الحماية القانونية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على ضوء التشريع المغربي

المعلومة القانونية

*ذة/ نهاد أفقيرباحثة بسلك الدكتوراه قانون خاص، بكلية العلوم القانونية و السياسية، سطات، جامعة الحسن الأول.      أصبحت الموارد البشرية تحتل مركزا مهما في العالم المعاصر، وذلك باعتبارها عنصرا من عناصر التنمية، إذ تعتبر بمثابة استثمار مربح للغاية باعتبار أن كل النجاحات والإنجازات تعود إلى الجهد البشري في المقام الأول. وعلى هذا الأساس شهدت المملكة المغربية تطورا نوعيا في المجال الحقوقي لفائدة جميع فئات المجتمع منذ بداية التسعينات، في ظل تحولات دولية جديدة وما استجد معها من تحديات ورهانات على عدة مستويات. كما دخل المغرب في مسارات قطاعية متعددة من أجل إعمال حقوق الإنسان وحمايتها، عبر مسلسل تدريجي متنوع الأشكال والمجالات،  سواء على المستويات الدستورية والتشريعية والسياسية أو القانونية والتربوية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بثقافتها، ومن ضمنها ما يتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.   من خلال اعتماد مجموعة من الإجراءات الخدماتية التي ترمي إلى تسهيل إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة ومشاركتهم في شتى المجالات الحياتية. فمن المؤكد أن ما قطعته المملكة المغربية منذ الاستقلال إلى الآن في مجال إرساء دعائم دولة المؤسسات، مكن المغرب من التوفر على مختلف البنيات والآليات التي تؤشر على نضج الجانب المؤسساتي لدولة الحق والقانون.

و على هذا الأساس ، صادقت المملكة المغربية على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها في 14 أبريل 2009، بحيث تشكل هذه الاتفاقية ميثاقا كونيا لحقوق الإنسان. وذلك من أجل  رفع الحيف والضرر الذي يمس فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ببلادنا.  إذ بعد مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة التزم بترسيخ مسلسل المشاركة الاجتماعية للأشخاص في وضعية إعاقة وعلى وجه الخصوص في ما يتعلق بتأهيل هؤلاء الفئات وتحضيرهم للانخراط في سوق الشغل  .ونظرا لأهمية هذه الفئة تم تخصيص يوم 30 مارس كيوم وطني للأشخاص في وضعية إعاقة . كما حظيت مسألة إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق الشغل باهتمام كافة المتدخلين في الشأن الحقوقي بالمغرب. بل شرع المغرب في دسترتها وجعلها في مصاف الحقوق الدستورية التي تعمل الجهات الحقوقية في المغرب على تكريسها. وانطلاقا من هذه التوطئة ، يمكننا أن نتساءل عن:

 إلى أي حد  استطاع المشرع المغربي حماية الأشخاص في وضعية إعاقة ؟ ما مدى فعالية النصوص القانونية الوطنية في تكريس هذه  الحماية؟ ما هي الحقوق المخولة لهذه الفئة؟ ما هو الإطار القانوني المنظم لذلك؟

للإجابة عن هذه التساؤلات، سنعمل على التطرق لهذا الموضوع من خلال تقسيمه إلى محورين، حيث سنتناول في المحور الأول للإطار التشريعي المنظم لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة، على أن  ننتقل في المحور الثاني  للحديث عن الضمانات  الحقوقية الممنوحة لهم.

المحور الأول: الإطار التشريعي للأشخاص في وضعية إعاقة.

جاء المشرع المغربي  بقوانين خاصة للأشخاص في وضعية إعاقة نذكر منها بالخصوص:

