منازعات تصميم التهيئة في ضوء تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب وآليات الحد منها

المعلومة القانونية

*حميد بري

  • باحث بماستر القانون العقاري
  • جامعة سيدي محمد بن عبد الله‎‎.

تركز الدولة من خلال سياسة التعمير على الملكية العقارية، حيث لا تعمير بدون عقار ولا عقار بدون تعمير، غير أن توفير الأراضي اللازمة في الوقت المناسب والمكان المناسب، يطرح عدة إشكاليات تؤثر سلبا على تحقيق سياسة عمرانية فعالة وفق أحكام تصاميم التهيئة، حيث لازالت الدولة لم تتجاوز المشاكل المرتبطة بتدبير الأنظمة العقارية، وأهم هذه المشاكل المعيقات المتعلقة بتعدد أصناف الملكية العقارية، وكذا ازدواجية النظام القانوني المطبق على العقار، إضافة إلى الصعوبات التي تعترض اقتناء الأراضي العقارية الخاصة بفعل صعوبة المسطرة الواجب إتباعها.

وبالرغم من توفر الدولة على رصيد عقاري خاص بها، إما في شكل ملك عام، أو ملك خاص، فإنه يظل محدودا، وفي إطار إعدادها لسياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، تضطر إلى وضع يدها على بعض العقارات المملوكة ملكية خاصة للأفراد بنزع ملكيتها لصالحها، من أجل إنجاز مشاريع تتسم بالمنفعة العامة المعلن عنها بمقتضى تصميم التهيئة طبقا لأحكام المادة 28[1] من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، وذلك في إطار مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.

وأمام تزايد أهمية التعمير يوما بعد يوم، تضاعفت أهمية تصميم التهيئة بشكل كبير، لكونه يعكس الهيكلة المادية والقانونية لأي عمران على سطح الأرض، ولاعتباره الآلية الفاعلة للتخطيط الحضري، وكذلك الحجر الأساس في تثبيت النمو الديمغرافي وإعداد التراب الوطني، وإنعاش جودة الهندسة المعمارية وضمان تناسق بنياتها.

وعليه سوف أتطرق لهذا الموضوع من خلال محورين أساسيين:

المحور الأول: منازعات تصميم التهيئة في ضوء تعدد الأنظمة العقارية

المحور الثاني: آليات الحد من تأثير الأنظمة العقارية على تصميم التهيئة

 

المحور الأول: منازعات  تصميم التهيئة في ضوء تعدد الأنظمة العقارية

سوف أتطرق من خلال هذا المحور لأهم المنازعات التي قد تترتب عن تنفيذ تصميم التهيئة، من خلال الفقرات الآتية:

الفقرة الأولى: المطالبة بانتهاء آثار تصميم التهيئة دون سلوك مسطرة نزع الملكية

تعتبر الملكية الخاصة حقا خالصا لصاحبه لا يمكن المساس به أو تقييده إلا بمقتضى القانون، ولجوء السلطة العامة بالاستيلاء على عقار الخواص دون إتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، يشكل مثالا صارخا للاعتداء المادي، وعمل غير مشروع، مما يحق للمعتدى على ملكيته اللجوء إلى القضاء من أجل رفع هذا الاعتداء.

ويعتبر الفقيه الفرنسي” لافير” أول من حاول تعريف الاعتداء المادي، وذلك بعرضه لتقرير على المحكمة عندما كان مفوضا للحكومة في قضية carriel launnanoier »  ” وذلك بتاريخ 5 ماي 1987 الذي أكد فيه على أن” الاعتداء المادي يحدث عند خروج الإدارة عن حدود سلطاتها واختصاصاتها الإدارية المحددة[2].

كما عرفه الفقيه الفرنسي” دي لوبادير” بأنه اعتداء يقع أثناء تنفيذ الإدارة لعمل مادي، يتضمن عدم مشروعية على حق الملكية أو على حرية من الحريات العامة[3].

وعرفه الأستاذ محمد الكشبور بأنه” قيام الإدارة بنشاط غير مشروع من شأنه أن يتضمن اعتداء ماديا[4].

ويلاحظ على أن هذه التعريفات في تقاربها الشديد  فيما بينها إلى حد التشابه، فهي مختلفة في أساليب التعبير فقط، وهو ما صارت عليه الاجتهادات القضائية في المغرب، إذ كان لها نفس التوجه في التعريفات التي وضعها نظيرها الفرنسي، فاعتبر من قبيل الاعتداء المادي، ” كل عمل يستعصى إدخاله ضمن ممارسات السلطة العامة” أو أنه كل تصرف إداري متسم بعدم المشروعية و جسيم ماس بحق الملكية أو بحرية أساسية”. ومن ذلك القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 8 يونيو، 1948 والذي جاء فيه أنه ” عندما يكون احتلال عقار غير قابل لربطه بتطبيق نص قانوني، وماس بحق ملكية خاصة، فإنه يشكل اعتداء ماديا[5]

هكذا، يشكل سؤال الموازنة بين المصلحة الخاصة للملاك في إنهاء آثار تصميم التهيئة واستعمال أراضيهم لأغراض عمرانية طبقا للتنطيق المجاور بعد مرور أجل عشر سنوات من تاريخ نشر النص المصادق بموجبه على التصميم، والمصلحة العامة المتمثلة في إرساء سياسة حضرية قادرة على خلق مجالات مندمجة ومحفزة على التنمية تمكن من بلوغ مبتغى الانسجام والتناسق بين مكونات المشهد العمراني أحد أهم الأسئلة التي تطرح بشدة.

كما قد نصت الفقرة الثانية من المادة 28 من قانون التعمير على أنه “.. وتنتهي الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة الرسمية، ولا يجوز القيام بإعلان المنفعة العامة للغرض نفسه، فيما يتعلق بالمناطق المخصصة للتجهيزات الآنفة الذكر، قبل انصرام أجل 10 سنوات.

وفي هذا الإطار اعتبرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط أن عدم سلوك مسطرة نزع الملكية داخل أجل 10 سنوات يجعل مفعول تصميم التهيئة منتهيا، وهو ما جاء في القرار[6] التالي” …لكن حيث إنه تطبيقا لنص المادة 90 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، فإنه يبقى لتصاميم التهيئة التي قد تكون تمت الموافقة عليها في تاريخ نشر هذا القانون مفعولها المنصوص عليه في الظهير الشريف الصادر في 30.07.1952، في شأن التعمير إلى تاريخ نشر النص الموافق بموجبه على تصاميم التهيئة الجديدة التي تحل محلها.

وبما أن الإدارة ورغم المصادقة على تصميم التهيئة بمقتضى مرسوم نشر بالجريدة الرسمية لم تعمل على سلوك مسطرة نزع الملكية داخل أجل 10 سنوات الموالية لتاريخ الإعلان عن الموافقة على تصميم التهيئة كما أنها لم تعمل على تمديد مفعول هذا التصميم حسب ما ينص عليه الفصل 13 من ظهير 30/07/1952، مما يجعل مفعول المرسوم المعلن عن المصادقة على تصميم التهيئة منتهيا بمرور الأجل القانوني، ويكون معه المستأنف عليهما محقين في المطالبة بالتصريح بانتهاء مفعول وآثار المرسوم المذكور ويبقى معه سبب الاستئناف غير مرتكز على أساس والحكم المستأنف مصادفا للصواب وواجب التأييد.”

وفي نفس الاتجاه ذهبت المحكمة الإدارية بالرباط إلى اعتبار قرار رفع اليد عن عقار يكون غير مشروع بعد مرور 10 سنوات على نشر مرسوم تصميم التهيئة وعدم قيام الإدارة بالإجراءات الموالية لإصدار قرار التخلي، وجاء في الحكم[7] ما يلي“…وحيث إن مرسوم المصادقة على تصميم التهيئة جماعة أكدال الرياض عمالة الرباط  عدد 2.97.902 صادر بتاريخ 16 نونبر 1998 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 46642 بتاريخ 26 نونبر 1998، لم يعد له مفعول ويعتبر كأن لم يكن بمجرد مرور عشر سنوات على نشره عملا بصريح الفقرة الثانية من المادة 28 من القانون رقم 12.90 بشأن التعمير الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 1992ـ 6ـ 17 التي تحدد مدة صلاحية الآثار المترتبة عن إعلان المنفعة العامة وهو الأجل الذي انصرم بحلول يوم 2008ـ 11ـ 27 الذي هو اليوم الموالي لمرور عشر سنوات على نشر المرسوم سالف الذكر.

وحيث إن مرور مدة عشر سنوات على نشر تصميم التهيئة وعدم قيام الإدارة بالإجراءات الموالية لإصدار قرار التخلي كما منصوص عليها في القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت وحرمان المالكين عقاره طيلة هاته الفترة يجعلها في وضعية المحتلة بدون حق ولا سند ويكون القرار القاضي برفض رفع اليد عن القطعة الأرضية التي يملكها المدعي غير مشروع ومشوبا بعيب مخالفة القانون يبرر الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.

وحيث طلب الغرامة التهديدية غير مؤسس مما يتعين معه رفضه”.

