القوانين العقارية الخاصة …الخ .

و لنفرض جدلا أن قاضي التوثيق لم يتأكد بشكل جيد من خلو الوثيقة العدلية من النقص الذي يعتريها ، فمن سيتحمل المسؤولية إذا ما إعتراها نقص ما ؟ إنه السؤال الذي يواجه به كل متشبت ببقاء خطاب قاضي التوثيق على الوثيقة العدلية ، فبطبيعة الحال فإن العدول هم من يتحملون المسؤولية وليس قاضي التوثيق و ذلك لأن المشرع لم ينص على أي جزاء يطال القاضي المكلف بالتوثيق حالما لا يتأكد من نقص الوثيقة .

و هذه حقيقة قانونية يجب أن تعكسها حقيقة واقعية كذلك ، و أمام مطقية إلغاء خطاب قاضي التوثيق لا يسعنا إلا أن نثمن هذا الطرح .

كذلك الملاحظ يلاحظ على أن المشرع يجعل الوثيقة العدلية من جهة ناقصة أتمية و نقصد بها أتمية التحرير و ذلك لما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 35 :” لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب ، وتعتبر حينه وثيقة رسمية. ”

و من جهة أخرى أوقف اكتسابها للصفة الرسمية على إجراء معدوم و هو إجراء شكلي لا غير و هو خطاب قاضي التوثيق .

من الواجب مساواة مهني المتعاطين للتوثيق فإن كان المحرر الذي يصدره الموثق يكتسبق الرسمية منذ وضع توقيعه عليه فإن نفس المطلب يجي أن يتمتع به السادة العدول مع الإشارة إلى أن الوثيقة العدلية يتلقاها عدلين مما يساهم في تحقيق الأمن العقاري بكل صوره و تجلياته .

طرح إشكال فيما يتعلق بالوثيقة العدلية بإعتبارها عرفية إلى حين تذييلها بالخطاب ، فهل يمكن القيام بتقييد إحتياطي حماية للحقوق المنصبة الوثيقة على ضمانها ؟ ريثما تكتسب الصبغة الرسمية ؟

من المعلوم أن المشرع نص على آلية أو ميكانيزم مهم لحماية الحقوق في ظل ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 14.07 ، ألا و هي مؤسسة التقييد الإحتياطي[4] ووفقا للفصل 85 يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ المطالبة بتقييده تقييدا إحتياطيا .

فلكي يحفظ صاحب الحق مرتبه و مركزه القانوني يمكنه اللجوء إلى التقييد الإحتياطي سواء بناء على سند أو بناء على أمر قضائيا صادر عن رئيس المحكمة الإبتدائية أو بناء على نسخة من مقال الدعوى .

غير أن اللجوء إلى الحالة الأولى للتقييد افحتياطي أي بناء على سند تبقى الأقرب للواقع ، مع ملاحظة أن الممارسة العملية لإدارة المحافظة العقارية يخلو منها طلب التقييد الإحتياطي بناء على سند ، ربما  لآن أجله جد قصير إذ يشطب المحافظ تلقائيا على هذا التقييد بمرور أجل 10 أيام .

و لكن هذا لا يمنع من اللجوء إلى الحالة من الحالات العامة للتقييد الإحتياطي المنصوص عليها في ظل ظهير التحفيظ العقاري الفصول 85 و 86 .

سابعا : التنصيص على صندوق الإيداع و التدبير

لقد أحدث قانون المالية لسنة 2010 شرخا واضحا بين مهنتي العدول و الموثقين بحيث خول هذا القانون توثيق السكن الإقتصادي بناء على إيداع الأموال بصندوق الإيداع و التدبير ، و هو المقتضي الذي خرق مبدأ المساواة بين مهني التوثيق ، و دلك على إعتبار أن القانون 32.09 هو وحده الذي نظم صندوق الإيداع و التدبير و بالتالي فإن فئة أو شريحة مهمة من المجتمع و التي تريد إقتناء السكن الإقتصادي ستلجأ إلى الموثق و ليس العدول و هو ما تكرس مع قتون المالية لسنة 2013 ، إلى أن قانون المالية لسنة 2020 و بعد جهد جهيد للسادة العدول من أجل استعادة اختصاصهم بتوثيق جميع التصرفات جعل المشرع يخطو خطوة  طفل متعثر ، و ذلك بتنصيصه في ظل قانون المالية لسنة 2020 على أن يمكن القيام بالإيداع لذا مصالح الخزينة العامة للمملكة ،

اليوم من المطالب المهمة في إطار تحديث مهنة التوثيق العدلي التنصيص على تنظيم صندوق الإيداع و التدبير ضمن تعديل قانون 16.03 .

