وسائل التحقيق في جرائم المخدرات
المعلومة القانونية
*أ. محمد علي أبو علي : باحث في الشؤون القانونية
” وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ “
المقدمة :
“إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ “
تعتبر جرائم المخدرات من أخطر الجرائم لدى مجتمعنا و جرائم ذات حساسية في التعامل معها و هي الآفة الأخطر على كافة أبناء الشعب بجميع أعمارهم . كما و تعتبر جرائم المخدرات جرائم ذات قصد خاص بحيث تنتفي بها القصد الخاص لأقل فعل يمكن أن يقوم به الجاني مما يثير من فرص إثارة الدفوع في مرحلة المحاكمة . و حيث أن جرائم المخدرات أصبحت جرائم عابرة للحدود مما جعل المجتمع الدولي قلقا بهذا الشأن , حيث أصبح تهريب المواد المخدرة أمرا سهلا مما جعل المشرع يعطي الضابطة القضائية صلاحيات التشديد الدائم على مهربين المواد المخدرة و كما أن السوق السوداء أصبحت المواد المخدرة تباع و تشترى بها عبر مواقع الانترنت المحظورة و وجود المخدرات الرقمية العابرة للحدود أمر بات في منتهى الخطورة . كما و ساد الحرص الدائم لأبناء مجتمعنا لعى توعية أفراد الشعب بخطورة المواد المخدرة و المؤثرات العقلية و كيفية التعامل في حالة التعرض لمثل تلك المواقف أو في حالة وجود أحد مشبوه في أمره و يثير الريبة و الشك حتى و أن كانت عمليات التوعية أيضا تؤخذ بصورة حساسة مفرطة , لانتشار تجار و مروجي المواد المخدرة فقد يكون أحدهم في دورات التوعية مثلا ففي علم الجريمة و العقاب المجرم دائما يسابق رجل الأمن فكل يصب في مصلحته تغاضي الآخر عنه .
أما لما يترتب من أضرار ومشاكل عديدة بسبب جرائم المخدرات والتي تكلف البشرية أثرا يفوق آثار الحروب المدمرة و ليست فقط تلك الآثار بل امتدت آثارها إلى الخراب الذي تلحقه في البيوت و المال بما ينفق عليها و من مصادر جلب المال لشراء المواد المخدرة .
أما بالنسبة لوسائل التحقيق في جرائم المخدرات فلا يوجد في فلسطين أي وسيلة معينة للتحقيق في جريمة المخدرات بل يتم التعامل معها كأي جريمة أخرى كانت .
حيث سنقوم بتقسيم مهام وحدة مكافحة المخدرات على التوالي من وقت تلقي البلاغ لحين إحالة الملف للنيابة العامة .
البلاغ عن الجريمة :
عادة ما يتطرق أفراد وحدة مكافحة المخدرات لبلاغات وجود محرزات مخدرة لدى مكان ما أو يصل إليهم بلاغا يفيد بوجود متعاطي في منزل و عادة ما يكون أحد أفراد عائلة المتعاطي هو المبلغ عن الجريمة .
فعلى ضباط الوحدة تلقي كافة البلاغات المتعلقة بجرائم المخدرات و أن تم البلاغ لأي جهاز أمني آخر فعليه إحالة البلاغ لأفراد وحدة المكافحة لمباشرة العمل على البلاغ .
يحرر الضابط تقريرا مفصلا عن البلاغ الذي قام بتلقيه و يقوم بدوره برفعه لمدير الفرع حيث يرى الضابط مسبقا بفطنته و ذكاؤه عن حقيقة البلاغ , فمثلا إذا قام شخص بالتقدم ببلاغ مفصل عن وجود مادة مخدرة في منزل شخص آخر مفصلا مكان وجودها بالذات و خاصة إذا كان مكان وجودها غير مأهول لدخول أي شخص مثل إذا ما كانت في غرفة النوم أو بين الفراش , أن الجريمة هنا مختلقة ولا علاقة لمحرزها بها و أن لمبلغ هو من اختلق الجريمة مثلا , حيث يقوم الضابط بالبدء بعمليات البحث و التحري كافة إجراءاته التي توصله إلى حقيقة البلاغ المنسوب إلى الشخص المبلغ عنه .
