دور رجل الامن في تدبير و إدارة الأزمات الأمنية “جهاز الشرطة نموذج”

المعلومة القانونية

*عادل البلبال،

طالب باحث في سلك ماستر الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان.

مقدمة:

ان مهمة الشرطة لا تنحصر في حمايه المواطنين من خطر الاشخاص الخارجين عن القانون، بل هناك مهام اخرى تقوم بها كذلك، حين يتعرض المواطنون للأخطار من جراء الكوارث، و الازمات، وذلك الى جانب مختلف المصالح التي تشارك في تشكيل قوة تسمى بالدفاع المدني[1]، تتدخل في مواقف معينة كالفيضانات والزلازل, والحرائق وسقوط الطائرات، وانفجار وحداث صناعية، وعمليات ارهابية, و انتشار الاوبئة و حالات الطوارئ الصحية و غيرها… قصد حد من الاخطار المترتبة, واعادة الحياة الى طبيعتها العادية، ومن اجل تحقيق هذا الهدف لابد من معرفة بعض الاجراءات التقنية العامة التي يمكن تطبيقها في اغلب الحالات.

اذن فمهام مصالح الشرطة لا تنحصر في حماية الاشخاص والممتلكات فحسب، بل تشمل اعمالا اخرى تتدخل حينما يتعلق الامر بالأخطار الناجمة عن الازمات مما تستدعي تدخل مختلف المصالح المعنية، وتستلزم تنسيق فيما بينها قصد الحد من الاخطار المترتبة عنها، واعادة الحياه الى طبيعتها العادية. وهذا ما تجسد في تعاملها مع ازمة كورونا,  وبالنظر الى الطابع الفجائي والاستثنائي لهذه الكوارث والازمات فان على مختلف مصالح الامن ان تتوفر على مخططات نموذجية محينة تستوعب جميع المستجدات والمتغيرات الكفيلة باحتواء جميع الحالات الطارئة.

اذا كانت الاعمال النظامية تعتمد مسبقا على تخطيط دقيق قبل موعد العمل النظامي، فان الامر يختلف في الكوارث فهي تقع دون سابق انذار، وعليه يجب ان تكون هناك دائما مخططات نموذجية لمواجهة اي موقف طارئ باعتبار ان هذه الحوادث تتميز بعنصر مفاجئ

فيما يخص طبيعة التقنيات والاجراءات المتخذة فهي تختلف عن الاجراءات المعتمدة خلال مزاولة الشرطة  لمهامها العادية، فاذا كانت المساطر القضائية تعتمد على ضوابط قانونية يجب على المسؤول مراعاتها خلال تدخلاته تحت طائلة بطلان الاجراءات، فان التدابير الامنية المتخذة لمواجهة الكوارث و الازمات تفقد لضوابط او قواعد مقننة، سور ما تفرضه حالة الضرورة، وعليه فان ما يقيد عمل الشرطة في اتخاذ القرارات المناسبة هو اطار المشروعية والغاية المراد تحقيقها، علاوة على الحنكة المهنية، ومدى القدرة على توقع حجم المخاطر وعواقب القرارات المتخذة، وتناسبها مع حجم الكارثة حتى لا يكون للقرارات المتخذة سلبيات اكثر من الحدث الطارئ او الأزمة. ان هذه الاجراءات لا يمكن حصرها، او وضع نموذج خاص يطبق على كل تدخلات الشرطة، وعليه فان المسؤول الامني يتعامل مع كل حدث طارئ على حدة، خصوصا اذا لم يقع مثله من قبل، وخير دليل على ذلك ازمة كورونا, وبالنظر الى الطابع الفجائي والاستثنائي لهذه الكوارث والازمات ، فان على مختلف مصالح الامن ان تتوفر على مخططات نموذجية من اجل احتواء هذه المخاطر.

لهذا قامت المديرية العامة للأمن الوطني بتشكيل خلية عمل يطلق عليها خلية تدبير الازمات تعهد رئاستها الى ولاة الامن في كل مدينة. كما أصدرت دليلا نموذجية يعرف بمبادئ اعداد الملف الامني، و منهجية التدخل حتى يستعين به مختلف مصالح الشرطة في الحالات المذكورة.

وعلى الرغم من صعوبة جرد او حصر هذه الاجراءات، او وضع قالب علمي يشمل جميع التدخلات في هذا المجال، فان هناك اجراءات وتدابير لابد من معرفتها والاستعانة بها مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل كارثة او ازمة.

سنحاول التطرق لهذا الموضوع من خلال الاجابة على مجموعة من الاسئلة:

  • فما هو مفهوم الازمة؟ كذلك تذبير الازمة؟
  • ما هي خصائص الازمة و اصنافها؟
  • ثم اليات تدبير الازمات؟
  • دور الشرطة في التصدي و تذبير الازمات؟

المبحث الاول: الاطار النظري لإدارة وتدبير الازمات

تعتبر ادارة الازمات من الهواجس التي تشغل بال الاجهزة الامنية في جل بلدان العالم, هذه الادارة لها ارتباط وثيق بمسالة اتخاذ القرار الامني وكذلك مسالة التخطيط الامني باعتبار انه اصل كل سياسة امنية وباعتبار انه اليه علميه تقوم على استشراف والتوقع ووضع البدائل بشكل يجنب الادارة الامنية القيام بأعمال عشوائية, وبشكل يمكن الاجهزة الامنية من مواجهة الازمات خاصه تلك التي تتطلب مواجهة الجمهوراو تحرير رهائن او اخلاء منطقة او تطويقها او مواجهة ازمة صحية و ما يترتب عنها, لذا ارتأينا تقسيم هذا المبحث الى مطلبين: المطلب الاول سنتطرق فيه للاطار العام لإدارة الازمات على ان نخصص  المطلب الثاني الى اليات تدبير الازمات[2].

المطلب الاول: الاطار العام لإدارة الازمات 

ان مفهوم اداره او تدبير الازمات مفهوم  حديث نسبيا خصوصا من حيث تأصيله كفرع ينتمي الى العلوم السياسية استراتيجية والإدارة اما من حيث التطبيق فقد كان موجودا منذ القدم  البشرية افرادا ومجتمعات ومنظمات ودول, كانت ولا تزال تستنفر كل امكانياتها وجهودها ودفاعاتها عندما تتعرض لأية ازمة[3].  فما هو اذن مفهوم الازمة؟ ومفهوم تدبير الازمة؟ وتعريف الازمه الأمنية؟ هذا ما سنحاول تطرق له في الفقرة الاولى, على ان نخصص الفقرة الثانية لتحديد خصائص ادارة الازمات, و الفقرة الثالثة لتصنيف الازمات.

الفقرة الاولى: مفهوم إدارة الأزمات الأمنية:

تجدر الإشارة، إلى أن ظهور مفهوم تدبير أو إدارة الأزمة كمفهوم سياسي استراتيجي أمني، نشأ نتيجة ظهور مفهوم الأمن الوطني ولتفصيل أكثر، سنقدم مجموعة من التعاريف التي تتعلق بمفهوم الأزمة، و مفهوم الأزمة الأمنية، ثم مفهوم إدارة الأزمة الأمنية.

أولا: مفهوم الأزمة:

موقف أو حدث أو مجموعة أحداث، متوقعة أو غير متوقعة، تتسم بالخطورة و العمق واتساع التأثير، مما يجعل من الصعوبة بمكان السيطرة على الأوضاع، بالطرق والأساليب والإمكانات المعتادة، بسبب تسارع الأحداث وحدتها و مجهولية التطورات والارتباك وتزايد الخسائر المادية والمعنوية والأثر السلبي على المصالح الأساسية التي تواجد او تحيط بمكان الحادث. فالأزمة إذا تمثل نقطة تحول في تاريخ الكيان الذي تحدث فيه، ولذلك فإنها تستلزم تغيير النمط المعتاد في اتخاذ القرارات والأداء الإداري، بسبب التعقيد والتشابك والارتباك ومفاجأة الأحداث والتطورات و   الصدمة والضغط الشديد على متخذ القرار وعلى المنفذين[4].

كما يمكن تعريف الازمة على انها عبارة عن خطر محتمل و قابل للتوقع, ومصطلح الازمات كما تم تعريفه من طرف اللجنة الاوروبية يأخذ بعين الاعتبار عنصرين اساسيين هما: الاحتمال الذي يقترن بعنصر الخطر وبجسامة النتائج المترتبة عنه. فالأزمة المرتبطة بحادث معين تتميز بطابعها الاحتمالي وبخطورة نتائجها وذلك من قبيل الاعمال الارهابية الكوارث الطبيعية وانتشار الاوبئة” مثال ذلك ازمة انتشار فيروس كورونا بالمغرب” اذن فمصطلح ازمة يستعمل في العالم المتوقع من اجل اكمال مختلف المفاهيم, لهذا غالبا ما ينتج عن المصطلح غموض. فالأزمات المالية هي عبارة عن خطر متعلق بخسارة الاموال نتيجة معاملة تجارية او مصرفية ادت الى حوادث مالية. والمخاطر السياسية او الازمات السياسية هي ايضا نوع من الخطر وله نتيجة مزدوجة سياسيه وخاصه لا سيما على الاستثمار.[5]

ثانيا: مفهوم تدبير الأزمة:

المقصود بتدبير الازمات هو مناهج التحليل المعتمدة  داخل الاجهزة الامنية, فتدبير الازمات يسمح للأجهزة الامنية بالتحقق من كونها تعي وتدرك المخاطر التي تتهددها كما يسمح لها كذلك بوضع واعداد مخطط للوقاية من الاخطار والتقليص من اثارها,  ايضا يضم تدبير الازمات مجموعة من الاستراتيجيات التقنية الرامية الى تشخيص ومعرفه التهديدات ودراستها بشكل مسبق[6].

