التوفيق بين الضرورة الأمنية وحماية الحياة الخاصة

المعلومة القانونية

*فؤاد طنجي-

حاصل على الماستر في القانون الخاص،

تخصص الوسائل البديلة لفض المنازعات.

يعد الحق في حرمة الحياة الخاصة عصب الحرية الشخصية، وركيزة أساسية لحقوق الإنسان والحريات العامة. وتبعا لذلك يقتضي هذا الحق الاحترام من قبل السلطة والأفراد، كما يقتضي في الوقت ذاته أن تكفل له السلطات الحماية الدستورية والقانونية ضد الانتهاك غير المشروع. إلا أن الحق في حرمة الحياة الخاصة ليس حقا مُطلقا بل تُقيده اعتبارات المصلحة العامة، متى كانت مصلحة المجتمع أولى بالرعاية من حق الفرد في الخصوصية.

ويتجلى الحق في الحياة الخاصة في علاقته بالمنظمة الأمنية في  الحق في حرمة المسكن وخصوصية المكالمات والمحادثات الهاتفية، وهما  من أكثر الحقوق التي تواجه تحديات جمة في الآونة الأخيرة، فقد أدى التطور التقني الهائل في أجهزة التنصت على وسائل الاتصالات واستخدام الأقمار الصناعية إلى ازدياد احتمالات تهديد الحق في الخصوصية وسرية المكالمات الهاتفية، فقد زاد سوء استخدام البعض لأجهزة التنصت التي تسمح باستراق السمع ورصد المكالمات وتسجيلها بدون موافقة أصحابها، مما دفع المشرع الجنائي إلى كفالة الحماية الجنائية المرجوة للحق في الخصوصية، والعمل على تحقيق الموازنة بين حماية الأمن القومي ومكافحة الجريمة وبين حماية خصوصية الأفراد.

فإلى أي حد يمكن التوفيق بين الضرورة الأمنية (التنصت على المكالمات وتفتيش المنازل) وحماية المعطيات الشخصية للأفراد؟

لمقاربة هذا الموضوع سنعالجه وفق التصميم التالي:

المطلب الأول: إجراءات التصنت على المكالمات الهاتفية والتفتيش وانعكاساتها على      الحياة الخاصة

المطلب الثاني: ضمانات عدم المساس بالحياة الخاصة للشخص في إجراءات التفتيش

 

المطلب الأول: إجراءات التصنت على المكالمات الهاتفية والتفتيش وانعكاساتها على      الحياة الخاصة

يعتبر التشريع المغربي من بين التشريعات العالمية التي كرست حماية فعالة للحق في الحياة الخاصة، وذلك مسايرة منه لمختلف المواثيق والعهود الدولية التي ركزت على سرية المراسلات الشخصية، ضمانا لحرية الأفراد وحمايتهم من التجسس على اتصالاتهم الشخصية.

فإذا كان الأصل يقضي بضرورة حماية سرية الاتصالات فإن الاستثناء يقضي بضرورة خرق هذه السرية لأسباب الأمن والطمأنينة المجتمعية وخصوصا مع التطور المهول لتكنولوجيا الاتصالات التي أصبحت تهدد أمن وسلامة الأشخاص والدول.

وعليه سنتناول هذا المطلب من خلال فقرتين نتناول في (الفقرة الأولى) مراقبة المكالمات الهاتفية الاتصالات عن بعد بين الخطورة والضرورة، على أن نتطرق إلى ضمانات المتهم في مواجهة إجراءات التصنت على المكالمات الهاتفية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مراقبة المكالمات الهاتفية والاتصالات عن بعد بين الخطورة والضرورة

جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 24 من الدستور المغربي لسنة 2011 ” لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون“.

فلما كانت مسطرة التقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات هي استثناء لنص دستوري يتجلى في عدم إمكانية خرق سرية الاتصالات والحياة الخاصة، فإن المشرع المغربي وعلى غرار مجموعة من التشريعات المقارنة، عمل على إحاطة هذا الإجراء، حيث حدد الجهات الموكول لها التقاط المكالمات الهاتفية في كل من قاضي التحقيق (أولا) والوكيل العام للملك (ثانيا).

أولا: اختصاص قاضي التحقيق

منعت المادة 108[1] من ق م ج التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخة منها أو حجزها، غير أنه ونظرا لتطور الجريمة المنظمة، أدخل المشرع استثناء على هذا المبدأ وأجاز لقاضي التحقيق أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات المذكورة[2]، حيث عمل المشرع في الفقرة الثانية من المادة 108 من ق م ج على التأكيد على أنه يجوز لقاضي التحقيق إذا اقتضت الضرورة ذلك أن يأمر بصفة كتابية بالتقاط المكالمات مهما كانت نوع الجريمة ومن دون واسطة في ذلك.[3]

ولقد جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض): ” لئن كان التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها طبقا للمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية يشمل إجراءا استثنائيا، فإن القانون منح لقاضي التحقيق إمكانية عامة في إطار سلطته التقديرية للجوء إليها كلما اقتضت ضرورة البحث ذلك دون التقييد بنوع الجريمة وخطورتها، لكون التقييد المنصوص عليه في الفصل المذكور يتعلق بالوكيل العام للملك ولا يمتد إلى قاضي التحقيق”.[4]

فالمشرع المغربي وتبعا لذلك خول لقاضي التحقيق كلما كانت القضية معروضة عليه صلاحية إصدار أمره بالالتقاط المكالمات سواء تعلق الأمر بقاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية، ذلك أن الحق في التقاط المكالمات والاتصالات ليست وسيلة لتحقيق في الجريمة بل وسيلة لإثباتها.[5]

إلا أن ما يعاب على التشريع المغربي أنه لم يحدد على سبيل الحصر الحالات التي يسمح فيها لقاضي التحقيق بالشروع في هذا الإجراء واقتصر على شرط ضرورة البحث، وهو مصطلح فضفاض وواسع، الشيء الذي يطرح أكثر من تساؤل حول حدود سلطة قاضي التحقيق في البحث والتحري عن الجرائم، وأثر ذلك على حقوق الإنسان.

وإذا علمنا أن التحقيق يكون إجباريا في بعض القضايا، فإن الإشكال يطرح بقوة في الحالات والقضايا التي يكون فيها التحقيق اختياريا، وفق المادة 83 من ق م ج[6]والتي ساهمت في تعميق إشكال حدود سلطة قاضي التحقيق في إجراء تحقيق في القضية.[7]

تبقى الإشارة إليه، أنه في حالة تقديم الملتمس من طرف النيابة العامة فإن قاضي التحقيق يبقى له صلاحية رفض الملتمس أو الاستجابة إليه، وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار الوكيل العام للملك هو من اتخذ القرار.[8]

   ثانيا: اختصاص الوكيل العام للملك

إذا كان المشرع قد خول لقاضي التحقيق صلاحية إصدار الأمر مباشرة بالتقاط المكالمات والاتصالات، فإنه خول كذلك هذه الصلاحية للوكيل العام للملك، لكنه قيد هذه الأخيرة بضرورة وجود ترخيص مسبق من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف كأصل(أ) وخول له استثناء إمكانية التقاط قبل إذن الرئيس الأول (ب).

