دور السياسة القضائية في تجديد النموذج التنموي الجديد

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

  • باحث في مركز الدكتوراه
  • في تخصص القانون الخاص
  • كلية الحقوق بطنجة.

لا أحد يجادل في دور السياسة القضائية[1] في رصد توجهات شاملة ومندمجة تروم على توطيد مناخ الأعمال[2] وتطوير بيئة الاستثمار وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمملكة المغربية، حيث لا يمكن تصور تجديد النموذج التنموي الجديد[3] بدون مواكبة لسياسة قضائية محكمة ومضبوطة تحمي مصالح وشؤون المستثمرين المغاربة والأجانب، وخاصة أننا في ظل  التطور العلمي والتكنولوجي وبروز اقتصاد المعرفة واتساع ظاهرة العولمة والانفتاح الاقتصادي وحركية السلع والخدمات  التي عمدت على انتقال المنافسة بين المؤسسات إلى المنافسة بين الدول، حيث أصبحت الدول تتنافس على استقطاب الاستثمارات وتحسين جاذبية أقاليمها، ويرجع الاهتمام بالاستثمارات بنوعيها سواء الاستثمارات الوطنية المحلية في شكل مشاريع مقاولاتية ومؤسسات صغيرة ومتوسطة، أم في شكل استثمار أجنبي مباشر، إلى انعكاساتها الإيجابية على الاقتصاد كزيادة الطاقة الإنتاجية، وتوفير مناصب الشغل واستغلال الموارد المحلية للدولة، فالاستثمار يعد من أهم ركائز التنمية الاقتصادية للدول، ولقيام واستقطاب هذه الاستثمارات يجب توفر مجموعة من المتطلبات الأساسية لنموها وتطورها منها الاقتصادية، الاجتماعية، والتشريعية.

كما أنه لا ينبغي أن يغيب عن أذهانينا أن السياسة القضائية هي مرتبطة أساسا بالخريطة القضائية وباستقلالية السلطة القضائية و بتنفيذ الأحكام القضائية وبتأهيل المهن القضائية التي تساعد على تقوية مناخ الأعمال وتكريس بيئة جيدة للاستثمار خالية من أي أعطاب واختلالات التي يشهدها الصرح الديمقراطي والتنموي ببلادنا ، لاسيما في المحاكم التجارية والمحاكم الاجتماعية والمحاكم الزجرية على مستوى مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية و على مستوى محاربة الجرائم المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة.

وتجدر الإشارة إلى أن التقرير العام  الذي أعدته لجنة النموذج التنموي الجديد يوم الثلاثاء 25 ماي 2021 أكد على ضرورة مواكبة السياسة القضائية وتأهيل قطاع العدالة بجميع مكوناته من أجل تصويب المعيقات  وتجديد النموذج التنموي الجديد نتيجة فشل خيارات سياسية منذ حصول المغرب على الاستقلال وإلى حدود الساعة، حيث يجب على جميع الفعاليات المجتمعية الأخذ بعين الاعتبار والحسبان التدابير التالية:

-ضرورة وجود الرؤية الإستراتيجية المندمجة والشاملة على مدى البعيد يتبناها كافة المتدخلين في مجال السياسات العمومية.

-الحث على الانسجام سواء على مستوى تصور الإصلاحات وتنفيذها أو على مستوى تتنزيل السياسات العمومية وتطبيقها من خلال غياب مرجعية مشتركة وبدون تنسيق بين الفاعلين، مما لا يساعد على تحديد الأولويات والأخذ بعين الاعتبار الموارد المتاحة والقدرات الحقيقة للفاعلين.

-الإسراع في  دينامية التحول الهيكلي للاقتصاد المغربي نتيجة انفتاح المحدود على الفاعلين الجدد الأكثر إبداعا وتنافسية وبإمكانهم الاستثمار في قطاعات  قادرة  على خلق الثروة ومناصب الشغل،  حيث يعزى ذلك أساسا إلى ضعف الضبط والتقنين و هيمنة منطق الريع في بعض القطاعات في ظل وجود نظام دعم عمومي يغذي ذلك.

-الحث على التنافسية الاقتصاد الوطني  جراء التكلفة المرتفعة لعوامل الإنتاج.

-تقوية القدرات المحدودة للقطاع العام  في صياغة وتفعيل الخدمات العمومية  ذات جودة وسهلة الولوج خصوصا في قطاعات مهمة  تمس الحياة اليومية للمواطن وذلك يعزى إلى ضعف روح المبادرة وسيادة ثقافة الامتثال والمطابقة  والتركيز على الموارد بدل إيلاء الأولوية لمنطق جودة الأداء والنتائج داخل الإدارة العمومية

– الشعور بالحماية القضائية وقدرتها على توقع النصوص القانونية والتي تترك مجالا واسعا للتأويل وضعف منسوب الثقة في بعض المؤسسات وعبء البيروقراطية، مما يكبح المشاركة ويحد من المبادرة.[4]

 

الإحالات والمصادر:

[1] السياسة القضائية: هي سياسة عمومية شاملة ومندمجة تستهدف مجموعة من السياسات والمخططات في مجال منظومة العدالة ببلادنا.

[2] مناخ الأعمال: هو مجموعة الظروف السياسية، الاقتصادية، القانونية، التنظيمية، الاجتماعية والثقافية التي تؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سلبا أو إيجابا في بيئة النشاط الاستثماري وقرارات المستثمرين محليين أو أجانب الحاليين والمحتملين مستقبلا.

[3] تجديد النموذج التنموي الجديد: هو ترجمة فعلية لفشل خيارات سياسية وبلورة رؤية بعيدة المدى في أفق عام 2035.

[4] التقرير العام الذي أعدته لجنة النموذج التنموي يوم الثلاثاء 25 ماي 2021.

 

قد يعجبك ايضا