إدارة الموارد البشرية بالامارات العربية المتحدة: مفهومها ومرتكزاتها

المعلومة القانونية

*فاطمة حسن عبد الله أهلي.

  • طالبة باحثة بسلك الدكتوراه تخصص إدارة أعمال
  • جامعة الحسن الثاني – الدارالبيضاء –

مقدمة:

بدون شك فقد تطورت إدارات الموارد البشرية بشكل كبير، وخاصة في المنظمات الكبيرة التي لديها القدرة والاطلاع الواسع على أحدث الدراسات في أهمية دور إدارات الموارد البشرية في نجاح المنظمة بشكل عام، وقد شكل دور الإدارة فارق كبير في الأداء وسمعة المنظمة على جميع المستويات، فأصبحت المنظمات التي تهتم بالمورد البشري من خلال تفعيل والاستثمار في أدوار الموارد البشرية تملك مؤشرات نجاح عديدة، وذلك من خلال قدرتها على استقطاب الكفاءات والحفاظ عليهم، توفير بيئة عمل محفزة للإبداع والإبتكار مما ساهم في تطوير العمليات وزيادة الإيرادات.

ويهدف هدا المقال إلى تسليط الضوء على جزئية بسيطة في هدا المجال الواسع والتي تتجلى في دراسة مفهوم ومرتكزات إدارة الموراد البشرية في دولة الإمارات العربية المتحدة ،فكيف نظر المشرع الاماراتي إلى هذا الجانب؟

ومن أجل الإحاطة بذلك سأتناول في محورين مفهوم إدارة الموارد البشرية أولا ثم مرتكزات إدارة الموارد البشرية ثانيا:

 

المحور الأول: مفهوم إدارة الموارد البشرية

لقد اختلفت وجهات النظر المدرين في الحياة العلمية في تحديد مفهوم موحد ومتفق عليه ،لكن الإحاطة بمفهوم إدارة الموارد البشرية لاتستقيم بالتعرض للتعريف فقط  (أولا) بل أيضا بتناول نشأتها( ثانيا)وتطورها( ثالثا).

 

أولا: تعريف إدارة الموارد البشرية

لقد تطورت مسميات الإدارة التي تختص بشؤون البشر كعاملين في المنظمة مع تطور مفاهيم وفلسفة هذه الإدارة فمن “إدارة المستخدمين” إلى “إدارة الأفراد” إلى “إدارة شؤون العاملين” إلى “إدارة القوى العاملة” إلى “إدارة الموارد البشرية” ففي المسمى الأول كانت النظرة للفرد العامل كمستخدم، وحتى مع مسمى إدارة الأفراد كانت النظرة للفرد العامل على أنه مجرد فرد ولم تختلف النظرة كثيراً مع مسميات تزامنت مع هذه التسمية مثل شؤون العاملين، ولكن مع مسمى إدارة الموارد البشرية اختلف الأمر أي اختلفت النظرة [1] .

ويعرف المشرع الاماراتي  إدارة الموارد البشرية بأنها” الوحدة الادارية المعنية بالموارد البشرية في الجهة الاتحادية.” [2] أما (كميج ) فيعرفها على  أنها: “الحصول على أفضل ما يمكن من الأفراد للمنظمة، ثم بعد ذلك رعايتهم لترغيبهم في البقاء لخدمتها، إعطاء ما في وسعهم  من مجهوداتهم”[3] وعرَّفها فليبوعلى أنّها: “تخطيط، وتنظيم، ومراقبة، واستقطاب، وتنمية، ومكافأة، وتكامل، وصيانة الموارد البشريّة؛ لغرض تحقيق أهداف المُنظَّمة” [ 4] .وعرَّفها أيضا بلنجر على أنّها: “مجموعة أنشطة تتمثل في الحصول، والتطوير، والحفاظ على المورد البشري؛ بهدف تزويد منظمات الأعمال بيد عاملة مُنتِجة، ومُستقِرَّة، وراضية”.[5]