أ‌.       التقاط المكالمات بترخيص من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف

من الصلاحيات التي منحها ق م ج للوكيل العام للملك إمكانية تقديم ملتمس للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف من أجل إصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخة منها أو حجزها[9] إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك متى كانت الجريمة موضوع البحث من بين الجرائم التي حددها المشرع في المادة 108 من ق م ج.

وتجدر الإشارة أنه مادام الحق في التقاط المكالمات والاتصالات مخول للوكيل العام للملك فإن هذا الإجراء يعتبر وسيلة بحث (استدلال) ووسيلة تحقيق في نفس الوقت.[10]

هذا وقد ذهب القضاء المغربي إلى تنزيل ما ورد في المادة  108 من ق م ج حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بتازة ما يلي: … إن الفقرة الثالثة أعطت الحق للسيد الوكيل العام الأمر بما ذكر بصفة استثنائية في نطاق بعض الجرائم التي أوردتها تلك الفقرة على سبيل الحصر وذلك بعد أن يقدم ملتمسا بذلك إلى سلطة القضاء في شخص السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف، هذا الأخير الذي يصدر أمرا بالتقاط المكالمات الهاتفية، كما أعطت الحق للسيد الوكيل العام في حالة الاستعجال القصوى وفي الجرائم التي أوردتها الفقرة الرابعة على سبيل الخصر، شريطة إخبار السيد الرئيس الأول بالأمر الصادر عنه، وعلى هذا الأخير أن يصدر في أجل أربعة وعشرون ساعة  مقررا بتأييد أو إلغاء قرار الوكيل العام.

حيث أنه مادام أمر التقاط المكالمات الهاتفية كان بناء على أمر السيد قاضي التحقيق، فلا مجال للقول بعدم شرعية هذا الإجراء، ويتعين رد الدفع.[11]

وما تجب الإشارة إليه أن المشرع في مشروع قانون المسطرة الجنائية وسع من دائرة الجرائم التي يمكن فيها للوكيل العام اللجوء إلى رئيس الأول لمحكمة الاستئناف،[12] بخلاف ما كان عليه الحال في ق م ج الحالي. وهذا التوسع يهدف إلى مواجهة التطور الذي تعرف الجريمة وظهور بعض الجرائم المستحدثة.

هذا وتظل المواد المؤطرة لالتقاط المكالمات (من المادة 108 إلى 116) ليس فيها ما يشير إلى الإمكانية متاحة لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، وعليه لا يجوز إسقاط الحالات المتعلقة بالوكيل العام للملك على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، من جهة ومن جهة أخرى يعتبر نظام التقاط المكالمات الهاتفية بمثابة إجراء استثنائي والاستثناء لا يشكل قاعدة ولا ينبغي التوسع في تفسيره.[13]

ب‌. التقاط المكالمات دون إذن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف

تنص الفقرة الرابعة من المادة 108″ غير أنه يجوز للوكيل العام للملك في حالة الاستعجال القصوى بصفة استثنائية، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها….”.

يتضح من خلال هذه الفقرة أن المشرع خول للوكيل العام للملك إمكانية إصدار الأمر بالتقاط المكالمات في حالة الاستعجال دونما اللجوء إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وذلك خوفا من اندثار الأدلة.

وتضيف الفقرة الخامسة على أنه يتعين على الوكيل العام للملك أن يشعر فورا الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالأمر الصادر عنه، ويتعين على هذا الأخير أن خلال أربع وعشرون ساعة الموالية أن يصدر أمرا إما بتأييد أو تعديل أو إلغاء قرار الوكيل العام. وضمانا لحقوق الأفراد وحرياتهم وحقوقهم الدستورية فإن المشرع اعتبر أنه إذا ألغى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الأمر الصادر عن الوكيل العام للملك، فإن هذا الإجراء يتوقف فورا ويعتبر كأن لم يكن، ولا يقبل المقرر الصادر عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أي طعن.[14]

هذا ولم تحمل مسودة قانون المسطرة الجنائية أي مستجد في هذا الصدد سوى أنها أضفت الجرائم التي يمكن فيها للوكيل العام للملك القيام بإصدار الأمر بالتقاط المكالمات.

من خلال ما سبق يتضح أن المشرع المغربي خول صلاحية التقاط المكالمات لكل من قاضي التحقيق لدى المحكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية و كذا الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف دون الوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، وهذا لا يساير القانون الفرنسي الذي خول صلاحية التقاط المكالمات والاتصالات لقاضي التحقيق دون النيابة العامة، إذ نص الفصل 100[15] من قانون رقم 91/646 الصادر في 10 يوليوز 1991 على إمكانية اعتراض المكالمات والاتصالات المنجزة عن بعد وتسجيلها وأخذها من طرف قاضي التحقيق في الجنايات والجنح التي لا تقل عقوبتها عن سنتين حبسا والمحدثة خطرا على الأمن  العام.

 

 

الفقرة الثانية: ضمانات المتهم في مواجهة إجراءات التنصت على المكالمات الهاتفية

نظرا لخطورة إجراءات التنصت على الحياة الخاصة، فقد وضع المشرع المغربي جملة من القيود التي ترد على إجراءات التصنت واعتراض المراسلات والتي تهدف لضمان حماية الحق في سرية الاتصالات والمراسلات وذلك من خلال ما يتميز به قرار التنصت (أولا)، وكذلك عدم جواز التصنت باستخدام أساليب الغش والخداع (ثانيا) ومراعاة حقوق الدفاع (ثالثا). كما رتب على الإخلال بإجراءات التصنت جزاءات (رابعا).

أولا: مميزات قرار التنصت

لما كان المشرع المغربي أوكل لكل من قاضي التحقيق والوكيل العام للملك حسب الأحوال إمكانية إصدار الأمر بالتقاط المكالمات والاتصالات، فإن ذلك مرتبط بضرورة احترام مجموعة من الشكليات في هذا الأمر، كذلك تضمينه مجموعة من البيانات.

فلصحة إجراءات التقاط المكالمات والاتصالات يجب أن يكون الأمر الصادر بالالتقاط المكالمات محددا في شكله وفي أجله.[16]

  • فبخصوص شكله: يجب أن يتضمن الأمر بالتقاط المكالمات بيانات محددة ومنه بيان العناصر التي تعرف بالمكالمة الهاتفية أو المراسلة المراد التقاطها أو تسجيلها أو أخذ نسخ منها وحجزها والجريمة التي تبرر ذلك.[17]

حيث أوضحت المادة 108 من ق م ج الاختصاص النوعي للقيام بإجراءات التصنت ومنها الجرائم التي تمس بأمن الدولة، أي تلك التي نصت عليها مقتضيات المواد من 163 إلى 218 من القانون الجنائي[18]، وغيرها من الجرائم التي حددها المشرع في المادة 108.

