دور التفاوض في حل المنازعات الأسرية

مصدق أسماء

مقدمة:

مما لا شك فيه، أن التنشئة الاجتماعية قائمة على علاقات مختلفة الروابط، ولعل أبرز هاته العلاقات هي علاقات إنسانية، زوجية وحتى أسرية؛ فهذا التلاحم الأسري هو قاعدة المجتمعات وبطبيعة الحال هو مؤسسة أسرية قائمة الذات تنبعث من ظروف الحياة والطبيعة التلقائية للنظم الاجتماعية، وبه فهو ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام وجوده الاجتماعي. الذي لا يتحقق إلا بوجود كائنين مكملين بعضهما لبعض لتكوين أسرة.

إن هاته الوحدة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، ألا وهي الأسرة، خلية مجتمعية متعددة الوظائف، والقاعدة الأساسية في تكوين المجتمعات وتنشئة الأفراد تنشئة صالحة، وأنها أداة أساسية في نشر السلم الاجتماعي بين الشعوب والقبائل والمجتمعات، وبها تتحقق التنمية.

تعتبر الأسرة الإطار العام الذي يحد تصرفات أفرادها، فهي ميلاد للأسس والقيم المجتمعية، إذ تعد أول عملية اجتماعية وهي عملية ” التنشئة والترويض الاجتماعي ” لأن الأطفال يولدون صفحة بيضاء منا يتعلمون ويكتسبون القيم والمبادئ والتصرفات، وبالتالي فلا بد من أن يروضوا على أن يكونوا اجتماعيين مواطنين صالحين لهم حب وغيرة على الوطن، وفق تنشئة قوية وتربية صالحة، ومنه فالأسرة تساهم بشكل مباشر إما في مجتمع منحل وفاسد أو مجتمع قوي ومتماسك وصالح.

لا محال أن العلاقات الأسرية كثيرا ما يتحول فيها التوافق إلى التباين والتنافر وهذا قد يؤدي حتما إلى الصراع فالنزاع، وبالتالي تتعاكس الآراء والأفكار والاقتراحات، مما يؤدي إلى النفور من بيت الزوجية وبه قد ينحل ميثاق الزوجية؛ وتبقى الجهة الرسمية للبث في هاته النزاعات والضمانة للحقوق والحريات للأفراد هي المحكمة، على اعتبارها الجهة الأصيلة والمستقبلة لمختلف الفئات المجتمعة والساهرة على التطبيق السليم للقانون.

تعرف مؤسسة القضاء كثرة القضايا وطول أمد التقاضي والعلنية في الجلسات، وأكثر من هذا أنها تولد الكراهية والحقد وتنزع العلاقات بين الأفراد ولاسيما العلاقة الزوجية، مما يؤدي إلى تمزق نسيج الاجتماعي والاقتصادي. يتجلى دور المحكمة الاجتماعية في تهدئة الأوضاع من شقاق نحو الوفاق. وهو ما يصعب عليها لكون أن هبة المحكمة ورسميتها أثناء الجلسات والشكليات المعقدة وحتى جلسة القاضي وهندامه لا يساعده على إنجاح عملية الصلح بين الزوجين مما أدى إلى ارتفاع مهول في نسب الطلاق.

 

لهذا أصبح من الضروري البحث عن أرضية ملائمة لتهدئة الأوضاع وتقوية العلاقات الإنسانية، وبه بدأ التفكير في الوسائل البديلة عن المساطر القضائية التي تفضي إلى إيجاد حلول مرضية مقبولة من طرف أطراف النزاع، فمصطلحات التحكيم والصلح والوساطة والتفاوض يتعلقون بإرادة الأطراف في تقبل ذلك الحل المرضي بينهم، ومنه للوسائل البديلة عدة فضائل كالسرعة في البث، السرية وأكثر من ذلك كون أن المصالح أو الوسيط لا يعطيان حل ولا يفرضان عليهم الحل، هم فقط يقربوا وجهات النظر ويساعدوا على  تبسيط الخلاف القائم بينهم بطريقة عقلانية وودية مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل وتحقيق الأمن الاجتماعي.

إن أحد مقومات تحقيق الأمن الاجتماعي هي استقرار الأسرة باعتبارها الحجر الأساس الذي يقاس بها مدى قوة الأمن الاجتماعي وحتى الاقتصادي بالبلد. فجل التشريعات بدورها أحاطت الأسرة بمجموعة من القواعد القانونية بهدف جعلها لا يطالها أي اختراق، فإن واقع الأسرة مع ذلك يعيش وضعا هشا وغير مستقر يجعل معه أيضا الأمن الاجتماعي هو الآخر غير مستقر.

بحيث عرفت نسبة الطلاق، مع جل هاته القواعد القانونية والنصوص التشريعية، ارتفاعا مهولا في السنوات الأخيرة، في معظم بلدان العالم، وهذا راجع في كثير من الأحيان إلى عدم التواصل الجيد بين الطرفين مما يؤدي إلى سوء الفهم في بعض الأمور الأسرية أو بعض الاحتياجات أو كيفية تربية الأطفال مما ينتج عن ذلك بعض الخلافات تتحول إلى صراع ثم نزاع وبه قد ينشأ تصدع أسري وكثيرا ما تنفك العلاقة الزوجية. لذا أصبح من اللازم الرجوع إلى الموروث القديم الجديد الوسائل البديلة لحل المنازعات لتهدئة الأوضاع وتقريب وجهات النظر والحفاظ على العلاقات العائلية مع تعزيز مكانة العدالة التصالحية بالمجتمع.

لا محال أن كثير من المنازعات الناشئة بين الزوجين خاصة والأسرية عامة، تنشأ إما نتيجة سوء الفهم بين الطرفين أو سوء التواصل بينهما أو عدم الحوار، لذا من لازم تطوير مهارة التواصل بين الزوجين والجلوس على مائدة الحوار من أجل إيجاد حلول مرضية توافقية سليمة من أجل تعزيز ثقافة التفاوض لضمان نتيجة متساوية رابح = رابح.

صحيح على أن تقنية التفاوض نسمعها في المجال السياسي والدبلوماسي ومن أجل الحفاظ على العلاقات السياسية الدولية وضمان كلا من البلدان المتفاوضة على مصلحة موحدة، وكذا في المجال الاجتماعي والاقتصادي وغيرها، وبه المجال الأسري أولى بهذه التقنية الفنية الهادئة الذي يكثر فيها المشكلات بسبب أو بآخر، إلا أن التفاوض الهادئ، وإعمال العقل والحكمة في موازنة الأمور، يبقي الأوضاع هادئة مستقرة، بعيدة عن أية مفاجآت غير سارة، تضر كيان الأسرة خاصة، ويتفق الجميع على أهمية التفاوض في محيط الأسرة، لحل المشكلات والأزمات التي تقع داخل هذه المنظومة الاجتماعية، لذلك على أفراد الأسرة خاصة – أولياء الأمور من الآباء والأمهات -، أن يدركوا أن التفاوض الأسري يقلل من وقع المشاكل، كما أنه وسيلة واقعية ومعروف أن المشاكل الأسرية عديدة، بعضها صغير، والبعض الآخر كبير، ويؤثر المفاوضات عليها، وليس بمستغرب أن قلنا أن التفاوض قد ينهي مشكلة، ربما تكون نهايتها ” الطلاق “، والواقع يكشف أن عديد من الأزواج بالتفاوض البناء، وصلوا إلى حل مشاكلهم كادت أن تؤدي بهم إلى نهاية غير سعيدة للطرفين، وهنا نرصد أهمية التفاوض في المجتمع، وتحديدا في محيط الأسرة، إلا أن طريق المفاوضات يفتح أبواب عديدة لعلاج مجموعة من المشاكل الأسرية، دون الوصول إلى نهايات لا يحمد عقباها.

