هندسة وتجديد العلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني
محمد البغدادي
المقدمة:
حظي موضوع العلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب بتاريخ 10 مارس 2022، بأهمية كبرى في ظل المتغيرات المستجدة والأزمات الدولية التي تطرأ على النظام الدولي ، هذا فضلا عن اجتماع الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة بين المغرب في شخص رئيس الحكومة عزيز أخنوش وموريتانيا في شخص الوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال مسعود بتاريخ 11 مارس 2022 من أجل تعزيز الدينامية الإيجابية وإرساء شراكات مثمرة وذات البعد الاستراتيجي، تماشيا مع الاتصال الهاتفي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني بتاريخ 20 نونبر2020 [1]، وتفعيلا لمخرجات البيان الختامي المشترك بين وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بتاريخ 24 ماي 2021[2].
ويراد بالعلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب على أنها هندسة وتجديد الروابط التاريخية والعلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات سواء منها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية.[3]
ونظرا لمكانة العلاقات المغربية الموريتانية في ترسيخ التنمية المستدامة وتقوية التشاور السياسي بشأن العديد من الملفات الدولية والإقليمية والجهوية والقضايا الراهنة بين البلدين، فإن الإشكالية المركزية تتمثل فيما يلي: كيف يمكن هندسة وتجديد العلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني؟.
وتحت هاته الإشكالية المحورية تتفرع عنها التساؤلات التالية: ماهي هندسة وتجديد العلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني؟ وماهي أبعاد هندسة وتجديد زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المملكة المغربية؟.
وللحديث عن الموضوع، ارتأينا الاعتماد التقسيم التالي:
المبحث الأول: هندسة وتجديد العلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني
المبحث الثاني: أبعاد هندسة وتجديد زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المملكة المغربية
المبحث الأول: هندسة وتجديد العلاقات المغربية الموريتانية من خلال زيارة الوزير الأول الموريتاني
لاشك أن العلاقات المغربية الموريتانية خلال السنوات الماضية، تعرف مجموعة من الخلافات والتوترات والتجاذبات بشأن قضية الصحراء المغربية ، خاصة وأن الضغط الجزائري كان حاضرا في عرقلة جهود التنمية في الديار الموريتانية.
وعليه، سوف نعالج تاريخ العلاقات المغربية الموريتانية في المطلب الأول وأسس وثوابت العلاقات المغربية الموريتانية في المطلب الثاني.
المطلب الأول: تاريخ العلاقات المغربية الموريتانية
مرت العلاقات المغربية الموريتانية بالعديد من المحطات التاريخية التي تختلف عن غيرها من العلاقات الإفريقية المغربية، ونخص بالذكر:
-المرحلة الأولى:1970-1966 والتي تتعلق بالنكران وعدم الاعتراف باستقلال موريتانيا من طرف المغرب.
-المرحلة الثانية:1979-1970 والتي تتعلق بالتنسيق العالي بين المغرب وموريتانيا بشأن اتفاقية مدريد الثلاثية للصحراء المغربية.
-المرحلة الثالثة:1984- 1979 والتي تتعلق بانسحاب موريتانيا من حرب الصحراء عن طريق اتفاق ثنائي مع جبهة البوليساريو الانفصالية.
-المرحلة الرابعة: 1984-2005 والتي تتعلق الحياد الإيجابي للجانب الموريتاني بشأن النزاع الإقليمي المفتعل.
-المرحلة الخامسة:2005-2016 والتي تتعلق بالتعاون الموريتاني مع الجزائر وجبهة البوليساريو.[4]
المطلب الثاني: أسس وثوابت العلاقات المغربية الموريتانية
انطلاقا من التطورات الميدانية المتسارعة في القارة الأفريقية الذي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس سنة 2000، وعودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي سنة 2017، فإن أسس وثوابت العلاقات المغربية الإفريقية مبنية على تعاون وشراكة جنوب -جنوب الذي يتركز في مبدأ رابح رابح في شتى ميادين الحياة.
وتجدر الإشارة إلى أن ثوابت وأسس العلاقات المغربية الموريتانية لها من الخصوصيات والسيمات ما يؤهلها أن تصبح قوة إقليمية في منطقة شمال غرب إفريقيا، هذا فضلا عن الدور الموريتاني في مسلسل المفاوضات في حسم النزاع الإقليمي المفتعل. [5]
المبحث الثاني: أبعاد هندسة وتجديد زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المملكة المغربية
من الواضح جدا أن هندسة وتجديد زيارة الوزير الموريتاني إلى المملكة المغربية لها أبعاد كبرى وجوهرية في تقريب وجهات النظر، وتوحيد الرؤي والاستراتيجيات والخطط في العديد من الملفات الدولية والإقليمية والجهوية التي تعترض التنمية المستدامة لكل من البلدين.
وتبعا لذلك، سوف نتناول حمولات زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب في المطلب الأول ودلالات زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب في المطلب الثاني.
المطلب الأول: حمولات زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب
في إطار تجديد الالتزامات التاريخية والسياسية بين المغرب وموريتانيا، وتقوية الروابط والعلاقات التنموية ، فإن أهداف زيارة الوزير الأول الموريتاني بمعية وفد كبير مجهز بالفاعلين الحكوميين وبرجال الأعمال، فإن انعقاد الدورة الثامنة للجنة المشتركة بين البلدين تأكيد واضح وملموس على جدية ومصداقية المملكة المغربية من جهة، وثقة الدولة الموريتانية بالدور الريادي والطلائعي للمغرب في مختلف المجالات، لاسيما وأن المغرب يقدم تجاربه الناجحة إلى بلدان القارة الإفريقية سواء تعلق الأمر بمكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة ـأو قضايا المناخ والهجرة والطاقات المتجددة وصناعة السيارات، هذا فضلا عن دور المغرب في حلحلة الكثير من الملفات الدولية والإقليمية والجهوية داخل القارة الإفريقية.[6]
المطلب الثاني: دلالات زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب
من المؤكد أن مخرجات الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا تجسدت أساسا في توقيع 13 اتفاقية ومذكرة للتفاهم للتعاون الثنائي في مختلف المجالات سواء منها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية.