كما يمكن تعريفها بأنها: ” أسلوب التحكم في الأزمة وفي مسارها واتجاهاتها، فهي إدارة علمية رشيدة تقوم بها الاجهزة الامنية من اجل البحث والحصول على المعرفة واستخدام البيانات والمعلومات المناسبة كأساس للقرار المناسب، وتقوم على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والبعد عن الارتجالية والعشوائية وانفعالات اللحظة، لتحقيق هدف تلقائي هو التعامل الفوري مع الأحداث المتباعدة لوقف تصاعدها.”[7]

كما يعني بإدارة الأزمة : ” التعامل مع الأزمات من أجل تجنب حدوثها من خلال التخطيط للحالات التي يمكن تجنبها، وإجراء التحضيرات للأزمات التي يمكن التنبؤ بحدوثها في إطار نظام يطبق مع هذه الحالات الطارئة عند حدوثها بغرض التحكم في نتائجها أو الحد من آثارها.[8]

كما يمكن تعريف ادارة الأزمة بانها الطريقة أو الكيفية التي ستعتمدها الاجهزة الامنية المختصة  من أجل التغلب على الأزمة، و بتعبير أخر تدبير أو إدارة الأزمة يحيل إلى كيفية التعامل مع التحديات والأحداث التي تعصف بكيانات الدول الإدارية و الاجتماعية والسياسية في مرحلة معينة[9].

ثالتا: تعريف الأزمة الأمنية:

يمكن تعريف الازمات الامنية بكونها مجموعة الأحداث التي تخل بالنظام العام و الأمن العام، وتتميز بتسارع الوقائع مما يهدد بالخسائر وتزايدها، بشكل يستدعي استنفار كافة الأجهزة والسلطات الامنية و توفير كافة الموارد المدنية والسياسية والأمنية، لإعادة الاستقرار.

بناءا على هذا التعريف، يجوز القول بأن المظاهرات العمومية، و الاعمال الارهابية, و المخاطر المعلوماتية و التكنولوجية, و حالات الطوارئ الصحية الناتجة عن تفشي الامراض و الاوبئة….. يمكن اعتبارها بمثابة أزمة أمنية، بحكم أنها تشكل إخلالا بالنظام العام والأمن العام، وباعتبار أنها تتميز بتسارع الأحداث، بشكل يتطلب تدخل الأجهزة المعنية[10].

الفقرة الثانية: خصائص إدارة الأزمة الأمنية:

لدراسة خصائص الازمة الامنية لا بد من معرفة خصائص الازمة بصفة عامة. ثم خصائص ادارة الازمة, و خصائص الازمة الامنية.

اولا: خصائص الأزمة:

– حدث قد يكون مفاجئا أو غير مفاجئ، فإذا كانت مفاجئة فإنها ترتب أثرا للصدمة، ويصعب احتوائها. أما إذا كانت متوقعة، فاحتمالية احتوائها تكون مدروسة وبالتالي ممكنة.

– أنها تتسم بدرجات متفاوتة من الخطورة، من خلال أشكال تصعيدها مما يشكل تهديدا للنظام العام، والأمن العام.

– المفاجأة، والتهديد الخطير، والوقت القصير المتاح لاتخاذ القرار.

بصفة عامة تكمن خصوصية الازمات في[11]:

– عنصر المفاجأة والهلع.

– تصارع الاحداث.

– تضاعف الاخطار صعوبة المواجهة والاحتواء في البداية.

– هاجس التعجيل في انقاد الارواح واجلاء المنكوبين من مواقع الخطر في حالة الكوارث.

– محدودية الحصيص المشارك.

– قلة المعلومات المتوفرة.

–  انتشار الاشاعات.

–  امكانية حصول اعمال النهم والسرقة.

ثانيا:  خصائص إدارة الأزمة[12]:

– عملية إدارية من طرف الاجهزة الامنية المختصة.

– تتطلب درجة من الوعي والعلم والتخطيط والاستشراف.

– تتطلب السرعة في التدخل.

– تهدف إدارة الأزمات إلى المحافظة على الاستقرار و الامن العامين، مع التدخل بهدف تحقيق أدنى قدر من الأضرار والحد من تطور الأزمة.

ثالثا: خصائص الأزمة الأمنية:

– التهديد المباشر أو غير المباشر للنظام والأمن العام.

– تؤدي إلى وقوع خسائر.

– تستدعي تدخل السلطات بشكل مكثف وسريع.

– تبقى ردة الأجهزة الأمنية واتخاذ القرار بشأنها تبعا للموقف القائم  و الظروف المحيطة بالأزمة، وكذا الآثار المترتبة على اتخاذ القرار بشأنها.

– توفر معلومات عن جوانب متعددة و خبرات مهنية و فنية لا تنتمي لكيان تنظيمي واحد، الأمر الذي يجعل إدارة الأزمات مسؤولية جماعية تنتمي للعمل الجماعي الذي تتداخل وتتمازج فيه أدوار ونشاطات أجهزة وكيانات متعددة.

– أن التنسيق التنظيمي لإدارة الأزمات ينبغي أن يبنى على منظومة تفاعل بشكل تتمازج فيه نشاطات وجهود كل الكيانات والخبرات.

الفقرة الثالثة: تصنيف الازمات.

اولا: الأزمات الاجتماعية:

تعتبر بشكل كبير من العوامل المؤثرة في نشوء الحركات الاجتماعية، ومن أمثلتها أزمة القيم(النظام العام الخلقي)[13]، وأزمة العدالة والعدالة الاجتماعية، و أزمة الهوية الوطنية من تجانس قومي…، نتيجة لهذه الأخيرة تحدث أزمات بشكل أو بأخر تؤدي إلى اختلال في النظام العام. مما يستدعي التدخل لإعادة التوازن الاجتماعي داخل المجتمع، من خلال حل الصراعات الاجتماعية و تطوير وحماية القيم الاجتماعية حتى تتلائم والقيم السائدة حديثا. في هذا الصدد يسجل غياب مؤسسات وأجهزة حكومية تهتم بالقيم الاجتماعية وغيرها، وعليه أدعو الأجهزة التنفيذية إلى إعادة النظر في هذه المسألة من خلال وضع سياسات لها وإحداث أجهزة ومكاتب دراسات يعهد إليها مراقبة وتطوير وتقويم القيم الاجتماعية، لتحقيق الأمن الاجتماعي.

ثانيا: الأزمات النفسية[14]:

من قبيل أزمة الهوية، وأزمة التقاعد التي تجعل الأفراد يشعرون بالإحباط وعدم الثقة في أجهزة الدولة مما يشكل تهديدا أخر للنظام العام وعليه، يجب أن تراعي الدولة مجموعة من المؤسسات خاصة صندوق الضمان الاجتماعي.

ثالثا: الأزمات السياسية:

من قبيل أزمة المشاركة السياسية، وأزمة العلاقة بين الحكومة والمعارضة و الأزمة الدولية (أزمة الصحراء المغربية)، أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة، وهذه كلها وغيرها أسباب تشكل تهديدا للأمن العام للدولة، تستدعي مواجهتها، من خلال إعادة رسم العلاقة بين المواطنين والدولة، وكذا إعادة النظر في العلاقات بين المغرب وباقي دول العالم…

رابعا: الأزمات الاقتصادية:

من قبيل الأزمات الطاقية وأزمات التصدير، وغالبا ما ينتج عن هذه الأزمات زيادة في الأسعار، وهذا ما حدث مؤخرا بالمغرب، الشيء الذي من الممكن أن يسبب سخطا شعبيا ليتحول بدوره إلى حركات اجتماعية.

خامسا: الأزمات الأمنية:

مثل التفجيرات، والأعمال الإرهابية، خير مثال على ذلك أحداث 16 ماي التي عرفها المغرب, وأحداث 11 سبتمبر التي عرفتها الو.م.أ، والتي من خلالها تبنت هذه الأخيرة وشركائها ومن بينهم المغرب استراتيجية الحرب على الإرهاب، وذلك من خلال صدور قانون 03.03 المتعلق بالإرهاب[15].

