الأحكام العامة للشركة ذات المسؤوليه المحدودة – الجزء الأول

الأيوبي حمزة

الأحكام العامة للشركة ذات المسؤوليه المحدودة

مقدمة

لم تكن الشركة ذات المسؤولية المحدودة منظمة بمقتضى ظهير 12غشت1913 المتعلق بالقانون التجاري،بل يرجع تاريخ وجودها في المغرب إلى ظهير فاتح شتنبر1926،الذي تبنى بالكامل القانون الفرنسي ل7مارس1925، المتعلق بإنشاء الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

ويعتبر الإقبال على هذا النوع من الشركات أكبر من الإقبال على تأسيس شركة المساهمة وشركة التضـامن النـــموذجين البارزين لشركات الأموال وشركات الأشخاص حيث تحـــتل في المـــــغرب كما في مجـــموعة من الدول الــــرقم الأول بــنسبة تصـــل ل98% من مجموع الشركات،ويعود السبب في ذالك إلى ما يقدمه هذا الشكل من الشركات من مزايا ومنافع مُستمدة من شركات الأشــخاص وشركات الأموال، أي أنها تعتبر الشركة الوحيدة التي تجمع بين خـــصائص شركات الأشخاص و خــصائص شركات الأموال خاصة ما يتعــلق بالمسؤولية المحدودة للشركاءوالطابع الشخصي للمشاركة،ولذالك فهي تنعث بكونها الشركة ذات الطابع المختلط[1]

وترجع الأصول التاريخية لهذه الشركة للدولة الألمانية التي إبتكرتها بمقتضى قانون 20ماي 1892،قبل أن تدخل إلى فرنسا عبر منطقتي الألزاس واللورين الأمر الذي دفع المشرع الفرنسي إلى تبنيها من خلال قانون 7مارس1925.

وجاءت الشركة ذات المسؤولية المحدودة،المقتبسة من التشريع الألماني إستجابة لرغبة صغار التجار الذين كانوا يطالبون بإحداث شركة شبيهة بشركة المساهمة لا يكتسب فيها المساهمون صفة “تاجر” ولا يســـألون عن الخسائر إلا في حدود حصصهم،دون أن يتكبدوا عناء الإجراءات الشكلية المعقدة و الضمانات المالية الكبيرة،الأمر الذي ترتب عنه إقتناع المشرع الفرنسي بشرعية هذا المطلب وأصدر قانون 7مارس1925،الذي نظم لأول مرة في فرنسا الشركة ذات المسؤولية المحدودة المقتبسة من التشريع الألماني.

وقد عرف هذا النوع من الشركاتبعد صدور هذا القانون إقبالا منقطع النظير في فرنسا ولا زال.

وقد كان المغرب جزءا من هذه التطورات،خصوصا وأنه كان لا زال يرزح تحت الإستعمار الفرنسي،لذالك لم تكد تمض سنة واحدة حتى تبنى المشرع المغربي هذا النوع من الشركات في فاتح شتنبر 1926.[2]

ويلاحظ أن أول تعديل طال المقتضيات التي نظمت الشركة ذات المســؤولية المحدودة بالمغرب،كان بمقتضى ظهير 23يناير1957،الذي رفع الحد الأدنى لرأس المال إلى 10آلف درهم على الأقل،كما غير نظام البطلان ونظام الشهر.

ولقد عرفت الشركة ذات المسؤولية المحدودة ثلاث محطات: تعديل سنة 1997والتعديل الجدري الذي كان بمقتضى قانون 5.96 ثم تعديل 2مارس 2006 ويليه ثم تعديل 24.10 لسنة 2011.  وما ميز هذا التعديل الأخير أنه همّ أساسا وفقط،بعض الأحكام المنظمة  لشركة المسؤولية المحدودة،وهذا دليل على أهمية هذا النوع من الشركات والرهان الذي تعقده علــيها الدولة في إستقــطاب المــستثمرين وتحريك عجلة الإقتصاد،كما أنها إطار قانوني إستثماري توخى من خلاله المشرع  تحفيز صغار ومتوسطي المستثمرين الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل عساهم ينخرطو في القطاع المهيكل.

كما أنه خلافا للقاعدة العامة التي تستوجب إنشاء الشركة بين شريكين فأكثر،فإن المشرع أجاز بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تنشأ بشريك واحد فقط،ويزاول الشريك الواحد حينئذ الصلاحيات المخولة لجمعية الشركاء.وهذا النوع من الشركات هو في حقيقتها مقاولة فردية لا يتحمل فيها صاحبها المسؤولية عن ديونها إلا في حدود المبلغ الذي رصده لها كرأسمال.

وقد جاء هذا الصنف من الشركات لإستقطاب صغار المقاولين،وخصوصا فئة الشبــــاب التواق لخلق فرص التشغيل الذاتي،كما سعى من خلاله المشرع مواجهة مشكل الشركات الوهمية،التي كان أصحابها يتحايلون على القانون.[3]

هذا ولما كان هذا النوع من الشركات يعرف إقبالا خاصا لمزاياه المتعددة وخصائصه المتميزةالأمر الذي دفع المشرع إلى تبنيها في قالب قانوني خاص،فإن التساؤل الذي يطرح هو كاتالي: ما مدى إحكام المشرع المغربي تنظيم الشركة ذات المسؤولية المحدودة ؟

هذه الإشكالية تتفرع عنها عدة أسئلة فرعية :

ماهي الأحكام العامة التي تطبع هذا النمط من الشركات؟؟

وماهي الخصائص التي تطبع هذا النوع من الشركات؟

وماهي نقط الإلتقاء والتفارق التي تحكم هذا النوع من الشركات في علاقته مع باقي الشركات؟

وماهي القواعد التي تحكم دهاليز التسيير داخل ش.م.م؟؟؟

وما هي الخصوصيات التي تطبع شروط التأسيس داخل ش.م.م،وما هي الآثار المترتبة عن التأسيس الصحيح؟

ما هي صلاحيات المسيرين وحدود مهامهم ،والمسؤوليات المترتبة عن الإخلال بإلتزاماتهم ؟

هذا وغيره من الإشكالات الناتجة عن عيوب الصياغة القانونية للتشريع الذي ينظم هذا النوع من الشركات والتي أبانت عنها الممارسة العملية،هي ما سنحاول الإجابة عنه من خلال التصميم التالي:

