عقوبة الإعدام من الزاوية الحقوقية

المعلومة القانونية

*أيوب اللبار

  • طالب باحث
  • ماستر العدالة الجنائية والعلوم الجنائية
  • جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس.

ورغم أن  دستور 2011 ينص ويقر على إرادة ضمان حقوق السجينات والسجناء، خاصة في الفصل 23، ويعترف بالحق في الحياة لكل إنسان في الفصل 20، فإن التشريع الجنائي المغربي يبقى على عقوبة الإعدام؟

بالرغم من التطور الذي شاب علم العقاب و اتجاه الآراء و الأفكار إلى التقليل من عقوبة الإعدام بل و إلغائها في كافة أنواع الجرائم فإن هناك أراء ما زالت تنادي بالإبقاء عليها وحصر نطاقها في جرائم ذات خطورة معينة لما تحدثه من ردع عام لا يتأتى للعقوبات الأخرى السالبة للحرية والتي شرعت كبديل للعقوبة الرئيسية بل إننا لا يمكن أن ننكر هذه الآراء التي تتسم أحيانا بالكثير من الوجاهة و المعقولية و الصادرة غالبا عن رجال دول مرموقين ورجال قانون محترمين و علماء  جديين  وجعلهم يطالب بالإبقاء على هذه العقوبة بصفة دائمة و البعض منهم يطالب بالإبقاء عليها ولو بصفة مؤقتة إن هذه الأفكار تستحق منا دراسة عميقة حتى نستطيع فهم الأسس القانونية و الواقعية التي تقوم عليها و حتى نستطيع أن نصدر عليها حكما عادلا لمعرفة مدى جديتها ووجهاتها  و استندت معظم الاراء التي تطالب بالإبقاء على عقوبة الإعدام إلى أثر الردع العام الذي تحدثه هذه العقوبة و تأسست نظرية الردع العام على نظرية المنفعة الاجتماعية التي ندى بها بيكاريا و أتباعه فالإنسان ينتقد وفقا لعواطفه و مصالحه و اللذة و الألم هما المحركان للكائنات الحسية و بينهما يوجد صراع دائم لا يتوقف  فتكون مهمة القانون هي توجيه العواطف الإنسانية .واستخلاص فكرة المنفعة العامة من داخل الصراع الذي يتم فيها[1] و قد أصبحت عقوبة الاعدام محل المناقشة و صراع بين من يطالبون بإبقائها ومن يطالبون بإلغائها وكل منهما يعتمد حجج قوية ليؤكد موقفه من هذه العقوبة  وقد كان للمنظمات الحقوقية تأثير ايجابي لأنصار الموقف الأول بالمقابل كان سلبيا للموقف الثاني . ولكي نعالج هذا الصراع الفكري  كان من الصائب تناول  في الشق الأول أدلة القائلين بإبقاء على عقوبة الإعدام وفي الشق أدلة القائلين بإلغاء عقوبة الإعدام.

اولا :  أدلة القائلين بإبقاء على عقوبة الإعدام

 

إن عقوبة الإعدام يطالب بها الرأي العام تحقيقا للعدالة بموجب مقتضياتها و إلا فإن الرأي العام سيتأثر حتما إذا لم تتحقق العدالة بين الجريمة و العقاب و التي تنص على أن يعامل المرء طبقا لما قدمت يداه فالجاني الذي يرتكب جرما خطيرا يؤدي الى ازهاق أرواح الأخرين فإن أقل شيئ يمكن فعله تجاهه هو إزهاق روحه هو الآخر تحقيقا لمقتضيات العدالة لأن الغنم بالغرم كما يقول القانونيون ولأن الحياة أغلى شيء منحه الله لمخلوقاته فيكون لأي مجتمع الحق في إزهاق روح من تسبب في إزهاق أرواح الآخرين كما قال ديديرو [2] فالعدالة تقتضي بأن يعيش الناس في أمان و يتمتعون بحق الحياة الطبيعية كما تقتضي أيضا أن يدافع المجتمع عن أفراده ضد الخارجين عن قوانينه الذين يستحقون إزهاق أرواحهم ’لأنهم تسببوا بدورهم في إزهاق أرواح بريئة تستحق الحياة و التمتع بلذاتها ويرى أنصار الابقاء على عقوبة الإعدام أن إلغائها هو نتيجة لتطور المجتمعات البشرية التي تعبر عن احترام عميق للحياة البشرية و طالما أن القتل لا يزال مستمرا بصورة دائمة و الجرائم الخطيرة ما زالت ترتكب بغلظة و توحش و احترام حياة الآخرين لم يصل إلى درجة من التقديس فإن الإبقاء على عقوبة الإعدام يصبح من المتطلبات الأساسية للمحافظة على أمن و سلامة المجتمع من جهة وعلى حياة أفراده من جهة أخرى  ون هنا فإن دعاة ابقاء حكم الإعدام استندوا الى حجج منطقية لدفاع عن فكرتهم .

