كلمة رئيس النيابة العامة بمناسبة تقديم الدليل العملي للبحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب

كلمة السيد الوكيل العام للملك
رئيس النيابة العامة
بمناسبة تقديم الدليل العملي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب
الرباط 30 دجنبر 2022

السيد رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية؛
السيد ممثل السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
السيد ممثل وزير العدل
السيد ممثل والي بنك المغرب؛
السادة رؤساء الأقطاب والشعب والوحدات برئاسة النيابة العامة
السادة المسؤولون القضائيون والقضاة؛
السادة ضباط الشرطة القضائية.
الحضور الكريم كل باسمه وصفته؛

حضرات السيدات والسادة،
يلتئم اليوم جمعنا هذا بعد مرور سنة ونصف على صدور القانون رقم 18-12 الذي عزز المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فضلا عن مرور أربع سنوات على التقييم الذي خضعت له بلادنا في هذا المجال من طرف خبراء مجموعة العمل المالي لشمال افريقيا والشرق الأوسط، وما تمخض عن ذلك من توصيات تم تنزيلها على أرض الواقع من خلال خطة العمل التي نجحت بلادنا في تنفيذ جميع محاورها.
وبذلك فالمناسبة سانحة لتقديم الحصيلة واستخلاص الدروس واستشراف المستقبل من أجل تثمين المكتسبات والممارسات الجيدة والتصدي لنقط الضعف وإيجاد حلول مناسبة لها، حتى تظل المنظومة الوطنية لبلادنا في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب منظومة فعالة وقادرة على الوقاية من جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكشفها وردع مرتكبيها.
ويأتي تقديم الدليل العملي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب في هذا السياق الذي يتسم بتعبئة وطنية تنخرط فيها جميع الهيئات والقطاعات من أجل خروج بلادنا من اللوائح السلبية لمجموعة العمل المالي.
إذ بالإضافة إلى الجهود المبذولة على مستوى الوقاية، فإن رئاسة النيابة العامة وباقي أجهزة إنفاذ القانون عملت على تنفيذ مجموعة من المشاريع للرفع من فعالية وجودة الأبحاث القضائية وتعقب متحصلات الجريمة وحجزها ومصادرتها فضلا عن تفعيل الأبحاث المالية الموازية وآليات التعاون الدولي والتعاون والتنسيق مع جميع الجهات المعنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للمعلومات المالية.