أما بالنسبة للمبلغ عن المادة المخدرة فقد يكون أحيانا أحد أفراد وحدة المصادر و المعلومات أو أحد التابعين لضابط المكافحة فلا يجوز الإفصاح عن هويته تحت أي ظرف كان ولا يمكن أن يتم طلبه للشهادة في المحكمة حماية له , ولا يتم طلبة للاستجواب عادة .
مرحلة جمع الاستدلالات :
تعتبر عملية التحري و جمع الاستدلالات بجمع كافة القرائن و الأدلة و المعلومات المرتبطة بالجريمة المراد الوصول إلى حقيقتها حول المشتبه به في جريمة معينة و التي تدل في بعض الأحيان إلى براءة المتهم أو إدانته .
حيث تعمل وحدة المصادر و المعلومات على جمع التحريات حول المشتبه به في جريمة المخدرات و معرفة سلوكه عن طريق العاملين في الوحدة الخاصة ولا يجوز استعراض أفراد وحدة المصادر الميدانين في أي حالة كانت كما و يمكن أن يتبع المصدر لضابط خاص يعمل لدى وحدة مكافحة المخدرات المختصة وحدها في التقصي و البحث عن جرائم المخدرات و ذلك لأن المشرع الفلسطيني قد أعطى وحدة مكافحة المخدرات صفة مأمورو الضبط القضائي في المادة 12 من القرار بقانون رقم 18 لسنة 2018 بشأن مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية ” تمتع بصفة الضابطة القضائية فيما يخص الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار بقانون كل من: 1. الصيادلة الموظفين الذين يفوضهم الوزير دخول أي محل مرخص له بالتداول أو التعامل بالمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو بتصنيفها أو بحيازتها أو باستعمالها لأي غرض من الأغراض، للتحقق من قيام صاحب المحل أو مديره المسؤول بتنفيذ أحكام هذا القرار بقانون، وتنطبق عليهم أحكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة النافذ. 2. مفتشي وزارة الزراعة والمهندسين الزراعيين الذين يصدر قرار من وزير الزراعة بتعيينهم، فيما يخص الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصهم. 3. دائرة التفتيش الضريبي والجمركي في وزارة المالية، والضابطة الجمركية، وقوات أمن المعابر والحدود “ و عزز المشرع ذلك في المادة 11 من ذات القانون ” لمدير إدارة مكافحة المخدرات ومعاونيه من الضباط وضباط الصف صفة الضابطة القضائية، مع التقيد بقواعد الاختصاص التي ينص عليها القانون -النيابة العامة والمحكمة المختصة في ذات المنطقة- فيما يخص الإجراءات التي يجب أن تتم بأمرها أو بمعرفتها”. كما و أعطى المشرع صلاحية تعقب جرائم المخدرات و جمع المعلومات عملا بأحكام المادة 10 / 3 , 4من ذات القانون ” … 3. جمع المعلومات اللازمة عن متعاطي ومروجي ومصنعي ومنتجي المخدرات ووضعهم تحت الرقابة اللازمة بما يكفي لضبطهم وتقديمهم للعدالة. 4. إعداد سجلات خاصة بالمشبوهين والتجار والمتعاطين بما يضمن ملاحقتهم ووضعهم تحت الرقابة اللازمة …. “.
