مكانة المرأة في الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية

دة. سمية بومروان

لقد جاء الخطاب الملكي السامي، الموجه للشعب المغربي في 30 يوليو 2022، بمناسبة الذكرى 23 لاعتلاء صاحب الجلالة عرش أسلافه الميامين، للتأكيد على أهمية المرأة المغربية ومدى راهنيتها في بناء مغرب التقدم والكرامة. والنهوض بوضعية المرأة وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها. فالأمر هنا لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها.

وحيث دعى جلالة الملك حفظه الله إلى ضرورة تفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بحقوق المرأة والأسرة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية للنهوض بوضعيتها ذلك أن تقدم المغرب يبقي رهينا بمكانة المرأة وبمشاركتها الفاعلة في مختلف مجالات التنمية.

وقد اختار المغرب منذ الاستقلال الالتزام بالشرعية الدولية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ومعلوم أن القوانين الدولية لحقوق الإنسان تسمو على التشريعات الداخلية لأي بلد، لذلك يعتبر من واجب كل حكومة ملائمة قوانينها الداخلية مع ما التزمت به وصادقت عليه الدولة من تشريعات دولية. وفي هذا الإطار، كانت مشاركة المغرب باعتباره عضوا في المجتمع الدولي في المؤتمرات الدولية الكبرى المتعلقة بحقوق المرأة: مكسيكو سنة 1975، وكوبنهاجن سنة 1979، ونيروبي سنة 1985، وبكين سنة 1995. ويشكل المؤتمر الأخير نقطة تحول في تناول مسألة المساواة بين الرجال والنساء، وهي المسألة التي عاودت المجموعة الدولية مناقشتها خلال تقييم بكين + 5، وبكين + 10، وبكين + 15، ويمكن القول إجمالا إن المغرب صادق على المواثيق العامة التي كرست مبدأ عدم التمييز بين الجنسين، إذ صادق المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) بتاريخ 3 ماي 1979.

أما على الصعيد الوطني قد نص الدستور المغربي في هذا الإطار بتقنين مساواة المرأة المغربية بشقيقها الرجل في التمتع بالحقوق السياسية، وحرية الرأي والاجتماع، وتأسيس الجمعيات، والانخراط في الهيئات السياسية والعلمية والثقافية، والمساهمة في الحملات الانتخابية، وفي تقلد الوظائف والمناصب العمومية العليا، وفي التمتع بحرية التربية والشغل على السواء بدون تمييز أو تفضيل، وفي الانخراط في الميادين العسكرية بجميع أصنافها وفنونها، في دستور 2011 تم ذكرها في 9 فصول11: – مساهمة المرأة المغربية في صياغة الدستور كعضوة مشاركة في اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور وكممثلة للأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني12– تركيز الخطاب الملكي لــ17 يونيو 2011 على مكتسبات المغرب في مجال تعزيز حقوق المرأة زخاصة الحقوق السياسية لكي تتمكن من اختراق الإحتكار الذكوري للسياسة والتسيير الديمقراطي بالمغرب وتعزيز مكانتها بالمجتمع، مما سيحررها من قيود كثيرة كانت تكبل تحررها وتقلص من إمكاناتها السياسية والتدبيرية.

لتحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء تم إحداث هيأة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمميز، وقد تم التنصيص في كثير من الفصول على التمييز الإيجابي لصالح النساء في مجال الولوج إلى الوضائف العمومية والمشاركة في الحياة الإقتصادية والثقافية والإجتماعية. (الباب الأول، الفصل 6، والباب الثاني، الفصل 14 و19).

كما أصبح للمرأة الحق في تقديم اقتراحات في مجال التشريع وتقديم عرائض إلى السلطات العمومية ويحق لها أيضا، على غرار الرجل المغربي، سن القوانين (الباب الأول، الفصل 14 والفصل 15). فتحت الأبواب للمرأة المغربية الحضرية والقروية على مصراعيها، وبرهنت على نضجها وكفاءتها في كل الميادين العلمية والإنتاجية والتقنية والإبداعية، وعلى مقدرتها للنهوض بوطنها سياسيا وأدبيا وعلميا وحضاريا وثقافيا واجتماعيا وفنيا ورياضيا، وتمثيليا في المؤتمرات والندوات الوطنية والدولية، بالاضافة إلى المكتسبات التي راكمتها المملكة في مجال النهوض بحقوق المرأة المغربية، بدء بإقرار مدونة الأسرة، ومراجعة قانون الجنسية، والإصلاحات التي عرفتها مدونة الشغل، وقانون الحالة المدنية، وقانون المسطرة الجنائية، ومدونة الانتخابات، والميثاق الجماعي، ومجموع التدابير التي اتخذت من أجل الارتقاء بتمثيلية النساء، سواء في الانتخابات التشريعية أو الانتخابات الجماعية والمحلية، تأسيس هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.

وفي سياق مراعاة مشاركة المرأة في مختلف مجالات اتخاد القرار وطنيا و دوليا، قامت وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة بدراسة تحليلية لمكانة ووضع المرأة المغربية في تقلد مناصب المسؤولية في الإدارة العمومية. وتتجلى أهمية هذه الدراسة في تشخيصها للعجز الذي تعيشه الإدارة المغربية في مسألة المساواة بين الجنسين و كذا تمثيلية المرأة الموظفة في مناصب المسؤولية. بالإضافة إلى اقتراحها لمجموعة من التوصيات و التدابير التي من شأنها تعزيز ولوج المرأة لمراكز القرار و هيئة الحكامة.

ولاشك أن قضية المرأة اليوم أصبحت من مشمولات إشكالية عامة يمكن أن نطلق عليها إشكالية النوع الاجتماعي سواء في المغرب أو الدول العربية. أينما كانت المرأة المغربية لابد لها ان تبقى سائرة في طريق يجمع بين عناصر ثلاث: المرأة، التنمية والتمكين رغم أنّ الإصلاحات الدّستورية والمعيارية قد مكّنت من إحراز تقدّم في مجال مساهمة المرأة في التنمية، فإنّ فعاليتها تبقى غير كافية في ظلّ غياب رؤية واضحة للتحقيق الفعليّ للمساواة بين الجنسين على المستويات المؤسساتية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

المراجع:

– الدستور المغربي2011

– مدونة الأسرة المغربية

– تقرير فدرالية رابطة حقوق الانسان

– تقرير وزارة الأسرة والتضامن

– تقرير الأمم المتحدة

– تقرير جسور ملتقى النساء المغربيات

– مقتطف من نص الخطاب الملكي بمناسبة الذكري 23 لعيد العرش(2022)

‏Waw.Marocdroit.com

http://arabic.cnn.com/.

https://ardbladi.com/

www.marocdroit.com

معلومات حول الكاتبة:

دة. سمية بومروان

باحثة في القانون العام والعلوم السياسية

قد يعجبك ايضا