خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب بين محاولات أعداء الوحدة الترابية وآفاق الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021

المعلومة القانونية

الدكتور محمد البغدادي – باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة.

من المعلوم أن خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب المؤرخ في 20 غشت 2021، جاء في سياق سلسلة متواصلة من الخطب الملكية التي جاءت مطبوعة بالطموح والوضوح والواقعية من جهة ، وروح الشفافية وتحديد الأهداف بشكل واضح للسياسات وللدبلوماسية المغربية من جهة أخرى،  كما يأتي في إطار تأكيد مضامين خطاب العرش المجيد المؤرخ في 31 يوليوز 2021 ، وفي ظل التطورات الميدانية الأخيرة التي تعرفها قضية الوحدة الترابية.[1]

ويعرف خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب بأنه توجهات الدولة المغرية في رسم البرنامج الحكومي و السياسات والاستراتيجيات لجميع القوى الحية للأمة في إطار احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وحماية المصالح العليا للوطن والمواطنين وتكريس دولة الحق والقانون والمؤسسات.

ونظرا لأهمية التوجه السياسي والاستراتيجي للدولة المغربية في بناء دبلوماسية ناعمة وفعالة ضد أعداء وخصوم الوحدة الترابية واستحضار التحديات التنموية للاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، فإن الإشكالية المركزية تتمثل فيما يلي:كيف سيتعامل المغرب مستقبلا مع هذه التهديدات والأزمات المتواصلة والمتكررة من طرف أعداء الوحدة الترابية والتحديات التنموية في أفق رسم إستراتيجية جديدة للسياسات وللدبلوماسية المغربية والاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021؟

وتحت هاته الإشكالية المحورية تتفرع عنها التساؤلات التالية:

ما هي محاولات أعداء الوحدة الترابية؟ وما هي آفاق الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021؟

ولمعالجة الموضوع من جميع جوانبه، ارتأيت اعتماد التقسيم التالي:

المبحث الأول: محاولات أعداء الوحدة الترابية

المبحث الثاني:آفاق الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021

المبحث الأول:محاولات أعداء الوحدة الترابية

من الواضح جدا أن المناورات والاستفزازات المتواصلة والمتكررة من طرف أعداء الوحدة الترابية ، جاءت نتيجة التوجه السياسي والاستراتيجي للدولة المغربية في رسم ركائز ومعايير للسياسات والدبلوماسية المغربية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

وعليه، سوف نتناول دعوة العاهل المغربي لفتح الحدود البرية مع الدولة الجزائرية في خطاب العرش  لسنة 2021 في المطلب الأول والمناورات الدبلوماسية للدولة الجزائرية في المطلب الثاني.

المطلب الأول: دعوة العاهل المغربي لفتح الحدود البرية مع الدولة الجزائرية في خطاب العرش لسنة 2021

في إطار مواصلة الدولة الجزائرية وحلفائها مناوراتها واستفزازاتها المتواصلة والمتكررة ضد المغرب بشأن قضية الوحدة الترابية، فإن العاهل المغربي الملك محمد السادس يدعو الجزائر إلى فتح الحدود البرية والتعاون وحسن الجوار ، وذلك من خلال وضع آلية مشتركة ثنائية أو متعددة الأطراف لدراسة القضايا الخلافية والبحث عن الحلول المناسبة لها وفق تغليب منطق الحكمة، والمصالح العليا من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف الذي يضيع طاقات بين البلدين، في خطاب العرش المجيد المؤرخ

في 31 يوليوز 2021.[2]

وينبغي التذكير إلى أن دعوة العاهل المغربي للدولة الجزائرية تدل بشكل واضح على مصداقية الدبلوماسية الملكية الناعمة في التعامل مع القضايا الخلافية بشكل يخدم المصالح العليا للبلدين ولدول المنطقة على صعيد المنطقة على المستوى الإقليمي.