بحيث تقوم وحدة مكافحة المخدرات بجمع كافة التفاصيل حول المشتبه بهم بما يخص جرائم المخدرات أو القرائن التي تدل على كشف الحقيقة ولا يحق لهم البحث و التحري عن أمور خاصة لا حق لهم فيها لعدم انتهاك القواعد الدستورية و المواثيق الدولية كما نص المشرع الفلسطيني في القانون الأساسي المعدل لسنة 2002 في المادة 32 ” كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون … ”
فعليه يلتزم ضباط مكافحة المخدرات و/أو وحدة المصادر و المعلومات بدقة التحري حول ماهية الشخص المشتبه به حول أفعال جريمة المخدرات فقط , بكافة طرق التحقق المشروعة وفقا للقانون فلا يجوز لهم مثلا إجبار أحد عن الإدلاء بما لديه حول المشتبه به أو الضغط عليه ليقوم بذلك تحت تأثير الخوف مثلا ما لم يشكل الفعل بحد ذاته جرما .
بحيث تكون وحدة مكافحة المخدرات على تنسيق كامل مع النيابة العامة حول المشتبه به إلا في بعض الجرائم مثل تعاطي المخدرات للمرة الأولى , فعليه تكون النيابة العامة عالمة بكافة تفاصيل التحري و الاستدلال حول المشتبه به حتى تنظر بأمره .
في بعض حالات التلبس يقوم المتعاطي أو التاجر مثلا برمي المادة المخدرة بعيدا عن يد الضابط فيقوم الضابط هنا بتحرير محضر يسمى تقرير مشاهدة أو تقرير حالة بما جرى بتفصيلات الأمور
مآل مرحلة جمع الاستدلال و التحري .
أما إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات و الجنح أن الفعل المنسوب قد تجلى عنه المشتبه به بما قضت به مرحلة جمع الاستدلالات فلها حق عدم إحالة المشتبه إلى التحقيق أو الاستجواب و لها حق عدم إقامتها ,كما جرائم التعاطي لأول مرة و عليه تحفظ أسماء المتعاطين لأول مرة عند قبضهم لأول مرة لدى وحدة مكافحة المخدرات في سجلات خاصة دون إحالتها للنيابة العامة و تتم إحالة المتعاطي للمرة الثانية إلى النيابة العامة . و يعتبر السجل الوارد فيه اسم المتعاطي للمرة الثانية هو قرينة قانونية و دليل على الفعل المنسوب المذكور .
و أيضا إذا رأت النيابة العامة بعد إحالة الملف لها من قبل وحدة مكافحة المخدرات أن الفعل يستوجب النظر فيه تبدأ النيابة العامة عملها فورا مع مراعاة مدد التوقيف , حيث يتم توقيف المشتبه به 24 ساعة لدى وحدة مكافحة المخدرات لجمع الاستدلالات عنه و التأكد من هويته و أخذ إفادته و قد لا يتم إحالة الموقوف لأي جهة اختصاص أخرى إذا ما لزم الأمر .
كما نصا المادة 53 من قانون الإجراءات الجزائية ” إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات و الجنح أن للدعوى الصالحة لإقامتها بناء على محضر جمع الاستدلالات تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة المختصة ”
الكشف و المعاينة و التفتيش :
في الأصل أن مرحلة المعاينة و مرحلة التفتيش هما مرحلتان متعاقبتان أما في جرائم المخدرات فعاجة ما تكون مرحلة الكشف و المعاينة متلازمتان في ذات المكان إلا ما ندر بذلك .
تقوم وحدة مكافحة المخدرات بطلب من النيابة العامة بالحصول على إذن للتفتيش يوقع عليه رئيس النيابة للسماح لأفراد الضابطة القضائية بالتوجه إلى المكان المراد تفتيشه و عليه يتوجه أفراد وحدة المكافحة معززين بعساكر من قوات الأمن و وحدة العمليات الخاصة و الاقتحامات و وحدة الإناث العساكر لتفتيش المكان حسب الأصول و القانون .
و يحرر أفراد المكافحة تقرير ضبط كامل في مكان التفتيش لما وجدوه في المكان و حالة المكان قبل و بعد الدخول و يوقع عليه صاحب المكان المراد تفتيشه أو من ينوب عنه أو من يسكنه لثبوت عدم انتهاك الخصوصية أو عدم تجاوز أفراد المكافحة أي من حدود صلاحياتهم في عملية تفتيش المكان .