1– عقوبة الإعدام تحقق الردع العام

يرى المؤيدون لعقوبة الإعدام أنها  تحقق الردع العام أو التخويف الجماعي و يقصد بالردع العام تهديد الناس كافة بتوقيع العقوبة على كلما يقدم على ارتكاب الجريمة مما يؤدي إلى القضاء على الدوافع  الإجرامية أو الحد منها و من تأثيرها ومن ثم  يمنع من تسول له نفسه من الإقدام على ارتكاب الجريمة [3] وقد ركز فقهاء المدرسة التقليدية على وظيفة العقوبة في تحقيق الردع العام فيرى بيكاريا أن هدف العقوبة هو منع المجرم من ارتكاب جرائم جديدة مستقبلا و منع الآخرين من أن يسلكوا سبيله .ويرى بنتام أن العقوبة ‘ شر يجب أن يقابله خير للمجتمع يتمثل في تحقيق الردع العام ولكي تحقق العقوبة هذه الوظيفة يتعين أن تكون معروفة مقدما للأفراد و أن تكون متجاوزة في ضررها المنفعة المتوقعة من الجريمة وعليه فإن عقوبة الإعدام و هي عقوبة خطيرة ستحدث أثرا كبيرا في تحقيق الردع فتمنع الناس من ارتكاب الجرائم المعاقب عليها   بالإعدام إذ يجدون أمام الدافع إلى الجريمة مانعا قويا هو عقوبة الإعدام ولهذا فقد ذهب البعض إلى القول بأن عقوبة الإعدام تعد وسيلة فعالة لخفض معدل ارتكاب الجرائم الخطيرة وهو ما دفع بعض التشريعات التي ألغتها إلى إعادة النص عليها إزاء ازدياد نسبة الإجرام فيها فالإعدام إذن من أهم الوسائل لحماية المصالح الجوهرية داخل المجتمع.

 

2- :عقوبة الإعدام تحقق العدالة

 

يرى المؤيدون لعقوبة الإعدام أن هذه العقوبة من العقوبات المقبولة لدى الرأي العام ويطالب بها تحقيقا للعدالة فالعدالة تقتضي بين الشر الذي أحدثه الجاني بالمجني عليه كأثر لجريمته الذي لا يتحقق في بعض الجرائم الا بعقوبة الاعدام و على سبيل المثال فالجاني الذي يرتكب جرما خطيرا يؤدي إلى إزهاق روح إنسان فإن أقل شيء يمكن فعله تجاهه هو إزهاق روحه هو الأخر تحقيقا لمقتضيات العدالة ومن ناحية أخرى فإن عقوبة الإعدام تجنب المجتمع من ردود الأفعال العنيفة التي تصدر عن الرأي العام في حالة عدم التنفيذ عقوبة الإعدام في الجرائم الجسيمة كما تؤدي إلى تراجع فكرة الانتقام أي محاولة الفرد أن يقيم العدالة بنفسه[4]

3- : الإعدام حق الدولة

يرى المؤيدون لعقوبة الإعدام أن هذه العقوبة من العقوبات المقبولة لدى الرأي العام و يطالب بها تحقيقا للعدالة فالعدالة تقتضي التناسب بين الشر الذي أحدثه الجاني بالمجني عليه كأثر لجريمته الذي لا يتحقق في بعض الجرائم إلا بعقوبة الإعدام و على سبيل المثال فالجاني الذي يرتكب جرما خطيرا يؤدي إلى إزهاق روح إنسان فإن أقل شيء يمكن فعله تجاهه هو إزهاق روحه  هو الآخر تحقيقا لمقتضيات  العدالة ومن ناحية أخرى فإن عقوبة الإعدام  تجنب المجتمع من ردود الأفعال العنيفة التي تصدر عن الرأي العام في حالة عدم تنفيذ عقوبة الإعدام في الجرائم الجسيمة كما تؤدي إلى تراجع فكرة الإنتقام الفردي أي محاولة الفرد أن يقيم العدالة بنفسه.