  • الدستور: فعندما نتحدث عن الجانب القانوني المؤطر لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة، فإننا بالدرجة الأولى نتحدث عن دستور بلادنا وما أفرد له من فصول تخص هذه الفئة، خصوصا وأن دستور 2011 جاء بفصل كامل عن الحقوق والحريات بالإضافة إلى تنصيصه على هيئات ومجالس مؤطرة للفئة المتكلم عليها.لذلك تم التنصيص في بنود ومواد الدستور المغربي على ضمان استفادة كافة المواطنين، بما فيهم الأشخاص في وضعية إعاقة من كل الضمانات والحقوق التي تم إقرارها في المادة 31. كما نص الفصل 34 من الدستور على أنه : «تقوم السلطات العمومية بوضع و تفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولهذا الغرض تسهر خصوصا على معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء و الأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها، وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وبتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع. كما أن الفصل 19 من الدستور ينص على أنه  «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية. كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.و على هذا الأساس فإن الوثيقة الدستورية تقوم على المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين بمن فيهم من هم في وضعية إعاقة وهم على قدم المساواة في جميع الحقوق.
  • مدونة الأسرة: جاءت مدونة الأسرة بمجموعة من المستجدات في ما يخص الأشخاص في وضعية إعاقة نذكر منها المادة 23 والمتعلق بزواج المصاب بإعاقة ذهنية ذكرا أم أنثى بعد تقديم تقرير حول حالة الإعاقة من طرف طبيب حيث أقرت مدونة الأسرة مقتضى خاصا ً لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، صلاحية الإذن بزواج المصاب بإعاقة ذهنية ذكرا ً كان أم أنثى، ولنجاح مؤسسة الزواج وضمان كافة أفرادها، ألزم المشرع المغربي ضرورة توفر الإذن بالزواج في حالة زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية، كأحد مكونات ملف عقد الزواج. كما تجدر الإشارة إلى  تقييد الأهلية القانونية في حالة الإعاقة الذهنية؛ فحسب منطوق المادة 213 من القانون 03-70 ، المتعلق بمدونة الأسرة الصادر بتاريخ 3 فبراير 2004، يعتبر ناقص أهلية الأداء كل من الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد، والسفيه، والمعتوه. وتعرف المادة 216 من نفس القانون، المعتوه بأنه الشخص المصاب بإعاقة ذهنية، لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته. وعلى مستوى التطبيق، يتجه العمل القضائي نحو إعمال حق الشخص في وضعية إعاقة ذهنية في الزواج، متى تبين للقاضي، بناء على الخبرة الطبية أو استنادا إلى سلطته التقديرية، الفائدة الصحية أو المجتمعية للزواج بالنسبة للمعاق ذهنيا . غير أنه بمقتضى المادة 218، يحق للمحجور بسبب إصابته بإعاقة ذهنية، أن يطلب من المحكمة رفع الحجر عنه، إذا لمس من نفسه الرشد. كما يحق ذلك لنائبه الشرعي.وبالنسبة لإدارة الشؤون المالية الخاصة، إذا ثبت طبيا قصور الشخص ذو الإعاقة عن تدبير شؤونه ورعاية مصالحه، عين له وصي تحت مراقبة القضاء. وعموما ً ، فقد تم تنظيم هذا الجانب بموجب مقتضيات الكتاب الرابع من مدونة الأسرة، المتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية في المواد من 206 إلى 276. كما اعتبرت المادة 54، أن من واجبات الآباء تجاه أبنائهم، اتخاذ كافة التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية والعناية بصحتهم وقاية وعلاجا ً ؛ بل إن الطفل المصاب بإعاقة يتمتع إضافة إلى الحقوق المنصوص عليها في هذه المادة، بالحق في الرعاية الخاصة بحالته ولا سيما التعليم والتأهيل المناسبان لإعاقته قصد تسهيل إدماجه في المجتمع.

أما في ما يخص النفقة، فقد نصت المادة 198 من مدونة الأسرة، على أن إنفاق الأب على أولاده المصابين بإعاقة والعاجزين عن الكسب تستمر، استثناءا من قاعدة توقف هذا الحق ببلوغ الطفل سن الرشد أو إتمامه لـ 25 سنة، بالنسبة لمن يتابع دراسته، أو بوجوب نفقة البنت على زوجها.