ومن خلال ما سبق، يمكن لنا تعريف إدارة الموارد البشريّة على أنّها: السياسات، والإجراءات ذات العلاقة باختيار العاملين، وتعيينهم، ووسائل التعامل معهم، وتنظيمهم داخل المُنظَّمة، وتوفير صلات التعاون بينهم، وبين الإدارة، وذلك بزيادة الثقة فيما بينهم؛ ممّا يساعد على وصول المُنظَّمة إلى المستويات الإنتاجيّة القُصوى، وبما يضمن تحقيق الأهداف المرجوّة الشيء الدي ينسجم مع تعريف جمعية إدارة الأفراد الأمريكية على أنها “فن الحصول على القوى العاملة المتخصصة، وتنميتها، والحفاظ عليها بطريقة تحقق المنظمة أهدافها ووظائفها بأقصى كفاءة وبأقصى درجة اقتصادية ” .[6]

 

ثانيا: نشأة إدارة الموارد البشرية

تحتل إدارة الموارد البشرية في الوقت الحالي جزءا أساسيا في المؤسسات فتطورت وتوسعت لتصبح إدارة كاملة للموارد البشرية بدلا من موظف واحد و أصبحت تساهم في المكانة التنافسية للمؤسسة وكذلك في ربحيتها. [7]

أما بخصوص البدايات الأولى لنشأة إدارة الموارد البشرية فيرجع  الفضل فيها للتطور التكنولوجي  وبروز دور النقابات العمالية مما كان له الأثر الفعال في بيئة العمل وظهور إدارة شؤون الموظفين حيث بقي الحال في تلك الإدارة على دور محدود حتى الستينات من هذا القرن. [8]فتشكيل  نقابات لمجموعات من الحرفيين وذلك من اجل تحسين ظروف عملهم حيث كانت هذه النقابات الارهاصات الأولى لما يعرف Trade Union وقد تم ظهور دور إدارة الموارد البشرية بشكل أكبر في نهاية القرن الثامن عشر وذلك بسبب الثورة الصناعية وفي هذه الفترة لم يعد هناك  اتصال مباشر بين أصحاب المال والموظفين كما كان وذلك لانشغال أصحاب المال وكذلك بسبب تعيين مديرين ليقوموا بهذا الدور.

 

ثالثا: تطور إدارة الموارد البشرية

كانت الموارد البشرية إلى وقت قريب غير منظمة، وبعد الثورة الصناعية ظهرت تحولات جديدة في تسيير الموارد البشرية. بحيث ظهرت إدارة الموارد البشرية والوظائف المرتبطة بها، واصبح تطور الموارد البشرية مرتبط بتطور مفهوم المورد البشري نفسه، وقد جاءت ادارة الموارد البشرية لتحقيق جملة من الأهداف الداخلية والخارجية ومن بينها مواجهة عدة تحديات خاصة تحدي المنافسة والعولمة التي تمثل العنصر الأساسي لبقاء أي منظمة ويمكن أن نرصد هذا التطور في مرحلتين ماقبل العلمية ومابعده والمحدد الفاصل بينهما هو الثورة الصناعية:

  • مرحلة ماقبل العلمية:

قبل الثورة الصناعية كانت هناك أنواع متعددة للعلاقات الإنسانية بين الأطراف الرئيسية للإدارة وكان كل نوع يتفق والمستلزمات الإجتماعية والاقتصادية في تلك الفترة فالمتتبع لطبيعة الموارد البشرية في مرحلة نظام العبودية يجد مساواة الأفراد بالحيوانات في إدارة وسائل الإنتاج الزراعية.

وقد تميزت هذه المرحلة بعدم وجود نظام لدفع الأجور، وكان الإقطاعي مالكاً لكل أنواع السلطات وما العبد إلا متاع مملوك له ،ثم جاءت الصناعات المنزلية ومرحلة نظام الطوائف وكان هناك تغيراً ملحوظاً في طبيعة العلاقات بين رب العمل والعاملين معه ولا سيما في نظام الطوائف، حيث برزت من الأفراد فئة من الصناع أو المهنيين وأصحاب الحرف بلك كل منهم أدواته ورأسماله ويتولى إدارة العمل بنفسه. وقد تميزت هذه المرحلة بظهور العمالة متمثلة بالأجراء (العمال) الذين لهم أجور محددة من قبل الطائفة وفقاً لساعات العمل.

