الحكامة الأمنية بالمغرب

المعلومة القانونية

*هند ريان : خريجة ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية

مقدمــة:

يحظى مفهوم الحكامة الجيدة باهتمام كبير من طرف جل الفاعلين و في مختلف المجتمعات و أصبح الموضوع شاغل لرجال الفكر و الاقتصاد و الباحثين … ، فتعميم هدا مفهوم على سائر المجالات و العلوم أعطاها بريقا و حضورا قويا على الساحة العامة لكونه الأسلوب الناجح لتدبير الشأن العام.

حيث جعل الجميع يتحدث عن الحكامة الإدارية و الحكامة السياسية و الحكامة الدينية …و غيرها و حتى مرفق الأمن بدوره لم يكن غائبا عن هذا التحويل في تدبير الشأن العام، و الدي اعتبر لزمن انه قريب من المجالات التي لا يمكن الحديث فيها، لكن بهبوب رياح التغير و بفعل العوامل الداخلية و أخرى خارجية، طرح موضوع الحكامة الأمنية من طرف الفاعلين الحقوقيين و السياسيين و بالتالي أصبح يشهد اهتماما متزايدا من قبل السلطات العمومية، خاصةً بعد الخطاب الملكي السامي بتاريخ 1999-10-12 أمام مسؤولي الولايات و العمالات و الأقاليم حول اعتماد مفهوم جديد للسلطة و الدي  جاء فيه << نزيد في هذه المناسبة أن نعرض مفهوم جديد للسلطة و ما يرتبط بها مبني على رعاية المصالح العمومية و الشؤون المحلية و الحريات الفردية و الجماعية و على السهر على الأمن و الإستقرار و تدبير الشأن المحلي و المحافظة على السلم الاجتماعي و هي مسؤولية لا يمكن النهوض بها داخل المكاتب الإدارية التي يجب أن تكون مفتوحة في وجه المواطنين و أن تتطلب احتكاكا مباشرا بهم و ملامسة ميدانية لمشاكلهم في عين المكان و إشراكهم في إيجاد الحلول المناسبة و الملائمة >> .(1)

والذي تلته توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي دعت إلى ترشيد واقع وآفاق الحكامة الأمنية عقب الأحداث التي عرفها المغرب.

و إن موضوع الحكامة الأمنية يطرح بحدة على أجندة جميع الفاعلين الرئيسيين سواء في الحقل الحقوقي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، و جمعيات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية و المنظمات الثقافية، و مؤسسات الوسيط و المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بعد دسترة كل ما يتعلق بالمجال الأمني من خلال دسترة المجلس الأعلى للأمن .و من هذا المنطلق تعتبر الحكامة الأمنية مسؤولية مجتمعية و جزء لا يتجزأ من دمقرطة المجتمع لكون الأمن و الإستقرار من ممارسة الحريات و التمتع بالحقوق .

يقصد بالحكامة الأمنية كونها حركة ابداع و ملائمة، التي تسمح بطرح و تفكير في الأسئلة التدبيرية الكاشفة و الاستراتيجية لتطور الأمن ليس فقط على مستوى المهام و الفعالية بل على مستوى القيم و احترام الحقوق الأساسية للمواطنين .

و يعرف الاستاد أين طالب: الحكامة الأمنية الجيدة تقوم على احترام حقوق الإنسان و الحريات العامة، و هو مبدأ أساسي الدي يؤطر تدخل القطاع العمومي، ليصبح العمل الأمني قاعدة أمامية للحفاظ بالدرجة الأولى على هذه الحقوق و دلك استنادا إلى المفهوم الجديد للسلطة و توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة .(2 )

1 . مقتطف من الخطاب الملكي لجلالة الملك محمد السادس بالدار البيضاء يوم 12 أكتوبر 1999

 

2 .  احمد  ايت الغالي : “إصلاح القطاع الأمني في العالم العربي “، موضوع الندوة الأهلية بالرباط جريدة ماروك بوست بتاريخ 15 مارس 2009

 

و بناء عليه يمكن تعريف الحكامة الأمنية الجيدة بإعمال مبادئ حقوق الإنسان داخل المنظومة الأمنية وفق سياسة عمومية أمنية و إيجاد توازن بين الحقوق و الحريات و الأمن العام للدولة مع إخضاع القرارات الأمنية للرقابة التشريعية.

إن أهمية هذا الموضوع يأتي في كونه يسلط الضوء على موضوع يعرف نقاشا كبيرا في المجتمع المغربي، بعد الثورة الثقافية و السياسية التي أحدثها تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة في كل ما له علاقة بحقوق الإنسان و تطبيقها السليم، كما أن الخطاب الملكي تاسع مارس دشن لمرحلة جديدة في تاريخ المغرب بدعوته إلى دسترة مجموعة من الآليات و المؤسسات الظرورية في المجال الأمني من أجل تفعيل الحكامة الأمنية الجيدة داخل كل أجهزة أمنية.

هذه الأهمية تندرج في ظل التحولات المتسارعة و المتلاحقة التي يعرفها المنتظم الدولي خاصة بعد أحداث 11 شتنبر 2001 و الأحداث الإرهابية ل 16 ماي 2003 بالدار البيضاء و موجة الاحتجاجات الشعبية الي شهدها المغرب

و بوصولنا إلى هنا تكون قد تجلت لنا مجموعة من التساؤلات و النقط التي يجب الإجابة عنها و من بين أهم ما يكون قد تبادر في أذهاننا واقع الحكامة الأمنية بالمغرب و افاقها.

و تتفرع من هذه الإشكالية تساؤلات فرعية التالية :

– نشأة و تطور الأجهزة الأمنية

-ما هي إشكالات الحكامة الأمنية بالمغرب ؟

– ما هي آفاق الحكامة الأمنية بالمغرب

و غيرها من التساؤلات التي ارتأيت الإجابة عنها في هذا العرض و دلك من خلال اتباع الخطة التالية :

المبحث الأول : واقع الحكامة الأمنية بالمغرب

المبحث الثاني : آفاق الحكامة الأمنية بالمغرب على ضوء الإصلاحات الدستورية 2011

 

المبحث الأول : واقع الحكامة الأمنية بالمغرب:

من بين أهم ما تقتضيه الحكامة الجيدة تبني مقاربة شمولية لمشاكل الأمن والسلم الاجتماعي في علاقة وطيدة مع الأجهزة والقطاعات الأمنية وهذه المقاربة تتطلب توفر إطار تشريعي أمني قوي المضمون وساري التطبيق والمفعول وكذا جودة أجهزة أمنية تستهر على تطبيق القانون والعمل على تكريس دولة الحق والقانون.

وقد تستعصي هذه المعادلة في الحل إذا تعلق الأمر بأجهزة أمنية تؤدي المهام المنوطة بها في إطار خارج عن القانون وتكون بالتالي أمام تجلي واضح للسياسة أمنية فاشلة.

وبالتالي سنتطرق في هذا المبحث إلى واقع الحكامة الأمنية بالمغرب (المطلب الأول) وإلى إشكالات الحكامة الأمنية بالمغرب (المطلب الثاني).

           المطلب الأول : نشأة و تطور الأجهزة الأمنية :

بغية الإحاطة بالمعيقات المؤسساتية للحكامة الأمنية لابد من معرفة الظروف العامة لنشأة الأجهزة الأمنية، وبالتالي فإنه من الضروري التطرق إلى التطور التكنولوجي لظهور هذه الأجهزة سواء العسكرية منها (الفقرة الأولى) أو المدنية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: نشأة وتطور الأجهزة الأمنية العسكرية :

منذ إعلان المغفور له جلالة الملك محمد الخامس عن إنشاء القوات المسلحة الملكية في 14 ماي 1956 وهذه القوات تضطلع بمهام تصب في حماية البلاد وتقوية أسسها وتكريس سيادتها.

فمنذ 1956 وفي كل يوم كانت شاحنات الجيش الملكي تقطع 1600 كلم انطلاقا من المستودع المركزي للتمرين العسكري بميناء أكادير إلى أقرب نقطة برابط بها أفراد القوات المسلحة الملكية بالصحراء لتزويد الجنود بحوالي 1400 طن من المواد الغذائية ما يمثل 500 ألف طن في السنة وقد سهر على هذه الرحلات أطر اللوجستيك العسكري المغربي والذين حرصوا على تتبع هذه العمليات لتمرين الجنود المنتشرين في جبهة تغطي مساحة 300 ألف كلم مربع بطول 2400 كلم وهو ما حول الجيش إلى دينامو لضخ الزيت[1]، في اقتصاد الأقاليم الجنوبية انطلاقا من الكويرة بدءا من ميناء عاصمة سوس التي تحولت فضاءاته إلى قطب جذب بحكم وجود مخازن شاسعة لتخزين المؤونة للجيش(خضر، توابل، عجائن، لحم مجمد) وما يترتب على ذلك من رواج وتوظيف وعائدات مالية وانتهاء بشركات النقل التي يتم الاستعانة بها لنقل المؤونة.

هذا الدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية ولا زالت كأنها غير حاضرة في المتخيل الشعبي إلى عهد قريب أي البدايات الأولى للاستقلال وحقبة الستينات حيث كانت المؤسسة في المرحلة الجينية تضم بضعة آلاف من أعضاء جيش التحرير المنحل وجنودا حاربوا في صفوف الجيش الفرنسي والإسباني، يضاف إليهم حوالي 10 آلاف مخزني متنقل أي بالكاد 20 ألف جندي[2].

لكن مع اندلاع حرب الصحراء بين المغرب من جهة والجزائر والبوليساريو من جهة ثانية، ستعرف المؤسسة العسكرية ولادة ثانية مع المرحلة 1956-1974 المرحلة التي تميزت بالتوتر والفتن الاجتماعية والسياسية والانقلابات ضد المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، لتبدأ مرحلة ثانية، مرحلة الاحتراف والتسلح وتقويم النقائص والتوظيف والهيكلة وتطويل التكوين العسكري وفتح مراكز جديدة ودمقرطة الولوج إلى الجيش عبر تجسير العلاقة بين الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس وأعماق المجتمع بعد أن كانت هذه الأكاديمية مجرد مشتل لتفريخ النخب العسكرية، التي ينتمي أبناءها للأعوان ورجال السلطة[3]. وهي التراكمات التي تعززت في السنوات العشر الأخيرة، عبر فتح المعهد الملكي بالقنيطرة لكبار الضباط وعصرنة السلاح وبناء قواعد عسكرية وهي الخطوات التي توجت بتحول الجيش الملكي إلى سفير للمغرب في عدة بؤر دولية (هايتي ساحل العاج، الكونغو) في إطار عمليات أممية لحفظ السلام كما أن الجيش المغربي تحول إلى ناقل للخبرة لدول الجنوب (مثلا فرق الهندسة العسكرية المرسلة مؤخرا إلى السنغال) وكذا تحوله إلى ذراع للتدخل في الكوارث مما أدى إلى دور فعال وخلاق الذي اضطلع به الجيش الملكي في احتوائه الأزمة التي خلفها زلزال الحسيمة سنة 2004 وحرائق الغابات.

