تدبير الأموال المكتسبة خلال العلاقة الزوجية في ضوء القانون المغربي

سعيد وامدين

تقدیم:

تعتبر الحقوق المالیة من الدعائم الأساسیة التي تقوم علیھا الأسرة ولذلك فإن نظام استقلال الذمة المالیة للزوجین یحكم العلاقات المالیة في العدید من الدول كالمغرب .لذلك فالمشرع المغربي قذ نص في المادة 49 من مدونة الأسرة المغربیة على أن ذمة الزوجة المالیة تستقل عن ذمة زوجھا ولھا الحق في التصرف في مالھا وإدارتھ طالما تم إثراء ذمتھا المالیة بھذه الأموال بطرق قانونیة تمكنھا من امتلاك ھذه الاموال بمنأى عن ذمة زوجھا المالیة

لكن رغم مزایا نظام استقلال الذمة الذمة المالیة من الناحیة النظریة فإن الواقع یحتم على الزوجین التشارك والمساھمة في تنمیة ثروة الأسرة، وھذا یؤدي إلى خلق كتلة مالیة مشتركة بین الزوجین، لذلك یجب االإعتراف بما للزوجین في ھذه الأموال المكتسبة وما جناه من عملھم في سبیل تنمیة أموال الأسرة في إطارما یسمى بحق الكد والسعایة الذي یتضمن فكرة المساھمة وبذل العمل والجھد بكافة الوسائل.. وانطلاقا من ھذا فإن نص المادة 49 من مدونة الأسرة المغربیة في فقرتھا الأولى على استقلال الذمةالمالیة للزوجین كمبدأ عام، ونصت في فقرتھا الثانیة على جوازیة الإتفاق على تسییروإدارة الأموال المكتسبة خلال الحیاة الزوجیة وإفراغ ھذا الإتفاق في شكل رسمي وذلك بتوثیقة في عقد الحق حتى یسھل إثبات كل ما تثرى به الذمة المالیة للزوجین جراء عملھما معا لتنمیة أموالھما المشتركة، فإن بعض الفقھاء ینادون بضرورة أخذ بالعمل المنزلي على أساس أنھا تساھم في تنمیة أموال الأسرة ولو بجزء بسیط.

شكل صدور مدونة الأسرة، بعد سنوات من النقاش حول إشكالیة تعدیل مدونة الأحوال الشخصیة، حدثا قانونيا بارزا، اعتبره العدید من رجال القانون وغیرھم ثورة إصلاحیة الأكثر عمقا في المجتمع المغربي منذ الاستقلال[1 ،[نظرا لما تكرسه من حمایة قانونیة وقضائیة لمؤسسة الأسرة، بمختلف مكوناتھا، على أسس من العدل، والمساواة، ومراعاة لمقاصد الشریعة الإسلامیة وأحكامھا..

وقد تضمنت المدونة مجموعة من المقتضیات الجدیدة، كان من أھمھا معالجتھا لمسألة التدبیر المالي للأموال المكتسبة بین الزوجین أثناء العلاقة الزوجیة، سواء في حالة الاتفاق، أو غیابه، وذلك من خلال المادة 49 التي نصت على أن « لكل واحد من الزوجین ذمة مالیة مستقلة عن ذمة الآخر، غیر أنه یجوزلھما في إطار تدبیر الأموال التي ستكتسب أثناء قیام الزوجیة الاتفاق على استثمارھا وتوزیعھا.

 

أھمیة الموضوع:

تكمن أھمیة الموضوع في كونه استأثر اھتمام الباحثین على مستوى الساحة القانونیة حیث طرح كثیرا كموضوع لعدة ندوات وبرامج إعلامیة وعرف أیضا نقاشا فقھیا وقضائیا حادا وذلك لارتباطه بالنواة الأولى في المجتمع أي الأسرة ولأنھ في الاخیر یسعى إلى تحقیق مصلحة الزوجین وابتعاد المفاسد عنھا وكذلك سیمكن للزوجین بتتبع الوضعیة المالیة للأسرة عن كثب سواء ایجابا أو سلبا والعمل على تطویرھا وتصحیح أوضاعها ..