تكمن أهمية التفاوض بين أفراد الأسرة بكونه أعظم سلاح لمواجهة وحل المشاكل في المجتمع بصفة عامة، خاصة إذا استخدم باتباع طرقه المثلى والصحيحة، وبه فالتفاوض أساس الحياة الزوجية، وعليه تقوم المسيرة الصحيحة للأسرة، بحيث يعتمد على أسلوب التحدث بين الطرفين واختيار الوقت المناسب لطرح القضية والتفاوض حولها، حتى يتم الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبالتالي فعملية التفاوض لحل المشكلة بين الزوجين تحتاج إلى بعض الجوانب المهمة، أولها اختيار الوقت المناسب للحوار والتفاوض بعد أن تهدأ الزوبعة وتعود الأمور إلى طبيعتها، ومن المهم جدا أن يكون الحوار والتفاوض بلغة موحدة، أي عدم الفصل بين الزوجة والزوج وعدم اتباع سلوك القول ب (أنا ) و (أنت )، بل نقول (نحن ) ليكون التفاوض أكثر فعالية وإيجابية، ويصل إلى أقصى درجة من الاندماج والتفاهم.

للتفاوض طرق ووسائل عديدة، منها التعويد والاقتداء، فالتدريب، ثم المتابعة، والتوجيه، في حين يرى الطفل والديه يتعاملان معه أو بينهما بالتفاوض والحوار، سيقتضي بهما الإيجابية على الفرد نتيجة ما اعتاد عليه من عملية التفاوض لحل المشكلة، والنتائج تظهر أكثر وضوحا حينما يتقدم العمر بهذا الطفل أو بتلك الطفلة. وبه يبرمج الطفل أو الطفلة على هذا السلوك الإيجابي الفعال حتى تصبح لديه مهارة في لاوعي ويتعامل بها مع أقرانه بكل عفوية وتلقائية.

يرجع اهتمامي بهذا الموضوع لأسباب ذاتية كوني أحب المجال الاجتماعي بمختلف تخصصاته، وأؤمن بأن الإصلاح المجتمعي نابع من الأسرية ليعود إليها، وأن تقوية العلاقات الأسرية تتسبب لا محال إلى تقوية العلاقات الاجتماعية، لتحقيق عدالة اجتماعية، على اعتباره هو الماضي والحاضر والمستقبل تصلح الدولة بإصلاح الأسرة، لكون أن الأسرة منشأة أجيال وأجيال وكل منه يتصدر منصب معين، لذا من الضروري والمؤكد أن نعطي كل اهتمام لهذا المكون النشيط والحيوي والفعال لغد أجمل وأعظم وأفضل.

 

وعليه، حاولنا معالجة هذا الموضوع من خلال تبنينا للإشكالية التالية:

 

إلى أي حد يمكن أن نقول على أن تقنية التفاوض فعالة في تسوية المنازعات الأسرية؟ وأي دور للتفاوض في حماية العلاقة الأسرية؟ وما مدى نجاحها في ذلك؟

 

تتمخض على هذه الإشكالية تساؤلات فرعية ذلك من قبيل:

  • ما معنى التفاوض الأسري؟

– أية ثقافة أسرية في تبني إدارة التفاوض داخل العلاقة الزوجية؟

– أي دور يلعبه التفاوض في الحياة الزوجية؟

– هل الأطفال سبب في وجود عملية التفاوض؟

– كيف يمكن إدارة الموقف التفاوضي؟

– ما هي معوقات التفاوض في أقسام الإصلاح الأسري؟

– ما هي آثار التفاوض على العلاقة الأسرية؟

 

لمعالجة هاته التساؤلات ارتأينا تبني المنهج الثنائي وذلك من خلال مبحثين:

 

المبحث الأول: خصوصية التفاوض في حل المنازعات الأسرية.

المبحث الثاني: تجليات التفاوض على حل المنازعات الأسرية.

 

 

المبحث الأول: خصوصية التفاوض في حل المنازعات الأسرية

 

إدراكا منا أن أولى المنازعات البشرية وأحقها بالتفاوض هي المنازعات الأسرية، لما له من أهمية كبرى في إخماد فتيلة النزاع، ورأب التصدع الأسري ونشر المودة والوئام بين الزوجين وإحلال الوفاق بدل الشقاق، لذا من لازم استخدام كل المجهودات والوسائل بكيفية فعالة والاستعانة بجميع الآليات التي تساعد على نشر هاته الثقافة في العالم العربي، لما لها من مزايا حسنة قيمة على الزوجين والأبناء والمجتمع ككل، ذلك من أجل تعزيز الثقة داخل الأسر مع تحقيق الأمن الاجتماعي وتكريس المسؤولية الاجتماعية.

فضلا عن ذلك، يعتبر التفاوض قناة أساسية ومهمة لحل الخلافات العالقة، وهو خير علاج لما قد تطرحه الحياة العملية على العموم والحياة الأسرية على الخصوص، من جدالات ونقاشات قد يصل بها الأمر في بعض الأحيان إلى أن تصبح عبارة عن نزاعات تهدد حياة الأسرة بالانهيار، وذلك إذا لم يتم الإسراع إلى تدارك الأمر بكل جدية وحزم. لكون أن الأصل في ميثاق الزوجية وجد ليدوم ويستمر، ضمانا لاستقرار الأسرة، وحمايتها من التفكك، مع توفير أسباب تنشئة الأطفال تنشئة سليمة، ومن أجل هذا وجب عدم اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية، ومن أجل تغرس هذه العلاقة الأسرية وتثبيت معالمها وجذورها لابد من سقي العلاقة بالحوار البناء والفعال، لتواصل جيد وتفاوض أجود يحافظ على العلاقات الأسرية وعلة دوامها واستمرارها.

 

– فما المقصود بالتفاوض الأسري؟؟؟؟

– كيف يمكن الإعداد والتخطيط للتفاوض أسري الفعال؟؟

– كيف يمكن إدارة الموقف التفاوضي؟؟

– هل فعلا إدارة الموقف التفاوضي داخل الأسرة يقلص من النزاع الأسري؟؟؟

– هل وجود الأطفال سبب في وجود عملية التفاوض؟؟؟؟؟؟؟؟

 

 

المطلب الأول: تقنية التفاوض لإدارة النزاع الأسري:

 

إن العلاقات الإنسانية لا يمكن استمرارها إلا بوجود التفاهم والتعاون، لكن هذا لا يمنع من القول بأن هذه العلاقة تحمل ضمنيا بذور النزاع وهي طبيعة بشرية ناتجة عن الاختلاف، وكما لاحظ الفيلسوف الفرنسي فوكو (Faucault) بأن الإنسان يجد نفسه في صراع بينه وبين الآخرين، فيحاول تجنبه أو على الأقل التخفيف منه، دون اللجوء إلى قاعات المحاكم حيث تطول الإجراءات وتتشابك المساطر وتشتت الأسر التي لها خطورة كبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. هذه في العلاقات العامة لما لا تكون في العلاقات الحساسة كالأسرة، على اعتبار أن الأسرة هي المجتمع ككل وتنشأ بها مجتمعات، وبالتالي هي الأولى بكل الاهتمامات ومن المفروض أن نكن إليها رعاية خاصة.

