حدود استعمال المحامي لوسائل التواصل الاجتماعي

ابتسام الشفاع

مقدمة:

يعتبر العالم قرية صغيرة هاته الجملة كفيلة بشرح و تفسير مدى تأثير الشبكة العنكبوتية على حياتنا اليومية و كيف استطاعت هاته الآلية الغير المرئية أن تفرض وجودها في العالم بأسره، فالأنترنيت هي  تلك الوسيلة العالمية التي تتيح نقل المعلومات عبر مجموعة من الوسائط من بينها وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقصد بوسائل التواصل الاجتماعيّ تلك التقنيّات التي تُسهّل تبادل الأفكار والمعلومات من خلال التواصل بين المجتمعات الافتراضية، وهي تعتمد بشكل رئيسي على وجود الإنترنت المُتصل بأجهزة الحاسوب، أو الأجهزة الإلكترونية، أو الهواتف، وتُمكّن المستخدمين من الوصول بسرعة إلى المحتوى الذي قد يكون معلومات شخصيّة، أو مستندات، أو مقاطع فيديو، أو صور[1]، وهي بذلك تهدف إلى ترويج المنتجات والخدمات.

فالمحامي و كغيره من زوار الشبكة المعلوماتية  يلج إلى هاته الوسائط التي أصبح لها أثر مهم على حياته الشخصية عامة وحياته المهنية خاصة ، فقد مكنتهم من توسيع مجالات العمل والاهتمام ببعض الأشياء عن بعد دون الحاجة للتنقل شريطة تناغم الإعلام و المحاماة مع الأعراف و التقاليد[2] ؛ و قد جاء في سياق آخر إذا كانت مطالب العالم الحديث تحمل معهم تطور قواعد الأخلاق ، فمن المهم أن ندفع هذا التطور من أجل الحفاظ على سلامة قواعد الاستقامة والولاء والدقة الذين لا ينفصلون عن إنجاز مهمة المحامي[3].

هذا الموضوع شاسع ، تتجلى أهميته في معرفة مدى نجاح استعمال وسائل التواصل الاجتماعي كالفايسبوك، الوأتساب، التوتير وتقنيات كاميرا فيديو، ومجموعة من المواقع من طرف المحامي و الاكراهات التي يواجهها عند تفحصه لهاته التطبيقات.

و يطرح هذا الموضوع عدة إشكالات رئيسية لكننا سنتوقف عند إشكالية ذات طبيعة مهنية وتقنية و هي كالاتي: إلى أي حد يمكن الحديث عن الاستخدام المعقلن لمواقع التواصل من طرف أصحاب البذلة السوداء؟

من أجل الإجابة على هاته الإشكالية سنقسم الموضوع إلى مبحثين، ماهية وسائل التواصل الاجتماعي (المبحث الاول) ثم المحامي و وسائل التواصل الاجتماعي (المبحث الثاني).

 

المبحث الأول: ماهية وسائل التواصل الاجتماعي

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تشغل حيزا كبيرا في حياة الإنسان سواء من حيث التواصل  الاجتماعي أو العملي أو العائلي، لذلك سوف نعرف هاته الوسائل و أنواعها (المطلب الاول) ثم معرفة إيجابياتها و سلبياتها (المطلب الثاني).

المطلب الاول: مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي و أنواعها

وسائل التواصل الاجتماعي هي مجموعة من الأدوات التي تتيح للأشخاص التفاعل مع بعضهم البعض عبر مواقعٌ وتطبيقاتٌ مصممةٌ لتسهيل عملية التواصل فيما بينهم، فيستطيع أي شخصٍ أن يجد أو ينشئ المجموعات حسب اهتمامٍ معين مثل القراءة أو بلد المنشأ أو الهوايات أو التخصص الجامعي وغيرها من الأمور المشتركة.

