البيولوجيا : علم يغير وجه العالم

سمية بومروان

في ظل ما يعانيه عالمنا الآن من انتشار الأوبئة والامراض الفتاكة بين البشر، حيث اصبحنا كثيرا ما  نسمع بكلمة “بيولوجيا” وعلم البيلوجيا والأشياء البيولوجية.. هل منا من فكر ماهي البيولوجيا بصورتها العلمية الكاملة؟
إن البيولوجيا علم مُذهل أكثر من السحر.. وسوف نكتشف الأدلة ضمن هذا المقال.
علم الأحياء والذي نعرفه بعالم البيولوجيا هو أحد العلوم الحديثة التي نحتاجها في حياتنا اليومية فهو من العلوم المهمة والضرورية حيث يعرفنا بما في أجسامنا من أعضاء وخلايا ووظائف حيوية وهو كذلك يعرفنا بالكائنات الحية والنباتات و ما يوجد حولنا في البيئة المحيطة.الأحياء باللغة الإنجليزية (Biology) هو أصلاً كلمة يونانية تتكون من مقطعين الأول (Bio) ومعناه الحياة والثاني (logy) ومعناه علماً أو دراسة.ولعلم الأحياء صلات وثيقة بالعلوم الأخرى مثل علم الكيمياء وبينهم ضلع مشترك يعرف بالكيمياء الحيوية، وله علاقة أيضاً بعلم الصيدلة من حيث صناعة الدواء، وكذلك الجيولوجيا.وقد تشعب علم الأحياء فروع كثيرة لتلبي احتياجات الإنسان الضرورية والمستمرة.
كما انه علم طبيعي يُعنى بدراسة الحياة والكائنات الحية، بما في ذلك هياكلها ووظائفها ونموها وتطورها وتوزيعها وتصنيفها.الأحياء الحديثة هي ميدانٌ واسعٌ يتألف من العديد من الفروع والتخصصات الفرعيَّة، لكنها تتضمن بعض المفاهيم العامّة الموحدة التي تربط بين فروعها المُختلفة وتسير عليها جميع الدراسات والبحوث. يُنظر إلى الخلية في علم الأحياء عموماً باعتبارها وحدة الحياة الأساسية، والجين باعتباره وحدة التوريث الأساسية، والتطور باعتباره المُحرّك الذي يولد الأنواع الجديدة. ومن المفهوم أيضاً في علم الأحياء في الوقت الحاضر أنّ جميع الكائنات الحيّة تبقى على قيد الحياة عن طريق استهلاك وتحويل الطاقة، ومن خلال تنظيم البيئة الداخلية للحفاظ على حالةٍ مُستقرةٍ وحيويّة.
على الرغم من ظهور علم الأحياء بشكله الحالي حديثاً نسبيّاً، إلا أن العلوم التي تتضمنها الأحياء أو تتعلق فيها كانت تُدرس منذ العصور القديمة. فقد كانت الفلسفة الطبيعية تُدرس في بلاد الرافدين ومصر وشبه القارة الهندية والصين. بَيْد أنّ أصول علوم الأحياء الحديثة ومنهجها في دراسة الطبيعة تعود إلى اليونان القديمة.فكان أبقراط بمثابة مؤسس علم الطب، بالإضافة إلى مُساهمة أرسطو الكبيرة في تطوير علم الأحياء، حيث كان لكتبه التي أظهر فيها ميوله للطبيعة أهميةٌ خاصةٌ مثل كتاب “تاريخ الحيوانات”، تبع ذلك أعمالٌ أكثر تجريبية ركّزت على السببية البيولوجية وتنوع الحياة. كتب ثيوفراستوس بعد ذلك سلسلة من الكتب في علم النبات اعتُبرت الأهم من نوعها في هذا العلم في العصور القديمة حتى العصور الوسطى.
أسهم العلماء المسلمون كذلك إسهاماتٍ مُهمّةٍ في علم الأحياء، مثل الجاحظ، وأبو حنيفة الدينوري الذي كتب في علوم النباتات،وأبو بكر الرازي الذي كتب في علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء. كما أولى المسلمون الطب اهتماماً خاصاً، فترجموا علوم اليونانيين وأضافوا إليها الكثير. أمّا إسهاماتهم في التاريخ الطبيعي فكانت مُعتمدةً بشكلٍ كبيرٍ على الفكر الأرسطي.
وتاريخ شغفنا ب البيولوجيا طويل. حتى إن البشر الأوائل اضطروا لدراسة الحيوانات التي كانوا يصطادونها ولمعرفة أماكن النباتات التي يجمعونها لغذائهم. وكان اختراع الزراعة تقدمًا كبيرًا للحضارة الإنسانية. وما تزال أهمية الطب عندنا تزداد ومنذ القدم كذلك. وقد عُرفت أقدم النصوص الطبية في الصين (2500 سنة قبل الميلاد)، وبلاد الرافدين سنة (2112قبل الميلاد)، وكذلك الحضارة المصرية (1800سنة قبل الميلاد).
وفي العصور الكلاسيكية، اعتبِر أرسطو أول من طبّق علم الحيوان على أسس علمية. وقد عُرف بدراساته الواسعة حول الحياة البحرية والنباتات. وقد كتب تلميذه (ثاوفرسطس – Theophrastus) أقدم النصوص الغربية المختصة في علم النبات (300سنة قبل الميلاد) حول تركيب النباتات ودورة حياتها واستعمالاتها. واستغل الطبيب الروماني غالينيوس خبرته في تطبيب جرحى المقاتلين في ساحات الحروب لكتابة نصوص تشرح الإجراءات الجراحية عام 158للميلاد.
