قراءة في الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود المغربي
علي أبو المواهب
مقدمة :
حظيت المسؤولية عن حراسة الأشياء باهتمام بالغ من طرف كل من الفقه والقضاء المعاصرين، وهذا الاهتمام لم يكن وليد الصدفة بل فرضته الأوضاع الخاصة التي نتجت عقب الثورة الفرنسية في القرن التاسع عشر، فكان من الطبيعي أن يجهد الفقه والقضاء نفسه لمعالجة الأوضاع، لأن ما جاء به التطور الأيديولوجي والصناعي أدى إلى ظهور مجموعة من الآلات المعقدة الصنع، وهي كلها آلات يصعب التحكم فيها, وتشعب الاختراعات وظهور عربات ذات محرك, هذا كله أدى إلى زعزعة العديد من الأنظمة والمؤسسات القانونية, والمسؤولية عن فعل الأشياء مثالا على تأثير الثورة الصناعية والاقتصادية على مؤسسة قانونية تعد من أهم المؤسسات على الإطلاق ألا وهي مؤسسة المسؤولية المدنية عن فعل الشيء, وقد برز هذا التأثير بشكل خاص على مستوى دفع هذه المسؤولية عن حارس الشيء, والتي عرفت تطورا مهما مدفوعا بالحاجة إلى حماية الأشخاص من مخاطر هذه الطفرة الصناعية الكبيرة، و التي وإن كانت سببا في تحسين مستوى عيش البشرية ورقيها, لكنها في المقابل لم تكن خالية من أية آثار سلبية مصاحبة لها.
وهذه المسؤولية لم تكن معروفة لدى التشريعات القديمة، حيث أن القانون الروماني لم يتطرق لها بل اكتفى بعرض بعض مظاهرها كمسؤولية حارس الحيوان و البناء, أما عن التشريعات المعاصرة فإننا نلاحظ أن جل القوانين الحديثة قد خصت هذه المسؤولية الشيئية بأحكام خاصة تميزها عن باقي المسؤوليات الأخرى[1].
و بالرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود المغربي[2] ، نجده نظم هده المسؤولية في الفصل 88 الذي ورد فيه: “كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته، إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر, وذلك ما لم يثبت:
1-أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر؛
2-و أن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة, أو لخطأ المتضرر”
مما أدى إلى تقرير مسؤولية مفترضة في جانب من يوجد الشيء تحت حراسته, دون أن يكون من حقه إثبات انتفاء خطئه وصولا إلى نفي المسؤولية عنه, اعتمادا على القواعد التي تخول لمرتكب الفعل الضار الحق في نفي الخطأ عنه لكي يدفع عن نفسه المسؤولية. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن المسؤولية عن فعل الأشياء تعتبر نقطة تطور حاسمة في مجال المسؤولية المدنية[3].
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية هذا الموضوع فيما عرفه المجتمع من تطور صناعي وتكنولوجي أدى إلى انتشار الحوادث التي تسببها الأشياء, خاصة أن هذه الأشياء تعود على الشركات والأشخاص بالربح من جراء استغلالها, إلى أنها في المقابل تسبب لأشخاص آخرين أضرار وخيمة انسجاما والقاعدة الفقهية التي تقضي “الغنم بالغرم”, الأمر الذي أصبحت معه المسؤولية الشيئية محل اهتمام الفقه والقضاء من أجل البحث عن قواعد تصب في صالح المضرور, وتحقق له العدالة باعتباره الطرف الضعيف في هذه المعادلة في مواجهة حارس هذه الأشياء.
إشكالية الموضوع:
يتمحور هذا الموضوع حول الإجابة عن إشكالية أساسية وهي:
إلى أي حد يمكن القول أن المشرع المغربي اتخذ لنفسه اتجاها خاص به في دفع مسؤولية حارس الشيء من خلال الفصل 88 من ق ل ع, وما موقف القضاء من هذا الفصل؟
المنهج المعتمد:
للإجابة عن هذه الإشكالية سنحاول الاعتماد على المنهج التحليلي وذلك من خلال تحليل الفصل 88 من ق. ل.ع. وكذلك المواقف التشريعية والفقهية والعمل القضائي وكيفية تعامله مع هذا الفصل, بالإضافة إلى المنهج المقارن للمقارنة بين موقف التشريع المغربي والفرنسي وبعض التشريعات المقارنة.
التصميم المعتمد:
سنعمد الإجابة على الإشكالية المومأ إليها أعلاه من خلال التقسيم التالي:
المبحث الأول: موقف المشرع المغربي في الفصل 88 من ق.ل.ع من بعض التشريعات المقارنة
المبحث الثاني: موقف القضاء من الفصل 88 من ق.ل.ع
المبحث الأول: موقف المشرع المغربي في الفصل 88 من ق.ل.ع من بعض التشريعات المقارنة
ينقسم دفع مسؤولية حارس الشيء في التشريعات المقارنة إلى اتجاهين، الأول يتطلب إثبات حارس الشيء للسبب الأجنبي الذي لا بد له فيه لكي يدفع عنه المسؤولية، وفي المقابل ذهبت بعض التشريعات الأخرى إلى التخفيف على الحارس في دفع المسؤولية، بحيث تكتفي بإثباته عدم خطئه, أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد نظم مسؤولية حارس الشيء في الفصل 88 من ق. ل.ع، الذي جاءت صياغته مبهمة لا تسعف على القول بتبني المشرع لاتجاه من الاتجاهين السابقين, وهذه الصيغة تدفعنا إلى تحليل مضمون هذا الفصل (المطلب الأول) ثم تحديد موقف الفقه منه (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تحليل مضمون الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود
ليست هناك في الفصل 88 من ق. ل. ع. أية عبارة واضحة حول نوعية الأشياء التي يتعين أخدها بعين الاعتبار عند تطبيق مضمون هذا الفصل الأمر الذي فتح المجال للاجتهاد في هذا الخصوص, من أجل تحديد الأشياء التي تدخل في نطاق تطبيق الفصل 88 من ق. ل. ع. (الفقرة الأولى) وكذلك تحديد طبيعة فعل الشيء الذي يُسأل عنه الحارس مقارنة مع باقي التشريعات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :تحديد الأشياء التي تدخل في نطاق تطبيق الفصل 88 من ق. ل. ع
بالرجوع إلى الفصل 88 نجده ينص على أنه:” كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته, إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر, وذالك ما لم يثبت:
1-أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر؛
2-و أن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة, أو لخطأ المتضرر”
من خلال قراءتنا لهذا الفصل نجده نص على أن:” كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته…”. من خلال هذا المقتضى نلاحظ أنه ليست هناك أية إشارة واضحة إلى نوعية الأشياء التي يتعين أخدها بعين الاعتبار عند تطبق هذا الفصل, الأمر الذي ترك المجال واسع للاجتهاد الفقهي والقضائي في هذا الخصوص.