 

إشكالية:

إلى أي حد یمكن للمقبلین على الزواج استیعابھم لمقتضیات المادة 49 وأھم الاشكالات التي تطرح بین الزوجین عند انتھاء العلاقة الزوجیة ؟والى اي حد یمكن اعتبار العمل المنزلي مساھمة في تنمیة أموال الأسرة ؟

وھذه الاشكالات المحوریة تتفرع عنھا العدید من الإشكالات الفرعیة یمكن إثارتھا كما یلي:

  • ما ھي الذمة المالیة للزوجین ؟
  • وما مدى مشروعیة منح الزوجین إمكانیة خیار الاتفاق على إستثمار الأموال التي ستكتسب أثناء قیام الزوجیة ؟

ولدراسة ھذا الموضوع من بعض الجوانب سأقوم بتقسیمه الى مبحثین:

المبحث الأول: استقلال الذمة المالیة للزوجین ومكانة الكد والسعایة في المادة 49

المبحث الثاني:توزیع الأموال المكتسبة بین الزوجیة

 

المبحث الأول :استقلال الذمة المالیة للزوجین ومكانة الكد ووالسعایة في المادة 49 من مدونة الأسرة

لیكون ھناك استقرار وثبات في الوسط الاجتماعي وكذا الإقتصادي للأسرة والحفاظ على كیانھا لابد من وضع عدة قواعد لتنظیم العلاقات المالیة ،واشارة ان الكثیر لا یعترفون بالحق في ذمة مالیة مستقلة ومنحه  في حق في ملكیتھا وحق التصرف فیھ بدون مراقبة ،اذ یعتبر الأمر اھم إذا كان لھذا الشخص صفة الزوج و الزوجة .

 

المطلب الأول :استقلال الذمة المالیة للزوجین

إن وضع قواعد مھمة لتنظیم العلاقات المالیة بین الزوجین من شأنھ تحقیق الاستقرار والثبات داخل الأسرة وتفادي أي مشاكل قد یحصل بینھما ،وفي ھذا الصدد جعلت الشریعة الإسلامیة ذمة مالیة مستقلة عن الآخر للزوجین (الفقرة الأولى)وفي نفس الاتجاه سار المشرع المغربي (الفقرة الثانیة)

الفقرة الأولى :السند الشرعي لمبدأ استقلال الذمة المالیة للزوجین

من أسباب تحقیق الاستقرار داخل الأسرة ھو إستقلال الذمة المالیة للزوجین وبناء على ذلك فقد عملت الشریعة الإسلامیة على ذلك لجعل كل واحد من الزوجین ذات ذمة مالیة مستقلة عن الآخر.

اختلف الفقھاء في تحدید مفھوم للذمة المالیة فقد عرفھا القرافي من المالكیة :بأنھا معنى شرعي مقدر في المكلف قابل للإلزام والإلتزام حیث قال (إن ھذا المعنى جعله الشارع مبنیا على اشیاء خاصة منھا البلوغ والرسم وعدم الحجر فمن اجتمعت فیھ ھذه الصفات رتب علیھا تقدیر ومعنى فیھ یقبل فیه إلزامه وإلتزامه بتصرفاته )كما عرفھا ابن الشاط احد علماء المالكیة بنفس المعنى قال ~ھي قبول الانسان شرعا للزوم الحقوق دون إلزامها .

أما الشافعیة فقد اعتبروا بأنھا مقدر في المحل یصلح للإلزام والإلتزام اي لإلزامھ من قبل غیره كالشارعن ولإلتزامه بعبارته ،اذ یوسعون من نطاق الذمة لتشمل أیضا الأشخاص المعنویة ولیس فقط الأشخاص الطبیعیة في حین قصرھا الحنفیة على الإنسان دون غیره فعرفھا عبد الله بن مسعود بأنھا وصف شرعي یصیر الإنسان أصلا لھا  وما علیه..ومن ھنا یتضح أن الحنفیة یجعلون الذمة المالیة الاساس لثبوت .الحقوق والواجبات

ومن خلال ما تم التطرق لھ یمكن أن نعرف الذمة المالیة في الفقھ الاسلامي بأنھا :وصف شرعي یفترض الشارع وجوده في الإنسان یصیر به أھلا للإلزام والإلتزام ،أي صالحا لأن تكون له حقوق وعلیه واجبات مالیة .وبھذا التعریف تكمن علاقة بأھلیة الوجوب أي للانسان صلاحیة أن تكون له حقوق وعلیه واجبات فھي تلازم الإنسان منذ ولادته.