وإذا كانت الغاية من إصدار تصميم التهيئة هي تحقيق المنفعة العامة، فإن اللجوء إلى هذا الإجراء يواجه بمعارضة من طرف ملاك العقارات، وغالبا ما ينتهي الأمر إلى منازعات قضائية، وفي هذا الإطار صدر حكم[8] عن المحكمة الإدارية بفاس عدد 1307، يبن المدعين السادة… وبين جماعة …… في شخص رئيسها وأعضاء مجلسها الجماعي بتازة، إذ جاء فيه”… حيث يهدف طلب المدعين إلى الحكم لفائدتهم بتعويض مادي عن قيام جماعة …… بشق طريق التهيئة فوق عقارهم، وذلك حياد عن الضوابط القانونية المعمول بها في قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.

وحيث إن الثابت من وثائق الملف وخاصة تقرير الخبرة المنجز بتاريخ 19.10.2017، أن الجماعة المدعى عليها سبق لها أن رخصت ببناء عمارتين قائمتين متكونتين من خمس مستويات على جانبين الشمالي والجنوبي للقطعة موضوع النزاع، وأصبحت بذلك هذه القطعة محرما لطريق التهيئة رقم …. بعرض 20 متر وهو واقع لايمكن تغييره تعميريا كما أشار إلى ذلك الخبير في تقريره، ومعلوم أن الإشارة في تصميم التهيئة إلى إنشاء مرفق عمومي على العقار لا يعفي الإدارة من سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة باستصدار أحكام قضائية بالإذن بالحيازة وبنقل الملكية داخل الأجل القانوني المحدد لذلك، وأن الجماعة طالما أنها لم تتقيد بذلك يعتبر تصرفها هذا مجرد عمل مادي صرف يندرج في إطار الاعتداء المادي المنقطع الصلة بالمشروعية والمرتب لمسؤوليتها الإدارية في إطار المادة 8 من القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية، ويعطي بالتالي للمدعين الحق في الحصول على التعويض المستحق، باعتباره الوسيلة الوحيدة لجبر الضرر اللاحق به.

وحيث إن التعويض عن الرقبة يغطي جميع الأضرار اللاحقة بالمدعين حسب ما استقر عليه اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في العديد من قراراتها ومنها القرار عدد 63 الصادر بتاريخ 26/02/2008 في الملف الإداري عدد 2783/4/3/2006 المنشور بقرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف، الجزء السادس سنة 2009، مما يبقى معه طلب التعويض عن الحرمان من الاستغلال غير ذي أساس ويتعين رفضه.

وعليه حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا بأداء جماعة …..  في شخص رئيسها لفائدة المدعين تعويضا إجماليا قدره 2.680.000 درهم مليونان وستمائة وثمانون ألف درهم عن فقدانهم ملكية القطعة الأرضية الكائنة …… ، حي……. ، مساحتها 6آر و 70 سنتيار ذات الرسم العقاري عدد ………. ورفض باقي الطلب.

واستقرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط على موقفها الرافض لأي انحراف في تفسير الفقرة الثانية من المادة 28 من قانون التعمير، بحيث جاء في قرار[9] حديث لها مايلي ” وحيث إنه من جهة ولئن كانت مقتضيات المادة 28 من قانون التعمير تنص على اعتبار النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعلان المنفعة العامة فإنها جعلت ذلك الارتفاق يستمر لمدة عشر سنوات عند انتهائه دون انجاز التخصيص فإن نفس المادة صريحة في فقرتها الثانية على عدم جواز إعلان المنفعة العامة للغرض نفسه بعد انتهاء مدة العشر سنوات إلا أن هذه الآثار تنتهي بكيفية وبقوة القانون دون الحاجة إلى استصدار حكم قضائي يقضي بإزالة آثاره وهو ما سار عليه اجتهاد هذه المحكمة في عدة قرارات من بينها القرار عدد 942 الصادر بتاريخ 09/03/2016 في الملف الإداري عدد65/7206/2015.

وحيث إنه لذلك، فإن عدم ثبوت تقديم المستأنف لطلب يرمي لمحو آثار التصميم المصادق عليه استنادا  إلى مدته القانونية أو لما يفيد تقدمه بطلب إلى الجماعة لاستغلال عقاره فيما خصص إليه وتمت مواجهته بالرفض على أساس استمرار آثار هذا التصميم، فإن ذلك يعني أن هذا الطلب يبقى غير مقبول على حالته والحكم المستأنف جاء مجانبا للصواب عندما قضى برفع آثار تصميم التهيئة المنتهية قانونا، الأمر الذي يتعين التصريح بإلغائه والحكم تصديا بعدم قبول الطلب”.

يستفاد من حيثيات هذا القرار أن القضاء الإداري حريص على تطبيق أحكام المادة 28 من قانون التعمير، حماية لأصحاب الأراضي المشمولة ملكيتهم بتصميم التهيئة، وتجنب الإدارة الممارسات الإدارية غير المشروعة، وحتى يتمكن الملاك من استرجاع عقاراتهم بعد انتهاء أجال نفاذ تصميم التهيئة دون اللجوء إلى القضاء. وفي نفس السياق ذهبت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم[10] لها أنه”  يستفاد من مقتضيات الفصل 28 من قانون التعمير أن المدعي يمكنه بعد مرور 10 سنوات استرجاع عقاره لارتفاع المانع، مما يضحي معه لجوءه إلى القضاء غير ذي أساس يتعين معه رفض الطلب”

الفقرة الثانية: عدم تفعيل الإدارة لمقتضيات تصميم التهيئة

لاشك أن الإطار القانوني الساري المفعول بشأن تصاميم التهيئة العمرانية في ظل إكراهات تأثير الأنظمة العقارية،عجز في العديد من جوانبه على جعلها تساهم في أعمال الحكامة الجيدة للتخطيط العمراني بالشكل الذي يخدم المنفعة العامة دون تغييب جانب المصلحة الخاصة، وعليه جاء المشروع المتعلق بإصلاح قانون التعمير بالعديد من البدائل تتعلق أساسا بجعل المدة غير محددة بالنسبة للارتفاقات المتعلقة بتخطيط الشبكة الطرقية وطرق المواصلات، وفتح المجال للملاك للقيام عوضا عن الإدارة بإنجاز المرافق والتجهيزات المبرمجة على أراضيهم عند انصرام نصف مدة أجل المنفعة العامة وهي خمس سنوات. وهو ما نصت عليه المادة 46 من مشروع القانون رقم 12.37 المتعلق بمدونة التعمير، إذ جاء فيها ما يلي:

ـ فتح المجال لملاك الأراضي، بعد انصرام مدة خمس سنوات تحتسب ابتداء من تاريخ نشر النص القاضي بالمصادقة على تصميم التهيئة، لإنجاز بعض التجهيزات العامة، خاصة التجهيزات المتعلقة بالتعليم والصحة، بدل الإدارة المخصصة لها القطعة الأرضية، وذلك طبقا للشروط المحددة من قبل الإدارات المعنية وبعد استطلاع رأي الوكالة الحضرية، مع إمكانية تقديمهم طلبا للإدارات من أجل اقتناء أراضيهم بعد انصرام أجل سبع سنوات ابتداء من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة، وفي حالة ما تبين أن الإدارة لن تتمكن من اقتناء هذه الأراضي، داخل أجل سنة واحدة من تاريخ توجيه الطلب إليها، تقوم بتسليم شهادة رفع اليد لفائدة الملاك المعنيين، وتكون هذه الشهادة ملزمة للغير[11]

وبالرجوع إلى التشريع المقارن نجد المادة 2ـ[12]152 من قانون التعمير الفرنسي، تجيز لملاك الأراضي المحتفظ بها في إطار تصميم محلي للتهيئة الحضرية مطالبة الجماعة أو الشخص العام باكتساب الأراضي وفق الشروط والآجال المنصوص عليها في المادة L230.1 وما بعدها:

كما نصت المادة L230.1 من نفس القانون على أنه” تمارس حقوق التخلي المنصوص عليها في المواد2.152، و2.311، أو 1.424، وفق الشروط المبينة في هذا الباب[13].

وبالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الإدارة المكلفة بالتعمير من أجل تنفيذ تصميم التهيئة، فإن الكثير من الإدارات والمؤسسات العمومية لا تقوم بتنفيذ المشاريع المبرمجة لفائدتها في هذا التصميم، وذلك راجع لتراخيها في برمجة الإعتمادات التي ستلزمها إنجاز تلك المشاريع، بحيث أصبح الأثر القانوني لسريان تصميم التهيئة والمحدد في عشر سنوات يدفع بعض الإدارات إلى التقاعس عن تنفيذ ما ينص عليه التصميم، ولذلك يتعين إعادة النظر في هذه المدة وجعلها محددة في خمس سنوات على أبعد تقدير، حتى تكون الإدارات المعنية مقيدة بتفعيل أغراض تصميم التهيئة العمرانية.

وعليه، فإن تصاميم التهيئة تعرف عدة إشكالات تطرح على أرض الواقع، مع ما يترتب عن ذلك من تأثير أصناف الملكية العقارية في صعوبة تنزيل مقتضيات هذه التصاميم.