في حالة عدم وجود أي مضبوطات أو قرائن تثير الريبة و الشك حول أي جريمة من جرائم المخدرات يتم الانسحاب من المكان مع ذكر ذلك في تقرير التفتيش .
أما في حالة وجود مواد يشتبه أنها مواد مخدرة أو ما شابه ذلك من أدوات فأنه يتم ضبطها و ضبط تقرير وزن إما منفصلا أو مرتبطا بتقرير التفتيش لكمية المادة المشتبه بها و وزنها و نوعها ( إن كانت شتلات من المواد المشبوهة أو أكياس أو حبوب … الخ ) فلا يجوز لأفراد المكافحة ذكر أنه تم ضبط مواد مخدرة بل تكتب مواد مشتبه بها حتى يتم التحقق منها من قبل معمل البحث الجنائي , فقد لا تكون المادة المضبوطة مادة مخدرة أصلا كما يحدث في نوادر الأحيان .
أما في حالة ضبط أدوات يتم استخدامها في المخدرات مثل ( البانغ) فيتم ضبطها و فحصها و عادة لا يتم إحالة جرائم حيازة الأدوات المستخدمة للمخدرات إلى النيابة العامة و ذلك كان بطلب من النيابة العامة لوحدة مكافحة المخدرات منذ حوالي سنة تقريبا و ذلك لعدم كفاية أدلتها لإدانة المتهم إلا إذا كانت الأدوات نفسها تحتوي على كمية من المخدرات و تقوم بدورها بإدانة المتهم أو في حالة اعترافه بقيامه بأحد جرائم المخدرات .
المضبوطات من المواد المخدرة :
في دراسة المادة 36 من القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 بشأن مكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية ” 1. للنيابة العامة أن تأمر بمصادرة المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو النباتات وبذورها التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية والأدوات والأجهزة والآلات والأوعية المستعملة ووسائل النقل المستخدمة في ارتكاب الجريمة، دون الإخلال بحقوق الغير حسني النية. 2. للنيابة العامة أن تحقق في المصادر الحقيقية للأموال العائدة للأشخاص مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار بقانون، للتأكد مما إذا كان مصدر هذه الأموال يعود لأحد الأفعال المحظورة بموجبه. 3. للمحكمة بناءً على طلب النيابة العامة أن تقرر الحجز ومصادرة الأموال المتحصلة و/ أو المرتبطة بالأفعال المحظورة بموجب أحكام هذا القرار بقانون والعائدة للأشخاص مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار بقانون”
نستنتج من النص أعلاه أن من حق النيابة العامة مصادرة المواد المخدرة المضبوطة و النباتات و البذور أو المؤثرات العقلية أو الأدوات و الأجهزة و الآلات و غيرها المستخدمة في الجريمة , باستثناء كما ورد في النص أعلاه من الأشخاص حسني النية في التعامل و ذلك حفاظا على مبدأ حسن النية و البراءة في حال أن ليس لهم أي صلة أو علاقة في أركان الجريمة .