 

 

المبحث الأول:ماهية الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشروط تأسيسها

المطلب الأول:ماهية الشركة ذات المسؤولية المحدودة

المطلب الثاني: أحكام تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة

المبحث الثاني: تنظيم الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشروط الحل والتحويل

المطلب الأول:تسيير الشركة ذات المسؤولية المحدودة

المطلب الثاني: شروط حل وتحويل الشركة ذات المسؤولية المحدودة

 

 

 

المبحث الأول:ماهية الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشروط تأسيسها

 

سنتحدث في هذا المبحث للحديث عن ماهية الشركة ذات المسؤولية المحدودة(المطلب الأول)على أن نخصص الشق الثاني منه للحديث عن القواعد والشروط التي تحكم تأسيس هذا النوع من الشركات والآثار القانونية المترتبة عن ذالك.

 

المطلب الأول:ماهية الشركة ذات المسؤولية المحدودة

 

سيتم الحديث في هذا المطلب عن محاولت التعريف التي تناولت ش.م.م  وعن كل من الخصائص التي تتميز بها ،ثم  مقارنة أوجه التشابه و الإختلاف التي تطبع هذه الشركة فيعلاقتها مع بعض أنواع الشركات.[4]

الفقرة الأولى: تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة

لم يعرف المشرع المغربي كغيره من التشريعات شركة المسؤولية المحدودة،بل إكتفى بذكر مميزاتها في المادة 44 من قانون 5.96،إلا أنها خصائص تميز باقي الشركات بإستثناء إمكانية تأسيس هذا النوع من شريك وحيد،أما ميزة عدم تحمل الشركاء للخسائر سوى في حــــــدود الحصة فهي خاصية موجودة في كل من شركة المساهمة  وشركة المساهمة المبسطة،ويتمتع بها أيضا الشركاء الموصون في شركــــــــــة التوصية البسيطة كما جاء في الفقرة الثالثة من المادة 20من القانون رقم 5.96، وهي خاصية  تميز الشركاء المساهمون في شــركــــــــــة  التوصية بالأسهم.

كما أن المنع من ممارسة النشاط البنكي والقرض والإستثمار والتأمين والرسملة والإدخار يمتد ليطال شركات أخرى غيرها كشـــــــــركة التضامن وشركة التوصية البسيطة.

وترجع صعوبة وضع تعريف لهذا النوع من الشركات كونها شركة  هجــــينة،تأخد من خصــائص ومميزات كل من شركات الأشخاص وشركات الأموال،فالشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا يكتسب صفة تاجر ولا يسأل عن خسائر الشركة إلا في حدود الحصة التي شارك بها وكل ذالك يقربها من شركات الأموال،أما ما يقربها من شركات الأشخاص،فهو المنع من تداول الأنصبة التي تصدرها أو نقلها إلى الأغيار والطرق المعقدة التي يتطلبها ذالك التفويــت،كما لا يمكنها دعوة الجمهور الى الإكتتاب ولا أن تصدر قيما منقولة قابلة للتداول وهذا كله يعكس الطابع أو الإعتبار الشخصي الذي يقربها من شركات الأشخاص.

ولقد أدت هذه الإزدواجية إلى تضارب التعاريف التي أعطيت لهذا النوع من الشركات،فهناك من يعتبرها شركة أشخاص في جوهرها إذ أن المتعاملون مع هذه الشركة يعتمدون على شخـصية الشركاء  أكثر من إعتمـادهم على رصـيدها المالي،كما أن هناك من وصفها بشركة أموال صغيرة ،أما موقف الأستاذ الدكتور أحمد شكري السباعي فيقول بأنها شركة ذاتية خاصة تشكل صنفا ثالثا من الشركات جنى محاسن كل من شركات الأشخاص وشركات الأموال،وهو الأمر الذي يعكس الإقبال المنقطع النظير عليها[5]

أما الدكتور عبد الرحـــيم شمــيعة فيـعرفها بأنها:”مقاولة فردية أو جماعية تكتسب الشخصية المعنوية ولا يسأل فيها الشركاء إلا في حدود نصيبهم من رأس المال[6]

أما الدكتور فؤاد معلال فيعرفها بأنها”شركة تجارية بشكلها تتكون من شخص واحد أو أكثر ولا يسأل الشركاء فيها عن ديونها إلا في حدود نصيبهم من رأس المال”[7]

ويبقى تعريف الفقيه شكري السباعي الذي يعتبر أن ش.م.م نوع ثالث من الشركات ينطوي على مزايا كل من شركات الأشخاص وشركات الأموال هو التعريف الصائب كونه مستمد من خصائص الشركة ذات المسؤولية المحدودة،فما هي خصائص هذا النوع من الشركات وما الذي يقربها من شركات الأشخاص وشركات الأموال؟

الفقرة الثانية:خصائص الشركة ذات المسؤولية المحدودة

تنص المادة 44 من قانون 5.96،على ما يلي:

“تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر سوى في حدود حصصهم.

لا يجوز للشركات البنكية وشركات القرض والإستثمار والتأمين والرسملة والإدخار أن تتخذ شكل الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

إذا كانت الشركة تتكون حيادا عن مقتضيات الفصل 982(ق ل ع) من شخص واحد سمي هذا الشخص بالشريك الوحيد،ويزاول الشريك الوحيد الصلاحيات المخولة لجمعية الشركاء المنصوص عليها في هذا الباب”

كما يتبين من الفقرة الأولى فإن الطابع المميز للشركة ذات المسؤولية المحدودة هو خاصية المسؤولية المحدودة للشركاء التي لايمكن أن تتجاوز نصيبهم في رأس المال، أي أن الشريك لا يسأل عن ديون الشركة إلا في حدود حصته من رأس المال،وهذه من الخصـــــــائص الأساسية للشركة،وقد أخذتها من شركات الأموال.وبالنظر للخطورة التي تنطوي عليها هذه الخاصية بالنسبة للأغيار،فعلى غرار شركة المساهمة أوجد المشرع آليات للمحافظة على حقوقهم،كما أن الممارسة أفرزت بعض وسائل الحماية التي إهتدى إليها المتعاملون-مثــــل البنوك-تتمثل في إشتراط كفالة المسير لديون الشركة،وهذا جعل هذه الشركة تقترب في العمل،فب كثير من الحالات ،من شركة التوصية.