وبالرغم من الوجه المشرق لتأريخ الجيش الملكي وتضحياته في سبيل حماية حوزة البلاد وثبات الأمن الداخلي والخارجي إلا أن ذلك لا يحول دون إماطة اللثام عن أوجه القصور والنقص والضعف، التي تعتري عمل وأداء هذا الجهاز والتي يؤثر سلبا على مردوديته الأمنية، وبالتالي إفراز حكامة أمنية عسكرية متأزمة فمن أهم الإشكالات البنيوية التي تعاني منها مؤسسة الجيش تهميش طبقة الجنود وعدم شموليتهم بالتكوين الذي يحظى بشرف نيله وتلقينه باقي الضباط داخل الأكاديمية الملكية العسكرية بالإضافة إلى التحقير وعدم التقدير الذي يواجه الجنود لدى باقي الضباط داخل القوات المسلحة الملكية ولعل من أهم المظاهر المتأزمة التي تعمق المعاناة الجنود الصغار للقوات المسلحة الملكية منذ نشأتها ضعف الرواتب الشهرية لهاته الفئة رغم ضخامة الميزانية المرصودة للجيش الملكي لذلك فالمشروع مدعو لإدخال تعديلات على الظهائر المؤسسة للقوات المسلحة الملكية من أجل تحسين وضعية الجنود المادية والمعنوية.

الفقرة الثانية: نشأة وتطور الأجهزة الأمنية المدنية :

ترجع البدايات الأولية لنشأة الأجهزة الأمنية المدنية بالمغرب، إلى السنوات الأربعينيات من القرن الماضي، لما المغرب لا يزال يقبع تحت وطأة الاستعمار، إذ تم إنشاء أجهزة أمنية فرنسية موازية للجش الفرنسي، مهمتها التنسيق مع هذا الجيش، ومع بعض العملاء من القواد والولاة المغاربة من أجل تفويض دعائم الحركة الوطنية وتوسيع وترسيخ وتطوير السياسات الاستعمارية، ومن الأجهزة الأمنية الفرنسية التي لعبت هذا الدور جهاز “السديس”[4].

بعد حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 تولى جهاز S.d.e.c.e قلب الإدارة العامة للأمن الوطني من أجل هيكلتها والمساهمة في إنشاء الأمن الموازي، كما تولى هذه المهمة جهاز الاستخبارات الأمريكية C.A.P أو الكاب[5].

وتكوين الشباب من رجال الأمن، والإشراف على هيكلة المصالح الأمنية والتحكم في الأوضاع على مستوى الأمن الداخلي وتحييد الأحزاب والنقابات وإسكاتها.

غير أن ما يؤخذ على هذه الأجهزة خصوصا في نهاية الخمسينات والستينيات والسبعينيات هو استعمالها الغير القانوني والخطير للعنف ضد كل المعارضين للنظام ولو كانت هذه المعارضة مجرد أفكار وتوجهات يستحيل تنزيل مشاريعها على أرض الواقع، وأعتقد في هذا الصدد أن السياسة الأمنية التي نهجتها الأجهزة لذلك كانت سياسة فاشلة بكل المقاييس وتنمو عن محدودية التفكير وسرعة رد الفعل العقيم غير القائم على التشاور وتدل دلالة واضحة على استغلال الظروف الاستثنائية للمملكة من أجل إنجاز مشاريع شخصية[6].

وما يؤكد ذلك الحقيقة التي ساقها أحمد البخاري، عميل الاستخبارات المغربية في كتابه السابق “الأجهزة السرية بالمغرب” إذ تحدث عن الوضعية التي ما فتئت تزداد سوءا داخل الأجهزة الأمنية خصوصا بعد سنة 1976 فوجود الجنرال محمد أفقير على الإدارة العامة للأمن الوطني وترأس الجنرال الدليمي للأجهزة السرية أدى إلى سن نظام فاسد لا زالت أجهزة الأمن تعاني إلى يومنا هذا ويقوم هذا النظام اللامشروع على الرشوة بالدرجة الأولى حيث يسمح بالولوج للأمن عن طريق تحويل مبلغ مالي إلى المدير العام للأمن الوطني وهكذا حدد في 20.000 درهم كرشوة من أجل الحصول على رتبة كمسير و10.000 من أجل رتبة ضابط و5000 درهم من أجل الانتساب إلى المفتشين أو حراس الأمن دون مراعاة أي دبلوم أو مراقبة قانونية والأخطر من ذلك بعض من المجرمين والقتلة قد وظف في صفوف الأمن الوطني بفضل نظام الرشاوى الذي كانت معمول به آنذاك.

للوصول إلى الحقيقة والجزم بوجود البوادر لحكامة أمنية جيدة لابد ومن الضروري استقراء الواقع الحالي للأجهزة الأمنية.

لن يتأتى الاضطلاع على الوضعية الحالية للأجهزة الأمنية إذا ما تم الاكتفاء بمجرد آراء وتصورات العلمية والعملية في نقل وتبليغ المعلومة بل لابد من استقراء الوضع التنظيمي والميداني لمختلف الأجهزة الأمنية.

فعلى مستوى التنظيمي يخطئ من يعتقد أن ترسيخ وتكريس مبادئ الحكامة الأمنية الجيدة يقتصر على تدبير وحسن تسيير عمل الأجهزة الأمنية، بل إن الحكامة الأمنية المرجوة يبدأ نسج أولى خيوطها منذ اجتياز المترشحين لمباريات الأمن الوطني وتعد هذه اللحظة الحاسمة لتقرير مدى نجاح الساهرين على أمن المملكة في وضع سياسة أمنية سليمة، فبالرغم من وجود تضخم قانوني على مستوى طرق ومساطر وكيفية توظيف عمداء الشرطة[7]، والضباط[8]، وضباط الأمن، والمفتشين وحراس الأمن، فإن ذلك لم يمنع ما تفاقم حدة اللبس والغموض اللذات يلفان مسطرة استدعاء المرشحين الناجحين في الاختبارات الكتابية والذين غالبا ما يتم استدعاؤهم هاتفيا على خلاف بعض  المباريات الأخرى، ولن أكون مبالغا إذا أكدت أن هناك بعض الأجهزة الأمنية تقوم بتوظيف ما يلزمها من موارد بشرية دون احترام الضوابط القانونية المحددة لذلك كنشر الإعلان للتوظيف والأمر يتعلق بمديرية القوات المساعدة[9].

فبالرجوع إلى المادة 22 من الظهير المؤسس لهذه المديرية نجده ينص على شروط ولوج مختلف أسلاك القوات المساعدة لكن ما يسترعي انتباهنا أن التوظيف في السلك المتعلق رجال الصف لا ينشر بشأنه إعلان للعموم بل يظل ذلك في طي الكتمان، وداخل أسوار الإدارات التابعة لقيادات القوات المساعدة، مما يشكل عاملا مهما في تفويض دعائم تكافؤ الفرص ومرة أخرى تطرح جدلية التشكيك في سلامة الحكامة الأمنية.

ولا يقتصر الأمر على هذا المستوى بل أن مسلسل الأزمات متواصلا خصوصا على مستوى المدارس ومعاهد تكوين رجال الأمن التي تشكو وتعاني نقصا خطيرا وضعفا سواء في مناهجها التكوينية أو عنصرها البشري الغير المؤهل ودليلنا على ذلك الأفواج المتخرجة من رجال الأمن الجدد الذين لا ترقى غالبيتهم إلى مستوى رجال الأمن المعمول عليهم لحفظ النظام والأمن.

أما على مستوى الممارسة الأمنية فكثيرة هي المعيقات التنظيمية التي تحول دون أداء الأجهزة الأمنية لمهامها على أكمل وجه وقد سبق لنا تشخيص بعضها، فعدم الاكتراث بخطورة هذه المعيقات والتغاضي عن الآثار السلبية التي من الممكن أن تتسبب فيها مما ينتج عن ذلك منطقيا للفشل في الانتقال إلى مرحلة رد الفعل الأمني ونقصد بهذا مفهوم شروع أجهزة الأمن في تنزيل استراتيجيتها الأمنية ولا بشأنه هذا التنزيل إلا بوجود علاقة وطيدة وواقعية وقانونية بين أجهزة إنقاذ القانون من جهة، والمواطن محرر المعادلات الأمنية من جهة أخرى وعن إساءة تقدير هذه العلاقة الحساسة وهو ما يحصل غالبا تفشل الأجهزة الأمنية في تدبير الأزمات وتطويقها[10].

يعد التعاون المثمر بين الجمهور وأجهزة الأمن أحد أهم الأسس التي تعقد لبناء ثقة متبادلة بين الطرفين وإزالة ذلك اللبس الذي استقر في أذهان المغاربة منذ عقود تجاه الأجهزة الأمنية خصوصا السرية منها.

وقد تسوء علاقة الأجهزة الأمنية بالجمهور من خلال إساءة رجال الأمن التعامل مع المواطنين وتتخذ هذه الإساءة شكل عدم احترام رجال الأمن لمجموعة من الضوابط القانونية عند تعاملهم مع بعض التظاهرات وبعض أشكال التجمهر في الشارع العام فهذه المواقف حدد لها المشرع المغربي تنظيما قانونيا تفاديا لانتهاك مبادئ حقوق المتظاهرين وحفاظا على النظام وهكذا بمنع كل تجمهر مسلح في الطريق العمومية طبقا لما في المادة 17 من الظهير الشريف بشأن التجمعات العمومية[11]، بالإضافة إلى المادة 19 من نفسا لظهير أنه في حالة وقوع مثل هذا التجمهر عن طريق استعمال مكبرات الصوت وتوجيه الأمر المتجمهرين بفض التجمهر والانصراف وتلاوة العقوبات المنصوص عليها قانونيا وإذا لم تقع الاستجابة الإنذار الأول وجب على عميد الشرطة توجيه إنذار ثاني وثالث بنفس الكيفية ويختمه بعبارة “أننا سنعمل على تفريق التجمهر بالقوة” غير أن استعمال هذه القوة يظل آخر الأوراق التي يلعبها عميد الشرطة.

