كلمة رئيس النيابة العامة بمناسبة توقيع شراكة مع الهيأة الوطنية للمعلومات المالية

الرباط

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات

السيد الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية نيابة عن السيد الرئيس المنتدب؛

السيد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات؛

السيد والي بنك المغرب؛

السيد ممثل وزير العدل؛

السيد ممثل وزير الداخلية؛

            السيد رئيس الهيأة الوطنية للمعلومات المالية؛

            السادة رؤساء الأقطاب برئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛

السادة المسؤولون القضائيون

الحضور الكريم كل باسمه وصفته وما يجب من احترام وتقدير لشخصه؛

حضرات السيدات والسادة،

اسمحوا لي في البداية أن أعبر لكم عن عميق سعادتي في هذه المناسبة الطيبة التي تشهد على توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين رئاسة النيابة العامة والهيأة الوطنية للمعلومات المالية والتي تأتي في إطار تقوية وتعزيز آلية التنسيق التي تهم تدبير الأبحاث القضائية في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، وبهذه المناسبة أود أن أرحب بالسيد رئيس الهيأة الوطنية للمعلومات المالية كما أود أن أتقدم بجزيل الشكر للسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والسيد وزير العدل والسيد والسيد والي بنك المغرب على مشاركتهم  معنا في هذا اللقاء المثمر، والشكر موصول لكافة أعضاء اللجنة المشتركة التي سهرت على صياغة بنود هذه الاتفاقية من كلا المؤسستين، ولكافة الحضور الكريم على تشريفهم لنا بحضورهم معنا في أشغال هذا الحفل الذي بلا شك سوف يكون طفرة أخرى لمسار جديد من التعاون والتنسيق بين رئاسة النيابة العامة والهيأة الوطنية للمعلومات المالية والذي يشكل في واقع الأمر استمرارا للعمل الجاد والمثمر القائم بين المؤسستين منذ إحداث مؤسسة رئاسة النيابة العامة.

حضرات السيدات والسادة،

إن تطور ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وما يترتب عنها من مخاطر جسيمة على أمن واستقرار الدول فضلا عن خاصيته العابرة للحدود وطبيعته المعقدة التي يصعب كشفها، يستدعي تعزيز سبل التعاون بين كافة الفاعلين والمعنيين بهذه القضايا بما فيها أجهزة إنفاذ القانون وهيآت الرقابة وغيرها، لا سيما أن بلادنا تعرف اليوم مواكبة دقيقة من قبل فريق المراجعة التابع لمجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط للوقوف على مدى التقدم الحاصل على مستوى تنزيل بنود خطة العمل الموضوعة من طرفه في هذا الإطار خاصة ما يتعلق بتعزيز آليات التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الفاعلة في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى الوطني.

وفي هذا السياق نستحضر توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي ما فتئ يؤكد على ضرورة محاربة كافة أشكال الفساد على اختلاف مظاهرها ومنابعها لما لها من بالغ الأثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث جاء في خطابه السامي الذي وجهه الى الامة بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش المجيد.

“فمحاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع: الدولة بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهرها، والضر ب بقوة على أيد ي المفسدين.

والمجتمع بكل مكوناته، من خلال رفضها، وفضح ممارسيها، والتربية على الابتعاد عنها، مع استحضار مبادئ ديننا الحنيف، والقيم المغربية الأصيلة، القائمة على العفة والنزاهة والكرامة.” انتهى النطق الملكي السامي.

 

حضرات السيدات والسادة،

لقد انخرطت رئاسة النيابة في الاستراتيجية الوطنية المخصصة لمكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير سواء على المستوى الوطني من خلال الحرص على سرعة وفعالية الأبحاث التمهيدية والمساعدة في تجهيز الملفات لتقليص أمد البت في الدعوى العمومية، أو على المستوى الدولي من خلال تفعيل إجراءات التعاون الدولي وتفعيل المعايير الدولية وعلى رأسها توصيات مجموعة العمل المالي بمناسبة إدارة الأبحاث التمهيدية وجمع وسائل الإثبات وتحريك المتابعات. كما تم توجيه دوريتين إلى النيابات العامة من أجل التوجيه والتحسيس ووضع مؤشرات لقياس الأداء بما يتناسب مع المخاطر، بالإضافة إلى وضع نظام معلوماتي خاص بقضايا غسل الأموال على مستوى المحاكم الابتدائية بالرباط، مراكش، الدار البيضاء وفاس ومحاكم الاستئناف لهذه المدن ذات الإختصاص مكانيا، فضلا عن وضع تطبيقية معلوماتية خاصة بإجراءات التعاون الدولي على مستوى رئاسة النيابة العامة وإعداد دليل إرشادي حول تقنيات البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعقب الأموال ذات الصلة وحجزها.