ويترتب على مبدأ المسؤولية المحدودة للشركاء عدم إكتسابهم صفة تاجر،حتى ولو تولى الشريك مهمة التسيير،لذالك فإنه إذا إعلن إفلاس الشركة فإنه لا يترتب على ذالك إعلان إفلاس الشركاء،ومن هنا فإنه يكفي أن تتوفر في الشريك أهلية التعاقد للإنضمام إلى الشركة سواء كان مغربيا أو أجنبيا،غير أنه إذا كان سيتولى التسيير فيجب أن تتوفر فيه الأهلية التجارية.

ثانيا:كما هو الشأن في شركات الأشخاص،فإن رأسمال الشركة يقسم إلى حصص يكتتب فيها الشركاء ولهؤلاء أن يفوتوها عن طريــــق حوالة الحق المدنية التي تقتضي لسريانها تجاه المدين والغير أن تبلغ رسميا إلى الشركة،أو أن تقبلها هذه الأخيرة في محرر رســـمي أو عرفي(المادة58 الفقرة الثانية من قانون 5.96)

وحفاظا على الإعتبار الشخصي في الشركة،فإن المشرع تطلب في إنتقال الحصص إلى الغير موافقة الشركاء الحائزين لثلاث أرباع رأس المال،أما نقلها إلى أحد الشركاء فلم يتطلب فيه المشرع أية موافقة،وهذا أمر طبيعي لأن مثل هذا الإنتقال لا يغير شريكا بآخر،وإنما يغير توزيع الحصص بين الشركاء،غير أنه يمكن للشركاء أن يتفقو على خلاف ذالك في عقد التأسيي.

وتبعا لهذه الخاصية فإن المشرع منع الشركة من طرح أسهم للإكتتاب العام أو طرح سندات أو حصص تأسيس أو غيرها من السندات القابلة للتداول بالطرق التجارية المهودة في شركات الأموال.

ثالثا: تأخد شركة المسؤولية المحدودة من شركات الأشخاص الحد الأقصى من الـشركاء الذي حـــدده المشـرع فــي خمــــسين شريكـــا(المادة47)،ومن حق هؤلاء الحيلولة دون تنازل أحدهم عن حصته إلى الغير دون موافقتهــم،هذا بالإضافـة إلــى أن طريقة تعيين المدير وعزله تقترب من مثيلتها في شركات الأشخاص.

رابعا:تأخد ش.م.م من شركات الأموال خاصية عدم تأثير التغير الواقع في الوضعية القانونية للشريك على وضعية  الشركة،فهي تستمر عند وفاة أحد شركائها أو إعلان إفلاسه أو فقده لأهليته،على خلاف شركات الأشخاص التي تنحل مبدئيا بأحد هذه الأسباب لقيامها على الإعتبار الشخصي.غير أنه،مع ذالك،يمكن للشركاء الإتفاق على تعليق إستمرار الشركة مع الوريث على موافقتهم على ذاك وفق شروط محددة،وهذا ما جاء في الفقرة الثانية من المادة56من قانون 5.96.

خامسا:تتخذ الشركة تسمية يمكن أن يضاف إليها إسم واحد أو أكثر من الشركاء على أن تكون مسبوقة أو متبوعة مباشرة بعبارة”شركة ذات المسؤولية المحدودة” أو بالأحرف الأولى منها(ش.ذ.م.م) أو :”شركة ذات مسؤولية محدودة من شريك وحيد”(المادة 45،في فقرتها الثانية من قانون 5.96).

وزيادة في حماية حقوق الأغيار،وحتى يكون هؤلاء على بينة من حقيقة الشركة التي يتعاملون معها،أوجب القانون الجديد أن تدرج تسمية الشركة ذات المسؤولية المحدودة،وكذا مبلغ رأسمالها،ومقرها الإجتماعي،بالإضافة إلى رقم قيدها في السجل التجارب في كافة المحررات والوثائق الصادرة عن الشركة والموجهة للأغيار(الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون 5.96) وكل ذالك تحت طائلة غرامة مالية بين 1000درهم و5000درهم.

سادسا:الشركة ذات المسؤولية المحدودة شركة تجارية بشكلها لذالك فإنه يمكنها أن تنشأ للتعاطي لكافة الأعمال حتى المدنية منها دون أن يؤثر ذالك على وضعها القانوني كشركة تجارية،يستثنى من ذالك طبعا الأعمال التي حظر القانون عليها ممارستها كالتعاطي للإدخار والرسملة وإنشطة التأمين…

سابعا: يمنع على هذه الشركة إصدار قيم منقولة تحت طائلة البطلان،سواء إتخذت شكل أسهم أو سندات قرض، ويمنع عليها أيضا ضمان إصدار هذه القيم تحت طائلة بطلان الضمان(المادة 54من قانون 5.96) ولا يمكن أن تمثل الأنصبة بسندات قابلة للتداول(المادة55) إلا أن الأنصبة التي تصدرها قابلة للتفويت والإنتقال بقيود حددها المشرع(المواد من 56إلى 61من قانون 5.96) تقربها من الأنصبة التي تصدرها شركات الأشخاص ،كشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وكل هذا يروم الحفاظ على الطابع الشخصي لهذه الشركة ويضمن عدم تسرب الأغيار إليها.

ويمكن للشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تصدر أنصبة أو حصص للتأسيس، وأنصبة أو حصص الأرباح والمنفعة شريطة ألا تكون قابلة للتداول (المادة55)

ويعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهرو بغرامة من 2000إلى 30000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط مسيرو الشركة ذات المسؤولية المحدودة الذين يصدرون قيما منقولة كيفما كانت لفائة الشركة سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق وسيط(المادة 114من قانون 5.96).

ثامنا: لا تكتسب الشركة ذات المسؤولية المحدودة الشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري، ولا يترتب عن التحويل القانوني للشركة أو تمديدها إنشاء شخص معنوي جديد(المادة الثانية،من قانون 5.96 ).