  • القانون رقم 05.81 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر:يدخل في حكم الكفيف، تطبيقا لهذا القانون، من لا تتجاوز درجة إبصاره نصف عشر البصر العادي أو لا يستطيع تمييز الأصابع على بعد متر ونصف أو يكون مجال بصره لا يفوق 10 دقائق من كل جهة بالنسبة للنقطة المركزية على أن لا تتعدى درجة إبصاره ثلاثة أعشار البصر العادي. ويستفيد الأجانب المقيمون بالمغرب من الرعاية المنصوص عليها في الفقرتين الرابعة والخامسة من الفصل الرابع من هذا القانون بشرط أن تكون بين المغرب والبلد الذي يحملون جنسيته اتفاقية تنص على أن المكفوفين ومن في حكمهم من رعايا كلا البلدين يتمتعون في تراب الطرف الآخر بالامتيازات المخولة لهذه الفئة من رعاياه.
  • القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة: الذي تم استصدراه سنة 2016، فهو يهدف إلى تطوير الترسانة القانونية الوطنية بالنسبة للأشخاص الأشخاص في وضعية إعاقة وهو في توافق تام مع مقتضيات الدستور وفي احترام لمبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد تميز مسار إعداده باعتماد مقاربة تشاركية حيث ساهمت مختلف القطاعات الحكومية وكذا جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة في بلورة مقتضياته.
  • مجموعة القانون الجنائي: يتوافق التشريع المغربي في جوهره وفي أحكامه، مع ما كرسته اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في المادة 5 المتعلقة بمبدأ المساواة وعدم التمييز على النحو المعلن في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من خلال تشديد المشرع في الوثيقة الدستورية وفي مجموعة القانون الجنائي، على حظر التمييز والمعاقبة عليه، وضمان تكافؤ الفرص بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم من الأشخاص، والنهوض بهم وحمايتهم من أي شكل من أشكال التمييز. حيث أقر المشرع المغربي المساواة وعدم التمييز بين الأشخاص ذوي الإعاقة والغير، في الاستعانة بالقانون وتوفير الحماية القانونية، من خلال تعريف التمييز في الفصل 1-431 من مجموعة القانون الجنائي على أنه: “تكون تمييزا ً كل تفرقة بين الأشخاص الطبيعيين بسبب الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي أو اللون أو الجنس أو الوضعية العائلية أو الحالة الصحية أو الإعاقة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي، أو بسبب الانتماء أو عـدم الانتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو لأمـة أو لسلالة أو لدين معيـن. ويعاقب عليه حسب الفصل 2-431، بالحبس من شهر إلى سنتين، وبالغرامة من ألف ومائتين إلى خمسين ألف درهم.

المحور الثاني : الضمانات الحقوقية للأشخاص في وضعية إعاقة.

يتمتع الأشخاص في وضعية إعاقة بمجموعة من الحقوق أهمها :

  • الحق في الحياة:

يعتبر الحق في الحياة هو أول الحقوق الممنوحة  لكل إنسان، وذلك حسب مقتضيات الفصل 20 من الدستور و فصول أخرى من القانون الجنائي كالفصل 392، 393، 396، 397، 409، 432، 461 وغيرها،كما شدد المشرع العقوبات بهذا الخصوص إذا كانت الضحية شخصا في وضعية إعاقة. ويضمن المشرع كذلك هذا الحق، بالنسبة للجنين سواء ظهرت إعاقته أو لا، حيث يتمتع هو الآخر بحماية حقه في الحياة، ولا تشكل الإعاقة مبررا لوضع حد له، أي إسقاطه عن طريق الإجهاض، إلا إذا أقر الأطباء بتهديد الحالة الصحية للأم.

  • الحق في إمكانية اللجوء إلى القضاء:

يعتبر اللجوء إلى القضاء حقا ً مكفولا ً لجميع المواطنين أيا ً كان وضعهم الاجتماعي أو المادي أو الصحي، بل وحتى الأجانب القاطنين بالمملكة. حيث نص الدستور بشكل صريح على الحق في التقاضي، كما ضمن الفصل  120 الحق لكل شخص في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول.

وتماشيا مع الالتزامات الدولية من أجل تعزيز الحماية للأشخاص ذوي الإعاقة، تمت الدعوة إلى ضرورة توخي الدقة والحرص في التطبيق السليم لنصوص القانون بالنسبة للقضايا التي يكون أحد أطرافها شخصا ذو إعاقة (ضحية كان أم جانيا أم شاهدا ً). وفي حالة ما إذا كان الشخص ضحية الفعل الجرمي شخصا في وضعية إعاقة (جسديا أو ذهنيا ً)، فإن للمحكمة أن تعتبره ظرف تشديد في حق مرتكب الفعل الجرمي. وفي حالة ما إذا كان مرتكب الفعل الجرمي شخصا ذو إعاقة، تأخذ المحكمة في تطبيقها للقانون الجنائي بمقتضيات الفرع الثاني من الباب الثاني الخاص بالمسؤولية الجنائية،  وذلك اعتبارا لانعدام أو لنقصان وعيه أو إدراكه.

