مسطرة الخلاصة الاصلاحية في ظل القانون 14.07 من ظهير التحفيظ العقاري

سعيد وامدين

تقديم:

يعتبر التحفيظ العقاري مجموعة من الإجراءات والعمليات التي ينبغي إتباعها لجعل العقار خاضعا لنظام التحفيظ العقاري وهذه الإجراءات ترمي في النهاية إلى تأسيس رسم للملكية مسجل بسجل عقاري اذ يتميز مجموعة من الاجراءات من اجل حفظ الحق لصاحبه والاغلبية في وقتنا هذا لا علم له ببعض الاجراءات التي يجب اتباعها كي لا يضيع حقه عبثا فالمشرع قد أباح لطالب التحفيظ العقاري خلال فترة سريان مسطرة التحفيظ العقاري التصرف في ملكه بكل التصرفات القانونية الممكنة وفي مقابل ذلك منح كل شخص اكتسب حقا من الحقوق على هذا العقار إمكانبة طلب نشره في الجريدة الرسمية وفق الفصل 83 من قانون التحفيظ العقاري – مسطر الخلاصة الاصلاحية – أو إيداع الوثائق التي تثبت ذلك.

هل استطاع المشرع فعلا وضع آليات استيعاب جميع التصرفات والحقوق التي تطرأ على عقار في طور التحفيظ دونما تأثيرات سلبية من جانب مسطرة التحفيظ واجالها الصارمة ؟

وماهي الاحكام المنظمة لهذه المسطرة وما اشكالاتها العملية ؟

لتناول جزء من هذا الموضوع سأقسمه على مبحثين

المبحث الاول: الإطار القانوني لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

المطلب الأول: الأساس القانوني لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

يعتبر الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري الأساس القانوني لتطبيق مسطرة الخلاصة الاصلاحية والتي عرفت تغيرا جدريا بعد صدور القانون 07.14 حيث يسوغ لكل من شأنه حق عيني أو طالب التحفيظ عند تغيير حقه الأصلي أو لمن أعترف له طالب التحفيظ بحق عيني أثناء مسطرة التحفيظ ان يطلب نشره بالجريدة الرسمية ويحل محل طالب التحفيظ في مواصلة إجراءات التحفيظ.

الفقرة الأولى: مفهوم مسطرة الخلاصة الاصلاحية وتمييزها عن الانظمة المشابهة لها

تعتبر مسطرة الخلاصة الاصلاحية كما يعبر عنها بعض الفقهاء ومسطرة النشر طبقا للفصل 83 من أهم الآليات القانونية التي أحدثها قانون التحفيظ العقاري من أجل حماية صاحب الحق المنشأ أو المعدل أو المغير المقر به أثناء مسطرة التحفيظ وتمكن من انتقل إليه الحق المرتبط بوعاء مطلب من التذخل خلال مسطرة التحفيظ ومواصلتها باسمه واستبداله باسم طالب التحفيظ في حدود الحق المنشأ أو المقر به إلى أن مسطرة الخلاصة الاصلاحية هي كذلك مجموعة من اجراءات التي يقوم بها ذوي الحقوق التي يكون موضوعها تغيير أو إقرار أو انشاء على عقار يوجد في طور التحفيظ وذلك من خلال طلب نشرها بالجريدة الرسمية بعد إيداع الوثائق المؤيدة لها على أن يتم تقييدها بالرسم العقاري بعد ثبوت صحتها ..

وسنميز بين الخلاصة الاصلاحية ومسطرة الإيداع

مسطرة الخلاصة الاصلاحية تعتبر آلية لحماية الحقوق المكتسبة أثناء سريان مسطرة التحفيظ وهي تبقى شبيهة مسطرة الايداع التي تعتبر هي أيضآ آلية اخرى لحماية الحقوق خلال مسطرة التحفيظ فان مسطرة الخلاصة الاصلاحية ومسطرة الإيداع تطبق نفس الحقوق المنصوص عليها في الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري.ان المستفيد الذي يختار سلوك مسطرة الخلاصة الاصلاحية يحل محل طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف له به ..وذلك من خلال نشر الخلاصة الاصلاحية بالجريدة الرسمية طبقا لمقتضيات الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري.أما اذا اختار سلوك مسطرة الايداع فانه يقوم بإيداع ما اكتسبه من حقوق لدى المحافظة العقارية بهدف حفظ الرتبة وعندها يتم تقييده في الرسم العقاري في نفس الوقت مع انشاؤه أو تأسيسه .