المصادرة :
بالعودة إلى النص أعلاه نجد أن من حق النيابة العامة مصادرة و ضبط “المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو النباتات وبذورها التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية والأدوات والأجهزة والآلات والأوعية المستعملة ووسائل النقل المستخدمة في ارتكاب الجريمة” و الأموال المضبوطة إذا كانت عائدة لمرتكبي الجريمة بهدف وقوع الجريمة أو نتيجة وقوع الجريمة , أي إذا كانت هذه الأموال هي ثمن قبض المواد المخدرة أو عائدة على المرتكب بالربح من بيع المواد المخدرة
لذلك من حق النيابة العامة أن تقوم بالتحفظ على كل ما يتم ضبطه في مكان القبض على المخدرات و ما له علاقة فيها و قد فصلت المادة 36 الأمور التي يحق للنيابة العامة ضبطها و التحفظ عليها
1_المواد المخدرة:
و هي المادة الطبيعية أو التركيبية المدرج اسمها في القوائم الدولية و المعتمدة من الجهة المختصة في الوزارة
و بما أن المادة المخدرة في الأصل هي جوهر و صلب جرائم المخدرات و هي الركن المادي للجريمة المتمثل بالاتصال المباشر مع المادة المخدرة فيعتبر ضبطها و مصادرتها هو واجب و مفروض وفقا للقانون و للمنطق فمثلا عند مصادرة السلاح في جرائم القتل كما نصت المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية ” يجوز لمأمور الضبط القضائي أو لمن يقبض على شخص أن يجرده من الأسلحة والأدوات التي يجدها بحوزته، أو أن يسلمها إلى الجهة المختصة التي يقضي القانون بإحضار المقبوض عليه أمامها “. نستنتج من النص أعلاه جواز مأموري الضبط القضائي بمصادرة الأسلحة و الأدوات التي بحوزة المقبوض عليه كما في ذلك الأمر في جرائم المخدرات و حامل المادة المخدرة التي في حقيقتها أشد خطرا على المجتمع .
2_النباتات و بذورها:
تعتبر حالة وجود بذور نبات مخدر بحوزة الجاني لا تشكل خطرا من الوهلة الأولى و النظرة الطبيعية كمن يحمل عصا حديدية التي تعتبر من قبيل الأسلحة الغير قاتلة بطبيعتها و عليه لم ينص التشريع الفلسطيني على ضرورة الوقاية من الجريمة فأن بذور النبات المخدر الغير مزروع أصلا لم يشكل خطرا .
و لكن الطبيعة القانونية و تحقيقا للعدالة و حماية المجتمع من آفة المخدرات جعلت من حيازة بذر النبات المخدر جرما محظورا معاقبا عليه و نجد ذلك بالرجوع إلى في المادة 2 من قانون مكافحة المخدرات ” يحظر استيراد أو تصدير النباتات أو بذورها التي ينتج عنها أي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية في جميع أطوار نموها أو الحالة التي تكون عليها،”
الذي يتم استخلاص المواد المخدرة من خلاله بعد زراعته و تصنيعه و إنتاجه في الأصل لا تعتبر حيازته جريمة لعدم تحقق أي نتيجة جرمية تحققها حيازته ـو تدخل في تكوين أركان الجريمة , و بالعودة للقاعدة العامة فلا عقوبة ولا جريمة إلا بنص , إلا أن المشرع الفلسطيني أحسن في نصه الصريح في المادة 36 من القرار بقانون بشأن جرائم المخدرات بتحديده تجريم حيازة المادة المخدرة
أما بالنسبة للنباتات المخدرة فتعتبر حيازتها جريمة بحد ذاتها و يخول مأمور الضبط القضائي لهذه المهمة بمصادرة النبات المخدر أو المؤثر العقلي في حالة ضبطه بحوزة الجاني مهما كان نوع النبات أو المادة المؤثرة و سواء أكانت نباتات تعتبر بطبيعتها مخدرة مثل القنب الهندي الذي لا يعتبر في طبيعته مؤثر عقلي أو مادة مخدرة إنما ينتج عنه بعد عمليات الصنع و إضافة المواد إليه مواد مخدرة مثل ( الماريجوانا : و هو خليط من رؤوس زهر القنب الهندي مع أوراق الشجر المجففة . البانجو و هو خليط من أوراق و سيقان و رؤوس أزهار القنب , و الفولة و الحشيش و زيت الحشيش ) بحيث تعتبر المواد الكيميائية الصادرة عنها هي المخدر و ليس النبات بحد ذاته .