وفي هذا الإطار صدر حكم[14] عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 19 ماي 2011 بشأن عدم تفعيل الإدارة لمقتضيات تصميم التهيئة، الأمر الذي ترتب عنه حق المالك في الحصول على تعويض عن الحرمان من استغلال الأرض، إذ جاء في الحكم ما يلي“…وحيث إن تصميم التهيئة لمقاطعة سيدي مومن المصادق عليه بمقتضى المرسوم رقم 160ـ89ـ2 بتاريخ شعبان 1409( 17 مارس 1989) وبالرغم من عدم تفعيله من طرف المقاطعة المذكورة والجماعة الحضرية فقد حرم المدعين من مزايا عقارهم، وغل يدهم في التصرف فيه وأن مجرد تحميل هذا العقار باتفاق قانوني، مجسدا في التجهيزات المزمع القيام بها فوقه، يعني أنه وطيلة مدة ترتيب تصميم التهيئة لآثاره المحددة في عشر سنوات من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وإلى غاية تفعيل تصميم التهيئة يبقى المدعين محرومين من المزايا اللصيقة بحق الملكية أو بالأحرى مقيدين بعدم استعمال عقارهم في حدود الغرض المنصوص عليه بتصميم التهيئة المذكور، مما يبرر أحقيتهم في التعويض عن حرمانهم من استغلاله في مواجهة الجماعة الحضرية المدعى عليها.

وحيث إن المحكمة وبما لها من سلطة تقديرية في تحديد التعويض عن الضرر اللاحق بالمدعي ارتأت الحكم على الجماعة الحضرية للدار البيضاء بأدائها للمدعين تعويضا إجماليا قدره 1.166.400.00 درهم وذلك باعتبار لمبلغ 19.440.000.00 درهم الذي خلص إليه الخبير كرأسمال ثابت واعتماد نسبة 6 في المائة منه لاحتساب نسبة التعويض.

وحيث لئن كانت الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة وفقا للمادة 28 أعلاه تنتهي عند انقضاء أجل عشر سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة الرسمية ولا يجوز القيام بإعلان المنفعة العامة للغرض نفسه فيما يتعلق بالمناطق المخصصة للتجهيزات المنصوص عليها في المادة 19 من قانون التعمير قبل انصرام اجل عشر سنوات فإن ملاك الأراضي يستعيدون التصرف في أراضيهم فور انتهاء الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة الأمر الذي يكون معه الطلب في شقه المتعلق بالتعويض عن قيمة الأرض لا يستند إلى أسس قانونية سليمة ويتعين عدم الاستجابة له.”

وفي سياق ضمان التقيد بمقتضيات تصميم التهيئة،نجد حكم[15] آخر صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، والذي اعتبر أن الترخيص لمدرسة خصوصية على عقار تم تخصيصه لمدرسة عمومية بمقتضى تصميم التهيئة يشكل تعديلا يقتضي أن يكون بمرسوم، حيث جاء فيه ما يلي“…وحيث أن القطعة الأرضية موضوع النزاع ستظل مخصصة للغرض المرسوم في تصميم التهيئة المحدد في بناء مدرسة عمومية إلى حين انتهاء مدة التصميم المذكور التي تصل إلى عشر سنوات والتي تنتهي في نازلة الحال في منتصف سنة2010 في حين أن الطاعنة تقدمت بطلبها من أجل إقامة مشروعها فوق تلك القطعة بتاريخ 30/10/2000 وبعد أن لم يمض سوى أقل من خمسة أشهر على تاريخ نشر قرار الموافقة على ذلك التصميم بالجريدة الرسمية.

وحيث إنه فيما يخص النقطة الثانية وجبت الإشارة بداية إلى أن المقاربة القائمة على المقارنة بين المراحل التي قطعها تنفيذ كل من المشروع المقرر إنجازه من طرف الإدارة ومشروع الطاعنة ينبغي أن ينظر إليها في إطار شمولي تأخذ بعين الاعتبار حتى البعد الزمني المخصص للإدارة لإنجاز المشروع الذي يمتد إلى عشر سنوات لم يكن قد انصرم منها سوى بضعة أشهر عند تقديم الطاعنة لطلب الترخيص لها بإنجاز مشروعها وحتى ولئن كانت الإدارة قد أفادت على لسان الوكيل القضائي للمملكة خلال جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 1/4/2004 أنه لم يتم الشروع بعد في إجراءات نزع ملكية القطعة الأرضية موضوع النزاع على خلاف الطاعنة التي شرعت في إعداد الدراسات الخاصة بها إلا أن ذلك لا ينفي الإمكانية المتاحة لها في إنجاز مشروعها طالما أن المدة التي يخولها إياه القانون لم تستفيد بعد خصوصا وأن الصياغة التي وردت بها المادة 28أعلاه لا تسمح لإدارة معينة بالتخلي عن القطع الأرضية التي تم تخصيصها لفائدتها من أجل إنجاز التجهيزات التي تم التنصيص عليها في تصميم التهيئة بل بالعكس يستوجب عليها القيام بالعمليات اللازمة لإنجاز التجهيزات المذكورة، هذا فضلا عن أن استبدال المشروع من مؤسسة عمومية للتعليم إلى مدرسة خصوصية يعتبر تغييرا في إحدى جوانب التخصيص المقرر بمقتضى تصميم التهيئة من زاوية المنفعة العامة المستهدفة التي ليست ذاتها في المشروعين مما يقتضي أن يكون ذلك التعديل بمقتضى مرسوم عملا بقاعدة توازي الشكليات وطبقا لمقتضيات المادة 26 من نفس القانون.”

المحور الثاني: آليات الحد من تأثير الأنظمة العقارية على تصميم التهيئة

سأعمل من خلال هذا المطلب على تبيان بعض الآليات الكفيلة، لمحاولة تجاوز التأثير السلبي لمختلف أنماط الملكية العقارية وازدواجية النظام العقاري المغربي، على مسار تصميم التهيئة العمرانية، وذلك من خلال التطرق لأهمية الاحتياطات العقارية بهذا الخصوص ( الفقرة الأولى)؛ ومدى تأثير المضاربة العقارية على هذه التصاميم العمرانية( الفقرة الثانية)؛ وأخيرا أبين أهمية عملية التحفيظ العقاري للأراضي، ومساهمتها  في خدمة تصميم التهيئة من خلال ( الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: توفير الاحتياطات العقارية للحد من تأثير الأنظمة العقارية على مسار تصميم التهيئة

تشكل الملكية العقارية محور السياسات التعميرية، ذلك أن تطور المدنية بفعل النمو الديمغرافي والهجرة، يتطلب توفير مساحات شاسعة من الأراضي الأمر الذي يستوجب على الدولة رسم سياسة عقارية من خلال إستراتيجية موازية لسياسة إعداد تصاميم التهيئة العمرانية، تحدد كيفية التعامل مع الملكية العقارية.

ومن هذا المنطلق، فإن حركة التمدن السريعة التي أصبحت تشهدها مختلف مناطق المملكة تتطلب توفير مساحات مهمة من الأراضي المجهزة والقادرة على استقطاب المشاريع التنموية في مختلف المجالات.

ولا شك أن قيام العقار بدوره في تشجيع وجلب الاستثمار، يقتضي بالضرورة توفير الوعاء العقاري المناسب الخالي من كل الشوائب التي تعيق تنفيذ المشاريع الهادفة إلى خلق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة انطلاقا من تصورات تصميم التهيئة، ومن هنا تكمن إشكالية الوعي بالقيمة التي تحتلها الأرض في مجال العمران، وبالعلاقة الوثيقة بين سياسة التعمير والسياسة العقارية، إذ لا يمكن حكامة تصاميم التهيئة العمرانية، بدون التحكم في السطح ورفع الحواجز التي يضعها استعمالها في وجه كافة المتدخلين سواء من القطاع العام أم الخاص.

وعليه، لا يجادل أحد اليوم في أن طبيعة التنوع الذي تعرفه الأنظمة العقارية بالمغرب، أصبح من رهانات تحقيق متطلبات التنمية العمرانية والتخطيط العمراني، ذلك أن الهياكل العقارية سواء المتواجدة داخل المدن أو بالمناطق المحيطة بها، تضطلع بدور كبير في التوسع الحضري، وستظل عاملا حاسما في تشكيل المدن من خلال مقتضيات تصاميم التهيئة، لهذا يجب أخذها بعين الاعتبار عند بحث تطور المجال العمراني[16].

وكما هو معلوم فعمليات التعمير التنظيمي تتطلب قسطا وافرا من الأراضي، ويحتاج مختلف المتدخلين في قطاع السكنى والتعمير إلى رصيد عقاري كافي لمواجهة الطلبات المتزايدة في مجال التخطيط العمراني، بحيث أن حاجيات المجتمع في هذا الباب متعددة ومتنوعة، وقد أدى ارتفاع معدل النمو الديمغرافي داخل المدن، وتزايد الهجرة القروية، وعصرنة القطاعات الإنتاجية بما فيها القطاع الفلاحي، وإحداث المناطق الصناعية والتجارية والسكنية أيضا، إضافة إلى التجهيزات الأساسية والمرافق الاجتماعية المختلفة، إلى تزايد الطلب على الأراضي بالمناطق الحضرية، وفي مقابل هذا التزايد المستمر، نجد الأنظمة العقارية كما أشرنا سابقا، لا تسمح في كثير من الأحيان بمواجهة المشاكل العقارية التي تواجهها سياسة تصاميم التهيئة العمرانية، ولا بتوفير الليونة المطلوبة للتحكم على رصيد عقاري كافي وملائم لأعمال التهيئة والتعمير.الأمر الذي تترتب عنه نزاعات بين الجماعات الحضرية المعهود لها بتنفيذ تصميم التهيئة والجهات المالكة للوعاء العقاري، وفي هذا الإطار، نجد حكم[17] صادر عن المحكمة الإدارية بفاس بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبين جماعة… .جاء فيه ما يلي “…حيث إن حاصل طلب المدعية الحكم  على الجماعة المدعى عليها بأدائها لها تعويضا قدره 28313425 درهم عن فقدها لمساحة قدرها 23113 متر مربع اقتطعت من قطعها الأرضية وأحدثت بها طرق عامة.