المطلب الثاني: إشكالات الحكامة الأمنية بالمغرب :

تعرف الحكامة الأمنية بالمغرب مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالاستقرار العام والذي يجب المحافظة عليه سواء الاستقرار الداخلي أو الخارجي، وذلك كما جاء في الدستور الجديد لفاتح يوليوز 2011 ضمن باب الحريات العامة، ويمكن إجمال هذه الإشكالات في كيفية تدبير الملفات الأمنية الكبرى، وهذا ما سوف نتطرق إليه في الفقرة الأولى أما في الفقرة الثانية سنخصصه للحديث عن التدبير المظاهرات الاحتجاجية في مجال الحكامة الأمنية.

الفقرة الأولى: تدبير الملفات الأمنية الكبرى :

إن تدبير الملفات الكبرى التي يعرفها المغرب ليس بالأمر السهل إذ يتطلب التوفر على حكامة أمنية جيدة وتظافر جهود كل الفاعلين الرسميين للخروج بنتائج قيمة في هذا المجال وسوف يتركز اهتمامنا في هذه الفقرة على أهم الملفات الأمنية المعقدة والتي تشغل بال كل المسؤولين الأمنيين وكذا المواطن ألا وهو ملف الإرهاب وتبييض الأموال والذات تربطهما علاقة وطيدة فيما بينهما إذ يعتر تبييض مصدر أساسي لتمويل الإرهاب وأيضا سوف نتطرق لملف آخر شائك والمتعلق بالوقفات الاحتجاجية والمظاهرات وما أصبحت تعرفه من اهتمام خاص بعد الربيع العربي[12].

بالنسبة لملف تبييض الأموال وتمويل الإرهاب فإن انخراط المملكة المغربية في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب هو نتيجة حتمية لاقتناع الدولة بمعطيين محوريين المعطى الأول مؤداه أن هذه الظاهرة الإجرامية باتت أكثر تعقيدا وتكتسي طابع الشمولية وعبر الوطنية والمعطى الثاني هو أن المغرب له التزامات قانونية اتجاه المنتظم الدولي.

وتشكل الأموال المتحصلة من مصادر غير شرعية تحديا جديا على المستوى الدولي، بفضل الإرادة والقناعة المتناهية لدى المنتظم الدولي بضرورة مواجهة الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب[13].

فانهيار حائط برلين وما أعقبه من انتشار لمافيا المعسكر الشرقي في الدول المتناثرة أو الدول المنهارة والتأثير النفسي لهجمات 11/09/2001 التي أبنت عن قدرات هائلة لتنظيم القاعدة على التحرك والمناورة والتنفيذ المادي للعمليات التخريبية كلها معطيات دفعت بالمجموعة الدولية إلى دق ناقوس الخطر بشأن تنامي الظاهرة وبضرورة تنسيق الجهود الدولية والتحرك الفوري لمواجهة هذه الأنماط الإجرامية التي تهدد أمن واقتصاديات دول العالم الحر.

والمغرب بصفته عضوا ديناميا في المجموعة الدولية وملتزما بتعهداته الإقليمية والعالمية، لم يكن ليبقي بمنأى عن المجهودات الدولية المبذولة في هذا الصدد، إذ لم يقتصر فقط على الانضمام والتصديق كل الاتفاقيات بل يشارك أيضا وبفعالية في الأعمال التحضيرية الممهدة لإعداد هذه الصكوك.

شكلت استراتيجية مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال في البداية بالنسبة لبلادنا تحديا حقيقيا خاصة في ظل خصوصياته الاقتصادية والاجتماعية الأمر الذي حدا بالبعض إلى اعتبار أن التطبيق غير السليم لمثل هذه القوانين قد يؤدي إلى إعاقة سيولة التدفقات المالية ضمن الدورة الاقتصادية والمالية الشرعية وبالتالي التأثير على الأوضاع الاجتماعية القائمة.

من المؤكد أن المغرب يعرف ظاهرة الإرهاب والاتجار غير المشروع في المخدرات وبالتالي فإن مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ستنخرط ضمن مقاربة وقائية متعددة الأضلاع إعمالا للمبدأ الجاري به العمل ضمن الممارسة الشرطية المسمى مجازا بالضربات الاستباقية.

إن الأموال المتحصلة من التجارة الغير المشروعية للمخدرات لا تخدم المزارعين بقدر ما توفر أموالا طائلة للمهربين الذين ينشطون بين ضفتي البوغاز وبالتالي فإن سن قانون لمكافحة غسيل الأموال سيكون ذا نجاعة وفعالية في هذا السياق لأنه سيمنح هؤلاء المهربين من تبييض عائدات هذه التجارة المصيبة والاستفادة منها في أنشطة ذات طابع مشروع[14].

من جانب آخر هناك خصوصية ينفرد بها المغرب تتعلق بتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وما إذا كان قانون غسيل الأموال سيقلص عن تدفقاتها خاصة إذا كان من الجالية من يتحصل على أمواله من أنشطة مشوبة بعدم الشرعية، ونفس الشيء يثار بالنسبة لتشجيع الاستثمارات الخارجية فبلادنا انتهجت من وقت طويل سياسة تحفيزية ومشجعة لاستثمارات الأجنبية من خلال تسهيل إنشاء المشاريع تمويلات أجنبية، لكن مثل هذه التدابير والإجراءات قد تشكل دعوى للودائع والتحويلات المشبوهة أو المحصلة من مصادر غير مشروعة[15].

فالتهديد قائم إذن وأكثر جدية بل ويزداد حدة عندما نعلم أن المعلومات المتعلقة بعدد كبير من أفراد الجالية المغربية بالخارج وكذا المستثمرين الأجانب غير متوفرة لدى الهيئات الوطنية المكلفة بالمراقبة والافتحاص مما يفرض إيجاد تعاون دولي وطيد يقوم على تسيير تبادل المعلومات والمعطيات المالية بين مختلف الدول بما فيها المغرب.

العقبة الكبيرة تكمن في تدني المؤشرات المعرفية بالمغرب إلا أن أقل من 50 من المغاربة لا يتوفرون على حسابات بنكية وهو الأمر الذي يطرح عراقيل واقعية أمام تطبيق المراقبة التدقيق في إطار السياسية الوقائية الرامية إلى مكافحة غسيل الأموال علاوة على ذلك هناك ظروف اقتصادية أخرى تتعلق بتدني مداخيل فئات مجتمعية عريضة مما يحول دون ولوجها إلى قائمة الخدمات البنكية، كما أن هناك معايير اجتماعية تتعلق بجنوح عائلات مغربية كبيرة اكتناز مدخراتها في أماكن غير البنك، ويعزز هذا المعطى الشكايات العديدة التي تتوصل بها مصالح الأمن من أشخاص كانوا ضحية سرقة أموال طائلة كانوا يحتفظون بها في منازلهم الخاصة إما في غرف نوم أو في دولابات خشبية.

يعتبر المغرب على مستوى الدولي من بين الأعضاء المؤسسين إلى جانب عدد من الدول لمجموعة العمل المالي لمكافحة غسيل الأموال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

أما على مستوى الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة فقد صادق المغرب سنة 1993 على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الموقعة في نيويورك، كما صادق سنة 2003 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة على الوطنية الموقعة على باليرمو سنة 2000.

وينبغي الإقرار بأن الخطر الإرهابي ماثل ضد البلاد وقابل للتطور، إذ ليس هناك إمكانية تحقيق درجة الصفر من الخطر الإرهابي، ويزيد من احتمالات أو فرض استمرار التهديد الإرهابي، لكن المغرب بانضمامه إلى هذه الصكوك الدولية يكون قد التزم باتخاذ تدابير تشريعية وتنظيمية بهدف ضمان إنقاذ هاتين الاتفاقيتين لاسيما في الشق المتعلق بتجريم مخالفات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن المنظومة الجنائية الوطنية[16].

وهنا لابد من توضيح معطى مهم هو أن التشريع الوطني قبل سنة 2003 كان يعرف فراغا قانونيا في تجريم الإرهاب وعمليات تمويله، لكن هذا لا يعني أن المغرب لم يكن يزجر هذه الظواهر الإجرامية في السابق، وإنما كان يفرد لها عقوبات زجرية، الفرق الوحيد حاليا هو أن الوقاية باتت تحجب المكافحة وسبقها، على اعتبار أن المكافحة تكون أكثر نجاعة قبل الانتقال إلى مرحلة التنفيذ المادي للنشاط الإجرامي.

أما بالنسبة لجرائم تبييض الأموال فقبل سنة 2007 أيضا كان القانون المغربي يعرف فراغا تشريعيا في موضوع التجريم والعقاب، لكن كانت هناك في المقابل آليات شد هذا الفراغ مثلما هو الحال بالنسبة لمقتضيات المسطرة الجنائية العامة المتعلقة بالحجز ومصادرة وسائل الجريمة، كما أن الدورية رقم 36 ج/2003 الصادرة عن بنك المغرب والمتعلقة بواجب اليقظة المفروضة على مؤسسات الائتمان كانت تشكل بدورها وسيلة للوقاية في المجال البنكي، لكن بعد سنة 2007 سوف يتم تغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي المغربي بموجب القانون رقم 05.43 المؤرخ في 17 أبريل 2007 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال.

الفقرة الثانية: تدبير المظاهرات الاحتجاجية في مجال الحكامة الأمنية :

لقد طور المواطن المغربي اليوم أساليب جديدة للتظاهر فحتى عهد قريب كان الإضراب هو الشكل الاحتجاجي الذي يؤنث القضاء العام والأكثر تعبيرا عن مختلف الأشكال الاحتجاجية وكانت ثقافة العنف بإضرام النار وتخريب الممتلكات العامة والخاصة ومواجهات مع قوات حفظ النظام هي العنوان الأبرز والعريض للمظاهرات الاحتجاجية بيد أن اليوم بدأت معالم جديدة تشكل في السلوك الاحتجاجي للمغاربة قائمة على التظاهر السلمي مستثمرين في ذلك التاريخ النضالي الطويل للشعب المغربي والوعي بحقوق الإنسان ووجود قاعدة ديمقراطية ذات مستوى عالي طامحة إلى انتقام نحو الأمام[17].

هذا التحول في الأسلوب التظاهر من طرف المواطن المغربي، يجب أن يواكب على مستوى التدبير من طرف السلطات الأمنية والقوات العمومية، في هذا الإطار يجب أن تشكل الحكامة الأمنية إطارا ومنهجية ديمقراطية لتدبير هذه المظاهرات دون إغفال التظاهر السلمي كعنصر أساسي يؤسس لمنهجية التدبير الديمقراطي لحق التظاهر.

