مستجدات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية

أيوب حجاوي

مقدمة:

لقد كان لظهور العولمة التي ارتكزت بالأساس على المعلوميات و التكنولوجيات الحديثة و تحرير التجارة و انتشار التكتلات الاقتصادية، الأثر الكبير على تسريع و ثيرة النمو في مختلف المجالات و القطاعات، حيث زادت سرعة تطور المحيط الخارجي للإدارة اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا و حتى بيئيا، كل هذه العوامل ساهمت و ساعدت في تسريع وثيرة تحديث المجتمع، بحيث تولد الاحساس لدى المواطنين بارتفاع قيمة عنصر الزمن و بأحقيتهم في الحصول على خدمة تتميز بجودة أكبر، مما جعل الإدارة المغربية اليوم تقف أمام تحد حقيقي لمواكبة هذه التغيرات و المستجدات التي تعرفها الساحة الدولية في هذه الإطار.
ونتيجة لتراكم عدة عوامل وفي مقدمتها غياب الرؤية الإصلاحية الموحدة للحقل الإداري المغربي، تحولت المساطر والإجراءات الإدارية بفعل تعددها وتعقيدها وغموضها من آلية لتسهيل عمل الإدارة وجعلها في خدمة المواطن إلى عنصر رئيس في تأسيس علاقة سلبية بين المواطن والإدارة قوامها التوجس وانعدام الثقة، وهو الأمر الذي شكّل مجالا خصبا لانتشار مختلف مظاهر الفساد من رشوة ومحسوبية وزبونية وانعدام للمساواة بين المواطنين إزاء الخدمات العمومية للإدارة.

و في ظل هذا المناخ، كان من الطبيعي أن تتأثر وظائف الإدارة العمومية وأن تتحول إلى عائق بنيوي أمام تحقيق التنمية العامة، بسبب تخلفها عن مواكبة التطورات الهائلة للحداثة الإدارية في العالم، وقصورها الكبير عن تلبية طموحات المرتفقين سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو مقاولات استثمارية. بل نجد أن الإدارة المغربية منذ عقود أسهمت في هدر الزمن العمومي والتنموي بفعل تراكم تقاليدها السلبية في التعقيد والجمود والتضخم والانغلاق في ظل وجود بنية بشرية هائلة يحترف معظمها العمل الإداري في تغييب تام لقيم الشفافية والنزاهة ولمحفزات التكوين المستمر.

لكل هذه الأسباب عمل دستور فاتح يوليوز لسنة 2011 على إعطاء نفس جديد للمرفق العمومية من خلال إخضاعه من حيث التسيير لمبادئ و قيم الديمقراطية كخيار استراتيجي لا محيد عنه، و أيضا تنظيمه على أساس المساواة بين المواطنات و المواطنين في الولوج إليه، و الانصاف في تغطية التراب الوطني و الاستمرارية في أداء الخدمات مع مراعاة معايير الجودة و الشفافية و المحاسبة و المسؤولية ، دون صرف النظر عن تمكين المرتفق من ممارسة حقه في تقديم التظلمات و الملاحظات و الاقتراحات إلى المرفق العمومي و تأمين تتبعها .

و تبعا لذلك فإنه أمام الانتقادات اللاذعة التي يوجهها العموم و الإداريون على حد سواء، أكثر من أي وقت مضى و التي تجمع بالأساس على أن التسيير و التدبير الإداريين و وثيرة العمل بالمرفق العمومي يتميز بالبطء و ضعف المردودية و تعقيد المساطر و الإجراءات المتبعة أمامه، الأمر الذي زاد من تصعيد التوتر و التشنج الذي يطبع علاقة الإدارة بالمرتفقين، لذلك أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لتربعه على عرش أسلافه الميامين توجيهاته السامية إلى الحكومة، من أجل العمل على اعتماد نصوص قانونية، تنص:
– من جهة على تحديد أجل أقصاه شهر، لعدد من الإدارات، للرد على الطلبات المتعلقة بالاستثمار، مع التأكيد على عدم جوابها داخل هذا الأجل، يعتبر بمثابة موافقة من قبلها؛

– و من جهة ثانية على ألا تطلب أي إدارة عمومية من المستثمر وثائق أو معلومات تتوفر لدى إدارة عمومية أخرى، إذ يرجع للمرافق العمومية التنسيق فيما بينها و تبادل المعلومات في هذا الشأن، بالاستفادة مما توفره المعلوميات و التكنولوجيات الحديثة.
كما دعا جلالته في نفس السياق إلى جعل هذه الإجراءات أمرا واقعا، فيما يخص مجال الاستثمار على أن يتم تعميمها على كافة علاقات الإدارة مع المواطن .

و استجابة لهذه التعليمات الملكية السامية المضمنة في مجموعة من الخطب الداعية إلى ضرورة تمكين المواطن من قضاء مصالحه، في أحسن الظروف و الآجال، و تبسيط المساطر، و تقريب المرافق و الخدمات الأساسية منه، و تنفيذا للبرنامج الحكومي خصوصا في الباب المتعلق بتعزيز قيم النزاهة و العمل على إصلاح الإدارة و ترسيخ الحكامة الجيدة، تم إصدار القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية .

و تجدر الإشارة في هذا الإطار أن القانون السالف الذكر أعلاه قد أعد بطريقة مشتركة مع وزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة، على أساس دراسة معمقة، أخذت بعين الاعتبار مجموعة من التجارب الدولية في هذا السياق، كما استندت على خلاصات الدراسات و الخبرات الميدانية المنجزة في مجال إصلاح الإدارة و تلك المنبثقة عن إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار الذي دخل حيز التنفيذ و الذي نص في محوره الثالث على تبسيط المساطر و الإجراءات المتعلقة بالاستثمار على المستويين الوطني و الترابي، بهدف الحد من العراقيل التي يواجهها المستثمرين لحصولهم على القرارات الإدارية الضرورية لإنجاز مشاريعهم الاستثمارية و تقريب الإدارة منهم و تفادي اضطرارهم للجوء إلى المصالح المركزية
و استكمالا للترسانة القانونية اللازمة لدخول القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية حيز التنفيذ، تم العمل على إصدار المرسوم رقم 2.20.660 المتعلق بتطبيق بعض مقتضيات هذا القانون بتاريخ 18 شتنبر 2020 ، كما أنه تم إصدار القرار المشترك لوزير الداخلية و وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة رقم 2332.20 المتعلق بتحديد نموذج مصنفات القرارات الإدارية و نموذج وصل إيداع طلبات الحصول عليها ، و بذلك يكون تاريخ دخول القانون رقم 55.19 حيز التنفيذ هو 28 شتنبر 2020، الذي يوافق استكمال إصدار النصوص التنظيمية المشار إليها في المواد 5 و 11 و 27 و ذلك ما تؤكده مقتضيات المادة 33 من نفس القانون .

ومهما يكن من أمر فإنه يعتبر موضوع تبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية من المواضيع ذات الأهمية البالغة في الدراسات القانونية و الحقوقية، بحيث لم يتوان الباحثون في مختلف الأنظمة الديمقراطية بتناوله بالدراسة و التحليل، نظرا لدوره في تقوية أواصر الثقة بين الإدارة و المرتفق و إعادة تأسيس جسور هذه العلاقة على مرجعية محددة تؤطر عمل المرافق العمومية بناء على مساطر دقيقة و شفافة. كما من شأنه أن يحفز الإدارة على خلق جو ملائم للتنمية و لتحسين جاذبية الاستثمارات.