فأول النزاعات تبدأ بالخلافات سواء على مصاريف البيت أو على تربية الأبناء أو بعض الأمور بين الزوجين وغيرها، لذا لا بد من الحوار الهادئ في جو ملائم بلغة سليمة وواضحة ومفهومة للطرفين قبل أن يطور الخلاف إلى أشياء لا يحمد عقباها، وهذا جزء من تقنية التفاوض والمفاوضات على مختلف المصالح من أجل تقريب وجهات النظر بين الزوجين للوصول إلى حقيقة توافقية تصالحية تنتج عنها معادلة متساوية وهي رابح = رابح.

ويعرف التفاوض في قاموس معاني العربي، أن مصدرة من الاسم فاوض أو شاور أو تداول وتباحث، والفعل يفاوض. وفي المعجم الوسيط فاوضة في الأمر مفاوضة أي بادلة الرأي بغية الوصول إلى تسوية واتفاق، وفاوضة في الحديث فهي تعني بادلة القول، والمفاوضة هي تبادل الرأي من ذوي الشأن فيه بغية التوصل إلى تسوية واتفاق حول موضوع ما. ويهدف التفاوض إلى إيجاد حلول لقضية أو مشكلة بين الأطراف المتفاوضين عن قناعة، يوجد فرق بين التفاوض والمساومة حيث إن المساومة هي عملية استخدام أساليب قسرية أو ورقة ضغط تجبر الطرف الأخر علة القبول والإذعان لإرادته. في حين أن التفاوض مصطلح شامل يستخدم بعدد من الطرق والاتصال سواء المباشر أو غير المباشر يستخدم عن بعد وكذلك يستخدم بالإشارة.

يعرف التفاوض أنه حوار استراتيجي يهدف على فض النزاعات بين الأطراف. ويعرف التفاوض أنه أسلوب الاتصال العقلي بين طرفين يستخدمان ما لديهما من مهارات الاتصال اللفظي لتبادل الحوار الإقناعي ليبلغا حد الاتفاق على تحقيق مكاسب مشتركة. وبذلك يتضح من خلال التعاريف السابقة أن مصطلح التفاوض يختلف عن مصطلح الحوار أو النقاش أو المساومة. ويعرف في أحد المقالات الإنجليزية أن التفاوض عبارة عن نقاش يتم بين شخصين أو أكثر مختلفين من أجل المحاولة للحصول على اتفاق لحل مشكلة أو قضية. ومن خلال التعاريف السابقة أن مصطلح التفاوض يختلف عن مصطلح الحوار أو النقاش أو المساومة. ويعرف في أحد المقالات الإنجليزية أن التفاوض عبارة عن نقاش يتم بين شخصين أو أكثر مختلفين من أجل المحاولة للحصول على اتفاق لحل مشكلة أو قضية. ومن خلال التعاريف السابقة يلاحظ أن التعريف اشتمل على كلمة تفاعل وحوار ونقاش وتفاوض وعملية وأسلوب ونهج طريقة كلها ترمي إلى توافق في مصلحة مشتركة وحل خلاف النزاع. وتعد المساومة والجدال والنقاش والمفردات الأخرى التي ذكرت في التعاريف السابقة أدوات من أدوات التفاوض حيث يعد مصطلح شامل لهما. ويعرف الباحث محمد علي أحمد حمران أن أكثر من أجل التوصل إلى اتفاق يلبي إدارة المتفاوضين عن رضا وقناعة ونية صادقة في أن تقتصر على موضوع التي تم التفاوض من أجله. ولكن الباحث يشير من خلال دراسته الفن العسكري أن الحرب تعد أداة من أجل إجبار الخصم إلى التفاوض، أي أن هنالك عمليات تسبق التفاوض وعمليات يتم التفاوض.

وبالتالي يمكن القول على أن التفاوض عامة هو عملية اجتماعية معقدة، تتأثر بهيكل العلاقات الاجتماعية وتؤثر فيها وتتأثر باتجاهات المفاوضين وتؤثر فيها وهو عملية تتأثر بالقوة والموارد المتاحة لهم وليس فقط من زاوية المحتوى المادي والموضوعي لتلك القوة، وبالتالي فهو عملية مستمرة ومتكاملة وليس أنشطة مجزئة يمكن القيام بها بطريقة منفصلة ومن ثم يحتاج إلى إدارة واعية تقوم على الإعداد والتخطيط الجيد والتنظيم والتوجيه والمتابعة والتقييم.

إن هيمنة التفاوض على المجال السياسي الذي يوحي بالخصومة والنزاع مما يؤدي إلى الصراع يتنافى مع الحياة الزوجية التي تقوم على المودة والرحمة، لكننا هنا لا نقصد بالتفاوض بالمعنى السياسي الصراعي، بل إدارة العلاقة الزوجية بشكل منظم بعيدا عن العشوائية التي تسمى أحيانا بغير اسمها، وتؤدي إلى فشلها لميل كفة الميزان لصالح طرف على حساب الطرف الآخر، لذا فالتفاوض هنا يتم بين طرفين عن وعي دائم وحكمة شاملة بأنهما يشكلان وحدة واحدة في مركب واحد، وإن علاقتهما ليست صراعية، بل تراحمية تكاملية، وما التفاوض إلا أداة لضبط ميزان الحقوق والواجبات.

فالتفاوض لا غنى عنه في العلاقات الأسرية عامة والزوجية خاصة بحيث أن الزوجين دائما في تفاوض مستمر على مختلف الأشياء، وبه فهو إرث ثقافي يحددان أدوارهما بحيث أن كل عمل مشترك حقا يستدعي لتفاوض، لكون أن حاجيات الإنسان تتغير ومتطلبات الحياة تتغير، لذا فالتفاوض لا غنى عنه في العلاقات الجيدة والمعاودة طيلة الوقت، وتظل المفاوضات ناجحة إذ توفر ” حسن النية ” في الوصول إلى نقاط مشتركة مثمرة.

إلا أن الكثير من الأزواج والزوجات يخافون من التعبير عن حاجياتهم فيضطرون إلى إخفائها أو تمويهها. فتكون النتيجة ” خيبة الأمل ” لعدم حصولهم على ما يريدون، والضجر من الشريك لأنه لم يسد حاجاتهم الدفينة. متناسين أن المودة لا تأتي بدون مصراحة، فشريكك لا يستطيع قراءة أفكارك. لذا من لازم الإفصاح على الأفكار والاعتقادات وتوسيع دائرة النقاشات بينهم لتصفية الخواطر والعيش في سلام داخلي.