-الحكامة الأمنية منهجية جديدة لتدبير المظاهرات :

إن من أبرز سلم الأولويات التي تطرح اليوم هي أن الأمن المعاصر كي يواكب الديمقراطية يجب أن يصون في المقام الأول حرية الرأي والتعبير بما فيها حرية التظاهر والتجمهر تم اعتبار الحكامة الأمنية إطارا تنظيميا للأمن الجديد ومنهجية لتدبير المظاهرات ويلاحظ اليوم أن مقاربة القوات العمومية لطريقة التدبير طرأ عليها بعض التغيير في التعاطي مع المظاهرات بالفضاء العام لكن لا يمكن الجزم أن تدخلات القوات العمومية لم تعد تخلف خسائر وإصابات في صفوف المتظاهرين بل لا زال الشباب المعطل يواجه بالقمع والضرب مما يعني أن المغاربة الأمنية لا زالت متعمدة في تدبير فضاء الحريات العامة بالشارع العام[18].

ويمكن إرجاع التحول الحاصل على مستوى القوات العمومية في تعاطيها مع تدبير المظاهرات إلى عدة فرضيات نصوغها كالتالي:

1-أن هذا التحول مرده إلى امتثال السلطات الأمنية والقوات العمومية للقوانين العامة للبلاد واحترام حقوق الإنسان والانخراط في مضامين وأبعاد المفهوم الجديد للسلطة.

2-أن هذا التحول يؤشر إلى أن توصيات الإنصاف والمصالحة بدأت تعطي أثرها وتجد تطبيقا واحتراما لها من قبل السلطات الأمنية والقوات العمومية أكير من أي سلطات أخرى باحترامها.

3-أن هذا التحول يؤشر على تطور في مستوى القوات العمومية على مستوى التكوين والعتاد وآليات التدخل.

ويتأسس التدبير الديمقراطية للتظاهر عندما نجد أن الكلمة الفصل تعود إلى السلطات الأمنية للقوات العمومية من خلال النصوص القانونية.

-التظاهر الاحتجاجي السلمي :

يعتبر التظاهر السلمي من أبرز العناصر التي يجب أن ينبني عليها التدبير الديمقراطي لحق التظاهر فالتحولات التي عرفتها طريقة تظافر المواطن المغربي أفرزت لنا تطورا نوعيا في التعاطي مع التظافر بالقضاء العام حيث أصبح التظاهر يرتكن إلى تجاوز العنف والثقافة الصدامية مع قوات حفظ الأمن إلى عنف لفظي يتم تجسيده في الشعارات المرفوعة أبان لحظة التظاهر الذي يتم عن وعي حقوقي لدى المواطن المغربي والثقافة السليمة للتظاهر عند المغاربة.

إلا أنه يجب الوقوف عند مجموعة من الملاحظات التي رصدناها من خلال تتبعنا الميداني لمجموعة من المظاهرات حيث يجب التمييز بين التظاهرات النظامية (مثل تضامن مع الشعب الفلسطيني – أو بعض القضايا الوطنية) التي تحركها أحاسيس الهوية والانتماء إلى الأمة والتضامن التي يغلب عليها جانب التأطير والتنظيم المحكم ولا تخلف أية مواجهة أو مصادمات مع قوات حفظ النظام[19].

والمظاهرات المطلبية التي ينجح المتظاهرون فيها إلى تزايد شعارات قصد استمالة الرأي العام والتعبير عن مطالبهم وإيصالها إلى الفاعل السياسي أو النظام السياسي وما يجب تسجيله في هذا الصدد انطلاقا من تتبعنا لعمليات التظاهر بالفضاء العام وجود أطفال صغار لم يتجاوز عمرهم سنة رفقة أمهاتهم مما يثير أكثر من ملاحظة حول هذا السلوك هل الطفل الرضيع يحق له التظاهر والتعبير عن المطالب في حالة إذا حدث تدخل أمني عنيف من سيحمي ذلك الطفل البريء مما يثير لنا مشكل البناء التنظيمي.

لعل هذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن عملية التأطير التي يجب أن تضطلع بها مؤسسات المجتمع المدني للمواطنين لإلمامهم بحقوق وطرق النضال والدفاع عنها وتعريفهم بواجباتهم من هذا المنطلق يتأسس التظاهر السلمي بالالتزام بالقانون للحريات العامة بما فيها حق التظاهر والنضال بلا عنف علما أن الإطار القانوني الحالي أفرز نوع من التشنج والصراع بين السلطات العمومية  والمتظاهرين.

-التدبير الميداني للمظاهرات الاحتجاجية :

يشكل الفضاء العام حقلا جديرا بالتتبع أثناء عملية التظافر فكما يقول “ألان تورين” السوسيولوجيا لا يمكن أن نفكر إلا انطلاقا من الميدان الذي تدرسه مما دفعنا إلى الارتكان إلى أداة الملاحظة العلمية لكونها تثير الانتباه بشكل مقصود ومنظم ومضبوط للظواهر أو الحوادث بغية اكتشاف أسبابها وقوانينها، وتسهر القوات العمومية بمختلف تشكيلاتها أثناء عملية التظاهر في إطار الحكامة الأمنية الجيدة، على التسيير التقني للمظاهرات في هذا الإطار تضطلع الشرطة بمختلف فرقها على تأطير هذه العملية ويجب في هذا الصدد التمييز بين نوعين من المظاهرات التي يختلف تدبيرها عن بعضها البعض، وبالتالي يجب الوقوف عند كل حالة من الحالات الأخرى[20].

1-التظاهرة المصرح بها قانونا، هي تلك التظاهرة التي حصلت على تصريح مسبق من طرف السلطة الإدارية المحلية، مما أصبح معه لزوما على السلطات والقوات العمومية المكلفة بحفظ النظام العام تسخير جميع جهودها وقواتها للسهر على تدبيرها وتوفير المناخ العام للمتظاهرين للتعبير عن آرائهم ومطالبهم.

هذا النوع يخضع لعملية التأطير من طرف أجهزة أمنية لتفادي أي انفلات أمني أو تدخل عناصر خارجية لإفشال الجو العام للتظاهر، هذا النوع من التظاهر لا يخضع لعملية التشتيت أو الاعتقال إلا في حالة واحدة، وهي الانفلات الأمني أو عدم احترام الزمان والمكان المرخص فيه إجراء عملية التظاهر، حينها يتم التدخل لتفريق المتظاهرين من طرف مختلف فرق القوات العمومية.

وبعد توجيه إنذار واسطة مكبر الصوت يوجه الأمكر للمتجمهرين يفضي التجمهر والانصراف ويتلو العقوبات المنصوص عليها في الفصل 20 “من قانون 76.00 بالتجمعات العمومية”.

إن القوات العمومية سيختلف تعاطيها مع هذا النوع من المظاهرات مع سابقتها، حيث تستعمل أو تلجأ إلى تقنيتين أو طريقتين لتدبيرها وهي إما التشتيت (التفريق) وإما التشتيت مع الاعتقال.

 

 

المبحث الثاني: آفاق الحكامة الأمنية بالمغرب على ضوء الإصلاحات الدستورية 2011 :

شكلت هيئة الإنصاف والمصالحة مؤسسة وسطية بين الدولة والمجتمع، هدفها العمل على تحقيق مصالحة وطنية من خلال تقدمها بتوصيات الهدف منها الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل الانتقال الديمقراطي خاصة في المجال الأمني.

في هذا الصدد شكلت توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بنية أساسية لطي صفحات الماضي، ورسم تطلعات المستقبل من خلال اعتماد دستور حقوقي بامتياز.

وعليه ارتأيت تقسيم هذا المبحث كما يلي:

المطلب الأول: مطالب المجتمع المدني في إعمال الحكامة الأمنية

المطلب الثاني: الدستور المغربي من السلطات إلى تكريس الحقوق

المطلب الأول: مطالب المجتمع المدني في إعمال الحكامة الأمنية بالمغرب :

بتربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه، تعالت الأصوات منادية بإقرار مصالحة وطنية، من خلالها يتم طي صفحات الماضي.

في هذا الصدد عمل جلالة الملك على أن يضع اللبنة الأساسية لإعلان ميلاد تحول وإصلاح ديمقراطي ببلادنا، من خلال تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة[21]، التي جاءت بناءا على توصية المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان[22]، التي عهد إليها مجموعة من الاختصاصات التي من خلالها بلورة توصيات شكلت لبنة أساسية في تحقيق انتقال ديمقراطي لقي استحسان وطنيا ودوليا، هذا فضلا عن المطالب التي قادتها مجموعة من فعاليات المجتمع المدني، والتي بدورها قدمت تصورا موازيا، من خلال تم اعتماد دستور جديد يرسم ملامح دولة الحق والقانون بالمغرب.

ونلاحظ أنه كثر الحديث عن المجتمع المدني، وتعالى الصراخ من هم مع ومن هم ضد دون تحديد موضوع الخلاف مما يحتم بالضرورة فهم طبيعة وماهية المجتمع المدني بإضافة إلى التطرق للأدوار والمهام التي يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تلعبها.

الفقرة الأولى: هيئة الإنصاف والمصالحة :

خرجت هيئة الإنصاف والمصالحة في أخير أعمالها بمجموعة من التوصيات لطي ملفات انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب ومن خلال هذه الفقرة سنقف على اختصاصات هيئة الإنصاف والمصالحة بإضافة إلى التطرق لأهم التوصيات التي قدمتها هذه الهيئة لترشيد أعمال الأجهزة الأمنية.

أ-اختصاصات هيئة الإنصاف والمصالحة :

بموجب الخطاب الملكي المؤرخ بـ 7 يناير 2004، الذي ينص على اختصاصات وأعمال هيئة الإنصاف والمصالحة تم إعلان عن انطلاق أشغال هذه الهيئة استنادا إلى الاختصاصات التي تم التنصيص عليها في الظهير الشريف رقم 1.04.42 الصادر في 10 أبريل 2004. وفي هذا الإطار يمكن التمييز بين اختصاصيين وهما الاختصاص النوعي والاختصاص الزمني.