{للرجال نصیب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصیب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو

كثر نصیبا مفروضا}

الفقرة الثانیة : السند القانوني لمبدأ استقلال الذمة المالیة للزوجین

احتفظ المشرع المغربي كغیره من التشریعات العربیة والإسلامیة بالمبدأ المعمول بھ في الشریعة الإسلامیة والقاضي بإستقلال الذمة المالیة بین الزوجین ،اذ سبق لمدونة الأحوال الشخصیة الملغاة في الفصل 35 :للمرأة حریتھا الكاملة في التصرف في مالھا دون رقابة الزوج ،اذ لا ولایة للزوج على مال زوجته وھوذات المبدأ المتبني في مدونة الأسرة اذ نصت الفقرة الأولى من المادة 49 على أن : لكل واحد من الزوجین ذمة مالیة مستقلة عن ذمة الآخر .

فالمادة 49 جاءت لتزید التأكید على ما كان علیه الوضع من أن الذمة المالیة المالیة لكل واحد من الزوجین مستقلة عن الآخر یتصرف فیھا كیف یشاء اذ لیس لاي من الزوجین سلطة ولا رقابة على أموال الآخرالذي تبقى له حریة التصرف في أمواله بحسب ما تقتضیه إرادته وفیما لا یخالف القواعد الآمرة والاخلاق،فعقد الزواج في النظام الإسلامي لا تأثیر له على إستقلالیة ذمة الزوجین اذ تبقى علاقتھم المالیة كالاجنبیین تخضع لقواعد العامة للقانون .

ولا ننسى جل المواثیق والاتفاقیات الدولیة التي تروج أفكار حول تمتیع المرأة بالمساواة الكاملة مثلھا مثل الرجل فلا فرق بینھما في الحقوق المدنیة  وكذا السیاسیة…وكذا على دول المتفقة على ھذه الاتفاقیات

اتخاذ خطوات صارمة من أجل تنفیذھا واعطاء المرأة حریتھا الكاملة في المساواة واتخاذ التدابیر المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجین وواجباتھما عند الزواج وخلال قیامه وانحلاله.كما أنه  صدر بیان عن المجلس العلمي بتاریخ 17دیسمبر 2008 یؤكد فیه :أن ھذا الإجراء الواضح لم یثرلدى العلماء ولا یجب أن یثیر لدى المجتمع أي تساؤل حول تمسك المغرب بثوابته الدینیة وأحكام الشرع الواردة في القرآن الكریم والتي لا مجال للإجتھاد فیھا مثل أحكام الإرث وغیرھا من الأحكام القطعیة.

 

المطلب الثاني :مكانة حق الكد والسعایة في المادة 49 من مدونة الأسرة

لقد عمل الفقھ الاسلامي على ترسیخ فكرة الكد والسعایة واقر بضرورة اقتسام ما تم اكتسابھ أثناء الحیاة الزوجیة بین الزوج والزوجة من خلال مجموعة من النوازل .فماذا یقصد بالكد والسعایة (الفقرة الأولى)وما الطبیعة القانونیة للكد والسعایة (الفقرة الثانیة)

الفقرة الأولى: تعريف الكد والسعاية

یثیر موضوع الآثار المترتبة على الطلاق في وقتنا الراھن كثیرا من النقاش بلغ حد اتخاذ مواقف سیاسیة بشأنه .

واذا كانت الانتقادات كثیرا له بدایة یمكن القول بأن كلمة الكد أصلھا ھو فعل كد یكد بمعنى عمل بعناء ومشقة ومن ھنا یسمیها البعض حق الشقاء والسعایة أصلھا فعل سعى یسعى سعیا بمعنى جرى ومن ھنا

یسمي البعض ھذا الحق بحق الجرایة والمعنى الحقوقي للكد والسعایة ھو :حق المرأة في الثروة التي تنشئھا وتكونھا مع زوجھا خلال فترة الحیاة الزوجية

ان ھذا الحق یضمن للزوجة إذا انتھت العلاقة الزوجیة بینھا وبین زوجھا إما بالطلاق أو الوفاة أن یتم تحدیده وحساب مجموع الثروة التي تم تكوینھا خلال فترة الحیاة الزوجیة فتحصل على جزء منھا مقابل ما بذلته من مجهودات مادية ومعنوية الى جانب زوجها .