ثامنا : مطالب بإدخال التكنولوجيا لمهنة التوثيق العدلي

بلا موجب شك أن الواقع يتطور باستمرار اليء الذي يفرض تحيين و عصرنة المنظومة القانونيى بشكل مستمر ، و من أجل مواكبة التطورات الحاصلة في المجمع سواء الوطني أو الدولي ، فإن مشروع الرقمنة و كذا الإنخراط في استراتيجية المغرب الرقمي لا تقتضي بصراحة انخراط جميع الفاعلين و في مختلف المجالات و من ضمنها مهن التوثيق . فإن كان للسادة الموثقين قصب السبق في تحديث مهنتهم و ذلك بإدخال وسائل رقمية و مذ سنة 2016 كإحداث منصة توثيق TAWTIK

، و كذلك خلق منصة مع المحافظة العقارية و مختلف الفاعلين من إدارة الضرائب … إلخ و كذلك إنشاء السجل الوطني الإلكتروني للوكالات ، الأمر الذي أبان عن نجاعة اللجوء إلى رقمنة التوثيق بصفة عامة في إطار لامادية الإجراءات ، إذ يتمكن السادة الموثقين من تحرير العقود و القيام بتقييدها بالمحافظة العقارية في نفس الوقت مما  يشكل نقص الإجراءات و القيام بها في ظرف وجيز جدا و بفعالية مضمونة بكل يخدم الأمن التعاقدي .

و هو نفس المقتضي الذي يجب على السادة العدول المطالبة بها و لا يتأتى ذلك إلا بإبرام إتفاقيات مع مختلف الفاعلين و المرتبطين بالتوثيق … و كذا القيام بدورات تكوينية في مجال الرقمنة و التعريف بالبرمجيات  و كذلك نطالب بإنشاء تطبيق خاص بالعدول نسميه تطبيق عدل ADOUL” ”

و الأهم هو تنصيص المشرع سواء في ظل قانون 16.03 أ,و قانون 32.09 غلى رقمنة الإجراءات كأرضية تشريعية تنطلق منها الرؤيا الإستراتيجية للتوثيق الرقمي و بالتالي الإنخراط في إستراتيجية المغرب الرقمي . و بإعتبار هذا التحديث من ضمن أهم إصلاحات منظومة العدالة .

و ننوه في هذا الصدد بالدهود المبذولة من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية بخصوص دمج السادة العدول في استراتجية الرقمية ، و ذلك بتخويلهم امكانية الإيداع اللامادي للوثائق بالمحافظة العقارية إسوة بالموثقين العصريين .

و قد صدرت دورية عن السيد مدير و و م ع م ع خ [1] ، و التي جاء فيها ما يلي :

” …. في إطار مبدأ التدرج الذي تعتمده الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري

والخرائطية في تنزيل مقتنيات المرسوم رقم 218,181 المتعلق بتحديد كيفية وشروط التدبير الإلكتروني

العمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بهاء يشرفني إخباركم أن الوكالة قد أحدثت فضاء جديدا

خاصا بالسيدات والسادة العدول، والذي سينطلق ابتداء من يوم الأربعاء 13 أبريل 2022 في مرحلة تجريبية

ستضم خمسة وعشرون عدلا ويوفر هذا الفضاء الجديد مجموعة من الخدمات الإلكترونية وهي كالتالي

– شهادة الملكية المتعلقة بالرسوم العقارية

– التصميم العقاري

– جدول حساب المساحة

– الأداء الإلكتروني لوجبات المحافظة العقارية الخاصة بتقييد وايداع العقود بالسجلات العقارية

ومن أجل تمكين السيدات والسادة العدول عن تتبع مآل إبداعاتهم وعند الاقتضاء الأداء

الإلكتروني الرسوم المحافظة العقارية، يتعين عليكم بمناسبة استقبالكم العقود الواردة عليكم ابتداء من

أبريل 2022 اختبار صفة العدول في الخانة المتوفرة ببرنامج تدبير إيداع الوثائق من أجل الدراسة

والمسماة “صفة واضع الوثائق” وبعد ذلك اختيار اسم العمل المعنى في خانة “اسم المهني بالعربية والتي ستتضمن خلال هاته الفترة التجريبية فقط اسماء 25 عدلا تم اقتراحهم من طرف الهيئة الوطنية للعدول

وأثير انتباهكم إلى أن استخلاص وجيبات جميع العمليات المودعة قبل تاريخ 13 أبريل 2022 من

طرف السيدات والسادة العدول، يجب أن يتم مباشرة بصندوق المحافظة العقارية ولن يكون بامكانهم أداؤها بطريقة الكترونية…”