فمصطلح الشيء جاء شاملا وإن خص المشرع بعض الأشياء بنصوص خاصة، كما هو الحال في المسؤولية عن الحيوان والمسؤولية عن البناء والمنتجات, لذلك تبقى مقتضيات الفصل 88 من ق. ل. ع هي النص الأشمل والعام لهذه المسؤولية يطبق كلما تدخل هذا الشيء في حدوث الضرر، ومفهوم الشيء يتسع ليشمل كافة الأشياء التي لها كيان يتصل بها ويبعث على الإحساس بها[4], فالمشرع ترك المجال مفتوحا ولم يحصر تطبيق نص المادة على الأشياء الجامدة فقط, بل يشمل كل الأشياء إلا ما استثناه بنص خاص كما هو الحال بالنسبة لمسؤولية مالك البناء التي خصها المشرع بأحكام مستقلة بالرغم من أن البناء يعد في مفهومه من قبيل الأشياء غير الحية، فالبناء الذي استثناه المشرع من الخضوع للفصل 88 من ق . ل.ع هو الذي يلحق الضرر بالغير نتيجة للتهدم أو القدم أو عيب في الصيانة، أما في غير هذه الحالات فهو يخضع لهذا الفصل[5]. فالشيء الذي يطبق عليه الفصل 88 من ق ل ع يشمل كل الأشياء دون تمييز بين الأشياء الخطرة والأشياء التي تتطلب عناية خاصة, والتي بها عيب ذاتي أو المتحركة منها أو الجامدة في حد ذاتها[6].
كما نجد أن فقه القضاء الفرنسي اكتشف أن الفقرة الأولى من الفصل 1384من التقنين المدني الفرنسي تصلح أن تكون قاعدة عامة للمسؤولية الشيئية، فإن من بين الصعوبات التي اعترضته انصبت على ما إذا كان هذا المبدأ يمكن تعميمه ليشمل الأشياء الخطرة والأشياء غير الخطرة, ولعل فقه القضاء الفرنسي كان في البداية متخوفا من التوسع في تطبيق هذا المبدأ, شعورا منه أن المشرع الفرنسي لم يقصده في الحقيقة, وهذا ما جعل فقه القضاء الفرنسي يعيش جدلا واسعا إلى غاية الثلث الأول من هذا القرن[7], أنهته محكمة النقض الفرنسية بقرار صادر عنها والمشهور (بقرار جاندور) حيث عممت نطاق تطبيق المادة 1384 ليشمل الأضرار الناجمة عن الأشياء غير الخطرة أيضا[8].
كما نجد أن المشرع التونسي في الفصل 96 من مجلة الالتزامات والعقود التونسية قد عمم مفهوم الشيء دون تمييز بين الأشياء التي تتسبب في وقوع الضرر للغير[9].
أما المشرع المصري من خلال المادة 178 من التقنين المدني المصري فنجده حصر مسؤولية حارس الشيء في الأشياء التي تتطلب عناية خاصة[10], ونفس الأمر بالنسبة للتشريع العراقي ولبناني, فالمادة 231 من القانون المدني العراقي اعتبرت الحارس مسئولا عن الأضرار التي تحدثها الأشياء الخطرة التي في حراسته, أما الفقرة الثانية من المادة 129 من قانون الموجبات والعقود اللبناني جعلت الحارس مسئولا عن الأشياء التي في حراسته.
الفقرة الثانية: طبيعة فعل الشيء الذي يسأل عنه حارسه
ينص الفصل88 من ق ل ع. على أنه “…كل شخص يسال عن الضر الحاصل عن الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب في الضرر…”. هذا المقتضى يجعلنا نطرح مجموعة من الإشكالات نذكر من بينها:
متى يكون الشيء قد تسبب بفعله في إحداث الضرر؟ وبعبارة أخرى ما طبيعة الفعل الذي يأخذ به في نسب المسؤولية لحارس الشيء؟
كما هو الحال في باقي المسؤوليات فإنه لكي يسأل حارس الشيء في إطار الفصل 88 من ق ل ع يجب أن يكون الضرر ناجم عن فعل الشيء، وأن يتدخل الشيء بفعل إيجابي، وأن يكون له دور مباشر في إحداث الضرر, وإذا كان هذا الفعل سهل التحديد لأن مصدره شيئا متحركا أثناء وقوع الحادث، فإن الأمر ليس كذلك عندما يتعلق الأمر بالأشياء الجامدة التي تساهم في إحداث الضرر وهي في وضعية سلبية[11], إذ لا يكفي أن يكون تدخل الشيء تدخلا سلبيا، فإذا كان التدخل سلبيا من قبل الشيء فلا يكون الضرر من فعل الشيء[12], وفي هذا الصدد نذكر قرار صادر عن المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) جاء فيه: “إن مناط مسِؤولية الحارس القانوني لشيء هو الضرر الذي يصيب الغير بفعل هذا الشيء, والضرر يعتبر ناشئا عنه إذا تدخل الشيء تدخلا إيجابيا في حدوثه, أما إذا كان دور الشيء سلبيا ودون أثر فاعل في حصول النتيجة الضارة فإن الحارس لا يتحمل أي تبعة”[13].
نخلص من خلال هذا القرار أن حارس الشيء لا يسأل إلا على الفعل الإيجابي الذي يكون مصدره الشيء الذي تحث حراسته, إلا أن هذا لا يعني إعفاء الحارس من تحمل المسؤولية على كل الجوامد التي تكون في حراسته، وكمثال على ذلك السيارة الواقفة في مكان ممنوع, ففي هذه الحالة يكون الحارس مسئول عن الضرر الذي تسببت فيه هذه السيارة وبتالي يسأل الحارس عن الضرر الذي تسببه الأشياء التي تكون في مكان معيب, وقد جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية بمقتضى الحكم الصادر عنها بتاريخ 19/12/1941 الذي جاء فيه بأن “الأشياء الجوامد تعد سببا للحوادث عندما تكون في مكان غير مألوف”[14].
المطلب الثاني: موقف الفقه من الفصل 88 من ق.ل.ع
تعددت وجهات النظر حول الموقف الذي سلكه المشرع في دفع مسؤولية حارس الشيء فهناك اتجاه يرى بأن المشرع لم يخرج عن ما سلكته التشريعات المقارنة(الفقرة الأولى), في حين ذهب اتجاه أخر إلى القول بأن المشرع المغربي قد أخذ بازدواجية الإثبات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الرأي القائل بسلوك المشرع المغربي لموقف التشريعات المقارنة
يذهب الأستاذ عبد القادر العرعاري إلى القول أن المشرع المغربي عندما ألزم الحارس بإثبات أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر فإنه يكون قد تشدد كثيرا مع الحارس ووضع في طريقه عدة عقبات قلما يتمكن من اجتيازها, ويعد موقف المشرع المغربي هذا من المواقف الغريبة والشاذة حقا, فإذا استثنينا القانون المدني التونسي الذي كرس نفس الموقف في المادة 96 من مدونة 1906, فإننا لا نجذ لهذا الرأي من سند في التشريع, الأمر الذي يتطلب مراجعته وإعادة النظر فيه مستقبلا[15].
وانسجاما مع هذا القول ذهب الأستاذ سليمان مرقس إلى أن قصد المشرع في الفصل 88 من ق. ل. ع هو دفع المسؤولية بأحد الأمرين: نفي قرينة الخطأ، أو إثبات السبب الأجنبي كما هو الحال في المسؤولية عن الحيوان (الفصل 86 من ق. ل. ع)، ذلك أنه لا يوجد سبب طاهر للمغايرة بين المسؤولية عن الأشياء والمسؤولية عن الحيوان. بالإضافة إلى أن الفقه والتشريع المقارنين ليس فيهما رأي أو مذهب يشترط اجتماع الأمرين معا نفي الخطأ وإثبات السبب الأجنبي، بل إن كل المذاهب إما أن تكتفي بنفي الخطأ أو تتشدد فتشترط قيام السبب الأجنبي. لكل هذه الأسباب يرى الأستاذ سليمان مرقس أن حرف العطف (et) وضع بدل الحرف (ou) في بداية الفقرة الثانية نتيجة خطأ مادي[16].