فقد شكّلت هذه المواقع حلقة وصلٍ بين جميع الأشخاص على اختلاف مواقعهم، دياناتهم، أعمارهم وأجناسهم[4]، حيث أصبح بمقدور أي فرد الوصول إلى أي شخص في العالم من خلال هذه المواقع وذلك عن طريق التفاعل إما عبر منشوراتٍ، محادثاتٍ أو المكالمات الصوتية والمرئية[5]، ومن بين أبرز أنواع هاته الوسائل نذكر على سبيل الاستئناس:

  • فايسبوك Facebook: بدأ كشبكةٍ اجتماعيةٍ في عام 2004 من قبل مؤسسه مارك زوكربيرغ، وتابعت شركة فيسبوك النمو لتتحول إلى واحدةٍ من كبريات الشركات التي تستحوذ على معظم تطبيقات التواصل الاجتماعي في العالم، وهو موقع تواصلٍ اجتماعيٍّ يسمح بمشاركة الصور، المنشورات ، التعليقات والأخبار المحلية والعالمية، بالإضافة إلى كونه يخول إمكانية الدردشة والألعاب وبث الفيديو المباشر، وبحسب إحصائيةٍ سابقةٍ، وجد في نهاية عام 2018 على فيسبوك حوالي 2.32 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، والموقع دائم التوسع والتطور،[6]
  • تويترTwitter: موقع إخباري يعتمد على مبدأ نشر نصوص نصية قصيرة من مالك الحساب إلى المتابعين، ويستخدم بعض الأشخاص التويتر لاكتشاف أشخاص مميّزين بالنسبة إليهم، واكتشاف شركات مثيرة، واختيار متابعة تغريداتهم، وهو يمتاز بإمكانية متابعة المئات من مستخدميه، وقراءة منشوراتهم بنظرة خاطفة.[7]
  • يوتوب YouTube:تأسس في عام 2005 على يد جواد كريم وستيفن تشن وتشاد هارلي، واشترته غوغل عام 2006 مقابل65 مليار دولار، وهو عبارةٌ عن موقعٍ يقوم بعرض الفيديوهات المتنوعة في شتى المجالات، ويعطي الفرصة لمستخدميه بالقيام بالبث المباشر أيضًا، كما أنه من أفضل منصّة لصنّاع المحتوى.
  • انستغرام Instagram:تأسس من قبل شركة فيسبوك في عام2010 وهي إحدى الوسائل المخصصة لالتقاط الصور والفيديو ومن ثم تعديلها ومشاركتها بعد أن ينشأ الشخص حسابًا على الموقع، كما أنه كل من لديه حساب على التطبيق سيتمكن من رؤية المنشورات والتفاعل معها، وأضيف إليه مؤخرًا ميزة المحادثات عبر الرسائل النصية وصوتية أيضًا[8].

وسائل التواصل هي سلاح ذو حدين يتوجب التعامل معها بالشكل الصحيح؛ للحصول على أعلى استفادة ممكنة منها مع تجنب أضرارها الذي سنتطرق إليها في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: إيجابيات و سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي

تتعدد إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي في الكثير من المجالات وذلك إن أحسن الفرد استخدامها، فهاته الوسائل تتصف ببعض السمات التي تُعطيها طابعاً فريداً ومميزاً وتتمثل هذه الأخيرة  في الاتي:

  • تقليل الحواجز التي تعيق الاتصال بحيث يُمكن استخدامها لنقل الأفكار والآراء المتعلقة بموضوع معين لعدد كبير من الأشخاص وبطريقةٍ سهلة، وذلك من أيّ مكان، وفي أيّ وقت، كما تساعد خاصية مشاركة الرأي المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي على فتح الأبواب لتبادل الآراء وتوسيع فرص المشاركة في التعبير عن الرأي؛
  • توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية فهي أداةً مفيدةً وفعّالةً في تشكيل أصدقاء جُدد، وتسهيل التواصل مع الأصدقاء الذين انقطع الاتصال بهم، أو مع الأشخاص الذين لا يمكن مقابلتهم شخصياً، ممّا يوفر عناء الوصول إليهم.
  • وسيلة فعالة للترويج: تستخدم الشركات التجارية الشبكات الاجتماعية كأداة جيّدة من أجل الترويج لسلعها، حيث يوجد العديد من التطبيقات المُختصة بالترويج لخدمة أو سلعة معينة وبتكلفة أقل، ممّا يؤدي إلى زيادة الأرباح وبأقل التكاليف؛
  • وسيلة لتشكيل رأي عام فعّال: تُعد مواقع التواصل الاجتماعي بما تؤمنه من تفاعل واسع بين المجموعات وسيلة لتشكيل رأي عام مساند لبعض القضايا، وهو الأمر الذي ينتج عنه تغيير إيجابي في بعض مناحي الحياة؛
  • متابعة الأخبار: أدّى تطور شبكات التواصل الاجتماعي إلى عدم انتظار الشخص لأخبار السّاعة السادسة على شاشة التلفاز، أو انتظار وصول الجريدة، بحيث يمكن معرفة آخر الأخبار والمعلومات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛
  • مساعدة رجال الأعمال والشركات: تُمكّن رجال الأعمال والمنظمّات المختلفة من التواصل مع العملاء، وبيع منتجاتهم، وتوسيع نطاق خدماتهم؛ فهناك الكثير من رجال الأعمال والشركات التي تزدهر بشكل كامل على الشبكات الاجتماعية، ولا تكون قادرة على العمل بدونها[9].

و من الأشياء التي لا تخفى عنا جميعا أنه و على الرغم من الإيجابيات اللامتناهية لهاته الوسائط إلا أنها لا تخلو من بعض السلبيات و هي كالاتي:

  • منح السلطة لأصحاب النفوذ: يفسح الإعلام المجال لحرية الرأي، إلاّ أنّ معظم الإعلام بما يقدمه إعلام مبيع يتحكم به الأغنياء، وأصحاب النفوذ، الأمر الذي يمنحهم مقداراً من السلطة في المجتمعات؛
  • نشر المعلومات المغلوطة والحث على الكراهيّة : إن وجود عدد كبير من المواقع غير الموثوقة يجعل وسائل الإعلام معرضة لخطر الدعاية الكاذبة، بالإضافة إلى إمكانية استخدام تلك المواقع من قبل بعض الجهات التي تسعى إلى نشر البغضاء والكراهية بين الأفراد؛[10]
  • انتهاك خصوصية الأفراد بسبب اختراق حساباتهم على بعض مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي نشر صورهم الخاصة ومعلوماتهم الخاصة دون علمهم وهذا يسبب العديد من المشاكل الاجتماعية.
  • انتشار العنف بين المراهقين تفشي بعض العادات السلبية بينهم بالإضافة لنشر بعض الأفكار التخريبية مثل الترويج لبعض الأفكار الإرهابية بين الشباب.
  • إضاعة الوقت: تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي خاصةً الفايسبوك وغيره من المواقع التي انتشرت بشكل واسع، أكثر ما يتمّ استخدامه على الإنترنت، ممّا سيؤدي بدوره إلى زيادة عدد الساعات التي يقضيها الفرد على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يتعارض ذلك مع مسؤولياته في العمل، وغيرها
  • التأثير سلبا على العلاقات الأسرية: تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دوراً سلبياً في نوعية العلاقات الأسرية وقوتها، حيث يؤدي ما يقضيه الفرد من ساعات طوال في تصفح هذه المواقع، وانشغاله بعلاقاته الافتراضية فيها إلى البعد عن أفراد أسرته وفتور العلاقات التي تربطه بهم
  • العزلة: أصبح استخدام مواقع التواصل بديلاً للتفاعل الاجتماعي الحقيقي بين الأفراد والمتمثل بالزيارات العائلية وحضور المناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى ما يقضيه الأفراد من ساعات طويلة على هذه المواقع مما أدى إلى إصابتهم بالعزلة والانطواء على الذات[11].