  • بخصوص المدة: لقد حدد المشرع المغربي المدة المقررة للالتقاط في أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، مع مراعاة شرط الضرورة وعدم الاستعجال المشار إليه في المادة 108 من ق م ج.[19]

وتجدر الإشارة إلى أن الأمر بالتجديد المشار إليه أعلاه يعود لقاضي التحقيق دون سواه، بحكم أن المشرع أعطى للوكيل العام للملك إمكانية التقاط المكالمات والاتصالات، فإنه قيد هذا الأخير بتقديم ملتمس كتابي إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في الأحوال العادية ويعفى من هذا الملتمس في حالات الاستعجال، وهذا يعني أن صلاحية الأمر بالتقاط المكالمات تبقى من حق قاضي التحقيق دون إتباع إجراءات في هذا السياق وهو الذي يملك لوحده صلاحيات التجديد، أما صلاحية الوكيل العام في هذا المجال ماهي إلا استثناء.[20]

وعموما فإن شكلية تحديد المدة في الأمر بالتقاط المكالمات تضمن بمنطوق الأمر وذلك عن طريق تحديد المدة الزمنية كتابة وتحديد تاريخ انطلاقها وذلك عن طريق أمر صادر عن السيد قاضي التحقيق أو السيد الوكيل العام للملك.[21]

 

ثانيا: عدم جواز التنصت باستخدام أساليب الغش والخداع

إن أهم الضمانات التي يقرها كل من الفقه والقضاء في فرنسا لمشروعية التنصت على المكالمات الهاتفية، هو خلو هذا الإجراء من أساليب الغش والاحتيال والخداع، وذلك مراعاة لمبدأ النزاهة في البحث عن الأدلة والذي يجب أن يسود جميع الإجراءات.[22]

وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية، أن إجراء التنصت على المكالمات الهاتفية يجب أن يتم بدون استخدام الحيلة والخدعة « sans artifice ni stratagème » وذلك تحت طائلة بطلان هذا الإجراء.[23]

كما أكد القضاء السويسري هذا الاتجاه في قضية تتعلق بإثبات إدانة متهمين عن طريق حديث مسجل حصل عليه قاضي التحقيق عن طريق جهاز تسجيل وضعه خفية في مكتبه، ثم غادره ليتمكن الجهاز من تسجيل ما يدور بين المتهمين من أحاديث، حيث أكادت المحكمة العليا بمقاطعة برن« la cour suprême du berne »  في حكمها الصادر في 21 فبراير 1949[24]  أن القاضي خالف المادة 106 من قانون الإجراءات السويسري التي تحظر اللجوء إلى وسائل الإكراه والغش والخداع بهدف التأثير على أقوال المتهمين والحصول على اعترافاتهم، وأن المتهم يمكن أن يكيف نفسه مع هذه الوسائل ويعمل على خداع القاضي.

ويرى بعض الفقه المغربي أن القضاء يتعين عليه أن يلتزم بالموضوعية والشفافية والاستقامة أثناء التحريات والبحث عن الأدلة رغم ما ينطوي عليه الإجرام من طبيعة تتنافى مع الأخلاق والشرف[25]، وتبعا لذلك يمنع عليه -أي القضاء-أن يلجأ إلى أساليب المخادعة والتظليل أو التحريض على إقامة الدليل على الجاني.[26]

ولم يتطرق المشرع المغربي لمسألة الدليل المحصل بالخداع والحيلة ولم يعرض أي نص صريح، وإزاء سكوت المشرع عن هذا، نرى أنه حري بالقضاء المغربي أن يحذو حذو القضاء الفرنسي، ويمنع أي استخدام للغش والحيل عند تطبيق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01 وحتى المستجدات التي جاءت بها مسودة قانون المسطرة الجنائية المتعلق بالتقاط المكالمات وما في حكمها من وسائل الاتصال عن بعد.

ثالثا: مراعاة حقوق الدفاع

إن حق المتهم في الدفاع عن نفسه بكل الوسائل، يعتبر من أهم الحقوق التي ترتكز عليها الإجراءات الجنائية والتي يجب احترامها، فأي إجراء من شأنه النيل من حقوق الدفاع وانتهاكها يعتبر باطلا ولا يعتد بالدليل الناتج عنه.[27]

وقد أكدت محكمة النقض ضرورة مراعاة حقوق الدفاع عند إجراء التنصت على المكالمات الهاتفية، وإلا وقع الإجراء تحت طائلة البطلان.[28]

ولما كان المشرع المغربي قد اعتبر التقاط المكالمات بمثابة تدبير استثنائي، حيث عمل على إحاطته بمجموعة من الضمانات، فإن خرق إجراءاته يفرغه من محتواه ويضعه تحت طائلة البطلان ويفرغه من قوته الثبوتية، باعتبار أن المشرع خول لقضاة الزجر كامل صلاحية تكوين قناعتهم من كافة وسائل الإثبات ما لم يرد ما يقيد حرية الإثبات في نصوص خاصة.[29]

وحيث أن مضمون التقاط المكالمات قد يشكل وسيلة إثبات حاسمة في الخصومة الجنائية، فإنه يجب الحرص على سلامة إجراءاتها، تحت طائلة بطلانها، وإيقاعها تحت طائلة الإجراءات المعيبة وبالتالي استبعادها كوسيلة إثبات.

هذا وبالرغم من عدم تنصيص المشرع صراحة على بطلان إجراءات التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد، إلا أن أهم الضمانات التي يمكن استحضارها هنا هو تقرير البطلان القضائي بمقتضى المادة 212[30] من ق م ج والذي يفسح مجالا واسعا أمام الغرفة الجنحية عند إحالة القضية عليها لبسط رقابتها على مدى احترام قاضي التحقيق للشروط المتطلبة قانونا لإصدار الأمر بالتقاط المكالمات والاتصالات، لكون خرقها يشكل مساسا بحق من حقوق الدفاع.[31]

كما تعتبر مقتضيات المادة 751[32] من ق م ج من الضمانات التي تحيط بإجراءات التقاط المكالمات والتي يمكن اعتمادها لإثارة بطلان إجراءاتها أمام قضاء الموضوع وبالتالي استبعاد مضمون المكالمات الملتقطة، وذلك باعتبارها كأن لم تكن وسحبها من الملف.[33]

فالبطلان كجزاء إجرائي، يجب أن يلحق الإجراءات التي تتم خلال مرحلة البحث التمهيدي أو التحقيق الإعدادي بما في ذلك التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة عن بعد ليعيبها لأنها لم تتم حسب النموذج القانوني للإجراء، أو لأنها خالفت قاعدة جوهرية، مما يجعل الإجراء لا يؤدي وظيفته ولا يترتب الأثر المبتغى منه[34]، علاوة على كون أن إعمال البطلان الإجرائي يمثل أهمية لا تقل أهمية المسائل الموضوعية.