ثم جاءت الثورة الصناعية والتي نجم عنها العديد من السمات التي انعكست بشكل مباشر على تطور إدارة الموارد البشرية. ولعل ابرز هذه السمات ظهور وتطور الآلات الصناعية والتوسع في استخدامها وإنشاء المصانع الكبيرة الحجم في رؤوس أموالها وعدد العاملين فيها وكمية إنتاجها، ونتيجة لكل ذلك بدأ نظام المصنع يحل مصل الصناعات المنزلية واخذ الكثير من أصحاب المحرف يهجر حرفته ويتجه إلى المصانع للعمل فيها. [9]

ولعل ابرز ما تميز به نظام الإنتاج داخل المصنع هو تقسيم العمل والتخصص الذي حقق مزايا الإنتاج الكبير وقد استفاد من ذلك كل من المنظمة والعاملين والمجتمع، غير أن هذه المزايا رافقتها مجموعة من المساوئ التي اثرت في تطوير إدارة الموارد البشرية إلى حد بعيد فقد خلق الإنتاج الكبير مشكلات إدارية عديدة من بينها ضرورة فرض رقابة حازمة على العمال وضرورة الموازنة بين أجزاء العمل المختلفة تجنباً لنقاط الاختناق في العملية الإنتاجية، إلى جانب ضرورة التخطيط الجيد لمختلف موارد المنظمة ومن بينها الموارد البشرية [10].

فقد تطلب الأمر في ظل المصنع الحديث استخدام توقيت دقيق لبداية العمل ونهايته، وإيجاد مجموعة من قواعد العمل التي تنظم عمل مجموعة كبيرة من العاملين، تعمل لساعات طويلة وبأجر ضئيل، كل ذلك سبب ظهور النقابات التي اهتمت بدراسة أوضاع العمل في جانب نظم الأجور والرواتب.

وقد كان لظهور النقابات اثر بارز في تطوير إدارة الموارد البشرية،وقد أشرنا إلى دلك سابقا وفي بداية القرن الحالي ظهرت حركة الإدارة العلمية التي تزعمها “فردريك تيلور” F. Taylor وحركة العلاقات الإنسانية والعلوم السلوكية وتأثير فلسفة الرخاء الاجتماعي [11]. واعطت حركة الإدارة العلمية تصوراً محدداً بين العاملين والإدارة من خلال تحديد مواصفات الأعمال واختيار الإنسان الافضل للعمل، واستخدام دراسة الوقت والحركة وتحفيز العمال وتشجيعهم على أداء الأعمال وفقاً للطرق المحددة وبالسرعة أو المعدل المطلوب، ولاشك أن كل هذا ساعد على أن يصبح لإدارة الموارد البشرية دوراً أساسياً في المنظمة.

ب –  المرحلة العلمية:

تميزت هذه المرحلة بظهور عدة تيارات وحركات علمية، فقد ظهرت حركة العلاقات الإنسانية والعلوم السلوكية التي بدأها “التون مايو “بتجاربه الشهيرة “تجارب هوثورن” والتي قامت بدراسة اثر معنوية العمال على الكفاءة الإنتاجية وساهمت في تطوير إدارة الموارد البشرية بنظرتها إلى الإنسان على أنه مورد ثمين في المنظمة إلى جانب امتلاكه للعديد من الحاجات والتطلعات والمخاوف. ثم تطور الفكر بإدارة الأفراد في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث اصبحت الاتجاهات الحديثة تنظر إلى الأفراد باعتبارهم المحرك الرئيسي والعنصر الحيوي في المنظمة.

وكان هناك مجموعة من الرواد الذين كان لهم الفضل في الاهتمام بسلوكيات الإنسان، وكان لهم اثر كبير في تحول الفكر الإداري وتقديره للعامل الإنساني من مجرد آلة في مصنع إلى المحرك الأساسي والهام والمؤثر في نجاح أهداف المنظمة [12] ومن هؤلاء: ماسلو(1954) الذي عرفت نظريته بسلم الاحتياجات الإنسانية، ارجرز (1957) الذي كان يرى أن الفرد يسعى لتحقيق ذاته في الوقت الذي تسعى المنظمة إلى تحقيق أهدافها، ليكرت (1966) صاحب فكرة أن أعضاء المنظمة بناء على قيمتهم وتوقعاتهم يعتبرون الدينامو المحرك لبناء ودعم منظماتهم، وذكر بير وآخرون ان هناك ضغوطاً كبيرة على منظمات الأعمال مما يستدعي عمل استراتيجيات عاجلة للعناصر البشرية في تلك المنظمات [13] ، وكان (1985) Porter أحد الأشخاص المعروفين الذين كانت لهم إسهاماتهم في ظهور مفهوم لإدارة الموارد البشرية في الثمانينات، أما في بريطانيا فتكتفي بما ذكره Gust, 1989 عندما قال أن إدارة الموارد البشرية تعتبر خياراً جذاباً للوقوف في وجه الضغوط التي تولدها سوق الأعمال، وذلك من خلال الاهتمام بثلاث نقاط هي: الجودة، والمرونة اللازمة، والإبداع المتزن.

