تطبيق الإدارة الالكترونية في الامارات

علي محمد حمد بارك المري

تقديم:

     تسعى دولة الامارات العربية المتحدة  لإرساء معالم الحكومة الإلكترونية في ظل التحديات الراهنة لإدارتها العمومية التي تواجه العديد من النقائص والاختلالات الهيكلية والوظيفية ، والتي أصبحت تؤثر على مستوى الخدمات المقدمة وجودتها وبالتالي على رضى المواطنين عنها ، لذلك وضمن مساعي الدولتين  لمواكبة التطورات الحاصلة في مجال الثورة المعلوماتية والاستفادة من مزاياها في عملية التطوير والإصلاح ، تم الإعلان عن مشروع الحكومة الالكترونية كآلية ووسيلة لعصرنة الإدارة العمومية وتحسين خدمات مرافقها ، وهو المشروع الذي حقق بعض الإنجازات ومازال يواجه تحدياتٍ عدّة من أجل تحقيق المأمول منه ولكن بشكل أقل بالنسبة للإمارات مقارنة مع المملكة المغربية .

     وتعود بدايات اعتماد الخدمات الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العام 2001 عندما أطلقت وزارة المالية خدمة الدرهم الإلكتروني، ومنذ ذلك التاريخ شهد هذا المشروع العديد من المحطات والتحولات الهامة التي ساهمت في تعزيز مكانة الحكومة الإلكترونية على مستوى الدولة. كما قامت وزارة المالية والصناعة في شهر نوفمبر 2002 بتشكيل لجنة تنسيقية لقيادة برنامج الحكومة الإلكترونية الاتحادية، وفي مارس 2003، تم العمل على إجراء دراسة تقييمية للجهات الاتحادية وتطوير خطة تنفيذية.

    والسؤال الذي يطرح نفسه الان  هو  إلى أي حد استطاعت  دولة الامارات العربية المتحدة تنزيل وتطبيق مقتضيات الإدارة الالكترونية ؟

   للإجابة عن هذا التساؤل أرى أن أتناولها من خلال المحورين الآتيين:

المحور الأول : الاطار المفاهيمي  للحكومة الالكترونية

المحور الثاني : الحكومة الالكترونية :المتطلبات والمعيقات

المحور الأول :الاطار المفاهيمي  للحكومة الالكترونية

ففي شهر يونيو من العام 2004، بادرت وزارة المالية والصناعة بوضع خطة تشغيلية للحكومة الإلكترونية، وعملت الحكومة الاتحادية على توفير البنية التحتية للحكومة الإلكترونية، وفي مارس 2005، قامت وزارة المالية والصناعة بإطلاق البوابة التجريبية للحكومة الإلكترونية.

وفي شهر يونيو من العام 2008، صدر قرار وزاري بقيام الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات بتطوير استراتيجية نظم المعلومات في الحكومة الاتحادية. وفي عام 2010، أعد مكتب رئاسة مجلس الوزراء استراتيجية لتطوير الخدمات الحكومية في الدولة.

و في مايو 2011 أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” البوابة الإلكترونية لحكومة الإمارات من الإلكترونية إلى الذكية (1)

وشهد مايو من عام 2013 تحولاً مهما، ففي الثاني والعشرين منه أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله مبادرة الحكومة الذكية من أجل توفير الخدمات للجمهور حيثما كانوا وعلى مدار الساعة.

وعبّر سموه عن ملامح المرحلة المقبلة التالية بالقول:

“نريد اليوم أن ننقل مراكز الخدمات واستقبال المعاملات الحكومية إلى كل هاتف وجهاز متحرك في يد أي متعامل وبما يمكنه من تقديم طلبه للحكومة من هاتفه حيثما كان، ومن دون أي انتظار، فالحكومة الناجحة هي التي تذهب للناس ولا تنتظرهم ليأتوا إليها”.