حضرات السيدات والسادة،
لقد بادرت هذه الرئاسة إلى إبرام مجموعة من اتفاقيات التعاون والشراكة ولا سيما مع الهيئة المغربية لسوق الرساميل والمجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، حيث ساهم التعاون مع الهيئة في الشق الخاص بطلب المعلومات بمناسبة الأبحاث المتعلقة بالجرائم الأصلية وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في تمكين النيابات العامة من الإستفادة من خدمة GOmail التي تتوفر عليها الهيأة والتي تسمح بالتبادل الفوري والآمن للمعلومات المالية، ولهذه الغاية قامت رئاسة النيابة العامة بتعيين قضاة للنيابة العامة على صعيد جميع المحاكم بالمملكة وذلك بهدف تبادل المعلومات والوثائق اللازمة خلال وقت وجيز وبشكل آمن، مما سيمكن من استثمار هذه المعطيات والمعلومات والاعتماد عليها في الأبحاث القضائية المفتوحة في مواجهة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم غسل الاموال وتمويل الإرهاب. كما أن التعاون مع بنك المغرب مكن من إحداث آلية لدعم الأبحاث المالية الموازية والحصول على المعلومات المالية في وقت وجيز، وهو ما انعكس على مؤشرات أداء النيابات العامة والشرطة القضائية التي كانت موضوع الدوريتين الصادرتين عن رئاسة النيابة العامة بتاريخ 19 نونبر 2019 وتاريخ 30 أبريل 2021، حيث ارتفع عدد القضايا من 55 قضية سنة 2018 تاريخ خضوع بلادنا للتقييم من طرف مجموعة العمل المالي لشمال افريقيا والشرق الأوسط إلى 850 قضية سنة 2022، كما ارتفع عدد الأبحاث المالية الموازية وما تمخض عنها من زيادة في قيمة الأموال المحجوزة التي بلغت عشرة ملايير وتسعمائة وواحد وتسعين مليونا وتسع مائة واثنين ألف وخمسين درهما ( 10971902050.44 درهما) سنة 2022 والأموال المصادرة التي بلغت خلال نفس السنة ثمانية عشر مليونا وخمسمائة وواحد وأربعين ألف وخمسمائة وتسعة وتسعين درهما (18541569 درهم)، وذلك فضلا عن صدور عدد مهم من أحكام الإدانة في جرائم غسل الأموال، إذ بعد أن كان مجموع الأحكام الصادرة خلال الفترة ما بين 2008 و2018 تاريخ خضوع بلادنا لعملية التقييم لا يتجاوز 10 أحكام، فإن أحكام الإدانة بلغت سنة 2022 ما مجموعه 138 حكما.
حضرات السيدات والسادة،
إن المحافظة على هذه المؤشرات الإيجابية وضمان استمرارية فعالية المنظومة القانونية الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تتطلب منا جميعا وضع خطط عمل مستقبلية قائمة على مؤشرات للقياس واعتماد آليات وأساليب غير تقليدية للرفع من الأداء اليومي وضمان الاستمرارية في المستقبل.
ويأتي الدليل العملي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب في إطار هذه الرؤية القائمة على تثمين النجاحات وضمان استمرارية المؤشرات الإيجابية في المستقبل، باعتباره وثيقة تضم مجموعة من الممارسات الجيدة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورسم مسار للبحث والتحقيق يستحضر المعايير الدولية وعلى رأسها معايير مجموعة العمل المالي. ليكون بذلك هذا الدليل مرجعا استرشاديا يؤطر عمل النيابات العامة والشرطة القضائية ووثيقة تتضمن المبادئ الأولية والأساسية لكل مبتدئ في هذا المجال من قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية. خاصة وأن إنجاز هذا الدليل تم في إطار مقاربة تشاركية حيث ساهمت فيه جميع الجهات المعنية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب من رئاسة النيابة العامة وقطبي المديرية العامة للأمن الوطني وإدارة مراقبة التراب الوطني، والدرك الملكي.
وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم بجزيل الشكر والامتنان إلى الفريق الذي أنجز هذا العمل من قضاة وأطر رئاسة النيابة العامة وأطر قطبي المديرية العامة للأمن الوطني وإدارة مراقبة التراب الوطني، وقيادة الدرك الملكي.
كما أتقدم بالشكر الجزيل والامتنان إلى السيد رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية وممثلي جميع الهيئات والمؤسسات على تشريفهم لنا بالحضور في هذا اللقاء وعلى ما تقدمه مؤسساتهم من دعم وعون للنيابة العامة.
وفي ختام هذه الكلمة أتمنى لأشغال الاجتماع التنسيقي الذي سيعقب هذه الجلسة التوفيق والنجاح وأن تتمخض عنه نتائج إيجابية سواء فيما يتعلق بالتنسيق لمواصلة الجهود للمضي قدما لتعزيز وتجويد آليات التصدي إلى كل الاختلالات التي تشكل عائقا في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبالتالي ضمان استمرارية وفعالية المنظومة القانونية الوطنية في هذا المجال، وأيضا الإحاطة بتقييم حصيلة عمل النيابة العامة والشرطة القضائية وإيجاد حلول للصعوبات والإشكالات العملية.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير وطننا حتى نكون في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتق كل مؤسساتنا في الذود عن مصالحه وتطوير آليات الحفاظ على ذلك، مسترشدين في ذلك بتوجيهات جلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وشد أزره بصنوه الرشيد صاحب السمو الملكي مولاي رشيد، إنه سميع الدعاء وبالإجابة جدير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد يعجبك ايضا