دور القضاء الإداري في قضايا الاعتداء المادي على الملكية العقارية

المعلومة القانونية

*إيمان البوزيدي

  • طالبة باحثة خريجة ماستر القانون الإجرائي وطرق تنفيذ الأحكام، جامعة محمد الأول-وجدة-

*حميد بري

  • طالب باحث خريج ماستر المعاملات العقارية، الكلية متعددة التخصصات بتازة، جامعة محمد بن عبد الله –فاس-

الملخص:

اعتمد المشرع المغربي مسطرة خاصة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت يُحترم فيها تطبيق روح الدستور والقانون اللذان سعيا على حماية حق الملكية العقارية وحاولا تحصينها من ما قد يمس قدسية هذا الحق، إلا أن الإدارة أصبحت لا تلتزم بهذه المسطرة بل وتخرقها بشكل متعمد وسافر مما يشكل اعتداء ماديا واضحا على الملكية العقارية، مما حدا بالقضاء إلى التدخل بكل قوة للتصدي لهذا الاعتداء سواء من طرف القضاء الاستعجالي أو من طرف قضاء الموضوع

الكلمات المفتاح: نزع الملكية، اعتداء مادي، الإدارة، القضاء الإداري.

abstract

The Moroccan legislature has adopted a special procedure for the expropriation of real estate for the public good and temporary occupation that respect the spirit of the constitution and law which seek to protect  the rights of real property and try to keep it away of any excesses, but what we notice that the administration is not complying with all this procedures, such actions blatantly violate law and present  a clear picture of a materiel violation that allows the administrative judiciary to monitor it and stand against that kind of  aggression.

Key words: Expropriation of real estate, materiel violation, the administration, administrative judiciary.

المقدمة:

تعتبر الملكية العقارية مقوما من مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية، من خلال إسهام العقار بشكل مباشر في الرفع من مستوى النمو، وتحريك النشاط الاقتصادي في الكثير من المجالات المرتبطة به كما يعتبر موردا مهما في تكوين ثروة الأفراد، وتتمثل مساهمة العقار في نمو الاقتصاد الوطني، من حيث كونه أصبح يشكل قبلة للمستثمرين سواء من الداخل أو الخارج وذلك من خلال جلب الاستثمارات التي تضطلع بدور أساسي في تقدم وازدهار البلاد إذا توفرت الضمانات القانونية التي تضمن ذلك.

ولأجله ونظرا للآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تترتب على العقار، فإن المشرع المغربي اهتم به ووضعه في مرتبة مميزة بجعله حقا مكفولا بموجب دستور 2011[1] في إطار الفصل 35 الذي ينص على أنه يضمن القانون حق الملكية. بالإضافة لما جاءت به مدونة الحقوق العينية[2] من خلال الفصل 23 أنه لا يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون ولا تنزع ملكية أحد إلا لأجل المنفعة العامة ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون، ومقابل تعويض مناسب[3]، وكل ذلك من أجل إحاطة التعامل في مجال العقار بالضمان اللازم الذي من شأنه أن يمنع الاعتداء عليه.

وكما هو معلوم أن أي مشروع كيفما كان نوعه وطبيعته ومستواه إلا ويحتاج إلى رقعة عقارية لتنفيذه، غير أن تعددية الأنظمة العقارية واختلاف أصناف الملكية العقارية الذي تعرفه المسألة العقارية بالمغرب، مع ندرة العقار العمومي، يدفع بالجهات المتدخلة في تنفيذ هذه المشاريع في أغلب الأحيان إلى عدم سلوك المساطر القانونية المقررة في إطار نزع الملكية من أجل المصلحة العامة[4]، إذ تحيد عن النص القانوني بأن لا تطبقه تطبيقا سليما، أو تتجاوزه من الأساس، الأمر الذي يستدعي تدخل القضاء الإداري، الذي يضطلع بدور كبير في خلق اجتهادات تنظم عمل الإدارة، وفي نفس الوقت تحمي حقوق وحريات الأفراد، هذه الحقوق التي يندرج ضمنها الحق في الملكية العقارية، والذي أضحى بسبب ندرة الوعاء العقاري العمومي ملجأ  للمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، قصد إنشاء مشاريعها التنموية، الهادفة أساسا إلى تحقيق المنفعة العامة ولكن على حساب المالك الأصلي الذي يتم الاعتداء ماديا على ملكه الخاص.

لهذا فالإدارة في سبيل اقتضاء حقوقها تتخذ وسيلة تخالف الطريق الذي رسمه لها القانون، وتكون بذلك قد خرجت عن المشروعية بكيفية خطيرة، إلى درجة أن عمل الإدارة لا يمكن ربطه لا بالقواعد الدستورية ولا بالقواعد الإدارية[5] وقد عرف الأستاذ محمد الكشبور الاعتداء المادي على الملكية العقارية خاصة بأنه: “وضع السلطة العامة أو من يقوم مقامها يدها على عقار مملوك لأحد الخواص، دون أن تكون معتمدة في عملها هذا على سند قانوني صحيح، ودون أن تسلك مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، يمثل اعتداءا ماديا على الملكية الخاصة صادرا عن السلطة الإدارية”[6].

لكن، وفي خضم كل هذه المفاهيم  التي أسس لها الفقه والقضاء تثار إشكالية محورية هامة وهي:

  • كيف استطاع القضاء الإداري تطوير آليات حماية الملكية العقارية من حالات الاعتداء المادي التي تقوم بها الإدارة؟

تتفرع عنها أسئلة فرعية كثيرة أهمها:

كيف عمل القضاء الاستعجالي على بسط الحماية الأولية العاجلة والضرورية للعقار المعتدى عليه ماديا من طرف الإدارة؟ كيف استطاع القاضي الاستعجالي الإداري ضمان التوازن بين السلطات المخولة له في إطار قضايا الاعتداء المادي وبين محدودية بعض القواعد القانونية والقضائية التي تقيد يده في البت؟ إلى أي حد كانت المحاكم الإدارية موفقة في ترسيخ المبادئ التي تحكم التعويضات المحكوم بها لجبر الضرر الحاصل للمالك الأصلي من هذا الاعتداء؟

وعلى هدي ما سبق، ارتأينا تقسيم هذه الدراسة إلى مطلبين على النحو الآتي:

  • المطلب الأول: اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري في قضايا الاعتداء المادي على الملكية العقارية
  • المطلب الثاني: اختصاص قضاء الموضوع في التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية

 

المطلب الأول: اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري في قضايا الاعتداء المادي على الملكية العقارية

إن الإدارة أو من يقوم مقامها عندما تضع يدها على عقار مملوك ملكية خاصة دون أن تكون معتمدة في عملها على سند قانوني صحيح ودون أن تتبع مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، تكون قد ارتكبت اعتداء ماديا على الملكية الخاصة، ويتحقق هذا الاعتداء سواء لم تسلك الإدارة الإجراءات الواجبة بمقتضى قانون نزع الملكية نهائيا أم سلكتها بطريقة غير سليمة، كما يتحقق سواء كان الاعتداء نهائيا أم بصفة مؤقتة[7].

ونظرا لما يتميز به القضاء الاستعجالي من فعالية، لبساطة إجراءاته وقصر مساطره وسرعته في حسم القضايا الحساسة التي لا تتحمل مزيدا من التعطيل، تم توسيع إمكانية تدخل قاضي المستعجلات لوضع حد لهذه الخروقات وإعادة الأوضاع إلى نصابها بشكل سريع وعاجل، وذلك من خلال توجيه أوامر للإدارة بطردها أو بإفراغها من العقار المحتل أو الأمر بوقف وإزالة الاعتداء المادي (الفقرة الأولى) مع احترام استثناء منع إزالة المنشآت التي تم إنشاؤها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: نطاق أوامر القاضي الاستعجالي لحماية الملكية العقارية من الاعتداء المادي

يتدخل القاضي الاستعجالي الإداري بغية حماية الملكية العقارية من اعتداء الإدارة ماديا بالأمر بطردها وإفراغها من العقار المحتل (أولا) كما يمكنه أيضا الأمر بوقف وإزالة ذلك الاعتداء المادي (ثانيا).

أولا: الأمر بطرد وإفراغ الإدارة المعتدية من العقار المحتل

لقاضي المستعجلات الإداري سلطة موسعة تخول له إمكانية طرد الإدارة المحتلة من العقار الذي أوقعت فيه اعتداء ماديا على الملكية الخاصة، وذلك من منطلق أن احتلال ملك الغير بدون حق ولا سند من طرف الدولة أو من يقوم مقامها يشكل وضعا غير قانوني، والتي تقتضي المصلحة العامة جعل حد له في أقرب وقت نظرا لطبيعته الاستعجالية، يخول الحكم على الدولة بالإفراغ هي وأمتعتها وكل من يقوم مقامها.

ولعل طرد الإدارة وإفراغ العقار المحتل من طرفها  يعتبران مبدأ راسخا يقف متصديا لاعتداءات الأخيرة على حق الملكية الخاصة، ولا يعتبر وليد اجتهاد قضائي حديث من قاضي المستعجلات الإداري، بل كانت قاعدة مكرسة بقوة أمام قاضي المستعجلات بالمحاكم الابتدائية قبل نقل الاختصاص إلى ما هو عليه الآن بعد إحداث المحاكم الإدارية، وأعلنت في أكثر من مناسبة اختصاصها للأمر بطرد الإدارة من الملك المستولى عليه غصبا[8].

حيث قضى في هذا السياق، رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 18 دجنبر 1985 في القضية المتعلقة باستيلاء وزارة الأشغال العمومية وتكوين الأطر والتكوين المهني على أرض مملوكة للخواص من أجل تشييد مركز للتأهيل المهني، حيث أقر قاضي الاستعجال اختصاصه لطرد الدولة من العقار المحفظ مع أمتعتها ومعداتها، خاصة وأنها لم تبرر عملها هذا بأية مشروعية[9].

وتوالى العمل القضائي بعدها على ذات المبادئ التي تخول القاضي الاستعجالي سلطات موسعة لطرد الإدارة المعتدية، حيث جاء في قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بعد إلغائها للأمر الاستعجالي الذي قضى بعدم قبول طلب طرد وزارة التربية الوطنية من العقار المحتل والحكم تصديا بطردها معللة ذلك بكون أن عدم إمكانية رفع الاعتداء المادي الذي تمارسه الإدارة على أملاك الغير أو إيقاف الأشغال التي يجسدها ذلك الاعتداء، إنما كان ذلك على وجه الاستثناء المبرر بضرورة حماية المال العام الذي يقف حائلا دون إفراغ الإدارة المعتدية وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه  بعد أن أصبح المرفق العمومي قائما يسدي خدماته للمواطنين، وبالتالي متى انتفت العلة في الاستثناء المذكور يتعين الرجوع إلى أصل القاعدة وهو حق صاحب الملك في الحصول على أمر قضائي بطرد الإدارة المعتدية مادام دخولها إلى عقاره لم يرتكز على سند قانوني”[10].

وهو ما قضت به محكمة النقض في قرارها الذي جاء فيه: “حيث تضمن محضر المفوض القضائي تصريح رئيس دائرة تاوجطات المقر بكون العقار المدعى فيه سلم له من طرف عمالة الحاجب الطالبة كسكن وظيفي، وهو ما لم يتم تفنيده أو نفيه بأي سند قانوني يسمح للعمالة المذكورة بحيازة ذلك العقار دون الحصول على إذن من مالكه، مما استخلصت معه اختصاص قاضي المستعجلات لوضع حد لفعل الاعتداء المادي ورفع الضرر اللاحق بالمركز القانوني للمطلوب في النقض، طالما أن طرد الإدارة من العقار الذي تحتله بدون سند لن يترتب عنه تعطيل نشاط المرفق العام، مؤيدة بذلك الأمر المستأنف فيكون قرارها غير خارق لأي مقتضى قانوني محتج بخرقه، وما بالوسيلة على غير أساس”[11].