و ذلك يتم بذكر كافة تفاصيل المادة المضبوطة المشتبه بها حتى يتم أحالتها إلى معمل البحث الجنائي للفصل في ماهيتها و نوعها . و حيث اذا ما كانت المادة التي ضبطها مثلا مبللة يتم ذكر ذلك في تقرير وزن المادة لتفادي تضاءل حجمها بعد أن تنشف .
مآل المضبوطات :
تحفظ المضبوطات من المخدرات إلى حين انقضاء الدعوى استنادا لقاعدة العامة في قانون الإجراءات الجزائية وفقا للمادة 73 ” 1. يجوز أن ترد المضبوطات ولو كان ذلك قبل الحكم ما لم تكن لازمة لسير الدعوى، أو محلا للمصادرة الوجوبية وذلك بناء على طلب من كانت له حيازتها وقت ضبطها “ فلا يحق للجاني المضبوط منه مادة مخدرة أو مؤثر عقلي أو أن يطلب رد المادة المخدرة لأن المواد المخدرة المضبوطة في الأصل حيازتها تعد جريمة و واجبة الضبط و من قول المشرع ” أو محلا للمصادرة الوجوبية “ و هي لازمة لسير الدعوى ” ما لم تكن لازمة لسير الدعوى ”
أما بالنسبة لمكان حفظ المخدر أو المؤثر العقلي المضبوط بالاستناد إلى القاعدة العامة في قانون الإجراءات الجزائية المادة 72 منه ” 1. توقع المضبوطات في حرز مغلق وتكتب عليها بياناتها وتودع في مخزن النيابة أو المكان الذي تقرره لذلك “. يتم الاحتفاظ بالمادة المخدرة بعد التأكد من ماهيتها وفقا لتقرير الفحص المخبري الجنائي , في أحراز و حجور مغلقة في مخزن النيابة العامة أو أي مكان آخر له صلة و يندب لهذا الأمر و يتم وضع جميع المعلومات المخصصة من اسم المضبوط معه و الكمية المضبوطة و نوعها و تاريخ الضبط و توقيع الضابط الذي قام بعملية الضبط و البيانات الأخرى اللازمة لتحقيق الغاية من الضبط وفقا للأصول .
ولا يتم رد أي من المضبوطات من المخدرات على عكس من الأغراض الخاصة أو المال الذي لا علاقة له بالمواد المخدرة بحيث قد يكون مال مقبوض و لكن يثور التساؤل حول ما إذا كان هذا المال هو مال لشراء المواد المخدرة ؟
فلا يتصور مصادرة مال مشروع ولو كان هذا المال في مسرح الجريمة لأن المال بطبيعته ليس محلا للجريمة أو متحصلا منها وفقا للقاعدة العامة في قانون الإجراءات الجزائية المادة ” 2. إذا كانت المضبوطات هي التي وقعت عليها بالجريمة أو تحصلت منها، فيكون ردها إلى من فقد حيازتها بالجريمة، ما لم يكن لمن ضبطت معه الحق في حبسها وفقا للقانون “ . بقوله “تحصلت منها” أي العبرة بمشروعية المال و النتيجة الجرمية الواقعة من أساس المال .
أما بالنسبة لمآل المضبوطات من المخدرات بعد انتهاء السير في الدعوى فلا يمكن أن تبقى أي من المضبوطات في حوزة النيابة العامة و وفقا لنص المادة 37 من قرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تلاف المواد المصادرة
1″. للمحكمة بناءً على طلب النيابة العامة أن تقرر إتلاف المواد المصادرة بموجب أحكام الفقرة (1) من المادة (36) من هذا القرار بقانون، على أن تحتفظ بعينة مناسبة من كل منها، إلى أن يصدر القرار النهائي في القضية موضوع الدعوى.
- للمحكمة وبطلب من النائب العام أن تأذن بتسليم المواد المقرر إتلافها أو أي جزء منها إلى أي جهة حكومية مرخص لها للانتفاع بها في الأغراض العلمية والطبية.