و عليه فإن هذا الموضوع يطرح إشكالية محورية مفادها إلى أي حد استطاع القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية أن يساهم في تحسين العلاقة الكامنة بين الإدارة و المرتفق على نحو يستجيب لتطلعات و انتظارات هذا الأخير؟

و تبعا لذلك فإنه من أجل مقاربة هذه الإشكالية مقاربة رصينة و ذات أهمية عملية سوف أقسم الموضوع إلى مطلبين، بحيث أتعرض في ( المطلب الأول ) للحديث عن الأحكام العامة التي جاء بها القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، بينما أخصص( المطلب الثاني) لدراسة القواعد المنظمة للمساطر و الإجراءات الإدارية على ضوء نفس القانون.

المطلب الأول : الأحكام العامة التي جاء بها القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية

يعتبر القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الذي تم إعداده تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية لبنة إضافية لإرساء دولة الحق و القانون و المؤسسات و خطوة مهمة في مسلسل إصلاح الإدارة المغربية، و الذي من شأنه أن يحدث قطيعة ابستمولوجية مع الممارسات السلبية التي كانت تطبع علاقة المرتفق مع الإدارة، كما أن هذا القانون سوف يمكن من وضع آليات متجدد لتبسيط المساطر الإدارية و رقمنتها و الإسراع بمعالجة الملفات في آجال معقولة و محدودة.

و تبعا لذلك فإنه سوف أتطرق في هذا المطلب للحديث عن نطاق تطبيق القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية ( الفقرة الأولى ) ، و المبادئ العامة المؤطرة للعلاقة بين الإدارة و المرتفق في ظله ( الفقرة الثانية ) و المستجدات التي جاء بها هذا القانون ( الفقرة الثالثة )

الفقرة الأولى: نطاق تطبيق القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية.

لقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية على أنه : “يحدد هذا القانون المبادئ و القواعد التي تنظم المساطر و الإجراءات الإدارية المتعلقة بالقرارات الإدارية التي يطلبها المرتفقون من الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها و هيئاتها و المؤسسات العمومية و كل شخص اعتبار آخر خاضع للقانون العام و الهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.”

فباستقراء مقتضيات هذه المادة نستشف أن القانون السالف الذكر أعلاه قد جاء من أجل تنظيم و ضبط العلاقة بين طرفين أساسيين هما المرتفق و الإدارة، و ذلك من أجل تحسين طبيعة هذه العلاقة عبر تعزيز الثقة بينهما، و الرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطن و المقاول بصفة عامة.

فالمرتفق كطرف أول في هذه العلاقة قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا كشركة أو جمعية غالباً ما يلجأ إلى الإدارة من أجل قضاء مصالحه سواء الشخصية أو نيابة عن طرف اخر، و في هذا الإطار فقد عرف المشرع المغربي المرتفق في الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من رقم 55.19 بأنه : ” كل شخص ذاتي أو اعتباري يقدم طلبا للحصول على قرار إداري.”

أما الطرف الثاني فيتمثل في الإدارة كشخص اعتباري يتمتع بالاستقلال المالي و الإداري و التي تسعى إلى تلبية حاجيات و طلبات المرتفقين، و التي يراد بها حسب الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 55.19 الإدارات العمومية و الجماعات الترابية و مجموعاتها و هيئاتها و المؤسسات العمومية و كل شخص اعتباري آخر خاضع للقانون العام و الهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، و التي تتولى تلقي ودراسة الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية و معالجتها و تسليم هذه القرارات.

بقي أن نشير في هذا الإطار إلى أنه حتى تسري مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية على العلاقة الكامنة بين الإدارة و المرتفق لابد أن يطلب هذا الأخير من الإدارة سواء كانت مؤسسة عمومية أو إدارة عمومية أو جماعة ترابية أو شخص اعتباري خاضع للقانون العام أو هيئة مكلفة بمهام المرفق العام أن تسلمه قرارا إداريا معينا تلبية لغرض ما يعتبر مشروعا، فإذا كان المرتفق يخضع بحكم القواعد القانونية إلى التنظيمات الجاري بها العمل، فإنه لا ينبغي أن يخضع للإدارة التي يجب أن تكون في خدمته.

الفقرة الثانية: المبادئ العامة المؤطرة للعلاقة بين الإدارة و المرتفقين

تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت تشدد على ضرورة الرفع من جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين وإرساء علاقة جديدة بين الإدارة والمرتفق قوامها الشفافية والثقة، حدد القانون 19-55 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية المبادئ العامة المنظمة للعلاقة بين المرتفق والإدارة و المتمثلة فيما يلي:

1- مبدأ الثقة بين المرتفق و الإدارة: يعتبر هذا المبدأ حجر زاوية نجاح العلاقة بين المرتفق و الإدارة، بحيث يمكن للإدارة طبقا لهذا المبدأ الاستغناء عن طلب بعض الوثائق والمستندات، والاكتفاء بتصريح بالشرف من طرف المرتفق للحصول على قرار أو ترخيص إداري، كما هو الشأن عند إيداع التقرير بضريبة الأرباح العقارية ولا تعرف قيمة العقار أثناء تملكه من طرف البائع، فيكتفي في هذه الحالة بتصريح بالشرف يصرح فيه بقيمة العقار المُفَوت أثناء تملكه.

2- مبدأ شفافية المساطر و الإجراءات المتعلقة بتلقي و معالجة و تسليم القرارات الإدارية، لا سيما من خلال توثيقها و تدوينها و المصادقة عليها وإخبار المرتفقين بمحتواها عبر نشرها، مع الحرص على تيسير الولوج إليها بكل الوسائل الملائمة، لا سيما الإلكترونية منها، و بذلك فإنه يتعين على الادارات بمختلف أنواعها أن تعمل على جرد جميع القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها و تصنيفها و توثيقها و تدوينها في مصنفات تنشر بالبوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية .

3- تبسيط المساطر و الإجراءات المتعلقة بالقرارات الإدارية لاسيما بحذف المساطر و الإجراءات غير المبررة و توحيد و تحسين مقروئية المصنفات المتعلقة بالقرارات المذكورة و العمل على التخفيض من المصاريف و التكاليف المتربية عليها بالنسبة إلى المرتفق و الإدارة، فعلى سبيل المثال يجب على الإدارة أن تتقيد عند توثيق القرارات الإدارية، ألا تطالب المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب المتعلق بالقرار الإداري، و أيضا عدم مطالبته بتصحيح الامضاء على الوثائق و المستندات المكونة لملف الطلب، أو الادلاء بأية وثيقة إدارية متاحة للعموم ولا تعنيه بصفة شخصية، أو نسخ مطابقة لأصول الوثائق و المستندات المكونة لملف الطلب .