ثانيا: الأمر بوقف و إزالة الاعتداء المادي

في الحالة التي يتبين للقاضي الاستعجالي الإداري من ظاهر المستندات والوثائق  أن الأمر يتعلق باعتداء مادي واضح من الإدارة على الملكية الخاصة، وأن استمرار الاعتداء وأشغال البناء التي شرعت الإدارة في تشييدها سيحدث تغييرا على الملك يصعب تدارك نتائجه، فإنه يتدخل للبت في طلب إيقاف الأشغال الجارية ووضع حد لهذا الاعتداء[12]. وبموجب الفصل 149 من ق. م. م[13] فإنه يكون من حق مالك العقار موضوع التعدي أن يرفع أمره إلى قاضي المستعجلات الإداري ليجعل حدا لكل تعد يمس ذلك الحق في إطار الإجراءات الوقتية التي تحتمها مبادئ حماية الملكيات الخاصة.

ودون التفات القاضي في إطار سلطته الواسعة إلى القاعدة المنبثقة من الفصل 25 من ق. م. م في فقرته الأولى الذي ينص فيها على أنه “يمنع على المحاكم عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة أن تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل الإدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية الأخرى أو أن تلغي إحدى قراراتها”، حيث اعتبرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 11 نونبر 1980 أن قيام الجماعة الحضرية لعين الذئاب بهدم بناء مشيد على ملك خاص بطريقة التنفيذ المباشر، دون اللجوء إلى القضاء قصد الحصول على حكم بذلك يشكل اعتداء ماديا، يختص قاضي المستعجلات بإيقافه رغم المبدأ الوارد في الفصل 25 من ق. م. م الذي يمنع على المحاكم عرقلة عمل الإدارة[14].

وفي سياق الفصل 25 فقد حدد المجلس الأعلى شروط إعمال مقتضياته والتي لا تتضمن حالة اعتداء الإدارة ماديا على الملكية العقارية الخاصة، مما يبقى معه اختصاص القضاء لوقفه وإزالته قائما رغم ما تم التنصيص عليه في ذات الفصل، حيث جاء في قراره ما يلي: “وحيث إن عدم عرقلة الأعمال الإدارية أو تعطيل القرارات الصادرة عن الإدارة وإن كان يعتبر مبدأ قارا استقر عليه الاجتهاد القضائي الإداري إلا أن ذلك مشروط بوجوب أن تكون هذه القرارات أو الأعمال مشروعة ومتفقة وأحكام القانون في حين أنه في النازلة الحالة فإن الأعمال التي قامت بها الإدارة وأشغال الحفر والبناء لا ترتكز على أي أساس لعدم وجود سند يخولها ذلك كمقرر نزع الملكية للمنفعة العامة أو قرار الاحتلال المؤقت مما يكون معه الأمر المستأنف واجب التأييد”[15].

واستنادا إلى فكرة أن وضع اليد على العقار أو التعدي دون سند قانوني يكتسي دائما صبغة الاستعجال[16]، فإن القاضي الاستعجالي لا يتوانى في الأمر بوقف الأشغال متوخيا من اختصاصه هذا لإيقافها شرطا مهما؛ وهو إذا كانت الأشغال في بدايتها أو إذا كانت الإدارة بصدد التحضير والتهييئ لها فقط، حيث انتهى الأمر الاستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة الإدارية بوجدة إلى ما يلي: “وأمام ثبوت كون الأشغال المطلوب إيقافها وكما هو ثابت من محضر المعاينة لازالت في بدايتها إذ تم وضع الحجر الأساس في جهة واحدة في حين أن أشغال الحفر لا زالت قائمة في باقي الجهات وأن استمرار هذه الأشغال سيحدث تغييرات على الأرض يصعب تدارك نتائجها، فقد ارتأينا بصفتنا قاضيا للمستعجلات الأمر بوضع  حد للاعتداء المذكور وذلك بالأمر بإيقاف الأشغال الجارية فوق أرض الطالبين”[17].

كما قضى أمر استعجالي آخر صادر عن إدارية الرباط بإيقاف الأشغال الجارية في عقار المدعية في مواجهة المجلس الإقليمي لعمالة وزان على اعتبار أن الأشغال موضوعها لا زالت في بدايتها، مما يجعل المجلس الإقليمي المدعى عليه ظاهريا في وضعية اعتداء مادي والطلب حول إيقاف هذا الاعتداء مبررا من الناحية القانونية وحليفا بالاستجابة إليه”[18].

نفس التوجه تبنته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط أيضا حينما نصت على أنه “يبرر تدخل قاضي المستعجلات لوضع حد لفعل الاعتداء طالما أن الأشغال المذكورة ما تزال في بداياتها تفاديا لما يمكن أن يخلقه استمرارها من وضع غير قانوني يصعب تداركه لاحقا ومادام أن إيقافها لن يترتب عنه تعطيل مرفق عمومي لم ينشأ بعد”[19].

ويحقق القاضي الاستعجالي أثناء نظره في قضايا الاعتداء المادي للإدارة على الملكية العقارية الخاصة، أهدافا أكثر عمقا من مجرد الأمر بوقف أو إزالة الأشغال التي شرعت فيها الأخير، بحيث يراعي أيضا:

– الحد من استمرار الأشغال التي قد تؤدي إلى إحداث تغييرات على العقار موضوع الاعتداء يصعب تداركها و إزالتها في إطار  تصحيح المراكز القانونية التي يقتضيها إنهاء حالة الاعتداء.

– حماية المال العام، ما دام من شـأن إيقاف الأشغال الحيلولة دون قطعها أشواطا كبيرة في وضعية غير شرعية، كما أن من شأنه كذلك تجنيب الإدارة مصاريف التعويضات التي تترتب عن تمام تلك الأشغال[20].

الفقرة الثانية : محدودية القاضي في رفع الاعتداء المادي

كما هو معلوم، فإن من الشروط التي تغل يد القاضي الاستعجالي الإداري عن الاستجابة لطلب رفع الاعتداء المادي، ضرورة توافر شرط الاستعجال الذي يعتبر ركنا أساسيا لانعقاد الاختصاص ويعني الخطر المباشر الذي لا يكفي في اتقائه رفع الدعوى بالطريق العادي”[21]، فيكون قاضي المستعجلات مختصا بصفة عامة كلما اكتسبت القضية صفة الاستعجال، ومعنى هذا أنه لا يكون مختصا في حالة عدم قيام حالة الاستعجال تلك”[22]، مع ضرورة توافر شرط ثان وهو عدم إمكانية مساسه بأصل الحق الذي قصر من مدى اختصاصات القضاء الاستعجالي خلال البت في الأمور المستعجلة على النظر في ظاهر المستندات بدون التعمق فيها، لأنه إذا كان الأمر فاصلا، فإن ذلك يعني مساس الأمر الاستعجالي بالموضوع أي بما يمكن أن يقضى به في الجوهر[23]، وتعتبر بالتالي حالة يتخطى فيها القاضي الاستعجالي حدود عمله مما سيقضي بعدم اختصاصه النوعي، وهو بالضبط ما نص عليه المشرع المغربي في الفصل 152 من ق. م. م مؤكدا أن الأوامر الاستعجالية لا تبت إلا في الإجراءات الوقتية “ولا تمس ما يمكن أن يقضى به في الجوهر”.

فإلى جانب الشرطين السالفي الذكر نجد شرطا آخر خاصا يحد من اختصاص القاضي الاستعجالي في قضايا الاعتداء المادي يتمثل في أن لا تكون الأشغال المنجزة من طرف الإدارة قد قطعت أشواطا مهمة أو انتهت بالفعل، حيث إن الطرد رهين بعدم قيام منشآت عامة بالعقار وتحقق انتفاع العموم بخدماتها، أما إذا ثبت بقاطع وجود مرافق عامة بالعقار المطلوب طرد الإدارة منه فإن هذا الطرد لا يستقيم ومبدأ عدم إزالة أو هدم المنشآت العامة المنجزة فعلا[24]، لأنها تصبح ملكا عاما ولا يؤثر فيها ما يمكن أن ينسب للإدارة من غصب واعتداء على العقار المقامة عليه[25].

إذ في هذه الحالة من شأن الحكم بإيقاف الأشغال، الإضرار بالمالية العامة بالنظر لحجم المبالغ المصروفة على المشروع والغاية منه والتي تصب في إطار المنفعة العامة[26]، وهو ما خلصت إليه المحكمة الإدارية بوجدة حين قضت بأنه “بالنظر إلى ما قامت به الإدارة  من إنفاق أموال عامة على إحداث هذه الطريق وتوسعتها وتزفيتها حسبما يتبين من الصور المدلى بها وكذا من مذكرات الطرفين والخبرة المنجزة في الموضوع بالنظر إلى كون هذه الأشغال قد انتهت فأصبحت الطريق مفتوحة للسير العام ينتفع بها العموم، فإن الأمر بالطرد من شأنه أن تترتب عنه نتائج وأضرار تمس المصلحة العامة التي سبق الإشارة إليها والتي ترجح على المصلحة الخاصة للطاعن”[27].

فمما هو مقرر فقها وقضاء أنه تجب الموازنة بين الصالح العام والصالح الخاص وحماية المال العام والمحافظة عليه وتغليب الصالح العام على المصلحة الخاصة بالاستعاضة عن طلبات الطرد بالتعويض المستحق لجبر الضرر الناتج عن الغصب[28]، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في أمرها الاستعجالي الذي قضت فيه بما يلي: “وحيث يهدف الطلب إلى استصدار أمر بإفراغ وزارة التعليم من العقار موضوع الطلب للاحتلال بدون سند ولا قانون وحيث  إنه إذا كان من المقرر دستوريا أن حق الملك مضمون بموجب نص الدستور ولا يجوز نزعه من يد صاحبه إلا في إطار الإجراءات المقررة بقانون بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت 7.81[29] أو الفصل 15 من دستور المملكة لسنة 2011، وأن القضاء الاستعجالي يملك حق رفع كل اعتداء مادي واقع على العقار المغصوب، فإنه من المقرر كذلك أنه لا يجوز تعطيل المرفق العام المنشأ على وجه غير صحيح لانتفاع جمهور الناس بخدماته، وأن قاضي المستعجلات يملك سلطة الموازنة بين الصالح العام والصالح الخاص مع ترجيح المصلحة العامة على كل مصلحة خاصة متى كان لذلك مبرر؛ (…) وحيث إنه إذا كان ذلك يشكل غصبا واعتداء ماديا على العقار المذكور، فقد تم صرف أموال عمومية على إنشاء المرفق التعليمي أعلاه وأضحى مشغلا ومنتفعا بخدماته من طرف المواطنين. لذلك فالموازنة بين المصلحة الخاصة للطالب المتمثلة في رفع الاعتداء المادي على ملكه والمصلحة العامة المتمثلة في انتفاع المواطنين من خدمات المرفق العمومي والمحافظة على المال العام تقتضي ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وبالتالي عدم الاستجابة لطلب الإفراغ أعلاه، سيما وأن حقوق الطالب محفوظة في مقاضاة الإدارة بالتعويض عن فقدان الملك والحرمان من الاستغلال لغاية إنشاء المرفق العمومي، خصوصا وأنه لم يتقدم بطلب لإيقاف الأشغال في الإبان وقبل صيرورة العقار مرفقا عموميا”[30].

وسارت في نفس المنحى المحكمة الإدارية بالرباط حين أكدت على أنه “لئن كان يحق للمالك المستظهر بسند رسمي على ثبوت تملكه لعقاره المعتدى عليه ماديا أن يطالب برفع حالة الاعتداء المادي وبالتعويض عن حرمانه من استغلال ملكه، فإن ذلك يبقى مقيدا بعدم تمام إنشاء المرفق العام عليه، إذ لا يمكنه حينئذ سوى المطالبة بالتعويض عن فقد ملكه بصفة غير مباشرة، حماية للمال العام وبالتعويض عن الحرمان من استغلال عقاره من تاريخ الاعتداء عليه إلى تاريخ تمام إحداث المرفق العام والشروع في إسداء خدماته للعموم “[31].