غير أن هذا الاتجاه تصدى له القضاء من خلال مجموعة من القرارات اشترطت توفر الشرطين الواردين في الفصل 88 من ق. ل. ع, ونذكر من بينها قرار صادر عن المجلس الأعلى جاء فيه :” إنه طبقا للفصل 88 من ق. ل . ع فإن المسؤولية الناتجة عن الأشياء غير الحية تنشأ عن خطأ مفترض في حراسة الشيء الذي تسبب في حدوث الضرر، وأن الحارس لذلك الشيء لا يمكنه أن يعفى من المسؤولية ويتخلص منها نهائيا إلا إذا أثبت توافر أمرين :
1- أنه قام بما هو لازم لمنع حدوث الضرر.
2- وأن الضرر قد نجم عن حادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ المتضرر[17].
ونلاحظ من خلال هذا القرار أنه يذهب في اتجاه ما تبناه الرأي الثاني القائل بازدواجية إثبات الحارس لموجبات درء المسؤولية عنه طبقا للفصل 88 من ق ل ع، وهذا ما سنبينه في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: الاتجاه القائل بسلوك المشرع المغربي لمنهج خاص في دفع مسؤولية حارس الشيء
يرى هذا الاتجاه أنه لكي يتخلص الحارس من المسؤولية يجب عليه إثبات الشرطين المنصوص عليهم في الفصل 88 من ق ل ع، أي إثبات فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر، وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو لخطأ المتضرر.
ومن بين أهم أصحاب هذا الاتجاه الأستاذ أحمد الخمليشي الذي يرى بأن ما يقوله الدكتور مرقس من وقوع خطأ مادي في كتابة كلمة (et) بدل كلمة (ou) يبدوا محل نظر، فصيغة المادة 88 سبق أن تضمنها حرفيا القانون التونسي (المادة 96 من قانون 1906) تم أعيدت قانون الالتزامات والعقود لمنطقة طنجة سابقا (المادة1326)، فمن المستبعد أن يتكرر هذا الخطأ المادي في ثلاث تشريعات متلاحقة دون أن يثير انتباه القضاء وفضول الفقه[18].وفضلا عما سبق فإن حارس الشيء لا يكفي منه لنفي مسؤوليته أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ المضرور، بل يجب عليه إثبات أمرين أتنين يعتبران متكاملان في تحقيق النتيجة، أي عليه أن يثبت أنه فعلا ما كان ضروريا لمنع وقوع الضرر، وثانيهما أن الضرر اللاحق بالمضرور سببه الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ هذا الأخير، أي أن الحارس عليه ليدرأ عل نفسه المسؤولية أن يثبت مقتضيات الفصل 88 مجتمعة[19]. وفي هذا السياق جاء في القرار الصادر عن المجلس، ما يلي: ” تكون المحكمة قد طبقت تطبيقا خاطئا المسؤولية وخرقت الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود عندما قضت بعدم مسؤولية سائق سيارة في حين أنه لاحظت في حكمها أن السيارة اصطدمت بمجموعة أشجار فانقلبت مرات متعددة، وأنه مات جراء الحادث أربعة أشخاص كانوا يركبون على متنها في حين أن هذه الأفعال تجعل حارس السيارة مسئولا عن الأضرار التي تسببت فيها السيارة إلى أن يثبت إعفاءه ؛ أولا بأنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر وثانيا بأن الضرر يرجع إما لحدث فجائي أو لقوة قاهرة أو لخطأ المتضرر”[20].
ومن هنا نلاحظ أن القضاء يطبق الفصل 88 كما هو, حيث يأخذ بازدواجية الإثبات أي أن يثبت فعل ما هو ضروري لمنع الضرر, وكذلك أن الضرر قد وقع نتيجة قوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ المضرور .
وفي قرار أخر صادر عن محكمة النقض جاء فيه : ” لا يمكن دفع مسؤولية حارس الشيء وفقا للفصل 88 إلا بإثبات شيئين متلازمين وهما فعل ما كان ضروري لتفادي وقوع الضرر، وإقامة الدليل على أن الخطأ المفترض يرجع لسبب أجنبي لابد له فيه”[21].
وهكذا نلاحظ أن القضاء المغربي قد اهتم بحماية المضرور من فعل الشيء, وذلك من خلال انتصاره للاتجاه القائل بازدواجية الإثبات, أي أن حارس الشيء لكي يدفع عن نفسه المسؤولية عليه أن يثبت الشرطين الواردين في الفصل 88 من ق ل ع.
وهذا ما سنحاول التطرق له في المبحث الثاني من خلال تبيان موقف وكيفية تعامل القضاء مع الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود.
المبحث الثاني: موقف القضاء من الفصل 88 من ق.ل.ع
باعتبار أن مسؤولية حارس الشيء مسؤولية مفترضة ومقررة بقوة القانون, إلا أن هذا الافتراض لا يمنع الحارس من دفع هذه المسؤولية عن طريق إثباته أنه فعل ما كان ضروري لمنع الضرر، وأن الضرر يرجع إما لحادث أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور, وإذا كان المشرع لم يشير إلى خطأ الغير, فإن الفقه والقضاء جعله هو الأخر من أسباب دفع المسؤولية, وقد ترتب عن هذه الازدواجية في الإثبات تعدد التفسيرات الفقهية والقضائية حول فهم صيغة الفصل 88 من ق.ل.ع، خصوصا الشرطين الوردين فيه, لذلك سنحاول تطرق في (المطلب الأول) إلى تفسير القضائي لعبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر”, وفي (المطلب الثاني) سنتطرق إلى الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
المطلب الأول: التفسير القضائي لعبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر”
رغم مسايرة القضاء للاتجاه القائل بازدواجية الإثبات في الفصل 88 من ق.ل.ع، فإن عبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر” خلقت جدلا حادا على مستوى القضاء والفقه, فهناك من يذهب إلى تفسيرها بنفي الخطأ, في حين يفسرها اتجاه أخر على أنها تعني القيام بعمل إيجابي, لذلك سنحاول التطرق إلى المقصود من عبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر” (الفقرة الأولى) ثم إلى مدى اعتبار الحكم بالبراءة الجنائية دليل على أن الحارس قد قام بكل ما في استطاعته لتجنب الضرر (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : المقصود بعبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر”
لدفع مسؤولية حارس الشيء وفقا للفصل 88 من ق.ل.ع فإنه يتوخى على الحارس أن يثبت السبب الأجنبي وأنه فعل ما كان ضروري لمنع وقوع الضرر، الأمر الذي يجعلنا نتسأل عن المقصود بعبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر” ، والتي خلقت جدلا فقها وقضائيا.