- تتلف المواد المصادرة والمحكوم بإتلافها من قبل لجنة مشكلة لهذه الغاية بقرار من النائب العام. ”
و نص المادة 6 من ذات القانون ” تتلف بقرار من الوزير المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية التي يثبت الفحص المخبري عدم صلاحيتها أو ينتهي التاريخ المحدد لاستعمالها، على أن يتضمن القرار الإجراءات التي تتبع في عملية الإتلاف والجهة التي تتولى ذلك “.
مرفق إليكم محضر إتلاف المضبوطات
محضر رقم ..
محضر إتلاف مضبوطات.
بناء على قرار عطوفة النائب العام الموقر بتاريخ …. و المتضمن تشكيل لجنة إتلاف مضبوطات و بتاريخ … و حوالي الساعة … توجهت أنا رئيس نيابة … الأستاذ …. و برفقتي …. رئيس قسم المضبوطات في النيابة العامة و ممثل عن مديرية الدفاع المدني / … و ممثل عن مديرية شرطة جنين لإتلاف المضبوطات في القضية الجزائية رقم …. بداية…. و رقم …. بداية … و الموصوفة بكتاب رئيس قلم محكمة بداية …. بتاريخ ….
حيث تم إتلاف المضبوطات الموصوفة في ساحة ….. في …. بواسطة الحرق و ذلك بعد التأكد من المضبوطات المراد إتلافها أصولا .
توقيعات رئيس و أعضاء اللجنة /
رئيس اللجنة / رئيس نيابة … |
||
ممثل مديرية الدفاع المدني / …
|
||
ممثل مديرية الشرطة / … |
||
ممثل عن نيابة ….
|
للنيابة العامة أن تحقق في المصادر الحقيقية للأموال العائدة للأشخاص مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار بقانون، للتأكد مما إذا كان مصدر هذه الأموال يعود لأحد الأفعال المحظورة بموجبه.
نستنتج من النص أعلاه أن من حق النيابة إجراء التحقيقات حول مصادر الأموال الأصلية و الحقيقية المضبوطة الواقعة في حوزة الجاني المضبوط منه المخدر لمعرفة ماهية المال و هل يكون المال مالا خاصا لغرض خاص بالمضبوط منه المخدر أو المؤثر العقلي أم مالا ثمن قبض المواد المخدرة التي تم بيعها التي تعتبر تلك الثانية مالا يحق مصادرته استنتاجا من الفقرة 3 من ذات المادة\
- للمحكمة بناءً على طلب النيابة العامة أن تقرر الحجز ومصادرة الأموال المتحصلة و/ أو المرتبطة بالأفعال المحظورة بموجب أحكام هذا القرار بقانون والعائدة للأشخاص مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار بقانون”
و يكون قرار حجز الأموال غير المشروعة التي يكون مصدرها مرتبطا بجريمة من جرائم المخدرات من المحكمة بناء على طلب مقدم من قبل النيابة العامة و لها أن تأمر بحجزه و مصادرته إذا تبين وفقا للتحقيقات المشكلة وفقا لفقرة 2 أعلاه أن لهذا الأموال أي صلة بجريمة من جرائم المخدرات .
