كلمة رئيس النيابة العامة بمناسبة اليوم الدراسي في موضوع: “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق”

كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة بمناسبة اليوم الدراسي المنظم بشراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول موضوع: “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق”

30 مارس 2022 بقاعة الندوات برئاسة النيابة العامة

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية؛
السيد الكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية؛
السيد المفتش العام بالنيابة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية؛
السيد رئيس التعاون لمندوبية الإتحاد الأوربي بالمغرب؛
السيدة رئيسة مكتب مجلس أوربا بالمغرب؛
السيد ممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب؛
حضرات السيدات والسادة الحضور الكريم كل باسمه وصفته؛
يطيب لي بمناسبة افتتاح أشغال هذا اللقاء العلمي المنظم بتعاون وشراكة بين رئاسة النيابة العامة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول موضوع “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق”، أن أعرب لكم عن مشاعر الفخر والإعتزاز التي تغمرني وأنا أشارك معكم في هذا اللقاء المتميز.
والشكر واجب لكل من فكر وأعد أو ساهم في تنظيم هذا الملتقى العلمي الذي يطرح للنقاش موضوعا ذا راهنية كبرى هو تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب، لاسيما في هذه الظرفية الخاصة التي يعرفها العالم بفعل تأثيرات جائحة كورونا.
وبهذه المناسبة نثمن فيها عاليا المجهودات التي بذلها كافة مهنيي الصّحّة، كما نعتز بالجهود الجبّارة والتّضحيات الجسام التي بذلتها، ولاتزال تبذلها، الأطر والأطقم الصحية بكل أصنافها، وتواجدها المُشرّف والبطولي في الصفوف الأمامية لمحاربة الوباء خلال جائحة كورونا، وكذا انخراطها وبنجاح في الحملة الوطنية للتلقيح بحسّ عال من المسؤولية وروح التضحية والالتزام بقيم المواطنة، في ظرفية صعبة واستثنائية.