وينبغي التذكير إلى أن دلالات زيارة الوزير الأول الموريتاني إلى المغرب تندرج ضمن توجهات السياسية الإفريقية المغربية التي برزت بشكل كبير خلال عودته إلى مؤسسة الاتحاد الإفريقي التي ركزت على الجوانب الإنسانية وتأهيل البنية التحتية الاستثمارية والاهتمام بتنمية المواطن الإفريقي وضمان الأمن والسلم الإفريقي داخل بلدان القارة الإفريقية.[7]
الخاتمة:
وترتيبا على ماسبق ، يتبين أن العلاقات المغربية الموريتانية أضحت تندرج ضمن العلاقات البينية بين المغرب وبلدان إفريقيا، حيث عرفت مجموعة من التحولات والتطورات الحاصلة بين مختلف المشاريع المهيكلة والمجالات التنموية في إفريقيا من خلال تدفق الاستثمارات الأجنبية عموما و في المغرب تحديدا، فهي من بين العلاقات التاريخية والسياسية التي يجب على الحكومة المغربية أن تأخذها بعين الاعتبار في صلب برنامجها الحكومي، وذلك بالموازاة مع تشارك مختلف القوى الحية للأمة في إطار من التناغم والتكامل بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية.
ولنجاح العلاقات المغربية الموريتانية، لابد من اعتماد التدابير والإجراءات والوسائل، ونخص بالذكر:
-إرساء رؤية مشتركة إزاء مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية
-إعطاء دينامية استثمارية للمناطق الحدودية
-الاشتغال على مد الطرق
-مطالبة فعاليات المجتمع المدني بالانخراط في هذه الدينامية وتشبيك العلاقات
-دور الإعلام في بناء وتعزيز هذا التقارب وتحسيس أهمية هذا التعاون
-أهمية انخراط الجامعات والمراكز البحثية للبلدين نحو التحسيس بالفرص التي يطرحها هذا التعاون وهذا التنسيق.
-انخراط الأحزاب السياسية بين البلدين في هذه الذينامية
-إرساء شراكة متينة وواعدة بين البلدين
-توحيد الرؤى وتنسيق المواقف إزاء القضايا والملفات الإقليمية وذات الاهتمام المشترك
-استئثار بأدوار وازنة داخل العمق الإفريقي
-كسب رهانات الاستقرار في المنطقة بالنسبة للمصالح المشتركة سواء على المستوى الاقتصادي
والاستراتيجي والأمني.
-الاستفادة من تعاون الجانبين كالاتصالات والسدود والزراعة.
-تشجيع الاستثمارين بين الجانبين.
لائحة المراجع:
- الوثائق الرسمية
- بلاع الديوان الملكي حول الاتصال الهاتفي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني بتاريخ 20 نونبر2020.
- البرامج التليفزيونية
- مداخلة أحمد نور الدين، العلاقات المغربية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 30 يوليوز 2021.
- مداخلة إحسان الحافظي، العلاقات المغربية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 30 يوليوز 2021.
- مداخلة العباس الوردي، وزير الخارجية الموريتاني في زيارة إلى المغرب تأجلت مرارا، مشاركة في برنامج قناة الحرة، يوم 24 ماي 2021.
- مداخلة ديدي ولد السالك، ردود فعل الموريتانيين على اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 13 مارس 2022.
- مداخلة زينب بنت التقي، ردود فعل الموريتانيين على اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 13 مارس 2022.
- مداخلة طلحة جبريل، العلاقات المغربية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 30 يوليوز 2021.
- مداخلة محمد ينجح، ردود فعل الموريتانيين على اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 13 مارس 2022.
- مداخلة محفوظ ولد السالك، العلاقات المغربية الموريتانية، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 11 مارس 2022.
- مداخلة خالد محمدن، أهمية ورهانات العلاقات الاقتصادية و التجارية بين الرباط و نواكشوط، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 11 مارس 2022.
لائحة الإحالات:
[1] بلاع الديوان الملكي حول الاتصال الهاتفي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني بتاريخ 20 نونبر2020.
[2] مداخلة العباس الوردي، وزير الخارجية الموريتاني في زيارة إلى المغرب تأجلت مرارا، مشاركة في برنامج قناة الحرة، يوم 24 ماي 2021.
[3] مداخلة محفوظ ولد السالك، العلاقات المغربية الموريتانية، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 11 مارس 2022.
[4] مداخلة إحسان الحافظي، العلاقات المغربية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 30 يوليوز 2021.
[5] مداخلة طلحة جبريل، العلاقات المغربية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 30 يوليوز 2021.
[6] مداخلة أحمد نور الدين، العلاقات المغربية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 30 يوليوز 2021. وللمزيد من التوضيح راجع مداخلة محمد ينجح، ردود فعل الموريتانيين على اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 13 مارس 2022.
[7] مداخلة خالد محمدن، أهمية ورهانات العلاقات الاقتصادية و التجارية بين الرباط و نواكشوط، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 11 مارس 2022. وللمزيد من التوضيح أنظر مداخلة زينب بنت التقي، ردود فعل الموريتانيين على اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 13 مارس 2022. ومداخلة ديدي ولد السالك، ردود فعل الموريتانيين على اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وموريتانيا، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 13 مارس 2022.
معلومات حول الكاتب:
الدكتور محمد البغدادي
باحث في العلوم القانونية
بكلية الحقوق بطنجة