المطلب الثاني: المناورات الدبلوماسية للدولة الجزائرية

بالرجوع إلى بيان رئاسة الدولة الجزائرية المؤرخ في 18 غشت 2021 بشأن إعادة تقييم العلاقات المغربية الجزائرية بما وصفتها بالأعمال العدائية المتكررة للمغرب ضد الجزائر واستحضار دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس لفتح الحدود البرية حسب الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 31 يوليوز 2021، فإن الدولة الجزائرية تواصل المناورات والاستفزازات الدبلوماسية ضد المغرب من خلال انصرافها عن الأزمات السياسية والصحيةوالاقتصادية الداخلية والتوجه نحو انشغال الرأي العام الدولي بالأزمات الخارجية ضد الحدود المغربية الجزائرية.

وتجدر الإشارة إلى أن الأعمال العدائية المتكررة للمغرب حسب بيان رئاسة الدولة الجزائرية تتجلى أساسا في تعدي ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة على الجزائر عندما تكلم خارج إطار القانون بشأن منطقة القبائل وتجسس المغرب للجزائر حسب برنامح بيغاسوس التابع لدولة إسرائيل وتأمر المغرب مع الكيان الصهيوني من أجل تعيين عضو مراقب في الأمم المتحدة وتصريح الخارجية الكيان الصهيوني بأن الجزائر تتعاون مع الدولة الإيرانية ومسؤولية وقوف المغرب مع إسرائيل على حرائق الغابات من خلال دعم منظمات إرهابية التي تقف وراء هذه الحرائق.[3]

كما أنها تواصل تشويه صورة المؤسسة الأمنية ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها.و استهداف المغرب من طرف بعض الدول والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا، لأنه دولة عريقة ، تمتد لأكثر من إثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل؛ وتتولى أمورها ملكية مواطنة، منذ أزيد من أربعة قرون، في ارتباط قوي وتلاحم وتكامل وتضامن وتعاون بين العرش وجميع مكونات الشعب  بقيادة  المؤسسة الملكية على الرغم من تنوعها وتعددها ، وكذا لما يتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار السياسي على خلاف ما تشهده دول المنطقة على المستوى الإقليمي وعلى مستويات متعددة .[4]

كما أن المناورات والاستفزازات المتواصلة والمتكررة ضد المغرب من طرف أعداء الوحدة الترابية ، بما في ذلك الجزائر وألمانيا وإسبانيا الذين يحاولون قدر الإمكان تغليط الرأي العام الدولي بالأخبار الزائفة التي لا أساس لها من الصحة ، وذلك بفعل استخدام الوسائل الشرعية وغير الشرعية لتوريط المغرب في مشاكل وخلافات مع بعض الدول ووضع تقارير في عرقلة مسيرته التنموية  وعدم مسايرة بعض قادة الأوروبيون وملائمة أنظمتهم السياسية التي تعيش على الماضي لهذه التطورات والتحولات الجيو الإستراتيجية والمتغيرات الجيو السياسية المتواجدة في الساحة الدولية عموما و الإقليمية تحديدا.[5]

المبحث الثاني:آفاق الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021

لا أحد يجادل في أن دور الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021 يتجلى أساسا في تحديث الدولة المغربية من خلال إنتاخ نخب مؤهلة قادر على استحضار الإختلالات الجوهرية للاقتصاد الوطني والتداعيات الصحية والتحديات الاجتماعية التي مازلت إلى حدود الساعة يعاني منها شريحة كبيرة من المغاربة  على الرغم من تعاقب الحكومات وتراكم أوراش الحماية الاجتماعية.

وتبعا لذلك ، سوف نتطرق إلى سياق تنزيل التقرير العام من طرف لجنة النموذج التنموي  الجديد في المطلب الأول  و التحديات التنموية في أفق النموذج التنموي الجديد لعام 2035 في المطلب الثاني.

