الحوار الاجتماعي بين الأمس واليوم: آمال وتطلعات

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

  • باحث في مركز الدكتوراه، تخصص القانون الخاص، كلية الحقوق بطنجة.

من الواضح جدا أن الحوار الاجتماعي[1] له أبعاد سياسية صرفة ودلالات ذات صبغة اقتصادية واجتماعية  محضة لما يمكن من إقلاع اقتصادي ويضمن السلم والاستقرار الاجتماعي،  وذلك في ظل التحول أو الانتقال السياسي و الاجتماعي من السلطة  الحكومية المكلفة بوزارة التشغيل والإدماج المهني إلى السلطة الحكومة المكلفة بالداخلية  سنة 2019 و انسجاما مع تجديد النموذج التنموي وخروج قانون الإطار09.21  رقم المتعلق بالحماية الاجتماعية المؤرخ في  23 مارس 2021، وهذا ما أكده التقرير العام الذي أعدته لجنة النموذج التنموي الجديد المؤرخ في 25 ماي 2021.

ويجب التذكير إلى أن آلية الحوار الاجتماعي لا يقتصر فقط على الأجور وتحسين الدخل، وإنما هو إطار من المفروض اليوم أن يستحضر كأهداف التنمية الشاملة والمندمجة وضمان الحقوق والحريات الأساسية وجودة التشريعات، حيث لا تزال الآمال معقودة، والتطلعات حاضرة، لتخطي التحديات القائمة والطارئة في صلب أجندة النموذج التنموي الجديد  وتجاوز تعثرات مسار تطور الحوار الاجتماعي بالمغرب في عهد حكومة ابن كيران سنة 2016 ، لاسيما بين الحكومة والنقابات وأرباب العمال منذ انطلاقه سنة 1996[2]  وبين تأدية دوره الوطني التنموي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما جسده العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي أولى هذا الحوار الاجتماعي كامل الرعاية والاهتمام بشكل غير مسبوق، خاصة في الرسالة الملكية الموجهة إلى المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية الذي نظمه مجلس المستشارين بتاريخ 20 فبراير 2017  والخطاب الملكي التاريخي بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 29 يوليوز 2018 والمتعلق بإصلاح وتحديث ورش الحماية الاجتماعية ومرورا بالخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 29 يوليوز 2020 ووصولا إلى الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة المؤرخ في 9 أكتوبر 2020 والمتعلقين بتحديد أجندة زمنية لتعميم ورش التغطية الاجتماعية استشعارًا بدوره الفعال في تحقيق النماء والتقدم والازدهار للوطن والمواطن.

ووعيا بأهمية الحوار الاجتماعي في استمراريته والذهاب به إلى بر الأمان وتجاوب العديد من المطالب والحاجيات الملحة والمتزايدة للمواطنين والمواطنات، فإن أطراف الحوار الاجتماعي تقع على عاتقهم جملة من الرهانات التالية:

-ضرورة مأسسة الحور الاجتماعي للمحافظة على السلم الاجتماعي ، بما يضمن العدالة المجالية و يوطد العدالة الاجتماعية و يقوي العدالة الأجرية.

-العمل على الحكومة إعطاء الاهتمام للنقابات باعتبارها دورها الأساسي يتمثل في الدفاع عن العمال بدل من تهميشها وتبخسيها وتسييسها.

-ضرورة تجنب النقابات التيارات والمرجعيات السياسية والعمل على التوجه نحو المطالب المجتمعية سواء من حيث التأطير أو التأثير .

-العمل على مراجعة شاملة لمدونة الشغل المغربية وفق التطورات الداخلية والمتغيرات الدولية.

-ضرورة ملائمة سوق الشغل ومناخ الأعمال وفق رؤية النموذج التنموي الجديد.

-ضرورة استحضار الحوار الاجتماعي مسألة زيادة الإنتاج وتحسين أداء الخدمات.

– تقوية المقاولات بما فيها المقاولات الصغرى أو  المتوسطة في النسيج الاقتصادي المغربي حيث تمثل أكثر من 95 في المائة.

-تحسين الأجور .

-استحضار المقاربة التشاركية  في الحوار الاجتماعي ،لاسيما في ملف التقاعد وصندوق المقاصة وتحسين القدرة الشرائية للمواطن والتخفيف من الدخل الضريبي على الأجور وخاصة الأجور الدنيا والحرية النقابية وحق الإضراب وحق العمل  التي كانت متعثرة منذ حكومة ابن كيران سنة 2016 .

-جعل الحوار الاجتماعي مفتاح لخطة التنمية المستدامة 2030 ومدخل لأجندة إفريقيا 2063.

الإحالات والمراجع المعتمدة:

[1] الحوار الاجتماعي وفق تعريف منظمة العمل الدولية يتضمن كافة أنواع التفاوض أو المشاورات أو ببساطة تبادل المعلومات بين ممثلي الحكومات وأصحاب العمل والعمال بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية.

[2] مسار تطور الحوار الاجتماعي في المغرب هي:1-اتفاق فاتح غشت 1996 ، 2-اتفاق 23 أبريل 2000،3-اتفاق 30 أبريل 2003، 4-اتفاق 26 أبريل 2011،5-أتفاق 25 أبريل 2019:الفترة الممتدة مابين 2019 و2021.

قد يعجبك ايضا