تاسعا: أحاط القانون الجديد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة،وتسييرها ومراقبتها بإجراءات شكلية وموضوعية تحمي الضمان العام وحقوق الدائنين [8]لكن لاتصل إلى درجة الصرامة التي تحكم إجراءات التأسيس في شركة المساهمة.

عاشرا: وضع القانون الجديد إجراءات و معايير لتعيين مراقب الحسابات لكنه خطى خطوة إلى الوراء عندما حذف مجلس الرقابة الذي كان يفرضه قانون 7مارس1925،حيث كان بمقتضاه يتعين على كل شركة ذات مسؤولية محدودة تتكون من أكثر من عشرين شريكا أن تحدث مجلس رقابة يتألف من ثلاث شركاء على الأقل.[9]

حادي عشر: لايمكنللشركةذاتالمسؤوليةالمحدودة ،أن تسير إلا من قبل شخص واحد أو أكثر من الأشخاص الطبيعيينسواء تم إختيارهم من الشركاء أو الأغيار(المادة 62 من قانون 5.96).

إثناعشر:تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة شركة ذات طابع مختلط تأخد من شركات الأشخاص خصائص ومن شركات الأموال الأخرى،فما الذي يقربها من شركات الأشخاص وما الذي يقربها من شركات الأموال؟

ما يقربهامنشركاتالأشخاص انها شركة تقوم على الإعتبار الشخصي وتحكمها القاعدة المتعارف عليها في الأوساط الفقهية”إن الشريك لنصيبه لحبيس”،بينما في شركات الأموال كل  من يملك سهما يملك حق تداوله،أي أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة أخذت هذه الخاصية من شركة التضامن لكن بشكل ملطف فإذا كان تفويت الأنصبة في شركة التضامن يتطلب قرار كلالشركاء،ففي شركة المسؤولية المحدودة لايتطلب الأمر إلا قرار الشركاء المالكين لثلاث أرباع رأس المال.

ما يقربها أيضا من شركات الأشخاص أنها شركة لا تقترض من الجمهور،كما أنها شركة تقبل ضمن تركيبة رأسمالها الحصة الصناعية،وهوأمر لايجوز في شركة المساهمة.

أما ما يقربها من شركات الأموال أن الشركاء فيها لا يسألون عن ديون الشركة إلا في حدود حصتهم وبالتالي فالشركاء فيها لا يعتبرون تجارا،كنا أنه لا تأثير في وفاة أحد الشركاء أو سقوط أهليته أو خضوعه لأحكام الكتاب الخامس من مدونة التجارة على مآل الشركة.

وعليه يتبين أن هذا النوع من الشركات يقف في منتصف الطريق لا هي بشركات أشخاص ولا بشركات أموال ،بل هي شركة ذات طابع مختلط وتشتمل على مزايا كلا النوعين كما قال بذالك الفقيه أحمد شكري السباعي.

ثلاثة عشر: تخضع الشركة ذات المسؤولية المحدودة ككل الشركات لترسانة قانونية منها الأساسي ومنها الإحتياطي وهي التالية:

١-القواعد القانونية الخاصة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة وتشمل المواد من 44إلى 131 من قانون 5.96 بإستثناء المواد من 88إلى 91 الخاصة بشركة المحاصة،و المادتين  129و118المتعلقتين بشركة المحاصة

٢-الأحكام غير المخالفة للقواعد الخاصة بهذه الشركة والوارد في ظهير 12غشت 1913 بمثابة قانون الإلتزامات والعقود.

هذا وبالنظر لهذه الخصوصـــيات ،وخاصة أن هذا النوع من الشركات يسمح للشركاء بتحديد مسؤوليتهم دون أن يمنعهم من تولي التسيير و الإدارة فإنه يلائم أكثر المقاولات الصغرى والمتوسطة[10]والمقاولات ذات الصبغة العائلية،كما أنه يسمح بالإبقاء على المقاولات التي قد يصيب أصحابها ما يمنعهم من الإستمرار في الإشراف عليها مثل المرض أو الوفاة أو التقاعد ،ففي حالة الوفاة مثلا بدل من تصفية المقاولة أو تفويتها للغير يمكن لصاحبها قبل وفاته ،أو لورتثه بعذ ذالك أن يحولوها إلى شركة ذات المسؤولية المحدودة ويعينوا مسيرا لها،فيستمر المشروع  مع تحديد مسؤولية أصحابه في رأس المال[11]

 

الفقرة الثانية :  مقارنة الشركة ذات المسؤولية المحدودة ببعض أنواع الشركات.

أولا : مقارنة الشركة ذات المسؤولية المحدودة بشركة المساهمة

 

تختلفالشركةذاتالمسؤوليةالمحدودةعن شركة المساهمة في النقاط التالية:

ففيحين تعتبر شركة المساهمة النموذج المثالي لشركات الأموال تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة مزيجا بين النوعين (شركات الأشخاص وشركات الأموال).

تنص المادة 46من قانون 5.96، بعد التعديل الذي أدخل عليها بمقتضى قانون 24.10 سنة 2011على ما يلي:

يحدد رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة” بحرية”من طرف الشركاء في النظام الأساسي ويقسم الرأسمال إلى أنصبة قيمتها الإسمية متناسبة.

يستفاد من المادة أعلاه أن المشرع قد منح المقبيلين على تأسيس شركة ذات مسؤولية إمكانية التحديد الحر لرأس المال،بعدما كان لأول مرة 100ألف درهم ثم خفض بمقتضى قانون 05.21 إلى مجرد 10آلاف درهم .

عكس الأمر في شركة المساهمة التي لايمكن أن تؤسس برأسمال أقل من 300ألف درهم،إذا كانت لا تدعوا الجمهور إلى الإكتتاب،و ثلاث ملايين درهم إذا كانت تدعو الجمهور للإكتتاب.(المادة 6من قانون 17.95).

كذالك تختلف شركة المسؤولية المحدودة عن شركة المساهمة في أن النوع الأول لا يجوز أن يتجاوز عدد الشركاء فيه 50 شريكا،أما في النوع الثاني فالمشرع وعلى عكس تحديده للحد الأدنى لعدد الشركاء(5شركاء)،فإنه لم يحدد الحد الأقصى.