بالنسبة للاختصاص النوعي فبالرجوع إلى الباب الثاني المعنون “بالاختصاصات” من هذا الظهير الشريف نجد أن هيئة الإنصاف والمصالحة من خلال المادة السادسة تقوم بإجراء بحوث وتجربات الهدف منها تحديد الضحايا وحصرهم، ومواصلة البحث عليهم، كما تقوم بتلقي الإفادات، قصد تسوية ملفات المعاناة التي طالت ضحايا الاختفاء القسري[23]، والاعتقال التعسفي[24] في فترات من الماضي الأسود (أحداث  الريف 1958-1959 وأحداث 1981 وكذا أحداث 1984…)، زد على ذلك أن هذه الهيئة تقوم بإثبات نوعية ومدى فظاعة الانتهاكات التي مارستها أجهزة الدولة أو غيرها، دون ترتيب مسؤولية تنتج عنها متابعات قضائية، باعتبار أن أعمال هذه الهيئة تعتبر أعمالا غير قضائية، كما تعمل هذه الهيئة على تعويض ضحايا الانتهاكات، والعمل على إعادة إدماجهم، وتأهيلهم نفسيا وصحيا… [25] وبالإضافة لكل هذه الاختصاصات، تعمل هيئة الإنصاف والمصالحة على تقديم الاقتراحات التي من شأنها أن تكرس نهج دولة الحق والقانون، من خلال إعمال توصياتها ومقترحاتها، بشكل يضمن عدم تكرار ما اصطلح عليه بسنوات الجمر والرصاص، وبشكل يمحو انتهاكات حقوق الإنسان ويقوي العلاقة بين الأفراد كمواطنين والدولة كمؤسسات وأجهزة[26].

أما الاختصاص الزمني يختص بالنظر في الانتهاكات التي طالت الفترة الممتدة من استقلال المملكة إلى تاريخ المصادقة الملكية على إحداث هيأة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي[27]، ومن خلال ذلك فإن الاختصاص الزمني امتد من سنة 1956 إلى حدود سنة 1999 وتعد هذه المدة الأطول من نوعها بالمقارنة مع تجارب العالم في إطار العدالة الانتقالية[28].

وبعد التطرق لاختصاصات هيئة الإنصاف والمصالحة كان ضروريا التطرق إلى التوصيات التي قدمتها كحصيلة لأعمالها وكاستمرارية لبناء دولة الحق والقانون بالمغرب خاصة في جانبها الزمني.

ب-توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وديناميكية الانتقال إلى الحكامة الأمنية :

إن الاستعمالات المتعددة لتعبير “الانتقال الديمقراطي” تؤدي لا محال إلى خلط يقع فيه الباحث، وذلك أن تعبيرات “الانتقال الديمقراطي”، المسلسل الديمقراطي… كل هذه المصطلحات تستعمل بصفة مرادفة لتعني شيئا واحدا، وقد يؤدي استعمال هذا إلى تفقد معناها، فإذا كان الانتقال الديمقراطي هو ببساطة المرور من حكم غير ديمقراطي إلى آخر ديمقراطي، فإن هذا المنظور يخفي الطابع المعقد لهذه الظاهرة، ومن تم ضرورة العمل على تحديد ماذا نقصد بهذا المفهوم[29]، أي مفهوم الانتقال الديمقراطي.

نتيجة لمجموعة من المشاكل التي تتعلق بالحكامة والديمقراطية وكذا حقوق الإنسان، سيقوم مجموعة من الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية ببلورة ما يسمى براديغم الانتقال الديمقراطي Transitology paradigm[30] من خلال تأسيس شعبة فرعية أضاف عليها إسم “مدرسة الانتقال الديمقراطي أو الانتقاليات Transitology”.

في نفس السياق، تم تأسيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية، الذي يختص بتقديم معلومات قياسية حول موضوع الانتقال الديمقراطي، وكذا يقوم بالتحليلات ودراسة الاستراتيجيات لفائدة الدول والمؤسسات التي تهدف إلى إقرار الحقيقة والعدل والمساواة، زد على ذلك أنه يقوم هذا المركز بتكوين الكفاءات والأطر التي من شأنها أن تساهم في تكريس عملية الانتقال الديمقراطي.

بشكل عام، يمكن القول أن هذا المفهوم برز نتيجة مجموعة من الانتقالات السياسية التي عرفتها كثير من الدول خاصة في أوربا الشرقية وأمريكيا الجنوبية، من قبيل المتابعات العسكرية في الأرجنتين، محاكمات نورمبرغ والقضاء على النازية ومحاكمات حقوق الإنسان في اليونان، وجهود تقصي الحقائق في أمريكا الجنوبية.

العدالة الانتقالية مفهوم جديد يتعلق بالمجتمعات التي تعيش تحولا ديمقراطيا وسبق أن دفعت ضريبة الدم، وعاشت أجواء مثل الاختفاء القسري والاعتقال والتعذيب والإعدام خارج القانون، وتهدف إلى فتح ملفات الماضي حفظا لكرامة الضحايا والناجين، والوصول إلى الحقيقة لتكون ردعا لعدم تكرار مآسي الماضي والتخلص من إرثه بسوداويته ليصبح مدخلا لتطور التحول الديمقراطي[31].

يمكن رصد توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من خلال التمييز بين توصيات تمس ثلاث مستويات كما يلي[32]:

على المستوى الدستوري تم التنصيص على دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا مما يعني سمو قواعد القانون الدولي الشيء الذي يتطلب إسقاط ميادين القانون الدولي على القوانين الوطنية، من خلال اعتماد قرينة البراءة كأصل لكل متابعة، ومن خلال تمتيع المتهمين من محاكمة عادلة، أيضا من خلال تكريس مبدأ فصل السلط دون الإخلال بالتوازن والتعاون بين السلطات، مع التأكيد على استقلالية السلطة القضائية.

زد على ذلك، التأكد دستوريا على ضمان حماية وصون الحريات الفردية والجمالية، وتجريم قضايا الاختطاف والاختفاء القسري، وكذا قضايا إبادة الجنس البشري، وتم التنصيص على تقوية المراقبة الدستورية للقوانين والمراسيم، مع ضرورة إعمال الحق في الدفع بعدم دستورية القوانين وتمكين المجلس الدستوري من النظر في هذه المسألة.

أما على المستوى التشريعي فتم التنصيص على بيان وتوضيح وتقوية سلطات البرلمان خاصة اللجان البرلمانية، من خلال قيامها بأعمال بحث وتقصي حقائق خاصة تلك التي تتعلق بحريات الأفراد والانتهاكات التي تطالهم، أو تلك التي قد لا تطالهم، وأخيرا أوصت بمراجعة التشريع والسياسة الجنائية.

على المستوى الأمني تم اعتماد معايير دولية في تعريف وإقامة العقاب التي يترتب على كل مس بحقوق الإنسان، وتخويل الموظفين الحكوميين الإبلاغ عن الجهة التي أصدرت الأوامر باستعمال الفكرة المفرطة والقيام بجرائم بحق الإنسان، وذلك أيا كانت الجهة الآمرة[33].

إعمال حكامة الأصلية، من خلال تحيين وتجديد النصوص القانونية المنظمة للأجهزة الأمنية، وتبيان وتنظيم مساطر اتخاذ القرار الأمني أثناء التدخل القيام بعمليات وتقييم أعمال هذه الأجهزة الأمنية وتلك السلطات الإدارية التي لها الحق في استعمال القوة العمومية…وأخيرا تم التأكيد على ضرورة إعمال المسؤولية الحكومية في مجال الأمن باعتبار أن الحكومة مسؤولة بشكل تضامني عن كل العمليات الأمنية لحفظ النظام العام. على غرار هذه التوصيات التي تقدمت بها هيئة الإنصاف والمصلحة عمل المجتمع المدني بدوره على بلورة مجموعة من التصورات التي من شأنها تكريس دولة الحق والقانون من خلال الارتقاء بالحقوق الإنسانية وإعمال حكامة أمنية.

الفقرة الثانية: توصيات المجتمع المدني لإعمال الحكامة الأمنية :

لابد في البداية التطرق لمفهوم المجتمع المدني هذا المفهوم يشير أو يحاول الكشف عن أحد مستويات تنظيم المجتمع البشري الأدنى والتي لا تستطيع السياسة كنشاط رسمي شديد التنظيم إبرازه أو تحقيقه[34].

لقد تبلور مفهوم المجتمع المدني في سياق نظرية العقد الاجتماعي، بما يقابل في السياق المجتمع السياسي، أي ذلك المجتمع المؤسس على التعاقد الاجتماعي الذي من خلاله يتضامن الناس لتحقيق الأمن والسلم، منتقلين من مجتمع الغاب والقوة إلى مجتمع السلام، والمحافظة على الممتلكات مثلما يقوم جوب لوك وهكذا، فحيث يؤلف عدد من الناس جماعة واحدة ويتخطى كل منهم عن سلطته الخاصة، لفائدة المجتمع، حينما يمكن الحديث عن مجتمع سياسي أو مدني[35].

كذلك، في نفس الإطار، ذهب جان جاك روسو 1713-1788 إلى أن المجتمع المدني قد قام على أنقاض المجتمع الطبيعي، في محاولة الإنسان التعويض عن النظام الطبيعي، بنظام وضعي متفق عليه بين أعضاء الجماعة لتنظيم علاقتهم وواجباتهم وحقوقهم، فيما صار يعرف بالعقد الاجتماعي، فالعقد الاجتماعي إذن هو أساس المجتمع المدني[36].

في حين أن جون لوك 1632-1704 اعتبار الفرض من العقد الاجتماعي هو الحفاظ على حق الأفراد في الملكية بوجود سلطة تنظم “الحق” في استخدام “العنف” لمعاقبة من ينحرف عن ذلك[37].

والذي ذهب إلى أن المجتمع المدني، هو مجتمع المدينة أي مجتمع التحضر الذي لا يتم إلا بسمو القانون في علاقات الأفراد بعضهم ببعض، وبالتالي فالمجتمع المدني هو مجتمع القانون على أساس أن القانون هو الضامن للحرية لا محيد عنها، فالمجتمع المدني، بالنسبة إليه يختلف عن المجتمع السياسي بحكم أن الأول هو منظم للحرية أما الثاني فهو منظم للسلطة وبالتالي فهو محدد للحرية[38].

في حين وعلى عكس ما سبق نجد أن هيغو اعتبر أن المجتمع المدني قاصر في صيغته التعاقدية عن تحقيق الأمن، والدولة وحدها حسب وجهة نظرة هي نظام العقل القادر على حماية الحرية.

يرى أنطونيو كرامشي، أن المجتمع المدني عبارة عن سلطة مضادة لسلطة الدولة، والسلطة المضادة هي السلطة المنظمة داخل المجتمع والتي لا تأثير للدولة عليها وحسب أنطونيو كرامشي، إن العلاقة بين المجتمع والدولة هي علاقة تنازعية، حيث تسعى الدولة دائما إلى استيعاب هذه المؤسسات التي تنتمي إلى المجتمع المدني وجعلها تحت قيادتها وإخضاعها لسلطتها[39].

من خلال مجموع نظريات العقد الاجتماعي، ومن خلال ما سبق، يظهر أن المجتمع المدني، يشمل كل العلاقات والنظم والمؤسسات التي تنشأ عن وعي وقصد بين أفراد المجتمع، بما في ذلك وعلى الأخص العلاقات السياسية والقانونية.