كانت الاجتهادات القضائية تكتفي بترديد بعض الجمل العامة التي تبرر بها الحكم القاضي بإعفاء حارس الشيء من المسؤولية دون أن تبين نوع هذا الإثبات الملقى على عاتق الحارس، كقولها بأن هذا الأخير “اتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع وقوع الضرر”، أو أنه “أثبت قيامه بعملية إنقاذ”، أو أنه كان “يستحيل عليه القيام بأية محاولة أخرى”، فإن الاتجاه الحالي في ميدان القضاء أصبح يحاول جهد الإمكان توضيح قصد المشرع من عبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر”[22]. وبهذا الخصوص صدرت عن محكمة النقض مجموعة من القرارات فسرت فيها المقصود من عبارة “فعل ما كان ضروري لمنع الضرر”، نذكر من بينها قرار جاء فيه: “وحيث إن المحكمة ارتكزت على الحكم بالبراءة للقول بأن المسئول عن الحادثة فعل كل ما في استطاعته لتجنب الضرر في حين أن الحكم بالبراءة يثبت فقط انعدام الخطأ. فتكون محكمة الاستئناف لم تركز حكمها على أساس قانوني ولم تعلل ما صرحت به من توفر شروط الإعفاء المنصوص عليها في الفصل 88 من ق.ل.ع “[23]. كما ذهب المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في أحد قراراته إلى تفسير هذا الواجب العام بأنه :”القيام بعمل إيجابي واتخاذ الاحتياطات الخاصة لتفادي وقوع الحادث”. كضغط السائق على الفرامل أثناء مفاجأته بسيارة أخرى تترنح بين اليمين واليسار[24]. وجاء في قرار أخر لمحكمة النقض :” وحيث إن المحكمة باستخلاصها من الحكم بالبراءة أن السائق فعل كل ما كان في استطاعته لتجنب الضرر، قد طبقت تطبيقا خاطئا الفصل 88 من ق.ل.ع إذ أنه لا يكفي أن يطلب من الحارس عدم ارتكاب خطأ بل المطلوب منه القيام بعمل إيجابي واتخاذ احتياطات خاصة تفرضها الظروف لتجنب الحادث”[25].
من خلال هذا التفسير المعتمد من طرف محكمة النقض لعبارة “فعل ما كان ضروري لتجنب الضرر”, نخلص إلى أنها تربطه بالقيام بعمل إيجابي من طرف حارس الشيء، وكذلك اتخاذه الاحتياطات اللازمة التي تفرضها عليه الظروف وليس إثبات أنه لم يقم بالخطأ.
الفقرة الثانية: مدى اعتبار الحكم بالبراءة الجنائية دليل على أن الحارس قد قام بكل ما في استطاعته لتجنب الضرر
السؤال الذي سنحاول الإجابة عنه في هذه الفقرة هو:
هل يجوز للمحكمة المدنية أن تحكم بالتعويض في واقعة معينة بعد صدور الحكم الجنائي فيها بالبراءة لعدم ثبوت الخطأ الجنائي؟
إن براءة الحارس جنائيا لا يستتبع بالضرورة انتفاء الخطأ التقصيري، إذ يجوز للمضرور متابعة الحارس وفقا لنص الفصل 88 من ق.ل.ع حتى ولو صدر الحكم بالبراءة على الحارس جنائيا[26]، لأن الحكم بالبراءة لا يعد كافيا لدفع مسؤولية حارس الشيء في ظل القانون المغربي حتى بالنسبة لمن يقولون بوحدة مفهوم الخطأ الجنائي والمدني، لأن مسؤولية حارس الشيء قائمة على خطأ مفترض لا ينتفي إلا بدفع مسؤوليته عن طريق إثبات الأمرين المنصوص عليهم في الفصل المذكور[27]
.
وهذا المبدأ هو الذي استقر عليها المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) منذ الستينيات، حيث جاء في قرار صادر عنه بأن: ” الحكم ألجنحي الذي قضى بإخراج المعني بالأمر من الدعوى لا يحول دون إقامة دعوى مدنية ضده ارتكازا على الفصل 88 من ق.ل.ع”[28].
وفي هذا السياق جاء قرار صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)، ومما جاء فيه: ” إن محكمة الاستئناف لإثبات السائق فعل ما هو ضروري لتجنب الضرر ارتكزت من جهة على الحكم ألجنحي بالبراءة والحكم بالبراءة لا يفيد أن المستفيد منه فعل كل ما هو ضروري لتجنب الضرر ومن جهة أخرى لم تعلل تصريحها بارتكاب تهور كبير من طرف المصاب وكذا تصريحها أنه لم يمكن لصاحب الشاحنة القيام بأي عمل لإنقاذ الموقف خصوصا أنه يؤخذ من الملف أن جميع الشهود صرحوا بجهلهم لظروف القضية وأنه لم يوجد أي أثر في عين المكان مما تكون معه المحكمة لم تعلل حكمها تعليلا كافيا ولم تركزه على أساس قانوني”[29].
وبهذا الخصوص يقول الأستاذ أحمد الخمليشي بأن القاعدة السابقة التي أقرها المجلس الأعلى لا تتعارض مع ما للحكم الجنائي من حجية مطلقة فالمحكمة المدنية لا يمكن لها أن تثبت واقعة نفاها الحكم الجنائي، أو أن تنفي واقعة أثبتها هذا الحكم وإنما يمكنها أن تنسب خطأ ما إلى المدعى عليه جنحيا في حدود نظرية ازدواجية مفهوم الخطأ، وهكذا يحق لها أن تدين الحارس بالتعويض لارتكابه إهمالا أو عدم الاحتياط لم يراه الحكم الجنحي للإدانة الجنائية…”[30].
وكذلك أن فكرة القول بوحدة الخطأ الجنائي والمدني لا يدع للقاضي إلا أن يختار بين الحكم بالإدانة والتعويض معا، أو أن يحكم بالبراءة ويرفض التعويض، فيحمله ذلك أحيانا على رفض التعويض لأنه يستكثر الإدانة الجنائية، وأحيانا على رفض البراءة لشعوره بأن العدالة تقتضي منح التعويض للمصاب، وليس في شأن ذلك أن يساعد على تحقيق العدالة على الوجه الأكمل، أما القول باستقلال الخطأ المدني عن الجنائي وعدم التلازم بين المسؤوليتين يتيح للقاضي حلا وسطا يستطيع أن يدرأ عن طريقه في كثير من الحالات عيوب الحالين المتطرفين[31].
وخلاصة القول فإنه يتبين لنا أن المشرع المغربي عندما ألزم الحارس بإثبات أنه قام بفعل ما كان ضروريا لدفع الضرر من أجل نفي الخطأ عنه، وكذلك بالإضافة إلى إثباته السبب الأجنبي فإنه هدف من ذلك إلى حماية المضرور من الأخطار التي تتسبب له فيها الأشياء.
المطلب الثاني : الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير
حسب مقتضيات الفصل 88 من ق.ل.ع فإنه على الحارس لكي يدفع المسؤولية عنه أن يثبت إلى جانب فعل ما كان ضروري لمنع الضرر، أن الضرر نتج بسبب الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو لخطأ المضرور، وعلى الرغم من أن المشرع لم يتحدث عن خطأ الغير في الفصل 88 من ق.ل.ع، فإن الفقه والقضاء يأخذان به هو الأخر كسبب من أسباب دفع المسؤولية عن الحارس الشيء، ومن هنا سنحاول الحديث عن الحادث الفجائي أو القوة القاهرة في (الفقرة الأولى)، في حين سنتناول خطأ المضرور و خطأ الغير في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الحادث الفجائي أو القوة القاهرة
بالرجوع إلى الفصل 269 من ق.ل.ع نجده ينص : “القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا. ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.
وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين”.
من خلال هذا الفصل يتبين أنه لكي نكون أمام قوة قاهرة والحدث الفجائي كسبب أجنبي لدفع المسؤولية يجب أن تتوفر فيهم ثلاث شروط وهي عدم إمكانية التوقع، وعدم إمكانية الدفع، وشرط الخارجية.