كما یعرف حق الكد والسعایة عند ساكنة الاطلس الصغیر والسھول المحیطة بحق “تامازالت”وھي كلمةأمازیغیة مشتقة من فعل “أزل” بمعنى شقا أو السعي أو الجري ،ومن ھذا یمكن جاءت تسمیة ھذا الحق في الفقه المغربي المكتوب باللغة العربیة وبحق الكد والسعایة،وعلیه فالكد والسعایة یتكون من كلمتین الكد في اللغة الشدة في العمل وطلب الرزق ،والسعایة لغة مأخوذة من فعل سعى یسعى سعیا ،أي عمل وكسب وقصد( لكل عمل خیرا أو شر وفي التنزیل (لتجزي كل نفس بما تسعى)

[ وایضا قولھ تعالى [وان لیس للانسان إلا ما سعى وان سعیه سوف یرى)

ونستخلص إلى أن حق الكد والسعایة یقوم في وجوده على شرطیین متلازمین اولھا أن تكون الأموال

المطلوب الاستئثار بجزء منھا قد تمت تنمیة مواردھا في أثناء الحیاة الزوجیة وثانیھما أن تقوم المرأة بإثبات مساھمتھا الفعلیة في تنمیة الموارد المالیة لزوج بجمیع وسائل الاثبات المعتمدة شرعا بما فیھا شھادة الشھود.

الفقرة الثانية : الطبيعة القانونية للكد والسعاية

إن الفقه المغربي الذي تمیز بمذھبیه المالكي حاول تأصیل العدید من الأعراف والتقالید واستیعابھا في اطارقواعد الشریعة الإسلامیة فجعل من حق الكد والسعایة اذ لا یمكن تجاھله على الإطلاق ،ھذا الأمر الذي جعل القضاء المغربي الحدیث مقیدا بضرورة الأخذ بالنصوص والقواعد الفقھیة والرجوع إلى كتب  والفتاوى التي التي سبقت لھا أن بثت في الكد والسعایة ،لذا نجد أن القضاء المغربي الحدیث على الرغم من  انعدام نص یقنن الكد والسعایة ،سایر ھذا العرف وطبقه في أول فرصة عرضت علیه حمایة لحقوق المالیة للزوجین وحرصا منه لإعطاء كل ذي حق حقه.

ففي قرار عن محكمة الاستئناف بأسفي صدر قرار بتاریخ 1985/11/04 ورد فیھ أن السعایة وحق الكد یسمى في بعض الأعراف یعتبر من الحقوق المعترف بھا الفقه الاسلامي یخول للمطلقة استحقاق جزء من الذمة المالية المنشأة خلال فترة الزوجية .

وقد اعترف الفقھاء في نوازلھم للزوجة بحقھا في الكد والسعایة حیث ان فتوى الشفشاوني أحمد بن الحسن بن عرضون الصادر في القرن السادس عشر تتضمن رؤیة رائدة ومتقدمة حیث وضحت أھمیة عمل الزوجة في تنمیة موارد الأسرة اذ قررت حق المرأة في أن تقاسم زوجھا فیما نتج بینھما ،اذ أن حقھا في اقتسام الثروة مع زوجھا یكون على التساوي فلھا النصف من تركته ان طلقھا ولھا النصف من تركته اذا  توفي .

 

المبحث الثاني : توزیع الأموال المكتسبة بین الزوجین

للحد عن توزیع الأموال المكتسبة بین الزوجین خلال قیام العلاقة الزوجیة یجب أن نمیز بین حالتین الاتفاق وعدم الاتفاق أي المنازعات المثارة (المطلب الاول)وتحدید مدى استحقاق الزوجة مقابلا عن الأعمال البیتیة(المطلب الثاني )

 

المطلب الاول: المنازعات المثارة لتحدید المنازعات التي تشكلھا توزیع الأموال بین الزوجین حالة الاتفاق (الفقرة الأولى)وكذا حالة عدم

الإتفاق (الفقرة الثانیة)