حضرات السيدات والسادة؛
إن اختيار موضوع “تعزيز الأمن الدوائي بالمغرب: التحديات والآفاق” كمحور لهذا اليوم الدراسي، يندرج في إطار الاهتمام بالأمن الصحي للمواطنين، الذي يكتسى صبغة دستورية من خلال المادة 31 من دستور المملكة التي نصت على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
وفي هذا الإطار يعتبر الأمن الدوائي عنصراً أساسياً في تحقيق الأمن الاستراتيجي للبلاد، وهذا التوجه ينم عن تبصر وحكمة جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي ما فتئ يؤكد على أهميته في مختلف المناسبات، حيث أشار إلى ذلك بشكل واضح في الخطاب الذي وجهه جلالته إلى الأمة يوم 31 يوليوز 2021 بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الثانية والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، بقوله السامي: “وإيمانا منا بأن السيادة الصحية عنصر أساسي في تحقيق الأمن الاستراتيجي للبلاد، فقد أطلقنا مشروعا رائدا، في مجال صناعة اللقاحات والأدوية والمواد الطبية الضرورية بالمغرب”.
إن تنظيم رئاسة النيابة العامة لهذا اليوم الدراسي ينسجم مع جهودها الرامية للانخراط في السياسات العمومية للدولة في مجال الحفاظ على الأمن الصحي ببلادنا، وهو ما يتجلى من خلال عدة إجراءات آنية وتدابير وقائية تم اتخاذها للحد من تفشي وانتشار الوباء سواء برئاسة النيابة العامة أو بالمحاكم وذلك بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل وجميعة هيئات المحامين بالمغرب.
ولقد واكبت رئاسة النيابة العامة الوضعية التي عاشتها بلادنا من خلال تفعيل المقتضيات الزجرية التي جاء بها المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.
كما واكبت أيضاً التشريع المرتبط بالمجال الصحي عبر توجيه مجموعة من المناشير والدوريات لحث النيابات العامة على التطبيق الصارم للقانون والتصدي لبعض الظواهر المخالفة للقانون والتي تمس بالأمن الصحي والدوائي للمواطن كما هو الشأن بالنسبة لبيع وتوزيع وصرف الأدوية والمنتجات الصحية للعموم بطرق غير قانونية، وفي هذا الإطار أصدرت هذه الرئاسة دورية تحت عدد 15س/ر.ن.ع بتاريخ 07 ماي 2021 لمكافحة وزجر بيع وتسويق الأدوية والمنتجات الصيدلية غير الدوائية بشكل غير قانوني لما لذلك من خطورة على الصحة العامة.
ولقد نصت الدورية على مجموعة من التدابير التي يتعين على النيابات العامة الإلتزام بها ولاسيما:
– دعوة الشرطة القضائية للتنسيق مع المصالح الجهوية لوزارة الصحة وعند الاقتضاء مع المصالح المركزية ممثلة في مديرية الأدوية والصيدلة، بغية رصد جميع صور البيع والتوزيع غير القانوني للأدوية، واطلاع النيابات العامة على نتائج ذلك ليتأتى لها اتخاد ما يلزم قانونا؛
– العمل على تجهيز الملفات الرائجة أمام المحكمة للبت فيها داخل آجال معقولة؛
– تقديم ملتمسات رامية إلى مصادرة المواد والمنتجات المحجوزة، والسهر على إتلافها لما لها من تأثير خطير على الصحة العامة؛
– التماس عقوبات زجرية تتناسب وخطورة الأفعال المرتكبة، مع تدعيم الملتمسات بما يبرر تطبيق العقوبات الإضافية وبما يثبت حالة العود؛
– الطعن في الأحكام القضائية التي تقضي بعقوبات غير متناسبة مع خطورة الأفعال أو لا تراعي حالة العود.
ولردع كل أشكال الإهانة أو العنف التي تطال بعض أطر وأطقم وزارة الصحة بعض مهنيي الصحة بمناسبة قيامهم بواجبهم المهني أصدرت هذه الرئاسة الدورية عدد
42 س/ر.ن.ع بتاريخ 15 نونبر 2021 لحث النيابات العامة للتصدي لهذه الممارسات وإيلائها العناية اللازمة لكونها تعتبر جريمة معاقب عليها بموجب القانون، فضلا عن كونها تشكل ضررا معنويا ينعكس على قيام الأطر الصحية بواجبها المهني المتعلق بتوفير الأمن الصحي للمواطنين.
ومما لا شك فيه أن مفهوم الأمن الصحي أصبح يتصدر اليوم أولويات الحكومات الوطنية والمؤسسات الدولية، ليصبح العنصر الأهم ضمن منظومة الأمن الوطني والإنساني محليا وإقليمياً وعالمياً، وينبثق عن ذلك أيضا مفهوم الأمن الدوائي الذي لا يقل بحال من الأحوال عن الأمن الغذائي، فلا طعم للحياة دون صحة، والصحة لا تتحقق إلا بتوافر عنصري الغذاء والدواء، وبالتالي فهو يقتضي قدرة الدولة على تأمين كمية كافية من الأدوية الأساسية، التي يحتاج إليها المجتمع بجميع شرائحه، سواء في الأوقات العادية أو في أوقات الأزمات وبالأسعار العادلة وفي متناول الجميع، وكذلك توفير المواد الأولية للصناعة الدوائية المحلية وتشجيع ودعم تلك الصناعة بحيث تكون قادرة على المنافسة والتطوير والتوسع ضمن السوق الدوائي العالمي والإقليمي، وهذا ما يعطي لهذا اللقاء العلمي أهميته الكبرى وراهنيته الملحة.
حضرات السيدات والسادة الحضور،
ختاما لا يسعني إلا أن أجدد سعادتي باللقاء بكم في هذا اليوم الدراسي الذي بلا شك ستليه مناسبات أخرى نلتقي فيها معكم، معربا لكم عن تقديري الخاص لكافة المسؤولين والأطر الصحية على ما بذلوه وما يبذلونه من جهد مضن في زمن كورونا، راجيا الله تعالى لكم مزيدا من التوفيق ومتمنيا أن يكلل هذا اللقاء العلمي بالنجاح، وأن يسفر عن أفكار وتوصيات مفيدة من شأنها أن تساعد على حل الإشكالات التي يطرحها الموضوع.
سائلا الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس دام نصره وعزه وحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي الرشيد وكافة أسرته الشريفة.
والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد يعجبك ايضا