 

4-:  عقوبة الإعدام ذات جدوى اقتصادية

يرى فريق من المؤيدون لعقوبة الإعدام أنها عقوبة غير مكلفة من الناحية الاقتصادية إذ لا يستغرق تنفيذها وقتا طويلا . وذلك بعكس تنفيذ العقوبات السالبة للحرية التي يتكلف نفقات باهظة تتمثل في الإنفاق على تشييد السجون و إدارتها و حراستها و تنفيذ برامج الإصلاح فيها .

5- : عقوبة الإعدام تواجه الخطورة الإجرامية

إن المؤيدون لعقوبة الإعدام يرون أن هذه العقوبة تعد بمثابة صمام الأمان في التشريع الجنائي لمواجهة الخطورة الإجرامية المتأصلة في المجرمين الخطرين الذين لا تجدي معهم أساليب الإصلاح و التهذيب وذلك باستئصالهم تماما من المجتمع حماية له من شر من أجل ذلك ندى أنصار المدرسة الوضعية بالإبقاء على عقوبة الإعدام كوسيلة صالحة لتحقيق الدفاع الاجتماعي فضرورة إنقاذ الجانب السليم من البنيان الاجتماعي تحتم بتر و استئصال الجانب المريض منه ويضرب أنصار عقوبة الاعدام العديد من الأمثلة العملية الواقعة لتدليل على أهمية الدور الإستئصالي لعقوبة الإعدام فيقولون أن احدى المحاكم الفرنسية حكمت بالإعدام على المدعو ألبرت مابيه سنة 1900 لشروعه في قتل مراهقة رفضت أن تكون عشيقة له و قد رفضت محكمة النقض هذا الحكم و استبدلته بعقوبة السجن مدى الحياة ‘ و في سنة 1956 أطلق سراحه و في عام 1959 قام بضرب بطن زوجته و ماتت نتيجة ذلك[5] و تتعدد الأمثلة . …

 ثانيا : أدلة القائلين بإلغاء عقوبة الإعدام

تتسم عقوبة الإعدام بالتمييز. فغالباً ما تُطَبَّقُ على الفئات الأضعف في المجتمع، مثل الفقراء، وأبناء الأقليات العرقية والدينية، وذوي الإعاقات العقلية. وتستخدمها بعض الحكومات لإخراس معارضيها. وحيثما كان نظام العدالة معيباً والمحاكمات الجائرة متفشية، يكون خطر إعدام  الأبرياء حاضراً باستمرار و إن الحملة الأولى التي رفعت إلغاء عقوبة الإعدام يرجع تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر و يمكن تحديد هذه المرحلة بدقة منذ ظهور كتاب بيكاريا إلى حيز الوجود و رأينا كيف أثار هذا الكتاب المسمى بالجرائم و العقوبات ردود فعل متباينة بين مؤيد لأفكار الواردة فيه و بين معارض لها بشدة وكان من أشد أنصار بيكاريا الفيلسوف الفرنسي الذائع الصيت فولتير ” و أصبحت هذه الحملة تستند إلى أسس علمية صلبة أكثر من استنادها إلى الأفكار الفلسفية في الربع الثاني من القرن التاسع عشر   وضعفت هذه الحملة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ومع ذلك فلم يقتنع العالم أجمع بالآراء و الحجج الداعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام بصورة نهائية بالرغم من تزايد عدد البلدان التي ألغت هذه العقوبة في قوانينها العقابية وبالرجوع إلى التقرير الصادر من المجموعة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة و التي أسند لها مهام دراسة منع الجريمة ومعاملة الجانحين إبان انعقاد اجتماعا بجنيف من 6 إلى 16 أغسطس 1968 م نراه يصل إلى نتيجة مفادها أن غالبية الدول تميل إلى إلغاء عقوبة الإعدام[6].  و يكتسب دوما المؤيدون لإلغاء عقوبة الإعدام أنصارا جددا و أرضا جديدة فالمشاهد أن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام في ازدياد مستمر ومن أبرز معارضي عقوبة الإعدام كل من بسينا ‘ و فيري و لونج و دي مارسيكو ومن الحجج التي يستند الداعين لإلغاء عقوبة الإعدام نذكر منها .