كما تلزم شركات المساهمة بتعيين مراقب للحسابات بقوة القانون،أما شركة المسؤولية المحدودة فلا تلزم بذالك إلا إذا تعدى رقم أعمالها السنوي 50مليون درهم دون إحتساب الضرائب

تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة قالب قانوني مناسب لمتوسطي وصغار المستثمرين،أما شركة المساهمة فهي مناسبة للمشاريع الضخمة وكبار المستشمرين.

كذالك بالنسبة للتسيير،فالمسير في شركة المساهمة يمكن أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا ،عكس شركة المسؤولية المحدودة التي لا يمكن أن يكون فيها المسير إلا شخصا طبيعيا.

ثانيا :  مقارنة الشركة ذات المسؤولية بشركة التضامن:

 

أهم مايميز شركة المسؤولية المحدودة كشركة ذات طابع مختلط ، وشركة التضامن كنمودج بارز لشركات الأشخاص،هو أن الشركاء في شركة التضامن يسألون مسؤولية تضامنية ومطلقة تمتد حتى لذمتهم المالية الخاصة عن ديون الشركة،أما في الشركة ذات المسؤولية المحدودة فلا يتحمل الشركاء المسؤولية عن ديون الشركة إلا في حدود نصيبهم من رأس المال.

كما هو الأمر في شركة المساهمة،يمكن أن يعهد إلى مهام التسيير في شركة التضامن لشخص طبيعي أو شخص معنوي،أما في شركة المسؤولية المحدودة فلا يمكن أن يكون المسير شخصا معنويا،بل يجب أن يكون شخصا طبيعيا.

كذالك من أهم ما مميزات شركة المسؤولية المحدودة عن شركة التضامن،هي إكتساب الشركاء في شركة التضامن صفة “تاجر” بقوة القانون، أما الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة فلا يكتسبون صفة تاجر،لأن الشركة تعد تاجرة بحسب شكلها وبغض النظر عن الغرض(كما تنص على ذالك المواد 3و20و31من قانون 5.96)،ولا يخضع الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،تبعا لذالك،لمساطر المعالجة (التسوية أو التصفية القضائية)،بإستثناء إذا كان هذا الشريك مسيرا،فتلحقه العقوبات المتخدة ضد مسيري المقاولة عند فتح مسطرة من مساطر المعالجة ضد الشركة.

كما تتقاطع شركة المسؤولية المحدودة مع شركة التضامن في الخاصية المتعلقة بإمكانية إضافة إسم واحد أو أكثر من الشركاء إلى تسمية الشركة.

 

المطلب الثاني :تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

 

للحديث عن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،لابد أننستحضر الأركان العامة لتأسيس الشركات، بالإضافة إلى بعض الأحكام الخاصة و التي تختص بها الشركة ذات المسؤولية المحدودة دون غيرها ،بها فمن  الأجدر أن نقوم بدراسة هذه الأخيرة في إطار الشروط الموضوعية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة -الفقرة الأولى-، ثم ننتقل بعد ذلك إلى دراسة الشروط الشكلية التي تختص بها هذه الشركة في – الفقرة الثانية –

الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة

للحذيث عن الشروط الموضوعية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، إرتأينا تقسيم هذه الفقرة إلى ثلاثة نقاط ألا وهي :

موضوع الشركة:   بحيث نجد في هذا الإطار أن المادة 44 من قانون 5.96 ، قد حظرت على الشركة ذات المسؤولية المحدودة ممارسة مجموعة من الأعمال ، كالقرض و البنك و الرسملة و الإستثمار و التأمين و الإذخار، وعلى سبيل القراءة المخالفة لهذه المادة نجد أن -الشركة ذات المسؤولية المحدودة- يمكن أن تتعاطى جميع الأعمال حتى المدنية منها ، ما عدا ما سلف ذكره على سبيل الحصر من أعمال – على أن لا يخالف في هذا الإطار النظام العام- [12]

 

رأس مال الشركة  : دائما وفي إطار الحديث عن الشركة ذات المسؤولية المحدودة ، ورأس مالها بالضبط ، لا رد أن نشير إلى أن هذا الأخير قد مر بثلاثة مراحل ، الأولى مرحلة سنة 1997 في إطار قانون 5.96 في المادة 46 منه و التي حددت رأس المال في مائة ألف درهم لا تقل قيمتها الإسمية عن 100 درهم ، ليحصل تعديل بعدها سنة 2006 على نفس المادة بمقتضى قانون 21.05 ، حيث حدد أقل قيمة برأس المال في 10000درهم ، ليطرأ تعديل آخر سنة 2011 على نفس المادة و الذي أعطى للشركاء الحق في تحديد رأس المال بكل حرية بحيث يقسم هذا الأخير إلى أنصبة قيمتها الإسمية متساوية .[13]

وفي هذا الإطار لا يمكن إلا أن نقول ، إذا كان المشرع مرنا في تحديد رأس المال حيث ترك للأطراف الحرية في تحديد مبلغ رأس المال ، و الذي قد يكون 100 درهم أو … يبرز التساؤل :من الناحية العملية من له الشجاعة في إقراض شركة رأس مالها 100 علما أن مسؤولية الشركاء فيها محدودة ؟!

و الواقع العملي يجبر السير في هذا الإطار أن يأخذ قرضا تحت طائلة ضمانة شخصية ، وهذا الأمر ما يتناقض و مبدأ المسؤولية المحدودة -أي المسؤولية لاتمتد لذمته الشخصية-.

ويتمثل رأس المال في هذه الشركة ، حسب ما نصت عليه المادة 51 من قانون 5.96 في حصص نقدية وحصص عينية بالإضافة إلى حصة صناعية كإستثناء كما سيتم التطرق له .

الحصة النقدية : يكون موضوعها مال سواء نقدي أو شيكات أو ما للشريك من ديون على الآخر ، أما فيما يخص تحريرها فتحرر فورا وكليا أو تحرر جزئيا على دفعات مع إلزامية أن لا تقل الدفعة الأولى عن الربع ، و تؤدى الأخرى دفعة واحدة أو على دفعات في أجل أقصاه 5 سنوات ، وبعد إستيفاء 5 سنوات يتعين بناء على طلب كل ذي مصلحة أن يقوم المسير بإستصدار أمر من رئيس المحكمة لدفع الشريك المتأخرة عن آراء ما بذمته تحت طائلة غرامة تهدئة .