وحدد سموه أهداف الحكومة الذكية باعتبارها حكومة لا تنام، تعمل 24 ساعة في اليوم، 365 يوماً في السنة، مضيافة كالفنادق، سريعة في معاملاتها، قوية في إجراءاتها، مبدعة، تستجيب بسرعة للمتغيرات، وتبتكر حلولاً للتحديات، تسهل حياة الناس وتحقق لهم السعادة

إنها الحكومة التي تسهم في ترسيخ ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة على صعيد التطور الإلكتروني، ومواكبة أفضل الممارسات الدولية (2).

 

1:تعريف ومزايا الحكومة الالكترونية

يمكن تعريف الحكومة الإلكترونية بأنها نظام ظهر حديثا بمقتضاه تتبنى الحكومات استخدام الشبكة العنكبوتية العالمية و الانترنيت ،وربط بعضها ببعض حيث تقدم الخدمات للجمهور والمؤسسات ،ويخلق ذلك جوا من الشفافية والسرعة والدقة ،ولقد ورد هذا المصطلح أول مرة في خطاب للرئيس الأمريكي بيل كلينطون عام1992 (3)

وتعدّ “حكومة دبي الذكية” مبادرة رائدة على صعيد المنطقة، تم تجسيدها في دبي. تقوم هذه المبادرة على توفير الخدمات الحكومية الإلكترونية لطيف شامل من شركات الأعمال ولمتطلبات الحياة اليومية لمجتمع الإمارة. وتقود دائرة حكومة دبي الذكية، رسمياً، إنجاز عملية التحول الإلكتروني في حكومة دبي، وتشرف على تنفيذها.

وتعمل “حكومة دبي الذكية” بتناسق وتكامل مع جميع الهيئات والدوائر التي تقع تحت مظلة حكومة دبي.. ويعود الفضل في النتائج الطيبة التي حققتها حكومة دبي الذكية منذ انطلاقها في عام 2000 إلى الجهود المشتركة من جميع الدوائر الحكومية. كانت حكومة دبي الذكية تدعى سابقاً حكومة دبي الإلكترونية، وقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بتغيير اسم الدائرة إلى حكومة دبي الذكية في شهر يونيو من العام 2013 تماشياً مع مبادرته القاضية بالتحول إلى عصر الحكومة الذكية. (4)

وتقدم “حكومة دبي الذكية” خدمات عديدة موجهة للجمهور وأخرى مشتركة للجهات الحكومية وموظفيها، يمكن الاطلاع عليها على موقعها www.dsg.gov.ae، كما تتولى مهمة الإدارة والإشراف الكاملين على البوابة الرسمية لحكومة دبي www.dubai.ae التي باتت مجمعاً حكومياً افتراضياً يضم ما يزيد على 1500 خدمة حكومية لدوائر وجهات حكومة دبي.. كما يجري تحديثها بشكل دائم.(5)

يقع مقر الدائرة في ديوان صاحب السمو حاكم دبي، ويرأسها سعادة أحمد بن حميدان مديراً عاماً لها.. ويقوم كامل فريق العمل بالدائرة باتجاه إنفاذ رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بصفته حاكم دبي، لتوفير حكومة إلكترونية بمواصفات عالمية في دبي.

تُركز أهداف الأداء الحكومي غالبًا على تحقيق إيرادات جديدة وتخفيض التكاليف، وذلك باستخدام جهات حكومية أخرى لإجراء مقارنة معيارية. ولكن الحكومة الإماراتية اتبعت نهجًا مختلفًا خلال السنوات الماضية، إذ ركّزت على توفير خدماتٍ تضاهي أفضل الخدمات العالمية المقدمة في القطاع الخاص، وتوفير تجربة مرضية للمتعاملين لدرجة تضاهي شعور النزول في فندق من فئة الخمس نجوم وكفاءة التعامل مع بنك رائد. وحثّت على استخدام التكنولوجيا في الخدمات الحكومية. وأكد على ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، حاكم إمارة دبي في عام 2013، بقوله: ”نريد اليوم أن ننقل مراكز الخدمات واستقبال المعاملات الحكومية إلى كل هاتف وجهاز متحرك في يد أي متعامل، وبما يمكنه من تقديم طلبه للحكومة من هاتفه حيثما كان ودون أي انتظار، فالحكومة الناجحة هي التي تذهب للناس ولا تنتظرهم ليأتوا إليها“ (6)

