مداخلة رئيس النيابة العامة خلال اليوم الدراسي في موضوع: الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية

كلمة السيد الوكيل العام لدى محكمة النقض

رئيس النيابة العامة

بمناسبة اليوم الدراسي المنظم حول موضوع:

الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية

الاثنين 13 مارس 2023 بمقر رئاسة النيابة العامة

 

بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛

  • السيد ممثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية،
  • السيد المدير العام للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية؛
  • ممثل وزارة الداخلية
  • ممثل وزارة العدل
  • ممثل وزارة النقل واللوجستيك
  • السيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب؛
  • السادة المسؤولون القضائيون؛
  • السيد نقيب هيئة المحامين بالرباط؛
  • السادة المحامون؛
  • السيدات والسادة القضاة رئاسة ونيابة عامة؛
  • السادة ضباط الشرطة القضائية للدرك الملكي والأمن الوطني، وأعوان المراقبة الطرقية؛
  • حضرات السيدات والسادة الأفاضل ممثلي مختلف القطاعات الحكومية كل باسمه وصفته والاحترام الواجب لشخصه.

 

 

 

 

 

 

شرف كبير أن أحضر في هذا الجمع المبارك لأفتتح معكم أشغال الجلسة الافتتاحية لهذ اليوم الدراسي الهام الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة بمناسبة تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية حول موضوع ” الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية”، وهو موعد سنوي دأبت رئاسة النيابة العامة على تخليده منذ تأسيسها، وفرصة سانحة للانفتاح على كل القطاعات المعنية بمجال السلامة الطرقية، ومناسبة لتبادل الرؤى واستحضار الإكراهات واستنباط الحلول، وإصدار توصيات واقتراحات تصب أساسا في تحقيق السلامة الطرقية والحد من حوادث السير التي تعرفها بلادنا.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛

لا يخفى عليكم أن حوادث السير تعتبر خامس سبب رئيسي للوفيات في العالم، حيث تخلف عالميا مقتل 3000 وفاة في اليوم، وما بين 20و50 مليون جريح، وتكلفة مادية تقدر ما بين %1 و%3 من الناتج المحلي الإجمالي لبلدان العالم.

أما وطنيا فتخلف حوادث السير يوميا مقتل 10 أشخاص وإصابة 250 آخرين بجروح، وسنويا إلى وفاة أكثر من 3500 شخص، وإصابة 12 ألف آخرين بجروح بليغة، هذا ناهيك عن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدر بحوالي 1.69% من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 19.5 مليار درهم سنويا، بمعدل 3.19 مليون درهم لكل قتيل، و797.500 درهم لكل مصاب بإصابات خطيرة، حسب تقرير البنك الدولي لسنة 2019.

 

والجدير بالذكر أن سنة 2022 تم تسجيل 113740 حادثة سير، خلفت 3201 قتيلا، و8090 شخصا مصابا بجروح بليغة، و153486 شخصا مصابا بجروح

خفيفة حسب الإحصائيات المؤقتة التي أعلنت عنها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية.

وعلى صعيد محاكم المملكة عرفت سنة 2022 تسجيل 183508 من المحاضر الورقية الخاصة بجنح السير، منها 2511 قضية تتعلق بحوادث سير مميتة، و295 قضية تتعلق بحوادث سير نتج عنها عاهات مستديمة، في حين بلغ عدد المحاضر الورقية الخاصة بمخالفات السير 111569 من المخالفات، منها 23928 تتعلق بمخالفات من الدرجة الأولى، وعلى مستوى المحاضر الالكترونية تم تسجيل 9492 من الجنح و 770860 من المخالفات.

وفي هذا الإطار، وضعت الحكومة المغربية مخطط السلامة الطرقية في صلب سياستها العمومية حيت خصصت إستراتيجية وطنية للحد من آفة حوادث السير تلعب فيها رئاسة النيابة العامة دورا محوريا من خلال الإشراف على تنفيذ السياسة الجنائية وتدبيرها لسياسة الدعوى العمومية.

 

 

 

 

حضرات السيدات والسادة؛

وضعت رئاسة النيابة العامة مواجهة آفة حوادث السير من ضمن أولويات السياسة الجنائية التي تشرف على تنفيذها من خلال السهر على الإشراف وتنزيل كل الآليات الاستراتيجية لتتبع تنفيذ مقتضيات مدونة السير على الطرق والنصوص التنظيمية المتصلة بها، إيمانا منها بأن التطبيق السليم لمقتضيات المدونة يشكل رافعة أساسية للاستراتيجية الوطنية لإنجاح السياسة العمومية الرامية إلى الحد من حوادث السير، وتجنيب مستعملي الطرق آفاتها وأضرارها الاجتماعية والاقتصادية.

ولإعطاء فعالية أكثر في تتبع تنفيذ السياسة الجنائية في مجال قضايا السير والتنسيق مع باقي القطاعات المعنية الساهرة على تدبير مجال السلامة الطرقية، عملت رئاسة النيابة العامة على إحداث وحدة خاصة بقضايا السير على مستوى التنظيم الهيكلي الجديد لرئاسة النيابة العامة بمقتضى قرار رقم 22/2021 الصادر بتاريخ 31 دجنبر 2021 بشأن تنظيم بنيات إدارة رئاسة النيابة العامة وتحديد اختصاصاتها.

