المحاماة وحق الدفاع في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية / ذ. عبد اللطيف وهبي

كلمة السيد وزير العدل من هيئة المحامين بمكناس وجمعية هيئات المحامين بالمغرب،  بمناسبة الندوة الوطنية المنظمة من طرفهما حول موضوع: “المحاماة وحق الدفاع في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية”.

 

السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض-رئيس النيابة العامة-

السيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب

السيد نقيب هيئة المحامين بمكناس

السيدات والسادة المسؤولون القضائيون والإداريون

السيدات والسادة المحامون

الحضور الكريم

 

بسعادة واعتزاز بالغين يسرني أن أشارككم هذا الجمع المبارك بالحاضرة الاسماعلية بدعوة طيبة وكريمة من هيئة المحامين بمكناس وجمعية هيئات المحامين بالمغرب في إطار الندوة الوطنية المنظمة من طرفهما حول موضوع                 ” المحاماة وحق الدفاع في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية”.

وهي مناسبة أغتنمها لأتقدم بالشكر للجهة المنظمة على هذه المبادرة الطيبة المسعى وظرفيتها الزمنية التي تصادف عرض مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية على مسطرة المصادقة بعد نقاش هام مع كافة المتدخلين في المنظومة الجنائية وتقاسم وتدارس الملاحظات المقدمة من لدنهم في هذا الشأن.

 

 حضرات السيدات والسادة الافاضل

 

لقد كان بودي أن أعيش معكم اليوم لحظة تفكير وتدارس مآل مستجدات كان من المأمول صدورها منذ سنوات عديدة، خاصة في ظل التغيرات والتحولات السريعة التي تشهدها منظومة العدالة الجنائية وذلك بعد مرور عقدين من الزمن على صدور قانون المسطرة الجنائية، غير أن اكراهات عديدة حالت دون تحققها لا يسع المجال للوقوف عليها.

حضرات السيدات والسادة الافاضل

 

لقد كان حريا بي منذ تقلدي مسؤولية هذه الوزارة العمل على التسريع بهذه المراجعة وهو ما سعيت إلى تحقيقه بروح إيجابية حافظت على المكتسبات وسعت إلى الانفتاح على تعديلات أخرى مهمة، وذلك وفق مقاربة تشاركية مع كافة الهيئات والمؤسسات المعنية بما فيها تمثيلية هيئة الدفاع الموقرة.

وإذا كان التوافق حول العديد من المستجدات الهامة كان حليفنا بما يخدم منظومة العدالة ورسالتها النبيلة، فإن الأمر لم يتأت بسهولة ويسر، وإنما عبر اجتماعات متعددة ونقاشات مستفيضة خاصة وأننا نشرع في مجال صعب وحساس يرتبط بمجال تدخل القاعدة الجنائية الإجرائية، وسؤال الموازنة بين مجالين شبه مختلفين، مكافحة الجريمة من جهة، واحترام الحقوق والحريات من جهة ثانية.

وهي مناسبة أود من خلالها التنويه بروح التعاون والنقاش المثمر بالروح الوطنية التي أبانت عنها الهيئات والمؤسسات المعنية في مراحل النقاش.

 

حضرات السيدات والسادة الافاضل

لقد حاول مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية ملامسة كافة المقتضيات الإجرائية الناظمة للدعوى العمومية في كافة مراحلها وفق فلسفة ومرجعيات راسخة في مقدمتها المواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية ودستور سنة 2011 وتوصيات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة علاوة على العديد من الوثائق المرجعية الوطنية والدولية.

وقد شملت أهم هذه المستجدات ما يقارب 470 تعديلا، إما بالتغيير أو التتميم أو هما معا أو بالنسخ أو بالإضافة، ويمكن إجمال أهم هذه المستجدات فيما يلي:

  • مراجعة الضوابط القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية نحو مزيد من التقييد لهذا التدبير الاستثنائي وترشيد اللجوء إليه ومراقبة ظروف الوضع رهنه وتنفيذه في وضع يضمن إقرار كرامة الأشخاص واستفادتهم من الحقوق المخولة لهم، خاصة على مستوى تقييده بحالات محددة والتنصيص على آلية التسجيل السمعي البصري اثناء تلاوة تصريحات المشتبه فيه وتوقيعه أو إبصامه. وكذا حضور المحامي لاستجوابات بعض الفئات الهشة كالأحداث وذوي العاهات المنصوص عليهم في المادة 316 من قانون المسطرة الجنائية وحق المحامي في الاتصال بالمشتبه فيه منذ الساعات الأولى لإيقافه وبدون ترخيص من النيابة العامة.
  • تتميم مسطرة التحقق من الهوية تفاديا لكل شطط أو تعسف في استعمالها.
  • وضع ضوابط لتأطير عملية اطلاع الرأي العام على مجريات بعض القضايا، خاصة ما يرتبط بإقرار قرينة البراءة وحماية المعطيات الشخصية.
  • تبسيط شروط انتصاب الجمعيات كطرف مدني في إطار الدعوى المدنية التابعة،
  • وضع آليات لضبط الوشايات المجهولة تفاديا لما يعرف بالوشايات الكيدية.
  • تأطير عملية مراقبة النيابات العامة لعمل الشرطة القضائية فيما يرتبط بتدبير الإجراءات، خاصة على مستوى تأطير إصدار مذكرات البحث واللجوء إلى الخبرة التقنية اللازمة وضوابط تقييم عملهم وتنقيطهم.
  • توسيع مجال العدالة التصالحية إلى الجنح التأديبية وتبسيط إجراءاتها وكذا تأطير عملية الوساطة فيها من جهات متعددة خاصة من طرف الدفاع أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة إلى جانب مساطر تصالحية أخرى كالسند الإداري التصالحي.
  • وضع ضوابط ناظمة للسياسة الجنائية سواء من حيث الوضع أو التنفيذ أو التقييم خاصة ما يرتبط منها بباقي السياسات العمومية للدولة في ظل التحولات التي شهدتها منظومة العدالة.
  • تقوية آليات مكافحة الجريمة خاصة المنظمة من خلال اعتماد ما يسمى بتقنيات البحث الخاصة المعتمدة في العديد من المواثيق الدولية ذات الصلة بمكافحة الجريمة خاصة اتفاقية باليرمو وفق ضوابط محددة.
  • ترشيد الاعتقال الاحتياطي من خلال عدة تدابير تروم تقليص المدة القانونية له في الجنايات من سنة إلى ثمانية أشهر واشتراط توفر سبب من الأسباب القانونية المبررة له وتعليله والتنصيص على إمكانية الطعن في شرعيته ووضع بدائل له خاصة على مستوى المراقبة الالكترونية.
  • السعي إلى التقليص من حالات التحقيق الإعدادي وتضييق ممارسة في الجنح ألا بنص خاص أو في حالات الجنح الواردة في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية.
  • مراجعة نظام عدالة الاحداث من خلال التأكيد على طابعه التأديبي (اللاعقابي) عبر العديد من المستجدات خاصة على مستوى السن الموجب للاعتقال.
  • تقوية مركز الضحية عبر العديد من الحقوق التي لم تكن مخولة له خلال مراحل الدعوى العمومية.
  • إعادة تنظيم المسطرة الغيابية.
  • مراجعة طرق الطعن الغير عادية بما يضمن المرونة والبت داخل أجل معقول.
  • التنصيص على آلية التخفيض التلقائي للعقوبة لتحفيز السجناء على التأهيل وإعادة الادماج، مع مراجعة مساطر رد الاعتبار نحو التبسيط.
  • توسيع دائرة اختصاص قاضي تطبيق العقوبات للبت في العديد من المساطر والإجراءات المرتبطة بالتنفيذ الزجري كالإدماج ورد الاعتبار وملاءمة العقوبة خلال عملية نقل المحكوم عليهم من دول أجنبية، مع فرض ضوابط للمنازعة في قراراته.
  • إعادة النظر في مساطر التعاون القضائي الدولي في الميدان الجنائي سواء من خلال تحديثها بآليات جديدة أو تبسيط المقنن منها، أو تأطير بعض الآليات المعتمدة في الممارسة كالأوامر الدولية بإلقاء القبض.
  • إعادة النظر في جزاء البطلان الاجرائي بما يراعي حقوق الأطراف وتحقيق ضمانات المحاكمة العادلة.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل

 

تلكم كانت جملة من التعديلات الواردة في المشروع والتي لا يسع مجال هذه الكلمة الافتتاحية عرفا وزمنا للتفصيل فيها، لاسيما وأن برنامج هذه الندوة العلمية الهامة سطر جلسات عروض ونقاش لأهمها خاصة على مستوى مركز المحامي وحقوق الدفاع، وهو ما سنعمل على متابعة النقاش الدائر حوله بالحرص والجدية اللازمين والتفاعل مع التوصيات والمقترحات المقدمة خلاله في انتظار التوصل بملاحظات جمعية هيئات المحامين حول المشروع تأكيدا للمقاربة التشاركية التي نسعى الى احترامها في كافة المشاريع التي تشتغل عليها هذه الوزارة.

وفقكم الله في أشغال هذه الندوة وكلل بالنجاح والتوفيق مساعيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد يعجبك ايضا