حضرات السيدات والسادة،

مما لا شك فيه أن هذه الاتفاقية فضلا عن الاتفاقيات التي سبق وأن تم توقيعها بين هذه الرئاسة وبنك المغرب، وكذا الهيأة المغربية لسوق الرساميل، ومجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي تصب جميعها في محاربة كافة أشكال الإجرام التي تمس النظام المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، من شأنها أن تشكل خطوات فعالة وملموسة سيكون لها بالغ الأثر على تقييم بلادنا وسوف تكون عاملا مهما مساعدا للخروج من عملية المتابعة المعززة.

 

حضرات السيدات والسادة،

في إطار تعزيز آليات التنسيق والتواصل بين رئاسة النيابة العامة والهيأة الوطنية للمعلومات المالية بخصوص طلب المعلومات بمناسبة الأبحاث المتعلقة بالجرائم الأصلية وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومن أجل تمكين النيابات العامة من الإستفادة من خدمة GOmail وهي نظام معلوماتي تتوفر عليها الهيأة الوطنية للمعلومات المالية والتي تسمح بالتبادل الفوري والآمن للمراسلات، فقد بادرت رئاسة النيابة العامة إلى تعيين قضاة للنيابة العامة على صعيد جميع المحاكم بالمملكة للحرص على تبادل  المعلومات والوثائق اللازمة خلال وقت سريع وبشكل آمن مما سيمكن من استثمار هذه المعطيات والمعلومات في الأبحاث القضائية المفتوحة في مواجهة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب فضلا عن تسريع وتيرة هذه الابحاث، ومن جهة أخرى سوف تمكن هذه الخدمة من تفعيل آلية التغذية العكسية التي تتمثل في إحالة الخلاصات والنتائج المتحصل عليها من قبل النيابة العامة خلال الأبحاث القضائية على الهيأة مما سوف يساهم في إغناء قاعدة بياناتها ويمكنها من إجراء تحليلاتها المالية للوقوف على بعض الانماط الجديدة لغسل الاموال وتمويل الإرهاب.

وفي هذا السياق، لابد من الإشارة إلى الدور المحوري الذي تلعبه الهيئة الوطنية للمعلومات المالية داخل المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالنظر إلى المهام القانونية والتنظيمية المنوطة بها في مجال معالجة الملفات المرتبطة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، فالهيئة من خلال الصلاحيات التي يخولها لها القانون يمكن أن تتخذ كافة التدابير اللازمة التي تمكنها من تجميع وتكوين قاعدة بيانات خلال جميع مراحل معالجة الملفات التي تتلقاها، تضم معلومات مالية مهمة من شأن تسهيل تبادلها أن يمكن أجهزة إنفاذ القانون من استثمارها خلال إجراء الأبحاث القضائية وتجميع المعلومات والمعطيات والكشف عن المتحصلات المالية للمتورطين في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الاصلية.

حضرات السيدات والسادة،

مهما كانت الجهود الفردية المبذولة فإن التعاون والتنسيق بين جميع الفاعلين في المنظومة الوطنية يبقى هو السبيل الأمثل للحد من جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب كما أن هذه الشراكات سوف تفتح آفاقا واعدة للممارسين في تطوير مهاراتهم والاطلاع على الممارسات الفضلى من خلال الدورات التكوينية والتأطيرية التي يتم تنظيمها في هذا الإطار.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أجدد شكري للسيد رئيس الهيأة الوطنية للمعلومات المالية على مبادرته للسعي لعقد هذه الإتفاقية والشكر موصول أيضا لأعضاء اللجنة التي سهرت على إعداد مشروعها وإلى كل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء الذي يشكل دفعة جديدة من العمل المشترك بين مؤسستينا والتي سوف تنعكس بلا شك إيجابيا على جودة الأبحاث القضائية وتجميع الأدلة بشأنها وتجسيد مبدأ عدم الإفلات من العقاب من خلال تقديم الجناة للعدالة وحرمانهم من الانتفاع من العائدات المالية التي يتحصلون عليها من هذه الجرائم، فضلا عن الوفاء بالتزامات بلادنا تجاه مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط بهذا الخصوص. وحفاظا على النظام العام الاقتصادي والمالي وتخليق مناخ الأعمال تكريسا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس في هذا الإطار دام له النصر والتمكين وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده الجليل صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وشد أزره بصنوه الرشيد صاحب السمو الملكي مولاي رشيد، إنه سميع الدعاء وبالإجابة جدير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كلمة السيد الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة بمناسبة توقيع إتفاقية الشراكة والتعاون بين
رئاسة النيابة العامة
والهيأة الوطنية للمعلومات المالية
قد يعجبك ايضا