وعليه، يظهر أن أساس المجتمع المدني هو أساس سياسي، والدولة أهم ظواهره مما يعني أن تتكفل الدولة بتنظيم كافة المجالات التي تحكم المجتمع، الشيء الذي يحيل على الدولة المتدخلة.

إلا أن تدخل الدولة في كافة المجالات واقتصارها على نفسها، يسجل تزايد الأعباء عليها، وعجزها عن تدبير هذه الاحتياجات، زد على ذلك أن اتساع وتزايد حاجيات الأفراد وبين مواد الدولة،والتي لن تستطيع هذه الأخيرة توفيرها، سيراكم شكوكا لدى المواطنين، الشيء الذي سيدفعهم إلى التفكير في تأسيس علاقتهم وتنظيماتهم بعيدا عن الدولة ومؤسساتها[40].

بالنسبة لمهام المجتمع المدني أي مسؤول في مجال مسؤوليته، يمكن أن تخفى عنه أياء بقدر ما يعلم أشياء، ولا يمكنه مراقبة أداء وسلوك الموظفين التابعين له في إطار ما يعرف بالتسلسل الإداري.

الشيء الذي قد يمكن الأفراد من استغلال وظائفهم، وبالتالي يساومون على ما يقدمونه من خدمات، وقد يظلمون ويشتمون وينتهكون حقوق “المواطن” عن قصد أو عن غير قصد.

كذلك الأمر بالنسبة للدولة، يمكن أن تجهل أشياء بقدر ما تعرف أشياء ومن المسلم به أنه لا يمكن الإحاطة بكل كبيرة وصغيرة، تتعلق بأداء مؤسساتها وأجهزتها وموظفيها. وهذا ما يؤكده خطاب المغفور له الحسن الثاني بتاريخ 8 ماي 1991 بمناسبة إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان[41].

من خلال هذا الطرح تظهر مسألة الإعلام، وحرية التعبير التي يمكن أن تلعب دورا كبيرا في كشف المستور عن سلوكيات الإدارات الأمنية وأجهزتها والأفراد العاملين بها، ومتا يمكن  أن تقوم به من تجاوزات وانتهاكات لحقوق المواطن، أو من حيث فساد أدائها…

فعن طريق إعلام حر ونزيه، يمكن تجاوز التعتيم حول ما يواجه المواطنين من صراعات الإدارات والأجهزة، خاصة الأمنية، والذي من خلالها يمكن للمسؤولين الأمنيين الإحاطة والتحرك ضد كل تجاوز تقوم به الأجهزة الأمنية[42].

كذلك يظهر أن الإعلام طريقة فعالة لتجاوز الانسداد الإداري الذي يمكن أن يحدثه الفساد بشكله المادي والمعنوي، فالمواطن المنتهك حقوقه، يمكنه إيصال شكواه مباشرة إلى المسؤولين من خلال الإعلام، ولهذا الغرض سمي الإعلام بالسلطة الرابعة.

كما أن الإعلام في هذا الشكل، يجعل الشفافية ممكنة، بحيث أنه يمارس رقابة على الانتهاكات الحقوقية ويفضحها.

لكن، وبالرجوع إلى الواقع، تبين نسبيا أن الإعلام في بلادنا لا يمكنه النهوض بهذه المهمة الرقابية بالشكل المطلوب، وهذا يرجع لسببين رئيسيين:

-الإعلام الحكومي حيث إذا كان الإعلام حكوميا، يمكن الحكومة لمؤسساتها التأثير عليه، وتعطيل مهمته وبالتالي فإنه يصبح سلطة رابعة تابعة للحكومة مما يقتضي هامش الحرية الإعلامية.

-الإعلام السوقي فإذا كان الإعلام تابعا للسوق، فهذا يعني أنه يمول منها، حينها تغلب المصلحة على الرقابة، وهو ما يقتضي كذلك هامش الحرية، وبالتالي يصبح الإعلام مجرد وسيلة لتسويق وإعلان ما وافقت عليه الحكومة أو السوق.

المطلب الثاني: الدستور المغربي من السلطة إلى تكريس الحقوق  :

إنه من الجانب للصواب عن نجاح متطلبات وشروط المراحل الانتقالية التي تمر منها أجهزة الدولة استجابة للإصلاحات العميقة التي تمسها في إغفال وتهميش تأمين الاعتراف الصريح بالمعيقات.

ويعتبر الصك الدستوري لسنة 2011 بمثابة دستور حقوقي بامتياز، وذلك يرجع إلى طبيعة الإصلاحات التي تناولها ولعل أبرزها الإصلاحات الحقوقية (الفقرة الأولى) ثم الإصلاحات الأمنية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الإصلاحات الحقوقية على مستوى الدستوري :

بالإطلاع على دستور 2011 في شقه المتعلق بالتصدير الذي يمثل الديباجة ثم التأكيد على ضرورة احترام وصون الحقوق والحريات الإنسانية من خلال تخصيص باب كامل لها، ثم التأكيد على ضرورة تفعيل هذه الحقوق والحريات من خلال مجموعة من المؤسسات، ومن خلال إحداث مجموعة من الهيئات التي تهتم بمسألة حقوق الإنسان، لعل أبرزها هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

أ-صيانة الحقوق الإنسانية :

تضمن دستور 2011 بدءا من تصديره وصولا إلى أبوابه، مجموعة من الحقوق والحريات التي يتمتع بها المواطنون والمواطنات على قدر من المساواة، والتي تعتبر كذلك ثورة في مجال حقوق الإنسان بالمغرب[43].

فبالإضافة للباب الأول المتعلق بالأحكام العامة، والذي يتكون من ثمانية عشر فصلا، ثم في الباب الموالي تخصيص باب كامل تحت عنوان “الحريات والحقوق الأساسية”[44] الذي يتشكل من إثنان وعشرون فصلا، كلها مخصصة للحديث عن حقوق الإنسان، سواء تلك الحقوق السياسية، المدنية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية ثم البيئية…، كما يلي:

-فالحقوق الطبيعية هي تلك الحقوق التي تعتبر فطرية، بحيث تنشأ بمجرد ولادة الإنسان، ثم التنصيص على هذه الحقوق بموجب الباب الثاني السابق الذكر المعنون بالحريات والحقوق الأساسية، ولعل أبرزها هو الحق في الحياة[45].

-الحقوق المدنية والسياسية يندرج ضمن هذه الفئة، مبدأ المساواة، حرية التنقل الضمانات من القمع، حماية المسكن، حماية المراسلات… [46] .

-الحقوق الاقتصادية هي الحقوق التي يكون موضوعها مصلحة اقتصادية مادية أو معنوية كحق التملك وحرية الإنتاج أو الاستثمار وحق العمل…

-الحقوق الاجتماعية هي حق الإنسان في العيش في مستوى لائق بآدميته وفي توفير الرعاية الصحية والاجتماعية له وغيرها من الحقوق التي تتعلق بظروفه الاجتماعية ليعيش سعيدا هو وأسرته ومن هم تحت رعايته[47].

-الحقوق الثقافية تم تنصيصها من خلال دستور المملكة على مجموعة من الحقوق الثقافية، تتمثل في حرية الفكر والرأي والتعبير، بحيث يكفل القانون هذه الحريات، وتعمل السلطات على تدعيمها وتطويرها على أسس مستقلة ديمقراطية، لكن الدستور قام بحصر هذه الحريات من خلال النص في الفصل الخامس والعشرين على: “…حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة”.

ب-مؤسسات وهيئات النهوض بحقوق الإنسان :

يمكن التمييز بين ثلاث مؤسسات كالآتي:

1-المجلس الوطني لحقوق الإنسان حيث تم إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان[48] عوض المجلس  الاستشاري لحقوق الإنسان.

يختص المجلس بالنظر في كل القضايا المتعلقة بحماية واحترام حقوق الإنسان وحرياته الفردية والجماعية وذلك برصد ومراقبة وتتبع أوضاع هذه الحقوق وذلك على جميع مستويات التقسيمات الإدارية للمملكة.

2-مؤسسة الوسيط ثم إحداث هذه المؤسسة سنة 2011، وتعتبر على غرار المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة دستورية، تضطلع باختصاصات كبيرة من بينها مهمة الدفاع عن الحقوق والحريات، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف والعمل على تخليق الإدارة العمومية، وذلك في إطار علاقة التي تجمع المواطنين بالإدارات العمومية[49].

3-مجلس الجالية المغربية بالخارج[50] أحدث هذا المجلس سنة 2007، وتم الارتقاء به إلى مؤسسة دستورية بموجب دستور  2011 وهو عبارة عن هيئة استشارية ملكية. تختص بكل ما يتعلق بقضايا المهاجرين المغاربة، من خلال تقديم الاقتراحات والوصايا التي من شأنها أن تضمن لمغاربة المهجر أواصر الارتباط بهويتهم المغربية وضمان كل ما يتعلق بمشاركتهم في المؤسسات ومختلف مجالات الحياة الوطنية.

أما فيما يتعلق بالهيئات تتمثل في الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز[51] أحدثت هذه الهيأة بموجب دستور المملكة لسنة 2011، وتختص بما يلي: تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء في مجالات الحريات المنصوص عليها في دستور 2011، تحقيق مبدأ المناصفة وفق الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب.

شريطة مراعاة الاختصاصات التي يختص بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كل هذه الإصلاحات شكلت ميلاد دستور حقوقي يعبر عن تغيير في الأفكار التي كانت سائدة سواء منها السياسية أو الفلسفية التي تحرك الوثيقة الدستورية الجديدة التي حركت مجالات الصراع السياسي من الخطاطة السياسية إلى الخطاطة الحقوقية.

على غرار هذه الإصلاحات على المستوى الأمني من خلال إحداث مؤسسة دستورية أمنية تعهد إليها مجموعة من المهام أبرزها تدبير الأزمات الأمنية وكذا مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية كما يلي:

 

الفقرة الثانية: الإصلاحات الأمنية على مستوى الدستوري :

بموجب دستور 2011، تم النص في الفصل 54 من الدستور 2011 على إحداث مؤسسة أمنية، دستورية تشاورية تختص بوضع الاستراتيجيات الأمنية الداخلية والخارجية للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية. ولتحليل نسق هذه المؤسسة كان واجبا التطرق لتشكيلة هذه المؤسسة ثم اختصاصها خاصة في ما يتعلق بمأسسة ضوابط الحكامة الأمنية.