ويكون الاستعجال غير قائم في هذه الحالة، مما يمنع معه قاضي المستعجلات الإدارية بالتدخل لإيقاف الأشغال، مادامت قد وصلت حدا يصعب معه تعطيل عمل الإدارة والتعارض مع المصلحة العامة التي تستغرق المصلحة الخاصة، كما يترتب عن الاستجابة  للطلب الحالي إهدار للمال العام حتى ولئن أقيم فوق عقار الطالبة غصبا بالنظر للمراحل المتقدمة للأشغال المنجزة ويبقى من حق هذه الأخيرة دائما رفع دعوى في الموضوع للمطالبة بالتعويض في إطار المسؤولية الإدارية[32].

وقد تبنى القضاء الإداري الاستعجالي بالمغرب هذا المبدأ الذي أسسه مجلس الدولة الفرنسي، وكرسه منذ وقت طويل في قضية[33] ROBIN de la Grimaudiére بتاريخ 7 يوليوز 1853، من خلال المقولة المعروفة “L’ouvrage public mal planté ne se détruit pas”[34]، مؤكدا أن القاضي لا يملك سوى الحكم على الإدارة بالتعويض مع عدم إمكانية هدم المنشأة العامة التي تقام خطأ على أملاك الفرد متى توافرت شروط أهمها:

– انتهاء أشغال إنشاء المنشأة العامة أو على وشك انتهائها، وبمفهوم المخالفة لذلك، فإن عدم إثبات الإدارة انتهاء هذه الأشغال أو عدم إثبات قطعها مراحل مهمة في الإنشاءات، إنما يعيد تفعيل سلطة  القاضي الاستعجالي الإداري في إمكانية إيقاف وطرد الإدارة وهدم ما تم تشييده على الملكية المغتصبة.

– أن تكون المنشأة العامة مخصصة للمنفعة العامة، وأن لا تكون حصيلة الأشغال المنشأة مؤقتة وعرضية، ليس لها القدر الكافي من الثبات والاستمرار[35].

وبناء على ما سبق، فإنه إذا كان اختصاص القاضي الاستعجالي يُفعل كلما واجه اعتداء ماديا يتطلب فيه تدخله للحد منه وتغليب حق الملكية المنصوص عليه دستوريا، فإنه في المقابل يواجه تضييقا لهذا الاختصاص إلى أدناه، في الحالة التي يصطدم فيها مع المصلحة العامة التي توجب التغليب على المصلحة الخاصة، والامتناع عن هدم المنشأة العمومية المحدثة عن طريق الخطأ، فلا يصلح ضرر بضرر أكبر منه، إنما يلزم القاضي الاستعجالي بحكم المنطق القضائي السائد والثابت باختيار أخف الضررين، وهو الإبقاء على المنشأة العمومية المقامة وفتح باب المطالبة بالتعويض للمتضرر من الاعتداء المادي على ملكيته الخاصة، ليكون منطلق هذا التضييق مفروضا بما تواتر عليه العمل القضائي كما سبق وأوضحنا.

المطلب الثاني: اختصاص قضاء الموضوع في التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية

إذا كان اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري في قضايا الاعتداء المادي تخوله التدخل في حدود احترام قواعد الاستعجال وعدم المساس بالجوهر وعدم جواز الأمر بهدم المنشأة القائمة، فإن لقضاء الموضوع أيضا مجال لتدخله بسلطة موسعة ما دام يقضي في أصل الدعوى وجوهرها، بحيث تنصب حماية الأخير للملكية المعتدى عليها من طرف الإدارة على النظر في التعويضات التي يستحقها المالك الأصلي بسبب ذلك الاعتداء والتي تشمل تعويضين منفصلين أولهما هو التعويض عن حرمان المالك من الاستغلال والثانية عن فقدانه الرقبة مع تحصينهما من أي تقادم مسقط (الفقرة الأولى)، ولأجل تحقيق ذلك تعمد المحكمة الإدارية إلى الالتزام  بمعايير لتقييم هذا التعويض منها ما يتصل بالعقار نفسه كمساحته وموقعه ومنها ما يحدده الخبير الذي يدلي بمواصفات أخرى تقنية تساعد المحكمة على تقدير قيمة التعويضات عن هذا الاعتداء (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: القواعد الأساسية في التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية

عمل الاجتهاد القضائي على تأسيس قواعد أساسية في التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية وتواتر على تأكيدها في جل قراراته، وتلخص هذه القواعد المؤسسة في نقطتين مهمتين الأولى هي تحصين التعويض عن الاعتداء المادي من أي تقادم مسقط (أولا) أما الثانية فتخص نطاق التعويض عن الاعتداء المادي الذي يشمل استحقاق صاحب العقار التعويض عن الحرمان من الاستغلال إلى جانب التعويض عن فقدان الرقبة (ثانيا).

أولا: تحصين التعويض عن الاعتداء المادي من التقادم المسقط

إن أولى القواعد التي تميز طبيعة التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية أنه تعويض لا يسقط بالتقادم، وذلك خلافا للقاعدة العامة التي تنص على انقضاء الحقوق المتعلقة بالذمة المالية ولاسيما الالتزامات إذا توانى صاحبها عن ممارستها وأهمل المطالبة بها خلال مدة معينة يحددها القانون، فيتلاشى بذلك حقه بتحقق التقادم المسقط ويمنع سماع دعواه بعدها[36]، وقد أسس القضاء المغربي في أكثر من محطة لهذا الاستثناء الوارد على التعويض عن الاعتداء المادي واستبعد على الدوام دفع الإدارة المعتدية على العقار بمقتضيات الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن: “دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمقضي خمس سنوات باستثناء دعوى التعويض من جراء الأضرار الناجمة عن انفجار الألغام فإنها تتقادم بمضي خمس عشر سنة وتبتدئ الآجال المذكورة من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن المسؤول عنه وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر”.

حيث تلح الإدارة على ضرورة إعمال مقتضياته في ما يخص قضايا الاعتداء المادي التي تقوم بها ضد الملكية العقارية، وهو الأمر الذي تصدى له العمل القضائي للغرفة الإدارية بمحكمة النقض ومعها المحاكم الإدارية واستقر على اعتبار الاعتداء المادي في أصله هو عمل غير مشروع وواقعة مستمرة لا يطبق عليها أجل التقادم المنصوص عليه في الفصل السابق[37]، حيث قضى المجلس الأعلى-محكمة النقض حاليا- في قرار له مؤكدا هذا المبدأ: “حيث ركز المستأنف استئنافه على أن التعويض المحكوم به قد طاله التقادم لأن عملية الاحتلال كما يقر بذلك المدعي ترجع إلى سنة 1984(…) لكن حيث أن الأمر يتعلق باعتداء مادي ظل قائما طيلة سنوات، ومن المعلوم أن عملا غير مشروع من النوع الذي يرتب دائما الحق في التعويض وأن الأمر لا يتعلق بديون في ذمة الدولة للحديث عن التقادم الرباعي أو غيره من أنواع التقادم المتعلق بالديون مما يعني أن دعوى التعويض في مثل هذه الأحوال تظل واردة، ولا يمكن التمسك بأي حال من الأحوال بالتقادم المستدل به مما يتعين اعتبار السبب غير منتج”[38].

وفي قرارين آخرين لاحقين تم تأكيد نفس التوجه من طرف محكمة النقض معتبرة في الأول أن: “الاعتداء المادي على ملك الغير يبقى مستمرا باعتباره واقعة مستمرة لا يمكن الاعتداد بتقادمها مما يجعل ما أثير من دفع عديم الجدوى (…)”[39]، وأكدت في الثاني على أنه: “لما كان الاعتداء المادي على عقارات الخواص من طرف الدولة وغيرها من الأشخاص المعنوية العامة يشكل واقعة مستمرة لفعل غصب ووضع اليد على حق مضمون دستوريا، فإن دعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عنه لا يسقط بالتقادم”[40].

ورغم ثبات استقرار العمل القضائي على قاعدة عدم جواز القول بسقوط التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية بسبب التقادم، إلا أن الإدارة لا تزال تحاول أن تحيد القضاء عن هذا التوجه، وإن لم يكن لمقتضى الفصل 106 ق. ل. ع[41] السالف الذكر أي أثر فإنها قد عمدت إلى التحجج بمقتضى الفصل 391 من نفس القانون الذي ينص على أن: “الحقوق الدورية والمعاشات وأكرية الأراضي والمباني والفوائد وغيرها من الأداءات المماثلة تتقادم في مواجهة أي شخص كان بخمس سنوات ابتداء من حلول كل قسط”، وقد تصدى لها القضاء بنفس المبادئ التي دحض بها إمكانية إعمال الفصل 106 في قضايا التعويض عن الاعتداء المادي على العقار حيث أكد قرار للمجلس الأعلى على أنه: “لما كان الفصل المحتج بخرقه ينطبق على الأداءات الدورية التي  ليس من بينها التعويض عن فعل غير مشروع، فإن القرار المطعون فيه لما رد الدفع المذكور بأن الاعتداء المادي يشكل واقعة مستمرة لا تسقط بالتقادم مادامت الإدارة لم ترفع يدها على العقار ولم تقم بجبر الضرر وبذلك لا تسري أحكام التقادم على فعل غير مشروع تكون بتعليلها هذا قد أجابت الطاعنة إجابة كافية كما أثير وتكون الوسيلة دون أساس”[42].

وبهذا يتأكد أنه لا تأثير للتقادم المسقط على التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية ولا مجال لإسقاط الفصلين 106 و 391 من ق. ل.ع على هذا النوع من التعويضات حسب التوجه القضائي المستقر الذي ينعكس بوضوح في آخر قرار تحصلنا عليه :”وحيث إن الدفع بالتقادم لا يستقيم وثبوت قيام واقعة الاعتداء المادي على عقار المستأنف عليها، طالما أن هذه الواقعة قائمة ومستمرة ولم يتم تعويض المتضررين عنها، مما يجعل السبب في هذا الشأن عديم الاعتبار”[43]، الأمر الذي يحمي حقوق المالك المعتدى على ملكه  ويحول دون تحصن الإدارة بالتقادم، لكنه في المقابل يغفل تحميل المالك ولو شطرا يسيرا من المسؤولية جراء تهاونه وتراخيه في المطالبة بحقوقه أمام- القضاء، ولأجل تجاوز ذلك اقترح الأستاذ عبد العتاق فكير التخفيف من حدة عدم تحقق التقادم بتحميل المالك المتهاون شطرا من المسؤولية، خاصة وأن بعض المنازعات المتعلقة بالاعتداء المادي رفعت من طرف الجيل الثالث أو الرابع من المالكين ويعود تاريخ وقوع الاعتداء فيها لبداية الحماية[44]، وهو التوجه الذي نؤيد جزئيته الأخيرة لاعتبار رجاحة منطقه بدل التحصين المطلق للمطالبة بالتعويض من التقادم ولو نتج عن اعتداء مادي من جهة الإدارة إلا أنه لا يمكن التغاضي عن أسباب التأخير المبالغ فيه من طرف المالك في مباشرة مطالبته القضائية بالتعويض، والتي نرى أنها يجب أن تكون مبررة وحقيقية لتفعيل قاعدة منع التقادم المسقط في هذه القضايا.

ثانيا : التعويض عن الحرمان من الاستغلال وعن فقدان الرقبة في قضايا الاعتداء المادي على الملكية العقارية

يحق لصاحب العقار المعتدى عليه ماديا من طرف الإدارة المطالبة بتعويضين منفصلين عن بعضهما البعض وهما التعويض عن الحرمان من الاستغلال (1) والتعويض عن فقده الرقبة (2).

 

1–  التعويض عن الحرمان من الاستغلال

التعويض عن الحرمان من الاستغلال، هو التعويض عن فوات الكسب الناتج عن حرمان صاحب العقار من المردودية التي كان يجنيها من أرضه لو لم تتدخل الإدارة وتمنع حقه في ذلك الاستغلال، فهو بصيغة ثانية تعويض عن ما فات مالك العقار المعتدى عليه من كسب وما حرم منه من نفع، ويكون تعويضا مستقلا عن تعويض فقد العقار نهائيا[45]، ويجد التعويض عن الحرمان من الاستغلال سنده في الفصل 98 من ق.ل.ع حيث يستحق المضرور التعويض الناتج عن الجرائم وأشباه الجرائم الذي يشمل الخسارة التي لحقت المدعي فعلا، والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب أضرارا به، وكذلك ما حرمه من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل.