4- مبدأ تحديد الآجال القصوى لدراسة طلبات المرتفقين المتعلقة بالقرارات الإدارية و معالجتها و الرد عليها من قبل الإدارة، بحيث يجب على الإدارات أن تعمل على تحديد أجل معالجة الطلبات و تسليم كل قرار إداري، و لا يمكن بالرغم من جميع الأحكام التشريعية و التنظيمية المخالفة، أن يتعدى هذا الأجل مدة أقصاها 60 يوما، بيد أن هذا الحد الأقصى يقلص إلى 30 يوما فيما يتعلق بمعالجة طلبات المرتفقين للحصول على القرارات الإدارية المحددة لائحتها بنص تنظيمي، الضروري لإنجاز مشاريع الاستثمار، و في جميع الأحوال تسري هذه الآجال المنصوص ابتداء من تاريخ ايداع المرتفق لملف طلبه كاملا و ذلك وفقاً لمقتضيات المادة 16 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية
5- مبدأ اعتبار سكوت الإدارة على طلبات المرتفقين المتعلقة بالقرارات الإدارية بعد انصرام الأجل المحدد بمثابة موافقة، فبمرور أجل ستين أو ثلاثين يوما حسب الحالة، وعدم جواب الإدارة رغم توصلها بالملف كاملا، يُعتبر القرار الإداري مُسلَّما بطريقة ضمنية، غير أن المُشرع المغربي لم يعتبر ذلك مبدأً مطلقا إنما حصر ذلك في بعض القرارات التي سيتم تحديدها بنص تنظمي، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لرخصة البناء التي تعتبر مسلمة ضمنيا بعد مرور شهرين من تاريخ إيداع الطلب طبقا للمادة 48 من القانون رقم 012.90 المتعلق بالتعمير.

من أجل الحصول على القرار الضمني يجب على المرتفق أن يقوم بطلبه لدى المسؤول التسلسلي للإدارة العمومية المعنية أو المسؤول التسلسلي عن المؤسسة العمومية أو عن الشخص الاعتباري الخاضع للقانون العام أو عن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعنية بالقرار أو رئيس الجماعة الترابية المعنية أو رئيس مجموعة الجماعات الترابية أو هيئة الجماعة الترابية المعنية، الذي يجب عليه تسليم القرار الإداري موضوع الطلب داخل أجل أقصاه سبعة أيام ابتداء من تاريخ إيداع الطلب.

وإذا لم يتم تسليم القرار الإداري للمرتفق في هذا الأجل، يمكنه اللجوء، حسب الحالة، إلى:

– السلطة الحكومية المعنية بالقرارات الإدارية المسلمة على الصعيد المركزي من قبل الإدارات العمومية. ويجب أن تمنح هذه السلطة القرار الإداريي داخل أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليها؛

– المسؤول عن المؤسسة العمومية أو عن الشخص الإعتباري الخاضع للقانون العام أو عن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعنيين بالقرارات الإدارية، ويمنح المسؤول المعني القرار الإداري داخل أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه؛
– والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، حسب الحالة، بالنسبة للقرارات الإدارية المسلمة من قبل المصالح اللاممركزة للدولة، كالجماعات المحلية والمقاطعات. الذي يُمنح أجل خمسة يوما لتسليم القرار.

– وفيما يتعلق بالقرارات الإدارية المسلمة من طرف الجماعات الترابية أو مجموعاتها أو هيئاتها، يمكن للمرتفق أن يلجأ إلى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم، حسب الحالة، لطلب إشهاد بالسكوت المعتبر بمثابة موافقة. ويسلم الوالي أو العامل المعني الإشهاد المطلوب بعد مراسلة الرئيس المعني قصد الإدلاء بتوضيحات كتابية حول أسباب امتناعه عن تسليم القرار الإداري، وذلك داخل أجل ال يتعدى 10 أيام ابتداء من تاريخ التوصل و هذا ما أكده المشرع المغربي في المادتين 19 و 20 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية.

6- مبدأ مراعاة التناسب بين موضوع القرار الاداري و الوثائق و المستندات و المعلومات المطلوبة للحصول عليه، حيث تتصف بعض المساطر الإدارية بحالة من عدم الفهم لدى المرتفقين فيما يخص العلاقة بين بعض الوثائق الواجب الإدلاء بها للحصول على قرار معين وبين طبيعة هذا القرار، فتطبيقا لهذا المبدأ الجديد فإن جميع المستندات والوثائق المطلوبة من المرتفقين يجب أن تكون لها علاقة أو مبرر مع موضوع القرار المراد الحصول عليه، لذلك ألزم المشرع المغربي جميع الادارات أن تقوم داخل أجل ستة أشهر من تاريخ دخول القانون رقم 55.19 حيز التنفيذ، بإعداد مصنفات القرارات الإدارية الجاري بها العمل في هذا التاريخ و التي تدخل في مجال اختصاصها و نشرها بالبوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية .

7- مبدأ الحرص على التحسين المستمر لجودة الخدمات المقدمة للمرتفقين، لا سيما من خلال العمل على تسريع وتيرة الأداء و الرفع من فعالية معالجة الطلبات و رقمنة المساطر و الإجراءات الإدارية و استخدام التقنيات المبتكرة في مجال نظم المعلومات و التواصل، فمن أجل تنزيل السليم لمقتضيات هذا المبدأ على أرض الواقع، يجب على الإدارات أن تقوم برقمنة المساطر و الإجراءات المتعلقة بمعالجة و تسليم القرارات الإدارية التي تدخل في نطاق اختصاصها في أجل أقصاه خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول القانون رقم 55.19 حيز التنفيذ .

8- مبدأ عدم مطالبة الإدارة المرتفق، عند إيداع ملف طلبه أو خلال مرحلة معالجته، بالإدلاء بوثيقة أو مستند أو بمعلومة أو القيام بإجراء إداري أكثر من مرة واحدة، لذلك فإنه من أجل تكريس هذا المبدأ على مستوى الممارسات العملية نصت المادة 14 من القانون السالف الذكر أعلاه على أنه : ” يمكن للإدارة أن تطلب ، عند الاقتضاء ، من المرتفق ، خلال النصف الأول من الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري وبكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة ، الإدلاء بالمعلومات التكميلية اللازمة لمعالجة طلبه. ولا يمكن للإدارة أن تطلب هذه المعلومات إلا مرة واحدة ، بالنسبة لكل طلب.

يترتب على طلب المعلومات التكميلية ، تعليق سريان الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري إلى حين تقديم المرتفق لهذه المعلومات. وفي هذه الحالة يستأنف احتساب الآجال ابتداء من استكمال الملف في حدود المدة الزمنية المتبقية من الأجل المحدد لمعالجة الطلب.

و بذلك نستشف من مقتضيات هذه المادة أنه لا يجوز للإدارة في جميع الأحوال أن تطالب المرتفق، سواء عند إيداع طلبه أو خلاله مرحلة معالجته، بالإدلاء بوثيقة أو بمستند أو بمعلومة أو بالقيام بإجراء إداري، أكثر من مرة واحدة و ذلك من أجل حماية المرتفق كطرف ضعيف في هذه العلاقة من احتمال تباطؤ و تقاعس الإدارة عن القيام بأدوارها عن طريق مطالبة المرتفقين بالإدلاء بوثائق و مستندات سبق له أن أدلوا بها في مرحلة سابقة.

9- مبدأ تقريب الإدارية من المرتفق فيما يخص إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية و معالجتها و تسليمها داخل الآجال المحددة، من أجل ذلك فإنه سوف يتم إعداد منصات إلكترونية من أجل إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية، و اخبار المرتفقين عبرها بالمآل الذي تم تخصيصه لطلباتهم و تسليمهم عند الاقتضاء القرارات الإدارية موضوع الطلب .

10- مبدأ تعليل الإدارة لقراراتها السلبية بخصوص الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية و إخبار المرتفقين المعنيين بذلك بكل الوسائل الملائمة، حيث يجب على الإدارة عند رفض طلب قرار إداري أن تقوم بتعليل قرار الرفض بتحديد السبب أو الأسباب التي أدت إلى رفض الطلب، في صلب القرار وإخبار المرتفقين بذلك بكل الوسائل الملائمة .

