مبادئ الممارسات السياسية الديمقراطية في ضمان الحقوق والحريات الأساسية أمام المواطنين والمواطنات
المعلومة القانونية
*محمد البغدادي
باحث في مركز الدكتوراه
في تخصص القانون الخاص
كلية الحقوق بطنجة
معلوم أن الدولة الدستورية أو القانونية في المغرب أدت إلى فتح
الممارسات السياسة الديمقراطية أمام المواطنين والمواطنات، وذلك
تماشيا مع فلسفة ومضامين الوثيقة الدستورية لسنة 2011 التي تؤكد
على توطيدها وتأكيدها في أكثر من مناسبة في مختلف المجالات
والأوراش الإصلاحية الكبرى، حيث تم اعتمادها في بداية عهد العاهل
المغربي الملك محمد السادسمنذ توليه العرش سنة 1999.
كما أن دستور 2011 يعتبر جوهر تفعيل المبادئ المتعلقة بالممارسات
السياسية الديمقراطية في ممارسة الحقوق والحريات الأساسية أمام
المواطنين والمواطنات باعتبارها أساس تعاقد وطني وشرعية كافة
المؤسسات الدستورية والمؤسسات غير الدستورية.
وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 1 من دستور 2011 ، نجد أن
المشرع المغربي ينص على المفهوم الجديد للسلطة الذي يعد العمود
الفقري لمصالحة الدولة أو رجل السلطة أو الإدارة مع المواطنين
والمواطنات، أضف إلى ذلك أن الممارسات السياسية الديمقراطية لها
مبادئ سياسة تمتثل في مبدأ سيادة العمل الديمقراطي في الممارسة
السياسية، حيث ينبغي توفير شروط حكومة ديمقراطية والممارسة
الديمقراطية السليمة والمتجسدة في ضرورة وجود إمكانية التغيير في
الفئة الحاكمة من خلال توفير وجود مجموعة من القيم التي تسمح
بالتنافس السلمي من أجل السلطة والتي ينبغي أن تحدد الغايات من
التغيير والذي يفترض أن يكون في إطار الصالح العام، وأن يكون لدى
المعارضة المقدرة على ممارسة حرياتها وإرادتها دون معوقات أو
مؤثرات خارجية.
ومن جانب آخر، هناك مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية الذي يعد من
المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية، وهو الأصل في وجود
أنواع الحقوق والحريات، نظرا للعلاقة السبية بين الديمقراطية
والحريات، هذا فضلا عن مبدأ الرأي العام من خلال الموقف التي تتخذه
الأغلبية للتعبير عن نفسها في شكل تأييد أو معرضة لحالة محددة أو
شخص معين أو اقتراح ذي أهمية واسع النطاق، حيث يشترط أن يكون
هذا التعبير متمتعا بقدر كبير من التعددية والصلابة يسمح باحتمال
إجراء فعال ومباشر أو غير مباشر إزاء الهدف المقصود.
وفيما يتعلق بالمبادئ القانونية المتعلقة بالممارسات السياسية الديمقراطية، فإنها تتمثل في مبدأ الفصل بين السلطات حسب مونتسكيو الذي يرى أنه شرطا جوهريا لحماية الحقوق والحريات عن طريق توزيع السلطة وتفتيتها بشكل يحول دون تمركزها في يد سلطة واحدة، هذا فضلا عن مبدأ خضوع أعمال الإدارة للقانون بحيث أن الدولة الديمقراطية يجب أن تخضع تصرفاتها وقراراتها التي تتخذها مطابقة للقانون، حيث تستند مؤسساتها على أولوية القانون الذي يسود الحاكم والمحكوم على حد سواء، وفي ذلك ضمانة حقيقية لحماية الحقوق والحريات العامة من الانحراف في استعمال السلطة.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مبدأ استقلال السلطة القضائية الذي يعد ضمانة حقيقية لتحقيق العدالة في المجتمع وتكريسا فعليا لدولة القانون التي تؤمن لمواطنيها ممارسة حقوقهم وحرياتهم على قدم المساواة، فالقضاء يلعب دورا أساسيا في تنظيم علاقات الأفراد بين بعضهم البعض عن طريق الفصل في المنازعات التي تنشأ بينهم، ويكفل حقوقهم في الخلافات التي تقوم بينهم وبين الدولة.
وبخصوص مبدأ أساليب عمل الإدارة في حماية حقوق الأفراد، فإنها تتجسد في اللوائح التي تضعها الإدارة العمومية قصد تحقيق الضبط الإداري وهي ذات ضرورة اجتماعية تهدف إلى ضبط ممارسة الأفراد لحرياتهم المكفولة دستوريا قصد تحقيق النظام العام، فهي تضع الأسس التي تعين بموجبها الأطر السليمة التي تسمح للأفراد بالتمتع بحقوقهم، حيث على الإدارة العمومية الخضوع إلى قواعد القانون التي تحدد للأفراد أساليب ممارسة حقوقهم.