المرصد الوطني للإجرام: السياقات والأسباب

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي-

باحث في مركز الدكتوراه،

في تخصص القانون الخاص،

كلية الحقوق بطنجة.

في إطار تطور الجريمة وتعقدها في المغرب و من حيث النوع و الشكل و تأثيث مشهد العدالة الجنائية وتماشيا مع توجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس في الخطاب الملكي التاريخي بمناسبة ثورة الملك والشعب المؤرخ في 20 غشت 2009  الذي يؤكد على نهج سياسة جنائية جديدة، تقوم على مراجعة وملاءمة القانون والمسطرة الجنائية، ومواكبتهما للتطورات، وتنزيلا لتوصية 92 من الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، واستجابة لأصوات العديد من المهتمين بشأن منظومة العدالة ببلادنا، بادرت وزارة العدل إلى الشروع في الإجراءات والتدابير اللازمة لإحداث مرصد وطني للإجرام والذي يدمج كقسم داخل مديرية الشؤون الجنائية والعفو، وذلك في تناسق مع مواصلة تأهيل المؤسسات الإصلاحية والسجنية، وذلك باعتباره  آلية وطنية رئيسية ومهمة ليس فقط في المساهمة للتصدي للجريمة، لكن أيضا في رسم معالم السياسة العامة الجنائية بالمغرب ، بما يهدف إلى توفير المعلومات المتعلقة بالجريمة وجمع وإصدار المعلومات اللازمة لتنفيذ التزامات الدولة بشأن رفع التقارير الدولية ودعم شباكات معلومات الجريمة وإعمال الإحصائيات والتحليلات من خلال رسم الخرائط ومنظومة المعلومات لتعزيز كفاءات الأداء لأمني  وكذا بيانات  فورية دقيقة  وإجراءات الدراسات  حول مختلف القضايا الأمنية والإجرامية وعوامل الخطر الاجتماعي ليتم تقييمها ومراقبتها بشكل منهجي  كسياسية وقائية  فعالة للحد من خطورة الجريمة  والبحث عن الحلول الكفيلة لمعالجتها واستئصال جذورها  ، هذا فضلا عن شخيص الجرائم ورصدها وتتبع تطورها وإعداد الدراسات اللازمة لحلولها ونشرها، جيث أفاد وزير العدل محمد بنعبد القادر يوم الثلاثاء 24 نونبر 2020 بالرباط في معرض رده على سؤال حول “إحداث المرصد الوطني للإجرام” تقدم به فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، بأن المرصد الوطني للإجرام جاهز بأطره وآليات اشتغاله، وأن الإعلان عنه رسميا “سيتم بعد المصادقة النهائية على مرسوم إحداثه”، مضيفا أنه تم الانتهاء من تفاصيل المرسوم في انتظار عرضه على الحكومة لإعطاء انطلاقته”.

كما تجدر الإشارة إلى أن وزير العدل في عهد السيد محمد أوجار بتاريخ يوم الاثنين 4 يونيو 2018 أفاد أيضا في معرض رده على سؤال حول “إحداث المرصد الوطني للإجرام” تقدم به فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب أفاد أنه نظم ندوة دولية مع المركز الوطني لمحاكم الولايات لولايات المتحدة الأمريكية والمكتب الدولي للمخدرات وإنفاذ القانون بتاريخ  24 و25 يناير 2018.

وفي هذا  الإطار، فإن المرصد الوطني للإجرام  سيرتكز على رصد ظاهرة الجريمة من خلال جمع المعطيات الإحصائية بتعاون وتنسيق مع باقي الجهات القضائية والأمنية والإدارية ووضع مؤشرات تتبع تطورها وإعداد قاعدة بيانات خاصة بالمعطيات الإحصائية، والقيام بأبحاث ودراسات علمية حول الجريمة والعقوبة، ودراسة حالة العود واقتراح الحلول الكفيلة لمعالجتها، والمساهمة في التخطيط الجنائي عن طريق اقتراح الحلول الكفيلة للوقاية من الجريمة ومكافحتها، وكذا تقديم مقترحات بشأن المنظومة القانونية الجنائية.

كما أن إحداث المرصد الوطني للإجرام سيساعد بلا شك المغرب على وضع معهد للأبحاث لتحليل المعطيات حول الإجرام واستعراض التوجهات واتخاذ القرارات السياسية ضد أي شكل من أشكال الجريمة، وذلك بما يتماشى ويتكامل مع رسم معالم السياسة الجنائية من خلال الاعتماد على الأرقام والإحصائيات، وجمع المعلومات والبيانات ومعالجتها وتصنيفها وتبويبها وعرضها بشكل يسهل بناء صورة شاملة عن العدالة الجنائية بالمغرب، وتوفير بيانات فورية دقيقة عن جغرافية الجريمة ومرتكبيها والضحايا، ومعالجة المخاوف من الجريمة بشكل علمي تقني متقدم، خاصة وأن المغرب أصبح رائدا دوليا وعالميا مع الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة منذ أحداث تفجيرات الدار البيضاء في 16 ماي 2003.

قد يعجبك ايضا