أ-مكونات واختصاصات المجلس الأعلى للأمن  :

بالنسبة للمكونات هما كالتالي جلالة الملك الذي يعتبر القائد العام للقوات المسلحة الملكية يرأس المجلس ويمكن له أن يعوض هذا الاختصاص لرئيس الحكومة.

بالإضافة إلى جلالة الملك، يمكن التمييز بين مكونات مدنية وأخرى عسكرية.

-الشخصيات المدينة وتتكون من رئيس الحكومة الذي يرأس المجلس الأعلى للأمن بموجب تفويض من الملك، رئيس مجلس النواب يعتبر عضوا أساسيا في المجلس. رئيس مجلس المستشارين يعتبر عضوا في المجلس الأعلى للأمن، يمكنه هو رئيس مجلس النواب من الاطلاع على مختلف الملفات الأمنية، وزير العدل والحريات يعد عضوا أساسيا في تركيبة المجال الأعلى للأمن، وزير الخارجية أيضا يعتبر عضوا في مجلس الأعلى للأمن كذلك الرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزير الداخلية.

وتجدر الإشارة إلى أن تركيبة هذا المجلس، قد خلت من عضوية وزير المالية باعتبار أن وزارة المالية من الوزارات التي يعتمد عليها لتمويل السياسات والاستراتيجيات الأمنية للبلاد[52].

-الشخصيات العسكرية حيث يضم المجلس في تركيبته شخصيات تمثل إدارة الدفاع الوطني وضباط ساميين بالقوات المسلحة الملكية ومجموعة من قيادات الأجهزة الأمنية، وفيما يتعلق بالاختصاصات فمن أبرز الاختصاصات التي أسندت للمجلس الأعلى للأمن، وضع الاستراتيجيات الأمنية للبلاد سواء تلك الداخلية أو الخارجية، من قبيل الأزمات كارتفاع معدلات الجريمة وتهريب المخدرات…، وكذا السهر على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية.

من خلال هذه الاختصاصات الموكولة للمجلس الأعلى للأمن، وجب التساؤل عن الكيفية التي يمكن من خلالها لهذا المجلس مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية، وكذا مسألة تدبير أو إدارة الأزمات التي من بينها المظاهرات العمومية والتي بدورها قد تتحول إلى أزمة كما يلي[53]:

ب-ضوابط الحكامة الأمنية :

أصبحت مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية ضرورية ومطلوبة دوليا ووطنيا ومجتمعيا، فبعد المصادقة على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة أصبحت هذه التوصيات إلزامية.

فيما يتعلق بدمقرطة الأجهزة الأمنية يمكن التمييز في هذا الإطار بين مجموعة من العناصر تعتبر الأسس الرئيسية لتفعيل الحكامة الأمنية ومنها النزاهة حيث يعتبر هذا المبدأ منظومة للقواعد والقيم المؤطرة والمنظمة لسلوكيات ولأخلاقيات الموظفين داخل المرفق الأمني، كذلك الشفافية تعتبر مدخلا أساسيا لتوفير المعلومات الدقيقة في وقتها، وكذا إتاحة الفرصة للجميع من خلال نشرها وتمكين المواطنين من الاطلاع عليها، الشيء الذي يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة[54].

المشاركة حيث هذا المبدأ يحيل على التزام الإدارة بالتواصل محيطها والتشاور مع المتعاملين معها أو الانفتاح عليهم، في أفق تجاوز سلبيات الماضي ورغبة في إرساء بنيات جديدة للتواصل[55]، كذلك المساءلة التي ترتبط بالمسؤولية وإعطاء الحساب وتركيب العقاب في حالة وجود إخلال يمس التدبير الأمثل للموارد، أما على مستوى الإدارة الأمنية، فاعتبار أن الأمن خدمة عمومية يؤديها المواطنون من خلال دفع الضرائب، فإن من حقهم أن يساءلوا الأجهزة الأمنية عن أي إخلال في وظيفتها[56].

وأيضا التدبير أو الرؤيا الاستراتيجية وتقويم المستمر للأجهزة الأمنية، بالنسبة لرقابة البرلمانية على الأجهزة الأمنية، نلاحظ من خلال الفصل السبعون من الدستور المغربي أن البرلمان يمارس وظيفة تشريعية من خلال وضع القوانين والتصويت عليها، وكذا مراقبة العمل الحكومي، وتقييم السياسات العمومية.

والمرور إلى الفصل الواحد والسبعون من دستور المملكة، نجد أنه تم إسناد البرلمان بمجموعة من الاختصاصات[57]، لعل أبرزها ما يتعلق بموضوع الأمن والحريات.

يظهر أن البرلمان يمكن له أن يلعب دورا مهما في الارتقاء بالمنظومة القانونية والتنظيمية من خلال قيامه بالتوفيق ما بين مسألة النظام العام والحريات.

وتتجلى علاقة الرقابة بين البرلمان والحكومة، من خلال التعاون والتوازن في مساهمة البرلمان في الوظيفة التنفيذية ومساهمة الحكومية في الوظيفة التشريعية، بحيث يساهم البرلمان في أداء الوظيفة التنفيذية بشكل غير مباشر[58].

في إطار الوظيفة البرلمانية في المجال المتعلق بمراقبة العمل الأمني يمكن للبرلمان مسائلة الحكومة كذلك لجان تقصي الحقائق[59]، كذلك ملتمس الرقابة حيث يعتبر ملتمس الرقابة وسيلة هامة لتحريك مسؤولية الحكومة، باعتباره ينبني على مبادرة من البرلمان، ويمكن إثارته في أي وقت إذا توفرت شروط نجاحه.

أما فيما يتعلق بمسؤولية الحكومية في المجال الأمني فتقوم على قاعدة “الحكامة مسؤولية بشكل تضامني عن العمليات الأمنية وحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإلزامها بإخبار المواطنين والبرلمان بأية أحداث تتطلب وتحتم استعمال القوة العمومية، وبمجريات التحقيقات الضرورية وكذا العمليات الأمنية ونتائجها والمسؤوليات وما قد يتخذ من التدابير الصحيحة.

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمـــة :

 

من خلال تحليلنا لهذا الموضوع توصلنا على أن الحكامة الأمنية في المغرب، لا يمكن التعامل معها كما لو أنها ورش مفتوح للاستهلاك الإعلامي مجتمعيا، بل ينبغي تكريسها على أرض الواقع، كأولوية مجتمعية ضاغطة، للحد من مظاهر الفساد والانحراف، والتعسف في استعمال الحق ، والإفراط في استعمال القوة ضد المواطنين دون مراعاة شرطي التناسب واللزوم، والتصرف دون ربط المسؤولية بالمحاسبة..
كما أن ترسيخ الحكامة الأمنية في المجتمع معيار أساسي من معايير التحول الديمقراطي في الدولة والمجتمع. التحول الذي سيجعل الأجهزة الأمنية المكلفة بحماية الأمن والنظام العام تشتغل تحت سلطة الحكومة الدستورية، وتخضع في تصرفاتها، لرقابة ومسائلة البرلمان المنتخب.
تعتبر الحكامة الأمنية معيار رئيسي من معايير التحول الديمقراطي في أي بلاد، إذ لا يمكن تصور وجود تحول ديمقراطي في أي مجتمع، دون أن تطال البنيات الأمنية لهذا المجتمع، تغييرات جوهرية، لضبط تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين بحسب ما تقتضيه القوانين وما تفرضه المواثيق الدولية التي تنظم مجال الاحتكاك بين قوات الأمن والمواطنين.
و غياب الحكامة الأمنية في المغرب عرض الدولة لعدة انتقادات من طرف المنظمات الدولية والوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان. كما أن ” الحكامة الأمنية” شكلت أهم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي اعتبرت بأن إقرارها يتطلب تأهيل وتوضيح ونشر الإطار القانوني والنصوص التنظيمية المتعلقة بصلاحيات وتنظيم مسلسل اتخاذ القرار الأمني وطرق التدخل أثناء العمليات وأنظمة المراقبة وتقييم عمل الأجهزة الاستخباراتية والسلطات الإدارية المكلفة بحفظ النظام أو تلك التي لها سلطة استعمال القوة العمومية.

 

المراجـــع :

أولا : الكتب :
-محمد شقير ” محمد شقير النخبة العسكرية و امتيازات السلطة بالمغرب “مطبعة النجاح الجديدة الرباط الطبعة الأولى
– رياضي عبد الغاني “جهاز الشرطة القضائية دراسة مقارنة تحليلية و نقدية الجزء الأول -سلسلة الأجهزة القضائية الطبعة الأولى لسنة 2009 مكتبة دار السلام الرباط
– محمد شقير “المؤسسة العسكرية بالمغرب “دار إفريقيا الشرق الرباط الطبعة الأولى 2008
– المصطفى قاسمي “دولة الحق و القانون في المغرب التطورات و الحصيلة ” الطبعة الأولى 2004 مكتبة الرشاد
– رجب بودبوس “في المجتمع المدني ” ليبيا، دار الكتب الوطنية الطبعة الأولى 2008
– الحسين شعبان “نوافد و ألغام المجتمع المدني الوجه الآخر للسياسة ” بيروت مطبعة برجي 2009
– الطاهر بن خرف الله “مدخل إلى الحريات العامة و حقوق الإنسان ” الجزء الأول الطبعة الأولى 2007
– رشيد السعيد و كريم لحرس “الحكامة الجيدة بالمغرب و متطلبات التنمية البشرية المستدامة “الطبعة الأولى 2009 الرباط
-محمد حركات ” الاقتصاد السياسي و الحكامة الشاملة ” طبعة 2010
– فاطمة عبد السلام بنور “الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للمرأة بين النظرية العالمية الثالثة و النظريات التقليدية الأخرى “دار الكتاب الوطنية ليبيا الطبعة الأولى 2007
ثانيا : الاطروحات و الرسائل الجامعية :
– نجيب التباعي ” الحكامة الأمنية بالمغرب ” رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الأمنية و تدبير المخاطر سنة 2017-2016
– توفيق اوبازي “الحكامة الأمنية بالمغرب “بحث لنيل دبلوم الماستر سنة 2011-2012
-هيا مبارك “هيئة الإنصاف و المصالحة بالمغرب من وظيفة المصالحة إلى مطلب الإصلاح السياسي و الدستوري “رسالة لنيل دبلوم الماستر سنة 2011-2010
– هشام خلفا دير “الحكامة الأمنية بالمغرب تدبير الأزمات الأمنية نموذجا “بحث لنيل دبلوم الماستر سنة 2013-2012
ثالثا : المقالات :
– عبد الرحيم اريري مجلة الوطن العدد 206 بتاريخ 22 ماي 2010
– مجلة الشرطة عدد 71 دجنبر 2010
– مصطفى بوهو ” الانتهاكات الجسيمة لحقوق بالمغرب، الحركة الحقوقية و المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ” منشورات جريدة التضامن 2004 طبعة يوليوز 2005
-أناس المشيشي “العدالة الانتقالية و التحول الديمقراطي تجربة هيئة الإنصاف و المصالحة في المغرب “منشورات معهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس -السويسي -بمساهمة هاتس سايدل الرباط
– أحمد ايت طالب “الحكامة الأمنية و حقوق الإنسان ” مجلة الشرطة غشت 2006 عدد 19/18
رابعا : القرارات القضائية :
– قرار للمدير العام للأمن الوطني رقم 2582-10 صادر في 9 شتنبر 2010
– قرار المدير العام للأمن الوطني رقم 2584-10
خامسا : الظهائر :
– الظهير الشريف رقم 377.35 بتاريخ 15 نونبر 1958
– الظهير الشريف رقم 1.11.19 الصادر في فاتح مارس 2011
-الظهير الشريف رقم 1.04.42 صادر في 10 أبريل 2004

 

لائحة الإحالات:

[1]-عبد الرحيم أريري، 54 سنة من تاريخ الجيش يرويها ضابطان عسكريان، مجلة الوطن العدد 206 بتاريخ 22 ماي 2010، ص: 35.