1- عقوبة الإعدام عقوبة غير عادلة                                                    

     يرى المناهضون لعقوبة الإعدام أنها عقوبة غير عادلة فهي غير قابلة للتدرج تبعا لجسامة الفعل المجرم  وخطورة المجرم فجسامة الضرر الناتج عن تنفيذ عقوبة الإعدام لا تتناسب مع الجريمة المرتكبة ذلك لأن الضرر الذي أصاب المجتمع من جراء ارتكاب الجريمة محدود أما  الضرر الذي يصيب الجاني وعقوبة الإعدام تبدو غير عادلة من جانب آخر فهي لا تقبل التجزئة و بتالي تنقصها المرونة بحسبان أن القاضي  لايستطيع أن يتصرف في مقدارها لكي ينزل بالمحكوم عليه القدر الذي يستحقه منها ومن مظاهر عدم عدالة عقوبة الإعدام عدم قابليتها للرجوع فيها إذا ما اتضح بعد تنفيذها خطأ الحكم الذي قضى بها أو طرأت أسباب جعلت من الملائم العفو عنها[7].

2- :  عقوبة الإعدام تتعارض و مبدأ شخصية العقوبة

قال المناهضون لعقوبة الإعدام إنها تتعارض وبمبدأ شخصية العقوبة و معناه ’ عدم توقيع العقوبة إلا على الجاني فلا تنفذ العقوبة إلا على من صدرت عليه فيجب ألا تصيب غير الجاني ووجه التعارض يكمن في أن إعدام أحد الأفراد له آثار سيئة على غيره من أفراد أسرته تتمثل في الألم النفسي الذي يلحق بهم جراء إعدام أحد أفرادها والضرر المادي إذا كان المحكوم عليه هو عائلها الوحيد كذلك نظرة الرحمة و الشفقة التي ينظرها إليهم المجتمع و التي تدوم طويلا ويصعب محو أثرها .

3– :  الإعدام ليس حقا للدولة 

     يرى المناهضون لعقوبة الإعدام أنها عقوبة غير شرعية فالمجتمع لم يهب الفرد الحياة فهي هبة من الخالق و من ثم فلا يجوز للدولة أن تلجأ إليها و قال بعض أنصار هذا الاتجاه تبريرا لذلك إن أساس حق الدولة في العقاب هو العقد الإجتماعي و إنه من غير الممكن أن يكون الفرد قد تنازل في هذا العقد عن حقه في الحياة فهو لا يملك هذا الحق أصلا [8] ومن جهة أخرى إن الدول تجرم القتل ومن الواجب عليها أن تحترم قبل غيرها هذا الالتزام فلا تخرقه بتنفيذها لعقوبة الموت المتمثلة في الإعدام.

4– :  عقوبة الإعدام لا يمكن تداركها

 

ان المناهضون لعقوبة الإعدام يرونها أنها عقوبة يستحيل تدركها أو إصلاح آثارها حين يكون العدول عنها حق وواجب فقد تظهر براءة المحكوم عليه بعد تنفيذها . فالأخطاء القضائية ليست نادرة و العدالة الإنسانية نسبية حتى أغلب التشريعات الوضعية تقر الحق في تصحيح الأحكام عن طريق الطعن فيها ومن ثم فإن الإبقاء على عقوبة الإعدام يشكل خطورة بالغة لعدم إمكان جبر الخطأ في حالة تنفيذ عقوبة الإعدام وتعتبر هذه الحجة من أقوى الحجج التي يستند عليها المعارضون لعقوبة الإعدام.

5- :  عقوبة الإعدام قاسية و غير إنسانية

يرى المناهضون لعقوبة الإعدام أن هذه العقوبة تتصف بالقسوة و البشاعة و الوحشية فهي تتم عن وحشية لا تتفق مع ما وصل إليه الإنسان من من تقدم و رقي و مدنية و الإبقاء عليها ليس إلا إحياء لعهد البربرية القديم فعقوبة الإعدام لا تتفق و الكرامة الإنسانية يتولد عنها الاشمئزاز في النفوس و يتأذى منها الشعور العام و تسيء إلى فكرة العدالة في نفوس الناس .

خلاصة :

ومن هنا يمكننا القول  ان السياسة الجنائية الرشيدة التي يمتاز بها المشرع المغربي لعبت دورا بارزا في معالجة هذا الموضوع  بحيث وفقت بين المقاربة الاجتماعية و الجنائية و خلصت  على أن إذا كان من واجب الدولة حماية المواطنين عن طريق الوقاية من الإجرام فليس من حقها بتاتا أن تلجأ إلى أي وسيلة كانت لتحقيق هذا الهدف يمكنها أن تتخذ تدابير عامة ذات  الطابع الاجتماعي لأن بعض أشكال الفقر و الهشاشة أو الإقصاء قد تتسبب في ارتكاب الجرائم كما يمكن للدولة أن تتخذ بعض التدابير الشخصية التي تساعد على إدماج الجناة في المجتمع أما إذا كانت الوقاية تقتصر على اعتقال الجاني دون أي مقاربة تصون كرامته و تنمي  القدرة لديه على تحمل المسؤولية فإنها لا تحترم الشروط التي تتطلبها دولة القانون يفرض احترام المشروعية أن تتقيد كل الإجراءات الوقائية و كل التدابير الاحترازية التي تستهدف الحرية الفردية و الكرامة الإنسانية بالقانون و أن تخضع للمراقبة الفعلية للقضاء المستقل و المحايد [9] .