مصادرة المضبوطات من الحقائب الدبلوماسية :
لقد أوردت اتفاقية فينا بشأن العلاقات الدبلوماسية سنة 1961 حماية خاصة في المادة 27 على الحقائب الدبلوماسية ” لا يجوز فتح أو حجز الحقيبة الدبلوماسية يجب أن تحمل الربطات التي تكون الحقيبة الدبلوماسية علامات خارجية ظاهرة تبين طبيعتها، ويجب ألا تشمل إلا المستندات الدبلوماسية والأشياء المرسلة للاستعمال الرسمي ” . فقد حظرت الاتفاقية فتح أو تفتيش الحقيبة الدبلوماسية للمبعوث الدبلوماسي و لكن نستنتج من قولها ” ويجب ألا تشمل إلا المستندات الدبلوماسية والأشياء المرسلة للاستعمال الرسمي ” جوازا خاصا لتفتيش الحقيبة الدبلوماسية و ضبط المواد المحظورة فيها في حالة التلبس فقط أو التأكد من وجود المادة المخدرة أو المادة المحظورة داخل الحقيبة عبر أجهزة الفحص و كما نصت المادة 36 من ذات المادة عن عدم جواز تفتيش الأمتعة الخاصة بالمبعوث الدبلوماسي إلا في حالات أوردتها المادة استثناء ” ويعفى الممثل الدبلوماسي من تفتيش أمتعته الشخصية إلا إذا وجدت أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأنها تحوي أشياء لا تمنح عنها الإعفاءات المذكورة في البند (1) من هذه المادة أو أصنافا محظورا استيرادها أو تصديرها بمقتضى التشريع أو تكون خاضعة لتعليمات الحجر الصحي للدولة المعتمد لديها، وفي هذه الحالة لا يجوز إجراء الكشف إلا بحضور الممثل الدبلوماسي أو من ينتدبه “
وسائل التحقيق الخاصة بجرائم المخدرات :
1_ الفحص المخبري : يتم أخذ الفحص المخبري بناء على طلب من وكيل النيابة للمشتبه به أو من قبل مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس ولكن يؤخذ على سبيل الاستئناس أي لا يتم الاعتداد به كوسيلة لإثبات جريمة المخدرات ولا تكون كدليل قاطع لإدانة المشتبه به
2 _ الإستعراف عن طريق الكلاب البوليسية : يعتد بعملية إستعراف الكلاب على المادة المخدرة إذا كانت كلابا شرطية بوليسية تدربت على هذه المادة بشكل مختص و يحرر مأمور الضبط القضائي المختص حائز الكلب البوليسي محضرا بذلك بحيث يعتبر ذلك حالة من حالات التلبس .
ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق :
تختص النيابة العامة وحدها بمرحلة التحقيق ولا يجوز أن يتم التحقيق لدى أي جهة غيرها إلا إذا تم تفويض أحد مأموري الضبط القضائي للقيام بعملية التحقيق دون الاستجواب .
و تكون ضمانات المتهم في جرائم المخدرات مطابقة تماما لأي ضمانة من ضمانات التحقيق في أي جريمة أخرى فمثلا لا يجوز اكراه المتهم على الإعتراف الأولي فيعتبر ذلك باطلا .
ولا يجوز مثلا في حالة تفويض مأمور الضبط القضائي للتحقيق بأن يقوم بالتحقيق مع المتهم و سلاحه على جنبه أو على الطاولة كما لا يجوز له أن يصطحب ضابط آخر معه ليحضر التحقيق ولا أن يكون المكان الذي تتم به مجريات التحقيق مكانا مظلما أو غير مهيء بصورة تليق بكرامة الإنسان أو تشعر المتهم بالخوف كما ولا بجوز للضابط أن يقوم بطلب أي شيء من المتهم حتى لو كان على سبيل المزاح فالمقولة الأشهر لدى ضباط مكافحة المخدرات
(ضابط المكافحة صديق الجميع ولا صديق له) كما لا يجوز أيضا أن يقوم ضابط المكافحة بإعطاء المتهم هدية أثناء التحقيق ( كحبة شوكلاتة مثلا) فيما يعتبر ذلك من قبيل الإكراه فعلى ضابط المكافحة في وقت التحقيق أن يكون حذرا في التعامل مع المتهم و أن يحفظ له كرامته , كما ينطبق ذلك أيضا على أعضاء النيابة في القيام بعملية التحقيق .
وهناك اختلاف بسيط في بعض الجرائم مثل جريمة تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية للمرة الأولى فالمفترض عادة أن يكون التحقيق بها سريا للغاية ولا يجوز لأي أحد أن يعلم بمجريات التحقيق .
تم بحمد الله