 

 

ولعله من المفيد أن نأكد على أن التفاوض بين الزوجين أساسي لنجاح العلاقة والعيش في طمأنينة وأمن وأمان لتحقيق سلام بيت الزوجية وثقافة تمرر للأبناء ويصبحون يتعاملون بها في علاقاتهم اليومية. بالتفاوض الأطراف يحترمون الخلاف ويفهمون الخلاف ويتعاطيان معه، وبه يتفقون على إيجاد حلول مرضية توافقية ترضي الجميع. فالتفاوض يأتي لنقاش موقف معين والحوار في وجهة نظر معينة تهم الزوجين، وبه ما هو هذا الموقف التفاوضي بين الزوجين؟؟؟؟؟

 

عندما يبدو للزوجين حاجة للجلوس والحديث معا، فيشير ذلك إلى أن حدثا قد بدأ يؤثر سلبا على علاقتهما الزوجية. وفي العموم، إن تحادث الزوجين معا هنا يلزمه أربعة أمور: أولها الوقت الكافي، يليها ميولا إيجابيا أو حيادية على الأقل لقبول الاجتماع مبدئيا مع الأخر، بعدها انتباها وتركيزا إداكيين، موضوعا ليكون مادة الحديث. وإن أهم وظيفة اجتماعية سلوكية يؤديها التحادث هي: معرفة الزوج والزوجة لظروف وحوادث وأسباب ورغبات الأخر التي جعلته يضعف أو يقصر أو يسئ للواجبات والعلاقات الزوجية. والأهداف والطموحات التي يتمناها في الآخر والحياة الزوجية. أي أن الدور الرئيسي الذي يخدمه حديث أو تحادث الزوجين هو إدراك وفهم أحدهما للآخر حتى لحظة إجماعهما معا.

 

ومن هنا، يجب أن لا تقتصر أن ينحصر حديث الزوجين معا على الجوانب الجادة الإيجابية أو السلبية في زواجهما، بل يفضل أن يمتد ويتشعب لشتى الأمور الثقافية العامة والخصوصيات الشخصية وللرغبات والفرض الترفيهية أو الترويحية للزوجين ثم للأسرة بكاملها مع الأبناء..، وأن يكون هذا الحديث غير رسمي ومنفتح، يتم في جو من الاسترخاء والتفاؤل أو الرغبة في الاستماع إلى الآخر والأخذ والرد معه.. وإذا تحول التحادث في طبيعته ومناخه العام إلى تسامر، فإن ذلك يشير إلى صحة ودفء العلاقات الزوجية وتقدمها في تحقيق الأهداف الأسرية، التي تأسست بناء عليها هذه العلاقات.

 

إن للإدارة الموقف التفاوضي أهمية بالغة في تحقيق هذا الاستمرار الأسري لأسرة متوازنة متفاهمة مستقرة، حيث يتم فيه ممارسة إدارة التفاوض فعلا، وهذا يتطلب مجموعة من المهارات والقدرات التي يجب أن يتمكنا منها، لإنجاح هاته العملية وللوصول إلى اتفاق أو حل مشكلة و الصلح بين الزوجين، إذ يرى الاختصاصين الاجتماعيين الذي يريد جلسة التفاوض لابد من توافر مجموعة من الخطوات التي يجل أن توضح أمام الذي يدير جلسة التفاوض، منها:

 

 

 

– التعارف: وهي خطوة مهمة ومنطقية عند البدء الجلسة وهي مهمة لكل من الأخصائي الاجتماعي والأطراف المتنازعة، حيث يجب عليه أن يبادر بها في عملية التفاوض لأنها تمكن من بناء جسر من الثقة الذي يؤدي إلى تكوين علاقة مهنية في عملية التفاوض.

– افتتاح جلسة التفاوض: بعد أن تتم عملية التفاوض يبدأ الأخصائي الاجتماعي بافتتاح الجلسة ويقوم بالترحيب حتى يعطي انطباع للأطراف المتنازعة بأنه مهتم بهم، ثم يقوم بعرض موضوع النزاع بشكل واضح وبلغة بسيطة ومفهومة ويؤكد على أهمية التواصل إلى اتفاق، والنتائج الإيجابية والسلبية المتوقعة من هذا الاتفاق من عدم استخدام عبارة تبرز القوة أو التهديد.

– التكيف مع الموقف التفاوضي: وهي عملية ومهارة مطلوبة في المفاوض لأنه يقابل أنماط كثيرة ومتنوعة من السلوك أثناء جلسات التسوية مما يفرض عليه التكيف السريع والتوازن مع كل جديد في مواقف النزاع.

– توجيه الأسئلة الاستدلالية والتفسيرية: وعادة ما يستخدمها المفاوض ويجب أن يحددها في مرحلة الإعداد حتى يتسنى له القيام بعملية الإفراغ الوجداني للزوجين مما يسهل في كثير من الأحيان الحل أو التوصل إلى الصلح.

– مرحلة التعاقد وإبرام الاتفاق: وهي مرحلة يصل إليها المفاوض الاجتماعي بعدها يهيئ كل من الطرفين المتنازعين إلى إقرار حل معين يرتضيها كل منها، ويعتبر ذلك مرحلة إنهاء الجلسة التفاوضية إذا تم إبرام الاتفاق بين الزوجين.

– تقيم الأداء التفاوضي: وفيها يقوم المفاوض بمراجعة الأهداف المبتغاة والتي تم تحديدها مسبقا في مرحلة الإعداد للتفاوض، ثم يقوم بمقياس وتقدير النتائج التي تحققت من جلسة التفاوض وأخيرا مقارنة هذه النتائج بالأهداف الموضوعية.

 

وبه يمكن القول على أن إدارة الموقف التفاوضي بين الزوجين لا بد من أن تطبعه الحنكة والحكمة والمرونة وتفرقة المصالح على المواقف لنجاح هاته العملية، وبالتالي فالنقاش حول المواقف ما هو إلا تعقيدا للخواطر وللحوار ويؤثر بشكل سلبي على العلاقة الزوجية، والنقاش حول المواقف أسوأ ما يكون عندما يكون هناك أطراف تجمعهم العلاقة الدائمة والترابط الوثيق والنكاح على وجه الدوام غاياته متعددة ومستقرة وتنموية واستثمارية وفي تكوين أجيال جادة مسؤولة ملتزمة لمجتمع زاهر وفضيل.

 

 

 

ومنه يمكن القول، أن التفاوض محدد من محددات النجاح وهو شرط مبدئي يحدد مدى النجاح الممكن تحقيقه عند الدخول في التفاوض الفعلي، ويتضمن الإعداد الجيد للتفاوض من المرتكزات الهامة لنجاح العملية، وأيضا التركيز الجيد على الهدف المرجو من دخول المفاوضات، حيث أن عمق الاستعداد يؤدي إلى الترفع عن المصالح الشخصية للأطراف، وبالتالي يضع الأطراف في موقف واحد وهو الوصول إلى نتيجة ترضي جميع الأطراف.

أي مسألة أو مقاربة لابد من التحضير لها تحضيرا جيدا، كذلك بالنسبة للتفاوض لا بد من التحضير والتخطيط له، من أجل ضمان النتائج المرغوب فيها وإنجاح هاته العملية وتحقيق الغايات المرجوة لضمان الاستقرار الأسري والأمن المجتمعي.