 

المحور الثاني: مرتكزات إدارة الموارد البشرية

يتم تجميع نشاطات إدارة الأفراد في وحدة تنظيمية واحدة يطلق عليها أحيانا الإدارة الإدارية، و يمكن القول أنها وظيفة تضمن أو تؤمن مجموع النشاطات التي تضع تحت تصرف المؤسسة العناصر البشرية الضرورية عدديا ونوعيا أي كماً وكيفاً لتكون في خدمتهاوهكدا يظهر أن مرتكزات إدارة الموارد البشرية تتجلى في المؤسسة/الإدارة أولاثم الوظيفة ثانيا والموظف ثالثا.

 

أولا: المؤسسة /الإدارة

يمكن تعريف “الإدارة “على أنها:عن مجموعة المبادئ المتعلقة بالتخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والمراقبة، وآلية تطبيقها، وتسخير الموارد المالية، والمادية، والبشرية، والمعلوماتية بكفاءة وفعالية لتحقيق الأهداف التنظيمية لمؤسسة ما،[14]ويُمكن تعريف الإدارة أيضاً على أنّها عملية إدارة ومراقبة شؤون المؤسسة بغض النظر عن طبيعة عملها، وهيكل المؤسسة، وحجمها، حيث تتمثّل في تهيئة بيئة الأعمال والمحافظة عليها من خلال عمل أعضاء المؤسسة بروح الفريق وإنجاز الأهداف بفاعلية وكفاءة، وتعمل الإدارة كدليل إرشادي للعاملين في المؤسسة وتنسيق جهودهم نحو تحقيق الهدف المشترك والاستخدام الأمثل للعناصرتوجد في العديد من المؤسسات مستويات إدارية مختلفة، وذلك وفقاً لحجمها.

و لقدجاء في القانون الامارتي تنشأ هيئة اتحادية تسمى ” الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية ” تناط بها الصالحيات والمسؤوليات العامة المتعلقة بإدارة الموارد البشرية للجهات الاتحادية والهيئات الاتحادية الخاضعة لهذا المرسوم بقانون. [15] واضح مما سبق أن المشرع الاماراتي قد أسند مسؤولية إدارة الموارد البشرية إلى هيئة وهو مصطلح لايختلف عن المؤسسة لكنه يحدث التباس عن اطلاق مصطلح إدارة الذي يحتمل معنيين المؤسسة  من جهة والتدبير والتسيير من جهة أخرى.

وعادةً ما يكون هناك ثلاث  مستويات للإدارة وهي كما يأتي:

الإدارة الدنيا: يُركّز فيها المدراء على الرقابة والتوجيه، حيث يُعتبر المدير أو المسؤول بمثابة قدوة يُحتذى بها، ويكون تواصل المدراء مع الموظفين في هذا المستوى بشكل مباشر.

الإدارة الوسطى: يقع على عاتق المدراء في الإدارة الوسطى تنفيذ الخطط التنظيمية التي تتوافق مع سياسات المؤسسة.

الإدارة العليا: يقع على عاتق الإدارة العليا الرقابة والإشراف على كافة أعمال المؤسسة

 

ثانيا: الوظيفة

لإدارة الموارد البشريّة في المُنظَّمة /المؤسسة العديد من الوظائف، والتي تتمثّل في ما يأتي:

  • وظيفة التخطيط للموارد البشريّة: حيث تُعنى هذه الوظيفة باتّخاذ القرارات الخاصّة باستخدام الموارد البشريّة، وتطويرها، كما أنّها تساهم في الحصول على الكفاءات البشريّة في أسواق العمل الخارجيّة، أو الداخليّة في المُنظَّمة، علماً بأنّها تساعد في الكشف عن نقاط القوّة، والضعف في الموارد البشريّة المُتوفِّرة في المُنظَّمة، وتحسين سبل التعامل مع العاملين، ممّا يؤدّي إلى خفض التكاليف، والزمن إلى أقلّ قَدرٍ ممكن، بالإضافة إلى تحسين القرارات، وذلك عن طريق توفير قاعدة كبيرة للبيانات المُتاحة. [16]
  • وظيفة تحليل العمل، وتصميمه: حيث إنّ تحليل العمل هو امتدادٌ لتصميمه؛ فهو يبدأ عند انتهاء التصميم الذي يُعَدُّ أساساً له، والذي يهدف أيضاً إلى تحديد خصائص العمل، وهي عمليّة تهدف إلى جمع المعلومات عن وظائف المنظَّمة، وتلخيصها بعد انتهاء تحليلها على هيئة أسس مكتوبة؛ لبيان مهامّها، وصلاحيّاتها، وكلّ ما يتعلَّق بالمنظَّمة من أمور، وهي عمليّة تهدف إلى الوصول إلى النتائج الآتية:
  • معايير أداء العمل، وذلك من خلال جمع المعلومات عن الوظائف، وتحليل هذه المعلومات، ممّا يؤدّي إلى تفصيل هذه المعايير الخاصّة بالعمل، أو الوظيفة.
  • الوصف الوظيفيّ الذي يتمّ فيه تحديد الأهداف الخاصّة بالوظيفة، والمهامّ المطلوبة من المُوظَّف، سواء كانت جسديّة، أو ذهنيّة.
  • مُحدِّدات الوظائف التي تبينّ الشروط التي يجب أن تتوفّر في المُوظَّفين.

ج-   وظيفة جذب، واختيار، وتعيين الموارد البشريّة: وهي عمليّة تهدف إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الكفاءات، عن طريق اتّباع استراتيجيّة مدروسة تتضمّن برامج جاذبة تُوجِد الدافعيّة لدى الموارد البشريّة، وتزيد من رغبتهم تجاه العمل في المنظَّمة، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه العمليّة لا بدّ أن تحقِّق عدداً من الأهداف؛ كي تصبح فاعلةً، ومن هذه الأهداف:

  • المقدرة على تقليل عدد الأفراد غير المُؤهَّلين من المُتقدِّمين لشغل الوظائف في المنظَّمة، ممّا يؤدّي إلى تقليل التكاليف المُهدرة نتيجة الاختيارات الخاطئة.
  • تحقيق الاستقرار للموارد البشريّة بمستوىً مرتفع، وذلك عن طريق استقطاب الأفراد الذين يستمرّون لفترة طويلة في العمل.
  • جذب الكفاءات المُؤهَّلة، والتي بدورها تساهم في تخفيض التكاليف الخاصّة بالتدريب فيما بعد. توظيف الأعداد المناسبة من الموظَّفين في المنظَّمة، وبأقلّ قدر من التكاليف.
  • التقيُّد بوسائل البحث عن الكفاءات الملائمة، والتقيُّد بالإجراءات القانونيّة المُحدَّدة، ممّا يؤدّي إلى ضمان المسؤوليّة القانونيّة، والاجتماعيّة، والأخلاقيّة.

أمّا عمليّة الاختيار فهي تعتمد على عمليّة الجذب، حيث تهتمّ هذه العمليّة بجمع المعلومات عن الموظَّفين الراغبين بالعمل، ممّا يساهم في قبولهم، أو رفضهم، كما أنّها تستند إلى عدّة وسائل، كالمقابلات الشخصيّة، والاختبارات البدنيّة، والشفويّة، والكتابيّة، وتقديم النماذج التي تؤكّد أهليّة الموظَّف لشغل الوظيفة، وغيرها.

