دة. فاطمة برتاوش : التحكيم التجاري في التشريع المغربي

تقرير حول الدرس القانوني في موضوع بعنوان: التحكيم التجاري في التشريع المغرب

من إعداد:

أمال بوحسون

طالبة باحثة في سلك الدكتوراه في القانون الخاص – المغرب

 

تم بتاريخ 19 أبريل 2023 على الساعة العاشرة ليلا إلقاء درس حول موضوع التحكيم التجاري في التشريع المغربي من قبل الأستاذة فاطمة برتاوش على الصفحة الرسمية للمعلومة القانونية.

تطرقت الاستاذة الى تعريف التحكيم، أهميته، أنواعه، وعلاقته بالقضاء والفرق بينهما وبين الوسائل الاخرى البديلة لحل النزاعات مثل الوساطة.

عرفت الاستاذة التحكيم بأنه طريقة خاصة استثنائية لفض النزاعات من قبل هيئة تحكيم يسند اليها أطراف النزاع مهمة البث في النزاع دون اللجوء إلى القضاء، لان القضاء هو الأصل، والاساس في لجوء الاطراف إلى التحكيم هو إرادتهم وهم الذين يحددون الهيئة التي ستقوم بالفصل في النزاع. وان كان بعض الفقهاء يطرحون إشكالية هل التحكيم ذو طبيعة إرادية أو قضائية. وهنا أكدت الدكتورة على أن التحكيم يبدأ باتفاق الاطراف وأن القضاء مكمل له، مثلا تعيين هيئة التحكيم يرجع للأطراف واذا لم يتفقوا في هذه الحالة خول لهم إمكانية اللجوء للقضاء لاستكمال تعيين الهيئة التي يشترط ان يكون عدد افرادها فرديا، ففي هذه الحالة القضاء مكمل للتحكيم. كما أن الأصل في تنفيذ أحكام التحكيم اختيارية. لكن إذا لم يتم ذلك يكون التنفيذ إجباري عن طريق القضاء، كذلك الحال أثناء الطعن في الأحكام التحكيمية يتم عن طريق القضاء. وبالتالي فالتحكيم يبدأ بإرادة الاطراف وينتهي ببصمة القضاء الذي يعتبر مكملا له.

كما بينت الدكتورة كيفية إبرام التحكيم الذي يكون إما على شكل اتفاق تحكيم أو عقد تحكيم، فاتفاق التحكيم يكون بالتزام الاطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ او قد ينشأ  عن علاقة تعاقدية أو غير تعاقدية قبل نشوب النزاع ويجب أن يكون مكتوبا حسب تعريف القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية. أما بالنسبة لعقد التحكيم فهو ذلك الاتفاق الذي يلتزم فيه الأطراف نشأ بينهم نزاع بعرض هذا النزاع على الهيئة التحكيمية، في حين شرط التحكيم فهو الاتفاق الذي يلتزم بموجبه أطراف العقد أن يعرضوا على التحكيم كل أو بعض النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور.

كما تم التطرق للفرق بين التحكيم والقضاء، حيث أكدت الأستاذة أنه لا يختلف حكم المحكمين عن القضاء من حيث حجيته وأثره، ولكن يختلف التحكيم عن القضاء في عدة مجالات نذكر منها:

  • من الناحية التاريخية التحكيم أقدم من القضاء؛
  • بالنسبة للأشخاص المكلفين بالفصل في النزاع، القضاة مثلا يتم تعيينهم من طرف الدولة أما المحكمون يتم اختيارهم من قبل أطراف النزاع، أو من قبل نظام مؤسسة التحكيم لأن التحكيم يمكن ان يكون حرا او مؤسسيا؛
  • بالنسبة للإجراءات بالنسبة للمحكمة تلتزم بالاختصاص المكاني والزماني والقانون الواجب التطبيق، أما التحكيم فالأطراف لهم حرية مكان التحكيم ولغة التحكيم والقانون المطبق، وحتى مدة التحكيم؛ فالمدة القانونية للفصل في نزاع التحكيم هي 6 أشهر يمكن تمديدها بناء على اتفاق الاطراف اما بالنسبة للقضاء فالمدة غير محددة؛
  • بالنسبة للحكم الصادر عن التحكيم فهو غير قابل للطعن بطرق الطعن التقليدية كالاستئناف والنقض وعي قابلة للطعن بالبطلان فقط؛
  • التحكيم يمكن ان يتطرق لجميع المسائل ولو انها صعبة ومعقدة إلا ما استثني بنص خاص. والأصل في التحكيم أن كل ما يجوز فيه الصلح يجوز فيه التحكيم؛
  • فيما يخص الأجرة القاضي يتقاضاها من الدولة أما المحكمين تؤدى لهم أتعابهم من قبل أطراف النزاع.

أما فيما يخص مزايا التحكيم مقارنة مع القضاء فنجد أن:

  • أهم ميزه هي السرعة وذلك لتفرغ المحكمين وعدم التزامه بإجراءات شكلية؛
  • تخصص المحكمين في مجال النزاع وذلك باختيار المحكمين الذين لهم خبرة بمجال النزاع؛
  • السرية المطلقة في جلسات التحكيم؛
  • اختيار القانون والإجراءات ومكان التحكيم.