الفقرة الأولى:حالة الإتفاق

إن العقد الإتفاقي لتدبیر الأموال ھو عبارة عن إطار یتضمن احصاء أموال كل واحد من الزوجین وتوزیع مصاریف الحیاة الزوجیة وكذا نفقة الأولاد بالإضافة إلى تقریر القواعد التي یمكن أن تطبق عند إنھاء المعاشرة الزوجیة ویمكن أن یتضمن ھذا الإتفاق المبرم اتفاق الزوجان على أن كل ما قامت الزوجة بشرائه من منقولات بیت الزوجیة ،سواء أكان من مالھا أو مھرھا أو كذلك ما إشتراه لھا زوجھا یكون ملك للزوجة ویمكن أن یتفقا كذلك على أن كل ما قام الزوج بشرائه بعد الزواج من ماله الخاص یكون ملكا للزوج ویثبت ذلك بفواتیر الشراء وتاریخھا وعلى الإتفاق أن ما قامت الزوجة بشرائه بعد الزواج أو الدخول بھا من منقولات بیت الزوجیة من مالھا الخاص یكون ملكا لھا ویتبث ذلك بفواتیر الشراء وتاریخھا وتجدر الإشارة إلى إمكانیة توسیع نطاق العقد المالي لتجاوز مسألة تحدید ملكیة الاشیاء وتقسیمھا ،إلى تنظیم وتوزیع الأعباء المالیة التي تفرضھا الحیاة الزوجیة كأن ترضى الزوجة بتسلیم زوجھا راتبھا الشھري من وظيفتها او بترك الزوج لها راتبه .

فالإتفاق على على تدبیر الأموال المكتسبة بین الزوجین خلال قیام العلاقة الزوجیة یعد أمرا إختیاریا متروك لمطلق تقدیر الأطراف في نطاق مبدأ شریعة المتعاقدین وأن كل فرد حر في تدبیر أمواله إدارة وتصرفا من غیر خرق القواعد الآمرة فیكون الإتفاق في حال وجوده فیصلا عند كل منازعة بین الزوجین او خلفھم العام وملزم للأطراف والمحكمة .

الفقرة الثانية: عدم الإتفاق على تزويع الاموال المكتسبة

من أھم الشروط التي یعتمد علیھا القضاء ویقرر حكمھ بموجبھا أن تكون ھذه الأموال قد اكتسبت أثناء قيام العلاقة الزوجیة ،ویخرج بتلك الأموال التي یكتسبھا الزوج أو الزوجة قبل الزواج وبعد انحلاله وھذا الإتجاه أكده القضاء المغربي في العدید من النوازل من بینھا حكم المحكمة المحكمة الابتدائیة بطنجة رقم=2501 الصادر بتاریخ 2005/11/30في الملف عدد 05.448 والذي استندت فیھ المحكمة حصصا..

مملوكة للزوجین في شركة قبل الزواج وأكدت أنه یتبین بھا أن الحصص تم توزیعھا بین الطرفین عند تأسیس الشركة كما ھو ثابت من القانون التأسیسي لھا وأن نصیب كل واحد منھما محدد ومستقل عن نصيب الآخر خاصة وأن القاعدة الواردة في المادة 49 تنحصر في الأموال المكتسبة خلال مدة الزواج ولا تطال ما يملكه كل واحد منهما قبل إبرام عقد الزواج .

وغني عن البیان أن ما یتم إكتسابھ بعد انفصام العلاقة الزوجیة یكون خاصا بصاحبة ان حق الزوجة في منابھا من الأموال المكتسبة أثناء قیام الزوجیة یختلف عن حقھا في متعة وكذا حقھا في التعویض الذي یعتبرأو استحدث بمقتضى على غرار الحق في تدبیر الممتلكات ویجد سنده في المادة 97 من المدونة التي أعطت الزوجة أو الزوج الحق في المطالبة بالتعویض عن الضرر ضد الطرف المسؤول عن تعذر استمرار العلاقة الزوجیة والمتسبب في انتھائھا بالشقاق وفي إطار الخطأ التقصیري الناتج عن الاخلال بالالتزامات المفروضة قانونا على الزوجین من اجل الحفاظ على دوام واستمرار العلاقة الزوجیة ویكون الاثبات في تنمیة اموال الاسرة بمجموعة من الوسائل كالرجوع للقواعد العامة للإثبات شھادة الشھود

والیمین والإقرار والقرائن القضائیة .

