المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 بين أولويات استكمال مقومات الدولة الاجتماعية وطموحات تعافي الاقتصاد الوطني

الدكتور محمد البغدادي

المقدمة:

أحدثت الحكومة المغربية منشورا يتعلق بالمذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 بتاريخ 3 غشت 2022 من أجل التصدي المشترك والجماعي للأعطاب والاختلالات والإشكالات البنيوية التي تعتري المنظومة التنموية ببلادنا والتحديات المطروحة على تحسين معدلات وأرقام النمو الاقتصادي الوطني، لاسيما في ظل تنامي التهديدات والتقلبات والأزمات سواء تعلق الأمر باستمرار الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع مؤشرات التضخم وتأثير التغيرات المناخية والاحتباس الحراري أو تزايد أسعار المحروقات وغلاء المواد الغذائية نتيجة توالي سنوات الجفاف لقلة التساقطات المطرية والثلجية وتراجع الواردات المائية ومخزون السدود بنسبة 27 في المائة على اعتبار أن المملكة المغربية دخلت في مرحلة الطوارئ المائية سنة 2022 من خلال الانتقال من مرحلة الإجهاد المائي إلى مرحلة ندرة المياه التي ستؤدي  بلاشك إلى إشكالية العدالة المائية.[1]

ويراد بالمذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 على أنها هي عبارة عن منشور حكومي تم إرساله إلى القطاعات الوزارية ومختلف البنى العمومية، والذي يتضمن أربع أولويات مستعجلة وتوجهات كبرى في مشروع قانون المالية لسنة 2023.[2]

ونظرا لأهمية ومكانة المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة  2023 في الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية وضمان تقوية الدولة الاجتماعية، فإن الإشكالية المحورية تتمثل فيما يلي: كيف ستساهم المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة2023 في بلورة مقاربة متكاملة وشاملة ووضع سياسة عمومية مندمجة لتكريس مقومات الدولة الاجتماعية وإنعاش الاقتصاد الوطني؟.

وتحت هاته الإشكالية الجوهرية تتفرع عنها التساؤلات التالية: ماهي أولويات استكمال مقومات الدولة الاجتماعية؟ وماهي طموحات تعافي الاقتصاد الوطني؟.

وللتعمق أكثر حول الموضوع، ارتأينا اعتماد التقسيم التالي:

المبحث الأول: أولويات استكمال مقومات الدولة الاجتماعية

المبحث الثاني: طموحات تعافي الاقتصاد الوطني

 

المبحث الأول: أولويات استكمال مقومات الدولة الاجتماعية

ما من شك أن المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 تضع الأسس والتوجهات الاستراتيجية لموارد الدولة، وذلك في ظل حجم الاستحقاقات والآمال الواعدة في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وتبعا لذلك، سوف نعالج مرجعيات وفلسفة المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 في المطلب الأول و ملامح التوجهات الأربعة الكبرى الواردة في المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول: مرجعيات وفلسفة المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون

المالية برسم سنة 2023 تماشيا مع توجهات خطاب العرش لسنة 2022، وتفعيلا لمضامين البرنامج الحكومي 2021 -2026، وعملا بتوصيات ومخرجات تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد لسنة 2021 ، وتنفيذا لمنطوق وروح دستور 2011، فإن الحكومة المغربية وضعت المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 في إطار الاستجابة الفورية والاستعجالية لأولويات استكمال مقومات الدولة الاجتماعية وإنعاش الاقتصاد الوطني في سياق صعب ومعقد ومركب تتداخل فيه العديد من العوامل والأسباب الداخلية والخارجية على حد سواء.[3]

 

المطلب الثاني: ملامح التوجهات الأربعة الكبرى الواردة في المذكرة التأطيرية

والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 من الواضح جدا أن ملامح التوجهات الأربعة الكبرى الواردة في المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023، تأتي في صلب الإصلاحات الهيكلية والتغيرات العالمية والتقلبات والتطورات الميدانية المتسارعة في عصر تحولات نظام العلاقات الدولية وعولمة اقتصاد المعرفة، والتي تجسدت أساسا في تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، وتكريس العدالة المجالية، واستدامة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات.

وينبغي التذكير إلى أن أولويات مشروع قانون المالية 2023 تندرج في صلب الرؤية الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد في سبيل ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية وضمان أهداف التنمية المستدامة والمندمجة وتحسين وتطوير دواليب الاقتصاد الوطني من كل الإشكالات والاختلالات والأزمات التي مر بها الصرح الديمقراطي والحقوقي والتنموي ببلادنا.[4]

 

المبحث الثاني: طموحات تعافي الاقتصاد الوطني

لقد استطاع الاقتصاد الوطني من خلال تضامن القطاعين العام والخاص أن يصمد أمام الضغوطات الدولية والمؤثرات الداخلية، وذلك من خلال جملة من الإجراءات والتدابير التي سبقت اتخاذها خلال فترة جائحة كوفيد19 المستجد وإلى حدود الساعة.

وعليه، سوف نتناول الرهانات الآنية للاقتصاد الوطني في المطلب الأول و الرهانات المستقبلية للاقتصاد الوطني في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول: الرهانات الآنية للاقتصاد الوطني

إن تأهيل قانون المنظومة الصحية رقم 06.22 رهين باستكمال ورش الحماية الاجتماعية خلال سنة 2022، وذلك من خلال تنزيل وأجرأة أربع دعامات أساسية في مجال القطاع الصحي وهي:

1- الدعامة الأولى: اعتماد حكامة استشفائية جيدة مركزيا وترابيا واستراتيجيا من خلال آليات التدبير والحكامة وهي:

  • إحداث الهيئة العليا للصحة
  • إحداث وكالة الأدوية والمنتجات الصحية
  • إحداث وكالة للدم ومشتقاته

2- الدعامة الثانية: تثمين الموارد البشرية من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية، وتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام، وتقليص الخصاص في الموارد البشرية، وكذا إصلاح نظام التكوين ، والانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية ، وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة بالخارج لأجل العودة إلى أرض الوطن.

