المنطقة المغاربية بين مساعي انعقاد الاجتماع الوزاري الأول للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية وأهمية تعيين المبعوث الأممي الجديد في ليبيا

الدكتور محمد البغدادي

المقدمة:

تعيش المنطقة المغاربية مجموعة من الأزمات والحروب والصراعات في ظل تفاقم الأوضاع والأحداث الجيو استراتيجية والجيو السياسية لقضية الوحدة الترابية للمملكة وحجم التطورات الميدانية المتسارعة بالنسبة العلاقات البينية بين بلدان دول المغرب العربي ودول القارة الإفريقية من خلال انعقاد أعمال الدورة ال 11 لرؤساء البرلمانات الأفريقية بمقر البرلمان الإفريقي بجنوب إفريقيا بتاريخ 30 و31 غشت 2022 بعنوان ” تعزيز المرونة في مجال التغذية في القارة الأفريقية: تسريع رأس المال البشري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية”، حيث تم انتخاب مجلس النواب المغربي لعضوية اللجنة التنفيذية لجمعية الأمناء العامين للبرلمانات الإفريقية في شخص السيد نجيب الخدي، الكاتب العام للمجلس والذي سيتولى منصب النائب الأول لرئيس الجمعية، وتزامنا مع إعلان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بتاريخ 31 غشت 2022 حول انعقاد الاجتماع الوزاري الأول للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية، وتعيين المبعوث الأممي الجديد في ليبيا السنغالي عبد الله باتيلي بتاريخ 3 شتنبر 2022.[1]

ويقصد بالمنطقة المغاربية على أنها منطقة جيو سياسية تندرج ضمن القارة الإفريقية والتي تعج بالملفات العالقة والشائكة سواء تعلق الأمر بالنزاع الإقليمي المفتعل بين المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو الانفصالية أو الوضع المتردي في ليبيا.[2] واعتبارا لأهمية ومكانة المنطقة المغاربية في الدور الذي يلعبه المغرب في تحقيق الاستقرار والأمن والسلم وضمان التنمية المستدامة والمندمجة لبلدان القارة الإفريقية، فإن الإشكالية المركزية تتمثل فيمايلي: كيف يمكن أن تساهم المنطقة المغاربية في الموازنة بين الاجتماع الوزاري الأول للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية وإصلاح الوضع الليبي من خلال تعيين المبعوث الأممي الجديد؟.

وتحت هاته الإشكالية المحورية تتفرع عنها التساؤلات التالية: ماهي  المساعي التي كانت وراء انعقاد الاجتماع الوزاري للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية؟ وما هي أهمية تعيين المبعوث الأممي الجديد في ليبيا؟.

ولتسليط الضوء أكثر حول هذا الموضوع، ارتأينا اعتماد التقسيم التالي:

المبحث الأول: مساعي انعقاد الاجتماع الوزاري الأول للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية

المبحث الثاني: أهمية تعيين المبعوث الأممي الجديد في ليبيا

 

المبحث الأول: مساعي انعقاد الاجتماع الوزاري الأول للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية

لقد شغل الاجتماع الوزاري الأول للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية باهتمام بالغ من طرف المهتمين والمختصين في ميدان نظام العلاقات الدولية، وذلك بالتزامن مع خطاب الذكرى ال69 لثورة الملك والشعب لسنة 2022 الذي بين بشكل واضح وصريح أن قضية الوحدة الترابية للملكة هي المحدد والمقياس والمنظار لمختلف الروابط والعلاقات والشراكات مع حلفاء المغرب التقليديين أو الجدد.

وتبعا لذلك، سوف نعالج المساعي السياسية انعقاد الاجتماع الوزاري للدول المفتتحة للقنصليات  بالأقاليم الجنوبية في المطلب الأول والمساعي الاستراتيجية والسيادية لانعقاد الاجتماع الوزاري للدول  المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية في المطلب الثاني.