 

وبه ما مدى فعالية التفاوض في إدارة النزاعات الأسرية؟؟؟؟ 

 

 

المطلب الثاني: فعالية التفاوض في إدارة النزاعات الأسرية:

 

إن الإعداد لعملية التفاوض يستند على مجموعة من العناصر والتي تحدد لنا الإطار العام لعملية التفاوض ويعد الإعداد للتفاوض أهم المراحل يتوقف عليها حجم إنجاز الأهداف. فالإعداد الجيد يعطي نتائج جيدة، هذا الأخير يخضع لاعتبارات ومتغيرات عديدة تختلف باختلاف الحالة التفاوضية وسنتطرق لعملية الإعداد في محاولة الإجابة على الأسئلة التالية:

– ما أهمية عملية الإعداد للتفاوض؟؟؟ وما أهدافه؟

– هل حتي في النزاعات الأسرية تحتاج إلى الإعداد والتخطيط للتفاوض؟

– وما مدى فعاليته في إنجاح واستمرارية العلاقة الزوجية والتقليص من المنازعات الأسرية؟

قد يتبادر إلى الذهن كون أن التفاوض هي قدرة فطرية يمتلكها بعض الناس والبعض الآخر لا يمتلكها، إلا أن مفتاح التفاوض الناجح هو الإعداد والكثير من الإعداد انطلاقا من البحث في الخلفية إلى الإستراتيجية والتخطيط الملموسين. إن الإعداد للتفاوض يعتبر من محددات النجاح في التفاوض، وهو شرط مبدئي يحدد مدى النجاح الممكن تحقيقه عند الدخول في التفاوض الفعلي، ويتضمن الإعداد الجيد على جملة من المرتكزات منها، تحديد طبيعة وتأثير الظروف المحيطة بالموقف التفاوضي، تحديد القضايا التي سيتم التفاوض حولها ودراستها. وتتجلى هاته الأهمية في أنها تساعد على تحقيق التواصل الجيد والتفاهم الفعال، وأيضا التركيز على الهدف المرجو من الدخول للمفاوضات، حيث أن عمق الاستعداد يؤدي إلى الترفع عن المصالح الشخصية للأطراف، وبالتالي يضع الأطراف في موقف واحد وهو الوصول إلى نتيجة ترضي جميع الأطراف، في حين أن عند تجاهل هذا التخطيط أو الإعداد يؤدي هذا الأمر إلى هبوط مستوى التفاوض ويترتب على هذا الأمر عدم تحقيق النتائج المرجوة من عملية التفاوض كنتيجة عامة ومرور هذه المفاوضات بمجموعة من العراقيل والتخبطات.

كل هذا يتماشى مع المفاوضات في المجال الأسري، فلإنجاح هاته العملية في هذا المجال الحساس لابد من المرونة والتعرف على وجهات النظر لكل الزوجين والتقرب منهما وعدم معارضة التدخلات لكل طرف ولابد من معرفة الموقف التفاوضي، والاشتغال عليه والتخطيط له مع مراعاة بقية أطراف الأسر خصوصا الأطفال، فالإعداد الجيد يستهدف التنبؤ بالصعوبات التي يمكن أن يواجهها المفاوض، وتطوير البدائل الممكنة للتغلب عليها لضمان استمرارية العلاقة.

 

 

كما يساهم الإعداد السليم في التقليل المفاجأة في عملية التفاوض، وبالتالي زيادة القدرة على إرادة المفاوضات بنجاح. أيضا من تجليات عملية الإعداد منح الثقة للطرف المفاوض مردها البيانات والمعلومة التي اكتسبها من خلال الإعداد سواء المتعلقة بموضوع النزاع أو المتعلقة بالطرف الأخر، هذه الأخيرة التي تعتبر عنصرا مهما من عناصر الإعداد لما لها من وقع على مجريات عملية التفاوض.

إن إعداد الخطة وتركيبتها وكيفية القيام بها، مع طرح مختلف الحالات والاحتمالات التي قد نصادفها أثناء القيام للنشاط، وذلك في مختلف مراحل العملية التفاوضية، من سياق وسباق ولحاق للعملية مع التركيز على الهدف الأسمى وهو نجاح العملية. وهذا عادة وفي كثير من الأحيان تبادر إليه الزوجة من أجل التوفيق أو توضيح موقف معين فهي تكون على وعي تام من أجل نجاح هاته العملية أن توفر جو ملائم للزوج والوقت المناسب وتوفير مناخ هادئ لمحادثة والمناقشة، وبالتالي تكون الزوجة هي المفاوضة في تلك اللحظة لذا لا بد من توفيرها على مجموعة من التقنيات لنجاح العملية بكل دبلوماسية وذكاء.

فالتحضير الجيد يستوجب التخطيط الجاد والتفكير بعمق في الوجهتين معا وفي الطرفين معا، وذلك في جل الاحتمالات التي قد تقع والأشياء التي قد يفكر فيها الطرف الآخر. فالتحضير يحتاج الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأسئلة وأن تكون على دراية بها.

هل تم تحديد الأهداف والنتائج النهائية بصورة واضحة وموضوعية؟؟ هل كل ما نريده  من التفاوض له قيمة حقيقية؟؟ وإلى أي مدى يمكن أن نتنازل عن بعض ما نريد؟؟؟ وما مستوى التنازل الذي يمكن الاستجابة له؟؟؟ ما هي الأولويات؟؟ وكيف يتم ترتيب الأهداف؟؟؟ وما الأهمية النسبية للأهداف؟؟؟ وهل لديك قائمة بالمطالب والأهداف والنتائج المترتبة حسب أولويتها؟؟؟ ما الوسائل في الإقناع؟؟؟ ماذا يريده الطرف الآخر؟؟ هل لديك توقعات عن احتياجات الطرف الآخر وأهدافه؟؟؟ هل لديك  استعداد للاستجابة لها؟؟

وبالتالي على الزوج المبادر للتفاوض لابد له أن يكون على دراية تامة بالطرف الآخر والجدية في الموضوع وأن يكون على استعداد تام لمختلف التوقعات والفرضيات وأن يكون فيك تصور واضح من خلال: تحديد المكاسب التي تريد تحقيقها من خلال التفاوض، إلمام بالموضوعات التي قد تناقش أو ستناقش، كذلك الأسئلة التي يمكن طرحها للكشف والتصرف على نقاط القوة والضعف لدى الطرف الآخر. ما الذي تريده تحقيقه من تناول كل موضوع وعلاقة كل موضوع بالمكاسب التي تريد تحقيقها. مع تصنيف الأهداف حسب أولويتها وبذل الجهد من أجلها مع تقديراتك لأوجه القوة والضعف للطرف الآخر. مع درجة المرونة الكافية لتطوير شروطك حسب تناول الموضوعات.  وهذا ما يجب أن يتوفر في الزوج المفاوض من تحقيق المكاسب المرجوة وتحويل الخلاف إلى وفاق وتفاهم بينهما.

 

 

إن إدارة الخلافات الزوجية دور مهم في تهدئة الأوضاع وتقوية الرأسمال العائلي، كون أن النزاعات الأسرية هدامة ومهددة تشكل خطورة كبيرة على الأمن الاجتماعي وخصوصا إذا كانا كلا الطرفان عنيدان في تصرفاتهما وفي أفكارهما يصعب إدارة الخلاف والمرونة في تسوية النزاع القائم بينهما، لذا من الضروري تبني ثقافة إدارة هاته الخلافات بشكل فعال مبني على القيم والتسامح للحفاظ على العلاقة وتقديس مكانتها مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل.

وبالتالي للتفاوض دور كبير في تقوية مهارة الحوار والتواصل السليم وآمن، بحيث أن كلا الزوجين يستمعون إلى بعضهم لبعض يقربون وجهات النظر يفهمون بعضهم أكثر، يكون النقاش مباشرا وغير غامضا مع عدم إساءة للطرف الآخر، أي علاقة يطبعها الكثير من الاحترام يتمكنان من خلالها معرفة الرسائل اللفظية وغير اللفظية، هذا ما يزيد نجاح إدارة الخلاف، ويجعل كل واحد يفهم الآخر بشكل أصح ويسهل التعبير عن نفسه بشكل أفضل ويحد من سوء التفاهم. وبه فكلما زادت الرسالة وضوحا زادت القدرة على الاستيعاب أكثر مما تزيد القدرة على إدارة الخلاف وصولا لحل عقلاني ومسالم ومرضي.