و بعبارة أخرى إن لم يدفع الشريك ما بذمته إختيار أمكن اللجوء لإجباره عن الدفع قضاء .

الحصة العينية: قوامها مال مقوم قابل للتداول -عقار أو منقول- ،.وفي هذا الإطار ألزم المشرع المرور عبر خبير الحصص إذا كانت الحصة العينية تتجاوز 100ألف درهم أو شكلت نصف رأس مال الشركة ، و يعين هذا الأخير بإجماع الشركاء من بين مراقبي الحسابات أو بأمر من رئيس المحكمة بناء على طلب أكثر الشركاء حرصا .[14]

و الأمر الذي يثير الإشكال في هذا المضمار ، هي الحالة التي لا يكون فيها تعيين خبير الحصص إلزامي و ثم تقييمها من طرف الشركاء تقييما كاذبا ، فهم يسألون مسؤولية تضامنية لمدة 5 سنوات من التأسيس ، الإعتبار الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا تتطلب الأهلية التجارية ،يحق التساؤل عن الحالة التي يكون فيهاأحد الشركاء قاصر ، ما حكمه في هذه الحالة ؟

كتعقيب في هذا المضمار ، وكإقتراح كذلك نرى أنه كان على المشرع في هذا الصدد أن ينص وجوبا على تمتع مقدم الحصة العينية بالأهلية التجارية ، فكان يجدر بالفقرة الأولى من المادة 53 أن تأتي بهذه الصيغة “يجب أن يتمتع مقدم الحصة العينية لزاما بالأنانية التجارية ، كما يجب أن يتضمن النظام الأساسي تقييما لكل حصة عينية إستنادا إلى تقرير ملحق بهذا النظام يعده مراقب الحسابات تحت مسؤوليته ويعين بإجماع الشركاء المرتقبين من بين الأشخاص المخول لهم ممارسة مهام مراقب الحسابات و إلا بمقتضى أمر صادر من رئيس المحكمة بطلب من الشريك المرتقب الأكثر حرصا ” [15]

الحصة الصناعية : هي الحصة التي أوجدها المشرع في القانون الجديد  5.96 ، ولأضعكم في الصورة فهذه الشركة لم يكن من المتصور أن تشتمل على الحصة الصناعية لأنها وببساطة لا تشكل ضمانا للدائنين لأن الذمة المالية هي الضمان للدائنين في هذه الشركة ، والسؤال هنا لماذا تم الإعتراف بهذه الحصة ؟

تم الإعتراف بهذه الحصة اعترافا بالزوج كاعتراف بالزوجة وما تبذله من جهد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ، لأنها غالبا ما تكون بين الزوج وزوجته ، وهذا التتويج كان في المقاولات الألمانية بداية قبل أن يتبناه القانون الفرنسي ، ليأتي مضمنا في ق.م كذلك ، وبالضبط في م 51 من ق5.96

لهذا جاء تقديم الحصة الصناعية كإستثناء في المادة 51  من ق5.96 ” لأن الأصل عدم تقديمه كحصة ” .

  • إذا قدمت الشركة حصة عينية عبارة عن أصل تجاري أو مقاولة حرفية .[16]
  • أو أن تكون قدمت عناصر مادية و معنوية شكلت مجتمعة أصلا تجاريا .

ففي هاتين الحالتين كلتاهما ، نحتاج نحتاج إلى خبرة المقدس م أي مقدم الحصة العينية، و يساهم صاحب الحصة الصناعية في الخسائر بنفس خسارة المقدم لأقل حصة عينية أو نقدية .[17]

وكتعقيب في هذا المضمار :

“تجدر الإشارة إلى أن الواقع المعاش، يجعلنا تعاين حالة أخرى غير الحالتين السابقتين يجوز الإعتراف فيها بالحصة الصناعية ، و هذه الحالة هي عمل الزوجة مع زوجها ، التي تأتي حسب رأينا متوافقة مع أمري إثنين :

الأول : أن الزوجة وفي إطار العمل مع زوجها في شركته ذات المسؤولية المحدودة ، لا تتقاضى في أغلب الأحيان أجرا عن هذا العمل ، لهذا فمن غير المنطقي ومن الظلم أن تذهب جهودها هباء و بدون أي نظير أو مقابل .

الثاني:هو أن الإعتراف لها بالحصة الصناعية ، يتوافق وما أتت به مدونة الأسرة في المادة 49 -إقتسام الأموال المشتركة بين الزوجين -، لأننا نجد أن المرأة وفي إطار الحديث و السعاية ، يعترف لها -بحق الشقاء- و هو ما يوافق الحصة الصناعية في الشركة ذات المسؤولية المحدودة -العمل-

لهذا و حسب رأينا التواضع ،نقول أنه كان يجب على المشرع إضافة حالة عمل الزوجة مع زوجها في الشركة ذات المسؤولية المحدودة كحصة صناعية ، إلى جانب حالتي الإستثناء و الواردتين أعلاه “.

✓ عدد وأهلية الشركاء فيها :ففيما يتعلق بأحكام عدد الشركاء في هذه الشركة يجب أن نميز بين نوعين في هذا الإطار :

1/ شركة المسؤولية المحدودة المتعددة الشركاء : فإن هذا النوع يتحدد في شريكين على الأقل ، والحد الأقصى 50 شريكا ،[18] ولهذا التحديد مايبرره ذلك أنها تقوم على الإعتبار الشخصي ، ومن ناحية أخرى أنها تعتبر إطار قانوني مناسب للمقاولات الصغرى والمتوسطة بالخصوص ، لهذا وجب أن لا تتعدى العدد المشار إليه ، ذلك حفاظا على الإعتبار الشخصي في هذه المقاولات .[19]

أما بخصوص الشركاء في هذه الشركة فهم لا يسألون إلا في حدود حصصهم ، وبالتالي لا تشترط فيهم الأهلية التجارية، وهذا حسب منطوق المادة 1 من ق 5.96 التي أحالت على المادة 337 من ق 95.17 التي تنص ” على أنه تكون باطلة إذا انعدمت أهلية جميع المؤسسين” وبالقراءة على سبيل المخالفة لهذه المادة فإنها تكفي لأن تكون صحيحة أهلية واحد من المؤسسين صحيحة ،هذا فيما يخص الشركة ذات المسؤولية المحدودة المتعددة الشركاء. [20]

2/ الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الواحد : بحيث نجد أن المادة 44 تنص على أنه ” الشركة ذات المسؤولية المحدودة تتكون من شخص واحد أو أكثر يتحملون الخسائر في حدود حصصهم ” وهنا نجد أنه وحيادا عن المادة 982 من ق.ل.ع يمكن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالشريك الواحد ، ومبدأ هذه الشركة يقوم على فصل ذمة المقاول عن ذمة المقاولة ،وهذا يناقض مبدأ وحدة الذمة المنصوص عليه في الفصل 1241 من ق.ل.ع .