وبناء على سند الفصل 98 ق.ل.ع أكد العمل القضائي على أن التعويض كما يشمل في حالة الاعتداء المادي على العقار القيمة العقارية للمساحة التي تم وضع اليد عليها فإنه يمكن أن يشمل أيضا التعويض عن الحرمان من الاستغلال، ولكن السؤال الذي يطفو إلى السطح يتعلق بنطاق احتساب هذا التعويض في الزمن؟ وهل يجبر مالك العقار المعتدى على ملكيته على إثبات تفويته للكسب أو ما حرم منه من نفع جراء اعتداء الإدارة؟

لقد كان التوجه القضائي في البداية يمنح تعويضا عن الحرمان من استغلال العقار من تاريخ حيازته إلى تاريخ إجراء الخبرة، لكن الوكالة القضائية للمملكة استطاعت أن تكرس توجها قضائيا يوقف الاستفادة من هذا التعويض بمجرد إنشاء مرفق عام على العقار فلا يستحق صاحبه بعدها أي تعويض  عن الحرمان من الاستغلال، إذا صدرت  أحكام عن مختلف محاكم المملكة تقر أن التعويض عن الحرمان من الاستغلال لا يستحق إلا إذا تجاوزت الفترة الفاصلة بين وضع اليد وإنشاء المرفق العام سنة واحدة وهو التوجه الذي أكده المجلس الأعلى في قراره: “لكن حيث إنه يتبين من الخبرة المأمور بها أن تاريخ الاحتلال يرجع إلى سنة 1974 أن البناء قد تم الشروع فيه خلال السنة الموالية أي سنة 1975، وأن المحكمة الإدارية قضت للمستأنفين بالتعويض عن فقد الرقبة دون التعويض عن الحرمان من الاستغلال يكون قضاؤها مؤسسا ما دامت عملية البناء قد تم الشروع فيها مباشرة عقب الاحتلال. وأن المطالبة بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال لا يكون لها محل إلا إذا كانت الفترة الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق العام قد تجاوزت أكثر من سنة فكان ما قضى به الحكم المستأنف مؤسسا وواجب التأييد”[46].

ويقصد بتاريخ إنشاء المرفق العمومي تاريخ إتمامه والشروع في إسداء خدماته للعموم لا مجرد بداية أشغال وضع أولى لبناته وهو ما أسسه العمل القضائي بشكل متواتر في مجموعة من قراراته، كما جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط: “لئن كان يحق للمالك المستظهر بسند رسمي على ثبوت تملكه للعقار المعتدى عليه ماديا أن يطلب برفع حالة الاعتداء، وبالتعويض عن حرمانه من استغلال ملكه، فإن ذلك يبقى مقيدا بعدم إتمام إنشاء المرفق العام عليه، إذ لا يمكنه حينئذ سوى المطالبة بالتعويض عن فقد ملكه بصفة غير مباشرة، حماية للمال العام، وبالتعويض عن الحرمان من استغلال عقاره من تاريخ الاعتداء عليه إلى تمام إحداث المرفق العام والشروع في إسداء خدماته للعموم”[47].

ذات المقتضى أكدته نفس المحكمة في سياق قرار آخر جاء فيه: “حيث إنه فيما يخص طلب التعويض عن الاستغلال، فإن هذا النوع من التعويض يقتضي تحديد تاريخ وضع الإدارة يدها على العقار وتاريخ انتهاء الأشغال وافتتاح المرفق أو المنشاة العمومية وتقديم خدماتها للجمهور، وكذا الاستغلال الذي تم حرمان المدعي منه، وهو مالم يستطع بيانه، ويتعين بالتالي عدم قبوله على حاله”[48].

وأمام وضوح التوجه القضائي السابق واستقراره، يثير الأستاذ عبد العتاق فكير[49] إشكالية مهمة تتعلق بحالة المنشأة أو المرفق العمومي الذي تنتهي الإدارة من تشييده فوق العقار المعتدى عليه ماديا ولكن لا يزال هذا العقار في اسم مالكه الأصلي، في حين يقضي القضاء بعدم أحقية الأخير في التعويض عن الحرمان من الاستغلال بمجرد انتهاء الأشغال بعلة فقد ملكه جبريا بتاريخ إقامة المرفق العمومي عليه، فبأي أساس يتم حرمانه من تعويض الفترة الممتدة من انتهاء الأشغال إلى حين نقل الملكية بطريقة قانونية إلى الإدارة؟، خاصة وأن هناك تناقضا بين التوجهات التي تقضي بأن انتهاء الأشغال فوق العقار المعتدى عليه ماديا يفقد صاحبه ملكه جبريا رغم أن الإدارة لا تزال مستمرة في اعتدائها المادي  ودون سلوكها لمسطرة نزع الملكية المنصوص عليها قانونا وبين توجه المجلس الأعلى الذي يقطع مع إمكانية نقل الملكية غير المباشر.

هذا التساؤل أوجدت له غرف محكمة النقض الفرنسية مجتمعة جوابا حين قضت بأنه لا يمكن نقل الملكية غير المباشر اعتمادا على نظرية عدم جواز هدم المنشأة العامة ولو تم إحداثها عن طريق الاعتداء المادي المقررة منذ سنة 1853، وأوصت بوجوب الحكم بتعويض سنوي للملاك إلى حين اقتناء الأرض بالطرق المحددة قانونا[50]، بصيغة أخرى يجب أن لا يتم حرمان مالك العقار المعتدى عليه ماديا من التعويض عن الاستغلال بمجرد إنشاء المرفق العمومي ولكن إلى غاية تسوية وضعية العقار رفعا للتناقض الواقع أعلاه ومنعا لنقل الملكية غير المباشر الذي يشجع الإدارة على هذه الظاهرة مادامت تعفيها من سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة المنصوص عليها في القانون 7.81.

وفي سياق آخر فإنه يتوجب على صاحب العقار المعتدى عليه إثبات نوعية وطبيعة الاستغلال الذي حرم منه خلال الفترة الممتدة من وضع اليد إلى انتهاء الأشغال بالمرفق العام، حيث  جاء قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش مؤكدا هذا الشرط: “وحيث أنه من جهة ثانية فإن التعويض عن الحرمان من الاستغلال حسبما استقر عليه الاجتهاد القضائي في المادة الإدارية (…) لا يحكم به إلا إذا أثبت صاحب الشأن نوع الاستغلال الذي حرم منه ومدته وهو أمر غير ثابت في نازلة الحال مما تكون معه المحكمة قد جانبت الصواب لما قضت بالتعويض المذكور، كما أن الفوائد القانونية تفرض فقط لتغطية الضرر الناتج عن التأخير”[51].

وجاء في قرار آخر لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط: “أنه مما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد، أن الاجتهاد القضائي للغرفة الإدارية بمحكمة النقض ومن خلال عدد من القرارات الصادرة عتها ومن ضمنها القرار عدد 886 الصادر بتاريخ 22/12/2004 في الملف الإداري  عدد 730/03، القرار عدد 602 الصادر بتاريخ 11/10/2004 في الملف الإداري عدد 3047/4/3/2005، والقرار عدد 453 الصادر بتاريخ 05/07/2006، أصبح متوترا على أنه يشترط للمطالبة بأي تعويض عن هذا الحرمان بالإضافة إلى بيان الفترة التي تحقق فيها، إثبات نوعية وطبيعة الاستغلال الذي حرم منه المعني بالأمر، وبالتالي وفي ظل عدم بيان المستأنف عليه لهذه الفترة والتي تمتد من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ إحداث المنشأة، فضلا عن عدم إثباتها لنوعية الاستغلال الذي كان مخصصا له عقارها بموجب وثائق التعمير التي كانت سارية المفعول والذي حرمت منه فعلا، فإن ذلك يعني أن طلبها الرامي إلى التعويض عن هذا الحرمان يبقى غير مؤسس قانونا”[52].

2-التعويض عن فقدان الرقبة

تعود قاعدة عدم إمكانية هدم المنشأة العامة ولو أنشئت بطريقة غير قانونية إلى الواجهة عند الحديث عن التعويض عن فقد ملكية العقار المعتدى عليه ماديا من طرف الإدارة، فكلما كانت الأشغال المنجزة من طرفها قد قطعت أشواطا مهمة أو انتهت بالفعل فإنها تصبح ملكا عاما ولا يؤثر فيها ما يمكن أن ينسب للإدارة من غصب واعتداء على العقار المقامة عليه، ولا يبقى للمالك الأصلي المتضرر سوى المطالبة بتعويض عن فقدان الرقبة ما دام من المستحيل إرجاع الأمور إلى ما كانت عليه قبل قيام هذا الاعتداء.

وينبغي لهذا التعويض أن يكون مطابقا للقيمة الحقيقية للعقار يبتدئ احتسابه منذ تاريخ المطالبة القضائية به أي منذ تاريخ تقديم المتضرر لمقاله الافتتاحي للدعوى وليس من تاريخ وضع الإدارة يدها على العقار، وهو ما أشارت إليه محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط حين ميزت بين تحديد التعويض في إطار نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبين تحديده في إطار الاعتداء المادي، إذ جاء فيه: “إن تحديد ثمن العقار استنادا إلى تاريخ وضع اليد يكون عند سلوك مسطرة نزع الملكية ذلك أن هذا الثمن يحدد استنادا إلى تاريخ نشر المرسوم المعلن للمنفعة العامة بالجريدة الرسمية، أما حينما يتعلق الأمر باعتداء مادي، فالتعويض المتمثل في تحديد قيمة الأرض يقدر انطلاقا من تاريخ تقديم الطلب”[53].

وقضت المحكمة الإدارية في حكم لها بمجموعة من النقاط الواجب استحضارها عند تقدير التعويض عن فقد الرقبة في حالة الاعتداء المادي: “وحيث مما لا مراء فيه أن التعويض عن فقدان العقار يستند إلى مجموعة من المعطيات المتمثلة أساسا في:

– أن يشمل التعويض الضرر الحالي والمحقق والناشئ مباشرة عن فقد ملكية العقار.

– أن يأخذ التعويض بعين الاعتبار قيمة العقار بالنظر إلى حالته وموقعه واستعماله، وكذا الأثمنة التي بيعت بها العقارات المجاورة استنادا إلى الاختلاف المتواجد مع عناصر المقارنة.

– أن يتم تحديد التعويض بحسب قيمة العقار في تاريخ تقديم الطلب إلى المحكمة”[54].

وعلى بساطة الطرح السابق تثار في خضمه إشكاليات بالجملة ترتكز أساسا حول نقل ملكية العقار الذي يكون موضوع التعويض في إطار الاعتداء المادي للإدارة والذي يصطدم مع التوجه الذي كرسه القضاء الإداري برفض إقرار إمكانية نقل الملكية مقابل التعويض المحكوم به مستندا في ذلك على عدم جواز إضفاء المشروعية على عمل غير مشروع[55] ويعتبر أن الإدارة مطالبة عند رغبتها بتسوية العقار الذي أدت ثمنه أن تسلك مسطرة نزع الملكية[56].

ثم أنه في نفس إشكالية قاعدة نزع الملكية غير المباشر الذي تطرقنا لجزء منه في قضية التعويض عن فقدان الاستغلال، فإنها تظهر أيضا في قضية التعويض عن الرقبة لما تخلقه من أوضاع شاذة إذ في ظل عدم إمكانية إعمال نظرية نزع الملكية بطريقة غير مباشرة في المغرب فإن الإدارة تؤدي التعويض الكامل عن رقبة عقار محفظ مشيد عليه مرفق عام ومع ذلك يظل العقار في اسم مالكه الأصلي مادامت المنشأة العامة أو تسليم التعويض لا أثر لهما في الصكوك العقارية، وأن المحكمة لا تقر للإدارة بعد تعويضها عن فقد الرقبة في قضايا الاعتداء المادي بكونها أصبحت  هي المالكة، بل وحتى وإن لجأت الإدارة المعتدية لاحقا إلى مسطرة نزع الملكية لتسوية وضعية العقار فإنها ستصطدم بكون نصوص القانون رقم 7.81 تربط بين الحيازة ونقل الملكية وتحديد التعويض مع بيان قواعد تحديدها وتاريخ إيداعها والفوائد المترتبة عنها في حالات معينة ومن ثمة تكون هذه التسوية القانونية مستحيلة حتما[57].