وحيث إن من المبادئ المستقر عليها فقها وقضاء أنه في إطار دعاوى المسؤولية الإدارية المترتبة عن الأضرار الناتجة عن نشاط من نشاطات أشخاص القانون العام فإنه للقول باستحقاق الطرف المتضرر للتعويض يتعين بداية تحديد مسؤولية جهة الإدارة الصادرة عنها هذا النشاط من خلال التحقق من ثبوته وذلك قبل تحديد قيمة التعويض المستحق.

حيث إن الثابت من أوراق الملف وخصوصا تقرير الخبرة المنجزة في النازلة أن القطعة الأرضية موضوع طلب التعويض قد أحدثت عليها طرق عمومية من طرف جماعة …… وذلك في غياب إجراءات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.

وحيث إنه لا جدال في أن غصب عقار المدعية قد ترتب عنه ضرر حال ومحقق ودائم بها تمثل في حرمانها من عقارها ومن حق ملكيتها لها والتصرف فيه بمختلف أنواع التصرفات القانونية واستغلاله فيما أعد له وهو ما فوت عليها كسبا حقيقيا تمثل في قيمته العقارية الشيء الذي تكون معه محقة في التعويض عن هذه الأضرار ما دام أن التعويض هو الوسيلة الوحيدة لجبرها.

وحيث إن المحكمة وتبعا لما لها من سلطة تقديرية في تقييم نتيجة الخبرة واعتبارا لكون العقارات المعتدى عليها تقع بحيين سكنيين بمدينة……. وهي تشمل على عدة قطع فلاحية محفظة غير مجهزة شيدت عليها جماعة …… عدة طرقات عمومية على مساحة إجمالية تقدر ب 23113 متر مربع فإنها تحدد قيتها العقارية في مبلغ 800 درهم للمتر المربع أي ما مجموعه 800 درهم *23113 متر مربع = 18490400 درهم.

وحيث يتعين الحكم على جماعة…… بأدائها لفائدة المدعية المبلغ المذكور بأكمله ولا مجال لتطبيق مبدأ المساهمة المجانية المنصوص عليه في الفصل 37 من قانون التعمير ما دام أن الأمر يتعلق باعتداء مادي صرف وعمل غير مشروع  وليس بدعوى نزع الملكية التي يخضع وحده التعويض المحكوم في إطارها إلى إعمال هذه القاعدة لكون تصرف الإدارة يتم في هذه الحالة في إطار القانون.”

وفي نفس الإطار صدر عن المحكمة الإدارية  بفاس حكم حديث لها[18] بشأن التعويض عن تنفيذ أحكام تصميم التهيئة من طرف جماعة ……، جراء قيامها بإحداث طريق فوق عقار حيادا على الضوابط القانونية المعمول بها، والذي جاء فيه مايلي” … حيث إنه باطلاع المحكمة على وثائق الملف وخاصة تقرير الخبرة تبين لها قيام جماعة …… بإحداث طريق عرضه 7 أمتار فوق عقار المدعين خلافا لمقتضيات القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت الذي يلزمه بإتباع مجموعة من الإجراءات الإدارية والقضائية قبل وضع يده على عقارات الخواص.

وحيث إن هذه المحكمة وبما لها من سلطة تقديرية في تقييم نتيجة الخبرة وتحديد حجم التعويض المستحق للمدعين، وباعتبار أن العقار عبارة عن أرض عارية محفظة وتتواجد حسب تصميم مدينة …… بحي ……بمنطقة السكن الاقتصادي والمتصل من سفلي وطابقين ومثقل بطريق التهيئة رقم 444 بعرض 20 متر، فإنها ارتأت تحديد قيمة المتر المربع في 200 درهم والتي تبقى مناسبة لهذه المواصفات والموقع والمساحة لتكون القيمة الاجمالية للمساحة المقتطعة( 494 متر مربع) هي 1.333.800 درهم. في حين بقيت مساحة 440 متر والمشمولة حسب تصميم تهيئة مدينة …… بمشروع تخطيط الطريق غير مفعلة، أي لم يتم تفعيل تصميم التهيئة وإحداث الطريق فعليا على أرض الواقع.

وحيث يتعين الحكم على جماعة ……. في شخص رئيسها بأدائها لفائدة المدعين تعويضا قدره 1.333.800 درهم عن النزع الجبري لمساحة 494 متر مربع المقتطعة من عقارهم المسمى… موضوع الرسم العقاري عدد…./… الكائن بمدينة ….. حي …..”

وفي حكم[19] آخر صادر عن نفس الحكمة الإدارية بفاس  جاء فيه مايلي“…حيث يهدف الطلب إلى الحكم على جماعة ……. في شخص رئيسها بأدائها لفائدة المدعين تعويضا عن الأضرار التي لحقتهم جراء قيامها بإحداث طريقين عموميين بالعقار المملوك لهم ـوهو عبارة عن قطعة أرضية  عارية ـ والمنصوص عليهما بتصميم التهيئة لمدينة ….. تحت رقم 556 و 559، وذلك دون  سلوك المساطر القانونية الواجبة.

وحيث أجابت الجماعة المدعى عليها بأن الطريقين المطلوب التعويض عنهما لم يفعلا بعد.

وحيث إن هذه المحكمة وأمام عدم توفرها على كافة العناصر والمعطيات التي من شأنها أن تساعدها على البت في الطلب والتأكد من واقعة استلاء الجماعة المدعى عليها على عقار المدعين وتمرير طريقين عموميين به، فقد سبق لها أن انتدبت الخبيرة السيدة….. والتي خلصت في تقريرها إلى أن العقار موضوع النزاع يقع داخل المدار الحضري لمدينة ……  مساحته الإجمالية 58 آر و 12 سنتيار وأنه كان موضوع دعوى قسمة بين الملاك الأصليين حيث أنجزت خبرة قضائية أسفرت عن تأسيس عدة رسوم عقارية مستقلة مستخرجة منه بمساحة إجمالية قدرها 16 آر و 26 سنتيار، فيما تم تخصيص مساحة قدرها 28 آر و 46 سنتيار كطريقين عموميين وهما المنصوص عليهما بتصميم التهيئة للمدينة، إضافة إلى ممر عمومي قائم بعرض 4 أمتار داخل نفس العقار فيما تبقى منه مساحة قدرها 29 آر و 66 سنتيار لا زالت تابعة للرسم العقاري الأصلي في ملكية المدعين.

وحيث إن الثابت من خلال عناصر المنازعة وخصوصا ما افرزه تقرير الخبرة أن الطريق المطلوب التعويض عنها والمنصوص عليها بتصميم التهيئة لمدينة …… تحت رقم 559 لم يتم تفعيلها بعد من طرف الجماعة المدعى عليها في حين أن الطريق الثانية المنصوص عليها بنفس التصميم تحت رقم 556 فقد تم فتحها وتفعيل جزء منها من طرف مالكي البنايات المجاورة لها وليس من طرف الجماعة المدعى عليها، مما يكون معه طلب التعويض عن المساحة المخصصة لهذين الطريقين غير مؤسس قانونا ويتعين رفضه.”

إن تنظيم المجال يرتبط بالأرض وبضرورة استعمالها لتنمية المجتمع وتنظيم الحياة الاجتماعية، غير أن هذا التنظيم يصطدم دائما بعرض محدود للأراضي، وذلك بسبب طبيعتها وتعدد أصناف الملكية العقارية، مع ما يترتب عن سوء تدبيرها وكذا ضعف وفرتها، أو بسبب المضاربات العقارية[20]، وتجميد الأراضي من طرف الملاكين مراهنة منهم على تحقيق المزيد من الأرباح، أو أن الأراضي غير مجهزة، كما أن تكلفة تجهيزها مرتفعة جدا[21].

وتتطلب عمليات التعمير وعلى الخصوص تصاميم التهيئة قسطا وافرا من الأراضي، كما يحتاج مختلف المتدخلين في إعداد وتنفيذ تصاميم التهيئة خاصة إلى رصيد عقاري كافي لمواجهة الطلبات المتزايدة في المجال العمراني، وغالبا ما تعجز السلطات العامة على الخصوص لتوفير الأراضي اللازمة تساير خدمة تصميم التهيئة، ويؤثر هذا العجز بشكل كبير على توجهات الدولة في المجال العمراني، بحيث أن الرصيد العقاري المتوفر قد لا يساير حاجيات الجماعة، وتزايد الطلب عليه قد يؤدي إلى ارتفاع القيمة العقارية، الشيء الذي يؤثر سلبا على تطور المناطق. ومن أجل تحقيق سياسة عمرانية فعالة تتماشى ومقتضيات تصاميم التهيئة العمرانية، لابد من معالجة المشكل العقاري سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي وعلى الخصوص على المستوى القانوني لمختلف أصناف الأنظمة والملكية العقارية.

ولا شك أن السياسات التي نهجتها الدولة في مجال التحكم في سطح الأرض لا زالت لم تتجاوز بعد المشاكل المرتبطة بالعقار، وأهم هذه المشاكل تتجلى في توفير الأراضي اللازمة لإنجاز عمليات تصميم التهيئة العمرانية، إضافة لتعدد الوافدين على المدن[22]، كلها عوامل أدت إلى تغيير مفهوم وظيفة الأرض[23]، وإلى وعي السلطات العامة بالدور الذي أصبح يضطلع به الرصيد العقاري في مجال التهيئة وتنظيم المجال.