– شرط عدم إمكان التوقع
أشار المشرع لشرط عدم إمكانية التوقع في الفصل 269 من ق ل.ع بعبارة “كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه”. والمعيار هنا في تقدير عدم التوقع هو معيار موضوعي مطلق لا معيار شخصي. بمعنى أنه لا يقدر بالمألوف في مسلك الشخص العادي، وإنما بأشد الناس يقظة وفطنة وحرصا وهذا ما يفهم من كلمة الإنسان التي جاء بها المشرع في الفصل 269 من ق.ل.ع على سبيل الإطلاق والعموم[32], إلا أن هناك اختلاف في طبيعة المعيار الموضوعي المعتمد، فقد ذهب الأستاذ السنهوري إلى الأخذ بالمعيار الموضوعي النسبي أي معيار الشخص المعتاد أو المتوسط من عامة الناس عندما يتواجد في ظروف وحال حارس الشيء وقت وقوع الحادث[33].
ويرى الأستاذ سليمان مرقس في هذا الصدد أن “المرء غير مطالب بكل ما في وسعه بل إن للواجبات والتكاليف حدود لا يجوز تخطيها فلا يسأل المرء إلا عما كان يجب عليه أن يتوقعه، لا عن كل ما في إمكانه توقعه”[34]. وفي هذا السياق نذكر قرار صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) جاء فيه :” تكون المحكمة قد خرقت الفصل 88 من ظهير الالتزامات والعقود عندما رفضت دعوى الضحية لعلة الحادث الواقع في المصعد يرجع إلى حادث فجائي تسبب فيه شخص لم يتعرف على هويته في حين أن هذا الاعتبار مجرد فتراض لم يثبت وعلى كل لا ينتج بكيفية قاطعة من علل الحكم وأنه لا يكون القوة القاهرة”[35].
– شرط عدم إمكانية الدفع
يقصد بشرط عدم إمكانية الدفع، عدم إمكانية دفع السبب الأجنبي في ذاته، واستحالة دفع نتائجه الضارة أيضا، وقد عبر المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 269 من ق.ل.ع عن هذا الشرط بقوله ” ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه’. وبمفهوم المخالفة فإن الأمر الذي لا يمكن دفعه يشكل قوة قاهرة[36]. حيث يجب أن يكون الحادث مما لا يمكن مقاومته أو دفعه، فإن أمكن دفعه الحادث لا نكون أمام قوة قاهرة ولو كان غير ممكن التوقع، واستحالة الدفع المعتد بها في دفع الحادث هي الاستحالة الموضوعية وليست الاستحالة الشخصية، وعلى مستوى الفقه فهناك إجماع على أن المعيار الواجب الاعتماد هو المعيار الموضوعي أو المجرد[37]، وقد أشارت محكمة النقض المغربية إلى الشرطين عدم التوقع والدفع في العديد من قراراتها حيث جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى
(محكمة النقض حاليا) جاء فيه بأن: ” الحارس عندما أثبت أنه كان يستحيل عليه القيام بأية محاولة وأن خطأ خصمه كان غير متوقع ولا يمكن تجنبه فإن ذلك كاف للقول بأنه فعل كل ما في استطاعته لتجنب الضرر وأن الشرطين الذين يشترطهما الفصل 88 متوفرين لدرء المسؤولية عنه”[38].
ومن خلال ما سبق نخلص إلى أن شرط عدم إمكانية الدفع وشرط عدم إمكانية التوقع هم شرطين متلازمين لا يغني توفر أحدهما عن عدم توفر الأخر في دفع مسؤولية الحارس عن طريق القوة القاهرة والحادث الفجائي
– شرط الخارجية
عبر المشرع في الفصل 269 من ق.ل.ع عن هذا الشرط بقوله ” ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين” ويعني هذا الشرط أن يكون الحدث عاملا أجنبيا لا يرتبط مصدره لا بالشيء ولا بحارسه، فلا يرتد إلى تكوين الشيء أو إلى عيب فيه ولا يعزى إلى الحارس في منشئه أو تتابع وقائعه أو تفاقم الضرر المتولد عنه، فكان حصوله بمعزل عن هذا الحارس وذلك الشيء[39]، ومن هنا يتبين أن السبب الذي ينشأ بفعل خطأ الحارس ويحدث الضرر للغير يسأل عنه ولا يعتبر أجنبيا عنه، وفي هذا الصدد جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالمحمدية أن:” الدفع بواقعة الحادث الفجائي للإعفاء من المسؤوليتين المدنية والجنائية تكون منفية إذا كان الحادث وقع نتيجة خطأ سابق كان سببا رئيسيا و وحيدا في وقوع حادثة سير”[40].
وبالإضافة إلى شرط الخارجية عن الشيء ذهب القضاء الفرنسي في معرض تطويره لأحكام مسؤولية حارس الشيء إلى إقرار شرط الخارجية عن الحارس ذاته، فالتخلف في القوى العقلية وعدم التوازن النفسي لا يشكلان سببا خارجيا أو أجنبيا عن الحارس لإعفائه من المسؤولية[41]، وهذا ما أكده قرار trichard الصادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 18 دجنبر 1964 والذي صرحت فيه بأن سائق السيارة يصطدم بعربة ذات عجلتين يبقى مسئولا عن الضرر الحاصل لسائق هذه الأخيرة حتى لو حصل على حكم جنحي يبرئه من الحادث من الناحية الجنائية بعلة أنه كان فاقد للوعي من جراء نوبة صراع أصابته، وذلك طبقا للفصل 64 من القانون الجنائي. وقد علل هذا القرار موقفه بأن مجرد الفقدان المؤقت للملكات الذهنية سواء تم تكييفها على أنها صرع طبقا لمفهوم المادة 64 من المدونة الجنائية، أو نتجت عن أي اضطراب فزيولوجي أخر لا تشكل سببا أجنبيا عن الحارس معفيا من المسؤولية[42].
الفقرة الثانية: خطأ المضرور وخطأ الغير
يعتبر كل من خطأ المضرور وخطأ الغير من بين الأسباب التي يمكن الاستناد عليها في دفع مسؤولية حارس الشيء، إما كليا أو جزئيا، أي إما أن يتحمل حارس الشيء المسؤولية بشكل كلي أو يعفى منها بشكل كلي، كما أنه في إطار خطأ الغير وخطأ المضرور يمكن تشطير المسؤولية معهما على الرغم من أن المشرع لم يقم بتنظيم هذه المسألة إلى أن القضاء جاء بمجموعة من القواعد لتنظيمها، ومن هنا سنحاول أن نتناول خطأ المضرور (أولا)، ثم خطأ الغير (ثانيا).
أولا: خطأ المضرور
سنتطرق في هذه الفقرة إلى أثار خطأ المضرور على مسؤولية حارس الشيء (أ), وكذلك إلى تشطير المسؤولية بين حارس الشيء والمضرور (ب).