2 :المشاركون في الحكومة الالكترونية

ويجري تقييم المشتركين بناءً على ثلاثة معايير أساسية وهي: الكفاءة والفعالية (40 بالمائة)، سهولة الاستخدام (40 بالمائة) والابتكار (20 بالمائة). وبالإضافة الى ذلك، يجب أن تكون الحلول مرتبطة بخدمة حكومية أساسية تقدم للمتعاملين، سواءً أكانوا مؤسسات أو من المتعاملين. ويستثنى من ذلك الخدمات بين الهيئات الحكومية؛ فعلى الرغم من أهمية التحسينات في هذا المجال للدولة، إلا أن الجائزة تهدف إلى إيجاد حلول تركز على المواطنين والأعمال.

ولتشجيع الحصول على أفكار جديدة ومبتكرة من الطلبة على وجه الخصوص، ينال الفائز من فئة الطلبة جائزة نقدية قدرها مليون درهم إماراتي (حوالي 300 ألف دولار أمريكي) ويحصل على دعم لطرح التطبيق تجاريًا. وبذلك ارتفع عدد المشاركين في المسابقة بنسبة 58 بالمائة في السنة الثانية للجائزة، والتي شهدت مشاركة 411 جهة مقارنة مع 260 في العام الأول. كما دفعت الجائزة الهيئات الحكومية من الإمارات وخارجها على تطوير التطبيقات التي تهدف لتحسين طريقة تفاعل المواطنين مع حكوماتهم، وشملت قائمة الفائزين في الدورة الثانية من الجائزة الجهات التالية :

شرطة دبي، التي طورت ضمن فئة الأمن والسلامة حلًا الكترونيًا يسمح للمواطنين بتسديد المخالفات والتبليغ عن الجرائم وحوادث المرور ومتابعة حالة طلباتهم وغيرها من الخدمات.

وبعد عام من إطلاقها لهذا الحل، أفادت شرطة دبي بأن موقعها الإلكتروني المخصص للهواتف المحمولة سجل أكثر من 1.3 مليون مستخدم، وأن تطبيقها للهواتف المحمولة يستخدمه أكثر من 300,000 مستخدم، وعندما تم تحديث التطبيق في نوفمبر 2014، قام أكثر من 3,000 مستخدم بتحميله خلال أسبوع واحد فقط.

تطبيق «لا تراسل»، الذي ابتكره طلبة من كلية الخوارزمي الدولية بالتعاون مع وزارة الداخلية، ويهدف إلى تقليل عدد الحوادث المرورية الناجمة عن إرسال الرسائل أثناء القيادة، إذ يقوم التطبيق بإقفال شاشة الهاتف عندما يرصد مستشعر الحركة زيادة في سرعة المركبة ويعيد فتحها عند تخفيف السرعة أو توقّف السيارة.

أما تطبيق الاتحاد النسائي العام، ضمن فئة الشؤون الاجتماعية، فيعتبر وسيلة للمشاريع المنزلية التي تديرها النساء لبيع منتجاتها ومشغولاتها اليدوية. ووفقًا للاتحاد، شهد المتجر الإلكتروني تسجيل 200 تاجرة وعرض أكثر من 2,000 منتج خلال الأشهر الثلاث الأولى من إطلاقه.

تطبيق «المواطن النشط» الذي قامت بتطويره بلدية موسكو في فئتي الشؤون الاجتماعية والحلول الدولية، ويشجع التطبيق المواطنين على المشاركة في المسوحات والاستطلاعات عبر كسب نقاط يمكن استبدالها بخدمات عامة مجانية.

 

 

المحور الثاني : الحكومة الالكترونية :المتطلبات والمعيقات

الإدارة الإلكترونية هي تحويل كافة الأعمال و الخدمات الإدارية التقليدية من طول الإجراءات واستخدام الأوراق، إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفد بسرعة عالية ودقة متناهية، باستخدام تقنيات الإدارة ، وهو ما يطلق عليه إدارة بلا أوراق. فهي وسيلة لرفع مستوى أداء الإدارة لتحقيق الكفاءة و الفعالية ، وليست بديلا عنها ولا تهدف إلى إنهاء دورها، وهي إدارة بلا ورق إذ تستخدم الأرشيف الإلكتروني والأدلة والمفكرات الإلكترونية والرسائل الصوتية (7).