وفي هذا الإطار كان حريا بالمشرع تسميتها بالمقاولة الفردية ذات المسؤولية المحدودة ، أما فيما يخص أهلية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد ، فنجد أن القانون يشترط فيها كمال الأهلية حسب مفهوم المخالفة للمادة 337 من ق 17.950 ، التي تبين كما سلف الذكر أنها تشترط أهلية مؤسس واحد ، وبها فلا مفر من كمال الأهلية ، في إطار الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد.[21]

وبها نكون قد تحدثنا عن الشروط الموضوعية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة ، وسننتقل الآن لدراسة الشروط الشكلية لتأسيس هذه الشركة .

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

 

نجد في هذا الإطار أن الشروط الشكلية المتطلبة في هذا المضمار هي كل من الكتابة و الشهر ، و اللذان سنتطرق لهما على الشكل التالي :

✓ الكتابة :بالرجوع إلى المادة 11 من ق 17.95، و المطبقة بالإحالة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة بموجب المادة 1من ق 5.96 ، أن النظام الأساسي يوضع كتابة ، و بالقراءة المتأنية للمادة أعلاه ، نجدها تكرس الطابع الشكلي الذي يميز الشركة ذات المسؤولية على غرار شركة المساهمة، ذلك من حيث وجوب أن يحرر النظام الأساسي كتابة، ذلك أن الكتابة تعد آداة إنعقاد التقويم الشركة قائمة بدونها[22].

فإذا ثم وضع النظام الأساسي بعقد عرفي ، حررت منه الأصول بالقدر الكافي الإيداع واحد منه في المقر الإجتماعي ، كما أنة لا تقبل أية وسيلة إثبات بين المساهمين ضد النظام الأساسي إلا إذا كانت كتابة ، و هو ما يكرس الطابع الشكلي ، إلا أنه وعلى سبيل المرونة أعطى المشرع المؤسسين الخيار بين العقد الرسمي و العقد العرفي .[23]

كما أوجب المشرع أن يضع كافة الشركاء على النظام الأساسي توقيعاتهم ، وأوجب كذلك تأريخ النظام الأساسي كما أوجب أن يحترم الإطار الشكلي و البيانات المنصوص عليها في المادة 50 من ق 5.96 – تحت طائلة البطلان-.

  • أسماء الشركاء و موطنهم وغرضها وتسميتها ومقرها و مبلغها إذا تعلق الأمر بشخص إعتباري .
  • حصة كل شريك و بيان قيمتها إذا كانت عينية
  • توزيع الأمثلة على الشركاء
  • مدة الشركة
  • أسماء وموطن الشركاء أو الأفكار الذين يحق لهم إلزام الشركة
  • كتابة الضبط التي سيودع بها النظام الأساسي
  • إنشاء كل الشركاء .[24]

وهذه البيانات تعد إلزامية ، ولكن يمكن أن تدرج في النظام الأساسي بعض البيانات الإختيارية شريطة أن لا تخالف النصوص القانونية الآمرة المنظمة لهذه الشركة ، ومثاله :

إذا كانت القاعدة العامة الأنصبة يمكن تفويتها بكل حرية فلا مانع من إضمان شرط يحد من قابلية الأمثلة التفويت .

ومثال إذا كانت القاعدة العامة أن القرارات تاخد من الجمعية العامة ، فإنه وطبقا للمادة 71 من ق 5.96 يجوز أن يتم التنصيص على إتخاذ القرارات بإستشارة كتابية للشركاء .[25]

كما أنه إذا كانت بعض البيانات يجوز الإتفاق على إدراكها ، فإن بعض البيانات تكون محصورة ، لكونها تخالف القواعد الآمرة أمثاله :

إذا كانت القاعدة العامة تفويت الأمثلة للأغيار في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يكون بقرار متخد من الشركاء الممثلين لثلاثة أرباع الأمثلة على الأقل ، فكل قرار تفويت متخد خلافا لهذا النصاب و يدرج في النظام الأساسي يعد كأن لم يكن .

✓ الشهر :إذا كان ما سبق قوله خاص بالكتابةفي النظام الأساسي ، فنجد أن الشهر القانوني فقد تطرق له الباب السابع من ق 5.96 ، ذلك أنه و بمقتضى المادة 96 [26]معد فيجب بعد التقييد في السجل التجاري ، أن يتم شهر شهر الشركة في الجريدة الرسمية و الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية أو نشر الإعلان بطريقة إلكترونية وفق الشروط المنصوص عليها في نص تنظيمي ، شامل أجل لا يتعدى ثلاثين يوما .[27]

و إذا تضمن الشهر تباينا بين النص المودع في السجل التجاري ، وذاك المنشور في الجريدة الرسمية ، فإنه لا يمكن مواجهة الغير إلا بالموقع في السجل التجاري ، غير أنه يسوغ للأغيار الإعتماد بالنصوص المنشورة في الجريدة الرسمية ،مالم تتبع الشركة إطلاعهم على النص المودع في السجل التجاري.

كما يجب إيداع نسختين من أصل النظام الأساسي أو مديرين منه بكتابة ضبط المحكمة الموجود بدائرتها المقر الإجتماعي داخل أجل 30 يوم من التأسيس ، كم تجدر الإشارة إلى أنه يجب إيداع مديرين من القوائم التركيبية مرافقين بنسخة من تقرير مراقب الحسابات إن وجدوا بنفس كتابة الضبط ، داخل أجل 30 يوم من تأريخ مصادقة الجمعية العامة .