  • تمييز بين مسطرة الخلاصة الاصلاحية ومسطرة التعرض

إن مسطرة الخلاصة الاصلاحية تقنية قانونية يمكن بواسطتها لمكتسب حق قابل للإشهار أثناء مسطرة التحفيظ أن يشهره بالجريدة الرسمية وعبر التعليق المخلص لها بالجهات المنصوص عليها في الفصل 18 من قانون التحفيظ العقاري..؛فإن مسطرة الخلاصة الاصلاحية تقوم على أساس إصلاح التحفيظ عن طريق إعادة النشر بالجريدة الرسمية وتمتاز الخلاصة الاصلاحية بكونها تمنح صفة المدعى عليه للمستفيد منها أمام محكمة التحفيظ في مواجهة المتعرض .؛أما التعرض فيعتبر آلية الحماية القانونية التي تمكن المتعرض من المنازعة في مطلب التحفيظ بهدف ايقاف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ العقاري وعدم الاستمرار فيها الى ان يتم وضع حد للنزاع عن طريق المحكمة برفع التعرض او القول بصحته جزءا او كلا .

الفقرة الثانية: نطاق الحقوق الخاضعة لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

1: الحقوق العينية العقارية

إن الحقوق العينية العقارية القابلة للاشهار أثناء سريان مسطرة التحفيظ هي ذاتها الحقوق العينية التقييد بالرسم العقاري والمنصوص عليها في مدونة الحقوق العٌينية بمقتضى المادتين 9 و 10 وقد تكون هذه الحقوق أصلية او تبعية ؛بالرجوع الى الفصل 65 المدكور نجده يحدد التصرفات الخاضعة للاشهار في جميع الوقائع والاتفاقيات الناشئة بين الأحياء وكذا جميع المحاضر والاوامر المتعلقة بالحجز العقاري والأحكام التي أكتسبت قوة الشيء المفضي به متى كان موضوعها تأسيس حق عيني أو نقله الى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه .

2: الحقوق الشخصية العقارية

عرض المشرع المغربي في الفصل 65 من التحفيظ العقاري إلى نوعين من الحقوق الواجبة التقييد في السجل العقاري حقوق عينية وحقوق شخصية التي حدد في الاكرية والإجراءات والحوالات .

وهذا ما ينص عليه الفصل 65 يجب أن تستمر بواسطة تقييد في الرسم العقاري بجميع الوقائع والتصرفات والاتفاقيات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض وجميع المحاضر والاوامر المتعلقة بالحجز العقاري وجميع الاحكام التي أكتسبت قوة الشيء المقصي به متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله الى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق تلاث سنوات وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد على السنة مستحقة الاداء او الابراء منه .

المطلب الثاني: دور المحافظ العقاري بخصوص تنزيل مقتضيات الفصل 83

من بين أهم عيوب العقارات في طور التحفيظ ومساهمتها في التنمية والغموض الذي لف وضعيتها القانونية مما ينعكس سلبا على ثقة المتعاملين فيها ؛لذلك يتخد المحافظ العقاري عدة قرارات بشان مطلب التحفيظ نظرا للدور المنوط به في مراقبة شرعيتها والسهر على إشهارها حتى لا تضيع حقوق الاغيار.

الفقرة الأولى: قرار رفض أو الغاء مطلب التحفيظ من طرف المحافظ العقاري

تبتدئ مسطرة التحفيظ العقاري بإيداع مطلب التحفيظ موضوع التحفيظ يتضمن مجموعة من البيانات والإجراءات المنصوص عليها القانون مع ارفاقه بجميع الوثائق اللازمة وتنتهي مرحلة التحفيظ بتأسيس رسم عقاري نهائي الذي يظهر العقار من جميع الحقوق والتحملات والتصرفات المترتبة عليه .