1:متطلبات الحكومة الالكترونية

إن التحول من الحكومة التقليدية إلى الحكومة الإلكترونية يمثل تحديا حقيقيا للحكومات تتلخص أهميته في قدرة الدول على مواجهة التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجتها ثورة المعلومات والاتصالات، وأن هذا التحول يحتاج إلى جهود وتنظيم وتخطيط لتحقيقه. كما أن أهمية وجود نموذج رائد يبين كيفية تطبيق الحكومة الإلكترونية سيساعد بلا شك على التغلب على الكثير من المشاكل التي قد تعيق التطبيق، كما أن هذا النموذج سيسهل عملية التطبيق ويسرعها. وفي ضوء التقدم المتزايد في استخدام التكنولوجيا الحديثة والتطبيقات الحاسوبية أصبح تطبيق الحكومة الإلكترونية مطلب وضرورة لا غنى عنها، نظرا لما تحققه من نتائج إيجابية نحو تحسين الأداء فيها ورفع كفاءاتها، ولكن ذلك لايأتى إلا بتجاوز المشكلات والمعوقات التي تعترضها، وذلك من خلال الاعتماد على استراتيجية واضحة تنطلق من دراسة الواقع ومشكلاته قبل الانتقال إلى البيئة الرقمية .

2:معيقات  الحكومة الالكترونية

إن التحدي الذي يواجه دولة الإمارات والكثير من الدول الأخرى لتقديم الخدمات الحكومية يكمن في تركيبتها السكانية على وجه الخصوص، إذ يشكل سكان دولة الامارات مزيجًا من مختلف الجنسيات، وتبلغ نسبة السكان من غير المواطنين الذي يتنقلون بكثرة حوالي 88 بالمائة من إجمالي عدد السكان. ونظرًا لهذا التنوع والتنقل، يجب على الحكومة تقديم الخدمات التي تضاهي أفضل الخدمات المتاحة حول العالم والتي يسهل فهمها واستخدامها حتى على المقيمين حديثًا في الإمارات.

ومن ناحية أخرى، يمثل الشباب شريحة كبيرة من سكانها، الأمر الذي يتطلب المواظبة على الابتكار لتلبية الاحتياجات المتغيرة لهذه الشريحة، ومنها على سبيل المثال؛ توفير الخدمات عبر الويب والأجهزة المحمولة بالإضافة إلى المكاتب الميدانية ومراكز الاتصال.

وفي ضوء تلك التحديات والتغيرات وأهداف الدولة، استثمرت الحكومة الإماراتية في إجراء تحسينات جادة على خدماتها من أجل زيادة مستوى رضا المواطنين. وتضمنت بعض تلك الجهود تقديم أجهزة إلكترونية للتصويت، وبطاقات قابلة للشحن لتسهيل دفع الرسوم الحكومية، إلى جانب استحداث جائزة حكومية لأفضل حلول للخدمات القائمة على التكنولوجيا. ولضمان سرعة وكفاءة تنفيذ تلك التغييرات على أرض الواقع، شرع القادة بالتخلص من القيود الحكومية وتوحيد هيئات مختلفة وطلبوا من المجموعات أن تعمل بشكل جماعي.

في مايو 2013، وضع قادة دولة الإمارات هدفًا طموحًا كجزء من دعوة للعمل للوصول إلى حكومة تستهدف رضا العملاء: بأن تكون كافة الخدمات الحكومية متاحة عبر الأجهزة المحمولة في غضون عامين. وفي مايو 2015، أعلن سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن 96 بالمائة من الخدمات المقدمة للمواطنين في أهم 337 دائرة حكومية أصبحت تقدم عبر الهواتف المحمولة بنجاح.

والآن وضعت القيادة الإماراتية للحكومة هدف جديد وهو أن يتمكن اكثر من 85% من مستخدمي الخدمات الحكومية من الوصول إليها عبر الأجهزة المحمولة بحلول عام 2024. ويشكل هذا الهدف ضغطًا على الحكومة لتشجيع نقل خدماتها إلى الأجهزة المحمولة مع ضمان المستوى الأمثل من سهولة استخدامها.