المطلب الأول:سياق تنزيل التقرير العام من طرف لجنة النموذج التنموي  الجديد

لاشك أن السياق الذي يعرفه المغرب إزاء التطورات الميدانية المتسارعة والتحولات الجيو الاستراتيجية والجيو السياسية والتداعيات الصحية لأزمة كوفيد 19 وحجم التحديات التنموية ، جعلت من المغرب أن يقدم على خطوات طموحة وشجاعة في التفكير في إعداد نموذج تنموي جديد يحد من المشاكل والاختلالات البنيوية للاقتصاد الوطني، سواء تعلق الأمر بإنتاج نخب وكفاءات وطاقات مؤهلة لرفع مستوى الرهانات الآنية والمستقبلية لبناء مغرب الغد.

كما أن الوضع الديمقراطي والتنموي والحقوقي الحالي يتطلب من الجميع استحضار اليقظة والمواكبة لمختلف تطورات التوجه الاستراتجي والسياسي للدولة المغرية من خلال آلية دمقرطة مؤسسات الدولة والمجتمع والتنسيق المستمر لجميع القوى الحية للأمة في أفق تحقيق نتائج ملموسة ومرضية وشافية لكل المغاربة في الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية لسنة 2021 ، بما في ذلك القطاعات الإنتاجية  وتحديث ورش الجهوية المتقدمة التي هي آلية لتغيير طريقة الاشتغال والعمل داخل هياكل الدولة المغربية ، وذلك بما يتناسب ويتكامل مع أهداف وروية النموذج التنموي الجديد وضمان مرتكزات التنمية المستدامة.[6]

 

المطلب الثاني: التحديات التنموية في أفق النموذج التنموي الجديد لعام 2035

بالموازاة مع محاولات أعداء الوحدة الترابية، فإن المغرب مقبل على استحقاقات ملحة بشأن الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية بتاريخ 8 شتنبر 2021  والتي تتزامن مع مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات في إطار تنزيل النموذج التنموي وتفعيل الميثاق الوطني من أجل التنمية. على ضوء التقرير العام الذي قدمته لجنة النموذج التنموي الجديد بتاريخ ، حيث أن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية ، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن.، وهذا ما أكده العاهل المغربي الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة الذي بين للعالم أن الدولة المغربية تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية، وهذا هو سلاح للمغرب للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات.[7]

 

الخاتمة

وتأسيسا على ماسبق ، يتضح أنه في خضم  التطورات الميدانية التي تعيشها المملكة المغربية اليوم على ضوء  احترام الالتزامات الدستورية بشأن انتظام الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية  الذي يشكل عمق الممارسة الديمقراطية ونضج البناء الديمقراطي لما راكم المغرب من الخبرة والتجربة وتعزيزا لمضامين التقرير العام  الذي أعدته لجنة النموذج التنموي الجديد يوم الثلاثاء 25 ماي 2021 الذي أكد على ضرورة مواكبة  القوى الحية للأمة  لهذه الأرواش الإصلاحية الكبرى من أجل تصويب المعيقات  وتجديد النموذج التنموي الجديد نتيجة فشل خيارات سياسية منذ حصول المغرب على الاستقلال وإلى حدود الساعة، حيث يجب على جميع الفعاليات المجتمعية الأخذ بعين الاعتبار والحسبان التدابير التالية:

-ضرورة وجود الرؤية الإستراتيجية المندمجة والشاملة على مدى البعيد يتبناها كافة المتدخلين في مجال السياسات العمومية.

-الحث على الانسجام سواء على مستوى تصور الإصلاحات وتنفيذها أو على مستوى تتنزيل السياسات العمومية وتطبيقها من خلال غياب مرجعية مشتركة وبدون تنسيق بين الفاعلين، مما لا يساعد على تحديد الأولويات والأخذ بعين الاعتبار الموارد المتاحة والقدرات الحقيقة للفاعلين.