ويرى توجه مؤيد لنزع ملكية العقار المعتدى عليه ماديا ولو بطريقة غير مباشرة أن  نقل ملكية العقار بعد أداء الإدارة لتعويض الرقبة ليس سوى تحصيل حاصل مادام أن المالك الأصلي قد فقد الملكية بالحكم النهائي القاضي بالتعويض وعدم الإقرار للإدارة بكونها أضحت هي المالكة معناه أن العقار موضوع النزاع قد أضحى دون مالك وهو ما لا يعقل ولا يستساغ، بل إن مجرد مطالبة المالك الأصلي بالتعويض عن الرقبة يعني تنازله الصريح للإدارة عن ملكية العقار المعتدى عليه وبالتالي لا يكون الحكم القضائي سوى كاشف عن هذه الوضعية ومرتب للأثر القانوني لحصول المالك الأصلي للعقار على ثمنه، وأن القول بضرورة سلوك مسطرة نزع الملكية كوسيلة وحيدة لنقل الملكية هو حكم لا أساس له ما دامت الإدارة المعتدية سبق وألزمت بأداء قيمة العقار في إطار دعوى الاعتداء المادي ولم يعد للعقار مالك بعد هذا الأداء  مما يجعلها في استحالة قانونية لممارسة مسطرة نزع الملكية حيث أنه لا يمكنها رصد التعويض مرتين عن نفس العقار بل أكثر من ذلك لا يمكن لقاضي نزع الملكية أن ينظر في التعويض وهو قد سبق له الحسم فيه في دعوى التعويض عن الاعتداء المادي (…) وغيرها كثير من الأسباب التي تشبث بها هذا التوجه لتأييد نزع الملكية غير المباشر[58]، متناسيا سببا بسيطا وهو أن كل هذه التبريرات تسقط ومبدأ حماية الملكية العقارية من اعتداء الإدارة ماديا عليها دون سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية، وأن تأييد نزع الملكية غير المباشر يعني إعطاء الإدارة الضوء الأخضر والمبرر السهل لتنامي ظاهرة الاعتداء المادي.

لهذا يكون الحل الأنسب لهذه المشكلة القانونية التي تفرض نفسها على القضاء هو عدم منح الإدارة المعتدية ماديا على العقار تعويضا عن فقدان الرقبة للمالك الأصلي إلى حين نقل ملكيته لفائدتها في إطار القانون 7.81، ويكتفى بمنح تعويض عن الاستغلال إلى حين تحقق نقل تلك الملكية بشكل قانوني يقطع مع نظرية نزع الملكية غير المباشر، وهو ما يعيدنا من جديد إلى وجاهة توجه محكمة النقض الفرنسية السالف الذكر حين أقرت التعويض السنوي عن الاستغلال للملاك إلى حين نقل الملكية بشكل قانوني، ووجاهة طرح الأستاذ عبد العتاق فكير[59] الذي نؤيده بدورنا كحل وسط يحقق التوازن بين الطرفين ويقي القضاء من التناقضات الشاذة في هذا الموضوع.

 

 

 

 

الفقرة الثانية: معايير تقييم التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية

إن القضاء الإداري ومن أجل تقديره للتعويض عن الاعتداء المادي يراعي مجموعة من الضوابط وتاني تشمل كلا من طبيعة العقار وموقعه وخصائصه ومساحته ( أولا)، كما أنه يُستند لنتائج الخبرة كآلية مساعدة لتقدير التعويض( ثانيا).

أولا: الضوابط المعتمدة في تحديد التعويض عن الاعتداء المادي    

إن تحديد التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية من الأمور التي تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع، وذلك باعتماده على مجموعة من الأسس والضوابط في تحديد هذا التعويض، والمتمثلة أساسا في طبيعة العقار وموقعه وخصائصه ومساحته، فالعقار المتواجد في المدار الحضري مثلا يختلف عن العقار المتواجد خارج هذا المدار من حيث القيمة، كذلك بالنسبة للعقار المبني والعقار غير المبني، لهذا فإن المحكمة ينبغي عليها أن تأخذ بعين الاعتبار كل هذه العناصر عند تقديرها للتعويض[60].

ومن أمثلة ذلك الحكم الصادر عن إدارية فاس الذي جاء فيه”… وحيث إن هذه المحكمة وتبعا لما لها من سلطة تقديرية في تقييم نتيجة الخبرة، واعتبارا من جهة لموقع العقار المتواجد بإقليم الحسيمة دائرة بني ورياغل جماعة إمزورن، المحل المدعو تلا يوسف ، واعتبارا من جهة ثانية كون الأمر يتعلق بعقار محفظ خارج تصميم التهيئة ولا تغطيه أي وثيقة تعمير، وبالنظر من جهة أخرى إلى مواصفات العقار الذي يعتبر أرضا عارية منكسرة جهة البحر ولا وجود لأي بناية حوله عدا ميناء إناون، وبالنظر من جهة أخرى إلى المساحة المقتطعة لإحداث الطريق المحددة 205 متر مربع مقابل المساحة الإجمالية للعقار والمحددة في 722 متر مربع، فإن هذه المحكمة بما لها من سلطة تقديرية تقرر تحديد قيمة المتر مربع الواحد في مبلغ 60000 درهم، وبالتالي قيمة التعويض الإجمالية في مبلغ 12300000 درهم، تؤديه وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في شخص وزيرها لفائدة المدعية”[61].

وفي نفس الاتجاه جاء في قرار لمحكمة النقض بشأن تحديدها للتعويض عن الاعتداء المادي، بحيث اعتمدت في ذلك على موقع ومواصفات العقار”(…) حيث إنه لما تبين للمحكمة من تقرير الخبير فإن هذا الأخير عاين القطعة الأرضية موضوع النزاع فتأكد له أنها توجد على الضفة اليمنى لطريق مكناس، بمخرج مدينة مريرت بموقع لا بأس به مقترحا مبلغ  1700 درهم للمتر مربع الواحد، واعتبرت هذا الثمن لا يتسم بأي غلو في التقدير، اعتمادا على صغر مساحة  القطعة الأرضية المحددة في 100 متر مربع، وعلى مواصفاتها المشار إليها أعلاه، فإنها قد أبرزت عناصر التقييم المعتمد من طرفها وعللت قرارها تعليلا كافيا.[62]

يلاحظ من خلال هذا الحكم أنه اعتمد على خصائص العقار وموقعه ومساحته، ولم يشر إلى المقارنة[63] بينه وبين عقارات مجاورة له لها نفس المواصفات في تحديد التعويض، الأمر الذي ينطبق على أغلب الأحكام في هذا الشأن، ومعلوم أن المقارنة هي من مهام الخبير أثناء إنجازه للخبرة، غير أن القاضي يجب عليه أخذها بعين الاعتبار عند تحديده للتعويض، أو الإشارة إلى استناد القاضي إلى عقود المقارنة المدلى بها من طرف الخبير، على اعتبار أن هذه العقود تتضمن مساحات العقارات والأثمنة التي فوتت بها، ومن ذلك الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس الذي جاء فيه: “(…) وحيث إن هذه المحكمة وتبعا لما لها من سلطة تقديرية في تقييم نتيجة الخبرة، واعتماد من جهة لموقع العقار(…) وبالنظر إلى عقود المقارنة المدلى بها من طرف الخبير رفقة تقريره، فإن هذه المحكمة بما لها من سلطة تقديرية تقرر تحديد قيمة المتر المربع الواحد في 8000 درهم، وبالتالي قيمة التعويض في مبلغ 240800 درهم.[64]

والقضاء الإداري حين تقديره للتعويض من أجل جبر الضرر الحاصل جراء الاعتداء المادي الممارس من طرف الإدارة، فإنه لا يأخذ مميزات العقار بعين الاعتبار فقط، بل إنه يأخذ بعين الاعتبار كذلك المساحة المعتدى عليها وليس فقط الجزء المشيد عليه المرفق العام، وهو ما جاء في قرار لمحكمة للمجلس الأعلى سابقا –محكمة النقض حاليا-: ” (…) وحيث لا شيء في القانون يوجب التمييز في التعويض عن القطعة الواحدة حسب استغلالها مما يجعل الحكم المستأنف مجانبا للصواب عندما عوض المستأنف عليهم فقط عن المساحة التي طالها الغصب مما يتعين معه تعديل الحكم المستأنف.[65]“.

وفي نفس الاتجاه ذهبت المحكمة الإدارية بمكناس على نفس النهج السابق، إذ جاء في قضاءها أنه: “(…) من منطلق أن معطيات الخبرة المنجزة قد أفادت كون المساحة المعتدى عليها من عقار المدعين بمناسبة أشغال تقوية الطريق هي 3091 متر مربع وأن المساحة المتبقية وقدرها 795 متر مربع لم تعد بدورها صالحة لأي استعمال بما يعنيه ذلك من ضرورة تعويض المدعين عن المساحة الإجمالية  لهذا العقار برمتها البالغة 3691 متر مربع (…)”[66].

كما أن مساهمة القضاء الإداري لم تتوقف عند الأخذ بمميزات العقار بعين الاعتبار، وأن يكون التعويض شاملا لمجموع المساحة المعتدى عليها، بل جاء بمجموعة من الاجتهادات القضائية الأخرى، ومن ذلك أن التعويض عن الاعتداء المادي لا يخضع للضريبة على الأرباح العقارية، وقد جاء في القرار عدد 786 لمحكمة النقض ما يلي: “(…) من المقرر أن النص الضريبي يجب أن يفسر بالمعنى الأكثر فائدة للملزم باعتباره الطرف الضعيف في مواجهة الإدارة، ولما كانت المادة 61 من المدونة العامة للضرائب في فقرتها الثانية قد عرفت وحصرت الأرباح العقارية في الأرباح المثبتة أو الملحقة بمناسبة بيع عقارات واقعة بالمغرب أو تفويت حقوق عينية عقارية متعلقة بالعقارات المذكورة، فإن المحكمة حينما أخضعت التعويض المحكوم به للطالبين عن غصب عقارهم من طرف الإدارة الضريبية على الأرباح العقارية، رغم أنه لم يكن نتيجة بيع أو تفويت، تكون قد توسعت في تفسير مقتضيات المادة 61 أعلاه، ولم تجعل لما قضت به أساسا”[67].

وإذا كان القاضي الإداري عند تحديده للتعويض يهدف بالأساس إلى التقليل من الآثار السلبية للاعتداء المادي على الملكية العقارية، إلا أنه في كثير من الأحيان يضيف معايير بغية خلق توازن بين المصلحتين المتعارضتين (مصلحة الإدارة ومصلحة المتضرر)، وذلك استنادا لمعيار المنفعة العامة، غير أن هذا المعيار في اعتقادنا أمكن اعتماده لو أن الإدارة اتبعت المساطر القانونية المقررة في إطار قانون نزع الملكية، أما والحالة هذه، فالأمر يستدعي تعامل الإدارة بمعزل عن امتيازات السلطة العامة.

 

 

ثانيا: الخبرة كآلية مساعدة لتقدير التعويض عن الاعتداء المادي

تعرف الخبرة عموما بأنها الإجراء الذي يستهدف الاستعانة بذوي الاختصاص والاسترشاد بآرائهم لجلاء مسألة غامضة يحتاج حلها إلى دراية علمية فنية تخرج عن إطار التكوين العام للقاضي[68].