ولدعم وتشجيع الوزارات وتفعيل مشاركة المواطنين، أطلقت الحكومة جائزة أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول في عام 2013، وتُمنح الجائزة السنوية إلى المشاركين في 4 فئات وهي: الهيئات الوطنية، والعربية، والدولية، والحكومية، إضافة إلى الطلبة في الجامعات الإماراتية. ويتأهل للمشاركة أي نوع من حلول الخدمة الحكومية عبر الهاتف المحمول، بدءً من تطبيقات الهواتف الذكية إلى حلول الويب ووصولًا إلى الرسائل النصية الآلية.

وتكرّم الجائزة جهود الابتكار في 8 قطاعات وهي: الصحة، والتعليم، والبيئة، والشؤون الاجتماعية، والأمن والسلامة، والسياحة، والاقتصاد والتجارة، والمواصلات والبنية التحتية.

 ولقد طرح المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات فكرة التصويت الإلكتروني في عام 2011 لزيادة المشاركة المدنية في الانتخابات وذلك بجعل العملية أكثر سهولة ومناسبة لفئة الشباب. وقد أقامت اللجنة الوطنية للانتخابات في ذلك العام وقبل موعد الانتخابات بخمسة أشهر تحديدًا، مراكز انتخابية في الدولة خلال أسبوعين فقط، إلا أن الناخبين لم يدلوا بأصواتهم بالطريقة التقليدية التي تتضمن تعبئة النماذج ووضعها في صناديق الاقتراع، بل عبر أجهزة التصويت الإلكترونية .

ولتحديد عدد الأجهزة وموظفي الدعم اللازم لكل موقع، اعتمد قادة البرنامج على البيانات التاريخية وحجم المشاركة المتوقع، واختبروا توقعاتهم أولًا من خلال مشاريع تجريبية. وتم في النهاية توزيع 13 مركز للتصويت في كل إمارة من الإمارات السبعة بناءً على الكثافة السكانية، مقارنة مع مركز انتخابي واحد لكل إمارة في عام 2006، وكان على المساحة الفعلية أن تكون رحبة بشكلٍ كافٍ لتتسع عددًا كبيرًا من الناخبين وتضمن سلاسة سير عملية التصويت، وذلك بدعم مئات الموظفين الذين دربتهم اللجنة الوطنية للانتخابات لمساعدة الناخبين في مراكز الاقتراع .

كما خصصت حملة التصويت قنوات غير تقليدية لزيادة مشاركة الشباب، فاستخدمت اللجنة مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع الناخبين وتوجيههم، بما في ذلك تقديم مقطع فيديو موجز ومقال يصف العملية ككل.

ونجم عن هذه العملية تحسينات كبيرة ونتائج ملموسة، إذ كانت عملية التصويت في الانتخابات تستغرق 7 دقائق في عام 2006، بينما أصبحت تستغرق 4 دقائق فقط في عام 2011. كما ارتفعت معدلات الناخبين المؤهلين للتصويت ونسبة المشاركة في الانتخابات كذلك. وفي عام 2006، بلغ عدد الناخبين المؤهلين للتصويت 6,000 شخص، وارتفع هذا العدد إلى 130,000 في عام 2011 و224,000 في عام 2015. وفي عام 2011، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات في دولة الإمارات 28 بالمائة (35,000 ناخب)، على الرغم من حداثة العملية. وبحلول العام 2015، ارتفع الرقم إلى 35 بالمائة، أو 79,000 ناخب. وقد أثارت الانتخابات أيضًا اهتمام مختلف دول المنطقة، فزار دولة الإمارات عددًا من البعثات من دول مجاورة لدراسة النظام (8).