-الإسراع في  دينامية التحول الهيكلي للاقتصاد المغربي نتيجة انفتاح المحدود على الفاعلين الجدد الأكثر إبداعا وتنافسية وبإمكانهم الاستثمار في قطاعات  قادرة  على خلق الثروة ومناصب الشغل،  حيث يعزى ذلك أساسا إلى ضعف الضبط والتقنين وهيمنة منطق الريع في بعض القطاعات في ظل وجود نظام دعم عمومي يغذي ذلك.

-الحث على التنافسية الاقتصاد الوطني  جراء التكلفة المرتفعة لعوامل الإنتاج.

-تقوية القدرات المحدودة للقطاع العام  في صياغة وتفعيل الخدمات العمومية  ذات جودة وسهلة الولوج خصوصا في قطاعات مهمة  تمس الحياة اليومية للمواطن وذلك يعزى إلى ضعف روح المبادرة وسيادة ثقافة الامتثال والمطابقة  والتركيز على الموارد بدل إبلاء الأولوية لمنطق جودة الأداء والنتائج داخل الإدارة العمومية

– الشعور بالحماية القضائية وقدرتها على توقع النصوص القانونية والتي تترك مجالا واسعا للتأويل وضعف منسوب الثقة في بعض المؤسسات وعبء البيروقراطية، مما يكبح المشاركة ويحد من المبادرة.[8]

 

لائحة المراجع:

  • الخطب الملكية
  • الخطاب الملكي السامي بمناسبة خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب المؤرخ في 20 غشت 2021.
  • الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 31 يوليوز 2021.
  • الوثائق الرسمية
  • بيان رئاسة الدولة الجزائرية بشأن الأعمال العدائية المتكررة للمغرب ضد الجزائر المؤرخ في 18غشت 2021.
  • التقرير العام الذي أعدته لجنة النموذج التنموي يوم الثلاثاء 25 ماي 2021.
  • البرامج التليفزيونية

Ø     مداخلة أحمد مفيد،  خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب ، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 20 غشت 2021.

Ø     مداخلة محمد تاج الدين الحسيني، خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب ، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 20 غشت 2021.

  • ميلود بلقاضي، قراءة في خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب المؤرخة في 20 غشت 2021، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 21 غشت 2021.
  • مداخلة عبد العزيز القراقي، مضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 68 لثورة الملك والشعب، مشاركة في برنامج دوزيم ، يوم 21 غشت 2021.

Ø     مداخلة عبد الفتاح نعوم، الجزائر تتهم المغرب بتنفيذ أعمال عدائية ضدها.. هل تتجه العلاقات للقطيعة؟،مشاركة في برنامج إسأل أكثر RT  العربية، يوم 18 غشت 2021.

 

الإحالات:

[1] مداخلة محمد تاج الدين الحسيني، خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب ، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 20 غشت 2021.

[2] مداخلة عبد الفتاح نعوم، الجزائر تتهم المغرب بتنفيذ أعمال عدائية ضدها.. هل تتجه العلاقات للقطيعة؟،مشاركة في برنامج إسأل أكثر RT  العربية، يوم 18 غشت 2021.

[3] الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 31 يوليوز 2021.

[4] مداخلة أحمد مفيد،  خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب ، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 20 غشت 2021.

[5] الخطاب الملكي السامي بمناسبة خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب المؤرخ في 20 غشت 2021.

[6] ميلود بلقاضي، قراءة في خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب المؤرخة في 20 غشت 2021، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 21 غشت 2021.

[7] مداخلة عبد العزيز الروماني، خطاب ذكرى ل68 بمناسبة ثورة الملك والشعب ، مشاركة في برنامج قناة ميدي 1 تيفي، يوم 20 غشت 2021. وللمزيد من التوضيح راجع مداخلة عبد العزيز القراقي، مضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 68 لثورة الملك والشعب، مشاركة في برنامج دوزيم ، يوم 21 غشت 2021.

[8] التقرير العام الذي أعدته لجنة النموذج التنموي يوم الثلاثاء 25 ماي 2021.

قد يعجبك ايضا