و جدير بالإشارة إلى أن هذا المبدأ منصوصا عليه أيضاً في القانون رقم 03.01 المتعلق إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية والصادر في 12 غشت 2002. فهذا القانون يلزم الإدارات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية تحت طائلة عدم الشرعية وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية و الواقعية الداعية لرفض طلب المرتفق و هذا ما تؤكده المادة الأولى من القانون السالف الذكر أعلاه. غير أن هذا القانون استثنى القرارات الإدارية التي يقتضي الأمن الداخلي والخارجي للدولة عدم تعليلها من إلزامية الكشف عن السبب أو الأسباب الداعية لرفض تسليم القرار الإداري .

الفقرة الثالثة: المستجدات التي جاء بها القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية

يهدف القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية بالأساس إلى تقوية أواصر الثقة بين الإدارة و المرتفق، و إعادة تأسيس جسور هذه العلاقة على مرجعية محددة تؤطر عمل المرافق العمومية بناء على مساطر دقيقة و شفافة. كما يهدف أيضاً إلى إدخال تحسينات هامة على المساطر و الإجراءات الإدارية لصالح جميع فئات المرتفقين و تحفيز الإدارة لخلق جو ملائم للتنمية و لتحسين جاذبية الاستثمارات

و من أجل تحقيق ذلك فقد جاء القانون السالف الذكر أعلاه بمجموعة من المستجدات بإمكانية تعويض بعض الوثائق بتصريح بالشرف و أيضا اعتبار سكوت الإدارة، بعد انقضاء الآجال، بمثابة موافقة و غيرها من المستجدات التي سبق أن تطرقنا إليها و نحن في صدد الحديث عن المبادئ العامة المؤطرة للعلاقة بين الإدارة و المرتفقين، لذلك سوف يتم الاقتصار في هذا الإطار عن الحديث عن اللجنة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية ( أولا )، و البوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات ( ثانياً ).

أولا: اللجنة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية

تعتبر اللجنة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية من بين أهم الضمانات الكفيلة بتنفيذ و تنزيل مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، بحيث تناط بها مجموعة من المهام و الاختصاصات التي من شأنها أجرة الاصلاح الجديد الذي تعرفه الإدارة المغربية و التي حددتها المادة 27 من القانون السالف الذكر أعلاه فيما يلي:

– تحديد الاستراتجية الوطنية لبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية و السهر على تتبع تنفيذها و تقييمها؛

– المصادقة على مصنفات القرارات الإدارية باستثناء تلك المتعلقة بالجماعات الترابية و مجموعاتها و هيئاتها و التي تعرض على وزارة الداخلية ؛

– تتبع تقديم ورش رقمنة المساطر و الإجراءات الإدارية؛

– الإشراف على إنجاز دراسات لقياس مدى رضى المرتفقين.
و تفريعا على ما سبق فإن هذه اللجنة تتألف حسب المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.660 المتعلق بتطبيق بعض مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية بالإضافة إلى رئيس الحكومة بصفته رئيساً من الأعضاء الآتي ذكرهم:

– وزير الداخلية؛

– الأمين العام للحكومة؛

– الوزير المكلف بإصلاح الإدارة؛

– الوزير المكلف بالاقتصاد الرقمي.

بيد أنه يمكن لرئيس اللجنة أن يدعو للمشاركة في أشغالها، أي سلطة حكومية أخرى معنية بالنقطة المدرجة في جدول أعمالها، و في جميع الأحوال تتولى السلطة الحكومية المكلفة بإصلاح الإدارة مهام كتابة اللجنة الوطنية لبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية
و تجتمع هذه اللجنة كلما اقتضت الضرورة ذلك، بدعوة من رئيسها الذي يحدد جدول أعمال اجتماعاتها، لا سيما للمصادقة على مصنفات القرارات الإدارية المقترحة من طرف الإدارات المعنية، كما أنه يمكن لأعضاء اللجنة اقتراح إدراج أي نقطة ذات صلة باختصاصات اللجنة ضمن جدول أعمال اجتماعاتها.

و بناء على ما سبق فقد عقدت اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية اجتماعها الأول بتاريخ 16 أكتوبر 2020، حيث تم اعتماد خارطة طريق تتضمن تخطيطا استراتجيا و جدولة زمنية محددة لكيفية تفعيل مقتضيات القانون، بالطريقة التي تضمن تكامل و تناسق المجهودات المبذولة من طرف جميع الشركاء المعنيين. و سيتم تنفيذ خارطة الطريق المذكورة من خلال ثلاثة أجزاء كبرى متكاملة، حيث خصصت المرحلة الأولى لوضع إطار منهجي من أجل إعداد الإدارات لتنزيل هذا الورش و مواكبتها في إعداد مشاريع مصنفات قراراتها الإدارية، بينما تتمحور المرحلة الثانية حول العمل على نشر مصنفات القرارات الإدارية بالبوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية مواكبة الإدارات من أجل الشروع في تبسيط المساطر و الإجراءات المتعلقة بقراراتها الإدارية، أما المرحلة الثالثة فتتعلق بمواكبة الإدارات في انجاح ورش رقمنة المساطر و الإجراءات من خلال تفعيل الواجهة التفاعلية الرقمية للبوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية.

و بالإضافة إلى ذلك تم إحداث لجنة تقنية منبثقة عن اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، مهمتها مساعدة اللجنة الوطنية في إنجاز المهام المنوطة بها، لا سيما فيما يتعلق بتدارس مشاريع مصنفات القرارات الإدارية المعدة من طرف الإدارات قبل رفعها للجنة الوطنية قصد المصادقة عليها، و تتكون هذه اللجنة من ممثلين عن كل من وزارة الداخلية و وزارة الاقتصاد والمالية و إصلاح الإدارة و الأمانة العامة للحكومة وزارة الصناعة والتجارة و الاقتصاد الأخضر و الرقمي، و تتولى مواكبة و تقديم الدعم التقني للإدارات المعنية فيما يخص تنزيل مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية.

و لمواكبة الإدارات في إنجاح هذا الورش الهام، تعمل كتابة اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، الذي يضطلع بمهامها قطاع إصلاح الإدارة بمعية اللجنة التقنية، على تقديم الدعم اللازم للإدارات فيما يخص الإجراءات و التدابير المعتمدة لتفعيل مقتضيات القانون رقم 55.19، لا سيما من خلال:

– إعداد دلائل عملية تشرح كيفيات إعداد مصنفات القرارات الإدارية الخاصة بالإدارات و قواعد تبسيطها و رقمنتها، و ذلك من أجل ضمان التنفيذ السليم لمقتضيات القانون رقم 55.19؛

– تقديم الدعم و المواكبة للإدارات فيما يخص إعداد مصنفات القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها، و تبسيطها و التخطيط لرقمنتها؛

– إدارة التغيير الذي ترفضه مقتضيات القانون رقم 55.19 على الإدارات، خاصة فيما يتعلق بالممارسات الجديدة التي تنص عليها؛

– تنظيم حملات تحسيسية و توعوية بصفة منتظمة، و تكوين المسؤولين على مستوى الإدارات العمومية المعنيين بتتبع تنزيل هذا الورش من أجل فهم مشترك المبادئ و القواعد التي جاء بها القانون رقم 55.19.

ثانياً: البوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية

أشارت المادة 26 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية على إحداث البوابة الوطنية للمساطر و الإجراءات الإدارية ينشر فيها على الخصوص ما يلي:

– مصنفات القرارات الإدارية المنصوص عليها في الباب الثاني من القانون السالف الذكر أعلاه؛

– المؤشرات المتعلقة بمعالجة و تسليم القرارات الإدارية ؛

– كل معلومة مفيدة تتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية.
وتفعيلا لمقتضيات هذا القانون، أعطيت، يومه الأربعاء 21 أبريل 2021، الانطلاقة الرسمية للبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية “إدارتي” www.idarati.ma.