 

المبحث الثاني : المحامي و وسائل التواصل الاجتماعي

من الأشياء التي لا تخفى علينا أنه مع تطور الزمن أصبح استخدام المحامي لوسائل التواصل الاجتماعي جزء لا يتجزأ من ممارسته المهنية و خاصة في الآونة الاخيرة، فهي تلعب دورا مهما في حياته المهنية (المطلب الاول) ولكن هذا وفق حدود (المطلب الثاني).

 

المطلب الاول: دور استخدام المحامي لوسائل التواصل الاجتماعي

 

نشأت المحاماة وهي تحمل معها رسالة ذات أبعاد سامية وأهداف نبيلة لا تقتصر على زمان معين ولا مكان محدد، فهي رسالة كل من استنجد بها لدفع الظلم واسترجاع الحق وسيادة القانون دون اعتبار للجنس أو اللغة أو  الدين[12] بهدف الدفاع عن الحق العام أو عن الحق الخاص[13]، فهي ترتكز بالأساس على   أعرافها التي توارثها الخلف عن السلف مستنيرا بهديها معتبرا بقواعدها متمسكا بمبادئها.

و مع التطور التكنولوجي الذي تسارع بشكل يفوق كل التوقعات و التخيلات [14]، اصبحت المحاماة في حاجة الى التطور والانفتاح على المستجدات التكنولوجية، وذلك بعولمة عمل المحامي، لمواصلة المشوار و الرسالة[15]، فمثلا أخذت نقابة المحامين الكندية زمام المبادرة في إصدار مبادئها التوجيهية الأخلاقية الجديدة بشأن استخدام المحامي تكنولوجيا المعلومات[16] .            تهدف وسائل التواصل الى تحديث وتطوير النظام القضائي و ذلك عبر إحداث محاكم إلكترونية و لعل ما يؤكد ذلك هو الطرق و البرامج القضائية التي أصبحت تعرفها المحاكم العالمية، بحيث يمكن للمحامي إرسال وثائق الدعوى عن بعد دون الحاجة إلى التنقل الى المحكمة من اجل تسليمها [17]، و هذا ما يستدعي العمل على انشاء شبكة خاصة افتراضية للمحامين من شأنها تطوير وتعزيز قدراتهم لممارسة مهنتهم وفق معايير تكنولوجيا متطورة وعالية الدقة مما يؤدي الى تجويد العمل القضائي، كذا خلق جسر للتوصل وطنيا وعربيا ودوليا مع زملائهم بكل يسر وسهولة في بيئة عمل رقمية متطورة وذلك عن طريق عقد شركات خارجية وتوصل من اجل التكوين.      ساهمت هاته الوسائط ايضا اليوم في السهر على زرع الاطمئنان في نفوس الموكلين حيث خففت عليهم عبء التنقل الى مكاتب المحامين من اجل اشعارهم بكل المستجدات ومآل ملفاتهم؛ حيث ان المحامي اليوم اصبح يشعر موكله عن طريق الهاتف او البريد الالكتروني او جل التطبيقات التي يرتاح للتواصل بها مع موكله، كذا الدفاع عن قضايا الوطن و التضامن معه في حدود ما يمس باب الحقوق و الحريات و المقدسات.

