دور المجتمع المدني في حماية المال العام وآليات التصدي للفساد بالمغرب

المعلومة القانونية

✍🏻سمية بومروان

  • باحثة في القانون العام والعلوم السياسية.

أن حماية المال العام في المغرب تستدعي نشر الوعي الثقافي والسوسيولوجي بالمبادئ القانونية والقيم الأخلاقية لحماية وترشيد المال العام كواجب وطني وديني نحو أموال الأمة المغربية، وعلى هذا الأساس فالفاعل في الأحزاب السياسية والجمعيات ذات النفع العام هو معني بشكل مباشر بإعمال الشفافية والمحاسبة وترشيد دعم الدولة والحد من إهدار المال العام، وهي دعوة للمجلس الأعلى للحسابات لإعمال الإفتحاص المالي لمواجهة تمظهرات سلوكيات الفساد المالي داخل بعضها، بالتوعية والإعلام، لفضح الفساد والتحسيس بخطورة الرشوة ونشرالتربية على المواطنة وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى دمج قيم ثقافية جديدة تندرج في إطار الثقافة والمواكبة للتدبير المالي المحلي، وذلك في علاقة متلازمة مع المحاسبة والنزاهة واحترام ضوابط العمل الجدي يكون أساسه سيادة القانون واحترامه وإتباع نظام المراجعة المالية.

ولعل من ضمن هذه الآليات العمل على وضع آلية العمل المشترك من خلال توفير الأدوات و تقديم مخططات يكون فيها عنصر التنمية حاضرا بشكل قوي مع جعل المصلحة العامة والمال العام في خدمة الساكنة المحلية والمستهدفة بهذه المخططات.

* التحسيس والتوعية

*دور الإعلام في فضح الفساد

*دور المجتمع المدني في التحسيس والإفراج

*التربية على المواطنة وحقوق الإنسان

*تسيد القانون وإصلاح المؤسسات

*فرض احترام القانون على الجميع

* إصلاح القضاء، الأمن، نظام المراجعة المالية.

فالوعي بأهمية تطوير آليات مشاركة المجتمع المدني في تدبير الشأن المحلي يمكن أن تتمثل في تكثيف البرامج المتعلقة بمحاربة الفساد والرشوة، خصوصا بعد الدورالكبير الذي أناطه الدستور لمنظمات المجتمع المدني للقيام به، ومن أجل ضمان فعالية هذا الأخير فإنه أصبح لازما وبالضرورة بمكان برد الإعتبارللمجتمع المدني في تخليق الحياة العامة والمشاركة في السياسات العمومية، وضرورة بناء تواصل وتعاون مثمر بين منظمات المجتمع المدني في خلق إطار قانوني للتصدي لكل العابثين والمتربصين بالمال العام، بالإضافة إلى دعوة المجالس المنتخبة من أجل إتاحة الفرصة لمنظمات المجتمع المدني من أجل إشراكها في برامجها التنموية والثقافية والإقتصادية تفعيلا وتنزيلا لمقتضيات الفصل 12 من الدستور المغربي.

وتجدرالإشارة إلى ضرورة تطويرإمكانية المجتمع المدني وتشجيعها على الخلق والإبداع لتكون في مستوى تطلعات الساكنة المحلية لترافع عن قضاياها وجعل المال العام المحلي في صلب اهتماماتها ومراقبة البرامج التنموية والمبالغ المرصودة لها وذلك بالإنخراط الإيجابي والفعال في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

غير أن ممارسة الجماعات الترابية لإختصاصاتها يفرض بالإضافة إلى توفر الموارد المالية، وجود الموارد البشرية حيث أن تدبيرالشأن العام المحلي من خلال مراقبة المجتمع المدني يتأثر بعقلية مسيريه، وبالأسلوب الذي ينتهجونه في ذلك.

ومن هذا المنظور، فإن تحقيق الأهداف المسطرة لبلوغ التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية يستدعي باستمرار بعض المؤهلات لأن للمنتخبين المحليين صلاحيات هامة ومتعددة ترتبط بكل مجالات التسيير المحلية دون إغفال دور الموظف العمومي المحلي باعتباره المنفذ لقرارات المجالس المحلية.

فمفهوم الجماعة الترابية أصبح يحدد إنطلاقا من البعد الإقتصادي الأمر الذي يتطلب تكريس ثقافة التدبير التي ترسى على مؤهلات وإمكانيات معينة لتساعدهم على ضمان التسيير الجديد للشأن المحلي لتحقيق المردودية المطلوبة وهو ما يتطلب مساهمة ومراقبة جمعيات المجتمع المدني في تأطير وتوعية وتكوين نخب قادرة على تسييرالشأن المحلي وتوعيتها بمخاطرالإخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم باعتبار الساكنة المحلية هي أول مراقب ومحكم في حالة وجود اختلالات على مستوى التسيير والتدبير.