وقد تم إنجاز بوابة “إدارتي” في إطار شراكة بين وزارة الداخلية، ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ) قطاع إصلاح الإدارة( ، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، ووكالة التنمية الرقمية (ADD) ، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT).
وتعتبر بوابة “إدارتي” واجهة معلوماتية موحدة ومتكاملة ومتعددة الفضاءات، في خدمة المرتفق تضع رهن إشارته كل المعلومات اللازمة حول المساطر والإجراءات الإدارية.

ويشكل الفضاء الإخباري للبوابة المرجع الوطني الرسمي للمرتفق من أجل الاطلاع على المساطر والإجراءات الإدارية التي يتعين عليه القيام بها لدى الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية وكل شخص معنوي خاضع للقانون العام.
وللتذكير، فلا يمكن للإدارة مطالبة المرتفق إلا بالقرارات الإدارية والوثائق والمستندات التي تنص عليها النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل والتي تمت المصادقة عليها من طرف اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ونشرها بالبوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية “إدارتي”.

وتجدر الإشارة إلى أن القرارات الإدارية المنشورة حاليا بالبوابة تم إعدادها وجردها وتصنيفها وتوثيقها من طرف الإدارات المعنية طبقا لمقتضيات القانون 55.19، الذي جاء بجملة من قواعد التبسيط أهمها:

– عدم مطالبة المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب ومن الوثائق والمستندات المكونة له؛

– عدم مطالبة المرتفق بتصحيح الإمضاء على الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب أو بالإدلاء بوثائق متاحة للعموم ولا تعنيه بصفة شخصية أو بنسخ مطابقة لأصول الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب؛

– إمكانية تعويض بعض الوثائق بتصريح بالشرف؛

– تقديم وصل من طرف الإدارة عند إيداع طلب المرتفق.
ويعد إطلاق هذه البوابة خطوة أولى في مسار تبسيط و رقمنة المساطر والإجراءات الإدارية وفقا لمقتضيات القانون55.19 ، على أن يتم إطلاق نسخ لاحقة للبوابة تتضمن وظائف جديدة ومتطورة تهدف إلى تبسيط إضافي لمسار المرتفق، وتعزيز أواصر الثقة بين الإدارة والمرتفق، وتحسين جودة الخدمات المقدمة له.

المطلب الثاني : القواعد المنظمة للمساطر و الإجراءات الإدارية وفقاً للقانون رقم 55.19

لقد جاء القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية بالعديد من القواعد التي تنظم و تضبط المساطر و الإجراءات الإدارية المتعلقة بالقرارات التي يطلبها المترفقون و كرس لعلاقة جديدة بين الإدارة و المرتفق تقوم على ضوابط ملزمة ترسخ المرونة اللازمة في التعاطي مع طلباته.

و عليه سوف أقسم هذا المطلب إلى فقرتين أساسيين، بحيث أخصص ( الفقرة الأولى )، للحديث عن المساطر و الإجراءات الإدارية المتبعة للحصول على القرار الإداري على ضوء القانون رقم 55.19، بينما أتطرق في ( الفقرة الثانية ) لدراسة مسألة تعليل القرارات الإدارية و طرق الطعن فيها من قبل المرتفق.

الفقرة الأولى: المساطر و الإجراءات الإدارية المتبعة للحصول على القرار الإداري على ضوء القانون رقم 55.19

يعتبر تحسين علاقة الإدارة بالمرتفق أحد أهم مداخل إصلاح الإدارة، فأداء الإدارة العمومية و فعاليتها مرتبط بالأساس بمدى نجاحها في الاستجابة لتطلعات و انتظارات المرتفق. و تبعا لذلك فإنه ضمانا لشفافية المساطر و الإجراءات المتعلقة بالقرارات الإدارة، أطر القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، القواعد المتبعة من أجل الحصول على القرار الإداري محل الطلب من قبل المرتفق

و تبعا لذلك فإنه تتمثل هذه المساطر و الإجراءات بالأساس في إعداد مصنفات القرارات الإدارية ( أولاً )، و إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية ( ثانياً )، و أجل معالجة و تسليم القرارات الإدارية ( ثالثاً )، و اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة ( رابعاً ).
أولا: إعداد مصنفات القرارات الإدارية

لقد نصت المادة 5 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية على أنه: ” طبقا للمبادئ المنصوص عليها في المادة 4 أعلاه ، يجب على الإدارات ، كل فيما يخصها ، أن تقوم بجرد جميع القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها وتصنيفها وتوثيقها وتدوينها في مصنفات يحدد نموذجها بنص تنظيمي. تنشر هذه المصنفات بالبوابة الوطنية المشار إليها في المادة 26 من هذا القانون ، مع مراعاة أحكام المادة 9 أدناه. ”

فباستقراء مقتضيات المادة السالفة الذكر أعلاه، نستشف أن الإدارات أصبحت ملزمة بالقيام بسلسلة من العمليات بخصوص القرارات الإدارية التي تقدمها للمرتفقين بناء على طلبهم، من قبيل الجرد و التصنيف و التوثيق و التدوين و النشر، و في هذا الإطار فإنه تم تحديد نموذج هذه المصنفات بمقتضى المادة الأولى من المرسوم رقم 2.20.660 المتعلق بتطبيق بعض مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، و كذا القرار المشترك لوزير الداخلية و وزير الاقتصاد والمالية و إصلاح الإدارة رقم 2332 بتحديد نموذج مصنفات القرارات الإدارية و نموذج وصل إيداع طلبات الحصول عليها.

و بناء على ما سبق فإنه يجب أن يتضمن كل قرار إداري أثناء عملية توثيقه و تدوينه على الخصوص المعلومات التالية :

1- القرار الإداري ومراجعه القانونية ؛

2- الإدارة أو الإدارات المكلفة بتلقي الطلبات المتعلقة بالقرار الإداري ودراستها ومعالجتها ؛

3- لائحة الوثائق والمستندات المكونة لملف طلب القرار الإداري وكيفيات إيداعه ، مع التمييز بين تلك التي يجب على المرتفق الإدلاء بها وتلك التي يتعين أن تتحصل عليها الإدارة المكلفة بتسليم القرار الإداري من إدارات أخرى وفق أحكام الباب الثامن من هذا القانون ؛

4- المصاريف والرسوم والأتاوى الواجب أداؤها من طرف المرتفق والمحدثة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ؛

5- الأجل المحدد لرد الإدارة على طلب المرتفق وفق أحكام الباب الخامس من هذا القانون ؛

6- الآثار المترتبة على سكوت الإدارة داخل الأجل المحدد وطرق الطعن المتاحة للمرتفق ، طبق أحكام البابين السادس والسابع من هذا القانون ؛

7- حالات وشروط إنجاز الخبرات التقنية أو البحوث العمومية المشار إليها في المادة 17 بعده.