ويمكن إعادة شحن البطاقة المدفوعة مسبقًا ”الدرهم الإلكتروني“، والتي أطلقت عام 2011، عبر أجهزة الصراف الآلي واستخدامها لدفع رسوم أي جهة حكومية اتحادية، مستبدلةً الدفعات التي كانت ترسل بالبريد أو تدفع نقدًا في المكاتب الحكومية. وبدلًا من محاولة تطوير وإدارة وتشغيل البرنامج بشكلٍ مستقل، عملت الحكومة مع شركة مملوكة للدولة، وهي بنك أبوظبي الوطني، الذي كان يملك العديد من القدرات التي يسعى نظام ”الدرهم الإلكتروني“ إلى تحقيقها.

وكانت دولة الإمارات أول دولة عربية تطبق نظام سداد مماثل على مستوى الدول ككل. ولتشجيع استخدام ”الدرهم الإلكتروني“، عرضت وزارة المالية على المستخدمين أسعارًا ورسومًا مخفّضة، كما تضمن النظام تقديم خدمات العملاء المساندة على مدار الساعة .

وابتداءً من سبتمبر 2015، أعلنت وزارة المالية أن ”الدرهم الإلكتروني“ حصّل رسومًا حكومية بلغت 17 مليار درهم إماراتي، واستخدم في أكثر من 80 مليون معاملة حتى الآن، إلى جانب 2 مليون معاملة إلكترونية (غير تلك التي تجرى عبر أجهزة نقاط البيع الإلكترونية)، كما تم تسجيل ومتابعة وحل ثلاثين ألف مشكلة. ووفقًا لوزارة المالية، حظيت الفكرة باهتمام كبير في الخارج بعد إطلاقها، إذ تداول عدد من الوفود من العراق والكويت والسعودية أهم دروس وابتكارات نظام ”الدرهم الإلكتروني“ لتطبيقه في دولهم (ومنها على سبيل المثال :نظام سداد للمدفوعات في السعودية).(9)

وقد استمر التوسع في نطاق الخدمات والخيارات المتاحة من خلال ”الدرهم الإلكتروني“، فباتت تشمل الآن إمكانية استخدامها إلكترونيًا عن بعد حتى أثناء السفر إلى الخارج، بالإضافة إلى سداد الدفعات للهيئات الحكومية المحلية والجهات غير الحكومية. وتخطط وزارة المالية حاليًا لتقديم محفظة إلكترونية متكاملة -دون الحاجة للبطاقات- بالإضافة إلى القسائم الإلكترونية كبديل عن البطاقات البلاستيكية(10).

ولقد استجابت الهيئات الحكومية الإماراتية لدعوة قادة دولة الإمارات لتعزيز الإجراءات العامة للمواطنين من خلال تقديم نظام التقييم بالنجوم الذي يستخدم معايير القطاع الخاص لجودة تقديم الخدمات ومنهجياته في تحديد المشاكل. ويتضمن البرنامج، الذي تم إطلاقه في عام 2014، عملية مفصلة وقابلة للقياس قائمة على ملاحظات المواطنين وتُركز على إجراء بعض التحسينات على المسائل التي تهمهم. وبالتالي، تقيّم الهيئات في مختلف مناطق الإمارات مرة واحدة كل عامين بناءً على 8 معايير: التوافق الاستراتيجي، والمواطنون، والخدمات، والقنوات، وتجربة المواطنين، وكفاءة الخدمة والابتكار، والأفراد والتقنية. وتحصل الهيئات على لوحة تحمل تصنيفها وتقرير تقييمي يتضمن توصيات لتحسين مستوى تقديمها للخدمة .

يُذكر أن تصميم مثل هذا النظام كان الجزء الأسهل من العملية، بيد أن التحدي الأصعب تمثل في الحصول على موافقة الهيئات الحكومية عليه. ولتجاوز هذه المعارضة المبدئية على فكرة النظام، نظمت الحكومة المركزية اجتماعات في مناطق مختلفة وورش عمل وفعاليات ترويجية حضرها موظفو الحكومات المحلية والاتحادية للتعرف على النظام الجديد. وتطوّعت بعض المؤسسات للمشاركة في المرحلة التجريبية، فقامت بتصنيف نفسها وفقًا لهذا التقييم. ونجحت قيادة الإمارات أخيرًا في ترسيخ أهمية البرنامج وضرورة تقييم كافة الخدمات بشفافية ومعايير عادلة.(11)