زيارتي عن عدم إحترام إجراءات الإيداع و النشر بطلان الشركة أو بطلان العقود أو القرارات أو المداولات حسب الأحوال -مع مراعات إمكانية تسوين البطلان-.

وكملاحظة تجدر الإشارة، إلى أنه أعطى المشرع الحق بالإطلاع على هذه الوثائق المودعة بكتابة الضبط و الحصول على نظير منها على نفقته لدى كتابة الضبط .[28]

[1]أحمد شكري السباعي:الوسيط في الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الإقتصادي،الجزء الخامس،ص 220

[2]Mohammed ouzgane,le nouveau droit des sociétés a responsabilité limitée,au maroc, publication de la REMALD,série »guide de gestion »n,7,2001.

[3] الدكتور أحمد شكري السباعي،م.س،ص225

[4]سيتم الإقتصار في سياق المقارنة بين ش.م.م وغيرها من الشركات،على كل من شركة المساهمة بإعتبارها النموذج الأبرز لشركات الأموال،وشركة التضامن النموذج الأبرز لشركات الأشخاص

[5]الدكتور أحمد شكري السباعي،م.س،ص221

[6] محاضرة على موقع يوتوب على الرابط التالي https://m.youtube.com/watch?v=Db-7QpMC3UA&t=1sثم الإطلاع عليه في 11/11/2018 على الساعة 20.00.

[7]فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد،الجزء الثاني، الشركات التجارية ، ص:104

[8]سيتم التفصيل في الشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة،وكذا مهام المسيرين فيما سيأتي من محاور العرض.

[9]الدكتور أحمد شكري السباعي ،م.س ،ص230

[10]يلاحظ أن هذه الشركة تحتل الرتبة الأولى من بين الشركات المؤسسة بالمغرب ،فمثلا بالنسبة لسنة 1998 تم تأسيس 4479 شركة ذات المسؤولية المحدودة مقابل 495شركة تضامن و368 شركة مساهمة؛فؤاد معلال ،م.س ص 110 هامش رقم 1

[11] La société à responsabilité limite,magasin « les experts au Maroc » http://www.marocainedesexperts.com/index.php?option=com_content&task=view&id=100

[12]_ المادة 44 من ق 5.96 تنص “لا يجوز الشركات البنكية و شركات القرض و الإستثمار و التأمين و الرسملة و الإدخال أن تتحد شكل شركة ذات مسؤولية محدودة ”

  [13]_ الذكور عز الذين بن ستي ، الشركات في القانون المغربي . الطبعة الأولى 2014-1435 .رقم الإيداع القانوني 2014 MO0848 .ردمك 7-303-9954-978

  [14] _ المادة 53 من ق 5.96″ يمكن للشركاء المرتقبين أن يقرروا بالإجماع أن اللجوء لمراقب الحصص غير إلزامي حينما لا تتجاوز قيمة أية حصة عينية 100ألف درهم ولا تكون القيمة الإجمالية لمجموع الحصص العينية غير خاضعة لمراقب الحصص أكثر من نصف رأس المال ”

[15] _ في هذا الإطار كان هذا رأينا بإعتبارنا طلبة باحثين فيما يخص إشكالية الحصة العينية ، بحيث كان من الأجدر أن تكون الصيغة أعلاه بدل الصيغة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 53 من ق 5.96

[16] _كما ورد في محاضرة للدكتور شميعة بخصوص الشركة ذات المسؤولية المحدودة أن المادة 51 من ق 5.96 أوردت شيئين مختلفين الأصل التجاري و المقاولة الحرفية ، فإذا كان الأصل التجاري معرف بمقتضى المادة 79 من م.ت فما هي المقاولة الحرفية ؟ علما أن المقاولة الحرفية هي أصل تجاري حسب البند الخامس من المادة 6 من م.ت التي عددها ضمن الأعمال التجارية.

[17]_ 51 من ق 5.96 في فقرتها الثالثة “لا يمكن أن تمثل الأمثلة حصصا صناعية ، غير أنه إذا تعلق غرض الشركة بإستغلال أصل تجاري أو مقاولة حرفية ،تم تقديمها كحصة في الشركة أو إنشاؤها من طرفها إنطلاقة من عناصر مادية و معنوية قدمت لها بصفة عينية ”

[18]_كما ورد في المادة 47 من ق 5.96و التي تنص ” لا يتجاوز عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة خمسين شريكا ”

[19]_ الذكتور أحمد شكري السباع .م.س الصفحة 230 .

[20]_الذكتور عز الدين بن ستي م.س الصفحة 223.

[21]_الذكتور عز الدين بن ستي م.س الصفحة 221.

[22] _ لم يرتب المشرع المغربي في ق 5.96 على تخلف الكتابة البطلان ، كما كان الأمر في قانون 7 مارس 1925 ، بل تجريد الشخصية المعنوية ، حين أنه تطبيقا للمادة 337 من ق 17.95 التي تطبق هنا بطريق الإحالة ، فإنه لا بطلان بدون نص .

[23] _الذكتور عز الدين بن ستي م.س الصفحة 221 وما بعدها .

[24]_المادة 50 من ق 5.96 تنص “يجب تحت طائلة بطلان الشركة أن يؤرخ نظامها الأساسي و يتضمن البيانات الآتية …” وقد سلف ذكرها أعلاه

[25] _الذكتور عز الدين بن ستي م.س الصفحة 230.

[26] _المادة 96 المعدلة بمقتضى قانون 24.10

[27]_المادة من ق5.96 والتي تنص “يجب بعد التقييد في السجل التجاري أن يتم شهرتأسيس الشركة بواسطة إعلان بالجريدة الرسمية أو الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية في أجل 30 يوم ” ليضيف تعديل 24.10 النشر بطريقة إلكترونية وفق النصوص التنظيمية .

[28]-الذكتور عز الدين بن ستي م.س الصفحة 236 وما بعدها .


معلومات حول الكاتب:

الأستاذ الأيوبي حمزة

محام متمرن بهيىة الدار البيضاء

ماستر قانون الاعمال بكلية العلوم القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية أكدال

جامعة محمد الخامس بالرباط

قد يعجبك ايضا