فقبل البت في جوهر الدعوى، يمكن للمحكمة سواء بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن تأمر بإجراء خبرة[69]، وهو في جميع الأحوال أمر مرجعه رغبة المحكمة في استجلاء الحقيقة أو الاستئناس برأي الخبير، وحيث أن المحكمة لا تتوفر حاليا على العناصر الكافية التي تسمح لها بتحديد مبلغ التعويض عن الاعتداء المادي، مما ارتأت معه إصدار حكم تمهيدي يقضي بإجراء خبرة تراعى فيها العناصر اللازمة للبت في طلب التعويض عن الأضرار نتيجة الاعتداء المادي على الملكية العقارية، هذا والحكم التمهيدي القاضي بإجراء الخبرة يتعين أن يتضمن البيانات التالية[70]:

– اسم الخبير وصفته وعنوانه؛

– تحديد مأموريته التقنية بدقة، والتي لا علاقة لها مطلقا بالقانون (الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من ق. م. م)؛

– تحديد موعد إجراء الخبرة وذلك للانتقال الى عين المكان قصد معاينة العقار محل النزاع ووصفه وصفا دقيقا من حيث النوع والموقع والمساحة والمميزات والمشتملات؛

– التأكد من واقعة احتلاله وتاريخها وتحديد الجهة التي احتلته والمساحة المحتلة بدقة ( انجاز رسم بياني يوضح وضعية العقار والمنشآت المقامة فوقه بدقة)؛

– تقدير قيمة التعويض المستحق للطرف المدعي عن مساحة العقار التي وقع الاعتداء عليها، وذلك بالاعتماد على مساحته  وموقعه ونوع الاستعمال المعد له، وذلك بالمقارنة مع عقارات مماثلة لها نفس المواصفات بالمنطقة مع الإدلاء برسوم الأشرية والبيوعات التي تؤدي ذلك؛

– وضع تقرير الخبرة بكتابة ضبط المحكمة[71].

وفي جميع الأحوال يجب أن تأتي الخبرة بمعطيات تقنية تسمح للمحكمة بتقدير القيمة الحقيقية للملك، ولها أن تأخذ بهذه الخبرة أو تصرف النظر عنها جملة وتفصيلا. فلا يلزم القاضي في أي حال من الأحوال الأخذ برأي الخبير (الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من ق. م. م تنص على أنه” لا يلزم القاضي الأخذ برأي الخبير المعين، ويبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من اجل استيضاح الجوانب التقنية في النزاع). فللمحكمة أن تستأنس بالآراء الفنية للخبراء فتأخذ منها ما تطمئن إليه في تكوين قناعتها وتطرح ما عداه[72].

والاستعانة بالخبرة في مجال تقدير التعويض عن الاعتداء المادي، تكاد تكون أمر ضروريا، مع الإشارة إلى أن الغرفة الإدارية لا تقبل التقدير التي تقوم به المحاكم أول درجة بصورة جزافية، ومن غير اللجوء إلى أهل الخبرة[73]، ومن ذلك حكم تمهيدي صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش في شأن الاستعانة بخبير من أجل البت في الدعوى حيث جاء فيه: “(…) وحيث يقتضي البت في الدعوى التأكد من واقعة الاعتداء المادي على العقار المدعى فيه، وتحديد المساحة المعتدى عليها، والجهة المسؤولة عن هذا الاعتداء، ثم تحديد قيمة التعويض عن المساحة المعتدى عليها، وهي أمور تقنية تستوجب انتداب خبير مختص للقيام بهذه المهمة، مما ارتأت معه المحكمة الأمر تمهيديا بإجراء خبرة فنية على محل النزاع”[74].

وفي نفس الاتجاه استندت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط على تقرير الخبرة من أجل تحديد موقع العقار ومواصفاته، وجاء في القرار ما يلي: “(…) وحيث إنه من ناحية ثالثة وفيما يخص سبب الاستئناف المتصل بعدم الأخذ بعين الاعتبار عنصر المنفعة العامة في تحديد التعويض فإنه ما تجب الإشارة إليه لما كان تقرير الخبرة أشار إلى موقع العقار ومواصفاته واستعماله واقترح تعويضا مقابل نزع ملكية القطعة، فإن المحكمة بأخذها بالتقرير المذكور وباقي وثائق الملف، تكون راعت عنصر المنفعة التي استهدفت العقار وأعملت سلطتها التقديرية المستمدة عناصرها من المؤشرات المذكورة في تحديد التعويض.

وحيث إنه من ناحية رابعة وفيما يخص سبب الاستئناف المتصل بالغلو في تقدير التعويض، فإنه ما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد أن التعويض عن الضرر يدخل في صميم السلطة التقديرية للقاضي وذلك بالاعتماد ما تم تقديمه من وثائق ومستندات وبالاستعانة بوسائل تقنية وفنية (…)”[75].

وفي نفس السياق، جاء في قرار حديث لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط المؤرخ في 07/02/2019ـ بين الجماعة الحضرية لمدينة تازة من جهة، ضد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من جهة أخرى ما يلي: “حيث يستفاد من وثائق الملف ومضمن الحكم المستأنف أن المستأنف عليها( المدعية)، تقدمت بتاريخ 25/04/2016 بمقال افتتاحي أمام المحكمة الإدارية بفاس عرضت فيه أنها وباعتبارها الوزارة الوصية والمشرفة على الأحباس المعقبة وتوجد تحت إدارتها ومراقبتها القطع المعقبة التحبيس من طرف المسمى بن حمو ذات الرسم العقاري عدد ……/ف، والقطعة المسماة حبوس تازة، ذات الرسم العقاري عدد ……/ف، وأن جماعة تازة قامت باحتلال هذه القطع وأقامت فوقها طرقا معبدة مما جعل عملها اعتداء ماديا غير مشروع والتمست الحكم على الجماعة المدعى عليها برفع الاعتداء المادي  الواقع  على هذه العقارات واحتياطيا الحكم لهم بتعويض مؤقت قدره 15000 درهم مع إجراء خبرة لتحديد التعويض المناسب.

لكن، حيث يستشف من وثائق الملف وحيثيات الحكم المستأنف أن المستأنف عليها مالكة للعقارات موضوع الدعوى بمقتضى شواهد للملكية العقارية صادرة عن المحافظة العقارية بتازة، مما يجعل صفتها في الإدعاء محققة ويكون السبب المثار بهذا الشأن غير قائم على أساس ويتعين استبعاده.

وحيث من جهة أخرى، فإنه بالرجوع إلى تقرير الخبرة المنجزة ابتدائيا، يتبين أن الخبيرة خلصت إلى وجود طرق عمومية على عقارات المستأنف عليها محدثة من  طرف جماعة تازة دون سلوك هذه الأخيرة للمسطرة القانونية لنزع الملكية، مما يجعل دفع الجماعة بانعدام مسؤوليتها عن إنشاء الطرق غير مرتكز على أساس، سيما وأنها من خلال منازعتها في مبلغ التعويض والاحتجاج بمقتضيات المادتين 31 و 37 من قانون التجزئات العقارية وقانون التعمير تقر بوجود الطرق وإحداثها، مما يجعل ما بالسبب غير مرتكز على أساس (…).

وحيث إنه بخصوص قيمة المتر المربع المعتمدة في تحديد التعويض، فإن المحكمة وفي إطار سلطتها التقديرية واعتبارا لخصائص العقارات موضوع الدعوى وطبيعتها حددت قيمتها على أساس 800 درهم للمتر المربع الواحد، بعد مصادقتها على الخبرة المنجزة التي جاءت وفق الشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة قانونا، ولا يمكن إلزام المحكمة بإجراء خبرة جديدة، طالما أن الخبرة التي سبق إنجازها ابتدائيا وفرت جميع المعطيات التقنية والفنية والواقعية الضرورية للبت في موضوع الطلب، علما أن التعويض عن الاعتداء المادي يحدد على أساس قيمة العقار بتاريخ رفع الدعوى كما ذهب التوجه القضائي الإداري. وحيث إنه تأسيسا على كل ما تم بسطه أعلاه، يكون الحكم المستأنف فيما قضى به صائبا ويتعين تأييده”[76].

يستفاد من هذا القرار أن القضاء الإداري يذهب في اتجاه التأكيد على التزام الإدارة بالمقتضيات القانونية والإجرائية  بصدد مباشرتها لوضع اليد على العقارات في إطار نزع الملكية، تحت طائلة اعتبارها في وضعية اعتداء مادي على الملكية العقارية، مع ما يترتب عن ذلك من تأخير في تنزيل الأهداف المبرمجة  بموجب تصميم التهيئة العمرانية.

وإذا كان تقرير الخبير يستند إلى مجموعة من المعطيات التقنية والفنية التي على أساسها يخلص إلى تقدير مبلغ التعويض، فإن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الإطار هو مدى إمكانية تجريح الخبير، بالرغم من أن التقييمات التي يقوم بها الخبراء في ميدان التقييم لا تعدو أن تكون مجرد آراء غير ملزمة للقاضي، وهو ما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط مايلي: “(…) لكن، حيث إنه من جهة، وفيما يخص سبب الاستئناف المتعلق بخرق مقتضيات الفصل 62 من قانون المسطرة المدنية، فإن مما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد أن الاجتهاد القضائي لهذه المحكمة قد تواتر على اعتبار أن الفصل 62 المذكور أعلاه إذا كان قد نص على إمكانية تجريح الخبير من لدن المعني بالأمر داخل خمسة أيام من تاريخ تبليغه بتعيين الخبير، فإن ذلك لا يعني إلزامية هذا التبليغ، مادام أن المشرع لم يرتب على ذلك أية أثار قانونية معينة، وليس من شأن عدم احترامه بطلان إجراءات الخبرة، لأنه حتى في حالة عدم تحقق تبليغ الحكم التمهيدي بتعيين الخبير أو استبداله للطرف المعني بالأمر فإن الأجل المذكور، وفقا لما أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض من خلال قرارها عدد 1084 الصادر بتاريخ 16/09/1999 في الملف الإداري عدد 1308/98 والذي جاء فيه على أن: “عدم تبليغ القرار التمهيدي لإتاحة الفرصة للتجريح في الخبير ليس فيه أي خرق لحقوق الأطراف، حيث يمكنهم التجريح بمجرد توصلهم بالاستدعاء لحضور إجراءات الخبرة، مما يبقى معه هذا السبب المثار من طرف المستأنفة غير قائم على أساس.

وحيث إنه من جهة ثانية، وفيما يخص سبب الاستئناف المتصل بالخبرة ومبلغ التعويض المحكوم به، فإن هذه المحكمة وفي إطار الأثر الناشر والناقل للاستئناف والذي يعيد نشر ونقل القضية من جديد أمام محكمة الدرجة الثانية بجميع ما يتضمنه من عناصر قانونية وموضوعية، وما دامت الخبرة هي مجرد إجراء تحقيقي قد تلجأ إليه المحكمة وذلك في إطار إجراءات تحقيق الدعوى المخولة لها قانونا والمنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، من أجل استجلاء إحدى المسائل التقنية والواقعية التي يتوقف البت في الدعوى على التحقق منها، إذ أنها تبقى وفي جميع الأحوال غير ملزمة بالتقرير الذي قد ينجز من قبل الخبير المعين من طرفها، مادام أنه يمكنها دائما أن تأخذ بها كليا أو جزئيا أو تستبعدها، وبما لها من سلطة تقديرية في تحديد مبلغ التعويض الذي قد يكون مستحقا للمستأنف عليها وذلك في ضوء تقييمها لنتيجة الخبرة، التي تبقى مستوفية للشروط الشكلية المنصوص عليها قانونا (…)”[77].

من كل ما سبق يمكن القول أن عمل الخبير ومساعدته للقضاء وإسهامه في تكوين قناعة القاضي أمر ضروري يستند إليها هذا الأخير في تحديد التعويض، على اعتبار أنه تعتمد على معطيات ميدانية وواقعية ومنجزة وفق معايير علمية دقيقة، غير أن ذلك يستلزم ضرورة المراقبة الدقيقة للمحكمة لعمل الخبير للتأكد من تقيده بمقتضيات قانون المسطرة المدنية، وبالتالي حماية وضمان حقوق المتضررين من الاعتداء المادي على الملكية العقارية.