سادسا: الازمات الصحية:

مثل التسربات الغازية و الكيميائية, و الاوبئة وخير مثال على ذلك ما يعرفه المغرب و العالم ككل من تفشي فيروس كورونا المستجد وتداعياته الامنية.

المطلب الثاني استعدادات الشرطة لإدارة الازمات

من المسلم به ان قيادات الشرطة مطالبة بالتفكير بشكل اسباقي لمواجهة كل الاحداث والازمات والكوارث التي من شئنها الاخلال بمقومات الامن العمومي “الامن العام, والسكينة العامة,  والصحة العامة”, وهي بالتالي مدعوة لإعداد مخططات تحسبا لكل طارئ, وتتبلور هذه المخططات في وضع تصاميم محكمة تجمع في وثيقة واحده تسمى ملف امني, ناهيك  على التوفر على مخطط جمع و استنفار موظفي الشرطة.

 الفقرة الاولى: اعداد الملف الامني:

يخضع اعداد الملف الامني لمجموعة من النصوص المنظمة:  دورية عدد 713بتاريخ 1958 المتعلقة بإعداد ملف امني بكل مركز للأمن العمومي, ثم الدورية عدد 2063  الصادرة بتاريخ 1965 متعلقة بمراجعة الملفات الامنية, ثم الدورية عدد 2065 بتاريخ 1965 المتعلقة بتحديد الاحتياجات من الموظفين والمعدات.

ويمسك الملف الامني على مستوى مفوضية الامن العمومي “المفوضية المركزية والمفوضية الجهوية ودوائر الشرطة” كما توضع نسخة منه بالمستندات العامة ورهن اشارة والي الامن او رئيس الامن الجهوي او الاقليمي, وبموازاة مع ذلك فان نظيرا منه يمسك على مستوى الهيئة الحضارية التي تسمى “كتابة العمليات”

ولهذه الغاية يجب ان يستجيب الملف الامني لمجموعة من الخصائص وكذلك ان يحتوي على مجموعة من المكونات.

 اولا: اهداف وخصائص الملف الامني[16]:

يجب ان يستجيب الملف الامني للمعايير التالية:

  • ان يتصف بالوضوح بحيث يمكن استيعابه من طرف جميع موظفي الشرطة.
  • ان يثير الجزئيات دون ترك الفرصة للارتجال.
  • ان يساعد على سرعة التنفيذ الى اقصى حد و ذلك من خلال التحضير القبلي لكل المطبوعات المفيدة: استدعاءات، اوامر بالمهمة، وتعليمات اخرى…
  • ان يتيح التنفيذ الالي للعمليات دون حاجة للرجوع الدائم لاستشارة الرؤساء المنشغلين بمهام اخرى.
  • ان يخضع للتحيين من اجل ادخال التعديلات والاضافات التي تساير الواقع[17].

ثانيا: مكونات الملف الامني[18]:

ان اول عمل يجب على المسؤول عن الامن العمومي القيام به لإعداد الملف الامني, هو جرد جميع الوسائل التي يحتمل استعمالها ابان الازمة بحيث تكون كل وسيلة موضوع جدادة تتضمن المعلومات التالية:

  • تحديد طبيعة ونوعية الوسيلة.
  • تقييم الوسيلة عدديا.
  • تحديد مكان تواجدها تحديد العنوان مع التصميم.
  • وسائل الاتصال المتاحة, هواتف ,راديو, اتصال مباشر. مع الأخذ بعين الاعتبار ظرف الليل و العطل.
  • الامكانيات الحقيقية لاستعمالها.
  • عناوين وارقام هواتف رؤساء المصالح ونوابهم او مالكي المؤسسات والاليات.

وتتعلق هذه الوسائل بالعناصر التالية:

الحصيص، والمواصلات، و النقل, والوقود والتموين، والمصالح الصحية.

1: الحصيص:

وينقسم الى:

  • موظفو الشرطة على المستوى المحلي ويجب ان تشير الجدادية كذلك للموظفين العاملين بمصالح الشرطة القضائية والاستعلامات العامة والمصالح الادارية.
  • عناصر الفرقة المتنقلة للمحافظة على النظام المتواجدون على الصعيد الولائي او الجهوي او تلك المرابطة بالمدن المجاورة.
  • ثم حصيص القوات المشاركة وتضم الدرك الملكي والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية المرابطة بالولاية او الاقليم وبالمدن المجاورة[19].

2:  المواصلات:

تعتبر الجدادية بمثابه دليل هاتفي, يحتوي على ارقام هاتف كل السلطات او كل المصالح المفيدة في التدخل لتدبير الازمة, ويلزم القيام بجرد لعدد اجهزة الارسال والاستقبال المتوفرة لدى جميع القوات المشاركة, وتردداتها الاساسية والثانية ,وفي نفس الاطار يجب التفكير في انقطاع التيار الكهربائي الذي من شانه ان يعيق عملية الاتصال ويشل بذلك عمل مراكز القيادة, لذلك وجب توفر على مولد كهربائي احتياطي[20].

3:  وسائل النقل:

يجب احصاء وسائل النقل التي تتوفر عليها مصالح الشرطة مع ابراز قوتها وقدرتها، اضافة الى تحديد الوسائل المتوفرة لدى المقاولات والشركات نقل الخصوصية التي يمكن الاستعانة بها او تسخيرها عند الاقتضاء. كما تجدر الاشارة الى وجوب الاخذ بعين الاعتبار مخزون الوقود على المستوى المحلي.

4: التموين:

يجب ان يأخذ بعين الاعتبار توفير المان اللازمة لعناصر الشرطة سيما وان باقي القوات الاخرى من القوات المساعدة والدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية تتوفر علم الخاصة بها.

5: المصالح الصحية:

يجب انجاز جدادية خاصة بالمؤسسات الاستشفائية والمستوصفات العمومية والمصحات الخاصة, و سيارات الاسعاف, و الجمعيات والهيئات التطوعية مثل “الكشفيات والهلال الاحمر”[21].

الفقرة الثانية:  مخطط جمع واستنفار موظفي الشرطة:

ان مخطط جمع الموظفين يخول للمسؤول جميع الشرطيين العاملين تحت امراته كلما استدعت الظروف ذلك مثال حادثه طبيعي اعمال شغب اعمال ارهابية حالات الطوارئ   الشرطي مجند للعمل بالليل والنهار وحتى في ايام العطل  اذا دعت الضرورة ذلك.   ويجد استخدام الموظفين خارج اوقات العمل العادية سنده في النظام الاساسي لموظفي الامن الوطني الذي يؤكد في فصله

ويتكون هذا المخطط من:

  اولا: جذاذات خاصة بالموظفين:

وتكون هذه الجذاذات بصفة دائمة في متناول رئيس الامن العمومي حيث تمسك من طرف قاعه المواصلات وتوضع بصناديق خاصه بها ويتعين ان تحتوي على الاسماء والعناوين الكاملة والارقام الهاتفية لجميع الشرطيين العاملين بولاية الامن او الامن الجهوي او الاقليمي مهما كانت رتبهم او المهام المسندة اليهم[22].

ويجب تجديد وتحيين المعلومات المضمنة في هذه الجذاذات كلما تطلب الامر ذلك, “مراقبتها مرة في الشهر على الاقل”, من اجل ادخال التعديلات والتغيرات انطلاقا من اللوائح الشهرية المنجزة من طرف مصالح الشرطة.

ثانيا: مخطط الاستنفار:

يتعلق الامر بتصميم يقسم المدينة الى مجموعة من المناطق السكنية التي يقطن بها مجموعة من الموظفين التابعين لمصالح الشرطة, ويعين شرطيان يكلفان بعملية الاخبار بالنسبة لكل منطقة, ويكونان ملمين بتصميم المنطقة, معينان لاستنفار ساكنيها من الشرطيين, وينقسم هذا المخطط الى نوعين:

1:  مخطط الاستنفار العام:

ويهدف الى جمع جميع الموظفين التابعين لمصالح الشرطة, حيث يتوجه هؤلاء بعد اشعارهم من طرف الشرطيين المستنفرين, اما الى مقر ولاية الامن, او مقر الامن الجهوي, او الامن الاقليمي , او التجمع بنقطة معينة” اما دوائر الشرطة او المقاطعات الحضرية او مراكز الشرطة” قصد نقلهم الى المقر. ويعتمد الشرطي المستنفر على لوائح تضم عناوين الموظفين القاطنين بالمنطقة الموكولة اليه, والموضوعة داخل ظرف مختوم يحمل اسمه واسم زميله المساعد[23]. كما يتولى الشرطيون المستنفرون اشعار زملائهم الاقرب اليهم تسهيلا لعملية الجمع , كما تتم الاستعانة بأرقام هواتف الموظفين.