أ- أثار خطأ المضرور على مسؤولية حارس الشيء
قد يعفي خطأ المضرور الحارس من مسؤولية كليا إذا كان يشكل السبب الحقيقي والوحيد للضرر، بحيث لولاه لما حدث الضرر، إضافة إلى كون حارس الشيء لم يرتكب أي خطأ، إلى أنه لكي يعفى الحارس يجب عليه إثبات أمرين : أنه فعل ما كان ضروريا لمنع حدوث الضرر، وأن السبب المباشر لحدوث الضرر يرجع لخطأ المضرور[43]، ويمكن القول بصورة عامة على أن خطأ المضرور قد يكون سببا للإعفاء الكلي من المسؤولية، إذا كان غير متوقع ومستحيل الدفع، أما إذا كان مجرد سبب من الأسباب التي ساهمت في إحداث الضرر فهنا يترتب عنه الإعفاء الجزئي، إلا أنه بالرجوع إلى الفصل 88 من ق.ل.ع نلاحظ أن إعفاء الحارس من المسؤولية كليا نتيجة خطأ المضرور لا يتقرر إلى عندما يكون هذا الخطأ هو السبب الوحيد المولد للضرر وأن يكون متوفر على شروط القوة القاهرة وأن يقوم الحارس بفعل كل ما كان ضروريا لمنع وقوع الضرر، ونظرا لصعوبة الإثبات فإن أقصى ما يحققه الحارس هو الإعفاء الجزئي من تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه[44].
وقد كان القضاء الفرنسي في البداية يرتب على خطأ المضرور الإعفاء الكلي للحارس من المسؤولية، وفي هذا الصدد صدر قرار عن محكمة النقض الفرنسية بصفتها جهة نقص آنذاك للقضاء المغربي إبان فترة الحماية الفرنسية، جاء فيه بأنه: ” يكفي أن يلاحظ القاضي أن حادثة السير التي يطالب المضرور بالتعويض عنها بالاستناد إلى الفصل 88 من ق.ل.ع، كان سببها خطأ المضرور، لكي يعفى الحارس من كامل المسؤولية”[45]، إلى أن الأمر تغير بعد إنشاء المجلس الأعلى سنة 1957، إذ أن قضاة المجلس الأعلى أصبحوا يتشددون كثيرا في قبول طلبات الإعفاء الكلي بالاستناد إلى خطأ المضرور حتى لو كان هذا الخطأ على جانب كبير من الخطورة[46]، كما هو الشأن لقرار صادر عن محكمة النقض جاء فيه :” حيث صح ما عبثه الوسيلة على القرار ذلك أن المطلوب في النقض رفع الدعوة على أساس الفصل 88 من ق.ل.ع والمتعلق بمسؤولية حارس الشيء الذي لا يمكن التحلل منها إلا إذا أثبت المسئول أنه فعل ما كان ضروريا لتفادي الحادثة وأن الخطأ يعود للمتضرر، والوثائق المعروضة على المحكمة وخاصة محضر الضابطة القضائية تفيد سواء من خلال تصريحات المطلوب أو تصريحات سائق الحافلة أداة الحاثة أن المطلوب في النقض حاول امتطاء الحافلة من الباب الأمامي قبل أن تتوقف نهائيا عن السير وانفلت من الباب ووقع على الأرض وداسته على رجله إحدى عجلات الحافلة والقرار المطعون فيه حمل المسؤولية الكاملة للحارس القانوني للحافلة دون مراعاة أخطاء الضحية الذي لم يكن عليه امتطاء الحافلة قبل توقفها النهائي لتفادي خطر تحركها مما يتعين معه نقض القرار[47].
من خلال ما سبق يتبين أن القضاء لا يأخذ بخطأ المضرور كسبب للإعفاء من المسؤولية بشكل كلي، إلا إذا أثبت الحارس هذا الخطاء وتوفرت فيه شروط القوة القاهرة بالإضافة إلى إثباته أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر، وفي الغالب يذهب القضاء إلى تجزئة المسؤولية بين الحارس والمضرور عندما يتبين له اشتراكهما في حدوث الضرر.
ب- توزيع المسؤولية بين الحارس والمضرور
خلاصة القول أنه يمكن للمحكمة أن تقوم بتجزئة المسؤولية عندما يشترك كل من الحارس والمضرور في حدوث الضرر,
وفي هذه الحالة يثار التساؤل حول الطريقة يتم من خلالها توزيع المسؤولية بين الحارس والمضرور؟
كجوب عن هذا الإشكال ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط إلى تشطير المسؤولية مناصفة عن أضرار لحقت راكب دراجة له حق الأسبقية من سيارة خرق سائقها هذا الحق, وعلل الحكم بكون راكب الدراجة وإن كان له حق الأسبقية, إلا أن هذا ليس بمطلق وكان لزاما عليه أخذ كافة الاحتياطات وتخفيض من سرعته إلى الحد الذي يتناسب وظروف المكان[48]، فالحل المعتمد في هذه الأحوال هو توزيع المسؤولية بين الحارس والمضرور, فخطأ المضرور أثر على جميع أنظمة المسؤولية المدنية سواء المبنية على خطأ واجب الإثبات أو خطأ المفترض فهذا الخطأ يحرم المضرور جزئيا من التعويض [49].
كما أن موضوع المعيار المعتمد في توزيع المسؤولية والجدل الذي عرفه أدى إلى بروز رأيان:
الرأي الأول : يركز على وصف الخطأ مظهرا ودرجة ليقيس على قدره أمر التوزيع في التبعية والتخفيض من التعويض, فيكون وصف الخطأ هو الذي يحكم تقدير التعويض من غير حساب لازم لمدى مساهمته واقعا في إحداث الضرر[50].
أما الرأي الثاني: فينطلق من الضرر الذي عرف ومن الظروف التي حصل فيها للتحقق من العوامل المؤثر في حدوثه, فيكون تقدير خطأ المتضرر بالنظر إلى تأثيره السببي في إحداث الضرر, وفي هذه الحالة يكون على القاضي أن يتثبت من مدى مساهمة الخطأ في الحادث فيعتد بمعدل هذه المساهمة في تقدير التعويض[51].
فجاء المجلس ألأعلى في قرار له واضعا حد لهذا الخلاف حيث أعطى لقضاة الموضوع السلطة المطلقة في تحديد نسبة التشطير، لأن التدخلات الوحيدة التي يقوم بها لا تتم إلا بعد إثبات الأخطاء, وتتمثل في مراقبة أن القاضي لم يتهرب من النطق بالتشطير[52].
حيث يرى الأستاذ محمد الأمراني زنطار “أن نظام تشطير المسؤولية قد ظل قائما بسب سهولته, وهو لا يعمل كتقنية تم اختيارها بل كنظرية حقيقية للشك, أن نتوقف عن التفكير لحظة واحدة بأن القاضي حينما يفصل في النزاع, إنما يتخلى عن الكشف عن حقيقة دقيقة ويكتفي بجعل الجميع على صواب[53].
ثانيا : خطأ الغير
أخذ القضاء المغربي بخطأ كسبب من أسباب دفع المسؤولية عن فعل الأشياء رغم عدم وروده في الفصل 88 من ق.ل.ع، إيمانا منه أن الحارس لا يسأل إلى عن أخطائه الشخصية ولا يسأل عن أخطاء الغير، إلا بنص. ويربط القضاء المغربي بين خطأ الغير وعناصر القوة القاهرة والحادث الفجائي للإعفاء من المسؤولية[54].
إن ما يسري على خطأ المضرور هو الذي يسري على خطأ الذي يتسبب فيه الغير, والمقصود بالغير هنا ما عدا المضرور والحارس وخلفائهما وأتباعهما, فإذا ساهم هذا الغير في إحداث الضرر فإن مساهمته قد تكون جزئية أو كلية، وهذا يعني أن المسؤولية الملقاة على عاتقه تتحدد بنسبة الخطأ الذي شارك به في إحداث الضرر[55],إذ أن يجب التمييز بين أمرين: فإذا أثبت الحارس أن خطأ الغير استجمع شروط القوة القاهرة ففي هذه الحالة أخذ حكمها ويعفي الحارس بالكامل من المسؤولية, أما إذا أثبت الحارس فقط خطأ الغير ومساهمته في الضرر فهنا تعفي المحكمة الحارس من المسؤولية وفقا لسلطتها وتبعا لمساهمة خطأ الغير في الضرر[56]. وهذا ما أقره المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) في قرار صادر عنه جاء فيه:”أن خطأ الغير لا يمكن أن يعفي من المسؤولية إلا إذا كان هذا الخطأ في مستوى القوة القاهرة أو الحادث الفجائي”[57]. كما جاء في قرار أخر لمحكمة النقض المغربية ” إن مسؤولية السائق تكون محل تقدير من طرف المحكمة في الحالة التي يرجع فيها الضرر لخطأ الضحية أو مشاركة الغير فيه”[58].