المطلب الأول: المساعي السياسية لانعقاد الاجتماع الوزاري للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية

من الواضح جدا أن المملكة المغربية تسير بخطوات ثابتة وحازمة خلال إعلان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن انعقاد الاجتماع الوزاري للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية بتاريخ 31 غشت 2022، وهذا ما ينسجم مع ثوابت وتحولات السياسة الخارجية المغربية التي تنهج دبلوماسية متعددة الأطراف في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس، حيث يؤكد ويشدد على مواصلة وتحصين المكتسبات الجيو السياسية والتراكمات الإيجابية والمنجزات التي تبعث عن الافتخار والاعتزاز والمجد بما حققته المملكة المغربية من انتصارات واختراقات ونجاحات دبلوماسية وسياسية وتنموية وميدانية.[3]

المطلب الثاني: المساعي الاستراتيجية والسيادية لانعقاد الاجتماع الوزاري للدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية

تزامنا مع بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمؤرخ في 31 غشت 2022، فإن المملكة المغربية مقبلة على مسارات وتحديات وتطلعات حاسمة ومفصلية بشأن طي ملف الوحدة الترابية للمملكة من خلال استحضار البعد الاستراتيجي والسيادي مع مختلف الصداقات والشراكات والاتفاقيات مع الدول المفتتحة للقنصليات بالأقاليم الجنوبية، فلايمكن الحديث عن شراكة حقيقية بدون الاعتراف السيادي للدول بمغربية الصحراء الذي هو معيار يقيس به المغرب شركائه.[4]

المبحث الثاني: أهمية تعيين المبعوث الأممي الجديد في ليبيا

لقد جاء تنصيب وتعيين الأمين العام للأمم المتحدة السنغالي عبد الله باتيلي ممثلا خاصا له ورئيسا لبعثة الدعم للأمم المتحدة بدولة ليبيا من أجل الانكباب بشكل جدي وحازم على الأوضاع المتردية والصعبة ومحاولة الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمل على توصل الأطراف الليبية للتوافقات الضـرورية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وضمان الاستقرار والأمن والسلم والتنمية المستدامة والمندمجة داخل المنطقة المغاربية.

وعليه، سوف نتطرق إلى الأهمية السيادية والسياسية والديمقراطية في المطلب الأول و الأهمية التنموية والأمنية في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول: الأهمية السيادية والسياسية والديمقراطية

أكد بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمؤرخ في 4 شتنبر 2022 على أن الأهمية السيادية والسياسية والديمقراطية من ترحيب المملكة المغربية بتعيين معالي السيد أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة للسيد عبد الله باتيلي ممثلا خاصا له ورئيسا لبعثة الدعم للأمم المتحدة بدولة ليبيا،كما تعرب المملكة المغربية عن دعمها الكامل للمبعوث الأممي الجديد، وتؤكد على استعدادها التام للتعاون معه من أجل المساهمة الفعالة في الجهود المبذولة لتوصل الأطراف الليبية للتوافقات الضـرورية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية كسبيل وحيد لتخطي الوضع الحالي، هذا فضلا عن أن المملكة المغربية احتضنت التوقيع على الاتفاق السياسي للصخيرات بتاريخ 17 ديسمبر 2015 واستضافت حوارات بوزنيقة بين الأطراف في ليبيا، ستواصل انخراطها في الجهود الدولية لإحلال الأمن والاستقرار في هذا البلد المغاربي الشقيق.[5]

 

المطلب الثاني: الأهمية التنموية والأمنية

معلوم أن السياسة التنموية والأمنية بليبيا تعاني من غياب سياسة شاملة ومتكاملة ومندمجة ، حيث لها ثلاثة أبعاد أساسية، فمنها ما يتعلق بالبعد الاستباقي من خلال تركيزها على التشخيص وتحديد المخاطر وتفكيك الخلايا الإجرامية، ومنها ما هو يرتبط بالبعد الديني من خلال محاربة الأفكار المتطرفة والمتشددة عبر المنهج الإسلامي المعتدل، هذا فضلا عن البعد الحقوقي من خلال ضمان سلامة السكان والتراب الوطني في إطار احترام الأجهزة الأمنية الحقوق والحريات الأساسية التي هي أساس التعاقد الوطني وشرعية كافة المؤسسات الدستورية وغير الدستورية، لاسيما وأن ليبيا تعج بالجماعات المسلحة والحركات الانفصالية.[6]

 

الخاتمة:

وترتيبا على ما سبق، يتضح أن المنطقة المغاربية تواجه تحديات وإشكالات كبرى تتعلق أساسا في غياب التشاور السياسي والتعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني والعسكري والدفاعي، لاسيما وأن منطقة شمال غرب إفريقيا تكثر بالتنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة والحركات الانفصالية.