2:  مخطط الاستنفار الجزئي او المصلحي:

يتم اتباع نفس خطوات المخطط العام, من حيث التنفيذ, الا ان الشرطي المستنفر يقتصر على اخبار الموظفين التابعين لمصلحة معينة والمرغوب في تجميعهم, مثلا : المصلحة الولائية للشرطة القضائية, او مصلحة الاقليمية الادارية, او الهيئة الحضارية…. وفي بعض الحالات الطارئة, يسبق تنفيذ مخطط الاستنفار اتخاذ قرارات تجعله سهل التنفيذ, مثل:” منع رخص مغادرة المدار الحضري لمصلحة الامن على جميع الموظفين. اخبار الموظفين بضرورة الموكوت في منازلهم خارج ساعات العمل العادية, او الاشعار بأماكن تواجدهم عند الضرورة”.

ثالثا: مخطط الجمع:

في هذه المرحلة يتم نقل الموظفين المستنفرين الى مقر مصلحة الامن ومقرات عملهم حسب التعليمات، من نقطة تجمعهم المحددة والمعروفة مسبقا، وذلك اما بواسطة سيارات الشرطة او عن طريق وسائل النقل المختلفة او بواسطة وسائلهم الخاصة, حتى يتأتى ربح الوقت من جهة, وتمكين القيادة من الاستعمال التدريجي للموظفين الملتحقين بالمصلحة فور اخبارهم من جهة اخرى، ويجب على الموظفين المستنفرين لالتحاق بمقر العمل في غطون ثلاث ساعات التي تلي عملية الاخبار. وتجدر الاشارة الى ان الشرطي معروف بتأهبه وانضباطه يجب عليه ان يلتحق بمقر عمله كلما تناهى الى سمعه او شعر بان الحالة تستدعي ذلك، قبل اعطاء الامر ببدء عمليتي الاستنفار والجمع من طرف الرؤساء:” مثل قيام مظاهرة تلقائية وغير معلن عنها مثل احداث 20 فبراير او عمل ارهابي, العمل الإرهابي لحي فرح بالدار البيضاء او العملية الإرهابية بمقهى ارغانة بمراكش, جائحة كورونا…… او اي عمل من شانه المساس بالأمن العام او الصحة العامة.

ويقرر انطلاق مخطط الجمع، المدير العام للأمن الوطني، اولي الامن، او رئيس الامن الجهوي او الاقليمي، ويشرع فورا في تنفيذ خط الاستنفار.

ويختلف مخطط الجمع حسب الظروف وحاجيات القيادة، وهكذا نجد: مخطط لحشد عام، ثم مخطط لحشد عناصر معينة.

ويقوم رؤساء المصالح الامنية المذكورة بين الفينة والاخرى بتمرينات وتطبيقات على تنفيد المخطط المذكور قصد استئناس الموظفين به وتمكين القيادة من الوقوف على ماذا نجاح العملية وتحديد الصعوبات وايجاد الحلول المناسبة.

المبحث الثاني: الاطار التطبيقي للإدارة الازمات “دور جهاز الشرطة في تدبير ازمة كورونا نموذج.

في اطار تحقيق واستثبات الامن والمحافظة على النظام العام نجد ان المملكة المغربية قد اعتمدت في مجالها الترابي مجموعة من الاجهزة الامنية المكلفة بمهام الامن و الشرطة وتدبير الازمات وذلك من خلال احداث مؤسسات امنية مركزية ابرزها وزاره الداخلية والمديرية العامة للآمن الوطني و المجلس الاعلى للأمن وان كان لم يفعل بعد, وعلى المستوى اللامركزي نجد ولايات الامن المفوضيات الشرطة.

ناهيك على الدور المحوري الذي تطلع به هذه المديرية في المحافظة على النظام و محاربة الجريمة دون ان ننسى المساهمة الفعالة في التصدي للازمات و خير دليل على ذلك ازمة كورونا وتداعياتها.

سنحاول تقسيم هذا المبحث الى مطلب اول “اجهزة الشرطة المكلفة بتذبير الازمات” مطلب ثاني” التدابير المتحدة من طرف مصالح الشرطة لتدبير ازمة كورونا”.

المطلب الاول: اجهزة الشرطة المكلفة بتدبير الازمة.

في اطار المحافظة على النظام و تدبير الازمات نجد ان المملكة المغربية عملت على احدات مجموعة من الاجهزة الامنية “و سنخص بالذكر جهاز الشرطة نموذجا” بعضها مركزي فقرة اولى, و بعضها الاخر لامركزي فقرة ثانية[24].

الفقرة الاولى: على المستوى المركزي. «القيادة المركزية”

اولا: وزارة الداخلية:

جاء في المرسوم المتعلق باختصاصات وتنظيم وزاره الداخلية[25] “تناط بوزارة الداخلية مهمة الادارة الترابية للمملكة في اطار اختصاصه ويظهر على المحافظة على الامن العام…..” ومن خلال هذه المادة يظهر ان وزارة الداخلية هي الجهاز الموكل له مهمه المحافظ على الامن العام للدولة ويتم ذلك من خلال مجموعه من الادارات المركزية التابعة لها, من المديرية العامة للشؤون الداخلية, والمديرية العامة للأمن الوطني ثم المديرية العامة للقوات المساعدة. وتعد وزاره الداخلية مركز قياده فيما يخص توجيه التعليمات, وكذلك التنسيق مع مختلف المصالح الامنية وخصوصا مصالح الشرطة اعتبار هذه الاخيرة جهاز تابع لها, وقد ظهر الدور المركزي لوزارة الداخلية ابان الازمة الصحية التي عرفها المغرب “ازمة كرونا” ودورها المحوري في تدبير هذه الازمة من خلال مجموعه من المراسيم والمناشير التي اصدرها وزير الداخلية بخصوص تطبيق حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي وما يترتب على مخالفة هذه المقتضيات من عقوبات. وتم إحداث اللجنة المشتركة لتتبع الوضعية الوبائية واتخاذ التدابير والإجراءات الاحترازية اللازمة والتي تتكون من وزارة الصحة و الامن الوطني والدرك الملكي ووزارة الداخلية ومصالح الطب العسكري والوقاية المدنية ومتدخلين آخرين، وهي عبارة عن خلية أزمة تقوم بتدبير كل ما يتعلق بالتعامل مع هذه الجائحة, كانت وزارة الداخلية حاضرة في الأزمة منذ البدايات الأولى، خاصة وأن التقليد المغربي يجعل هذه الوزارة متدخلة في كل القطاعات الحيوية، فالعديد من القرارات كانت تتخذ من طرفها وكان أهمها إعلان وزير الداخلية عن حالة الطوارئ الصحية رغم عدم وجود أي نص قانوني ينظم العملية. بل إن وزارة الداخلية هي من قامت بإعداد مشروع مرسوم القانون الخاص بحالة الطوارئ وعمليا كانت هذه الوزارة في غالب الأحيان هي الأداة التنفيذية لتحرك الحكومة, ولقد اعادت جائحة كورونا الداخلية بكل أجهزتها إلى الواجهة، في قيادة وتأطير حالة الطوارئ الصحية، وأضحت هي المتحكمة في إدارة وتدبير الطوارئ , فقد تراجع دور مختلف المؤسسات المنتخبة والسياسية من حكومة وأحزاب ومجالس، والتي اكتفت بالانخراط في مخططات الداخلية وإجراءاتها. وسجل انخراط وزارة الداخلية في تنزيل التوجيهات المولوية السامية، عبر العمل الجاد والمثابرة والروح العالية ونكران الذات، وكذا توفير الأجواء الإيجابية الملائمة لضمان التنسيق الجيد بين عمل جميع المصالح التابعة للوزارة، مشيرا في هذا الإطار إلى مساهمة “القيادة المركزية لتدبير الأزمة” في ترسيخ مبدأ التشاركية والتنسيق بين جميع القطاعات المتدخلة، من خلال خلق مراكز قيادة بمختلف الإدارات المركزية بهدف تتبع الوضع واقتراح التدابير الواجب اتخاذها.

أما على المستوى الترابي، يوضح وزير الذاخلية، فقد لعبت “المراكز الإقليمية للتنسيق” دورا مهما في تنفيذ الاستراتيجية الصحية وكذا في تنسيق جهود باقي المتدخلين، بما في ذلك المجالس المنتخبة، منوها في هذا الصدد، بالأطر الطبية وشبه الطبية، وأفراد القوات المسلحة الملكية ورجال وأعوان السلطات المحلية وجميع المصالح الأمنية، من أمن وطني ودرك ملكي وقوات مساعدة، وعناصر الوقاية المدنية، وكذا أطر وأعوان القطاعات الحكومية المعنية، على أدائهم المتميز، وعلى روح التضحية وخصال المسؤولية التي لازمت سلوكهم المهني في تدبير هذه الوضعية الصعبة[26].