[2]-محمد شقير المؤسسة العسكرية بالمغرب دار إفريقيا الشرق الرباط، الطبعة الأولى 2008.

[3]-محمد شقير، النخبة العسكرية وامتيازات السلطة بالمغرب، دفاتر وجهة نظر، العدد 19 مطبعة النجاح الجديدة، الرباط الطبعة الأولى، ص: 25.

[4]-يقصد بها مصلحة التوثيق الخارجي ومحاربة التجسس وبالفرنسي service de documentation extérieur et conter essainnage.

[5]-وهو الديوان رقم 1 التابع مباشرة للقصر الملكي والذي حل محل الأمن السياسي الطي مورس بعد استقلال المملكة والذي من سياسته المقاومين القدامى دون تمييز بينهم.

[6]-الحكامة الأمنية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر فيء العلوم الأمنية وتدبير المخاطر من إنجاز نجيب التباعي، سنة 2016-2017.

[7]-قرار للمدير العام للأمن الوطني رقم 10-2582 صادر في 29 رمضان 1431 (9 شتنبر 2010) بتحديد كيفيات تنظيم المباراة الخاصة بتوظيف عمداء الشرطة جريدة رسمية عدد 5852 بتاريخ 14 أكتوبر 2010، ص: 4714.

[8]-قرار للمدير العام للأمن الوطني رقم 10-2584 جريدة رسمية عدد 5853.

[9]-نجيب التباعي، مرجع سابق.

[10]-نجيب التباعي، مرجعسابق.

[11]-الظهير الشريف رقم 377.35 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1378 (15 نونبر 1958) بشأن التجمعات العمومية، الجريدة الرسمية بتاريخ 27 نونبر 1958.

[12]-نجيب التباعي، مرجع سابق، ص: 58.

[13]-مجلة الشرطة عدد 71 دجنبر 2010.

[14]-رياضي عبد الغاني، جهاز الشرطة القضائية دراسة مقارنة تحليلية ونقدية، الجزء الأول، سلسلة الأجهزة القضائية، الطبعة الأولى لسنة 2009، مكتبة دار السلام، الرباط، ص: 19.

[15]-نجيب التباعي، مرجع سابق، ص: 61.

[16]-توفيق أوبازي، الحكامة الأمنية بالمغرب” بحث لنيل دبلوم الماستر السنة الجامعية 2011-2012.

[17]-توفيق أوباري، مرجع سابق.

[18]-نجيب التباعي، م س، ص: 69.

[19]-توفيق أوبازي، مرجع سابق

[20]-توفيق أوبازي، مرجع سابق.

[21]-ظهير شريف رقم 1.04.42 صادر في 10 أبريل 2004 بالمصادقة على النظام أساسي لهيئة الإنصاف والمصالحة، ج ر عدد 5203-12 أبريل 2004، ص: 1639.

[22]-الذي أحدث سنة 1990 باعتباره مؤسسة متخصصة مهمتها النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حوق الإنسان وحمايتها وضمان ممارستها والنهوض بها

[23]-يقصد به اختطاف شخص أو \خاص على أيدي موظفين عموميين، أو إلقاء القبض عليهم واحتجازهم بأماكن سرية بدون وجه حق.

[24]-يقصد به كل اعتقال مخالف للقانون.

[25]– المادة التاسعة من الظهير الشريف المتعلق بالنظام الأساسي لهيئة الإنصاف والمصالحة.

[26]– راجع مصطفى بوهو، الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، الحركة الحقوقية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منشورات جريدة التضامن 2004 طبعة يونيو 2005، ص: 144 وما بعدها.

[27]-المملكة المغربية، هيئة الإنصاف والمصالحة، التقرير الختامي من الكتاب الأول، مطبعة النجاح الدار البيضاء، ص: 17.

[28]-هيا مبارك، هيئة الإنصاف والمصالحة بالمغرب من وظيفة المصالحة إلى مطلب الصلح السياسي والدستوري، رسالة لنيل دبلوم الماستر سنة 2010-2011، جامعة الحسن الأول، سطات، ص: 58.

[29]– هيا مبارك، هيئة الإنصاف والمصالحة بالمغرب من وظيفة المصالحة إلى مطلب الإصلاح السياسي والدستوري.

[30]– Transitology يستعمل في العلوم السياسية والقانون الدولي المقارن، فهو إسم لدراسة عملية التغيير من نظام سياسي إلى آخر خاصة في الأنظمة الاستبدادية.

[31]– أناس المشيشي: “العدالة الانتقالية والتحول الديمقراطي تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب” أشغال الندوة الدولية، دينامية الإصلاح في دول الاتحاد المغرب العربي، يومي 15-16 أبريل 2010 منشورات معهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس –السويسي- بمساهمة هاتس سايدل، الرباط، ص: 81.

[32]-راجع: المملكة المغربية هيئة الإنصاف والمصالحة، التقرير الختامي الكتاب الأول والكتاب الثاني، مطبعة النجاح الدار البيضاء.

[33]– هشام خلفادير، الحكامة الأمنية بالمغرب تدبير الأزمات الأصلية نموذجا، بحث لنيل دبلوم الماستر سنة 2012/2013

[34]– المصطفى قاسمي، دولة الحق والقانون في المغرب التطورات والحصيلة، الطبعة الأولى، 2004، مكتبة الرشاد، ص: 285.

[35]– انظر جون لوك، في الحكم الذاتي، ترجمة ماجد فخري، بيروت، اللجنة الدولية للترجمة الروائع، 1959، ص: 189.

[36]– رجب بودبوس، في المجتمع المدني” ليبيا، دار الكتب الوطنية الطبعة الأولى، 2008، ص: 28.

[37]–  الحسين شعبان، نوافذ وألغام المجتمع المدني الوجه الأخر للسياسة” بيروت، مطبعة برجي 2009، ص: 37.

[38]– المصطفى قاسمي، دولة الحق والقانون في المغرب التطورات والحصيلة، م س.

[39]–  المصطفى قاسمي، م س، ص: 288.

[40]– هشام خلفا دير، م س.

[41]– راجع الخطاب الملكي بتاريخ 8 ماي 1999.

[42]– الحسين شعبان، مرحع سابق، ص: 60.

[43]– هشام خلفا دير، مرجع سابق.

[44]–  مفهوم حقوق الإنسان: يعتبر موضوع حقوق الإنسان من المواضيع الشائكة نظرا لأن موضوعاته واسعة وتشتمل مجموعة كبيرة من الحقوق، لهذا نجد أن المواثيق والمعاهدات لم تضع تعريفا لها، لهذا نجد أن الفقه قد قد اختلف في محاولاته لوضع تعريف لحقوق الإنسان، فقد عرفها البعض بأنها “مكنات طبيعية آدمية للإنسان الروحية والعقلية والغريزية والمادية الجسدية” لمزيد من المعلومات راجع: علي محمد صالح الدباس وعلي عليان أبو زيد، حقوق الإنسان وحريته، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان (الطبعة غير متوفرة) 2005، ص: 26 وما بعدها.

[45]– الطاهر بن خرف الله، مدخل إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2007، ص: 134.

[46]– فاطمة عبد السلام بنور، الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة بين النظرية العالمية التقيدية الأخرى، دار الكتاب الوطنية ليبيا، الطبعة الأولى 2007، ص: 29.

[47]– فاطمة عبد السلام بنور، مرجع سابق، ص: 30.

[48]– ظهير شريف رقم 19-11-1 صادر في 25 ربيع الأول 1432 (فاتح مارس 2011) بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ج ر عدد 5922 بتاريخ 27 ربيع الأول 1432 (31 مارس 2011) ص: 5740.

[49]– انظر المادة الأولى من الظهير الشريف رقم 1.22.25.

[50]– الفصل 163 من دستور 2011 “يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج، على الخصوص إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هو يتهم المغربية، وضمان حقوق وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه”.

[51]– الفصل 164 من دستور 2011 “تسهر الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، المحدثة بموجب الفصل 19 من هذا الدستور، بصفة خاصة، على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل بالمذكور، مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان”.

[52]– هشام خلفا دير، الحكامة الأمنية بالمغرب تدبير الأزمات الأمنية نموذجا، مرجع سابق، ص: 109.

[53]-هشام خلفا دير، مرجع سابق.

[54]– رشيد السعيد وكريم لحرش، الحكامة الجيدة بالمغرب ومتطلبات التنمية البشرية المستدامة، الطبعة الأولى 2009، الرباط، ص: 37.

[55]– محمد حركات، الاقتصاد السياسي والحكامة الشاملة، طبعة 2010، ص: 148.

[56]– أحمد آيت الطالب، الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان، مجلة الشرطة، غشت عدد 18/19، ص: 24.

[57]– واحد وثلاثون اختصاصا.

[58]– مريم أنامتا، الوظيفة الرقابة للبرلمان المغربي في ظل دستور 1996 و2011، رسالة لنيل دبلوم الماستر سنة 2011-2012، ص: 65-66.

[59]-لجان مؤقتة يشكلها البرلمان بهدف التحقيق في أمر أو سياسة معينة ترتبط بتنفيذ السياسات الهامة بشكل عام من أجل الكشف عن العيوب والتجاوزات، وقد تنتهي إلى طلب مؤاخذة أحد الوزراء أو أكثر وبالتالي فهي وسيلة رقابية هامة وخطيرة في يد المجالس النيابية.

قد يعجبك ايضا