ولعل أهم ما يمكن التطرق إليه في شأن بطلان التقاط المكالمات والاتصالات هو عدم تنصيص المشرع المغربي على هذا الجزاء في معرض تنظيم إجراءات التقاط المكالمات والاتصالات، وهو ما يعاب عليه، خاصة أن مضمون التقاط المكالمات له دور هام في الإثبات وتكوين قناعة قضاة الأحكام، والتي بدورها يجب أن تبنى على الجزم واليقين.

حيث ذهب قضاة الموضوع في عدة مقررات إلى اعتماد مضمون محضر التقاط المكالمات لاستبعاد إنكار المتهمين، نذكر من بينها ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية ببني ملال حيث عللت حكمها وفق ما يلي: ” حيث أنكر الظنينان المنسوب إليهما في سائر مراحل البحث، لكن حيث إن إنكارهما تكذبه مضمون المكالمتين الهاتفين الذين تم حجزهما وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 108 وما يليها من ق م ج والتي تضمنت عبارات تفيد أن الظنين الأول استعمل تبرعات نقدية من أجل الحصول على أصوات الناخبين خصوصا مضمون المكالمات الهاتفية التي جرت بين خط الظنين الأول التي يستفاد منها أن خمسة ناخبين توصلوا بمبلغ 8000 درهم مقابل التصويت لفائدته”.[35]

رابعا: جزاءات الإخلال بالمقتضيات القانونية المتعلقة بإجراءات التنصت

تختلف العقوبات التي رصدها المشرع المغربي لكل صور خرق التقاط المكالمات بين الغرامات المالية أو العقوبات أو هما معا.

هكذا فقد عمل المشرع المغربي على تحديد العقوبة السالبة للحرية في حالة تحقق إحدى صور خرق إجراءات الالتقاط المكالمات في المادة 115 من ق م ج في الحبس بين شهر وسنة.

كما عمل في الفقرة من نفس المادة على الرفع من العقوبة إلى ما بين خمس سنوات وعشر سنوات سجنا دون الإخلال بالعقوبات الأشد، وذلك في حالة ما إذا تعلق الأمر بارتكاب إحدى صور الخرق الإجرائي لالتقاط المكالمات تماشيا مع مقتضيات قانون 03.03[36] المتعلق بمكافحة الإرهاب.

ويبقى السبب الرئيسي الذي دفع المشرع إلى الرفع من العقوبة في حالة ارتكاب الأفعال المشار إليها أعلاه لغرض إرهابي، هو مدى خطورة استعمال تقنيات الاتصال عن بعد وما يمكن أن يخوله هذه الأخيرة من سهولة في الأعمال الإرهابية خاصة في ظل التقدم التكنولوجي الذي أصبح متوفرا في الوقت الحالي.[37]

أما بالنسبة للغرامات المالية[38] كجزاء لخرق التقاط المكالمات والاتصالات فقد تم تحديده بين 10.000 درهم إلى 100.000 درهم.

وقد ترك المشرع المغربي حسب ما نصت عليه المادة 115 من ق م ج للقاضي السلطة التقديرية في أن يحكم بالعقوبة الحبسية أو الغرامة أو كلهما.

وفي نظرنا فإن هذا التجريم كان من المفروض أن يكون ضمن قانون الجنائي باعتباره قانونا موضوعيا بخلاف قانون المسطرة الجنائية الذي يعتبر قانونا إجرائيا.

المطلب الثاني: ضمانات عدم المساس بالحياة الخاصة للشخص في إجراءات التفتيش

يعتبر التفتيش من أخطر الإجراءات التي تعرض لها المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية، وذلك بالنظر إلى مساسه بمستودع أسرار الشخص وبحقه في حرمة الحياة الخاصة.

لذلك فلا يجوز اللجوء إلى التفتيش كإجراء منتج للدليل إلا إذا اقتضت ذلك مصلحة المجتمع في مكافحة الجريمة وضبط مرتكبيها، في نطاق الحدود التي ينبغي على الدولة أن تلتزمها في المساس بكافة الحريات، من أجل ذلك سنتناول من خلال هذا المطلب التفتيش ومساسه بحرمة الحياة الخاصة (الفقرة الأولى) على أن نرى مدى انتهاك هذا التفتيش للحق في الحياة الخاصة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التفتيش ومساسه بحرمة الحياة الخاصة

إن واجب الدولة في تعقب الجناة وضبطهم وضبط الأدلة التي تفيد في كشف الحقيقة، بهدف تحقيق العدالة، يدفعهم إلى انتهاك أو الدخول إلى المنازل وفق القانون لضبط الأدلة، وبالتالي يتعين علينا أن نقف على مفهوم التفتيش (أولا) على أن نعرج على مظاهر انتهاك التفتيش للحياة الخاصة (ثانيا).

 

 

أولا: مفهوم التفتيش

 

لم يعمل المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن المشرع الفرنسي على تعريف التفتيش، بل ترك ذلك للفقه والقضاء، وقد عرفه الدكتور سامي حسن الحسيني “بأنه إجراء من إجراءات التحقيق الذي تقوم به سلطة حددها القانون وتستوجب البحث عن الأدلة المادية لجناية أو جنحة أو تحقيق وقوعها في محل خاص يتمتع بالحرمة بغض النظر عن إرادة صاحبه”، كما عرفه إدريس بلمحجوب “بأنه من التدابير المهمة أو الإجراءات الدقيقة التي تنصب على شخص أو محل أحاطه المشرع بضمانات خاصة سواء أثناء البحث التمهيدي، أو أعمال التحقيق للتثبت من وقوع الجريمة وذلك في الحدود التي يقتضيها كشف الجريمة أثناء التلبس بها”.[39]

وما يمكن أن نلاحظه من هذه التعاريف أنها ركزت على عنصرين في التفتيش وهما محل التفتيش والمتمثل في كل محل له حرمة أو مستودع أسرار الشخص، ثم غاية التفتيش والمتمثلة في ضبط كل ما يمكن أن يفيد في كشف الحقيقة عن الجريمة وضبط الأدلة المادية للجريمة.[40]

ومن ناحية الطبيعة القانونية للتفتيش فقد اعتبر الفقهاء بأن التفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضبط أدلة الجريمة موضوع التحقيق،[41] فهو ليس بدليل وإنما وسيلة للحصول على الدليل، فالحفاظ على المصلحة العامة استوجبت تعطيل وتجاوز الفردية وانتهاك حرمة المنزل قانونا، لأنه لا يجوز أن نترك الأماكن والمساكن حيث تمارس الأعمال المخلة بالنظام العام والمنافية للأخلاق العامة مثل ممارسة أعمال الفسق والدعارة أو استغلال الأطفال…[42]