كما أقر القانون الجنائي المغربي، ترتيبات لضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في نظام العدالة، نذكر منها ما الفقرة الأولى من الفصل 121 من القانون الجنائي حيث : “توجه الأسئلة وترد الأجوبة عنها كتابة إذا كان الشاهد أصما أو أبكما ؛ فإذا كان لا يعرف الكتابة، يساعده شخص اعتاد التحدث معه”. كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة 123 من نفس القانون، على أنه لا يعد سببا للبطلان أداء اليمين من شخص معفى منها أو فاقد الأهلية أو محروم من أداء الشهادة.، وتقر المادة 316 من قانون المسطرة الجنائية بأن تكون مؤازرة المحامي إلزامية أيضا ً في القضايا التي يكون فيها المتهم حدثا ًيقل عمره عن ثمانية عشر عاما ً، أو أبكما ، أو أعمى، أو مصابا بأية عاهة أخرى من شأنها الإخلال بحقه في الدفاع عن نفسه.لذلك أكدت المسطرة الجنائية، على أنه لا يجوز للأشخاص الذين ليست لهم أهلية ممارسة حقوقهم المدنية، أن يقيموا الدعوى المدنية، إلا بإذن من ممثلهم القانوني أو بمساعدته”. وفي إطار ضمان حماية خاصة لهذه الفئة، تم إرساء مبدأ التمييز الإيجابي ضمن مراجعة مقتضيات المرسوم الملكي بمثابة قانون، المتعلق بالمساعدة القضائية، وذلك بإدراج الأشخاص ذوي الإعاقة، ضمن الفئات المستفيدة من المساعدة القانونية والقضائية بالنظر لوضعيتها الصحية الخاصة.

  • الحق في الصحة

ينص القانون رقم 92-07 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، على ضرورة تمكين هذه الفئة من الاستفادة من مجموعة من الحقوق والتسهيلات. كما ينص على أن الوقاية من الإعاقة وتشخيصها وعلاجها وتربية المعاق وتعليمه وتكوينه وتأهيله وإدماجه في المجتمع مسؤولية وواجب وطني. وتشمل الوقاية حسب هذا القانون، جميع التدابير المادية والمعنوية، كالتوجيهات الصحية والبدنية وتلقيح الأطفال والأمهات، والوقاية من الحوادث، والاهتمام بالبيئة، وكل ما من شأنه أن يجنب المواطن المغربي الأسباب المؤدية للإعـــاقة (المادة 7). وتعمل الدولة على تكوين الأطر الطبية وشبه الطبية والمربين المختصين، على توفير وسائل إعادة التكييف والتأهيل البدني. كما تعمل الدولة والجماعات المحلية، في حدود الإمكانيات المتاحة، على إحداث مراكز العلاج الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة .

ومن أجل بلورة التزام الدولة وتكريس مبدأ الحق في الصحة،يأتي القانون رقم 00-65 في مقدمة المرجعيات في مجال التغطية الصحية وتعزيز الحقوق المكتسبة من لدن المواطنين المستفيدين من تأمين صحي بخصوص فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أن نظام التأمين الاجتماعي الساري بالمغرب يكفل لهم حقوقا تأمينية، حيث تنص المادتين 5 و116 من القانون رقم 00-65، المتعلق بالتغطية الصحية الإجبارية الأساسية، من استفادة أولاد المؤمن له المعاقون جسديا أو ذهنيا ، والأطفال المتكفل بهم الموجودون في نفس الوضعية والذين يستحيل عليهم القيام بصورة كلية دائمة ونهائية، بمزاولة أي نشاط مأجور، من نظام التأمين الإجباري عن المرض دون أي تحديد للسن. وتشكل الوقاية أهم وأنجع وسيلة تعتمدها وزارة الصحة في نطاق ممارسة مهامها، بهدف الحد من تزايد نسبة الإعاقة ببلادنا. ومن ضمن الأنشطة والخدمات الصحية الوقائية التي تقدمها الوزارة في هذا المجال لفائدة النساء والأطفال بالمناطق الحضرية والقروية، نذكر:

  • تتبع صحة الأم خلال فترة الحمل، عن طريق فحوصات طبية وشبه طبية وتحاليل، من أجل التعرف المبكر على بعض الأمراض التي قد تؤدي إلى الإعاقة عند الجنين.
  • إجراء العمليات القيصرية في الحالات الضرورية، وذلك لتفادي الحالات المستعصية التي قد تترتب عنها بعض الإعاقات بالنسبة للمولود كالإعاقة الذهنية؛
  • تتبع صحة الطفل، ما بعد الولادة، وخلال الأعوام الأولى من الطفولة؛
  • توعية المواطنين، وخاصة النساء الحوامل، بضرورة تتبع حالتهم الصحية أثناء الحمل، وكذا حالة أطفالهن بعد الولادة؛
  • تلقيح الأطفال ضد الأمراض الفتاكة.
  • الحق في العمل:

ضمن القانون 92-07 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين في مادته 17 حق هؤلاء الأشخاص في التشغيل والتوظيف، وذلك بنصه على أنه لا يمكن أن تكون الإعاقة سببا في حرمان مواطن من الحصول على شغل في القطاع العام أو الخاص. وتنفيذا ً للقانون 92-07 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، وللمرسوم رقم 218-97-2 الصادر بتاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر 1997 تم إصدار قرار للسيد الوزير الأول تحت رقم 00-130-3 بتاريخ 10 تموز/يوليه 2000 يحدد قائمة المناصب الممكن إسنادها إلى الأشخاص في وضعية إعاقة ب الأولوية وكذا النسبة المئوية لهذه المناصب بإدارات الدولة والهيئات التابعة لها حددت هذه النسبة في 7 في المائة. وقد أردف هذا القرار بمذكرة مؤرخة ب ‍  12 شباط/فبراير 2002 للسيد رئيس الحكومة توضح مسطرة وكيفية تطبيق هذه النسبة تطبيقا سليما وفعالا من قبل القطاعات المشغلة. وقد تعزز مسار كفالة حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الشغل، بمنشور رئيس الحكومة رقم 2012-14 بتاريخ 19 حزيران/يونيه 2012، المتعلق بتدبير مباريات التوظيف في المناصب العمومية، والذي يحث من خلاله على ضمان تطبيق فعلي وسليم لتخصيص 7 في المائة .

و فيما يخص تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة وحمايتهــم فإن المواد من 166 إلى 169 تنص على أنه :

  • يحتفظ كل أجير أصبح معاقا لسبب من الأسباب بمنصب شغله ويسند إليه شغل يلائم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله، إلا إذا تعذر ذلك لحدة الإعاقة أو لطبيعة الشغل، وذلك بعد أخذ رأي طبيب الشغل أو لجنة السلامة وحفظ الصحة؛
  • يمنع تشغيل الأجراء في وضعية إعاقة في أشغال قد تعرضهم لأضرار، أو تزيد من حدة إعاقتهم؛
  • يجب على المشغل، أن يعرض على الفحص الطبي، الأجراء في وضعية إعاقة الذين ينوي تشغيلهم. ويجري طبيب الشغل هذا الفحص بصفة دورية بعد كل سنة من الشغل؛
  • يجب على المشغل أن يجهز أماكن الشغل بالولوجيات اللازمة لتسهيل قيام الأجراء في وضعية إعاقة بعملهم، وأن يحرص على توفير كل شروط الوقاية الصحية والسلامة المهنية لهؤلاء الأجراء.

وفي حالة مخالفة المشغل للأحكام المنصوص عليها في المواد أعلاه، فإنه يعاقب طبقا للمادة 171 بغرامة من 000 2 إلى 000 5 درهم عن مخالفة أحكام المواد من 166 إلى 169.أما فيما يخص تدابير العمل الإيجابي والفعال لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل النظامية، فقد تناولته مدونة الشغل في مادتها 509، التي تلزم المشغل بتشغيل أجراء من معطوبي الحرب، أو الشغل، أو ممن خولوا صفة مقاومين، وكذا من قدماء المحاربين، إذا طلب الع ون المكلف بتفتيش الشغل تشغيلهم. غير أن المشغل لا يكون ملزما بتشغيل نسبة من الأجراء المنتمين إلى تلك الفئات تفوق عشر عدد الأجراء الدائمين.