فالتفاوض تقنية لا يملكها إلا الحكماء وسهلة تتطلب الممارسة والمرونة والدراسة في مختلف الاحتمالات التي قد تقع أثناء إدارة الموقف التفاوضي، كما تتطلب المهارات وميزات التي يجب أن يتحلى بها المفاوض، كذلك إلى استراتيجيات وصفات من أجل ضمان الحل المرتقب للوصول إليه بحصيلة متساوية بين الطرفين وهو ما يجعل الدول تعيش في السلم والأمن فيما بينها لكونها حقق مصالح مشتركة مرضية، هذا يصعب في المجال السياسي لكون أن التفاوض في هذا المجال يكون مفاجئ ويستوجب دراسة شاملة على الفئتين معا، وهو ما يسهل بين الزوجين بحيث أن إدارة الخلاف بينها تسهل بوجود التعارف بينهم ومع الاحتكاك والوقت كل واحد منهما يعرف الآخر ويعرف نقط القوة ونقاط الضعف، وهو ما قد يسهل إدارة الخلافات بينهما، تبقى مسألة العناد وعدم تقبل رأي الآخر هي التي تسيء العلاقة بينهما مما قد يؤدي إلى عدم نجاح هاته التقنية.

 

وبالتالي يمكننا أن نتساءل عن آثار هذا الدور التفاوضي داخل الأسر وكذا عن المعيقات التي تحول دون نجاح هاته التقنية. وبه أين يتجلى التفاوض في إدارة النزاعات الأسرية؟؟؟؟

 

 

المبحث الثاني: تجليات التفاوض في حل المنازعات الأسرية

إن تسوية المنازعات بالطرق الودية أضحى أمرا ملحا تفرضه طبيعة الأسرة التي يطغى عليها الجانب الإنساني والاجتماعي بالدرجة الأولى، إضافة إلى ما تتطلبه هذه العلاقة من ضرورة العمل على عدم استمراريتها، والحفاظ على أسرارها خاصة في حالة وجود أطفال، وهو ما يبرر ضرورة اعتماد التفاوض بشأنها، باعتبارها وسيلة سليمة لتسوية النزاع إضافة إلى كونه يوصل إلى حل مرضي نابع من إرادة أطرافها، ويتم بصورة طوعية واختيارية، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على عده العلاقة وحفظها من التفكك والانهيار.

وبالتالي فالتفاوض ليس وليد اليوم لحل النزاعات وإنما هو تقنية نستعملها بوتيرة يومية على مدى عصور وقدم الشعوب، شأنه شأن باقي الوسائل البديلة لحل النزاعات الأخرى، وبل كان الاعتماد عليه كليا من أجل احتواء النزاع بعيدا عن الحرب وضمان السلم. وهو تصور منطقي لضمان الاستقرار والسلم داخل الأسرة والعائلة. وبالتالي إن اعتماد التفاوض بشأن النزاعات الأسرية ينبغي أن يراعي خصوصية نظام الأسرة الذي ينبغي أن تقوم على مبدأ أساسي ألا وهو مبدأ الاستمرارية، والتي تم إغفالها في ظل نظام المحاكم والتقاضي، لذا من المناسب دعم هاته التقنية التفاوضية بشكل متسع، وذلك بالعمل مبدئيا على تحديد القضايا التي ينبغي أن تخضع لإجبارية هاته التقنية.

لهذه التقنية تجليات عديدة على مختلف الأوساط الاجتماعية لاسيما الأسرة التي تعد أهم مكون من مكونات المجتمع، لذا يجب التركيز كل التركيز على إدارة هذا المكون بطريقة فعالة وسليمة وتكاتف الجهود النشيطة لرعاية هذا المكون الجوهري، الذي على أساسه تنبني المجتمعات بقيمها ومبادئها وتقدمها وأفكارها وثقافتها، وبهذه الوسيلة الودية السلمية ستحافظ على علاقات وتعزز مبدأ الاستمرارية والدوام وتعمم السلم والثقافة التواصل الفعال والحوار الجاد بين الزوجين.

للتفاوض قيمة حقيقية وفعالة على مختلف الفئات المجتمعية وعلى الخصوص الأسر، فهو يعزز المكانة الأسرية ويوطد العلاقة ويحافظ على الترابط الأسري والعائلي، وبوجود الأطفال لابد من تحقيق هاته الغاية النبيلة لتفادي التفكك الأسري والتشتت العائلي، ومنه لتفاوض آثار عدية على مختلف مكونات الأسرة وهي آثار مباشرة وكذا آثار غير مباشرة على المجتمع وتنميته، كما هناك معيقات تعيق هذا التفاوض وقد تكون بسبب الأخطاء الشائعة لعملية إدارة التفاوض.

 

فماهي آثار التفاوض على حل المنازعات الأسرية؟

وماهي أبرز المعيقات التي تعيق دون تحقيق الهدف المنشود؟

 

 

المطلب الأول: آثار التفاوض على حل المنازعات الأسرية:

لكل فعل رد فعل، ولكل بصمة آثارها، هذا ما ينطبق على التفاوض لهذا الفعل التفاوضي رد فعل قوية على الأسرة والمجتمع، للتفاوض آثار مباشرة كما له آثار غير مباشرة، بحيث تتمثل الآثار المباشرة في دراسة الموقف التفاوضي بشكل إيجابي وفعال مع استحضار كل مكونات الأسرة مع مراعاة المكون الجوهري في العلاقة هي الأطفال، على اعتبار أن الطفل هو عماد المستقبل ورجل الغد وأن حماية الطفل هي مسؤولية مشتركة ومسؤولية الجميع على أساسه تنبني المجتمعات بقيمها ومبادئها وثقافتها.

بطبيعة الحال أن التفاوض الأسري عملية أساسية يجب أن تدرس في المستويات الصغرى قبل الكبرى لما لها من أهمية عظمى بين الزوجين، فهم يسوون خلافاتهم بكل عقلانية ووضوح وبطريقة تساير العصر والمجتمعات، لضمان هاته الاستمرارية لابد من الاهتمام الجيد بكل مسؤولية والتزام لحماية هذا الكيان الاجتماعي الذي على أساسه تنبني مجتمعات ومجتمعات.

عندما نقول التفاوض الأسري فهو التفاوض بين الزوجين التفاوض بين الأطفال، قد يختلف الزوجين فيهما بينهم على إدارة الخلاف الناتج عن الأطفال أم تلك الناتجة بسبب الزوجين بسبب مصروف البيت مثلا أو غيرها أو بسبب الزوجين فيما بينهم بخصوص العلاقة التي بينهم….، وهنا لا بد من استحضار العقلانية والرزانة والوضوح، مع تحديد بكل دقة الموقف التفاوضي الذي نحن بصدد الدفاع عليه والتفاوض من أجله، ليسهل الوصول إلى حل مرضي لجميع للأطراف، وهو ما يقال عليه الآثار المباشرة للتفاوض الذي يحافظ على العلاقات بين الزوجين والذي على أساسه يصبح ثقافة مكتسبة بين الزوجين لإدارة النزاعات فيما بينهم، وبه يتحول الخلاف إلى وفاق ثم الوئام فالدوام بينهما وهو المبتغى عندنا، لما له من منافع عديدة على الأسرة في استقرارها واستمرارها.