كل هذا يؤدي الى تقليص ساعات العمل داخل المكاتب التي لولاها – الوسائط- لكان المحامي يقضي يوما كاملا في استقبالهم داخل المكتب.[18]

المطلب الثاني: حدود استعمال المحامي لوسائل التواصل الاجتماعي

يحق للمحامي أن يتوفر على موقع في وسائل الاتصال الإلكترونية يشير فيه، باقتضاب، إلى نبذة عن حياته، ومساره الدراسي والمهني، وميادين
اهتماماته القانونية وأبحاثه، شريطة الحصول على إذن مسبق من النقيب بمضمون ذلك و لكن بوجود أخلاقيات و سلوكيات لا يمكن فصلها عن أعراف وتقاليد المهنة النبيلة التي ينتسب لها، وعن النصوص القانونية والتشريعية المنظمة لها إلا أنه هناك بعض الاستعمالات الخاطئة لهذه الوسائط التي تتنافى و المهنة و هذا ما تنص عليه المادة 61[19] من القانون 28.08[20]،. و هي كالاتي:

  • إفشاء السر المهني: السر المهني هو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها كل المهن، خاصة و على وجه التحديد علاقة المحامي بالموكل؛ حيث أن قبول التوكيل عن موكله يحتم عليه استخلاص جميع الوقائع الجوهرية التي تكون سبب الدعوى، و بمجرد الاقتناع بسبب الدعوى على المحامي التحلي بأعلى درجات المسؤولية والاخلاص لاسترداد حقوق موكله في إطار الحفاظ على علاقة الثقة المتميزة بينه وبين موكله والتي يحصل بموجبها على أسراره، باعتبار هذه الأخيرة من أهم الواجبات الملقاة على عاتق المحامي.[21]

إن إفشاء الاسرار بصفة عامة للأغيار و بصفة خاصة على المواقع الالكترونية يعد فعل إجرامي تطرق إليه المشرع المغربي في  الفصل 446[22] من القانون الجنائي و المادة 36[23] من قانون 28.08 التي اعتبرت مسألة الحفاظ على السر المهني من الأخلاق الحميدة[24]، ولعل أبرز مظاهر حماية السر المهني هي الحماية المقررة لمكتب المحامي من التفتيش إلا في حدود ما ينص عليه القانون، وبحضور نقيب المحامين.

  • تقديم الاستشارات القانونية: منعت هيئة المحامين بالمغرب تقديم هاته الاستشارات على مواقع التواصل الاجتماعي، مبرزة أنها يجب أن تكون في المكاتب، معتبرة أن تقديمها في المنصات الافتراضية، انتهاك واجب السر المهني ومخالفة لقواعد المهنة ونظامها الداخلي وكذا اعتبارها وسيلة تستهدف جلب الزبناء واستمالتهم كذا من أجل إشهار مكاتبهم و هو ما يخالف المادة [25]35 من القانون 28.08.

حيث ذهب بركو نقيب هيئة المحامين بالرباط، في تصريح لجريدة هسبريس إلى القول إن الاستشارات القانونية التي يقدمها بعض المحامين للرأي العام “هي استشارات تضرب جميع أعراف وتقاليد مهنة المحاماة، وتتم قصد استمالة المتقاضين”، موضحا أن “الاستشارة القانونية يجب أن تكون موجّها للموكّل، وفي حالة خاصة، وليس لعموم المواطنين”[26]

  • التشبث بالوقار: يعد لزاما على المحامي احترام أخلاقيات الذات التي ترتكز على السلوك الشخصي الفردي حيث ان هذا السلوك يؤثر سلباً وايجاباً على مركز المهنة وعلى سمعة المحاماة عامة، فالمحامي الذي يبحث عن الموكلين ويتسول الملفات سواء بطريقة مباشرة أو باستخدام الوسطاء والسماسرة أو مواقع الالكترونية لا يخدش كرامته فحسب بل يضرب في الصميم استقلاله ويفقد تبعا لذلك الكثير من مصداقيته.[27]

 

خاتمة:

خلاصة القول ، إن التشريع المنظم للمهنة وبالرغم من محاولاته لحماية المهنة وتقنينها، وعلى الرغم من كون المحامي اليوم يعيش في عصر الحداثة والعولمة عصر التطور التقني والعلمي، المبني على مبدأ التجربة العلمية المجردة، و مبدأ الإيمان بالمحسوس والملموس، مبدأ السببية، عصر السرعة المفرطة على مستوى الاكتشافات، و مستوى العلوم الإنسانية ووسائل الاتصال والتبادل فإن هذا لا يعني أنه على المحامي أن يتجرد من إنسانيته ومن تراثه المبني على تقاليد وأعراف مهنته التي أساسها القيم والأخلاق في معظمها.