إن مسألة التفكير في تكوين احتياطات عقارية ترتبط أساسا بوعي الجهات المتدخلة بالدور الذي تضطلع به في وفرة الأراضي في تسهيل إعداد تصاميم التهيئة العمرانية، بحيث إن توفر المتدخلين على رصيد عقاري كافي ومناسب يساعدهم دون شك في ذلك من القيود والتأثير الذي يترتب عن وضعية الأنظمة العقارية المعقدة، كما أن سياسة الاحتياطات العقارية تهدف في الأساس إلى التدخل مبكرا في السوق العقارية، بهدف تفادي المضاربات التي تعرفها منطقة معينة من جراء التوسع الحضري، ولو كان ذلك دون معرفة مسبقة لنوعية المشاريع التي ستخصص لها هاته الاحتياطات[24].

إن عملية تكوين رصيد عقاري احتياطي يجب أن تتم توقعا لحاجيات قد تحدث على المدى المتوسط أو البعيد، بحيث هناك مجموعة من المزايا يمكن للجماعة أن تستفيد منها بفعل الطابع التوقعي أو التقديري الذي تمتاز به سياسة الاحتياطات العقارية، والمتجلي في تحكم الجماعة في السطح أثناء تنفيذها لتصاميم التهيئة العمرانية، من خلال توفرها على أكبر رصيد عقاري ممكن، وإمكانية تدخلها لإعادة التوازن للسوق العقارية، وذلك بفضل وضع سياسة عقارية على المدى البعيد في إطار تعمير تقديري تضمن له منذ البداية الإمكانيات العقارية اللازمة[25].

وتعتبر سياسة الاحتياطات العقارية بمثابة حل للمشكل العقاري الذي يعتبر حجر الزاوية في سياسة التعمير التنظيمي، ومما لا شك فيه أن السياسة العقارية تهدف بالأساس منذ البداية لتفادي خضوع السلطة العامة فقط لقانون السوق الذي تغلب عليه الندرة والمضاربة العقارية[26]، بحيث أن بإمكان هذه السلطة العامة أن تعمل على توفير الأراضي المناسبة لتنفيذ تصميم التهيئة العمرانية، حينما يتم اقتناؤها في وقت مبكر، بأثمان مناسبة، وهي عملية تساعد على الحفاظ على توازن السوق العقارية وعلى حسن استعمال الأراضي المتاحة من حيث البرامج وتوزيع المجال، لتفادي سوء الاستعمال الناتج عن غياب التخطيط وعن العشوائية التي تعرفها السوق العقارية بسبب ندرة الأراضي أو تجميدها حين يتم برمجتها لتوسعة المدارات الحضرية.

ومن أهم خصائص السوق العقارية تزايد الطلب على الأراضي بالموازاة مع تزايد متطلبات التعمير التنظيمي وتطور سياسة التجهيز التي تنهجها الدولة في إطار تهيئة المجال، وكل هذه الانشغالات العمومية تصطدم بمختلف المشاكل المتعلقة بالوضعية القانونية للملكية العقارية، وبقلة الاحتياطات العقارية المتوفرة بالمنطقة التي تمسها أعمال تصميم التهيئة العمرانية.

لذلك فإن التدخل الذي يجب أن تقوم به السلطة العامة في مجال الأنظمة العقارية يجب أن يتم بالضرورة على واجهتين :

ـ أولا : حل المشاكل العقارية التي يواجهها المتدخلون أثناء إقدامهم على اقتناء المساحات التي تحتاج إليها المشاريع العمرانية طبقا لتصميم التهيئة؛

ـ ثانيا : توفير أكبر رصيد يمكن من الأراضي التي يجب أن تكون بحوزتها لتجاوز مشكل الندرة وتجميد الأراضي الذي تتميزبه السوق العقارية عادة.

هذا، وقد أصبحت مسألة عقلنة الاستعمالات العقارية في مجال تصاميم التهيئة العمرانية من اهتمامات جل الباحثين والمخططين وغيرهم من المتدخلين، فهناك تزايد مستمر على الأراضي، كما أصبحت مسألة اقتناء مساحات شاسعة تشكل إحدى المهام الرئيسية للدولة من أجل النهوض بقطاع التعمير عامة وتصاميم التهيئة على الخصوص، لكن عملية الاقتناء هاته ليست بالعملية السهلة، وذلك راجع إلى ندرة الأراضي بالمناطق الحضرية، وارتفاع الضغط السكاني، وتزايد الأسعار بسبب المضاربات العقارية[27]، وكذلك طول المساطر الإدارية [28] وضعف الاعتمادات المالية. وهذه كلها صعوبات تضاعف المشاكل التي تواجهها الدولة في مجال السياسة العقارية بصفة عامة وتصاميم التهيئة العمرانية بصفة خاصة، وتدعو إلى استغلال الرصيد العقاري المتاح بالطريقة الأمثل، والعمل على تجديده باستمرار في إطار إستراتيجية مسايرة لتوقعات التخطيط العمراني.

وقد حاولت السلطة العامة غير ما مرة جرد مختلف أملاكها للتعرف عليها وضبط الاحتياطات العقارية التي تتوفر عليها، لكن ضعف المعلومات حول أملاك الدولة، سواء تعلق الأمر بالملك العام أو الخاص أو بأراضي الأحباس أو الجيش أو غيرها، ظل عائقا في وجه كل محاولة لضبط هاته الاحتياطات[29].

والواقع أن طرح سياسة الاحتياطات العقارية، كآلية لتجديد الرصيد العقاري العمومي، تدعمه إرادة المشرع التي تتجه نحو إعطاء الدولة، والجماعات الترابية أو مجموعاتها، حق تملك العقارات، وفقا للقانون العام أو عن طريق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، بقصد إحداث احتياطات عقارية، وذلك عندما تكون هذه الاحتياطات مقررة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية أو في تصميم التهيئة، بل حتى في حالة عدم وجودها في هذين الأخيرين، أو عندما لا تحدد هاتان الوثيقتان هذه المناطق، فإنه يمكن تحديد مناطق للاحتياطات العقارية بقرار لعامل العمالة أو الإقليم المعني بالأمر يتخذ بعد استطلاع رأي الإدارة المختصة، وذلك بغرض إنجاز عمليات من أجل المصلحة العامة، وخلق احتياطات استراتيجية، وكذا لغرض عمليات التعمير الجديدة[30].

هكذا أضحت مسألة توفير الاحتياطات العقارية تشكل اهتماما كبيرا للجهات المتدخلة في مجال التهيئة والتعمير، نظرا للخصاص الملحوظ في مجال الأراضي الصالحة لتنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة، هذا وإن مسألة تجديد هذه الاحتياطات لم تطرح بحدة إلا في بداية الثمانينات، حيث بدأت السلطة العمومية تصطدم بخصاص كبير بهذا الشأن، وبدأ الحديث عن صعوبة التحكم في الأنظمة العقارية الناتج أساسا عن ندرة الأراضي وكذا سوء استغلالها بالإضافة لضعف الإمكانيات المالية[31].إضافة لاستهلاك الاحتياطات العقارية دون خلق أية وسيلة لتجديدها[32].

ومن هنا بدأ التفكير على ضرورة خلق وكالة عقارية وطنية تتكلف بضبط الاحتياطات العقارية التي تتوفر عليها الدولة بمختلف المناطق الحضرية، والعمل على تكوين احتياطات عقارية جديدة تساير التخطيط الحضري على المدى القصير والمتوسط[33]، وكان يتوخى منها تجاوز مجموعة من المشاكل التي يعاني منها المتدخلون العموميون في مجال إعداد تصاميم التهيئة ومن ذلك:

ـ تركيز جميع الاحتياطات العقارية التي سيتم إحصاؤها بيد هيئة وطنية وحيدة؛

ـ تسهيل مسطرة الاقتناء الرضائي؛

ـ إعداد سجل وطني يضم كافة المعلومات حول الأراضي المتوفرة؛

ـ توجيه وإرشاد المتدخلون العموميين بخصوص الاستعمالات العقارية الممكنة.

إلا أن الملاحظ أن أهم هذه الاقتراحات لم تخرج إلى حيز الوجود، ولربما ذلك راجع إلى صعوبة الحسم في إلغاء الاختصاصات التي تتمتع بها مديرية الأملاك بوزارة المالية وجهات أخرى، إضافة إلى دور بعض اللوبيات التي لم يكن من صالحها خلق مثل هكذا وكالة، وكذلك مشكل الاعتمادات المالية الهامة الواجب رصدها لتحقيق ما جاء به تقرير اللجنة الوزارية المذكورة في مجال اقتناء مساحات شاسعة من الأراضي بالمناطق الحضرية[34].

وهي إكراهات تعاني منها الجماعات الحضرية، بحيث يعهد لها بتنفيذ تصاميم التهيئة طبقا للفصل 31 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، إذ أن عملية اقتناء احتياطات عقارية وتجديدها، تتطلب رصد اعتمادات مالية مهمة باستمرار[35].كما أن النهوض بأعباء التنمية، يقتضي امتلاك ما يكفي من الأراضي لإحداث التجهيزات الأساسية المبرمجة في تصاميم التهيئة، وتجديد الاحتياطات العقارية، التي تم استنفاذها في أغراض معينة، بل وأيضا لتوجيه السوق العقارية، وتركيز توازنها وحمايتها من تهافت المضاربين بسبب توسع المدار الحضري، أو حتى بسبب الموقع الاستراتيجي لبعض القطع الأرضية، التي تثير اهتمام المستثمرين خارج المدار الحضري[36]. وعليه يتعين نهج سياسة الاحتياطات العقارية بأكثر من أي وقت مضى، نظرا لما يشكله سوء تدبير تعدد أصناف الملكية العقارية وازدواجية النظام العقاري وتأثير كل ذلك عل تصميم التهيئة العمرانية، باعتبارها تجسد آلية مهمة في حكامة المجال العمراني.