مما لا شك فيه أن الأطفال إذا تربو في وسط مبني على الحوار والتواصل والاستماع الجيد واحترام الآخر مع تقبله بإيجابياته وسلبياته سينشئون تنشئة خيرة حسنة طيبة لها فضائل عليا على الوسط العائلي والمدرسي والجامعي وحتى المهني، وبالتالي سيكونون ناجحين في علاقاتهم ومسئولون على مراكزهم سواء كانت متوسطة أو عليا ويتحلون بالالتزام تجاه انشغالاتهم، وهذا ما يعطي أكله في مجتمع متقدم مزدهر.

بفضل التفاوض يتحقق المبتغى وترجع المياه إلى مجاريها، بفضل التفاوض تفك الحروب، بفضل التفاوض تحل الأزمات، وبالتالي للتفاوض دور مهم على الحياة العامة والحياة الأسرية خاصة، والتي تحظى اهتمام المسئولين عن الشأن العام والتفكير في كيفية التقليص من أرقام الطلاق التي باتت تقلق العالم بأسره، مع ضرورة إيجاد حلول سريعة ومرضية تخفف من هذا القلق المجتمعي.

 

إلى جانب الآثار المباشرة للتفاوض هناك آثار غير مباشرة تتمثل في كون أن هاته العملية التفاوضية هي عملية مستديمة نقوم بها منذ ولادتنا حتى مماتنا، فنحن نتفاوض في اليوم عدة مرات في مختلف موضوعاتنا اليومية، فهذا التخاطب اليومي والاتصالات مع الطرف الآخر للوصول على ما نريد لا بد أن يباشر بطريقة سلسة مرنة لكي تكون مفاوضاتنا ناجحة وتحقق الأهداف المنشودة.

فالتفاوض يقرب القلوب ويصفيها، ويزكي الأفكار وينميها، وبالتالي فهو بوابة واسعة التي ندخل من خلالها إلى بوتقة الدنيا المليئة بالمتغيرات، وعليه فالحوار المراد هو النقاش الإيجابي القائم على أسس صحيحة وسليمة معتمدة على أصول وفنون خاصة به منها كما سبق ذكره، اختيار الجو المناسب للحوار مع مراعاة عنصر الهدوء والظروف النفسية للطرف الآخر، مع مراعاة العلاقة الزوجية والحفاظ عليها ولا نناقش في أمور غير الأمور التي تهمنا.

قد يناط لدى البعض أن للتفاوض تأثيرات على الطرفين فقط هذا مخطأ تماما عن الواقع لكون أن التفاوض تأثير قوي خارج العلاقة التفاوضية، لفوائدها العديدة على الأسرة والمحيط العائلي والمجتمع كلل وقد يتمدد ذلك ليعم العالم بأسره، والكل يصبحون مفاوضين بامتياز وتصبح ثقافة لا غنى عنها في مختلف المجتمعات، كذلك قد نصادف شخصا مفاوضا وشخص آخر غير مفاوض أنداك يصبح الشخص المفاوض يؤثر بشكل غير مباشر على الشخص غير المفاوض حتى يصبح مفاوضا مثله ويتحلى بجمالية اللغة والسلم بعيدا عن العنف والصراع.

كذلك تتجلى الآثار غير المباشرة للتفاوض في أنه يتحول من تفاوض أسري عائلي مجتمعي إلى تفاوض عالمي يهم جميع الشعوب ويتفق مع مختلف الثقافات والعادات والأقاليم، وبه فهو إحياء لتراث قديم قدم الشعوب والذي كان من خلاله تتحقق المصالح وتتفق المطالب  والحفاظ على العلاقات، على أساسه كانت الأسر الممتدة من أصول وفروع وغيرها منتشرة بشكل كبير جدا كلهم تحت سقف واحد بمصالح واحدة بعيدة عن الخصام والجدال وغيرها.

من تجليات التفاوض الأسري أنه تفاوض أخلاقي احترامي عقلاني يقوم على المودة والتقبل والاستماع والإنصات وإعطاء الطرف الأخر حقه في الرد والدفاع على رأيه بدون قمع أو استهزاء أو تقليل من الشأن وبكل شفافية ووضوح وموضوعية، وهذه التجليات يجب أن تتوفر في مختلف البيوت العربية أي داخل كل الأسر، وهي سمات يجب أن تتوفر لإنجاح العلاقة واستمرارها. إلا أن هناك بعض المعيقات تعيق إدارة الموقف التفاوضي مما يجعل الطرفان يتعاندان ويتشاجران على أتفه الأسباب.

فما هي هاته المعيقات التي تعيق إدارة الموقف التفاوض داخل الأسر والتي تحول الوفاق إلى فراق؟

 

 

المطلب الثاني: معيقات التفاوض على إدارة الخلافات الأسرية:

 

على الشخص المفاوض أن يدرك مجموعة من الأشياء وأن يعرف أنه يتعامل مع مختلف الاحتمالات التي قد تقع ومع مختلف الفئات المجتمعية، هذا عن التفاوض بمفهومه العام، وهو نفس الشيء ينطبق على التفاوض الأسري الفرق البين هو أن المفاوض يعرف الطرف الآخر حق المعرفة، إلا أنه في وقت النزاع والخلاف والنقاش يصبح كلا الطرفان غريبان عن بعضهما لبعض مما يزيد من العناد الذي يؤدي حتما إلى النزاع، وهذا ما يعيق العملية التفاوضية بين الزوجين.

من المعيقات التي تعيق إدارة التفاوض بين الزوجين المبالغة في الحديث والاسترسال، إخفاء جوانب الضعف أحد الزوجين أو كلاهما، الأسلوب الصعب والمعقد بينهما، عدم سماع الطرف الآخر وهي خصلة لا بد من توفرها داخل الأسر المغربية، المكابرة في الخطأ وعدم الاعتراف به، فقد الأعصاب والتوتر كل هذا يؤدي إلى الفراق بدل من الحل الودي، من الأخطار التفاوض كذلك تباين الإدراك داخل الأسرة، القصور في مهارات التحدث والكتابة والقراءة والتفكير المنطقي بين الزوجين، تشويه المعلومات بقصد أو  بدون قصد وهنا نستحضر مقولة ” بين منطوق لم يقصد ومقصود لم ينطق تضيع الكثير من المحبة “، الانطواء وعدم الوضوح وحبس المعلومات والمبالغة والشعور بمعرفة كل شيء ومحاولة الضغط على الزوج الآخر.  كذلك داخل الكيان الأسري هناك الجانب التنظيمي قد تتمكن الزوجة أو الزوج من تنظيم هذا الجانب، وتقع بها معيقات ذلك من خلال عدم تأدية المسؤوليات على أحسن وجه والتفريط بحاجيات أو متطلبات الأسرة، عدم الوجود الفعلي داخل الأسرة، وهو معيق من المعيقات التي تعيق العلاقات داخل الأسرة عدم الاهتمام بأسلوب الحوار والتفاوض.