إن مفهوم الالغاء يقصد به التشطيب على مطلب التحفيظ مع ما ينطوي عن ذلك من محو جميع آثاره المادية والقانونية كجزاء عن عدم قيام طالب التحفيظ بالتزاماته إما الرفض فمعناه عدم اضفاء بالشرعية القانونية على المطلوب تحفيظه عن طريق تحويل المطلب الى رسم عقاري؛والإلمام بجميع الأحكام المتعلقة بالرفض او الغاء مطالب التحفيظ:

من بين أسباب رفض وإلغاء مطلب التحفيظ:

اجاز المشرع للمحافظ العقاري رفض وإلغاء مطلب التحفيظ متى توفرت الاسباب المبررة لذلك حيث عرض لأسباب الالغاء على سبيل المثال في الفصول 23 و5ح من ظهير التحفيظ العقاري ؛تغيب طالب التحفيظ عن حضور عملية التحديد أو عدم قيامه بما يلزم لإجرائها دون ادلائه بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار أو تعذر إنجاز التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك بحيث يصدر القرار بإلغاء مطلب التحفيظ فور تحقق الواقعة دون توجيه أي انذار وكذلك بسبب تراخي طالب التحفيظ عن متابعة المسطرة حيث يقوم المحافظ بإنذاره بواسطة البريد المضمون أو عون من المحافظة العقارية فاذا لم يستجب داخل ثلاثة أشهر من يوم التبليغ يبادر الى إلغائه.

الفقرة الثانية: آثار رفض أو الغاء اتجاه الحقوق المكتسبة خلال التحفيظ

تقديم مطلب التحفيظ يعتبر مجرد قرينة على حق التملك قد ترتقي الى حجة قاطعة على الملكية بمقتضى رسم عقاري يتاسس باسم طالب التحفيظ بعد قيام هذا الاخير بمجموعة من الاجراءات القانونية وهذه الملكية تكون بصفة نهائية وغير قابلة للطعن القضائي بعد التحفيظ .

المبحث الثاني: الاثار المترتبة على مسطرة الخلاصة الاصلاحية

يترتب على مطلب التحفيظ العديد من التصرفات التي ترد عليه بمجرد ايداعه وهذه التصرفات القانونية من شأنها أن تخضع لمجموعة من القواعد الموضوعية الشكلية المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ومن بين هذه التصرفات التي ترتب على مطلب التحفيظ أثناء سريان التحفيظ ندكر البيع أو الهبة كما يمكن أن يكون هذا العقار محل رهن رسمي وغير من التصرفات القانونية.

المطلب الأول: أثر تطبيق مسطرة الخلاصة الاصلاحية

بإستقراء مقتضيات الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري يتضح بأن المشرع قد وضع مجموعة من الاجراءات التي يخضع لها العقار في طور التحفيظ في حالة نشوء حق عليه خلال مسطرة التحفيظ ومن بين هذه الاجراءات اختيار اشهار التصرفات الواردة على العقار في طور التحفيظ عن طريق نشر الخلاصة بالجريدة الرسمية بعد التأكد من أنها لا تخالف مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري.

الفقرة الأولى: الأثر الايجابي لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

ان مسطرة الخلاصة الاصلاحية من خلال تطبيقها تتميز بمجموعة من المزايا من بينها أنه بمجرد صدور رسم عقاري نهائي بإسم المستفيد يكتسب حجية قاطعة وتابثة اتجاه الكافة وتمنحه صفة المدعى عليه التي تمكن من الدفاع عن حقوقه وكذلك التصالح بشأنها.

فالخلاصة الاصلاحية لها عدة أدوار ومن بينها أن المشرع المغربي قد جعل منها وسيلة قانونية أساسية لإشهار الحقوق التي ترد على العقار في طور التحفيظ هذا وان دل على شيء فإنما يدل على المكانة التي اعطاها لهذه التفويتات وبالأسس القانونية التي تضبطها وذلك من اجل توفير ضمانات كافية لإستقرار المعاملات في الملك في التحفيظ العقاري بصفة خاصة وكذلك ازدهار عمليات التأمين لتمويل الانعاش بصفة عامة.

يتبين ان مسطرة الخلاصة الاصلاحية هي وسيلة مسطرية لحماية الحقوق المكتسبة أثناء مسطرة التحفيظ من خلال عملية نشر واسعة عبر الوسائل التي اقرها المشرع المغربي في ظهير التحفيظ العقاري غير انها ابانت على عدة سلبيات والتي من شأنها ان تعرقل الملكية العقارية وهذا ما نود الاشارة آلية في التالي.

