قرار انسحاب جوبايدن من دولة أفغانستان في إطار التوسع النفوذي لحركة الطالبان

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

  • باحث في مركز الدكتوراه، في تخصص القانون الخاص، كلية الحقوق بطنجة.

لا شك أن قرار انسحاب جوبايدن من دولة أفغانستان بتاريخ 13 غشت  2021[1] ، والتمدد النفوذي لحركة طالبان التي دخلت في أفغانستان سنة 1994[2] من خلال هيمنتها على العاصمة  كابول بعد السيطرة على المدن الأفغانية الكبرى بتاريخ 15 غشت 2021 بعدما أن سقطت سنة 1996، يأتي في إطار خروج الرئيس الأفغاني أشرف غاني من البلاد وسعي باكستان [3]ربط أفغانستان بمبادرة الحزام والطريق في إطار تحالف مع الصين وحليفها الروسي من خلال سيطرة على حركة طالبان على  العاصمة كابول[4] والتكتل الهندي الأمريكي من خلال رغم عدم تشارك الهند في الحدود مع أفغانستان والتي تسعى إلى ربط أفغانستان بمحور الشمال والجنوب والذي يهدف إلى ربط آسيا الوسطى  بميناء مونبي مرورا بإيران بدلا من اعتماد الهند على باكستان كممر تجاري مع أفغانستان.

كما أن قرار انسحاب جوبايدن من دولة أفغانستان شكل صدمة كبيرة في أوساط الإدارة الأمريكية من خلال انتقاد زعيم الجمهورين في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل بسبب ما وصفه سياستها المتهورة في أفغانستان، كما يأتي هذا القرار المفاجئ في ظل تراجع أو انفرار وحدات عسكرية للجيش الأفغانستاني بسبب الخيانة العظمى من طرف حكام لبعض الولايات حسب تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية ودعم المخابرات الباكستانية حركة الطالبان.[5]

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع الأفغانستاني الحالي في ظل تصاعد التهديدات والمخاطر الأمنية لحركة الطالبان وتوسعها المستمر والمتزايد والتطورات الجارية في منطقة الأفغانستان تبقى رهينة بوجود رؤية مشتركة للحكومة الأفغانية و الأحزاب السياسية والمنظمات الأخرى وبإعادة واشنطن ترتيب أوراقها وتوحيد صفوفها إزاء قرار انسحاب جوبايدن من الوضع المتردي في دولة أفغانستان خاصة على مستوى وزارة الدفاع الأمريكية.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو:

من الذي يجعل الرئيس الأمريكي جوبايدن اتخاذ هذا الموقف في ظل الوضعية المتأزمة لدولة أفغانستان؟ وبعبارة أخرى هل التراجع الأمريكي لدولة أفغانستان مبني على قرار جيو إستراتيجي أم لحسابات وسيناريوهات براغماتية؟  وما  استراتيجية الصين سياسيا واقتصاديا وأمنيا ومستقبلها في أفغانستان بعد سيطرة حركة الطالبان على العاصمة كابول التي تندرج ضمن 140 دولة في مبادرة الحزام والطريق الصينية؟

لائحة المراجع والإحالات:

[1] ويجب التذكير إلى أن القوات الأمريكية والناتو وحكومة أفغانستان دخلت في حرب استنزاف مع حركة الطالبان مابين 2001 و2020.

[2] وينبغي التذكير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وقعت اتفاقية مع حركة الطالبان بشأن الانسحاب العسكري و كامل للقوات الأجنبية بتاريخ فبراير 2020.

[3] ويجب التذكير إلى أن دولة باكستان سنة 1997 اعترفت بحركة الطالبان إلى جانب دولتي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

[4] وتجدر الإشارة إلى أن الصين  لها مصالح اقتصادية مع أفغانستان ترجع إلى سنة 2015 ،حيث تم تشكيل لجنة اقتصادية وتجارية ثنائية وخط قطار البضائع بين البلدين من خلال تعزيز الممر التجاري البالغ كلفته 62 مليار دولار ، كما وقعت الصين عدة عقود  لمدة 30 عاما مع أفغانستان في مجال استخراج واستغلال المناجم والنفط، لكن لم يتم تنفيذها في ظل انعدم  الأمن وعدم الاستقرار ووجود القوات الأمريكية، هذا فضلا عن أنها استضافت  ممثل حركة الطالبان في الصين ورحبت باستثمارات الصين في إعادة إعمار في أفغانستان التي مزقتها الحرب واصفة بكين بالدولة الصديقة. كما تجدر الإشارة  أيضا إلى أن الصين لديها  مشروع الغاز مع إيران والذي يمر عبر دولة أفغانستان.

[5] حركة الطالبان: هي حركة قومية-إسلامية سنية سياسية مسلحة، يصفها معارضوها بالمتطرفة، ويعتقد قياداتها أنهم يطبّقون الشريعة الإسلامية. نشأت عام 1994م وحكمت أجزاء كبيرة من أفغانستان وسيطرت على العاصمة الأفغانية كابل في 27 أيلول/سبتمبر 1996م. وقد أعلنت قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان وأميرها الحالي هو هبة الله أخوند زاده. وهي حركة تلتزم بتحريم مذهب أهل السنة للهجمات على المدنيين الأبرياء الذين لا يعينون العمليات القتالية ضدها بشكل مقصود وهي تختلف عن حركة طالبان باكستان.

كما سيطرت حركة الطالبان على  17 ولاية أفغانية ، وبالتحديد أكثر من ربع عواصم وولايات البلد والتي أحكمت قبضتها على 7 مدن شمالية في غضون 5 أيام  ، كما سيطرت بل علم العاصمة الإقليمية لمحافظة لوغر في وسط أفغانستان وعلى لشكركاه عاصمة ولاية هلمند في جنوب أفغانستان  ، وكذا  هيمنة عاصمة شغشران وسط مدينة أفغانستان بدون مقاومة الجيش الأفغانستاني و استيلاء ترينكوت عاصمة ولاية أروزغان ، هذا فضلا عن هيمنة قندهار التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في أفغانستان . كما تقترب من كابول  على ضوء التحالف بين الصين والطالبان.

قد يعجبك ايضا