وخلال عصر النهضة، عرّض ليوناردو دافينشي نفسه لخطر الانتقاد والاستهجان حين شارك في عمليات تشريح بشرية ليرسم رسومات تشريحية دقيقة ما تزال تعتبر من ضمن أجمل الرسوم التي رُسمت. وكان للطباعة والقدرة على إنتاج رسوم توضيحية دورٌ في تسهيل تدوين المعلومة ونشرها. وحوت أول الكتب المصورة في علم الأحياء نصوصًا في علم أحياء النبات كتبها عالم النبات الألماني (لينهارت فوكس – Leonhard Fuchs) عام 1542م.
وضع العالم السويدي (كارلوس لينيوس – Carolus Linnaeus) نظام التسمية الثنائية أو (التسمية العلمية – Binomial classification) عام 1735، مستخدمًا الأسماء اللاتينية لمجموعة الأنواع بحسب خصائص الكائن الحي.
وفتحت المجاهر (الميكروسكوبات – Microscopes) عوالم جديدة أمام العلماء. ففي عام 1665استعمل روبرت هوك ميكروسكوبًا ذا تركيبة بسيطة ليفحص شريحة رقيقة من الفلّين. ولاحظ أن نسيج النبات مكون من وحدات مستطيلة الشكل ذكّرته بالغرف الصغيرة التي كان يقطنها الرهبان. وأطلق على هذه الوحدات اسم (خلايا – cells).
في عام م1676، نشر العالم (أنطون فان ليفينهوك – Anton von Leeuwenhoek) أول رسمة لكائن حي وحيد الخلية. وأضاف العالم الألماني (ثيودور شوان – Theodore Schwann) معلومة وهي أن الأنسجة الحيوانية تتألف من الخلايا وذلك في عام 1839م.
وفي العصر الفيكتوري (عهد ملكة بريطانيا فيكتوريا) خلال القرن التاسع عشر، أضحى علم الطبيعة هوسًا طاغيًا. كُشفت آلاف الأنواع الجديدة وذُكرت صفاتها بواسطة المغامرين الشجعان وعلماء النبات والحشرات كذلك. في عام 1812م، وصف العالم (جورج كوفييه – Georges Cuvier) الأحافير ووضع فرضية أن الأرض تعرضت لنوبات متتالية من عمليات إنشاء وتدمير خلال فترات طويلة من الزمن.
وفي ٢٤ نوفمبر من عام1859م، نشر تشارلز داروين كتابه (أصل الأنواع – On the Origin of Species) الكتاب الذي غيّر العالم، مفصحًا أن كل الكائنات الحية متصلة وأن الأنواع لم تنشأ منفصلة لكنها انبثقت من أشكال سابقة تغيرت وتشكلت عبر التكيف بحسب بيئتها المحيطة. وبينما كان العالم يحوّل انتباهه نحو أسئلة حول الحياة الميكروسكوبية، كان راهبًا يبحث بصمت في كيفية نقل الكائن الحي لصفاته من جيل لآخر.
يُعرف غريغور ماندل اليوم بأبي علم الوراثة، وعلى الرغم من أن أبحاثه حول الوراثة نُشرت عام 1866م، فإنها لم تلاحظ في ذلك الوقت. وأعيد اكتشاف أعماله عام1900م ولحق ذلك فهم أوسع للوراثة بشكل سريع.
عُرف القرنان الـ 20والـ 21للأجيال اللاحقة باعتبارهما بداية الثورة الحيوية. انطلاقًا من تفسير واتسون وكريك تركيب ودور الـ DNA عام 1953م، وتوسعت مجالات علم الأحياء بشكل استثنائي ولامست جميع نواحي الحياة. سيتغير الطب بتطوير علاجات طبقًا لنسخ من جينات المريض، وسيجتمع علم الأحياء بعلم التقنية سويًا لإنتاج أجهزة يمكن التحكم بها عبر الدماغ.
وطالما أن الاقتصاد يعتمد على الإدارة الملائمة للموارد البيئية وموازنتها مع حاجات الإنسان فقد نكتشف سُبُلاً لحماية محيطاتنا حين استخدامها لإنتاج ما يكفي من الغذاء لإطعام الدول، كما قد “نُنَمِّي” بطاريات من البكتيريا، أو نصنع إضاءةً حيويَّة عن طريق التلألؤ البيولوجي لبعض الفُطور.
اذن البيولوجيا علم رائع رغم ضعف الامكانيات للكشف عنه لكن الان وفي ظل هذه التغيرات التي نعيشها سوف تكون له اهمية عظيمه في تغيير وجه العالم.
المراجع:
‏[1] Based on definition from: “Aquarena Wetlands Project glossary of terms”. Texas State University at San Marcos. مؤرشف من الأصل في 08 يونيو 2004.
[4] Magner, Lois N. (2002). A History of the Life Sciences, Revised and Expanded. CRC Press. ISBN 978-0-203-91100-6. مؤرشف من الأصل في 25 أكتوبر 2019.
[5]Theophrastus نسخة محفوظة 01 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.

[6] ] Morelon, Régis; Rashed, Roshdi (1996). Encyclopedia of the History of Arabic Science. 3. Routledge. صفحة 815. ISBN 978-0-415-12410-2.

قد يعجبك ايضا