الفقرة الثانية: الأثر السلبي لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

بالرغم من الإيجابيات التي تتميز بها إلا ان لها بعض السلبيات وتتمثل في غياب سجل خاص تقيد به على خلاف مسطرة الايداع الذي تقيد في سجل التعرضات الشيء الذي يجعلها ممهدة بالضياع خاصة أن ملف التحفيظ يظل فترة طويلة بالمحكمة قبل احالته على المحافظ العقاري.كما ساهمت مسطرة النشر في عرقلة التحفيظ لما ينطوي عليه آجال جديدة للتعرض ؛كما تتجلى كذلك بعض عيوب هذه المسطرة عندما يتم عرض ملف التحفيظ على القضاء في حالة المنازعات عليه وبالتالي سوف يكون في حالة المدعي عليه امام القضاء مع ذلك لا يستفيد من خدمات طالب التحفيظ اذا كان هذا الاجير يملك حجج قوية في مواجهة المتعرضين .

يتبين ان الخلاصة الاصلاحية لها إيجابيات وسلبيات عندما يسلكها المستفيد من احد الحقوق المكتسبة من اجل الدفاع عن حقوقهم والتمسك بها سواء كانت منشأة او معدلة.

المطلب الثاني: الاشكالات العملية والقانونية لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

بالرغم ان الخلاصة الاصلاحية تحظى بالعديد من المزايا وبالرغم من المستجدات التي جاء بها المشرع المغربي بمقتضى القانون رقم 14.07المغير والمتمم بظهير التحفيظ العقاري بشان هذه المسطرة والتي انعكست إيجاباً على اصحاب الحقوق المكتسبة رغم فهذه المسطرة تنطوي على مجموعة من الاشكالات العلمية والقانونية.

الفقرة الأولى: الاشكالات العملية لمسطرة الخلاصة الاصلاحية

إن حالات سلوك مسطرة الخلاصة الاصلاحية حددها المشرع المغربي ضمن الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري والتي تتمثل في تأسيس حق عيني على عقار أو تغييره أو من اجل اصلاح احد البيانات او الاعلان عن كل تغيير مادي او قانوني الحق في قيد التحفيظ او من اجل الاقرار بهذا الحق ؛إلا انه ينبغي الإشارة ان هذا الاقرار يطرح بعض الاشكالات العلمية المرتبطة بصدوره بتزامن مع إحالة ملف التحفيظ المحكمة من اجل البث في التعرضات حيت يستعصي لمن صدر لمن صدر لفائدته اشهار حقه بواسطة الخلاصة الاصلاحية والملف لا زال معروضا على انظار المحكمة لذا تبقى مسطرة الايداع السبيل الوحيد لضمان حقوقه فإن اقرار طالب  واعتراضه يحق للمتعرض خلال المرحلة القضائية يعرض على المحكمة حسب الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري الاشهاد بذلك واحالة الملف على المحافظ قصد اتخاذ اللازم مع الأخذ بعين الاعتبار الاتفاقات بين الاطراف او تصالحهم .

الفقرة الثانية: الاشكالات القانونية المرتبطة بمسطرة الخلاصة الاصلاحية

ان بمجرد نشر الخلاصة الاصلاحية ومع اعلان جديد عن انتهاء التحديد يحق لكل شخص حقا على الحقوق التي طالها التعديل او التغيير امكانية التعرض اذا يتم تعرضه بسجل التعرضات ويعد تعرضا عاديا لانه داخل الآجال القانونية على أن خاصية هذا المقتضى هي حصر نطاق حدود التعرضات.

ان المحافظ العقاري هو من له الإختصاص لتفحص مستندات التعرض خلال مسطرة الاصلاحية اذ يتخد صفة القاضي بحكم القانون في مدى مطابقة التعرض مع الحقوق التي طالها التعديل او التغيير لانه ملزم بتطبيق بمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري ما دام المشرع يخاطبه صراحة بالشهر على حسن تطبيق مقتضياته وكذلك من ظمن الاشكالات المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري المتعلق بمسطرة الخلاصة الاصلاحية عدم تنصيص المشرع عن الآجال الذي يجب في اطاره نشر خلاصة إصلاحية في الجريدة الرسمية ويمكن القول في هذا الصدد ان المحافظات يجب عليها التسريع من وثيرة النشر في الجريدة الرسمية لكي لا يتم التسبب في ضياع أصحاب الحقوق في حقوقهم.

 

معلومات حول الكاتب:

سعيد وامدين
طالب كلية العلوم القانونية والسياسية مراكش 
قد يعجبك ايضا