و في سياق تطرقه للإجراءات المتعلقة بتدبير المرحلة الراهنة والمقبلة، أوضح الوزير أن الحكومة أعلنت، بكل مسؤولية، عن تصور متكامل مُؤَطّرٍ من خلال قرارات أساسية، أولها تمديد حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمدة شهر، إلى غاية يوم الجمعة 10 يوليوز 2020، لتمكين السلطات العمومية من الوسائل الضرورية لتدبير مرحلة الأزمة، وثانيها الشروع في تنزيل مخطط التخفيف من تدابير العزلة الصحي حسب الحالة الوبائية لكل عمالة أو إقليم وبصفة تدريجية عبر عدة مراحل، ابتداء من 11 يونيو 2020.

وثالث هاته القرارات، يضيف الوزير، يتمثل في تجميع الحالات النشطة لكوفيد-19، والحالات الإيجابية الممكن اكتشافها مستقبلا، في مؤسستين صحيتين متخصصتين، مما سيساعد على التسريع، ابتداء من 20 يونيو الجاري، في عملية الرفع التدريجي للعزلة الصحية، مبرزا أن هذه القرارات تهدف إلى التوفيق بين حماية الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين، وبين متطلبات الدورة الاقتصادية والتحضير للعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، وموضحا في سياق ذلك أن استراتيجية الدولة تم إعدادها، منذ البداية وفي جميع مراحلها، بمشاركة وتشاور وتنسيق بين جميع مكونات الحكومة.

وفي ذات السياق، تطرق إلى القرار القاضي بتجميع الحالات النشطة والحالات الإيجابية المحتملة مستقبلا، في مؤسستين صحيتين متخصصتين في كل من بنسليمان وبن جرير، موضحا أن هذا القرار يجد سنده في الحاجة إلى فتح المجال بمستشفيات المملكة لعلاج الأنواع الأخرى من الأمراض، وحماية الحالات المصابة وكذا محيطها العائلي والمهني وتقليص مدة علاجها، مع توفير الرعاية اللازمة وجميع شروط الإقامة الملائمة والمتابعة الطبية المناسبة، بإدارة مشتركة من قبل الأطباء المدنيين والعسكريين، مبرزا أن من شأن هذا التوجه أن يُمَكِّن من نظرة شمولية دقيقة حول الخريطة الوبائية، وأن يُسَرِّعَ من تنزيل مختلف جوانب خطة التخفيف من تدابير العزلة الصحية، والشروع في مراحل جديدة منها، ابتداء من نهاية الأسبوع الجاري.[27]

وفي هذا الصدد، أشار إلى أن إنجاح قرار الشروع في تخفيف القيود الاحترازية استلزم العمل على توفير الظروف اللازمة وفق أربعة مبادئ مرجعية، تتعلق أولا باعتماد خطة التخفيف كمبدأ عام، من خلال إجراءات عامة تهم مجموع التراب الوطني وأخرى محلية تهم كل منطقة تخفيف على حدة، وثانيا التدرج في تنزيل إجراءات التخفيف عبر مراحل مصحوبة بتدابير مُوَاكِبَة حسب تطور الوضعية الوبائية، وثالثا بإيلاء البعد المحلي الأهمية اللازمة عبر الأخذ بعين الاعتبار التفاوت الحاصل في الوضعية الوبائية بين المناطق، حيث تم تصنيف التراب الوطني، وفق المعايير المحددة من طرف السلطات الصحية، وفق منطقتين: منطقة التخفيف رقم 1 وتشمل 59 عمالة وإقليما، ومنطقة التخفيف رقم 2، وتضم 16 عمالة وإقليما.

أما المبدأ الرابع، بحسبه، فيتجسد من خلال المرونة وإمكانية المراجعة، بناء على الاحتمالات الوبائية الممكنة، حيث يمكن الإعلان عن إعادة تصنيف عمالة أو إقليم بتخفيف أوسع لتدابير العزلة الصحية في حالة تسجيل انخفاض في عدد الحالات المؤكدة، أو الانتقال في حالة العكس إلى منطقة ذات قيود مشددة، وفق ما تقتضيه الضرورة الصحية.

وبهذا الخصوص، أوضح السيد لفتيت أن الانتقال التدريجي من مرحلة إلى أخرى سيخضع مسبقا لعملية تقييم للإجراءات الواجب تنفيذها والشروط اللازم توفرها على مستوى كل عمالة وإقليم، وذلك من طرف لجان اليقظة والتتبع، التي يترأسها الولاة والعمال والمتكونة من ممثلين عن وزارة الصحة والمصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية والمصالح الأمنية، حيث ستتم إعادة تصنيف العمالات والأقاليم، أسبوعيا، حسب منطقتي التخفيف، على أساس المعايير المحددة من طرف السلطات الصحية.

وأبرز الوزير أن إنجاح هذه العملية كان يستلزم تخويل الحكومة للولاة والعمال، وفق مرسوم تمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية، صلاحية اتخاذ كل تدبير يروم التخفيف من القيود المعمول بها، معبرا عن الأمل في استقرار الوضعية الوبائية، بما يسمح بالاستمرار في تنزيل خطة تخفيف العزلة الصحية، لتشمل انتقال عمالات وأقاليم جديدة من المنطقة 2 إلى المنطقة 1، والترخيص بأنشطة تسمح باسترجاع الدينامية الاقتصادية والاجتماعية، وتيسير حركة التنقل بين المدن، والإطلاق التدريجي للسياحة الداخلية والخارجية، إلى غير ذلك من تدابير التخفيف.

ثانيا: المديرية العامة للأمن الوطني.

مما لا شك فيه، أن جائحة كورونا، تشكل أزمة جديدة، لم يسبق للعالم أن واجه جائحة مماثلة في العصر الحديث، منذ القرن التاسع عشر، إبان تفشي مرض الطاعون بأوروبا.

فبقيادة رشيدة، وتوجيهات حكيمة من لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه ،اتخذت الحكومة المغربية حزمة من القرارات التي يمكن وصفها بالشجاعة لمواجهة فيروس كورونا كإغلاق الحدود… إلخ، من أجل حماية المواطن بالدرجة الأولى.

في فترة كورونا لعبت المديرية العامة للأمن الوطني دورا مهما، بحيث منذ ظهور الفيروس، تجندت في الصفوف الأمامية، استجابة لنداء الوطن[28]، فالمديرية العامة للأمن الوطني التي يعود الفضل في إنشاءها للملك المجاهد جلالة المغفور له الملك محمد الخامس طيب ثراه بتاريخ 16 ماي 1956، ومنذ ذلك الوقت، وهذه المؤسسة تلعب دورا مهما في الحياة الوطنية, بجميع مكوناتها البشرية و اللوجيستيكية.

ان المديرية العامة للأمن الوطني منذ ظهور فيروس كورونا وهي ملتزمة باحترام مقتضيات حالة الطوارئ الصحية واحترام الدستور لاسيما الباب الثاني المعنون بالحريات والحقوق الأساسية, فالتطبيق المعلوماتي الذي أطلقته ما هو إلا لمساعدة موظفيها في المجال الميداني وتسهيل عملية المراقبة ومواكبة التكنولوجيا الحديثة و تتبع المخالطين و الخارقين لحالة الطوارئ الصحية و مقتضيات الحجر الصحي.

كما تجلى الدور الذي يلعبه الأمن الوطني في ظل جائحة كورونا ، حيث ان مديرية الأمن استبقت تسجيل اول ظهور لحالة اصابة بالمغرب للتعامل مع تناسل الإشاعات التي تهدد الأمن النفسي للمغاربة ، ثم احداث 1699 نقطة مراقبة على الصعيد الوطني تضم 15658 موظف شرطة تشتغل  طيلة 24 ساعة لمراقبة تطبيق حالة الطوارئ ، ثم احدات 2980  دورية متنقلة موزعة على مختلف مدن المغرب على مدار الساعة . ورغم سهر جهاز الامن على تطبيق اجراءات الحجر الصحي ، إلا أنه يقوم بتيسير ولوج الأسر للخدمات الصحية . أما بخصوص الاجراءات المواكبة لرفع حالة الطوارئ بعد 20 ماي فقد أكد المتحدث ان المديرية العامة للأمن الوطني ستواكب أي قرار تتخذه الدولة المغربية.

إن المقاربة التي اعتمدتها المديرية العامة للأمن الوطني مبنية على الدقة والتنسيق والتخطيط (أي رؤية استراتيجية) من أجل ضمان الحكامة الأمنية ومواجهة فيروس كورونا، وقبل الختم نستحضر خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة عيد العرش سنة 2016،إذ قال جلالته :”… كما أشيد بالفعالية، التي تميز عملها، في استباق وإفشال المحاولات الإرهابية، التي تحاول يائسة ترويع المواطنين، والمس بالأمن والنظام العام.

وإننا نقدر الظروف الصعبة، التي يعمل فيها نساء ورجال الأمن، بسبب قلة الإمكانات. فهم يعملون ليلا ونهارا، ويعيشون ضغوطا كبيرة، ويعرضون أنفسهم للخطر، أثناء القيام بمهامهم.

ناهيك على الكم الهائل من المدكرات المديرية و التعليمات و التوجيهات الموجه لكل ولايات الامن ومفوضيات الشرطة و الامن الاقليمي.