بيد أنه يتعين على الإدارات وفقا لمقتضيات المادة 7 من القانون رقم 55.19 أن تتقيد عند توثيق القرارات الإدارية و تدوينها بمجموعة من القواعد المتمثلة في :

1- عدم مطالبة المرتفق بأكثر من نسخة واحدة من ملف الطلب المتعلق بالقرار الإداري ومن الوثائق والمستندات المكونة لهذا الملف؛

2- عدم مطالبة المرتفق بتصحيح الإمضاء على الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب ؛

3 – عدم مطالبة المرتفق بالإدلاء بوثائق أو مستندات إدارية متاحة للعموم ولا تعنيه بصفة شخصية

4 – عدم مطالبة المرتفق بالإدلاء بنسخ مطابقة لأصول الوثائق والمستندات المكونة لملف الطلب. غير أنه يمكن للإدارة ، في حالة الشك في صحة النسخ المدلى بها ، أن تطلب من المرتفق ، بكل وسائل التواصل الملائمة ، مرة واحدة ، مع تعليل طلبها ، تقديم أصول الوثائق أو المستندات المعنية أو نسخ منها مطابقة للأصول للاطلاع عليها ، وذلك عند إيداع الملف أو على أبعد تقدير ، خلال النصف الأول من المدة المحددة لدراسة الطلب. وفي هذه الحالة ، يعلق الأجل المحدد لدراسة الطلب إلى حين الإدلاء بالوثائق والمستندات المطلوبة.

و في جميع الأحوال تعرض مصنفات القرارات الإدارية وجوبا اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية قصد المصادقة عليها، غير أن المصنفات المعدة من قبل الجماعات الترابية و مجموعاتها و هيئاتها لا تعرض على اللجنة السالفة الذكر أعلاه و إنما يتم فقط إحالتها على وزارة الداخلية قصد التحقق من مدى مطابقتها للقانون .

بقي أن نشير في هذا المقام إلى أن القرار المشترك لوزير الداخلية و وزير الاقتصاد و إصلاح الإدارة رقم 2332.20 قد حدد في ملحقه الأول نموذج مصنفات القرارات الإدارية، الذي يحدد المعلومات الواجب تعبئتها من طرف الإدارات لإعداد مصنفات قراراتها الإدارية، و يضم هذا النموذج جزئين أساسيين، يتعلق الجزء الأول بلائحة القرارات الإدارية، في حين تم تقسيم الجزء الثاني و المتعلق بنموذج توثيق و تدوين القرارات الإدارية إلى 6 أجزاء يضم كل جزء منها بطاقة أو معلومات تتعلق بمقتضى من المقتضيات المنصوص عليها في المادتين 5 و 6 من القانون رقم 55.19 نوردها كما يلي:

1- مراجع القرار الاداري؛

2- المسطرة الإدارية المتعلقة بالقرار الإداري؛

3- حالات و شروط إنجاز الخبرات التقنية أو البحوث العمومية عند الاقتضاء؛

4- الأجل المحدد لرد الإدارة على طلب المرتفق؛

5- الآثار المترتبة على سكوت الإدارة داخل الأجل المحدد؛

6- طرق الطعن المتاحة للمرتفق.

ثانياً: إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية

لقد تناول المشرع المغربي تنظيم مسألة إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية في الباب الرابع من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية و خصص لهذه المرحلة الموارد 10 و 11 و 12 و 13 و 14 و 15 منه.

و تبعا لذلك فإنه حسب المادة 10 من القانون السالف الذكر أعلاه تودع طلبات الحصول على القرارات الإدارية لدى الإدارات المعنية مقابل وصل يسلم للمرتفق فوراً و يتضمن هذا الوصل حسب الحالة إحدى العبارتين التاليتين:

– عبارة “ملف مودع” ، إذا تبين أن الملف يتضمن جميع الوثائق والمستندات المطلوبة ؛

– عبارة “ملف في طور الإيداع” في حالة عدم إدلاء المرتفق بوثيقة أو مستند أو أكثر من الوثائق أو المستندات المطلوبة. وفي هذه الحالة ، تحدد الإدارة في الوصل المذكور ، بشكل حصري ودفعة واحدة ، لائحة الوثائق والمستندات التي يتعين على المرتفق الإدلاء بها تحت طائلة إرجاع الملف ، داخل أجل أقصاه 30 يوما ، ابتداء من تاريخ تقديم الطلب. ولا يحتسب الأجل المحدد للإدارة لمعالجة الطلب وتسليم القرار الإداري موضوع الطلب إلا ابتداء من تاريخ تقديم الطلب. و لا يحتسب الأجل المحدد للإدارة لمعالجة الطلب و تسليم القرار الإداري موضوع الطلب إلا ابتداء من تاريخ تقديم جميع الوثائق و المستندات المطلوبة.

بيد أنه استثناء على مبدأ عدم مطالبة الإدارة المرتفق عند إيداع ملف طلبه أو خلال مرحلة معالجته، بالإدلاء بوثيقة أو مستند أو بمعلومة أو القيام بإجراء إداري، أكثر من مرة واحدة ، فإنه إذا تبين للإدارة ، بعد تسليم الوصل المذكور أن وثيقة أو مستندا من الملف المودع غير مستوف للشروط المطلوبة في المصنفات ، وجب عليها ، خلال النصف الأول من الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري ، أن تطلب من المرتفق ، بكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة ، مع تعليل طلبها ، استبدال الوثيقة أو المستند المعني. وفي هذه الحالة ، يتعين على المرتفق ، تحت طائلة إرجاع الملف ، الإدلاء بهذه الوثيقة أو المستند داخل أجل أقصاه 30 يوما ، ابتداء من تاريخ توصله بطلب الإدارة. ويترتب على طلب الإدارة استبدال وثيقة أو مستند ، تعليق سريان الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري إلى حين تقديم المرتفق لهذه الوثيقة أو المستند.

و تبعا لذلك فإنه وفقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم رقم 2.29.660 يسلم وصل إيداع طلبات الحصول على القرارات الإدارية وفق إحدى الكيفيتين التاليين:

– تسليم الوصل المذكور، على الفور، في حالة إيداع المرتفق لملف طلبه على حامل ورقي؛

– تمكين المرتفق من الوصل المذكور بطريقة إلكترونية في حالة إيداعه لملف طلبه عبر منصة إلكترونية.

و جدير بالذكر إلى أنه لا يتم تسليم وصل إيداع طلبات الحصول على القرارات الإدارية المشار إليه أعلاه، كلما تعلق الأمر بالطلبات التي تتم معالجتها و تسليم القرارات الإدارية المتعلقة بها على الفور.

و تفريعا على ما سبق يمكن للإدارة أن تطلب عند الاقتضاء من المرتفق ، خلال النصف الأول من الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري ، وبكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة الإدلاء بالمعلومات التكميلية اللازمة لمعالجة طلبه. و في هذا السياق لا يمكن للإدارة أن تطلب هذه المعلومات إلا مرة واحدة ، بالنسبة لكل طلب.

و يترتب على طلب المعلومات التكميلية ، تعليق سريان الأجل المحدد لمعالجة الطلب المتعلق بالقرار الإداري إلى حين تقديم المرتفق لهذه المعلومات. وفي هذه الحالة يستأنف احتساب الآجال ابتداء من استكمال الملف في حدود المدة الزمنية المتبقية من الأجل المحدد لمعالجة الطلب و ذلك وفقاً لمقتضيات المادة 14 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية.

و من أجل تنزيل مبدأ تقريب الإدارة من المواطن فإنه سوف يتم تدريجيا إحداث منصات إلكترونية تعنى بإيداع ملفات الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية و اخبار المرتفقين بالمآل الذي تم تخصيصه لطلباتهم و تسليمهم عند الاقتضاء القرارات الإدارية موضوع الطلب .