ومن الجدير بالذكر أنّ عمليّتَي الاختيار، والتعيين، هما عمليّتنا مُخطَّطتان عَبر نظامٍ كامل يتكوّن من عناصر أساسيّة، هي:

المُدخلات، والمُخرجات، والعمليّات، والتغذية الراجعة، كما أنّهما تمرّان في العديد من المراحل التي تبدأ بمراجعة، وتقييم الطلبات الخاصة بالتوظيف، والمقابلات الأوّلية، وصولاً إلى إصدار القرار النهائيّ والخاصّ بالتعيين. [17]

د-  وظيفة تقييم أداء الموارد البشريّة: وهي الأسلوب الذي تتَّبعه الإدارة في قياس الأداء الفرديّ، والجماعيّ للموظَّفين، ومدى تحقيقهم للأهداف المطلوبة، حيث تركِّز المعايير التقويميّة على فاعليّة الإنجاز المطلوب، وكفاءته، علماً بأنّ هذه العمليّة هي من أهم الوظائف المُتعلِّقة بالموارد البشريّة؛ وذلك لأنّها تبيّن مدى دقّة البرامج، والسياسات التي تعتمدها المنظَّمة، كما أنّها قد تساهم في استقطاب عددٍ من الموظَّفين الجُدد الذي يتمتّعون بالنوعيّة الجيّدة من المهارات للمنظَّمة، إضافة إلى أنّها تعكس الصورة الأخلاقيّة، والقانونيّة، والاجتماعيّة للمنظَّمة.

 

ثالثا: الموظف

تطبق أحكام المرسوم بقانون الإماراتي على الموظفين المدنيين في الجهات الاتحادية، بما في ذلك الجهات التي نصت تشريعات إنشائها على وجود لوائح موارد بشرية مستقلة لها. ويستثنى من تطبيق أحكامه موظفو الجهات الاتحادية التي يتم استثنائها من قبل مجلس الوزراء.ويعرف الموظف ذات المرسوم  أنه “كل من يشغل إحدى الوظائف الواردة في الميزانية”هذا الموظف الذي اختلفت طبيعة علاقته مع الإدارة

  • العلاقة العقدية بين الموظف العام والإدارة

كان الرأي السائد في الفقه والقضاء [18]أن الموظف في علاقته بالدولة في مركز تعاقدي وعلى هذا الأساس ظهرت العديد في النظريات التعاقدية التي تتفق على أن العقد هو أساس هذه العلاقة إلا أنها تختلف في طبيعة هذا العقد ، فالبعض  اعتبره من عقود القانون الخاص ، بينما كيفه البعض الآخر على انه من عقود القانون العام .[19]

  • العلاقة التنظيمية بين الموظف العام والإدارة

بدأ الفقه الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشر في الاتجاه نحو تكييف العلاقة بين الموظف والإدارة بأنها علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي درج على تسميتها في الامارات  باللوائح ومضمون هذه النظريات إن القوانين واللوائح هي التي تحدد شروط وأحكام الوظيفة العامة وحقوق الموظف وواجباته . ويترتب على هذه النظرية إن الإدارة حرة في تعديل أحكام الوظيفة بإرادتها المنفردة دون حاجة لاستشارة الموظف ، ولو كان في هذا التعديل إنقاص في الإمتيازات المادية والأدبية مما يتعذر معه إسباغ الصفة التعاقدية على علاقة الموظف بالدولة في هذه الحالة [20].

 

خاتمة:

لاشك أن الموارد البشريّة  لها دورها في تحقيق أهداف التوظيف في المنشآت؛ إذ يحرص قِسم الموارد البشريّة على توفير معلومات عن المرشحين حول وظيفة ما، ومن ثمّ يتمّ اتخاذ القرارات المتعلقة بتوظيفهم؛ من أجل تعبئة الشواغر الوظيفيّة المتاحة في المنشأة، وأيضاً تهتمّ الموارد البشريّة بجذب الباحثين عن الوظائف؛ من خلال الاعتماد على مجموعة من الوسائل، مثل شبكة الإنترنت، والمعارض الوظيفيّة، وبعد اختيار الموظفين تعقد الموارد البشريّة مقابلات وظيفيّة معهم؛ من أجل تقييمهم قبل توظيفهم.

ولقد أحطنا بإدارة الموارد البشرية من خلال المفهوم والمرتكزات ،وإن كنا نؤمن أن هذا الجانب لايطرح إشكال، ولكن الاشكال يطرح عند تفاعل هذه العناصرفيمابينها ، أنذاك يمكننا الحديث عن إدارة ضعيفة أو قوية من خلال النظر كذلك إلى الوسائل المتاحة وطبيعة الموارد البشرية المستهدفة ومدى رغبة المؤسسة في الانخراط في عملية الإدارة.