الفقرة الثانية: السعي للحد من المضاربة العقارية لخدمة تصميم التهيئة

إن حركة التمدن السريعة التي أصبحت تشهدها مختلف مناطق المملكة تتطلب توفير مساحات شاسعة من الأراضي المجهزة والقادرة على استقطاب المشاريع التنموية في المجالات الاقتصادية والسكن.كما أصبح العقار واحدا من المشاكل الكبرى التي تعترض الاستثمار بسبب غلاء الأرض، وبروز عوامل سوسيواقتصادية وثقافية، تراهن على اقتصاد الريع لتحقيق الثراء من خلال المضاربة العقارية، وتضخم الأسعار، وبالتالي عجز مختلف فئات المستهلكين عن اقتناء سكن يناسب قدرتهم الشرائية المتواضعة، ومما لا جدال فيه أن العقار بقدر ما يمكن أن يساهم في دعم وإنعاش السوق العقارية، عندما يكون في وضعية سليمة وواضحة، بمقداره أيضا أن يتحول في المقابل إلى أداة لعرقلة وتحجيم الإنتاج العقاري، عندما تكون وضعيته غامضة وغير محددة[37].

و تدخل الدولة في السوق العقارية يهدف بالأساس إلى تفادي المضاربات العقارية، ومحاربة تجميد الأراضي الصالحة للبناء، والتحكم في فائض القيمة الناتج عن ارتفاع القيمة العقارية وكذا التحكم في السوق العقارية عموما عن طريق فرض بعض القيود على تصرفات الفاعلين الاقتصاديين( المضاربين العقاريين) الذين يسعون لتجميد الرصيد العقاري للبحث عن المزيد من الأرباح أو لاستعماله بعيدا عن مراقبة الإدارة لتفادي القيود التي تفرضها مقتضيات تصاميم التهيئة العمرانية على الملكية العقارية.

وهذه الوضعية ساهمت في تضخيم القيمة العقارية، وتفشي المضاربات العقارية، وانتشار الممارسات المخالفة لتصاميم التهيئة، نتيجة عدم شفافية ووضوح السوق العقارية، مما زاد في تعقيد المشكل العقاري، الذي لا زال يحول دون التحكم في المجال العمراني، وارتفاع أسعار الأراضي الضرورية للتعمير التنظيمي باستمرار. وبالتالي فالمضاربة في الأملاك العقارية ما هي إلا إفراز طبيعي لافتقار السوق لآليات التحكم في تنظيم وضبط الإنعاش العقاري، وهي نتاج للارتفاع المهول في الطلب على السكن[38].

إن التعلق بالملكية العقارية، كمصدر للاستقرار وللادخار يؤدي في نفس الوقت إلى العزوف عن تفويت حق الملكية، وعلى تزايد الطلب على الأراضي سواء بالمدن أو بالمناطق المحيطة بها، ولعلا هذا التفاوت بين التمسك بالملكية وتزايد الطلب المبني أساسا على توقع ارتفاع قيمة الأرض يبعث على المضاربة العقارية[39]، وهي مضاربة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الميدان العقاري وبالتالي تؤثر بشكل سلبي على تنفيذ مقتضيات تصاميم التهيئة العمرانية، لهذا فإن العمل على سن سياسة عقارية متكاملة وفعالة يعد مسألة ضرورية وحيوية للحد من المضاربات العقارية، والتحكم في المجال العمراني، والعمل على تحقيق أهداف تصميم التهيئة[40].

والواقع يبين أن الملكية العقارية لا زالت تقف دائما حجر عثرة في وجه التخطيط  العمراني بفعل المضاربة العقارية، وقد أدت هذه الأخيرة مع تزايد العجز داخل المجال الحضري، خاصة على مستوى قطاع السكن، إلى ظهور مجموعة من السلبيات كتزايد الفوارق الاجتماعية وانتشار السكن العشوائي والتجزئات العقارية السرية المخالفة لأبسط قواعد التعمير، وبالتالي أضحى المشكل العقاري عائقا للتطور العمراني وعدو التعمير كما يصفه البعض[41].

كماد أدت المضاربة العقارية إلى تزايد مهول في قيمة الملكية العقارية، الأمر الذي شكل عبئا ثقيلا على عمليات التعمير بشكل عام وتصاميم التهيئة العمرانية بشكل خاص، وقد أثبتت الإحصائيات أن ظاهرة السكن السري وغير القانوني أخذت تنتشر بشكل كبير، وتكتسح المجال الحضري في اغلب المدن المغربية نتيجة الارتفاع المهول للقيمة العقارية.

وتجد الفئات ذات الدخل المحدود نفسها مرغمة على مغادرة المدن في اتجاه المناطق المحيطة بها للبحث عن السكن العشوائي والسري الذي يظل في متناولها[42].

وهكذا تتخذ المضاربة العقارية عدة صور من أهمها وأكثرها تداولا في السوق أن المضاربين يبيعون ويشترون العقارات دون أن يتملكوها، حيث يكتفون بدفع العربون فقط، ثم يعيدون بيعها مباشرة، أو إعادة بيعها على حالتها بعد تملكها[43].

وتعتبر المضاربة بدون شك نوعا من الاستثمار العقاري القائم على خلق الأزمة وتعميقها في قطاع العقار والبناء، من أجل تنمية أرباح المضاربين، لذلك فإنها تستقطب في الغالب أصحاب الرساميل الذين يتخوفون من ترويج أموالهم في القطاعات المنتجة، بسبب وجود احتمالات الخسارة[44].

الفقرة الثالثة: التحفيظ العقاري كآلية  لتسهيل عملية إعداد تصميم التهيئة

مما لا شك فيه أن الثروة العقارية تشكل في الوقت الراهن إحدى الدعائم الأساسية في البناء الاقتصادي في العالم، مما يجعل الاعتناء بتنظيمها وضبط أحكامها غاية في الأهمية، وذلك لضمان ثباتها واستقرارها وتداولها واستثمارها، ولأجل ذلك عملت مختلف التشريعات على صياغة نظام يكفل حمايتها، ويقوي دورها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وعليه فإن موضوع العقار بصفة عامة وأصناف الملكية العقارية على الخصوص، ونظرا للدور الذي تضطلع به في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإنه كان من الواجب إضفاء حماية صارمة على مختلف أصناف هذه الملكية وإحاطتها بجملة من الضمانات الأكيدة، وذلك من خلال الحد من المنازعات[45] التي قد تنشب بين الأفراد، وتحقيق الاستقرار في التعامل.

ولكي تكتسب الملكية العقارية قوة وصلابة، وتصبح أداة قوية في المعاملات الاقتصادية والتجارية والاستثمار، وتوفر الأرضية المناسبة لتنفيذ تصاميم التهيئة العمرانية، كان لابد من أن تقوم على أسس ثابتة ووطيدة تبعث على الاطمئنان، ولا تدع المجال للمنازعة والاضطرابات، وتحدد بشكل دقيق مالك كل عقار وتبيان حدود ملكيته والقيود الواردة عليها وما يثقلها من تكاليف مقررة لصالح الغير، هذا ويهدف الشهر العقاري إلى إخضاع العقار لتقنيات حديثة تمنحه هويته يعرف بها من حيث مساحته وحدوده ومشتملاته، وارتباطه بشخص صاحبه وطريقة انتقاله إليه والتصرفات التي تقع عليه والحقوق التي له أو عليه.

ونظرا لتزايد أهمية تصميم التهيئة بشكل كبير، لكونه يعكس الهيكلة المادية والقانونية لأي عمران على سطح الأرض، ولاعتباره الآلية الفاعلة للتخطيط ووثيقة قانونية مرفقة بتصاميم، وكذلك الحجر الأساس في تثبيت النمو الديمغرافي وإعداد التراب الوطني، بما يحقق إنعاش جودة الهندسة المعمارية وضمان تناسق بنياتها، ولذلك وبالنظر للأهمية التي أصبح يضطلع بها العقار المحفظ في خدمة تصميم التهيئة العمرانية، فإن تعميم هذا النظام يجب أن يكون من الرهانات التي تراهن عليها الدولة[46]، لأنه فعلا يعتبر آلية فعالة لتوحيد التشريع العقاري بالمغرب والحد من ازدواجيته التنظيمية[47].

وتتجلى أهمية التحفيظ العقاري باعتباره آلية في تسهيل عمليات إعداد تصميم التهيئة:

ـ من حيث تحديد المساحة والحدود، ذلك أن مساحة وحدود العقار المحفظ لا يمكن أن تكون محل تحريف أو تغيير، فهي تكون مضبوطة وفق مقاييس حديثة خلافا للعقارات غير المحفظة، حيث تكون المساحة تقريبية تخضع لإرادة المالكين، كما أن حدود العقار غير المحفظ يتم بيانها من خلال أسماء الملاك المجاورين أو بالاعتماد على بعض العلامات الثابتة والمعروفة؛

ـ يساعد على وضع بنك للمعلومات خاص بالوضعية العقارية للبلاد تساعد الدولة على التحكم في المجال وفي وضع سياسات محكمة فيما يتعلق بإعداد التراب الوطني[48].