كما عملت رئاسة النيابة العامة على رصد ومواكبة تفعيل أحكام مدونة السير على الطرق والنصوص التنظيمية المرتبطة بها، والسعي إلى معالجة جملة من الإشكالات المرتبطة بها بتنسيق مع باقي الفاعلين، وتزويد السادة قضاة النيابة العامة
عبر دوريات بالتوجيهات ذات الصلة كلما تطلب الأمر إيجاد الحلول للإشكاليات

التي تعترضهم بهدف سلوك الإجراءات الناجعة بشأن التطبيق السليم للقانون، وأيضا كلما لوحظ عدم تفعيل بعض المقتضيات المنظمة ضمن مدونة السير.

وفي هذا الإطار تم رصد إغفال بعض المقررات القضائية الحكم بالعقوبات الإضافية المقررة قانونا إلى جانب العقوبات الأصلية مثل الخضوع لدورة تكوينية في

التربية على السلامة الطرقية، أو منح ظروف التخفيف في مدة توقيف رخصة السياقة والنزول عن الحد الأدنى المقرر قانونا، حيث تم حث النيابات العامة من خلال الدورية عدد 30/س/ر ن ع/2022 وتاريخ 05/12/2022 على السهر على تقديم الملتمسات اللازمة لهيئات الحكم، والطعن في المقررات القضائية المخالفة للأحكام القانونية.

كما عملت رئاسة النيابة العامة على إصدار الدورية رقم 02/ ر ن ع/س/2023 وتاريخ 04/01/2023 حول تجويد محاضر حوادث السير تم من خلالها حث النيابات العامة على التنسيق مع ضباط الشرطة القضائية قصد العمل على تضمين المحاضر جميع البيانات الأساسية المتعلقة بمعاينة الحادثة لتوفير المعطيات اللازمة للنيابة العامة الرامية إلى ضبط التكييف القانوني السليم للمتابعة التي يتم تسطيرها في حق مرتكبي الحوادث وأيضا لتيسير المرتكزات الموضوعية لقضاء الحكم من أجل تحديد المسؤولية الجنائية في حق مرتكبي هذه الحوادث، وكذا تشطير المسؤولية المدنية عند تحديد التعويضات المدنية المستحقة.

 

وعلى مستوى المعالجة الالكترونية لمحاضر السير، وفي إطار مواكبة الرادارات من الجيل الجديد التي تم تثبيتها على الطرقات، عملت رئاسة النيابة العامة على عقد عدة اجتماعات تنسيقية في الموضوع مع كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وذلك لمواكبة الارتفاع العددي والنوعي لمحاضر السير الالكترونية، وضمان تصريف الملفات في أحسن الظروف، كما عملت على توجيه دورية تحت عدد 05/س/ ر ن ع/2022 وتاريخ 08/02/2022 إلى النيابات العامة قصد الحرص على المساهمة الفعالة في تدبير وتصريف محاضر السير الالكترونية لتفادي تراكمها وتقادمها والتنسيق مع السادة

رؤساء المحاكم لتدبير الارتفاع المرتقب للملفات الالكترونية وتتبع الأحكام الصادرة في الموضوع.

حضرات السيدات والسادة؛

لا شك أن مستوى هذا اللقاء، وحجم وتنوع الحاضرين وانتمائهم إلى مختلف القطاعات المتدخلة في مجال السلامة الطرقية، يعتبر فرصة متميزة من أجل تشخيص وتقييم منظومة الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية بدءا من الجانب الوقائي، مرورا بالجانب الضبطي العادي والآلي، وانتهاء بالجانب القضائي، بغية تثمين مكامن القوة ومعالجة مكامن النقص، ورصد الصعوبات والاكراهات التي
تواجه سلطات إنفاذ القانون في الممارسة العملية، ومحاولة إيجاد حلول قانونية وواقعية لها.

 

ولعل المحاور والعروض التي ستلقى خلال هذا اليوم الدراسي، والمناقشات التي ستسفر عنها، ستشكل لا محالة ملتقى لتبادل الأفكار والرؤى، وطرح الإشكالات والخروج بتوصيات واقتراحات.

وختاما لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لجميع السادة ممثلي القطاعات المعنية الحاضرة في هذا اللقاء العلمي على تلبية دعوة الحضور، والشكر موصول لكل المشاركين والمتدخلين، مع متمنياتي لكم جميعا بالتوفيق في نجاح أشغاله، آملا أن نحقق الأهداف المرجوة منه بما يساهم في الحد من حوادث السير التي تعرفها بلادنا والرفع من مؤشرات السلامة الطرقية.

وأسأل الله القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله جلالة الملك محمد السادس أدام الله نصره وعزه وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي الرشيد وكافة أسرته الشريفة.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض

رئيس النيابة العامة

م.الحسن الداكي

قد يعجبك ايضا