 

المطلب الثاني :مدى إستحقاق الزوجة مقابلا عن الأعمال البیتیة

إن ما یمیز وضعیة المرأة المتزوجة عند الطلاق أو الوفاة ھو التجاھل التام لمدى مساھمتھا في بناء الحیاة الزوجیة سواء من لدن أنظمة الضمان الاحتیاطي أو من لدن الورثة عند توزیع التركة أو من لدن القضاء عند تقدير حقوقها كمطلقة

قد تقضي الزوجة سنین من الزواج ویطلقھا الزوج ولا شيء لھا من حقوق وان توفي عنھا الزوج تعلق حقھا في تركته بنصیب مفروض دون حقھا في ما نما وازداد بمجھودھا طیلة الحیاة الزوجیة..ھذه الوضعیة هي التي تدفع نحو البحث عن مقابل ممكن بأخذ بعین الاعتبار كل مجھوداتھا أثناء الحیاة الزوجیة،وحدیثا اھتم مجموعة من الفقھاء والعلماء بھذا الموضوع غیر ھذا الاھتمام لم ینه الصعاب التي تقف في وجه اقرار أهمية تلك الاعباء من حيث كونها وتعددها .

الفقرة الأولى : مفهوم العمل المنزلي

تقوم المرأة عموما والزوجة بصفة خاصة بأعمال مختلفة داخل بیت الزوجیة لصالح زوجھا وأفراد أسرته وقد أطلق علیھا فقھاء الشریعة الإسلامیة مصطلح الخدمة الباطنیة تمییزا لھا عن الخدمة الضاھرة ،غیر انھم لم یضعوا تعریفا محددا لھذین النوعین من الخذمة بقدر بما اكتفوا بإستعراض بعض الاعمال المندرجة ضمن ھذه الخدمة أو تلك كمعاییر لتمییز احداھما عن الاخر وعن الأسس الفقھیة المبررة لإستحقاق الزوجة مقابلا عن الأعمال البیتیة ما نجد في الفقه الاسلامي الذي تنبه منذ قرون الى كون عمل الزوجة داخل البیت في نفسھا وزوجھا واطفالھا عملا منتجا لذلك یحق القول بأنھم من رواد القائلین بإقتصادیة أعمالھا البیتیةوانطلقت معالجتھم لذلك الموضوع من خلال تناولھم خذمة الزوجة لنفسھا ولزوجھا وأطفالھا

الفقرة الثانية :الاتجاه المعارض لاستحاق الزوجة مقابلا عن الأعمال البيتية

ذھب ھذا الاتجاه نحو رفض فكرة مطالبتھا بأجر لما قامت به من عمل طوال الحیاة الزوجیة لأن ذلك من شأنه التقلیل من قدرتھا ،وأن ما ینفقه الزوج ھو المقابل المستحق لم تقوم بھ من أعمال منزلیة ،ولھذا لا حق لھا في المطالبة بأي شيء بعد انتھاء العلاقة الزوجیة غیر حقھا في المتعة ونفقة العدة .اذ رفضت بعض المحاكم طلبات الزوجة الرامیة إلى الحكم لھا بحقھا فیما راكمته من أموال الى جانب زوجھا بكدھا وسعیھا داخل البیت كالخیاطة أم خارجھا كالتجارة وتاكیدھا على أنھا من ذوات الحجاب أي ربة البیت والمرأة التي لم تشارك زوجھا في تكوین وتنمیة الثروة الزوجیة نتیجة عملھا وسعیھا في قیامھا بأعمال غیر أعباء بیت.. الزوجیة غیر محقة في مطالبة زوجھا بإقتسام ثروته المالیة أو تمكینھا من تعویض نتیجة الطلاق نجد المحكمة الابتدائیة قد میزت بین أحكام الكد والسعایة التي تستمد أصولھا من قواعد الفقه الاسلامي المالكي ،بإعتباره یحدد الإطار المرجعي الذي یخص الزوجة فقط والمادة 49 التي اعتبرتھا انھا تطبق على كل واحد من الزوجین وقضت بتاریخ 2008/10/14 برفض الطلب في حكم رقم 2030 ملف عدد 07/613/08 بعلة ان الزوجة ربة بیت فقط رغم مرور 40 سنة من العلاقة الزوجیة