كما لاحظنا السد عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وهو يسهر شخصيا على الترتيبات الأمنية وعلى عمل نقط المراقبة الأمنية المعتمدة بمدينة الدار البيضاء و الرباط, فاس و مكناس و غيرها من المدن المغربية لفرض حالة الطوارئ الصحية لمنع تفشي وباء كورونا المستجد.

وقد ظهر المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني بالزي النظامي الميداني[29]، في إشارة إلى خصوصية الظرفية الاستثنائية وحالة الطوارئ الصحية التي تعيشها بلادنا في زمن جائحة كورونا وشوهد عبد اللطيف حموشي وهو يطلع على الشروحات التي يقدمها المسؤولون الأمنيون وموظفو الشرطة حول مختلف الإجراءات الأمنية والتدابير النظامية المعتمدة لإنجاح الحجر الصحي، بما يضمن المحافظة على الأمن الصحي لعموم المواطنات والمواطنين.

اضافة الى الدور التوعوي الذي لعبته المديرية العامة الأمن الوطني بكل مكوناتها.

نورد بعض الاحصائيات الخاصة بالمديرية: تم خلال الفترة الممتدة ما بين 20 مارس و10 ماي الجاري تسجيل أزيد من 3700 مخالفة تتعلق بالتجمع لأكثر من شخصين، مع وضع أكثر من 12 ألف مركبة في المحشر بسبب ارتكاب أصحابها لمخالفات ذات الصلة بالحجر الصحي.

وحسب بيان لمصالح الامن الوطني، صدر أمس، أشار عميد الشرطة غزلي رشيد، في ندوة افتراضية نظمها منتدى الأمن الوطني ليلة الأربعاء الفارط وبثت مباشرة عبر صفحة الفايسبوك للأمن الوطني، إلى تسجيل 3703 مخالفة متعلقة بالتجمع لأكثر من شخصين وعدم احترام الحجر الصحي، بالإضافة الى وضع 4533 دراجة نارية في المحشر.

من جهته، أكد ممثل مديرية الشرطة القضائية، عميد أول للشرطة لعراس بعزيز، أن مصالح الشرطة وبالتنسيق مع الجهات المختصة  تمكنت من تسجيل 1300 قضية تورط فيها 1460 شخص، وتتعلق بالمضاربة واحتكار السلع.

بدوره، تطرق ممثل خلية الاتصال والصحافة، عميد الشرطة بوطانة نسيم، إلى الحملات التوعوية التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني خلال نفس الفترة، مشيرا إلى تسجيل 13006 خرجة ميدانية للتوعية من وباء كورونا، و5846 عمل للتوعية من أثر ومخاطر المضاربة والاحتكار وسط التجار.

كما قامت مصالح الشرطة بـ5552 نشاط إعلامي للتوعي من وباء كورونا، و2016 نشاط توعوي عبر دعائم التواصل الاجتماعي، و2315 عملية تعقيم وتطهير لمختلف الفضاءات العمومية، بالإضافة إلى الإنتاج السمعي البصري والومضات التوعوية.

الفقرة الثانية: على المستوى اللامركزي. “خلية تدبير الازمات”

شكلت التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وكذا التعليمات المديرية خارطة طريق لعمل اجهزة الشرطة على المستوى الولائي و كذا مفوضيات الشرطة و الامن الاقليمي, حيث تم تشكيل حلية ازمات على مستوى ولايات الامن كان الهدف منها الاستجابة السريعة والتعامل مع مستجدات الازمة على المستوى اللامركزي وتطبيق تعليمات القيادات المركزية, من حلال تجنيد جميع الوسائل المشرية و اللوجستيكية الموضوعة لرهن اشارتهم.

اضافة الى اخد الترتيبات اللازمة للتصدي للجائحة في موازات بين الواجب و احترام الحقوق و الحريات.

فمثلا على مستوى ولاية امن طنجة فمنذ بداية الجائحة، انخرطت ولاية أمن طنجة بكل حزم وبمقاربة مبنية على الحكمة والتبصر والحكامة على تدبير هذه الأزمة، حيث تم ضبط العديد من المخالفين وتسجيل المخالفات بل أكثر من ذلك في بداية الحجر الصحي الذي دام أكثر من شهرين كان هناك تطبيق صارم للتدابير الإحترازية من طرف ولاية أمن طنجة وتم إغلاق المقاهي وتم إعتقال المخالفين لهذه الإجراءات من قبيل مسيري مقاهي الشيشة وبعد رفع الحجر الصحي استمرت ولاية أمن طنجة على نفس المنوال، رغم أن العديد من المواطنات والمواطنين تراخو واعتقدوا أن رفع الحجر الصحي يساوي نهاية كورونا[30].

وقد سبق أن أكد على هذا المعطى جلالة الملك حفظه الله في خطاب ثورة الملك والشعب لهذه السنة، لكن ولاية أمن طنجة كانت صارمة في التدابير كل هذا لتكريس دولة الحق والقانون وأن القانون فوق الجميع، حيث تم ضبط العديد من المخالفين الذين لا يرتدون الكمامات ويتم تشديد المراقبة على المحلات التجارية والمقاهي بحيث في كل يوم هناك الدوريات الأمنية التي تراقب احترام التدابير الوقائية.

بل أكثر من ذلك نجد أن ولاية أمن طنجة في إطار التجسيد الحقيقي للمفهوم الجديد للسلطة الذي نادى به جلالة الملك أعزه الله منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين فقد قامت بحملات تحسيسية للمواطنات والمواطنات بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني كل هذا لتحسيس المواطنات والمواطنين بخطورة هذا الفيروس ولتكريس قولا وفعلا بأن الشرطة في خدمة المواطن، ومع كل هذا قامت بعض المواقع الإلكترونية بشن حملات هجومية للتبخيس من المجهودات الأمنية بطنجة، وهذه المواقع تنتمي بطبيعة الحال لتيارات فكرية معادية للوطن، وهدفها خلق الفتنة والبلبلة.

إن ولاية أمن طنجة منذ بداية الوباء وهي تعتمد في مقاربتها على الحكامة الأمنية القائمة على الشفافية والنزاهة والديمقراطية واحترام تام للحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور الجديد وفي المواثيق الدولية، هدفها من كل هذه الإجراءات هي حماية المواطنات والمواطنين، ورغم التبخيس ومحاولة تضليل الرأي العام من طرف بعض المواقع الإلكترونية فكما قال جلالة الملك نصره الله في خطاب العرش لسنة 2018:”… وإني واثق أنهم لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية، وبائعي الأوهام، باستغلال بعض الاختلالات، للتطاول على أمن المغرب واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته. لأنهم يدركون أن الخاسر الأكبر، من إشاعة الفوضى والفتنة، هو الوطن والمواطن، على حد سواء…”.

المطالب الثاني: التدابير المتحدة من طرف مصالح الشرطة لتدبير ازمة كورونا.

منذ ظهور الفيروس، تجندت اجهزة الشرطة في الصفوف الأمامية، استجابة لنداء الوطن، وقد برز دورها في مراحل مختلفة من التعامل مع الازمة و فرض حالة الحجر الصحي سواء قبل او اثناء او حتى الدور المطلوب منها بعد الازمة, وهذا ما نحاول التطرق له في تلات فقرات.

الفقرة الاولى: مرحلة التخطيط و التحضير[31].

منذ الوهلة الاولى, انخرطت المديرية العامة للأمن الوطني في التصدي لجائحه كورونا وذلك من خلال جمع اكبر عدد من موظفيها خصوصا من كان في حاله اجازة السنوية جميع حيث تم اللجوء الى تفعيل مخطط الجمع والاستنفار, واعلان العمل العادي بكل قطاعات الشرطة, كذلك تم انشاء خليه لتتبع الحالة, والتنسيق بين الوحدات المشاركة وتحرير مذكرة من اجل الابلاغ ونشرها على جميع العاملين, و التنصيص على الاجراءات الاولية المتخذة منها المراقبة والاطلاع والاستخبار, كل هذا في احترام تام للحقوق والحريات.

الفقرة الثانية: مرحلة المواجهة و التصدي.

صادق مجلس الحكومة المغربية، اليوم الأحد، على مشروع قرار يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الأراضي المغربية لمواجهة تفشي فيروس كورونا “كوفيد 19”.

وأوضح بيان لرئاسة الحكومة أن مشروع هذا القرار، الذي يندرج فى إطار التدابير الوقائية العاجلة التي تتخذها السلطات العامة من أجل الحد من تفشي جائحة فيروس كورونا “كوفيد 19″، يهدف إلى الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية ابتداء من يوم 20 مارس في الساعة السادسة مساء إلى يوم 20 أبريل 2020 في الساعة السادسة مساء[32].

وأضاف البيان أن هذا المشروع يؤهل السلطات المعنية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل؛ عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكنهم، ومنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكنه إلا في حالات الضرورة القصوى، ومنع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص، وإغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة.