وفي إطار المستجدات التي حملها الميثاق الجماعي وخصوصا المادة 36 منه إلى إلزامية إعداد المخططات الجماعية للتنمية بشكل تشاركي مع كل مكونات السكان، (رجال، نساء، أطفال ذوي الحاجات الخاصة……) مع الأخذ بعين الإعتبارمقاربة النوع الإجتماعي على أساس أن المخططات الجماعية للتنمية تحدد سياسات الجماعات الترابية في كل مجالات التعمير وتهيئة المجال العمومي والإقتصاد من خلال تصورشمولي للجماعة بأبعادها الترابية والبشرية والإقتصادية والإجتماعية، ذلك أن هذه المخططات الجماعية للتنمية سمحت بوضع تحليل دقيق للوضعية الراهنة وتصور مستقبلي من أجل تقليص الفجوات، وانطلاقا من أن المخطط الجماعي للتنمية يساهم في خلق دينامية حوار حول تدبير الشأن المحلي تجعل الساكنة والمجتمع المدني وكل المتداخلين في تدبير الشأن المحلي يتملكون المشاريع المبرمجة من لدن المجالس الجماعية.

في خضم هذا المخطط عملت جل الجماعات الترابية بالمغرب على إعداد مخططاتها الجماعية للتنمية رغم ما صاحبها من نقاش عمومي حول منهجية الإعداد والتنفيذ، والتقييم والتتبع، والذي أسفر حسب المتتبعين للشأن المحلي العام على مجموعة من الملاحظات يمكن إجمالها في ضعف انخراط الفاعلين المحليين في مسلسل الإعداد، مع عدم القدرة على إدماج مقاربة النوع الاجتماعي والمقاربة الحقوقية في مسلسل إعداد وتنفيذ هذه المخططات، بالإضافة إلى ضعف القدرة على تعبئة الموارد المالية. وعليه، فمن واجب المسئولين تدبير الشأن المحلي وحسب الدليل المعد من طرف المديرية العامة للجماعات الترابية، الوقوف لتقييم المرحلة، وذلك من أجل رصد نقط الضعف ونقط القوة وتحديد الاكراهات والمعيقات وكذا الفرص المتاحة سواء على المستوى التشريعي والمتمثلة أساسا في المستجدات التي جاء بها الدستور وبالأخص المواد12،13،14،15، 139على مستوى المشاريع التنموية المبرمجة من طرف المتداخلين في هذا المجال.

إن عملية التتبع والتقييم مرحلة أساسية في مسلسل إعداد المخططات الجماعية وتنفيذها وهي بمثابة خلاصة عملية التخطيط من خلال قياس درجة تحقيق الأهداف المسطرة بشكل فعلي مما يفسح المجال لتقييمه أو تعديله، عند الاقتضاء لكونه يتطلب تناسقا وتكاملا قي التدخلات خلال كل مرحلة من مراحل تطوره.

و للقيام بهذه العملية على الوجه المطلوب على الجماعات التوافر على نظام ملائم لجمع المعلومات وترقيمها وتصنيفها، بطريقة فعالة ومتواصلة في الزمن ومعالجتها وإيصالها.

فمسؤولية التتبع والتقييم تقع على عاتق رئيس المجلس الجماعي الذي يعد المسؤول الأول عن تفعيل المخطط الجماعي، وكذلك أعضاء المجلس الجماعي من خلال مطالبته رئيس المجلس الجماعي في الدورات بتقديم حصيلة المخطط الجماعي للتنمية، وسلطة الوصاية من خلال مراقبة احترام بنود الميزانية، وسكان الجماعة من خلال تنظيم لقاءات عمومية لمطالبة المجلس بتقديم الحصيلة أو تفعيل إنجاز المخطط الجماعي للتنمية خلال الولاية الانتدابية أو عند نهاية الولاية الانتدابية.

إن تخويل الرأي العام حق مراقبة وتتبع النشاط المالي المحلي ينسجم مع مبادئ الديمقراطية المحلية، ويعتبر من مبادئ وقواعد الحكامة، فمسؤولية المجلس المحلي في قراراته التي يتخذها، ومسؤولية الآمر بالصرف كجهاز تنفيذي، هي إما سياسية بالأساس أو ذات طابع سياسي يتعلق بآلياتها وهيئاتها.

وانطلاقا من ذلك تعتبر الهيئات أوالمنظمات المدنية وجمعيات المجتمع المدني من أهم الآليات التي يمكن من خلالها تحقيق تتبع منتظم وفاعل للتدبير المالي المحلي ولتدبير المشاريع التنموية بهدف ضمان ترشيد السياسات العمومية والمحلية.

وبهذا كان لابد من إعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة للجماعات المحلية وتأطير هذه الرقابة وتنظيمها لأن إيمان المواطن بأهمية التنمية المحلية وإحساسه بأنه ساهم في التفكير والتخطيط لها ومراقبة تنفيذها يدفعه إلى المساهمة المادية لتمويل تنفيذ خطة التنمية.

غير أنه في ظل الغموض الذي يكتنف بعض مضامين وآليات ومجالات الرقابة الشعبية يبقى العمل الرقابي نسبيا من حيث التأثير الفعلي على التدبير المالي المحلي، وهذا ما يجعل هذه الرقابة متكاملة مع الآليات الرقابية الأخرى وليست متكافئة لها، وبشكل خاص الرقابة القضائية التي يفترض فيها أن تكون ضامنة أكثر للإستقلال المالي للجماعات الترابية وفي نفس الوقت مدى احترامها للقواعد والضوابط المؤطرة للتدبير المالي المحلي.

قد يعجبك ايضا