الخاتمة:

اعتبارا لما تمت مناقشته في سطور هذه الورقة البحثية وما ضمناه من توجهات فقهية وقضائية في الموضوع، فإن الملاحظة التي يمكن أن نختم بها هي أن القضاء برهن بقوة على كونه هو “صمام الأمان” الذي يحمي الملكية العقارية  الخاصة من أي اعتداء مادي من جهة الإدارة، وإن كان تدخله استعجاليا عبر محاولته إيقاف الأشغال أو طرد الإدارة المعتدية أو محاولته عبر قضاء الموضوع التعويض عن الأضرار وفقد الملكية التي لحقت بالمالك الأصلي يظل حماية بعدية فقط يشمل فترة ما بعد الاعتداء المادي للإدارة على العقار، فالأولى من هذه الحماية القضائية العلاجية هي تدخل المشرع لإقرار حماية قانونية وقائية صارمة تحد في الأدنى من مثل هذه الحالات، فرغم أن الإدارة تدفع بالمصلحة العامة الواجبة التفضيل على المصالح الخاصة للأفراد إلا أن حق الملكية هو حق دستوري لا يتقرر نزعه لأجل المصلحة العامة إلا وفق مقتضيات قانونية محددة وواجبة التطبيق، وهو ما يغيب في الواقع العملي الذي يفرض رأيا مخالفا ويعكس تعمد الإدارة في حالات كثيرة الاعتداء ماديا على العقار بدل سلوك مسطرة نزع الملكية  المنصوص عليها في القانون 7.81، والأكثر خطورة من الاعتداء نفسه الذي تتعمده الإدارة رغم درايتها بالتنظيم القانوني الواجب هو توجه بعض الفقه إلى تأييد نقل الملكية غير المباشر بعد التعويض عن فقد الرقبة وهو التوجه الذي سوف يزيد من استفحال هذه الظاهرة خاصة مع ارتفاع وتيرة وطبيعة تدخل الإدارة من أجل إنعاش قطاع السكن الاجتماعي وتهيئة النسيج العمراني لغاية النهوض الاقتصادي.

ونرى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار بعض الملاحظات في هذا الشأن:

– منع الإدارة منح التعويض عن فقد الرقبة إلى حين نقل ملكية العقار إليها بالطرق القانونية لنزع الملكية منعا من إعمال قاعدة نزع الملكية غير المباشر؛

-إقرار التعويض عن الاستغلال من تاريخ وضع اليد إلى حين تخلي الإدارة عن العقار المعتدى عليه أو نقل ملكيته إليها بالطرق القانونية بدل تعليق مدته من تاريخ وضع اليد إلى تمام إنشاء المرفق العام فقط؛

– تعزيز تنفيذ القرارات القضائية في قضايا التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية في منأى عن تفعيل المادة 9 من قانون المالية لسنة 2019 في مثل هذه التعويضات على سبيل التخصيص؛

– تجنب اتخاذ عامل المنفعة العامة سببا لخفض قيمة التعويضات المقررة للمتضرر من الاعتداء المادي على ملكيته العقارية.

 

لائحة المراجع المعتمدة:

الكتب

–  أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية: الإشكاليات العملية والحلول القضائية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2015.

 – ابراهيم زعيم، نظام الخبرة في القانون المغربي، مطبعة تنمل، الطبعة الأولى، مراكش 1993.

– أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2017.

– المختار بن أحمد العطار، الوسيط في القانون المدني، أوصاف الالتزام-انتقاله، إثباته  آثاره وانقضاءه، مطبعة الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى،2015.

– حميد ولد البلاد، القضاء المستعجل الإداري، محاولة في التأصيل، معزز بالاجتهادات القضائية، مطبعة أصفكوم، القنيطرة، الطبعة الأولى، 2020

عبد القادر باينة، تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، سلسلة توصيل المعرفة، الطبعة الأولى، 1988.

– عبد اللطيف هداية الله، القضاء الاستعجالي في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998.

– مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الثاني-أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه-، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1970.

– محمد الفروجي، قانون نزع الملكية في ضوء العمل القضائي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2013.

المقالات

– محمد الكشبور، “تعليق على القرار عدد 3224، الصادر بتاريخ فاتح دحنبر 1993 في الملف المدني عدد 89/3611″، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 48، يناير 1996.

– سعيدة نازي، “حماية القضاء الاستعجالي الإداري للملكية العقارية الخاصة بالمغرب”، مجلة الفقه والقانون، عدد 14، دجنبر 2013.

– سعيد العقاوي، الإشكاليات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية، مجلة المحاكم الإدارية، عدد 5 -إصدار خاص- يناير 2017.

– عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، مجلة التواصل القضائي، عدد 1، 2012.

– أنور شقروني، “الحماية القضائية لحق الملكية من خلال دعاوى الاعتداء المادي: محكمة الاستئناف بالرباط”، مجلة المحاكم الإدارية، عدد 5 -إصدار خاص-، يناير 2017.

 

الرسائل والأطاريح الجامعية

  • أحمد أجعون، اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق أكدال الرباط، جامعة محمد الخامس، السنة الجامعية 1999-2000. ص. 143.
  • ابراهيم زعيم، تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط، السنة الجامعية  2008/2009.
  • سميرة بونيت، الحماية القضائية لحق الملكية العقارية بين نزع الملكية والاعتداء المادي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط، السنة الجامعية  2010/2011.
  • محمد عبيدي، الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية-دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي-، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في قانون العقار والتعمير، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2015-2016.
  • بشرى القباي، الاعتداء المادي على الملكية العقارية وخصوصية التعويض عنه في ضوء العمل القضائي الإداري المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2019/ 2020.
  • جميلة التزاني، دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية الخاصة، نزع الملكية والاعتداء المادي نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص مسلك المعاملات العقارية، الكلية متعددة التخصصات تازة، جامعة محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية 2020/2021.
  • محمد العيطوطي ، الاعتداء المادي في القضاء الإداري الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص القانون العام، فرع إدارة ومالية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة زيان عاشور، الجزائر، السنة الجامعية 2016-2017.
  • رضوان قافو، القضاء الاستعجالي في المادة الإدارية، رسالة نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 41، سنة التكوين 2015.

[1]– ظهير شريف رقم 91-11-1 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور، جريدة رسمية، عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011) ص. 3600.

[2]– ظهير شريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011) بتنفيذ القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، جريدة رسمية،  عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011) ص. 5587.

[3]– كما يخول حق الملكية مالك العقار دون غيره  سلطة استعماله واستغلاله والتصرف فيه، ولا يقيده في ذلك إلا القانون أو الاتفاق. لمزيد من التوسع راجع المادة 14 من مدونة الحقوق العينية.

[4] ظهير شريف رقم 1.18.254 صادر في 11 من رجب 1402 (6 ماي 1982) بتنفيذ القانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، جريدة رسمية، عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 (15 يونيو 1983)، ص. 980.

[5] عبد القادر باينة، تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، سلسلة توصيل المعرفة، الطبعة الأولى، 1988، ص. 173.

[6]– محمد الكشبور، “تعليق على القرار عدد 3224، الصادر بتاريخ فاتح دحنبر 1993 في الملف المدني عدد 89/3611″، الوكيل القضائي للمملكة ضد قدور بن محمد بولمصمار، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 48، يناير 1996، ص. 386

[7]– سعيدة نازي، “حماية القضاء الاستعجالي الإداري للملكية العقارية الخاصة بالمغرب”، مجلة الفقه والقانون، عدد 14، دجنبر 2013، ص. 250.

[8]– محمد عبيدي، الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية-دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي-، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في قانون العقار والتعمير، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2015-2016، ص. 54.

[9]م. ابتدائية، الدار البيضاء، أمر استعجالي عدد 253/5691 بتاريخ 18/12/1985، ملف مدني، عدد 85/5339، مجلة رابطة القضاء، عدد مزدوج 20-21، مارس 1987، ص. 97.

[10] م. استئناف إد، بالرباط، أمر عدد 42 بتاريخ 13/02/2012، ملف إداري، عدد 136/2011/2، أورده أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية: الإشكاليات العملية والحلول القضائية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2015، ص. 104.

[11]– م. النقض. غ. إد، قرار عدد 76/1 بتاريخ 01/02/2018، ملف إداري، عدد 1528/4/1/2016، حميد ولد البلاد، القضاء المستعجل الإداري، محاولة في التأصيل، معزز بالاجتهادات القضائية، مطبعة أصفكوم، القنيطرة، الطبعة الأولى، 2020، ص. 414.

[12]م. إد، وجدة، أمر استعجالي عدد 10 بتاريخ 06/03/2007، في الملف رقم 09/07، مجلة المحاكم الإدارية، عدد 3، ماي 2008، ص. 222 وما بعدها.

[13]– ظهير شريف بمثابة قانون رقم 447-74-1 صادر في 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، جريدة رسمية، عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص. 2741.

[14]– م. استئناف، الدار البيضاء، قرار عدد 1898 بتاريخ 11/11/1980، أورده محمد عبيدي، الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي، المرجع السابق، ص. 54.

[15]– م. الأعلى، غ. إد، قرار عدد 1293 بتاريخ 21/10/1999، الوكيل القضائي للمملكة ضد عبد السلام رزقي بن الحاج سعيد، مجلة المعيار، عدد 29، أبريل 2003، ص. 183.

[16]م. إد، الدار البيضاء، أمر استعجالي عدد 73 بتاريخ 11/03/2003، خدوج الزيراوي ومن معها ضد شركة ليونيز للمياه بالدار البيضاء، مجلة المحاكم المغربية، عدد 98، ص. 267.

[17]– م. إد، وجدة، أمر استعجالي عدد 10 بتاريخ 06/03/2007، ملف إداري، عدد 09/07 س، سبق ذكره.

[18]م. إد، الرباط، أمر استعجالي بتاريخ 09/03/2011، ملف إداري، عدد 602/1/2011، وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ضد عمالة إقليم وزان ومن معها، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 109-110، مارس-يونيو 2013، ص. 355.

[19] – م. استئناف إد، الرباط، قرار عدد 111 بتاريخ 25/03/2013، ملف إداري، عدد 2/13/64، أورده أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية الاشكاليات العملية والحلول القضائية، المرجع السابق، ص. 255.

[20]سعيد العقاوي، الإشكاليات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية، مجلة المحاكم الإدارية، عدد 5 -إصدار خاص- يناير 2017، ص. 48؛ سعيدة نازي، “حماية القضاء الاستعجالي الإداري للملكية العقارية الخاصة”، المرجع السابق، ص. 251.

[21] م. استئناف، الرباط، قرار عدد 76 بتاريخ 4/1/2011 ملف مدني عدد 417/1101/2011، قضاء محكمة الاستئناف بالرباط، عدد 1، 2011، ص. 346 وما يليها.

[22] منشور وزارة العدل رقم 283 بتاريخ 02 مارس 1996، أورده عبد اللطيف هداية الله، القضاء الاستعجالي في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998، ص. 78.

[23] عبد اللطيف هداية الله، القضاء المستعجل في القانون المغربي، المرجع السابق، ص. 230.

[24]– م. إد، فاس، أمر استعجالي عدد 95/92 بتاريخ 11/7/1995، أورده أحمد أجعون، اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق أكدال الرباط، جامعة محمد الخامس، السنة الجامعية 1999-2000. ص. 143.

[25]– م. إد، فاس، أمر استعجالي عدد 96/67 بتاريخ 27/03/1996، ورثة الأطرش لحسن ضد المجلس البلدي لمدينة المنزه، أورده أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية الاشكاليات العملية والحلول القضائية، المرجع السابق، ص. 118.

[26]– رضوان قافو، القضاء الاستعجالي في المادة الإدارية، رسالة نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 41، سنة التكوين 2015، ص. 49.