 فقرة الثالثة: :الاتجاه المؤید لإستحقاق الزوجة مقابلا عن الأعمال البیتیة

استند ھدا الاتجاه إلى كون عمل الزوجة داخل البیت عملا منتجا. و استبعد أن تكون النفقة مقابلا لھدا العمل نظرا لأن الزوج ملزم بأن یأتیھا بالنفقة قابلة للاستھلاك دون بدل أي جھد من لدنھا. الشيء الذي یسمح بالقول أن قیامھا بجھد من أجل إعداد الطعام و التنظیف.. و غیرھا من أعمال البیت یعد عملا له قیمته الإنتاجیة و بالتالي لابد من تعویضھا عن ذلك عند الطلاق أو وفاة الزوج و حتى في ظل الفقه المالكي یمكن الاستناد إلى فقه ما جرى به العمل للتوصل إلى جواز استحقاق الزوجة مقابلا عن عملھا المنزلي. لأن في إطار ھدا الفقه یمكن التمییز بین خدمات الزوجة التي ینجم عنھا ناتج.تستھلكه الأسرة و خدمات تسوق خارج محیطھا لقاء مقابل نقدي فمن النوع الأول خدمات تستحق الزوجة عنھا مقابلا نقدیا و وضعیتھا في دلك كالأجیرة. أي تعدت نطاق المكارمة مثل تمریض الزوج لعدة شھور أو سنوات.(4 (وأیضا الخدمات التي تعطي إنتاجا یستفید منه الزوج و أسرته. بالاستھلاك أو الانتفاع بثمنھا بعد بیعھا كالطرز و الخیاطة و الغزل … فاذا صرحت بأنھا ما قامت بذلك إلا على وجه الشركة مع زوجھا. عندئذ یقوم عملھا و المواد.التي دخلت في خدمتھا فیكون ناتج العمل على قدر دلك التقویم.

فالقول باستحقاق الزوجة مقابلا للعمل المنزلي لم یبق أطروحة نظریة یتجاذبھا الفقھاء. و إنما تسجل ھنا جرأة قضاء قسم قضاء الأسرة بالدار البیضاء الذین أكدوا في سابقة من نوعھا على أن “..عمل الزوجة الیومي و لو داخل البیت ھو مساھمة منتجة عند التقییم على أساس أن عقد الزواج للعشرة الزوجیة لا یلزم الزوجة بخدمة البيت ..

 

خاتمة:

بعد ما تم تناول موضوع المكتسبات المالیة للزوجین یتضح بدایة أن الاصل ھو استقلال ذمة كل زوج في ما اكتسبه وھو مبدأ مستوحى من أحكام الفقه الاسلامي والذي أخدت بھ معظم التشریعات الوضعیة منھا المشرع المغربي من خلال المادة 49 من مدونة الاسرة حیث توخا تنظیم العلاقة الزوجیة وضبطھا بقواعد محكمة عبر إبرام اتفاق بينهما حول الاشتراك في مكتسباتھما المالیة وذلك لضمان إنھائھا في ظروف حسنة عندما یتحتم ھذا انتھاء ، ولعل أبرز صياغة المشرع نص قانوني یھم تنظیم العلاقة الزوجیة في جانبھا المالي سیكون حتما عامل حاسما لتوحید الرأي لدى مختلف المحاكم المغربیة ، لكن الاحكام و القرارات القضائیة الصادرة بشأن حق الزوجة في الاموال المكتسبة خلال الحياة. الزوجیة بینت مدى التعارض و التضارب الذي طبع العمل القضائي في ھذا الشأن فأخد المرأة نصیب محدد في أموال زوجھا بعد مساھمتھا في تكوینه و تنمیته ،وھو ما كان یجد له تطبیق في اطار الكد والسعایة الذي له أساس شرعي وجذوره الحضاریة باعتبار قدم انتشار تطبیقاته في بعض مناطق المغرب كعرف تابت تبنته المحاكم المغربیة ،سیما أن المشرع یحیل على الرجوع إلى الراجح المشھور أو ما جرى به العمل من مذهب الامام مالك فیما لم تشمله المدونة من أحكام وھناك ایظا تضارب في الاراء حول مدى استحقاق الزوجة

مقابلا عن الاعمال البیتیة .

 

معلومات حول الكاتب:

سعيد وامدين

طالب كلية العلوم القانونية والإقتصادية مراكش

قد يعجبك ايضا