انخرطت اجهزة الشرطة في عملية السهر على تدبير حالة الطوارئ الصحية من خلال مجموعة من الاجراءات[33]:

  • جمع قوات الشرطة المشاركة بكل تسمياتها.
  • تغطية الشوارع و الممرات.
  • تشكيل دوريات في الاحياء الشعبية التي تعرف حالات خرق حالة الطوارئ.
  • اقامة سدود ادارية داخل المدن.
  • اقامة سدود قضائية في مدخل المدن.
  • تعميم التطبيق الخاص “بكورونا” على جميع الشرطيين من اجل تتبع المخالطين و كذا الاشخاص الخارقين لحالة الطوارئ الصحية.

اتعتمد الشرطة المغربية تطبيقا رقميا لمراقبة التنقلات الاستثنائية وضبط المخالفين أثناء حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المملكة للتصدي لانتشار وباء كورونا. وعبر هذا التطبيق، تستخدم الشرطة رقم بطاقة التعريف الوطنية للتعرف على النقاط التي مر بها المواطن موضوع المراقبة..

أثناء حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المملكة للتصدي لانتشار وباء كورونا، بدأت الشرطة المغربية  في استخدام تطبيق رقمي لمراقبة التنقلات الاستثنائية وضبط المخالفين. واعتمدت المديرية العامة للأمن الوطني هذا التطبيق لتمكين الشرطة في نقاط المراقبة بالمغرب، من التعرف على النقاط التي مر بها المواطن موضوع المراقبة، عبر رقم بطاقة التعريف الوطنية “تفاديا للتنقلات العشوائية التي قد تكون سببا في تفشي الوباء”.[34]

ويقتصر التطبيق، الذي صمم وبرمج من قبل مهندسي المديرية، على ضبط التنقلات الاستئنائية للمواطنين في نقاط المراقبة الأمنية “ولا علاقة له نهائيا بتحركاتهم في الفضاء العام خارجها”، وذلك “تفاديا للتنقلات العشوائية التي قد تكون سببا في تفشي الوباء ونقله من مناطق الى أخرى”، بحسب ما نقلت الوكالة عن مصدر من مديرية الأمن.

وشدد الأخير على أن التطبيق، الذي يحمله رجال الشرطة على الهاتف، لا يمكنهم “من الولوج إلى المعطيات الشخصية للمواطن”، مشيرا إلى الاستعداد لتعميمه على بقية مدن المملكة.

  • التنسيق مع الوحدات الاخرى المشاركة في العملية” رجال السلطة, اعوان السلطة, القوات المساعدة¸ القوات المسلحة….”.
  • المساهمة في عملية التوعية.

دون ان ننسى الدور الزجري المنوط بها, و المتمثل في زجر المخالفين لحالة الطوارئ الصحية, و الحجر الصحي.

مثلا فلقد لجأت السلطات الأمنية بالعاصمة المغربية الرباط، إلى إجراءات مراقبة صارمة وتضيّق مساحة تنقل المواطنين، في ظل مخاوف من انتشار فيروس كورونا داخل بعض الأحياء الشعبية التي تعرف كثافة سكانية، بعدما كشفت معطيات وزارة الصحة أن أغلبية الإصابات التي تم اكتشافها، اليوم، كانت بجهة الرباط – سلا القنيطرة بدرجة أولى.

وعمدت السلطات الأمنية، ابتداء من ساعات الصباح، إلى تشديد المراقبة على مداخل ومخارج عدة أحياء بالعاصمة، من خلال إقامة حواجز ومنع الأشخاص الحاملين لرخص التنقل الاستثنائية من الدخول إلى بعض المناطق، فيما وجد عدد من الموظفين والمستخدمين الذين يقطنون بمدينة سلا، القريبة من الرباط، أنفسهم مضطرين إلى العودة إلى بيوتهم، بعد منعهم من تجاوز قنطرة الحسن الثاني الفاصلة بين المدينتين.

” مظاهر خرق الحجر الصحي في العديد من المدن والأحياء استمرت بشكل لافت”

وتسبب ظهور بؤر وبائية عائلية جديدة في خلط أوراق السلطات بالعاصمة، بعدما كانت المدينة على وشك التغلب على الجائحة[35]، بعدما شهدت جهة الرباط – سلا القنيطرة تسجيل 73 إصابة جديدة، أغلبها اكتشفت في محور الرباط – سلا لمخالطين.

وبالرغم من التحذيرات التي أطلقها مسؤولون مغاربة، في الأيام الماضية، بشأن حالة التراخي التي باتت تظهر في مواجهة فيروس كورونا، إلا أن مظاهر خرق الحجر الصحي في العديد من المدن والأحياء استمرت بشكل لافت، ما جعل فرضية إبقاء حالة الحجر وتمديدها من جديد قائمة بنسبة كبيرة، ولا سيما في ظل المنحنى المتصاعد للإصابات اليومية، في الأسبوع العاشر من انتشار فيروس كورونا في المغرب.

ومع بدء العد العكسي لانتهاء التمديد الأول لحالة الطوارئ الصحية، شهدت أغلب شوارع المدن المغربية تجمعات كبرى للمواطنين في الشوارع، واكتظاظاً في الأسواق التجارية والشعبية، وهو ما يخالف ترتيبات وقواعد الحجر الصحي العام، ويتناقض مع الهدف الأساسي منه، وهو الحد من التجمعات البشرية والاحتكاك لتقليص الظروف الموضوعية لانتشار العدوى بفيروس كورونا.

تزامنا مع هذا التراخي واستهتار المواطنين شددت المديرية العامة للأمن الوطني على ضرورة التعامل بصرامة مع المخالفين لتجنيب البلاد مخاطر لا يحمد عقباها.

اعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، الأربعاء 29 أبريل 2020، أن العمليات الأمنية المنجزة لفرض حالة الطوارئ الصحية لمنع تفشي وباء كورونا المستجد، أسفرت يومه عن توقيف 4289 شخصا.

وأوضح بلاغ للمديرية أن 2179 شخصا منهم تم إيداعهم تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة الأبحاث التمهيدية التي أمرت بها النيابات العامة المختصة، بينما تم إخضاع باقي المضبوطين لإجراءات البحث والتنقيط والتحقق من الهوية.

وذكر البلاغ أن العدد الإجمالي للأشخاص المضبوطين في إطار العمليات الأمنية المنجزة لفرض تطبيق إجراءات حالة الطوارئ، منذ تاريخ الإعلان عنها من طرف السلطات العمومية، بلغ 85778 شخصا في مجموع المدن المغربية، من بينهم 44951 شخصا تم تقديمهم أمام النيابات العامة المختصة بعد إخضاعهم لتدبير الحراسة النظرية.

وأوضح البلاغ أن ولاية أمن الدار البيضاء تأتي في مقدمة ترتيب توزيع الموقوفين بـ11357 أشخاص، تليها ولاية أمن الرباط بـ10727 شخصا، وولاية أمن القنيطرة بـ10083 شخصا، فولاية أمن مراكش بـ7781 شخصا… فيما يأتي الأمن الجهوي بالحسيمة في آخر الترتيب بتوقيفه لـ289 شخصا[36].

وشدد البلاغ على أن مصالح المديرية العامة للأمن الوطني ستواصل تشديد عمليات المراقبة الأمنية في جميع المدن والحواضر المغربية، وتنسيق إجراءاتها وتدخلاتها مع مختلف السلطات العمومية، وذلك من أجل فرض التطبيق السليم والحازم لحالة الطوارئ، بما يضمن تحقيق الأمن الصحي لعموم المواطنات والمواطنين. كما تطرق ممثل خلية الاتصال والصحافة، إلى الحملات التوعوية التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني خلال نفس الفترة، مشيرا إلى تسجيل 13006 خرجة ميدانية للتوعية من وباء كورونا، و5846 عمل للتوعية من أثر ومخاطر المضاربة والاحتكار وسط التجار[37].

كما قامت مصالح الشرطة بـ5552 نشاط إعلامي للتوعي من وباء كورونا، و2016 نشاط توعوي عبر دعائم التواصل الاجتماعي، و2315 عملية تعقيم وتطهير لمختلف الفضاءات العمومية، بالإضافة إلى الإنتاج السمعي البصري والومضات التوعوية. ناهيك على الكم الكبير ن المخالفات المتعلقة بعدم ارتداء الكمامات الطبية.

الفقرة الثالثة: مرحلة العودة الى الوضع العادي.

لا تنتهي مهام الشرطة بالتدخل خلال مرحلة الازمة, بل تستمر الى مرحلة ما بعد الازمة و تتجسد في القيام بمجموعة من الاجراءات[38]:

  • الاستمرار في الترتيبات الامنية.
  • القيام بدوريات راكبة مجهزة بوسائل الاتصال لمراقبة الوضع العام.
  • انجاز تقارير و مدكرات اخبارية.
  • انجاز المساطر القانونية المرتبطة بالأزمة, المتابعات القانونية الناجمة عنها.
  • تقييم عام حول الصعوبات و المشاكل التي اعترضت رجال الشرطة.
  • تقديم اقتراحات لتفادي مثل تلك الصعوبات.