ولغاية الآن، جرى تقييم كافة الهيئات الحكومية بثلاث إلى خمس نجوم وبتوزيع متساوٍ تقريبًا، ولم تحصل أية جهة على تقييم سبع نجوم، فقد صُممت معايير الحصول على تقييم سبع نجوم على أن تكون صعبة للغاية بحيث يمكن مقارنة أية هيئة تحصل عليها مع أفضل الجهات في القطاع الخاص. ويعني تقييم سبع نجوم أن الهيئة الحاصلة عليها قدمت ابتكارات ضمن كافة العناصر الثمانية، وحافظت على مستويات ثابتة من رضا المواطنين وموظفي المركز بما لا يقل عن 95 بالمائة خلال السنوات الثلاث الماضية، وحافظت على تكلفة قياسية منخفضة للخدمة.

وقد شجع صاحب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الهيئات على العمل من أجل الحصول على أعلى تقييم، مؤكدًا تقديره للهيئات الحاصلة على خمس نجوم والتي يتوقع منها المثابرة للحصول على تصنيف سبع نجوم.

تتطلع المبادرات المذكورة هنا إلى تعزيز شفافية جودة الخدمات الحكومية وتقديم الحوافز والمعرفة لمزودي الخدمة ليحسنوا من أدائهم. كما تعمل دولة الإمارات على تحديث خدماتها العامة بوتيرة غير مسبوقة لتعزيز رضا المواطنين عنها. وكمؤشر أولي على هذا التقدم، صنف مؤشر الابتكار العالمي دولة الإمارات في المركز 36 عام 2014، متقدمة من المركز 38 في عام 2013 ومتفوقة بذلك على معظم دول أوروبا الشرقية. وبالإضافة لذلك، وبينما كانت التطلعات تطمح إلى تلبية الخدمات الحكومية لمعايير أفضل شركات القطاع الخاص، يُشير مكتب رئيس الوزراء في الإمارات إلى أن المزيد من الشركات الخاصة باتت تتواصل مع الحكومة لتتعلم من ممارساتها في تقديم الخدمات. فهناك فرص كثيرة للحكومة الإماراتية والحكومات الأخرى لزيادة المشاركة العامة والخدمات التي تلبي احتياجات العملاء (12)

جدول: يوضح المقارنة بين مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية ومؤشر المشاركة الالكترونية في كل من المغرب والامارات

الدولة

مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية

مؤشر المشاركة الالكترونية

الامارات

0.8295     

94.57%

المغرب

0.5214

78.26%

 

SOURCE: UNITED NATIONS E- GOVERNMENT SURVEY 2018 DEPARTMENT OF ECONOMIC AND SOCIAL AFFAIRES NEW YORK 2018; PP228_ 249

 

الهوامش :

1-      سامية المنير الإدارة الالكترونية ،متطلبات الجودة،إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة نموذجا ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام جامعة محمد الخامس السويسي الرباط فبراير2008

2-      حجازي ، عبد الفتاح بيومي ، النظام القانوني لحماية الحكومة الالكترونية ، الكتاب الأول ، النظام القانوني للحكومة الالكترونية، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي ، 2003 .

3-      ديالا جميل محمد”الحكومة الالكترونية ومعوقات تطبيقها –دراسة تطبيقية على المؤسسات الحكومية في قطاع غزة 2012 الجامعة الإسلامية شؤون البحث العلمي والدراسات العليا،غزة فلسطين ص 39

4-      الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

5-      الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

6-      الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

7-      حجازي ، عبد الفتاح بيومي ، النظام القانوني لحماية الحكومة الالكترونية ، الكتاب الأول ، النظام القانوني للحكومة الالكترونية، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي ، 2003 .

8-      الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

9-      الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

10-   الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

11-   الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

12-   الموقع الرسمي لدولة الامارات العربية المتحدة https://u.ae/ دخول الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2020

معلومات حول الكاتب:

علي محمد حمد بارك المري

طالب باحث في سلك الدكتوراه

تخصص القانون العام والعلوم السياسية

جامعة محمد الخامس الرباط

قد يعجبك ايضا