و لا يفوتنا في ختام هذا المقال المتواضع من أن ننبه المشرع إلى ضرورة تعديل قانون خطة العدالة بما يتلائم و المستجدات التي  عرفتها مهنة العدول ، بحيث عرفت مشاركة المراة العدل كذلك تعزيزا للدور الريادي للعنصر النسوي وتحقيقا للمبدأ الدستوري القاضي بالمساواة بين الرجال و النساء في الحقوق و الواجبات و كذا تحقيق مبدأ المناصفة كذلك ، و الكل من أجل جعل المرأة حاملة مشعل التنمية الإجتماعية و الإقتصادية و الإجتماعية ، هذا الدور الذي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله على التأكيد عليه في عدة خطب و رسائل سامية[5] .

و توالت الأحداث و الأنشطة الملكية و الرسائل و الخطب التي نال فيها موضوع المرأة الحيز الهام ، و هكذا وجه جلالة الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في أشغال القمة العالمية الثانية لمبادرة ” نساء في افريقيا ” إلى ما يلي :   ولا شك أن للسلطات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني دوراً حاسماً يجب الاضطلاع به في هذا الاتجاه، بما يضمن تعزيز الدور الريادي للمرأة باعتبارها محركاً للتنمية.”[1]

و غير خافي الدور الهام الذي أبداه جلالة الملك بخصوص ولوجية المرأة لخطة العجالة إذ طلب جلالته فتوى[6] من المجلس العلمي الأعلى سنة 2018، بحيث أصدر هدا الأخير رأي بالإيجاب

، و لذلك نهيب بالمشرع ان يتدخل لإعادة صياغة نصوص خطة العدالة بما يتلائم و واقع الحال وذالك بجل نصوصها تحمل ذلالات تأنيثية ، مع تحسين وضعية المرأة و الدفع بها للانخراط المكثف في هذه المهنة الشريفة …

 

خاتمة:

حاولنا قدر الإمكان بيان بعض أوجه النقص التي تعتري القانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة و هي بعض الإشكالات فحسب على إعتبار أن هناك عدة أمور لم نتطرق لها  ، و الذي نأمله في الأخير أن تحقق هذه المقترحات سواء التي أدلينا بدلونا في شأنها او مطالب السادة العدول أن تجد آذان صاغية من طرف المشرع ، لأن تحديث مهن التوثيق لمن شأنه ان يساهم في تعزيز ضمانات الأمن التوثيقي كمدخل لتحقيق الأمن التعاقدي و العقاري ، الشيء الذي يحقق السلم  الإجتماعي و الإقتصادي .

و في الأخير فإن وفقت فبفضل الله و إن لم أوفق فمني .

و الله ولي التوفيق.

 

[1] انظر جريدة هسبريس

[2] لقد جاء في المادة 1 من قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة ما يلي :” تمارس خطة العدالة بصفتها مهنة حرة حسب الاختصاصات والشروط المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة ، ويعتبر العدول من مساعدي القضاء.

[3] ظهير شريف رقم 56-06-1 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة.

الجريدة الرسمية رقم 5400 الصادرة يوم الخميس 2 مارس 2006

مرسوم رقم  2.08.378  صادر في 28 من شوال 1429 (28 أكتوبر 2008)  بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة؛جريدة رسمية عدد 5687  صادرة  بتاريخ 2 ذو الحجة 1429 (فاتح ديسمبر 2008)

[4] لاحظ أن الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري يعبر نصا موضوعيا ، بينما يعتبر الفصل 86 من نفس الظهير نصا شكليا . و هذه بالحقيقة أهم ميزة تطبع زهير التحفيظ العقاري بإعتباره نصا موضوعيا و عاما للتحفيظ و نصا شكليا خاصا على مستوى المسطرة.

[5] ، إذ دعى جلالة الملك منذ جلوسه على عرش أسلافه الميامين إلى ضرورة إخراج مدونة الأسرة التي تحمل نفحة المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات ، أو ليس النساء شقائق الرجال في الأحكام ؟ و هو ما تم في سنة 2003 إذ تم إخراج مدونة الأسرة إلى حيز التنفيذ بقانون 70,03 . و أيضا مساواة المرأة بالرجل فيما يخص الإستفادة من الأراضي السلالية و كذا مسألة ولوج المراة لخطة العدالة خلال سنة 2018 …

[6] هذه لفتوى لم يكتب لنا الإضطلاع عليها و عند اسفسارنا لأحد الموظفين بالمجالس العمية الإقليمية أكد لنا أنه لسبب بسيط وهي أنها قدمت بشكل شفوي و لم يتم تحريرها على دعامة ورقية و لا الكترونية

قد يعجبك ايضا