يقول الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت**** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا “.
وبالرغم من تغير عاداتنا بسبب التقنيات والتكنولوجيات الحديثة التي أضحت تعمل على الاعتداء على نمط العيش الذي ألفناه فإن التعايش في مجتمع أساسه القيم والأخلاق:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم**** فأقم عليهم مأتما وعويلا
وإذا كنا نشعر اليوم كمحامين، حاملين لرسالة مقدسة بأن كرامتنا تداس، فان ذلك راجع لا محالة وبالأساس إلى حالة العوج والانحراف والسوقية التي أصابت مسار الفكر لدى الكثير منا، محامين ومحاميات، قضاة وقاضيات ، بتخلينا عن مجمل القيم والأخلاق وتقمصنا شخصية الإنسان المادي المبتور الذي لا تصله وشائج الروحية.

إذا كانت المحاماة مهنة التقاليد والأعراف، فهل هي مهنة الماضي الذي يرفضه العصر وترفضه الحداثة؟

 

 

 

 

 

                                            لائحة المراجع

 

[1] جيهان عادل حجاحجة  “مقال_عن_مواقع_التواصل_الاجتماعي” اضطلع عليه بالموقع https://mawdoo3.com/ بتاريخ 06/06/2020 على الساعة 03:55.

[2] عبد اللطيف بوعشرين ” الاعلام و المحاماة في مقاربة مع الاعراف و التقاليد” ندوة التمرين عن بعد بهيئة المحامين بالدار البيضاء على قناة اليوتيوب الخاصة بالهيئة، اضطلع عليه بتاريخ 06/06/2020.

[3] P .Lambert, « Règles et usages de la profession d’avocat du barreau de Bruxelles », éd. du Jeune Barreau de Bruxelles, 1980, p. 14, in L. OGER, « Nouvelles technologies et déontologie : quels enjeux?», Le pli juridique n°40, 06/2017, p.26, traduit par Ibtissam ECH-CHEFAA, consulté sur https://universites.avocats.be/sites/default/files/réseaux%20sociaux%20et%20déontologie%20-%20Julien%20VERMEIREN.pdf le 06/06/2020.

[4] https://sites.google.com/site/socialnetworksand/the-concept-of-social-networking-and-its-importance-networks اضطلع عليه يوم 06/06/2020 على الساعة 19:00

[5]  معاوية زعرور ” ما هي وسائل التواصل الاجتماعي” منشور على موقع https://www.arageek.com/l/ما-هي-وسائل-التواصلالاجتماعي#:~:text=يقصد%20بوسائل%20التواصل%20الاجتماعي%20بأنها,محادثاتٍ%20أو%20المكالمات%20الصوتية%20والمرئية. اضطلع عليه يوم 06/06/2020 على الساعة 19:30

[6] What Is Facebook? من موقع : www.lifewire.com،اضطلع  يوم 06/06/2020 على الساعة 19:39

https://mawdoo3.com/%D8%A8%D8%AD%D8%AB_%D8%B9%D9%86_%D9%85%D9%88%D8%[7]A7%D9%82%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A اضطلع  يوم 06/06/2020 على الساعة 19:39

[8]  https://www.arageek.com/l/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A#article-footnote-5281-3 اضطلع عليه يوم   06/06/2020 على الساعة 20:13

[9] إبراهيم العبيدي” سلبيات وإيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي” منشور في الموقع    سلبيات_وإيجابيات_مواقع_التواصل_الاجتماعي/https://mawdoo3.com اضطلع عليه بتاريخ 08/06/2020 على الساعة 22:04