وفي اعتقادنا، فإن اعتبار التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق لا يمكن الجزم به في قانون المسطرة الجنائية المغربي، وإن كان التسليم بذلك في باقي التشريعات أمر بديهي في التشريعات الأخرى كالقانون المصري، الذي اعتبر التفتيش بطبيعته عمل من أعمال التحقيق[43] فالمشرع المغربي كما خول لقاضي التحقيق مباشرة إجراء التفتيش في مرحلة التحقيق الإعدادي، خوله كذلك لضباط الشرطة القضائية باعتباره – أي التفتيش- إجراء من إجراءات البحث التمهيدي.[44]

ثانيا: مظاهر مساس التفتيش بحرمة الحياة الخاصة

إن التفتيش قد يقع في أي موضع له حرمة أو يعتبر مستودع الأسرار، فيستوي أن يكون التفتيش منصبا على جسم الشخص ذاته وأعضائه الداخلية وما يرتديه من ملابس وما يحمله من أمتعة أو حقائب وما يركبه من وسائل النقل كسيارة الخاصة، أو أن يكون منصبا على مسكن يأويه وغيرها من الأماكن الخاصة التي تعتبر مستودعا لأسراره.[45]

وفي قانون المسطرة الجنائية المغربي يمكن الحديث عن تفتيش الأشخاص وتفتيش المنازل.

 

1.   تفتيش الأشخاص

 

لم يكن قانون المسطرة الجنائية الملغي – الصادر في 10 فبراير 1959- يتعرض إلى تفتيش الأشخاص، الأمر الذي جعل بعض الفقه المغربي، وأمام انعدام نص خاص وبالنظر إلى مساس التفتيش بحرية الأفراد، يقول بامتناع إلى اللجوء إلى تفتيش الأشخاص للحصول على أدلة للجريمة، ذلك ما لم يوجد نص خاص يسمح بذلك.[46]

وما دام تفتيش الأشخاص يمس بحريتهم وحقهم في حرمة ما قد يحملونه من أسرار تتعلق بحياتهم الخاصة، فقد نص قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01 على هذا الإجراء بشكل صريح في المادة 81[47]من هذا الأخير.

فمن خلال هذه المادة يتضح أن المشرع اشترط أن يكون المشتبه به موضوع تحت الحراسة النظرية لإمكانية تفتيشه، وهذا ما يفهم منه أن الشخص الذي لم يودع تحت الحراسة النظرية أو يكون قد أنهى مدتها لا يجوز تفتيشه، وإلا سيعتبر متعسفا في استعماله هذا الإجراء المس بحرمة الشخص وبحرمة ما قد يحمله من أسرار تتعلق بحياته الخاصة.[48]

كما أن التفتيش الجسدي للشخص غير مشروط- وفقا للبعض- بموافقة المعني بالأمر، وذلك باعتباره تفتيش أمني أو وقائي،[49] بمعنى أنه إجراء تحفظي الهدف منه تجريد الشخص من أي أداة قد تكون بحوزته ويستعملها في الاعتداء على نفسه أو على نفس غيره.[50]

إلا أن تفتيش الأشخاص يمكن أن يكون أيضا وسيلة من وسائل البحث عن الأدلة التي قد يعتمد عليها القضاء في الإدانة، وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار له حيث جاء فيه: “… بأن الظنين قام ببيع قطعة حشيش إلى أحد الأفراد بثمن عشرة دراهم التي عثرت عليها الضابطة القضائية أثناء تفتيشه، مما يجعل الاتجار في مادة الحشيش ثابتا في حقه”.[51]

أما بالنسبة للتفتيش الشخصي للمرأة، فحفظا على عرضها واحتراما للقواعد الآداب والحشمة، فقد المشرع المغربي في المادة 81 من ق م ج على أن المرأة لا تفتش إلا من طرف امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية ما لم تكن المرأة نفسها ضابطة الشرطة، وذلك إذا تعلق الأمر بعورة المرأة[52]التي يجب أن تصان من كل فعل من شأنه أن يؤدي إلى المساس بها والاطلاع عليها، ولا شك أن هذا يعتبر ضمانة من ضمانات تفتيش المرأة، حيث لا يجب المساس بعرضها وحياتها ولو كانت متهمة.

وقد حفظ المشرع من خلال مسودة قانون المسطرة الجنائية على نفس المقتضيات القانونية المتعلقة بالتفتيش الأشخاص، وفي نظرنا أن هذه المحافظة تأتي في كون قانون المسطرة الجنائية رقم 22.01 كان في نظر المشرع قد لاءم حقوق المشتبه به أثناء إجراء التفتيش الشخصي، كما أن هذا الأخير قد وصل إلى الحد الذي يبتغيه المشرع في مجال حماية حقوق المشتبه به أثناء التفتيش.

2.   بالنسبة لتفتيش المنازل

بالرغم من أن المادة 99[53] من ق م ج قد أجازت لقاضي التحقيق إجراء التفتيش في أي مكان من الأماكن الخاصة التي تضم أسرار الشخص إلا ما استثنى القانون كمقر الدبلوماسية والقنصلية[54] التي لها حصانة مكانية استنادا إلى عرف دولي مستقر، فإن المشرع المغربي نجده قد خص المنازل دون سواها من الأماكن الخاصة بأحكام متميزة[55] حيث أحاطها بمجموعة من الضمانات وذلك للأسباب التالية:

السبب الأول: هو أن المسكن يعتبر من أهم أسرار الإنسان، فهو المأوى الذي يلجأ إليه وتتركز فيه مظاهر حياته الخاصة وتقاليده أسراره أفراد عائلته التي يعمل جاهدا على أن لا يعرفها أحد غيره.[56]

كما تبدوا أهمية المنزل أيضا عندما خصه المشرع المغربي بالحماية الدستورية من خلال الفقرة الثانية من الفصل 24 من الدستور الجديد لسنة 2011 التي جاء فيها: ” المنزل لا تنتهك حرمته ولا تفتيش ولا تحقيق إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون“.

السبب الثاني:  هو أن المشرع المغربي رغم أنه أحاط منزل الفرد بحماية خاصة دون غيره من الأماكن الخاصة الأخرى – فإن الفقه المغربي قد توسع في تحديد مفهوم المنزل ليشمل كل الأماكن الخاصة الأخرى التي تأخذ حكمه، وتعتبر كذلك الفندق وغرفة صاحب الفندق وكاتب المحامين وعيادة الطبيب وغير ذلك.[57]

وعلى العكس من ذلك لا يعد من قبيل المنازل، الأماكن والمحلات العامة المفتوحة للجمهور كالمطاعم والمقاهي والمتاجر وغير ذلك، فهذه الأماكن تخضع للقواعد الشرطة الإدارية عند دخولها أو تفتيشها، ولا تخضع لأحكام تفتيش المنازل إلا عندما يتم إغلاقها في وجه الجمهور.

الفقرة الثانية: انتهاك التفتيش لحرمة الحياة الخاصة .

تتنوع ضمانات التفتيش في قانون المسطرة الجنائية بين ضمانات شكلية وأخرى موضوعية.