إن التحول من نمط التعمير التقليدي إلى التعمير العصري، دفع إلى البحث عن سبل جديدة لإقامة مشاريع سكنية ومبان تستجيب لهذا التطور، مما جعل التجزئات العقارية من أهم الوسائل العملية في تأهيل وبناء المدن، وذلك طبقا للشروط المقررة في الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، خصوصا الأحكام التي تتضمنها تصاميم التهيئة.

وقد جعل المشرع المغربي من إحداث هذه التجزئات العقارية متوقف على شرط غاية في الأهمية، وهو شرط التحفيظ العقاري، إذ يجب أن يكون  العقار موضوع التجزئة إما محفظا بشكل مسبق، أو أن يكون في طور التحفيظ وفي هذه الحالة الأخيرة يجب على طالب التجزئة الإدلاء بما يفيد تقديمه مطلبا لتحفيظ هذا العقار كمرحلة أولى قبل تقديمه لطلب الإذن بالتجزئة ضمن وثائق المشروع، والإدلاء بما يفيد انتهاء أجل تقديم التعرضات دون ورود أي تعرض على تحفيظ العقار المراد تجزئته[49].

وإذا كانت العقارات المحفظة تساهم بشكل كبير في عملية ضبط ملكية الأراضي وتطهيرها من جميع الدعاوى والاعتراضات، وتساعد على توفير وعاء عقاري مناسب لتصاميم التهيئة العمرانية  بشكل أسهل وأضمن، فإنه يلاحظ أن جل الأنظمة العقارية بالمغرب، بما فيها الأملاك العامة والخاصة للدولة وأراضي الجماعات السلالية[50] وأراضي الجيش والأحباس وغيرها، لا زالت نسبة كبيرة من هذه الأراضي لم تشملها عملية التحفيظ، وبالتالي تكون عائق أساسي في مواجهة سياسة التعمير التنظيمي ـ تصميم التهيئة ـ  وعليه فإن جوهر السياسة العقارية يجب أن يرتكز على وضع إستراتيجية مستقبلية موازية لسياسة التعمير بصفة عامة، ولتصاميم التهيئة بصفة خاصة، تحدد من خلالها كيفية التعامل مع الأنظمة العقارية المعقدة، وترسم على إثرها خطة عمل متناسقة وعقلانية لاستثمار الرصيد العقاري المتاح وتطويره، كونه أساس كل عملية من عمليات التعمير، وهو الذي يتحكم عمليا في التعمير لكونه يعتبر بمثابة مادته الأولية بحيث لا تعمير بدون عقار ولا عقار بدون تعمير، هذا وتبين مختلف التجارب والدراسات التي أجريت، ومن ذلك تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول دراسة  التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير[51]،أن العقار المحفظ يعتبر قطب الرحى لمختلف تدخلات الدولة في مجال التخطيط والتدبير العمرانيين.

وانطلاقا من الترابط الكبير الذي يجمع العقار بالتعمير، الأمر الذي يستوجب على الدولة رسم سياسة عقارية موازية لسياسة التعمير تخدم تصاميم التهيئة كونها آلية مهمة لحكامة المجال العمراني، وتحدد كيفية الاستغلال الأمثل لمختلف أصناف الملكية العقارية، وذلــك فــي ضــوء متطلبــات تحقيــق التنميــة الاقتصاديــة والاجتماعيــة والبيئيــة.

ولتجاوز هذه الاكراهات،  سأحاول إعطاء بعض الاقتراحات، بغية استشراف آفاق أفضل لتصميم التهيئة في ظل تأثير تعدد الأنظمة العقارية :

  • تعزيز وتوحيد الإطار القانوني المنظم للعقار من خلال إحداث مدونة عقارية تتضمــن القواعــد المشــتركة التــي تهــم جميــع الأنظمــة العقاريــة والقواعــد الخاصــة الأخــرى المطبقــة علــى الأنظمــة العقاريــة؛
  • ضرورة استحضار طبيعة وبعد الأنظمة العقارية عند إعداد تصميم التهيئة؛
  • إرســاء حكامــة عقاريــة فعالــة تتوفــرعلــى المســتويين الوطنــي والجهــوي، علــى آليــات قــادرة علــى مواكبــة تطــورات الطلــب و من ذلك:
  • إحــداث ســجل وطنــي للأملاك العقاريــة يغطــي مجمــوع التراب الوطني،إلــى جانــب الســجل القانونــي المتعلق بالأراضي المحفظة، وذلــك مــن خلال تفعيــل إطار قانوني خــاص بــه.
  • رصد المبالغ الكافية لاقتناء الأراضي من أجل تقوية الاحتياطات العقارية؛
  • تغطية أراضي الجماعات السلالية بتصاميم التهيئة الواقعة بالمدار الحضري، لاستثمار مدخراتها العقارية في مشاريع تساهم بشكل كبير في حل أزمة السكن الخانقة؛
  • تكريس دور الجماعات الحضرية في إعداد تصاميم التهيئة، كونها تكون على اطلاع أكثر من غيرها بالمشاكل و الإختلالات التي يعاني منها المجال الحضري؛ مع دعمها بالموارد المالية و البشرية اللازمة لإعداد وتنفيذ هذه التصاميم.

 

 

[1]   تنص المادة 28 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير على أنه “يعتبر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعلان بأن المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات اللازمة لإنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3 و4 و5 و6 و12 من المادة 19 أعلاه…”

 

[2] أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية، الإشكالات العملية والحلول القضائية” مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى، 2015، ص 107.

[3]André delaubadère « droit administratif »Paris ,L.G.D.j, 1980, 8ème.Edition, Page 490.

[4] محمد الكشبور، بيع العقارات بيع الرضائية والشكلية، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1997، ص 19.

[5] منشور بمجلة القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بالرباط سنة 1949، ص 35.

[6] قرار محكمة الاستئناف الإدارية ـ الرباط ـ  عدد 867، ملف رقم 484/07/06 بتاريخ  06/05/2009ـ (غير منشور).

[7] حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 837، بتاريخ 8 مارس 2012، ملف رقم 2009/5/277، أورده محمد الهيني، المرتكزات الدستورية الناظمة للعمل القضائي للمحكمة الإدارية بالرباط وفقا لاجتهادات محكمة النقض، قضاء الإلغاء، مكتبة الرشاد، سطات، 2014، ص 81.

[8] حكم المحكمة الإدارية بفاس، عدد 1307/2017 في الملف الإداري رقم 131/7112/2017 ـ قسم التعويض ـ غير منشور.

[9] قرار محكمة الاستئناف الإدارية ـ الرباط ـ صادر في الملف الإداري عدد 1100ـ 7205ـ 2018 بتاريخ 2ـ 2019ـ 2 (غير منشور).

[10] حكم  المحكمة الإدارية بالرباط عدد 981، في الملف رقم 9ـ 12ـ 785 صادر بتاريخ 7ـ 3 2011، أورده محمد الورضي، انهاء ىثار تصاميم التهيئة في ضوء النص القانوني والمستقر عليه قضائيا، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العقاري والحقوق العينية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، السنة الجامعية 2018/2019، ص 49.

[11] أمحمد الهلالي، آثار إعلان المنفعة العامة بخصوص المرافق والتجهيزات العامة بين الحق في الملكية ومبدأ المنفعة العامة، مجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد الثالث، عدد خاص، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2014، ص 140ـ 141.

[12]l’article L 152-2 dispose que : « le propriétaire d’un terrain bâti ou non bâti réservé par un plan local d’urbanisme en application de l’article L1444-41 peut, dès que ce plan est opposable aux tiers, et même si une décision de sursis à statuer qui lui a été opposée est en cours de validité, exiger de la collectivité ou service public au bénéfice duquel le terrain a été réservé qu’il soit procédé { son acquisition dans les conditions et délais mentionnés aux article L.230-1 et suivants. Lorsqu’une servitude mentionné { l’article L1444-41 est instituée, les propriétaires des terrains concernés peuvent mettre en demeure la commune de procéder { l’acquisition de leur terrain, dans les conditions et délais prévus aux  articles L.230-1 et suivants »1 Code de l’urbanisme- Dernière modification le 01 septembre 2019- Document généré le 09 septembre 2019 copyright (C) 2007-2019 legifrance.  Voir le Site suivant : www.legifrance.gouv.fr

[13]-L’article L230-1 dispose que : « Les droits de délaissement prévus par les articles L.152-2, L. 311-2 ou L. 424-4, s’exercent dans les conditions prévues par le présent titre1  La mise en demeure de procéder { l’acquisition d’un terrain bâti ou non est adressée par le propriétaire à la maire de la commune où se situe le bien. Elle mentionne les fermiers locataires ceux qui ont des droits d’emphytéose, d’habitation ou d’usage et ceux qui peuvent réclamer des servitudes. Les autres intéressés sont mise en demeure de faire valoir leurs droits par publicité collective { l’initiative de la collectivité ou du service public qui fait l’objet de la mise en demeure1 Ils sont tenus de se faire connaître à ces derniers, dans le délai de deux mois, à défaut de quoi ils perdent tout droit à indemnité.

 

[14] حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، صادر بتاريخ 19 ماي 2011، ملف رقم 252/13/2009، منشور بمجلة القضاء الإداري، العدد 5، صيف/خريف 2014، ص 329.