[10] رهام أبو وردة ” وسائل الإعلام و الاتصال” اضطلع عليه على موقع https://mawdoo3.com/%D8%A8%D8%AD%D8%AB_%D8%AD%D9%88%D9%84_%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84 في 08/06/2020 على الساعة 23:31

[11]  إبراهيم العبيدي، نفس المرجع

https://web.facebook.com/279617118734107/posts/932716560090823/?_rdc=1&_rdr [12] اضطلع عليه يوم 10/06/2020 على الساعة 15:00

[13] يوسف وهابي “فن المرافعة المغربية’، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة، السنة 1897/2003، ص 8.

 مجلة الدفاع الصادرة عن هيئة المحامين بسطات، مطبعة النجاح الجديدة، العدد15-2020، ص 5[14]

[15]محمد شوكت التوني، المحاماة فن رفيع، المطبعة العالمية 16-17 شارع ضريح سعد القاهرة، سنة 1958،ص 56

[16] https://www.lemondedudroit.fr/decryptages/1929-les-avocats-et-les-reseaux-sociaux-attraits-et-  dangers.html  اضطلع عليه يوم 10/06/2020 على الساعة 17:31

[17]  فاطمة الزهراء الفضلي “فض المنازعات على الخط- التقاضي الالكتروني نموذجا” ، مجلة الدفاع ، مطبعة النجاح الجديدة، العدد15-2020، ص 176.

 اضطلع عليه يوم 10/06/2020 على الساعة 18:16 https://alkanounia.info/?p=9435#_ftnref7  [18]

[19] تنص المادة 61 على ما يلي: “يعاقب تأديبيا: المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية أو التنظيمية
وقواعد المهنة وأعرافها أو إخلال بالمروءة والشرف ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني”

[20] ظهير شريف رقم 1.08.101 صادر في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008) بتنفيذ القانون رقم28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة.

[21]. http://www.bladionlinecom/السر-المهني-للمحامي-بين-القانون-الجنا//2012/06/12 اضطلع عليه يوم 10/06/2020 على الساعة 20:04

[22] تنص المادة 446 على: ” الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة، وكذلك الصيادلة والمولدات وآل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.”

[23] تنص المادة 36 على: ” لا يجوز للمحامي أن يفشي أي شيء يمس بالسر المهني في أي قضية.

يتعين عليه، بصفة خاصة، أن يحترم سرية التحقيق في القضايا الزجرية، وأن لا يبلغ أي معلومات مستخرجة من الملفات، أو ينشر أي مستندات أو وثائق أو مراسلات، لها علاقة ببحث مازال جاريا.”

[24] زكرياء لعروسي ” السر المهني للمحامي بين القانون الجنائي و القانون المنظم للمهنة” منشور على موقع المجلة الالكترونية بلادي أونلاين http://www.bladionline.com/2012/06/12/السر-المهني-للمحامي-بين-القانون-الجنا/ اضطلع عليه يوم 10/06/2020 على الساعة 22:40

[25] تنص المادة 35 على:” لا يجوز للمحامي أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص، واستمالتهم، ولا أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته.”

[26]  https://www.hespress.com/societe/446778.html اضطلع عليه يوم 10/06/2020 على الساعة 23:52

[27] تنص المادة 100 على: ” يعاقب كل شخص قام بسمسرة الزبناء أو جلبهم ، بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات ، وبغرامة من عشرين ألفا إلى أربعين ألف درهم.

يعاقب المحامي الذي ثبت عليه القيام بنفس الفعل، بصفته فاعلا أصليا أو مشاركا، بالعقوبة نفسها ما لم تكن الأفعال معاقبا عليها بعقوبة أشد.”

 

بقلم: الأستاذة ابتسام الشفاع

قد يعجبك ايضا