أولا: الضمانات الموضوعية

تتلخص الضمانات الموضوعية للتفتيش: في الوقوع الفعلي للجريمة، أن تكون جريمة أو جنحة، و في الغاية من التفتيش.

1.   الوقوع الفعلي للجريمة

يذهب الفقه المصري إلى اعتبار التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق بالنظر لخطورته ومساسه بحرمة المسكن[58]، وهذا ما ذهب إليه أيضا حيث اعتبر أن التفتيش لا يصح إلا بصدد جريمة وقعت بالفعل، ويعد باطلا التفتيش الذي يباشر في شأن جريمة لم ترتكب بعد، ولو كان وقوعها أمرا مؤكدا.[59]

إلا أن محمد عياظ قد خالف الرأي السابق معتبر أن التفتيش ممكن إذا كانت هناك حجج ومبررات كافية للاعتقاد بأن جريمة وقعت بالفعل، وهي مسألة داخلة في السلطة التقديرية لضابط الشرطة القضائية تحت مسؤوليته، والقول بخلاف ذلك فيه تقييد لتحريات الضابطة القضائية بشكل تتضرر منه مصلحة المجتمع.[60]

وفي نظرنا أن فإن اعتبار التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق هو الرأي الأقرب للصواب، كما أنه يشكل حصانة لحماية الحياة الخاصة، ذلك أن اللجوء إلى التفتيش دون الوقوع الفعلي للجريمة قد يشكل انتهاكا خطيرا للحق في حرمة الحياة الخاصة، حيث  يجواز التفتيش في الجنايات والجنح.

يشترط للجواز التفتيش أن تكون الجريمة الجاري بشأنها هذا الإجراء جناية أو جنحة، فالتفتيش باعتباره إجراء من إجراء يمس بالحياة الخاصة للفرد وبحرمة مسكنه يجب أن ينصب على الأفعال الجسيمة كالجنايات والجنح، أما المخالفات فهي ليست بالخطورة والجسامة التي تستدعي انتهاك حرمة الحياة الخاصة للأفراد، فالمضرة الحاصلة في تفتيش المنازل في المخالفات أكبر من المضرة ارتكاب هذه الأخيرة.[61]

ولقد نص المشرع على وجوب التفتيش في الجنايات والجنح دون المخالفات من خلال المادة 59 من ق م ج[62]، كما أن هذا الشرط يمكن أن نستنتجه من المواد (99 و100 و102 و 103 من ق م ج)، حيث أن قاضي التحقيق لا يباشر إجراءات التحقيق إلا في الجنايات والجنح الخاضعة قانونا للتحقيق، أما المخالفات فلا تحقيق فيها.

2.   غاية التفتيش

لا يكفي لإجازة التفتيش أن تكون الجريمة قد وقعت بالفعل وأن تكون جناية أو جنحة، بل يجب أن يكون للتفتيش غاية محددة، وغاية التفتيش الحصول على الدليل المادي يمكن أن يكشف الحقيقة في الجريمة المرتكبة، مع قيام القرائن أو الدلائل الكافية على وجود ذلك الدليل لدى شخص معين أو في مسكنه أو مسكن غيره يمثل السبب الذي يحرك السلطة القضائية بإصدار قرارها بالتفتيش أو البدء في مباشرته.

إذن لا يباشر التفتيش إلا بعد ارتكاب الجريمة وتوجيه الاتهام إلى شخص معين أو عدة أشخاص بارتكابها وتوافر أمارات قوية أو قرائن  تدل وجود دليل كافية يفيد في كشف الحقيقة لدى المتهم أو غيره.[63]

وقد حدد المشرع المغربي الغاية من التفتيش من خلال المادة 101من ق م ج[64]، كما أن التفتيش لا يتم إلا ” إذا كان نوع الجناية أو الجنحة مما يمكن إثباته بحجز أوراق ووثائق وأشياء …[65].

لذلك فإن التفتيش الذي ليس له هدف ويستهدف غاية أخرى غير ما حدده المشرع، يعتبر تفتيشا تعسفيا أو تحكميا، كما يصبح المساس بحرمة الحياة الخاصة للفرد لا مبرر له.[66]

ثانيا: الضمانات الشكلية

لقد حدد قانون المسطرة الجنائية مجموعة من الضمانات التي تخص المشتبه به أو المتهم ويتعين الالتزام بها أثناء التفتيش، وهذه الضمانات عامة تفرض سواء في البحث التمهيدي بنوعيه التلبسي والعادي أو في حالة التحقيق الإعدادي باستثناء ضمانة موافقة صاحب المنزل التي يجب الالتزام بها فقط في حالة البحث التمهيدي  العادي.

وعليه سنحاول أن نعالج هذه الضمانات في ما يلي:

1.   ضرورة احترام الوقت القانوني للتفتيش

حفاظا على حرمة منزل الفرد وباعتباره مستودعا لأسرار حياته الخاصة، فقد أحاطه المشرع المغربي بحماية خاصة من خلال تحديد وقت التفتيش، حيث منع- وفقا للمادة 62 من ق م ج[67]، بين الساعة التاسعة ليلا والسادس صباحا، وذلك مراعاة لفترة الليل كفترة للراحة والنوم والحفاظ على ساكني المنزل في الهدوء والسكينة، فلا شك أن إجراء التفتيش في منزل الفرد في وقت متأخر من الليل يعتبر أشد ضررا على الفرد من مباشرته في النهار.

وفي هذا الصدد صدر قرار عن المجلس الأعلى عدد 3005 المؤرخ في 28/6/2001 في الملف الجنحي عدد 22629/2000 ” حيث أن الثابت من وثائق الملف وتنصيصات القرار المطعون فيه أن المتهم المدان والذي استهدف منزله للتفتيش كان مبحوثا عنه لتورطه عنه في جرائم تتعلق بحيازة مادة الكيف والاتجار فيها.. وأن ضابط الشرطة القضائية المكلف بالبحث وضبط المتهم المذكور قام بتفتيش منزله على الساعة السابعة والنصف مساء وعثر بداخلها على كمية من مخدر الشيرة ولما كانت هذه المادة عبارة عن مزيج من مسحوق الكيف فإن الضابط المذكور وطبقا للأحكام القانونية المذكورة لا يحتاج إلى موافقة كتابية تعبر عن رضا صاحب المنزل. بتفتيشها بصرف النظر عما ورد القرار المطعون فيه من كون التفتيش وقع برضا صاحب المنزل وورد التنصيص عليه في محضر الحجز والتفتيش كان سليما وما ورد بالوسيلة والفرع معا على غير أساس”[68].