الهوامش:

1-أحمد صقرعاشور،إدارة الموارد البشرية  ،الإسكندرية : دار المعرفة الجامعية, 1985 ص11

2- المرســوم بقانــون اتحــادي رقــم 11 لســنة 2008 بشـــــأن المـــوارد البشريــــــــــة في الحكومــــــة الاتحاديــــــــــــة وتعديلاته بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2011 والمرســـــــوم بقانـــــــون اتحــــــادي رقــــم17 لسنــــــة 2016.

3- صلاح عبد الباقي’حنفي عبد الغفار. إدارة الأفراد و العلاقات الإنسانية.الإسكندرية:المكتب العربي الحديث.1998.

4- مصطفى محمود ابو بكر.الموارد البشرية مدخل لتحقيق الميزة التنافسية.الإسكندرية:الدار الجامعية(ط1).2004.

5- مخلوف سعاد . شريك ويزة” مففهوم إدارة الموارد البشرية ؛ الأهداف و التحديات التي تواجهها” مجلة أبحاث نفسية وتربوية  المجلد 9 -سبتمبر 2018،عدد 4 ، ص.ص.227 -238

6- مصطفى محمود ابو بكر.الموارد البشرية مدخل لتحقيق الميزة التنافسية.الإسكندرية:الدار الجامعية(ط1).2004.

7- مخلوف سعاد . شريك ويزة” مففهوم إدارة الموارد البشرية ؛ الأهداف و التحديات التي تواجهها” مجلة أبحاث نفسية وتربوية  المجلد 9 -سبتمبر 2018،عدد 4 ، ص.ص.227 -238

8- مخلوف سعاد . شريك ويزة” مففهوم إدارة الموارد البشرية ؛ الأهداف و التحديات التي تواجهها” مجلة أبحاث نفسية وتربوية  المجلد 9 -سبتمبر 2018،عدد 4 ، ص.ص.227 -238

9- عبد الباري درة، زهير الصباغ، 1986.

10- زكي محمود هاشم، دراسة الطرق المختلفة لقياس كفاءة الموظفين والمستخدمين والعاملين في الأجهزة الإدارية بالدول العربية,جامعة الدول العربية القاهرة 1972 ص75

11- مدني علاقي،  الادارة: دراسة تحليلية للوظائف و القرارات الإدارية ،الإدارة المركزيةغزة 2000   ص25

12- Armstrong (1996) Principles of Marketing. 7th Edition, Prentice-Hall, Englewood Cliffs

13-Beer, M., Spector, B., Lawrance, P., Quinn Mills, D. et Walton, R. 1984. Managing

human assets. New York: The Free Press.

14-– ماهر احمد .اقتصاديات الموارد البشرية.الإسكندرية :الدار الجامعية.2004.ص12

15- المرســوم بقانــون اتحــادي رقــم 11 لســنة 2008 بشـــــأن المـــوارد البشريــــــــــة في الحكومــــــة الاتحاديــــــــــــة وتعديلاته بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2011 والمرســـــــوم بقانـــــــون اتحــــــادي رقــــم17 لسنــــــة 2016.

16- مخلوف سعاد . شريك ويزة” مففهوم إدارة الموارد البشرية ؛ الأهداف و التحديات التي تواجهها” مجلة أبحاث نفسية وتربوية  المجلد 9 -سبتمبر 2018،عدد 4 ، ص.ص.227 -238

17- صلاح عبد الباقي’حنفي عبد الغفار. إدارة الأفراد و العلاقات الإنسانية.الإسكندرية:المكتب العربي الحديث.1998.ص29

18- د.أنور أحمد رسلان – وسيط القانون الإداري – الوظيفة العامة – 1997 – ص 94

19- د، ماجد راغب الحلو – القانون الإداري – دار المطبوعات الجامعية – 1982 – ص 222 .

20- د. سليمان محمد الطماوي – الوجيز في القانون الإداري – ط1979 – ص437

 

المراجع:

1- راوية حسن  ،إدارة الموارد البشرية رؤية مستقبلية، الدار الجامعية.سنة 2001

2- صالح عبد الباقي،إدارة الموارد البشرية، الدار الجامعية.سنة  2000

3- عمر وصفي عقيل إدارة الموارد البشرية، دار وائل للطباعة والنشرسنة 2015 والتوزيع، الأردن ، الأردن .

قد يعجبك ايضا