تمييز التحكيم عن بعض المؤسسات المتشابهة كالمصالحة او الوساطة

عرفت الأستاذة الوساطة بمجموعة من المساعي، التي يقوم بها شخص أو أكثر، لتقريب وجهات نظر الطرفين المتنازعين، قصد فك النزاع ولا يملك الوسيط سلطة فرض رأيه على الاطراف، وفيما يلي أهم الفروق بين التحكيم والوساطة:

  • إذا قبل الأطراف في المصالحة الحل أصبح واجب التنفيذ؛
  • يكون الصلح عادة من أجل التنازل على بعض الحقوق بينما في التحكيم لا يعرف ما سيحكم به المحكم، لا يستطيعون التحكم في نتيجة التحكيم؛
  • الصلح لايحتاج إلى شهود وأداء اليمين على عكس التحكيم؛
  • توقيع وثيقة الصلح ينهي النزاع، على عكس التحكيم ينتهي بصدور حكم تحكيمي.

الفرق بين التحكيم الحر والتحكيم المؤسساتي

  • التحكيم الحر يختار فيه أطراف النزاع المحكمين للفصل فيه يستند عادة على المعرفة الشخصية للمحكم، أما التحكيم المؤسساتي فهو تحكيم هيئات ومراكز تحكيم دائمة انشأت لغرض تسيير عملية التحكيم؛
  • شفافية تعين المحكمين عندما يتكلف المركز بذلك من خلال قوائمه بناء على كفاءتهم والآخر بعين الاعتبار طبيعة النزاع المعروض بينما يطغى على اختيار المحكمين في التحكيم الحر العلاقة الشخصية؛
  • التحكيم المؤسساتي يتوفر على نموذج لاتفاق التحكيم معد مسبقا لتفادي بطلان الحكم بسبب مشكل في الاتفاق التحكيمي.

يصدر الحكم التحكيمي بعد المداولة بأغلبية الأصوات واذا امتنع أحدهم عن التصويت وجب تضمين هذا الامتناع في محضر المداولة، ويجب أن يصدر الحكم كتابة للتأكد من استيفاءه للشروط المتطلبة قانونا وايداع الحكم التحكيمي وتنفيذه بعد تذيله فهي شرط وجود وليست شرط إثبات، كما تم التطرق للبيانات الواجب توفرها في الحكم التحكيمي كالبيانات الشخصية للأطراف والمحامين  ان وجدو وأسماء المحكمين وجنسياتهم وصفاتهم وعناوينهم، تاريخ ومكان صدور الحكم التحكيمي وتوقيع الاطراف ويرفق بملخص ادعاءات الاطراف ويجب أن يكون معللا، كما يجب أن يتضمن منطوق الحكم.

أوضحت الاستاذة أنه بمجرد صدور الحكم التحكيمي تنتهي ولاية الهيئة التحكيمية للفصل مرة اخرى في نفس موضوع النزاع الا في حالتين: تفسير نقطة غامضة في الحكم التحكيمي، او عدم البت في احد مطالب الخصوم وفي هذه الحالة تصدر حكم اخر تكميلي. كما يمكن للهيئة اصدار حكم تصحيحي لتصحيح الأخطاء المادية التي قد تشوب الحكم.

ركزت الاستاذة على طرق تنفيذ الأحكام التحكيمية، وإن كان الأصل في التحكيم ينفذ اختياريا الا انه في حالة امتناع احد الاطراف يمكن لطرف الذي صدر الحكم لصالحه ان يلجأ إلى القضاء لاستصدار امر بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية، فالأمر بتخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي هو إجراء يهدف إلى تمكين المحكوم لصالحه من تنفيذ الحكم جبرا في حالة امتناع المحكوم ضده عن تنفيذه اختياريا. فهو الإجراء الذي يصدر عن القاضي المختص قانونيا بتخويل الحكم التحكيمي سواء كان وطنيا او دوليا القوة التنفيذية.

وحددت الاجراءات المتبعة:

  • إيداع الحكم التحكيمي لدى المحكمة المختصة التي حددها القانون الجديد بشكل واضح وهي ان الجهة المختصة يحددها طبيعة النزاع فإذا كان هذا الأخير مدنيا فإن المحكمة المختصة هي المحاكم الابتدائية ،اذا كان النزاع تجاريا المحكمة المختصة هي المحكمة التجارية واذا كان اداريا تختص المحكمة الإدارية؛
  • يتم ايداع الحكم من قبل أحد الاطراف مصحوبا باتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن احد المحكمين او الطرف الأكثر استعمالات. واذا تعلق الأمر باستئناف حكم وجب إيداع الحكم لدى كتابة ضبط محكمة الاستئناف؛
  • بعد الإيداع يقوم القاضي من التحقق من كون الحكم التحكيمي صحيح ليصدر أمره بتذييل الحكم التحكيمي بعدها يمكن تنفيذه جبرا.

بالنسبة للطعن في الاحكام

حددت الدكتورة أسباب الطعن في الحكم التحكيمي بالبطلان في:

  • اذا لم تكن الهيئة التحكيمية فردية؛
  • إذا كان اتفاق التحكيم باطل او غياب اتفاق التحكيم؛
  • صدور الحكم خارج الآجال؛
  • عدم تحديد موضوع النزاع؛
  • بت الهيئة  فيما لم يطلب منها؛
  • عدم احترام الشكليات المنصوص عليها قانونا أو مخالفة النظام العام؛
  • عدم التوقيع على الحكم من قبل المحكمين.

 

 

 

 

بالفيديو المباشر للدرس القانوني، عبر منصتنا العلمية فايسبوك:
قد يعجبك ايضا