هذا الوقت القانوني للتفتيش يلتزم به ضابط الشرطة القضائية ولو كانت الجريمة متلبسا بها وما تتطلبه من سرعة البحث عن الأدلة قبل أن تندثر، كما يلتزم به من باب الأولى في البحث التمهيدي العادي، أي في غير حالات التلبس.[69]

وإذا كان لكل قاعدة استثناء فإن للوقت القانوني للتفتيش استثناءات، والتي يجوز فيها التفتيش خارج الوقت القانوني (ما بين السادسة صباحا والتاسعة ليلا) كحالة توجيه استغاثة من داخل المنزل، أو حالة وجود نص خاص في القانون، أو في حالة صدور طلب من صاحب المنزل على تفتيشه خارج الساعات القانونية، وهذا يعني أنه لا يجوز لضابط الشرطة أن يطلب الموافقة على التفتيش من صاحب المنزل الذي قد يوافق على الطلب نتيجة الخوف أو الحرج من هذا الأخير أو أعوانه، ما جعل محكمة الاستئناف بالرباط تدين في قرار لها خليفة باشا بانتهاك حرمة منزل الفرد ليلا رغم احتجاجه بموافقة صاحب المنزل، حيث جاء فيه: ” حيث أن موافقة صاحب المنزل المدعى بها من طرف الدفاع، لا يسوغ اعتبارها تامة قانونا لما في وجود العونين من إحراج”.[70]

بإضافة إلى ذلك، يمكن لضابط الشرطة الخروج عن الوقت القانوني للتفتيش في الجرائم الإرهابية وكذلك بالنسبة للمحلات التي يمارس فيها العمل ليلا كأقسام المستعجلات والملاهي الليلية.[71]

2.   ضرورة حضور بعض الأشخاص لعملية التفتيش

لقد اشترط المشرع المغربي حضور بعض الأشخاص عملية التفتيش إلى جانب ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس بالجريمة، حيث نصت المادة 62 من ق م ج بأنه

” إذا كان التفتيش سيجرى بمنزل شخص يشتبه في مشاركته في  الجريمة، وجب أن يتم التفتيش بحضور هذا الشخص أو ممثله، فإن تعذر وجب على ضابط الشرطة القضائي أن يستدعي شاهدين لحضور التفتيش من غير الموظفين الخاضعين لسلطته… “.

وتكمن علة حضور هؤلاء الأشخاص عملية التفتيش والمتمثلين في صاحب المنزل أو ممثل ينوب عنه أو الشاهدين الأجنبيين عن ضابط الشرطة القضائية، هو تفادي  أي تعسف محتمل قد يقع أثناء التفتيش، وضمان سلامة التفتيش مما قد يعيبه وعدم طعن الخصوم في ذلك خاصة عندما يسفر عن ضبط أدلة في الإثبات.[72] كما يعتبر هذا الحضور ضمانة إضافية لحصانة حرمة منزل الفرد الذي يشكل مستودعا لأسراره، وأنه يدخل نوعا من الاطمئنان على ما يجري التفتيش في منزله وبأنه ينفذ وفقا للقانون.

وبالنسبة للمرأة فتعزيزا لكرامتها وحماية لعرضها فقد نص المشرع في المادة 60 من ق م ج[73]، وهذه المرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية إذا كان التفتيش سيجرى على عورة المرأة التي ينتدبها هذا الأخير[74] وهذا ما أكده القضاء المغربي، حيث جاء في حيثياته: “حيث أنه بالرجوع إلى محضر الضابطة القضائية تبين أن التفتيش قد أجري بشقة المتهمة … وليس على عورتها حتى يشترط حضور امرأة هذا التفتيش”.

وحيث إنه بذلك يكون التفتيش الذي أجري بمحضرها وموافقتها مطابقا للقانون ووفق ما تقضي به المادة 60 من ق م ج وتكون الغرفة الجنائية عندما قضت برده قد صادقت الصواب ويتعين تأييدها في ذلك”.[75]

3.   بطلان إجراءات التفتيش

إن من أهم الضمانات التي قررها القانون لفرض تطبيق نصوص قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالتفتيش، هو بطلان إجراءات التفتيش المخالفة لهذه النصوص، حيث نصت المادة 63 من ق م ج على أنه: ” يعمل بالإجراءات المقررة في المواد 59 و 60 و 62، أعلاه تحت طائلة بطلان الإجراءات المعيبة وما قد يترتب عنه من إجراءات.

ولا شك وأنه نظرا لخطورة التفتيش ومساسه بمستودع أسرار الفرد وحياته الخاصة، قد جعلت المشرع المغربي يتعرض صراحة للبطلان كجزاء إجرائي ناتج عن الإخلال بالمقتضيات المتعلقة بالتفتيش، كما أنه يشكل ضمانة مهمة للفرد في مواجهة أي تعسف من ضباط الشرطة القضائية، والذي سيعمل بدوره على احترام الضمانات القانونية المتعلقة بالتفتيش وتجنب أي تعسف يؤدي إلى بطلانه.[76]

غير أن هذا البطلان لا يمتد إلى باقي الإجراءات الأخرى المستقلة عن التفتيش والتي اطمأنت إليها المحكمة[77]وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية بقولها: ” بطلان التفتيش لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى والمستقلة عنه والمؤيدة إلى النتيجة التي أسفر عنها التفتيش.[78]

إلا أن الحكم الذي يستند إلى دليل مستمد من التفتيش يكون معيبا حتى ولو اعتمد على أدلة أخرى صحيحة قانونا ومستقلة عن التفتيش الباطل.

 

 

 

 

 

 

خاتمة

صفوة القول قانون المسطرة الجنائية عمد إلى سن مجموعة من التدابير ترمي إلى حماية الخاصة للمشتبه به، غير أن هذه الضمانات لا ترقى إلى قوة الكافية للوقوف أمام الإجراءات المتخذة من قبل النيابة العامة التي تهدف إلى التحقيق وتبني الحقيقة لذلك يتعين:

تجويد النصوص القانونية بما يتلاءم مع التطور التكنولوجي.

تحديد الجرائم الى يمكن اللجوء فيها إلى تفتيش المنازل والتنصت الهاتفي

توسيع صلاحيات اللجنة الوطنية لحماية المعطيات في مجال التحقيق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المراجع

  • مراجع باللغة العربية
  • الكتب
  1. أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الخامسة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 1999.
  2. أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، المحاكمة – طرق الطعن، الجزء الثاني، الطبعة الرابعة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 1999.
  3. أحمد الشافعي، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية، دراسة مقارنة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، ط2.
  4. أسامة عبد الله قايد، حقوق وضمانات المشتبه فيه في مرحلة الاستدلال –دراسة مقارنة-، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994.
  5. عبد الواحد العلمي، شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2006
  6. لطيفة الدودي، دراسة في قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 22.01 (ظهير 3 أكتوبر)، الطبعة الأولى، المطبعة الورقة الوطنية، مراكش.
  7. محمد الإدريسي العلمي المشيشي، المسطرة الجنائية، الجزء الأول، المؤسسات القضائية، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، الرباط، 1991
  8. وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، الدعوى العمومية السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم، الجزء الأول، سلسلة الشروح والدلائل، مطبعة الفضالة، نونبر 2006.