3- الدعامة الثالثة: تأهيل العرض الصحي

4- الدعامة الرابعة: رقمنة المنظومة الصحية.[5]

 

المطلب الثاني: الرهانات المستقبلية للاقتصاد الوطني

معلوم أن تطوير قانون رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار الجديد مرتبط أساسا بتأهيل الميثاق التنموي والاقتصادي والتجاري الذي يرسم الكيفية والأهداف والوسائل التي يمكن مواجهة التحديات الداخلية التي تعرقل دواليب الاقتصاد الوطني، تماشيا مع تطورات المحيط الدولي وتغيرات الساحة الإقليمية ، وبالتزامن مسار التنمية والنمو الاقتصادي للمغرب، وذلك بما يضمن تأطير حكامة الاستثمار العمومي وخلق التوازن بين هذا الأخير باعتباره آلية لتحفيز النمو الاقتصادي والاستثمار الخصوصي لكونه أداة  لإنتاج قيمة مضافة وخلق فرص الشغل وتعزيز المقاولات، وتطوير الاقتصاد الوطني وتنويعه وتنافسيته من  أجل خلق فرص الشغل قارة وواعدة، وكذا خلق قيمة مضافة.[6]

 

الخاتمة:

واعتبارا لما سبق، يتبين على أن المذكرة التأطيرية والتوجيهية لمشروع قانون المالية برسم سنة 2023 تدخل ضمن التطلعات المولوية بشأن أجرأة وتفعيل النموذج التنموي الجديد، حيث بادرت الحكومة المغربية مجموعة من الإجراءات والتدابير الرامية إلى تطوير وتجويد الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات العمومية الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم والشغل.

 

لائحة المراجع:

أولا: البرامج التلفزيونية:

  • مداخلة إدريس العيساوي، الحكومة تناقش مسودة الموازنة العامة لعام 2023، مشاركة في برنامج النافذة المغاربية لقناة سكاي نيوز عربية، يوم 13 غشت 2022
  • مداخلة إدريس العيساوي، مشروع قانون المالية 2023 سيمضي في ترسيخ الالتزامات الاجتماعية للدولة، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 11 غشت 2022.
  • مداخلة الحسين الفرواح، مشروع قانون المالية 2023، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 10 غشت 2022.
  • مداخلة بدر الزاهر الرزاق، المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسية الأولى، يوم 8 غشت 2022.
  • مداخلة ياسين عاليا، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.
  • مداخلة محمد الشرقي، مشروع قانون المالية 2023، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 10 غشت 2022.
  • مداخلة محمد الرهج، أولويات مشروع قانون المالية 2023، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 9 غشت 2022.
  • مداخلة عبد الإله عتيد، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.
  • مداخلة عبد الحق التهامي ، أولويات الحكومة في إعداد مشروع قانون المالية، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 7 غشت 2022.
  • مداخلة عبد العالي جناح، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.
  • مداخلة عمر الكتاني، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.
  • مداخلة رضوان زهرو، المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسية الأولى، يوم 12 غشت 2022.

 

ثانيا: البرامج الاذاعية:

  • مداخلة محمد جدري، مشروع قانون المالية :مرتكزات لمغرب أفضل، مشاركة في إذاعة ميدي 1 تيفي، يوم 11 غشت 2022.

 

لائحة الإحالات:

[1] مداخلة رضوان زهرو، المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسية الأولى، يوم 12 غشت 2022. وللمزيد من التوضيح راجع مداخلة محمد جدري، مشروع قانون المالية :مرتكزات لمغرب أفضل، مشاركة في إذاعة ميدي 1 تيفي، يوم 11 غشت 2022. ومداخلة عبد العالي جناح، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.

[2] مداخلة بدر الزاهر الرزاق، المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2023، مشاركة في برنامج قناة الأخبار الرئيسية الأولى، يوم 8 غشت 2022.وللمزيد من التوضيح أنظر مداخلة

[3] مداخلة إدريس العيساوي، الحكومة تناقش مسودة الموازنة العامة لعام 2023، مشاركة في برنامج النافذة المغاربية لقناة سكاي نيوز عربية، يوم 13 غشت 2022.

[4] مداخلة محمد الرهج، أولويات مشروع قانون المالية 2023، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 9 غشت 2022.

[5] مداخلة محمد الشرقي، مشروع قانون المالية 2023، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 10 غشت 2022. وللمزيد من التوضيح راجع مداخلة الحسين الفرواح، مشروع قانون المالية 2023، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 10 غشت 2022. ومداخلة ياسين عاليا، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.

[6]مداخلة عبد الحق التهامي ، أولويات الحكومة في إعداد مشروع قانون المالية، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 7 غشت 2022 . وللمزيد من تسليط الضوء أنظر مداخلة إدريس العيساوي، مشروع قانون المالية 2023 سيمضي في ترسيخ الالتزامات الاجتماعية للدولة، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 11 غشت 2022. ومداخلة عمر الكتاني، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022. ومداخلة عبد الإله عتيد، مشروع قانون المالية 2023…بأية طموحات وما التحديات؟، مشاركة في برنامج قناة وكالة المغرب العربي للأنباء، يوم 17 غشت 2022.

 

 

معلومات حول الكاتب:

الدكتور محمد البغدادي

باحث في العلوم القانونية

بكلية الحقوق بطنجة

قد يعجبك ايضا