و في نفس الصدد عبر السيد الدخيسي في حوار حصري مع “كود”: البوليس خدام 24 /24 والشبكات الإجرامية لجأت للطرق البحرية لتهريب الحشيش بعد تشديد المراقبة وها قيمة التطبيق المعلوماتي لفرض حالة الطوارئ؟

أجرت “كود” حوارا خاصا مع المدير المركزي للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، ومدير مكتب الإنتربول بالمغرب، قدم فيه عدد من التدابير والإجراءات التي وضعتها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني، خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، بالإضافة إلى كيفية اشتغال رجال الشرطة في هذه الظرفية.

كما قدم والي الأمن الدخيسي استراتيجية عمل مديرية الشرطة القضائية، التي تعمل على الاستمرار في تحديث وتطوير أساليبها، والرفع من قدراتها في مجال زجر الجريمة على الصعيد الوطني والدولي، دون الإخلال بالتزاماتها الرامية إلى احترام حقوق الإنسان وصون الحريات الجماعية والفردية، وكذا مستجدات الحرب على المخدرات بشتى أشكالها وخاصة في السواحل الأطلسية.

وجاء حوار المدير المركزي للشرطة القضائية في المغرب على الشكال التالي:[39]

1- حالة الطوارئ ضاعفت عمل عناصر الشرطة القضائية بشكل كبير، هل من إجراءات تحفيزية لها؟

أولا هذا واجب وطني، فالوضعية الراهنة تقتضي من موظفات وموظفي الأمن الوطني، مزيدا من التضحية والتفاني ونكران الذات، كما هو معهود فيهم دائما، الذين يشتغلون 24 ساعة /24 و7 أيام /7 بتفان وإخلاص، من أجل ضمان أمن وسلامة المواطنين والمواطنات، والمساهمة الفعالة في منع تفشي وباء كورونا المستجد “كوفيد  19″، والتحفيز ضروري سواء أكان معنويا أو ماديا، فهو مستمر طيلة السنة وليس مطبوعا بالظرفية.

2- ما هي الخطة المقبلة للمديرية العامة للأمن الوطني للتعامل مع المرحلة المتبقية من حالة الطوارئ وبعد رفعها ؟

ستبقى التدابير الاحترازية والوقائية التي اتخذتها المديرية العامة للأمن الوطني عقب تفشي جائحة كورونا، مستمرة خلال المرحلة المتبقية من حالة الطوارئ الصحية، خاصة تلك المرتبطة بتعزيز الحضور الأمني بالشارع العام، لفرض احترام القانون والإجراءات التي تفرضها الضرورة الملحة لمنع تفشي وباء كورونا المستجد “كوفيد 19”.

أما فيما يخص التعامل مع مرحلة ما بعد رفع حالة الطوارئ، فان هذه المديرية العامة مستعدة لمواكبة جميع السيناريوهات المحتملة وفق منظور مبني على إدارة الأزمة التي تقتضي تحيين بروتوكولاتها وإجراءاتها الأمنية بشكل يسمح تطبيق القرارات الصادرة عن السلطات العمومية الموكولة إليها تدبير جائحة كورونا.

خاتمة

إن مواجهة الأزمات والحالات الطارئة سواء بالاستعداد لها أو توقعها أو التعامل معها إذا ما حـدثت يضع على كاهل الشرطة العبء الأكبر فى هذا المجـال لضمان توفير الحماية الشاملة للأفراد والمنشئات و تدبير الازمة، لذلك كان لزاما عليها وضع خطة شاملة توضح مراحل إدارة الأزمات والكوارث – أليات إدارة الأزمات وقت حدوثها وكذلك وضع خطة شاملة لمواجهة الكوارث والحالات الطارئة التى تنشا عنها ضل تدبير المخاطر في المغرب قطاعي إلى حدود اليوم وموجه أكثر نحو إدارة الأزمات، وإصلاح وإعادة البناء بعد الأزمة بدل الترقب والوقاية للحد من آثار الكوارث.

إدراكا منه بأهمية تعزيز القدرة على التكيف، قام المغرب منذ عام 2008، بوضع رؤية للتدبير المندمج للمخاطر، والتي ستجعل المغرب ليس فقط أكثر استعدادا للتعامل مع الكوارث في المستقبل، وأكثر استجابة ومرونة في حال وقوعها، ولكن ستساعد الحكومة على اتخاذ قرارات أكثر تبصرا حول توزيع الموارد وتحديد الأولويات.

في هذا السياق، أجرت وزارة الشؤون العامة والحكامة، بدعم تقني ومالي من البنك الدولي، دراسة لإعداد استراتيجية وطنية للتدبير المندمج للمخاطر. الهدف منها:

تدبير مندمج للمخاطر بناءا على العمل البين الوزاري المنسق على أعلى مستويات الحكومة، وتنزيله محليا بشراكة مع الفاعلين المحليين.

تقديم استراتيجية للتدخل في مخاطر إلى الحكومة، مبنية على الوقاية والتخفيف من حدة المخاطر، بهدف تعزيز التكيف الاجتماعي والاقتصادي للبلد.

تنبني عملية إعداد الاستراتيجية وطنية للتدبير المندمج للمخاطر على المنهجية التشاركية من أجل تنسيق وإشراك مختلف الوزارات والمؤسسات الوطنية حتي يتمكنوا من الإسهام في أشغال تقييم المخاطر وتبني الأدوات المناسبة التي وضعت لتحليل وقياس مدى تعرض المغرب للمخاطر.

إن مقاربة التدبير الفعال للمخارط ترتكز حول : تحديد المخاطر لفهم تردداتها، وحجمها وآثارها؛ ترتيب المخاطر حسب الأولويات لاختيار أهم المخاطر الممكن الحد منها إلى مستوى مقبول؛ وتقييم المخاطر بطريقة مندمجة لتحديد حجمها واقتراح تدابير للتخفيف منها.

 

لائحة الإحالات والمراجع:

[1] : دليل الشرطة في تدبير الازمات, الادارة العامة للأمن الوطني.2008.ص1.

[2] : سعيد بن علي الشهراني ” ادارة عمليات الازمات” جامعة نايف العربية للعلوم الامنية, الرياض, الطبعة الاولى,2005,ص5.

[3] : نفس المرجع.

[4] : سعد بن علي الشهراني مرجع سابق.

[5] : احمد لطفي ابراهيم ونس, ادارة الازمات و الاخلاء في حالة الطوارئ, جامعة ضمياط 2015, ص 25.

[6] : نفس المرجع

[7] : نفس المرجع ص,26.

[8] : هشام خلفادير ” الحكامة الامنية بالمغرب تدبير الازمات الامنية نمودجا” بحث ماستر,2012-2013,ص 120.

[9] : نفس المرجع.

[10] : نفس المرجع.

[11] : دليل الشرطي في تدبير الازمات, مرجع سابق,ص3.

[12] : هشام خلفادير, مرجع سابق,ص 122.

[13] : دليل الشرطي في تدبير الازمات.

[14] : سعد بن علي الشهراني,”ادارة عمليات الازمات الامنية,ص40.

[15] : قانون رقم 03.03, المتعلق بمكافحة الارهاب.

[16] : دليل الشرطي في تدبير الازمات, ص5.

[17] : دليل الشرطي مرجع سابق.

[18] : نفس المرجع.

[19] : نفس المرجع. ص 8

[20]: نفس المرجع.

[21] : نفس المرجع.

[22] : دليل الشرطي مرجع سابق.

[23] : نفس المرجع,ص 9.

[24] : هشام خلفادير مرجع سابق. ص21.

[25] : المرسوم رقم2.97.176, صادر في 14 شعبان1418, موافق 15شتنبر1997 في شان اختصاص و تنظيم وزارة الداخلية, الجريدة الرسمية عدد 4558 بتاريخ05.02.1998 الصفحة 500.

[26] : الجريدة الالكترونبة هسبريس 20.04.2020

[27] : جريدة الصحافة الالكترونية, شهر يوليوز 2020.

[28] : مجلة الشرطة المغربية. العدد. 36.2020

[29] :

[30] : طنجة 24.9 شتنبر 2020 بقلم البشير حداد.

[31] : دليل الشرطي مرجع سابق.

[32] : جريدة العين الاخبارية ابريل.2020.

[33] : دليل الشرطي مرجع سابق.

[34] : الموقع الالكتروني للمديرية العامة للأمن الوطني.

[35] : الموقع الالكتروني للمديرية العامة للامن الوطني.

[36]: نفس المرجع.

[37]: نفس المرجع.

[38] : دليل الشرطي في ادارة الازمات مرجع سابق.

[39] : الجريدة الالكترونية كود ماي 2020.

قد يعجبك ايضا