وتطبيقا للقانون 81-05 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر، وخاصة الفقرة الأولى من الفصل الرابع منه المتعلقة بالتربية والتأهيل، تم إحداث مركز لتأهيل المكفوفين وضعاف البصر بتمارة، وذلك في إطار الاتفاقية المبرمة مع المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بالمغرب وعمالة الصخيرات تمارة. ويهدف هذا المركز إلى تأهيل وتحسين المستوى الدراسي للمكفوفين وضعاف البصر لولوج مراكز التكوين المهني، وكذا استكمال التعليم في اللغات الأجنبية وطريقة “برايل” وفي الإعلاميات. وقد انطلق التكوين التمهيدي لهذا المركز خلال شهر ماي 2007 في شعبة الترويض الطبي، حيث يتلقى الطلبة المكفوفون وضعاف البصر برنامجا ً تكوينيا ً خاصا ً ، يهدف إلى رفع مستواهم وتأهيلهم قصد تمكينهم من متابعة التكوين بمعهد تكوين الأطر في الميدان الصحي. وتشرف وزارة الصحة على هذا التكوين، وذلك في إطار اتفاقية شراكة مبرمة بين هذه الأخيرة وبين قطاع التكوين المهني والمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين. ومنذ انطلاق هذا البرنامج تمكن عدد من المتدربين ضعاف البصر، من الالتحاق بهذا المعهد، وذلك بعد اجتياز مباراة الدخول والاستفادة من التكوين التمهيدي بمركز  تمارة.كما  تم إنجاز دورات تكوينية في مجال الإعاقة، لفائدة المكونين ومستشاري التوجيه بمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وذلك تفعيلا للاتفاقية المبرمة مع وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، من أجل تكوين الأشخاص في وضعية إعاقة.

خاتمة:

وصفوة القول، نجد أن مجمل الحقوق التي كرسها المشرع المغربي لصالح فئة الأشخاص في وضعية إعاقة تمثل فقط جزءا من التكفل والاهتمام الذي يقع على عاتق السلطات العمومية وكل أفراد المجتمع لأن تحقيق هذه الحقوق يتطلب وعي ومرونة وتسهيلات اتجاه هذه الفئة لإعادة بعث الأمل في نفوس هؤلاء وإدماجهم في الحياة العامة.بالرغم من التحولات التي يعرفها المجال ، فإن النتائج التي تم تحقيقها لا ترقى إلى مستوى طموح المغرب . ويعود ذلك بالأساس إلى غياب سياسة عمومية واضحة وغياب خطة عمل حكومية تشمل برامج ومؤشرات وجدولة زمنية للتنفيذ مع تحديد المسؤوليات ورصد الإمكانيات المالية والبشرية واعتماد آليات التتبع والتقييم. كما أن واقع تشغيل المعاق ككل ما زال لم يبرح مكانه، حيث نجد أن المشرع المغربي رغم انه نص على تخصيص نسبة 7 بالمائة لهؤلاء كنسبة قارة في الوظيفة العمومية إلا انه ربط هذه النسبة بامتلاك بطاقة شخص معاق، ولم يربطها بمسألة إدماج هؤلاء الأشخاص في مسألة التنمية. ونحن نعرف الصعوبات التي يتعرض لها الأشخاص في وضعية إعاقة للحصول على هذه البطاقة.

وفي الأخير، لابد من  التطرق لمجموعة الاقتراحات من أجل تجاوز الصعوبات التي يعاني منها الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى التشريع المغربي من أجل أن تساهم في الرفع من مستوى الحماية المقدمة لهذه الفئة، من خلال:

  • فتح مدارس خاصة بالصم وضعيفي السمع .
  • العمل على نشر لغة الإشارات في المرافق العمومية.
  • خلق تكوين مستمر للأساتذة ووضع آليات تمكنھم من تعديل المنھاج أو تكييف مخطط الحصة الدراسية ليتسنى لھم تكوين الأطفال الصم أو ضعيفي السمع.
  • توفير مداخل و ممرات خاصة للأشخاص ذوي  الاحتياجات الخاصة، تطبيقا لما جاءت به القوانين الوطنية و تفعيلا للاتفاقيات الدولية.
  • تمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من ممارسة حقهم في الحياة بشكل طبيعي ودون عراقيل تهم مثلاً الولوجيات.
  • مراجعة الترسانة القانونية المنظمة لمجال الصحة والإعاقة وخاصة المرتبطة بالتغطية الصحية.
  • وضع نظام جديد لتقييم الإعاقة ينبني على المفهوم الحديث للإعاقة ويأخذ بعين الاعتبار عوامل المشاركة الاجتماعية.
  • تحسين الموارد المالية المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة في الميزانية القطاعية لوزارة الصحة.
  • اعتماد المقاربة الحقوقية والإطار المفاهيمي في جميع السياسات المتعلقة بإشكالية الإعاقة؛
  • وضع التدابير الزجرية، بما فيها الجنائية، من أجل محاربة التمييز على أساس الإعاقة والعبارات الجارحة وغير اللائقة وكذا المعاملات القاسية و اللإنسانية أو المهينة التي تمس كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة.

قد يعجبك ايضا