و في جميع الأحوال تحتفظ الإدارة بحق عدم الرد على الطلبات المقدمة بصورة متكررة من قبل نفس المرتفق في شأن الحصول على قرار إداري سبق البت فيه سلبيا، و ذلك ما يطرأ تغيير في شروط تسليم القرار المذكور أو في وثائق و مستندات الملف.

ثالثاً: آجال معالجة الطلبات و تسليم القرارات الإدارية

يجب على الإدارات أن تحديد أجل لمعالجة الطلبات وتسليم كل قرار إداري، و لا يمكن ، بالرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية المخالفة ، أن يتعدى هذا الأجل مدة أقصاها 60 يوما.
غير أن الحد الأقصى المذكور أعلاه يقلص إلى 30 يوما فيما يتعلق بمعالجة طلبات المرتفقين للحصول على القرارات الإدارية ، المحددة لائحتها بنص تنظيمي ، الضرورية لإنجاز مشاريع الاستثمار.

تسري الآجال المنصوص عليها في هذه المادة ابتداء من تاريخ إيداع المرتفق لملف طلبه كاملا .

غير أنه لا يمكن تمديد الأجل المشار إليه أعلاه المحدد لتسليم القرار الإداري إلا مرة واحدة عندما تقتضي معالجة طلب المرتفق ، إنجاز خبرة تقنية أو بحث عمومي. ولا يمكن أن تتعدى مدة هذا التمديد المدة اللازمة لإنجاز الخبرة أو البحث المذكورين. وفي هذه الحالة تبلغ الإدارة المعنية المرتفق بكل الوسائل التواصل الملائمة و المتاحة بالأجل الجديد لتقديم جوابها، و سوف تحدد بنص تنظيمي لائحة القرارات الإدارية المعنية بتمديد الأجل المذكور
و هذا ما تؤكده كل من المادتين 16 و 17 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية.

و عليه تعتبر جميع الآجال المنصوص عليها في القانون المتعلقة بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية كاملة لا يحسب منها اليومان، الأول و الأخير، و إذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول عمل بعده .

رابعاً: اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة

لقد أشارت المادة 19 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية على أنه بالرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية المخالفة يعتبر بمثابة موافقة ، سكوت الإدارة ، بعد انقضاء الآجال المنصوص عليها في المادة 16 من نفس القانون، بخصوص الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية التي يحدد لائحتها نص تنظيمي.

وفي هذه الحالة ، يجب على المسؤول التسلسلي للإدارة العمومية المعنية أو المسؤول التسلسلي عن المؤسسة العمومية أو عن الشخص الاعتباري الخاضع للقانون العام أو عن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعنيين أو رئيس الجماعة الترابية المعنية أو رئيس مجموعة الجماعات الترابية أو هيئة الجماعة الترابية المعنية ، أن يسلم المرتفق ، بطلب منه ، القرار الإداري موضوع الطلب داخل أجل أقصاه 7 أيام ابتداء من تاريخ إيداع الطلب.

و عليه فإنه إذا لم يتم تسليم القرار الإداري للمرتفق، أمكن له اللجوء حسب الحالة إلى:

– السلطة الحكومية المعنية بالقرارات الإدارية المسلمة على الصعيد المركزي من قبل الإدارات العمومية. ويجب أن تمنح هذه السلطة القرار الإداري داخل أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليها ؛

– المسؤول عن المؤسسة العمومية أو عن الشخص الاعتباري الخاضع للقانون العام أو عن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعنىين بالقرارات الإدارية. ويجب أن يمنح المسؤول المعني القرار الإداري داخل أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه

– والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم ، حسب الحالة ، بالنسبة للقرارات الإدارية المسلمة من قبل المصالح اللاممركزة للدولة. ويجب أن يمنح والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم المعني القرار الإداري داخل أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه.

وفيما يتعلق بالقرارات الإدارية المسلمة من طرف الجماعات الترابية أو مجموعاتها أو هيئاتها ، يمكن للمرتفق أن يلجأ إلى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم ، حسب الحالة لطلب إشهاد بالسكوت المعتبر بمثابة موافقة. ويسلم الوالي أو العامل المعني الإشهاد المطلوب بعد مراسلة الرئيس المعني قصد الإدلاء بتوضيحات كتابية حول أسباب امتناعه عن تسليم القرار الإداري ، وذلك داخل أجل لا يتعدى 10 أيام ابتداء من تاريخ التوصل.
الفقرة الثانية: تعليل القرارات الإدارية و طرق الطعن فيها من قبل المرتفق.

لقد جاء القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية بآليات جديدة تساهم في تدعيم حق المرتفق في الحصول على قرار إداري يستوفي الشروط القانونية المطلوبة، من خلال معرفة الأسباب الكامنة وراء رفض طلبات القرارات الإدارية، حيث يمكن للمرتفق الطعن في هذه القرارات الإدارية، و هذا يشكل ضمانة لصاحب الطلب في مواجهة الإدارة.

و تبعا لذلك فإن سوف يتم التطرق في هذه الفقرة إلى مسألة تعليل القرارات الإدارية (أولا )، و طرق الطعن المتاحة للمرتفق ( ثانياً ).

أولا : تعليل القرارات الإدارية

يراد بتعليل القرار الإداري إفصاح الجهة المصدرة للقرار عن الأسباب القانونية و الواقعية التي دفعتها لإصداره، كما أنه يعتبر الوسيلة الشكلية الأساسية للإحاطة بأسباب القرار الإداري، فالتعليل يمكن المرتفق من الاطلاع مباشرة على أسباب الرفض .

فالقاعدة العامة تقضي أن الإدارة غير ملزمة بتعليل قراراتها الإدارية إلا بمقتضى نص صريح، غير أنه في إطار توفير الحماية القانونية للمرتفق كطرف ضعيف في علاقته بالإدارة، ألزم المشرع المغربي بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 03.01 المتعلق بإلزام الإدارات العمومية و الجماعات المحلية ( حاليا تمسى بالجماعات الترابية)

و المؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، إدارات الدولة و الجماعات المحلية و هيئاتها و المصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني بالأمر تحت طائلة عدم المشروعية، و ذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية و الواقعية الداعية إلى اتخاذها.

نفس التوجه كرسه المشرع المغربي أيضا في القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية بحيث نصت المادة 18 منه على أنه : ” مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل ، يجب على الإدارة تعليل قراراتها الإدارية السلبية المتعلقة بطلبات القرارات الإدارية ، وذلك بالإفصاح في صلب هذه القرارات عن الأسباب الداعية إلى اتخاذها وإخبار المرتفق المعني بكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة. تطبق أحكام هذه المادة على القرارات الإدارية كما تم تعريفها في المادة 2 من هذا القانون “.

و بذلك نستشف من مقتضيات المادة الواردة أعلاه أن المشرع وضع مجموعة من الشروط التي يجب توفرها لكي يكون تعليل الإدارة صحيحا و معتدا به قانونا و يتعلق الأمر بضرورة أن يكون هذا التعليل مكتوبا و واردا في صلب القرار الإداري و أن يكون مستندا على الاسباب الداعية إلى ذلك فضلا على إخطار المرتفق المعني بالأمر بكل وسيلة من وسائل التواصل الملائمة.