غير أن الذي يجب الانتباه إليه هو أن خطاء الغير حتى ولو اشتمل على عناصر القوة القاهرة أو الحادث الفجائي فإنه لا يعد لوحده سببا كافيا للإعفاء من المسؤولية بشكل كلي أو جزئي، إذ يتعين على الحارس كما هو منصوص عليه في الفصل 88 من ق.ل.ع أن يثبت أنه فعل ما كان ضروريا لمنع وقوع الضرر[59]. وهناك حالات حمل فيها المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) المسؤولية للحارس بالرغم من أن الضرر كان نتيجة مباشرة لخطأ الغير نذكر من بينها قرار صادر عنه جاء فيه:”إن مالك السيارة الذي يشتغل بمقهى كان بإمكانه مراقبة السيارة وأن عملية ربط أسلاك السيارة لا يمكن أن تتم دون أن يشعر بها صاحبها وأن هذا الأخير لم يثبت أنه فقد الحراسة أو أنه عمل كل ما في استطاعته لتجنب الضرر”[60].
خاتمة:
ختاما يمكن القول أن الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود شكل نقطة تطور كبيرة في مجال المسؤولية المدنية, وتتجلى نقطة التطور هذه في أن المشرع المغربي لم يقم بتقليد المشرع الفرنسي في سن هّذا الفصل، حيث أخد لنفسه مسلك خاص به في دفع مسؤولية حارس الشيء, ووعيا منه بخطورة هذه الأشياء وتطورها وما أصبحت تشكله من خطر على البشرية, ومن أجل تحقيق العدالة ووضع حماية كافية للمتضررين بسبب فعل هذه الأشياء فإن المشرع تشدد وعقد المأمورية على الحارس في دفع المسؤولية عنه, وذلك من خلال جعل المسؤولية الشيئية مبنية على قرينة قانونية قاطعة لا يمكن للحارس أن يقوم بدفعها إلا بإثبات أنه فعل ما كان ضروريا من أجل منع وقوع الضرر، وبإثبات القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو خطأ المضرور، والتي هدف من خلالها المشرع إلى الوقوف بجانب المضرور وحماية حقوقه من الضياع, لأن التساهل في هذه المسؤولية سيعرض حقوق المتضرر للضياع خصوصا وأن الثورة الصناعية والاقتصادية كانت تستوجب بسبب تكاثر الحوادث وتزايدها بشكل رهيب, وحسنا ما فعل المشرع هو وقوفه بجانب المضرور والأخذ بيده عن طريق تضييق نطاق دفع مسؤولية الحارس, كما نجد أن القضاء المغربي يأخذ بازدواجية في تطبيقه للفصل 88 من ق.ل.ع، حيث أن الحارس لكي يدفع عنه المسِؤولية لابد له من إثبات الشرطين الواردين في هذا الفصل وليس إثبات شرط واحد لأنهما مترابطان ومتلازمان.
إلا أن قاعدة التشطير تجعل القاضي أمام خيار صعب, لأنه عليه أن يفصل بين مصلحتين متناقضتين, ولكنهما متشابهتان لأن كل واحد من الأطراف تبث في حقه خطأ, الأمر الذي جعل الحلول القضائية تختلف, وفي الغالب تكون أسباب الحكم غامضة لأن التشطير يجعل القاضي يقرر في مصير الدعوى بعيدا عن أي قاعدة قانونية وقضائية، الأمر الذي يدفعنا إلى المطالبة بصدور قانون ينظم التعويض, لأن السلطة التقديرية للقاضي غير كافية لتحقيق العدالة ويكون حكمه مبني على التخمين لذلك يجب البحت على قواعد دقيقة يحتكمون إليها وليس حكم مبني على التخمين.
لائحة المراجع:
- الكتب
– أحمد الفقيه التطواني, “نظرية المسؤولية التقصيرية عن فعل ألأشياء غير الحية في ضوء: الفقه الإسلامي– القانون الروماني– القانون الفرنسي – القانون المغربي– قوانين البلاد العربي”, طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام- الرباط, الطبعة الأولى
– المختار بن أحمد عطار, “النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي”, مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء, الطبعة الثانية 2018.
– أمحمد الأمراني زنطار,”تشطير التعويض بين المسؤولية الخطئية والمسؤولية المفترضة موقف القضاء وردود الفقه ( دراسة مقارنة ), مطبعة الورق الوطنية, الطبعة 1999.
– أمينة أيث حسين,”مصادر الالتزام الكتاب الثاني المسؤولية المدنية دراسة مقارنة”. دار السلام طباعة- توزيع الرباط, الطبعة الثانية 2018.
– عبد القادر العرعاري,”مصادر الإلتزمات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية”, مكتبة دار الأمان الرباط, الطبعة الثامنة 2021.
– محمد بفقير, “قانون الالتزامات والعقود والعمل القضائي المغربي- الكتاب الأول- الالتزامات بوجه عام- الجزء الأول”.مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء, الطبعة الخامسة مزيدة ومحينة.
– نور الدين السليماني, “دفع المسؤولية المدنية لحارس الشيء في ضوء العمل القضائي المغربي والمقارن”, مكتبة دار السلام لطباعة والنشر والتوزيع – الرباط, الطبعة الأولى2020.
- المقالات:
– المجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد6.
– سفيان أدريوش, “وسائل دفع مسؤولية عن فعل الأشياء غير الحية”,مجلة الإشعاع هيئة المحامين بالقنيطرة, عدد 24- دحنبر 2001.
– محمود حسن, “تطور المسؤولية التقصيرية عن فعل الشيء في القانون التونسي والمقارن”, مجلة المحاكم المغربية, عدد 84 شتنبر/ أكتوبر 2000.
- النصوص القانونية
-الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331(12غشت1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود
- أحكام وقرارات قضائية
– قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 13/2 /1930.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 4/1/11 تحت عدد 23 في الملف عدد4323/09.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 31/12/75 تحت عدد 600 في الملف المدني عدد 41773.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21/5/69 تحت عدد238.
– قرار عدد 2364, صادر بتاريخ 18/06/2008, في ملف المدني عدد 268/1/3/2006.
– قرار مدني, عدد 152, الصادر بتاريخ 11/03/1970.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى, عدد 222, بتاريخ 23/06/1971.
– قرار مدني, عدد 240, الصادر بتاريخ 13 مايو 1970.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 15/5/1968.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 26/4/1969, تحت عدد 205.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 15/04/1970, تحت عدد 197.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 4/06/1969.
– حكم جنحي سير, عدد 70, صادر بتاريخ 27/05/2010, في ملف رقم 715/08.
– قرارtrichard صادر عن محكمة النقض الفرنسية, بتاريخ 18 دجنبر 1964.
– قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية, بتاريخ 3 أبريل 1939.