[27]– م. إد، وجدة، أمر عدد 122/96 بتاريخ 24/07/1996، أحمد ومحمد الحاج حدو ضد المجلس القروي لفرخانة، أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية الاشكاليات العملية والحلول القضائية، المرجع السابق، ص. 119.

[28]م. إد، وجدة، أمر عدد 146 بتاريخ 28/11/2001، ملف إداري، عدد 113/2001، أورده أحمد أجعون، المرجع السابق، ص. 267.

[29]– ظهير شريف رقم 1.18.254 صادر في 11 من رجب 1402 (6 ماي 1982) بتنفيذ القانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، جريدة رسمية، عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 (15 يونيو 1983)، ص. 980.

[30]– م. إد، الرباط، أمر عدد 09 بتاريخ 18/01/2006، ملف إداري، عدد 1419/05، زهرة حروش ضد وزير التربية والتعليم، المجلة المغربية للمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 68، ماي- يونيو 2006، ص. 193.

[31]م. إد، الرباط، أمر عدد 12 بتاريخ 29/01/2007، في الملف رقم 936/7/05، أورده محمد عبيدي، الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية، المرجع السابق، ص. 61.

[32]م. إد، مراكش، أمر عدد 35 بتاريخ 13/04/2016، ملف إداري، عدد 435 /7101/2015، أورده رضوان قافو، “القضاء الاستعجالي في المادة الإدارية”، المرجع السابق، ص. 50.

[33] -«un arrêt du Conseil d’Etat statuant comme juge des conflits du 7 juillet 1853 Robin Grimaudiére (S. 1854, 2, p. 213), le principe d’intangibilité des ouvrages publics, exprimé à travers l’adage « ouvrage public mal planté ne se détruit pas », est d’origine purement jurisprudentielle. Considéré comme inhérent au régime des ouvrages publics, il a été consacré avec beaucoup de force par les différentes  juridictions ». C E, Décision No 245239 du 29  JANVIER 2003 ; M. Debat contre SYNIDICAT DEPARTEMENTAL DE L’ECTRICITE ET DU GAZ DES APLES-MARITIMES.

[34] رضوان قافو، “القضاء الاستعجالي في المادة الإدارية”، المرجع السابق، ص. 48 وما بعدها؛ سعيد العقاوي، “الإشكاليات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 48.

[35]– من المبادئ التي رسخها مجلس الدولة الفرنسي في قضية SIGALOS بتاريخ 22/06/1928، أورده محمد العيطوطي ، الاعتداء المادي في القضاء الإداري الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص القانون العام، فرع إدارة ومالية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة زيان عاشور، الجزائر، السنة الجامعية 2016-2017، ص. 75 وما بعدها.

[36]– لمزيد من التوسع راجع: مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الثاني-أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه-، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1970، ص. 515 وما بعدها؛ المختار بن أحمد العطار، الوسيط في القانون المدني، أوصاف الالتزام-انتقاله، إثباته  آثاره وانقضاءه، مطبعة الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2003، ص. 215.

[37]– عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، مجلة التواصل القضائي، عدد 1، 2012، ص. 15.

[38] م. الأعلى، غ. إدارية، قرار عدد 692، الصادر بتاريخ 27/06/2002 ملف إداري عدد 2203/4/2004، أورده أنور شقروني، “الحماية القضائية لحق الملكية من خلال دعاوى الاعتداء المادي: محكمة الاستئناف بالرباط”، مجلة المحاكم الإدارية، عدد 5 -إصدار خاص-، يناير 2017، ص. 31.

[39] م. النقض، قرار عدد 411، الصادر بتاريخ 2013/03/02 ملف عدد 2012/2/6/101، أورده بشرى القباي، الاعتداء المادي على الملكية العقارية وخصوصية التعويض عنه في ضوء العمل القضائي الإداري المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2019/ 2020، ص. 51.

[40] م. النقض، قرار عدد 1/237، الصادر في 2013/05/30 ملف إداري عدد 630/3/1/2011، أورده حسن فتوخ، “قراءة في بعض اجتهادات محكمة النقض”، منشور على الموقع الالكتروني Www.Sejma.ma، تاريخ الولوج: 02/10/2021.

[41]– ظهير شريف رقم 1.19.114 بتاريخ 7 ذي الحجة 1440 (9 أغسطس 1913)، المتعلق بقانون الالتزامات والعقود.

[42]– م. الأعلى، قرار عدد 873، بتاريخ 2009/10/14 ملف إداري عدد 2007/3/4/525، أورده أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية: الإشكاليات العملية والحلول القضائية، المرجع السابق، ص. 131.

[43] م، الاستئناف، إد، قرار، الصادر بتاريخ 07/02/2019، في الملف الإداري عدد 1114/7206/2018، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ضد الجماعة الحضرية لتازة. (غير منشور).

[44] عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 16.

[45] أحمد أجعون، المنازعات العقارية بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية، المرجع السابق، ص. 150.

[46] م. الأعلى، قرار عدد 446، الصادر بتاريخ 28/07/2004 في الملف الإداري عدد 1748/4/1/2001 و1053/4/1/2001، أورده سعيد العقاوي، “الإشكالات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 51.

[47]– م. إد، الرباط، حكم عدد 112، الصادر بتاريخ 29/01/2007 في الملف الإداري عدد 05/07/936، أورده محمد عبيدي، الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية-دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي-، المرجع السابق، ص. 70.

[48]– م. إد، الرباط، حكم عدد 2102، الصادر بتاريخ 04/06/2012، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 108، يناير فبراير 2013، ص. 171.

[49]– راجع لمزيد من التوسع في هذه الإشكالية: عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 14 و15 و16.

[50] – ASS.Plen. 6 janvier 1994. Cons. Baudon de Money. C.E.FAJ.1994.P339 note R.Hostin.

أورده عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 14.

[51]– م. الاستئناف، مراكش، قرار عدد 1098، الصادر بتاريخ 01/10/2014 في الملف الإداري عدد 971/7206/2014، أورده سعيد العقاوي، “الإشكالات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 51.

[52] م. الاستئناف، إد، الرباط، قرار عدد 4921، الصادر بتاريخ 2014/11/04 في الملف الإداري عدد 6/2013/1077، أوردته  بشرى القباي، الاعتداء المادي على الملكية العقارية وخصوصية التعويض عنه في ضوء العمل القضائي الإداري المغربي، المرجع السابق، ص. 77؛ راجع أيضا م. الاستئناف، إد، الرباط، قرار عدد 2946، الصادر بتاريخ 17/06/2015 في الملف رقم 574/7602/2015، أورده سعيد العقاوي، “الإشكالات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 31.

[53] م. الاستئناف، إد، الرباط، قرار عدد 720، الصادر بتاريخ 17/10/2007 في الملف الإداري عدد 10/06/2006 أورده محمد عبيدي، الاعتداء المادي الإداري على الملكية العقارية-دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي-، المرجع السابق، ص. 71.

[54]– م. إد، الرباط، حكم عدد 130، الصادر بتاريخ 22/03/2009 في الملف عدد 1030/12/2008، أوردته بشرى القباي، الاعتداء المادي على الملكية العقارية وخصوصية التعويض عنه في ضوء العمل القضائي الإداري المغربي، المرجع السابق، ص. 74.

[55]– م. الأعلى، قرار عدد 695، الصادر بتاريخ 28/12/2005، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 68، ص. 143.

[56]– سعيد العقاوي، “الإشكالات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 54.

[57]– عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 15.

 

[58] لمزيد من التوسع راجع  سعيد العقاوي، “الإشكالات التي يطرحها الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 54 إلى 58.

[59] عبد العتاق فكير، “الاعتداء المادي على الملكية العقارية”، المرجع السابق، ص. 14 وما يليها.

[60]– جميلة التزاني، دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية الخاصة، نزع الملكية والاعتداء المادي نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص مسلك المعاملات العقارية، الكلية متعددة التخصصات تازة، جامعة محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية 2020/2021، ص. 123.

[61]  م. إد، فاس، حكم عدد 112 بتاريخ 23/03/2021، في الملف الإداري رقم 137/7112/ 2020، أوردته جميلة التزاني، المرجع السابق، ص. 123.

[62]– م. الأعلى، قرار عدد 784، الصادر بتاريخ 30/12/2009 في الملف الإداري رقم 886/4/2/2009، أوردته سميرة بونيت، الحماية القضائية لحق الملكية العقارية بين نزع الملكية والاعتداء المادي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط، السنة الجامعية  2010/2011، ص. 81.

[63]– أسلوب المقارنة معناه إجراء تحليل للأثمنة المؤداة عن بيوع حديثة لعقارات مماثلة من حيث الخاصيات وتوصيف كل المميزات لمعرفة كل الفوارق الموجودة بين العقار المطلوب تقييمه وبين العقارات محل المقارنة، سواء من حيث الموقع أو من حيث المساحة أو حالة البناء إذا كان العقار مبنيا، إلى غير ذلك من العناصر. راجع: ابراهيم زعيم، تقدير التعويض عن الاعتداء المادي  على الملكية العقارية في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط، السنة الجامعية  2008/2009، ص. 166 وما يليها.

[64] – م. إد، فاس، حكم عدد 46، الصادر بتاريخ 26/01/2021 في الملف الإداري رقم 128/112/7/2020، أوردته جميلة التزاني، دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية الخاصة، نزع الملكية والاعتداء المادي نموذجا، المرجع السابق، ص. 124.

[65]  – م. الأعلى، قرار عدد 311، الصادر بتاريخ 22/ 05/2003 في الملف عدد 571/14/2002، أورده محمد الفروجي، قانون نزع الملكية في ضوء العمل القضائي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2013، ص. 86.

[66] – م. إد، مكناس، حكم رقم 593/7112/2014، الصادر بتاريخ 28/10/2014 في الملف رقم 15/7112/2014، أوردته جميلة التزاني، دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية الخاصة، نزع الملكية والاعتداء المادي نموذجا،  المرجع السابق، ص. 124.

[67]– م. النقض، قرار عدد 786، الصادر بتاريخ 23/ 05/2019، في الملف الإداري عدد 3014/4/3/2018، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 88، 2019، ص. 114.

[68] ابراهيم زعيم، نظام الخبرة في القانون المغربي، مطبعة تنمل، الطبعة الأولى، مراكش 1993، ص. 51.

[69]– أما إذا توفرت للمحكمة العناصر التقنية والموضوعية لتحديد التعويض فلا موجب بإجراء خبرة قضائية.

[70] أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2017، ص. 299.

[71] – م. إبتدائية، مراكش، حكم تمهيدي رقم 81، الصادر بتاريخ 14/03/2013 في الملف رقم 475/1914/12، أوردته جميلة التزاني، دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية الخاصة، نزع الملكية والاعتداء المادي نموذجا، المرجع السابق، ص. 129.

[72]– م. النقض، قرار عدد 241/3، الصادر بتاريخ 19/02/2015 في ملف اداري عدد 1538/4/3/2014، أورده احمد اجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، المرجع السابق، ص. 302.

[73]– جميلة التزاني، دور القضاء الإداري في حماية الملكية العقارية الخاصة، نزع الملكية والاعتداء المادي نموذجا،  المرجع السابق، ص. 129.

[74] – م. الاستئناف، إد، مراكش، حكم تمهيدي عدد  23، الصادر بتاريخ 31/01/2013 في الملف رقم 265/1914/2012، أوردته جميلة التزاني، المرجع السابق، ص. 129.

[75]– م. الاستئناف، إد، الرباط، قرار عدد 458، الصادر بتاريخ 13 فبراير 2019 في الملف الإداري عدد 1475/7206/2018، الوكيل القضائي للمملكة ضد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

[76] م، الاستئناف، إد، قرار، الصادر بتاريخ 07/02/2019، في الملف الإداري عدد 1114/7206/2018، سبق ذكره.

[77]– م. النقض، قرار عدد 3037، الصادر بتاريخ 05/07/2017 ملف إداري عدد 19/7206/ 2017، وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك ضد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. غير منشور.

قد يعجبك ايضا