 

لائحة المراجع:

  • الوثائق الرسمية
  • بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمؤرخ في 4 شتنبر 2022.
  • بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمؤرخ في 31 غشت 2022.
  • البرامج التلفزيونية
  • مداخلة الحسين كنون، قرب انعقاد اجتماع وزاري للدول التي فتحت قنصليات بالصحراء، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 1 شتنبر 2022.
  • مداخلة إسماعيل الحمراوي، دلالات الاجتماع المرتقب للدول التي فتحت قنصليات بالأقاليم الجنوبية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 1 شتنبر 2022.
  • مداخلة بدر الزاهر الأزرق، المغرب يرحب بتعيين عبد الله باتيلي مبعوثا أمميا جديدا لدولة ليبيا، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.
  • مداخلة نور الدين بلحداد، المغرب قدم على الدوام خبراته لتعزيز الشراكة جنوب جنوب، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 2 شتنبر 2022.
  • مداخلة عبد الحفيظ ولعلو، هل تكون مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.
  • مداخلة عبد الفتاح نعوم، قراءة عبد الفتاح نعوم في تعيين “عبد الله باتيلي” مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا, تحديات وحظوظ نجاحه، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.
  • مداخلة عبد الرحيم منار اسليمي، قراءة في تعيين السنغالي عبد الله باتيلي ممثلا للأمين العام الأممي في ليبيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي ، يوم 4 شتنبر 2022 .
  • مداخلة خالد فتحي، المغرب المساهم الأول في تنمية القارة الإفريقية، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.
  • مداخلة غازي معلا، قراءة في المشهد الليبي والانتقال الديمقراطي السياسي برمته، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي ، يوم 4 شتنبر 2022.

 

لائحة الإحالات:

[1] مداخلة عبد الحفيظ ولعلو، هل تكون مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.

[2]مداخلة نور الدين بلحداد، المغرب قدم على الدوام خبراته لتعزيز الشراكة جنوب جنوب، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 2 شتنبر 2022. وللمزيد من التوضيح أنظر مداخلة خالد فتحي، المغرب المساهم الأول في تنمية القارة الإفريقية، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.

[3] مداخلة الحسين كنون، قرب انعقاد اجتماع وزاري للدول التي فتحت قنصليات بالصحراء، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 1 شتنبر 2022.

[4]مداخلة إسماعيل الحمراوي، دلالات الاجتماع المرتقب للدول التي فتحت قنصليات بالأقاليم الجنوبية، مشاركة في برنامج قناة ميدي1 تيفي، يوم 1 شتنبر 2022.

[5]مداخلة عبد الرحيم منار اسليمي، قراءة في تعيين السنغالي عبد الله باتيلي ممثلا للأمين العام الأممي في ليبيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي ، يوم 4 شتنبر 2022 . وللمزيد من التوضيح راجع مداخلة عبد الحفيظ ولعلو، هل تكون مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022. ومداخلة غازي معلا، قراءة في المشهد الليبي والانتقال الديمقراطي السياسي برمته، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي ، يوم 4 شتنبر 2022.

[6]مداخلة عبد الفتاح نعوم، قراءة عبد الفتاح نعوم في تعيين “عبد الله باتيلي” مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا, تحديات وحظوظ نجاحه، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022. وللمزيد من التوضيح أنظر مداخلة بدر الزاهر الأزرق، المغرب يرحب بتعيين عبد الله باتيلي مبعوثا أمميا جديدا لدولة ليبيا، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 5 شتنبر 2022.

قد يعجبك ايضا