– قرار صادر عن محكمة النقض, عدد 196/5, بتاريخ08/04/2014,في الملف مدني عدد4491/1/5/ 2013.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى, عدد 275, الصادر بتاريخ 4 مايو 1965, ملف مدني عدد 15074.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 13/3/1985.
– قرار عدد 290, الصادر بتاريخ 20/05/1975, في الملف المدني عدد 38208.
– قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 18/3/1970.
[1] عبد القادر العرعاري,”مصادر الإلتزمات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية”, مكتبة دار الأمان الرباط, الطبعة الثامنة 2021, ص.2001.
[2] الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331(12غشت 1913) بمثابة قانون الالتزامات و العقود
[3] نور الدين السليماني, “دفع المسؤولية المدنية لحارس الشيء في ضوء العمل القضائي المغربي والمقارن”, مكتبة دار السلام لطباعة والنشر والتوزيع – الرباط, الطبعة الأولى2020, ص.9.
[4]أمينة أيث حسين,”مصادر الالتزام الكتاب الثاني المسؤولية المدنية دراسة مقارنة”. دار السلام طباعة- توزيع الرباط, الطبعة الثانية 2018, ص.2071.
[5]عبد القادر العرعاري, م.س, ص.203-204.
[6] أمينة أيث حسين, م س, ص.272.
[7]محمود حسن, “تطور المسؤولية التقصيرية عن فعل الشيء في القانون التونسي والمقارن”, مجلة المحاكم المغربية, عدد 84 شتنبر/ أكتوبر 2000, ص.70- 71.
[8] قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 13/2 /1930 , نقلا عن عبد القادر العرعاري, م.س, ص207.
[9] محمود حسن, م.س,ص.84.
[10] أحمد الفقيه التطواني, “نظرية المسؤولية التقصيرية عن فعل ألأشياء غير الحية في ضوء: الفقه الإسلامي– القانون الروماني– القانون الفرنسي – القانون المغربي– قوانين البلاد العربي”, طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام- الرباط, الطبعة الأولى, ص.268.
[11] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.208.
[12] أمينة أيث حسين, م.س, ص.273.
[13]قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 4/1/11 تحت عدد 23 في الملف عدد4323/09 منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد 6, ص. 286 وما يليها
[14] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.209.
[15] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.239.
[16] نور الدين سليماني, م.س,ص.24.
[17] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 31/12/75 تحت عدد 600 في الملف عدد41773, نقلا, محمد بفقير,”قانون الإلتزأمات والعقود والعمل القضائي المغربي- الكتاب الأول- الالتزامات بوجه عام- الجزء الأول”.مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء, الطبعة الخامسة مزيدة ومحينة, ص.208-209.
[18] نور الدين السليماني, م.س, ص.27.
[19] المختار بن أحمد عطار, “النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي”, مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء, الطبعة الثانية 2018, ص.174.
[20] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21/5/69 تحت عدد 238, نقلا عن محمد بفقير, م.س, ص.206.
[21] قرار عدد 2364, صادر بتاريخ 18/06/2008, في ملف المدني عدد 2686/1/3/2006, نقلا عن نور الدين السليماني, م.س, ص.30-31.
[22] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.236.
[23]قرار مدني, عدد 152, الصادر بتاريخ 11/03/1970, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص.45- 46.
[24] قرار صادر عن المجلس الأعلى, عدد 222, بتاريخ 23/06/1971, نقلا عن عبد القادر العرعاري, م.س, ص.237.
[25] قرار مدني, عدد 240, الصادر بتاريخ 13 مايو 1970, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص.46.
[26] عبد القادر العرعاري، م.س، ص 238.
[27] نور الدين السليماني، م.س، ص 34.
[28] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 15/5/1968، نقلا عن عبد القادر العرعاري، م.س، ص238.
[29] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 23/4/1969 تحت عدد 205 نقلا عن محمد بفقير، م.س، ص 205.
[30] أحمد الخمليشي، ” دفع المسؤولية عن الأشياء في ظل المادة 88 من ق.ل.ع بفعل ما هو ضروري لتجنب الضرر”، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، ع 3- 1977، ص29 وما يليها. نقلا عن محمد العرعاري، م.س، ص238.
[31] نور الدين سليماني, م.س, ص.37- 38.
[32] نور الدين سليماني, م.س,ص.57-58.
[33] سفيان أدريوش, “وسائل دفع مسؤولية عن فعل الأشياء غير الحية”,مجلة الإشعاع هيئة المحامين بالقنيطرة, عدد 24- دحنبر 2001, ص.72-73.
[34] سليمان مرقس,”نظرية دفع المسؤولية المدنية”, رسالة دكتوراه من جامعة القاهرة, النسخة العربية سنة 1936, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص.58.
[35] قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 15/04/1970, تحت عدد 197, نقلا عن محمد بفقير, م.س, ص.207.
[36] نور الدين السليماني, م.س, ص.59.
[37] سفيان أدريوش, م.س, ص. 72- 73.
[38] قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 4/06/1969, نقلا عن عبد القادر العرعاري,م.س, ص.231.
[39] سفيان أدريوش, م.س, ص.73.
[40] حكم جنحي سير, عدد 70, صادر بتاريخ 27/05/2010, في ملف رقم 715/08, نقلا عن نور الدين سليماني,م.س, ص. 65.
[41] أمحمد الأمراني زنطار,”تشطير التعويض بين المسؤولية الخطئية والمسؤولية المفترضة موقف القضاء وردود الفقه ( دراسة مقارنة ), مطبعة الورق الوطنية, الطبعة 1999, ص.270.
[42] قرار trichard صادر عن محكمة النقض الفرنسية, بتاريخ 18 دجنبر 1964, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص.66,
[43] سفيان أدريوش, م.س, ص.78.
[44] عبد القادر العرعاري, م.س, ص. 232.
[45] قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية, بتاريخ 3 أبريل 1939, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص.77.
[46] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.232- 233,
[47] قرار صادر عن محكمة النقض, عدد 196/5, بتاريخ 08/04/2014, في الملف مدني عدد4491/1/5/ 2013, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص.80-81.
[48] سفيان أدريوش, م.س, ص.75.
[49] نقض الغرفة مجتمعة 13/02/1930, نقلا عن سفيان أدريوش, م.س,ص.75.
[50] نور الدين سليماني, م.س, ص.82-83.
[51] نور الدين سليماني, م.س, ص.83.
[52] قرار صادر عن المجلس الأعلى, عدد 275, الصادر بتاريخ 4 مايو 1965, ملف مدني عدد 15074, نقلا عن أمحمد الأمراني زنطار, م.س, ص.231,
[53] أمحمد الأمراني زنطار, م.س, ص, 144.
[54] سفيان أدريوش, م.س, ص.81.
[55] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.234.
[56] نور الدين سليماني, م.س, ص.89.
[57] قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 13/3/1985,نقلا عن عبد القادر العرعاري, م.س, ص.224.
[58] قرار عدد 290, الصادر بتاريخ 20/05/1975, في الملف المدني عدد 38208, نقلا عن نور الدين سليماني, م.س, ص. 89.
[59] عبد القادر العرعاري, م.س, ص.235.
[60] قرار صادر عن المجلس الأعلى, بتاريخ 18/3/1970, نقلا عن عبد القادر العرعاري, م.س, ص.236.
معلومات حول الكاتب:
علي أبو المواهب
طالب باجث بكلية الحقوق عين السبع بدالدار البيضاء