ثانياً : طرق الطعن المتاحة للمرتفق

باستثناء الحالة التي يكون فيها سكوت الإدارة بعد انقضاء الآجال المنصوص عليها في المادة 16 السالفة الذكر، بمثابة موافقة، يجوز للمرتفق في حالة سكوت الإدارة داخل الآجال المحددة أو ردها السلبي أن يقوم داخل أجل لا يتعدى 30 يوما ابتداء من تاريخ انقضاء الآجال المحددة لتسليم القرار أو من تاريخ تلقي الرد السلبي حسب الحالة ، بتقديم طعن أمام :

– السلطة الحكومية المعنية أو الشخص المفوض من قبلها لهذا الغرض ، بالنسبة لجميع القرارات الإدارية المسلمة على الصعيد المركزي من قبل الإدارات العمومية. وتبت هذه السلطة في الطعن المعروض عليها وتخبر المرتفق بردها داخل أجل أقصاه 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليها ؛

– المسؤول عن المؤسسة العمومية أو عن الشخص الاعتباري الخاضع للقانون العام أو عن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعنيين بالقرارات الإدارية. ويبت هذا المسؤول في الطعن المعروض عليه ويخبر المرتفق برده داخل أجل أقصاه 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه ؛

– والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم ، حسب الحالة ، بالنسبة للقرارات الإدارية المسلمة من قبل المصالح اللاممركزة للدولة. ويبت والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم المعني في الطعن المعروض عليه ويخبر المرتفق برده داخل أجل أقصاه 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه ؛

– رئيس الجماعة الترابية أو مجموعة الجماعات الترابية أو هيئة الجماعة الترابية المكلفة بتسليم القرار الإداري موضوع الطلب. وفي هذه الحالة ، يجب على الرئيس المعني الرد على المرتفق داخل أجل أقصاه 15 يوما ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه. وفي حالة عدم رده داخل الأجل المذكور ، يجوز للمرتفق إحالة الأمر إلى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم ، حسب الحالة ، الذي يقوم بمراسلة الرئيس المعني بغرض دعوته للبت في موضوع الطعن المقدم داخل أجل لا يتعدى 10 أيام من تاريخ التوصل.

و فيما يتعلق بالطعون المتعلقة بقرارات الرفض الصادرة عن اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار خاضعة لأحكام القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار و بإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار ، حيث نصت المادة 37 من نفس القانون على أنه : ” يجب أن يكون كل قرار بالرفض صادر عن اللجنة الجهوية معللا. و يمكن أن يكون هذا القرار موضوع طعن يقدمه المستثمر المعني أمام اللجنة الوزارية للقيادة المنصوص عليها في القسم الثالث من هذا القانون و ذلك داخل 19 أيام تحتسب ابتداء من تاريخ تبليغ القرار. غير أنه يمكن للمستثمر قبل إحالة الأمر إلى اللجنة الوزارية أن يتقدم بتظلم استعطافي إلى والي الجهة الذي يعرضه على اللجنة الجهوية التي تبت داخل أجل 10 أيام من تاريخ توصلها بالتظلم.

و إذا لم تبت اللجنة الجهوية داخل الأجل المذكور أو إذا أصدرت قرارا بتأييد قرارها السابق، أمكن للمستثمر تقديم طعن أمام اللجنة الوزارية للقيادة التي تبت في الأمر داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما.

خاتمة :

إن الهدف العام لتحسين علاقة الإدارة بالمرتفقين يعتبر غاية في حد ذاته، يتأكد بلوغه بتحقيق كل الأهداف المندمجة المكملة لهذه الغاية و المتمثلة في تخليق المرفق العام و إعادة النظر في أدوار الدولة و هيكلة المصالح الإدارية و لا تمركزها و ترشيد تدبير الموارد البشرية و تحفيزها، دون صرف النظر عن تبسيط المساطر و التخفيف من الإجراءات الإدارية و اعتماد التكنولوجيات للتواصل و الإعلام بالإدارات العمومية.

فتحسين علاقة الإدارة بالمرتفق يعتبر أحد أهم مداخل إصلاح الإدارة، فأداء الإدارة العمومية و فعاليتها مرتبط بالأساس بمدى نجاحها في الاستجابة لتطلعات و انتظارات المرتفق. و قد أكدت التوجيهات الملكية السامية في عدة مناسبات على كون خدمة المرتفق أساس وجود الإدارة و على ضرورة الانطلاق من انشغالاته الحقيقية و انتظاراته للارتقاء بعملها و الرفع من جودة خدماتها.
و في هذا الإطار، يشكل القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية رافعة أساسية لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن و المقاول على حد سواء لتعزيز الثقة بين الإدارة و المرتفق، فهو منطلق إيجابي في توطيد علاقة طبيعية بين الإدارة و المرتفقين تقوم على أساس تثمين روابط الثقة و الرفع من أداء و نجاعة عمل الإدارة.

و جدير بالإشارة إلى أن الحديث عن تقييم القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، و مدى مساهمته في إصلاح الإدارة المغربية و الرقي بها قدما، سابق للأوان لا سيما أن هذا القانون لم يدخل حيز التنفيذ إلا في 28 شتنبر 2020، الذي يوافق استكمال إصدار النصوص التنظيمية المشار إليها في المواد 5 و 11 و 27 منه.

فكما قال صاحب الجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى لمجلس النواب سنة 1979 ، بأن القوانين تنقسم إلى قسمين منها ما يعطي أكله في الحين، ومنها ما يعطي أكله على عشرات السنين، فنرى أن القانون السالف الذكر لا يمكن أن يحقق الغاية المنشودة منه إلا بعد مرور وقت ليس بالهين و تظافر الجهود و الرغبة في إرساء إدارة مغربية ديمقراطية و مواطنة ومنفتحة على محيطها.

قائمة المراجع :

– الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لتربعه على عرش أسلافه المنعمين بتاريخ 29 يوليو 2018.
– ظهير شريف رقم 1.11.91 الصادر بتاريخ 27 شعبان 1432 الموافق ليوم 29 يوليوز 2011، بتنفيذ نص الدستور، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 الموافق ليوم 30 يوليو 2011، ص: 3600.
– ظهير شريف رقم 1.20.06 صادر في 11 من رجب 1441 الموافق ليوم 06 مارس 2020، بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6866 بتاريخ 24 رجب 1441 الموافق ليوم 19 مارس 2020، ص: 1626.
– ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 الموافق ليوم 23 يوليو 2002، بتنفيذ القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات المحلية و المؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1423 الموافق ليوم 12 غشت 2002، ص : 2282.
– ظهير شريف رقم 1.19.18 صادر في 7 من جمادى الآخرة 1440 الموافق ليوم 13 فبراير 2019، بتنفيذ القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار و بإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6754 بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1440 الموافق ليوم 21 فبراير 2019، ص: 834.
– مرسوم رقم 2.20.660 صادر في 29 من محرم 1442 الموافق ليوم 18 شتنبر 2020، بتطبيق بعض مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر و الإجراءات الإدارية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6919 بتاريخ 3 صفر 1442 الموافق ليوم 21 شتنبر 2020، ص: 4850.
– قرار مشترك لوزير الداخلية و وزير الاقتصاد والمالية و إصلاح الإدارة رقم 2332 صادر في صفر 1442 الموافق ليوم 22 شتنبر 2020، بتحديد نموذج مصنفات القرارات الإدارية و نموذج وصل إيداع طلبات الحصول عليها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6921 بتاريخ 10 صفر 1442 الموافق ليوم 28 شتنبر 2020، ص: 5419.

 

معلومات حول الكاتب:

أيوب حجاوي
ملحق تربوي بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي و الرياضية بتنغير
طالب باحث في سلك ماستر قانون المنازعات ( سابقا )
حاصل على الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة دورة 4 دجنبر 2022

قد يعجبك ايضا