[15] حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 1162، صادر بتاريخ 5/07/ 2005، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 71، نونبرـ دجنبر 2006، ص 224.

[16] محمد الوكاري، العقار والتنمية الحضرية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط،  السنة الجامعية 1984/ 1985، ص 254.

[17] حكم عدد 761، صادر بتاريخ 18/07/2017، الملف الإداري عدد 172/7112/2016، قسم : دعاوى التعويض، (غير منشور).

[18] حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 951، الصادر بتاريخ 08/10/2019، ملف رقم 220/7112/2019.( غير منشور).

[19] حكم المحكمة الإدارية بفاس رقم 229، الصادر بتاريخ 19/03/2019، في الملف رقم 269/7112/2018.( غير منشور).

[20] سوف أتطرق لهذه النقطة في الفقرة الثانية من هذا المطلب.

[21] الهادي مقداد، السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى، طبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000، ص 61.

[22] CALARAT, « L’urbanismee et le sol » colloque de toulouse «  proprièté et urbanisme » Avril 1967 ـ Dalloz,1968.

[23] إن قيمة الأرض لا تتحدد في السوق مثلما هو الأمر بالنسبة للسلع الاقتصادية الأخرى، فلكل قطعة أرضية خصوصياتها ومزاياها داخل منطقة معينة، كما أن المتدخلين يختلفون  من حيث طبيعتهم وتدخلهم وتوجهاتهم. وتظل قيمة الملكية العقارية، في غياب إنتاج مستمر ومتجدد للأراضي، رهينة بقرار السلطات العمومية في ميدان التعمير، وبوثائق التعمير التي تعطي لهذه الملكية أهمية معينة حسب تموقعها بالنسبة للمجال الحضري، للمزيد من التفصيل بهذا الخصوص يرجع ـ الهادي مقداد، مرجع سابق، ص 65.

[24] HyacintheLENA « Acquisitions immobilièrespubliques et maîtrise urbaine :» C.R.U, Paris, 1976, Page 171.

[25] الهادي مقداد، مرجع سابق، ص 225.

[26] Perinet- Marquet Droit de l’urbanisme et de la construction 11 ème Edition » N 35,2017 Page 8 – 12.

[27] الهادي مقداد، مرجع سابق، ص 235.

[28] تجدر الإشارة أنه صدر بالجريدة الرسمية عدد 6866ـ 24 رجب 1441 ( 19 مارس 2021) ظهير شريف رقم 1.20.06 صادر في 11 من رجب 1441( 6 مارس 2020) بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية” . و هذا يعتبر ورش مهم لتعزيز الإدارة العمومية وخلق الثقة بين الإدارة والمرتفق…”

[29] الهادي مقداد، مرجع نفسه، ص 78.

[30] مبروك عامر، المنافسة في السوق العقارية بالمغرب، طبعة  الأولى 2016، مطبعة اصكوم، ص 184.

[31] الهادي مقداد، مرجع سايق، ص 242.

[32] تكمن الإمكانيات المتاحة لإغناء الرصيد العقاري العمومي في العقارات التي تضم إلى الملك الخاص للدولة عن طريق اكتساب الأراضي المهملة، والأراضي التي لا وارث لها، والهبات، وتجريد بعض الخواص من ممتلكاتهم عن طريق القضاء، وإخراج بعض الأراضي من الملك العام للدولة وضمه إلى ملكها الخاص، والمعاوضة وكذلك إمكانية ممارسة حق الشفعة إذا تبين لمصالح التسجيل أن مبلغ البيع المصرح به غير كافي.

فضلا عن ذلك، لابد من الحرص على فتح الرصيد العقاري التابع للجماعات السلالية في وجه الإنعاش العقاري بشكل عام، سواء كانت مشاريع الاستثمار عمومية أو خصوصية، وعلى مستوى الملك الغابوي لا بد من التفكير في تخصيص وتهيئ فضاءات مسموح بتعميرها، على نحو يحقق التوفيق بين حاجيات وانتظارات المواطنين، والحفاظ على الثروة الغابوية.( للمزيد يراجع مبروك عامر، م.س، ص 183).

[33] تقرير متعلق بإحداث وكالة عقارية وطنية سنة 1981، أعدته لجنة وزارية مكلفة بدراسة إمكانية إحداث وكالة وطنية عقارية، الهادي مقداد، مرجع نفسه، ص 243.

 [34] الملاحظ غياب إستراتيجية واضحة في مجال تكوين الاحتياطات العقارية، بحيث ليس هناك أدنى تفكير في إعداد برامج أو خلق مؤسسات مكلفة بهذه المهمة، كما يلاحظ أن الوكالة العقارية غدت مصلحة من المصالح العادية التابعة لمديرية المحافظة على الملكية العقارية، وشرعت مديرية الأملاك في خلق مصلحة جديدة ضمن مصالحها تهتم بتجديد الاحتياطات العقارية، وهي مصلحة تكوين الاحتياطات العقارية ( تم إحداث هذه المصلحة بمقتضى المذكرة الوزارية رقم 19.05.05 بتاريخ 17 مارس 1997 حول إحداث أربع مصالح جديدة بالمديرية.

[35] لقاء أجريته مع رئيس قسم التعمير وتنظيم المجال بالجماعة الحضرية لتازة، بتاريخ 5 يناير 2021م.

[36] مبروك عامر، م س، ص 183 و 184.

[37] مبروك عامر، مرجع سابق، ص 180.

[38] La demande enlogement au Maroc est dominée par les particuliers qui représentent prés de 65% de la demande globale. La deuxième composante est constituée par la demande de placement spéculatifs de près de 25%. La troisième composante concerne la demande étrangère qui représente 10%./ Conseil de la concurrence – Aides d’Etat et concurrence du Maroc – cas du secteur de l’habitat – Conseil de la concurrence- Maroc- 2013. voir

مبروك عامر، م س، ص 182

[39] الهادي مقداد، مرجع سابق، ص 92.

[40] تجدر الإشارة أن المضاربة العقارية لا تعتبر لوحدها سببا في ارتفاع القيمة العقارية، بل حتى ارتفاع كلفة التجهيزات المطلوبة لتهيئة الأراضي وفق أحكام تصميم التهيئة.

[41] الهادي مقداد، م س، ص 106.

[42] الهادي مقداد، م س، ص 94.

[43] ohewar.org

[44] مبروك عامر، م س، ص 182.

[45] يصطدم التدبير العمراني أثناء تنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة، بإكراهات عديدة ترجع أساسا إلى تنوع الهيكلة العقارية وعدم تحيين التشريع العقاري ليساير أرضية الواقع،  مما يؤدي إلى ابتعاد التوقعات في التخطيط عن حقيقة الوضع العقاري.فينتهي الأمر إما إلى توقيف جانب من المخططات أو إنجاز الميسر منها رضوخا لمعطيات الوعاء العقاري، أو ولوج مجال القضاء وانتظار نتائج البت القضائي في النوازل التي تعرض على أنظاره.

[46] التحولات الاقتصادية هي التي أعطت أهمية خاصة لنظام التحفيظ العقاري، لما له من فعالية في تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي على وجه الخصوص، ودوره الكبير في حكامة التخطيط والتدبير الحضاريين.

[47] عبد العالي الدقوقي، نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق، دراسة في الاجتهاد القضائي والإداري، طبعة 2020، مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء، ص 21.

[48] يمكن تعريف إعداد الترتب الوطني بأنه: سياسة تهدف إلى الحد من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين مختلف جهات المملكة، وإلى تحقيق التوازن المجالي والعدالة الاجتماعية، وذلك من خلال توزيع أفضل للسكان والأنشطة على مستوى التراب الوطني، وبالتالي إنعاش عملية التنمية.

[49] ينظر المادة 5 من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.

[50] إن الوعاء العقاري للجماعات السلالية، يحظى بمكانة هامة ضمن النظام العقاري المغربي، سواء من حيث مساحته الشاسعة أو من حيث عدد أفراد هذه الجماعات، غير أن هذا النظام  تواجهه صعوبات قانونية وواقعية وإدارية، تشكل في مجملها عائقا نحو تحقيق المساهمة المطلوبة للأراضي الجماعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة لكثرة المتدخلين في تدبير الأملاك الجماعية، مما يفتح المجال لكثرة النزاعات الإدارية، كما أن نسبة كبيرة من هذه الأملاك لا تخضع لظهير التحفيظ العقاري كونها لم تشملها عملية التحفيظ، نجد مثلا جهة فاس مكناس والتي تتوفر على 1555907 هكتار، فإن مساحة الأملاك المحفظة نهائيا لا تتجاوز 74566 هكتار، والتي موضوع مطالب التحفيظ 210784، والتحديدات الإدارية المصادق عليها 104710هكتار.وبالتالي فإن نسبة مهمة تبقى خارج نطاق قاعدة التطهير، الأمر الذي تترتب عنه نزاعات كثيرة، ولا تساهم في  وضع سياسة عمرانية سليمة للاستثمار فيها من خلال توجهات تصميم التهيئة العمرانية.” مرجع أحمد بن عبد السلام الساخي، النظام القانوني الجديد لأملاك الجماعات السلالية، طبعة 2020، مطبعة المعارف الجديد ـ الرباط ـ ص 16.

 [51]  انظر تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول دراسة  التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير الصادر في 27 نونبر 2014.

قد يعجبك ايضا