وقد  اهتم مؤسس المدرسة التقليدية بيكاريا بتجربة الإصلاح الجنائي في عصره و ضمن أفكاره في مؤلفه الشهير في الجرائم و العقوبات مجموعة من المبادئ الجوهرية التي انعكست على التشريعات الجنائية و شكلت نقطة تحول في تاريخ القانون الجنائي و ندى  بسلب القضاة تحكمهم في تحديد الجرائم و العقوبات و يصبح دور القاضي تنفيذ القانون فقط بتنزيل العقوبات الواردة فيه دون أي اجتهاد و هو من دشن لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص  و قد تأثر بيكاريا كثيرا بنظرية العقد الاجتماعي التي قدمها الفيلسوف جان جاك روسو في وضع مبادئ السياسة العقابية للمدرسة التقليدية التي كان لها بالغ الأثر في السياسة الجنائية المعاصرة كما أنه ندى  بإلغاء عقوبة الإعدام [10] .

و عندما نعود إلى نصوص القانون الجنائي المغربي النافذ منذ 17 يونيو 1963 و كذا التعديلات التي أدخلت عليه يتضح بأن المشرع المغربي نهج بداية الاستقلال سياسة عقابية تتناسب و الأوضاع السائدة وقتها متأثرا إلى حد بالتشريع الجنائي الشائع في دول أخرى خاصة منها فرنسا و هكذا يتضح بأن عدد الجرائم التي تطالها عقوبة الإعدام يصل الى 24 جريمة يضاف إليها ست جرائم النص عليها ضمن قانون العدل العسكري ويتعلق الأمر بالجرائم التالية : الاعتداء على حياة الملك أو ولي العهد أو أحد أفراد الأسرة المالكة (الفصول 163.165.167من القانون الجنائي ) جريمة خيانة الوطن الفصلان 181 و 182 التجسس الفصلان 185 و 186 المس بسلامة الدولة الداخلية أو الخارجية (الفصول 190 .201 .203 ) و جريمة الإرهاب الفصل 218 الى 218 ((9)) بإضافة القتل الموصوف الفصلان( 392 و 393 )  قتل الأصول عمدا الفصل 396 قتل الوليد عمدا الفصل 397 التسميم الفصل (398).استعمال وسائل التعذيب لتنفيذ جناية الفصل (399) الضرب بنية إحداث الموت الفصلان (410 و 411) اختطاف الأشخاص و تعذيبهم الفصل 438 تعريض الطفل بنية إحداثه ( الفصل 436 ) اختطاف القاصر الذي يعقبه موته الفصل ( 474) إضرام النار عمدا إذا تسبب عنه موت[11] الفصل (588)

 

 

[1] أحمد فتحي سرور أصول السياسة الجنائية دار النهضة العربية ص 41

[2] LAURENCE THIBAUET , Lapeine de mort, op p 21

[3] شريف كامل دار النهضة العربية ط 1990 ص 175

[4] عقوبة الإعدام في التشريع المصري تأصيلا و تحليلا عماد الفقي الطبعة الثانية ص77

[5] Conférences Ali Hamouda en droit pénal, Châtiment, édition 1995, page 124

[6] ساسي سالم الحاج عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء ص107

[7] عماد الفقي المرجع السابق

[8] أحمد فتحي سرور الوسيط في قانون العقوبات القسم العام طبعة 1981 ص 821

[9] محي الدين أمزازي ..ميراي ديلماس مارتي التحولات الممكنة لسياسات الجنائية العربية  ص45

[10] عبد الرحيم بن بوعيدة وأحمد قيلش مبادئ في علم الإجرام و العقاب ص128 ط2014

[11] محمد الإدريسي العلمي المشيشي دراسة حول ملائمة مشروع القانون الجنائي مع المبادىء و القواعد المعتمدة في منظومة حقوق الإنسان ص 56

قد يعجبك ايضا