استنادا إليه قد تنشأ أخطاء في عمق الاستعداد والتفكير في جل الاحتمالات أثناء التفكير والتحضير في كيفية مخاطبة الطرف الآخر والوقت والمكان المناسبين لعملية التفاوض، قد يطلب بعض المطالب غير المحددة أهدافها بدقة، قد تتحدد الأهداف دون أن يرتبها حسب أولويتها، قد يتم التسرع في التحضير ولم يعطي الوقت الكافي للتحضير للأمور غير الواضحة، عدم الموضوعية في تقدير أهداف الطرف الآخر مع عدم الواقعية في تحديد المكاسب التي يتفاوض من أجلها.

 

إن الهدف الأساسي من عملية التفاوض هو مشاركة كافة الأطراف لإيجاد حلول للمشكلة المطروحة، وهنا لا بد أن تكون هذه الحلول مناسبة لكافة الأطراف المشاركة، ولكن توجد هناك مجموعة من المعوقات تجانب المذكورة سالفا التي تحول دون إتمام العملية التفاوضية والتي ترتكز على عدم مراعاة المجال الثقافي والنفسي والاجتماعي لكل من الزوج، مما يتسبب عن فقد الثقة بين الأطراف التفاوض نتيجة لسوء فهم أو لموقف سابق تم استخدام فيه أسلوب المراوغة والالتفاف حولها من أحد الزوجين.

من الأشياء والسلوكيات التي تعيق العلاقة الأسرية أثناء عملية التفاوض وهو تمسك أحد الأطراف برأيه وعدم الرغبة في مناقشة الزوج الآخر لهذا الرأي كشرط لإكمال التفاوض، محاولة فرض السيطرة وإظهار القوة من جانب طرف على حساب الطرف الآخر. التمسك بمواقف معينة وعدم التنازل عنها بدعوى أن التنازل عن هذه المواقف يعتبر بمثابة لي ذراع وهذا يؤدي إلى التشدد من الطرف الآخر وبالتالي يتوقف التفاوض.

تفشل عملية التفاوض بسلطة الآخر وعدم تقبله وفرض فكرته مع عدم إعطاء الزوج الآخر حقه في الكلام والتعبير عن موقف وعرض مشاكله مع شريكه وقمعه ومقاطعته والتقليل من شأنه…، قد يكون الأب أو الأم ديكتاتوري في تعاملها مع أبناءهما ودائما تفرض عليهم قرارات غير مرغوب فيها تتنافى ميولاتهم وطموحاتهم ،مما قد يؤدي بهم إلى الفتور والانهيار وتراكم الضغوطات تؤدي بهم إلى الهروب من الأسرة والهروب داخل الأسرة للعالم الافتراضي وانغماسهم في هواتهم الذكية.

 

 

خاتمة:

 

أبان فيروس كورونا على عدة إيجابيات من داخل مجموعة من السلبيات التي واجهت العالم بأسره، بحيث تسبب الحجر الصحي في مجموعة من التغيرات في حياتنا الأسرية والتي كان لها تأثير كبير على حياتنا سواء سلبا أو إيجابا، فجل الأسر العالم تمكنت من المكوث داخل البيوت طوال الأوقات مع اكتساب عادات مختلفة جديدة عليهم، وهنا كان الاختلاف من أسرة إلى أخرى، فبعض الأسر تقبلوا الوضع وتعلموا التعايش معه بكل عقلانية وطمأنينة وبعيدا عن التعصب واستغلال الوقت في الأشياء الإيجابية، والبعض آخر لم يتقبل الوضع تغيرت قناعاته ومعتقداته فتغيرت أفكاره وأدواره، كما أن منهم من دخل في اكتئاب حاد وأصبح في صراع يومي مع ذاته الأمر الذي يستدعي إلى خلافات يومية ومناقشات وصراعات متعددة مع الآخرين، وهو ما يؤدي حتما إلى تضاد تام في العلاقة وما يؤدي إلى النفور من بيت الزوجية.

وبه يرجع أساس المكوث في البيوت إيجابيات عديدة على الزوجين في ما بينهم أو على أبوين مع أبناءهم وخصوصا نحن نعيش في زمن أصبح الزوجة والزوج يشتغلون ويستغنون عن التربية الصحيحة لأبنائهم وبناتهم بكثرة انشغالاتهم وتحديات الحياة، وهي في حد ذاتها سلوكيات سلبية داخل العلاقة الأسرية. بحيث ينعدم فيها التواصل والحوار كل منشغل بهاتفه، بعيدا عن الدفء الأسري والحنان العائلي والاجتماع على طاولة واحدة، يستغنى عنها الحوار الأسري وتفضيل التواصل الافتراضي مع أشخاص لم نعرفهم، وهو ما يزيد في الابتعاد والنفور، والمشدات على أتفه الأسباب والجدال في أبسط الأمور لأننا أصبحنا غرباء على بعضنا لبعض.

وبالتالي فكورونا كشفت لنا عن أخطاء كثيرة داخل العلاقة لتأتي عند بعض الأسر توطد العلاقة ويعم فيها السلم والسلام والأمن والأمان والإحساس بالدفء العائلي في زمن كثرت فيه المشاكل والالتزامات، وبالتالي يحقق التفاوض الأسري سلام نفسي داخلي داخل كل طرف في العلاقة الأسرية، من محاسن هذا الوباء أيضا أنه عزز ثقافة الحوار والتواصل مما أدى إلى تفعيل التفاوض بطريقة غير مباشرة من أجل استمرار العلاقة والعيش بسلام بدون جدال مدمر للعلاقة الأسرية.

وبالتالي فالتفاوض الأسري هو مشروع تعاوني، يجب البحث من خلاله عن مصالح مشتركة بين جميع الأطراف، فالمفاوضات الأسرية عملية سلوكية وليست مباراة، والكل يحقق مكسبا في المفاوضات الفعالة الجيدة، وهذه هي الأسس التي يمكن أن تتعرف من خلالها عن نجاح التفاوض مع استمرار العلاقة في جو عائلي تلاحمي مرضي للجميع.

 

 

ولنجاح التفاوض الأسري لابد من عملية إعداد له وذلك قبل وأثناء وبعد كل مرحلة من مراحله وهنا تسهل العملية التفاوضية نوعا ما خصوصا وأن الأطراف غير غرباء عن بعضهم لبعض، وهذا هو الأساس الذي نسعى إلى تحقيقه وبوضعنا خطط مشتركة فعالة ومرضية للجميع الأطراف. فالخطط المبنية على المقاربة التشاركية وعلى الأبعاد الاجتماعية والتي تراعي المصالح المشتركة والبناءة للأسر، تستخدم فيها الأدوات والتكتيكات من أجل قياس مدى سلامة العملية التفاوضية ونجاحها.

كما نسعى من خلال إعدادنا للتفاوض الأسري هو إيجاد حلول واتفاقيات مرضية بشأنها كان موضع نزاع في السابق، وبالتالي تبتدئ عملية التفاوض الأسري بالتوتر والقلق أو الخلاف بشأن مصالح مشتركة وقضايا مختلطة، لتنتهي في المفاوضات الناجحة مرضية ووسطية مقبولة لدى الطرفين.

 

معلومات حول الكاتب:

مصدق أسماء

طلبة باحثة بسلك الدكتوراه

رئيسة مركز الزهور للوساطة والاستشارة الاجتماعية

متخصصة في التقنيات البديلة لحل النزاعات

متخصصة في مجال التنمية البشرية

قد يعجبك ايضا