 

 

  • الأطروحات
  1. الحبيب بيهي، اقتناع القاضي ودوره في الإثبات الجنائي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط، السنة الجامعية 1988/1989.
  • الرسائل
  1. خالد أبغاط، الحماية الجنائية للحياة الخاصة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2016/2017.
  2. رمزي بوشالة، التصنت على المكالمات والتقاط الصور بين التجريم والإباحة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة العربي بن مهيدي، أم البواقي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2014/2015.
  3. قدوري إبراهيم، التفتيش في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد خيضرة، بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2015/2016
  4. مولاي رشيد الإدريسي، إشكالية التقاط المكالمات الهاتفية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2010/2011.
  5. يوسف علالي، التنصت على المكالمات بين حرمة الحياة الخاصة وضرورة الكشف على الجريمة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2007/2008.
  6. يونس جان، التقاط المكالمات الهاتفية في قانون المغربي، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2010/2011.
  • المقالات
  1. محمد البكاري، حماية سرية المراسلات الشخصية: قراءة على ضوء مشروع قانون المسطرة الجنائية المعدل والمتمم لقانون 22.01، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 9 أكتوبر 2015،
  2. محمد بكاري، التصنت على المكالمات الهاتفية، دراسة مقارنة، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 5، 2013.
  3. الحسن البوعيسي، التقاط المكالمات أو الاتصالات المنجزة عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها، مقال منشور بمجلة القصر، العدد 26، ماي 2010..
  4. محمد العروصي، نظام المكالمات والاتصالات في قانون المسطرة الجنائية، مقال منشور في مجلة الإشعاع، العدد 29، غشت 2004.
  5. محمد الإدريسي العلمي المشيشي، التقنيات الجديدة في الإثبات الجنائي، مقال منشور بأشغال اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب 29/03/2002.
  6. عبد الله بالحاج، التنصت الهاتفي بين الحرمة الشخصية والإثبات الجنائي، مقال منشور بمجلة الإشعاع، العدد المزدوج 34/35 السنة 2009.
  7. فؤاد بوظيشط، الحماية الجنائية للحق في حرمة الحياة الخاصة، مقال منشور بمجلة الخزامى للدراسات القانونية والقضائية، العدد الأول، أكتوبر 2018.
  8. يوسف أديب، إجراءات تفتيش المنازل بين حرمة وضرورة محاربة الجريمة، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 12، ابريل 2017.

 

  • المراجع باللغة الفرنسية

 

  • Les Ouvrages
  1. Mohiedine AMZAZI: “ Précis de Droit Criminel” Premier édition, dar nachr Al maarif, Rabat, 1994.
  2. Stefani GASTON, George LEVASSEUR, et Bernard BOULOUC: « Procédure pénale », 12éme édition. Paris 1984.
  • Les Articles

 

  1. Bouloc Bernard, « Règlement des Ecoutes Téléphonique » Revue de sciences criminelle et de droit pénale comparé, N°1 Janvier-Mars 1992,
  2. Jean GRAVEN, « Microphones et tables d’écoute comme instruments d’enquete pénale », art.

 

 

 [1] تنص المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية: ” يمنع التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها.

غير أنه يمكن لقاضي التحقيق إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها.

كما يمكن للوكيل العام للملك إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث، أن يلتمس كتابة من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، إصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها وذلك إذا كانت الجريمة موضوع البحث تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية[1] أو تتعلق بالعصابات الإجرامية، أو بالقتل أو التسميم، أو بالاختطاف وأخذ الرهائن، أو بتزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام، أو بالمخدرات والمؤثرات العقلية، أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات، أو بحماية الصحة.

غير أنه يجوز للوكيل العام للملك في حالة الاستعجال القصوى بصفة استثنائية، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها، متى كانت ضرورة البحث تقتضي التعجيل خوفاً = =من اندثار وسائل الإثبات، إذا كانت الجريمة تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو تتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو بالاختطاف أو بأخذ الرهائن.

يجب على الوكيل العام للملك أن يشعر فوراً الرئيس الأول بالأمر الصادر عنه.

يصدر الرئيس الأول خلال أجل أربع وعشرين ساعة مقرراً بتأييد أو تعديل أو إلغاء قرار الوكيل العام للملك، وفقاً للشروط والكيفيات المنصوص عليها في هذه المادة وما يليها إلى المادة 114 بعده.

إذا ألغى الرئيس الأول الأمر الصادر عن الوكيل العام للملك، فإن التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المشار إليها أعلاه يتم إيقافه على الفور، وتعتبر الإجراءات المنجزة تنفيذاً للأمر الملغى كأن لم تكن.

ولا يقبل المقرر الصادر عن الرئيس الأول بشأن قرار الوكيل العام للملك أي طعن.

تتم العمليات المأمور بها طبقاً لمقتضيات هذه المادة تحت سلطة ومراقبة قاضي التحقيق أو تحت سلطة ومراقبة الوكيل العام للملك حسب الأحوال.

[2] وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، الدعوى العمومية السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم، الجزء الأول، سلسلة الشروح والدلائل، مطبعة الفضالة، نونبر 2006، ص 246.

[3] محمد البكاري، حماية سرية المراسلات الشخصية: قراءة على ضوء مشروع قانون المسطرة الجنائية المعدل والمتمم لقانون 22.01، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 9 أكتوبر 2015، ص 208.

[4] قرار المجلس الأعلى عدد 3/1817 الصادر بتاريخ 11/07/2007 في الملف الجنحي عدد 7/3/6/7294 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 68 ص 365.

[5] محمد بكاري، التصنت على المكالمات الهاتفية، دراسة مقارنة، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 5، 2013، ص 181.

[6] تنص المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية: ” يكون التحقيق إلزاميا:

1) في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها ثلاثين سنة؛

2) في الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث؛

3) في الجنح بنص خاص في القانون.

يكون اختيارياً فيما عدا ذلك من الجنايات وفي الجنح المرتكبة من طرف الأحداث، وفي الجنح التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات أو أكثر.

[7] سعيد الكاهية، الحماية الجنائية لسرية الاتصالات والمراسلات في القانون المغربي، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2013/2014، ص 121.

[8] الحسن البوعيسي، التقاط المكالمات أو الاتصالات المنجزة عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها، مقال منشور بمجلة القصر، العدد 26، ماي 2010، ص 120.

[9]وزارة العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، مرجع سابق، ص 209

[10] الحسن بوعيسى، مرجع سابق، ص 119.

[11]قرار صادر عن محكمة الاستئناف بتازة عدد 174/07 بتاريخ 07/02/07 بالملف الجنحي عدد 1516 أورده، سعيد الكاهية، م س، ص 68.

[12] تنص الفقرة الثالثة من مسودة قانون المسطرة الجنائية: “… كما يمكن للوكيل العام للملك إذا اقتصت ضرورة البحث، أت يلتمس كتابة من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف اصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأحذ نسخة منها أو حجزها وذلك إذا كانت الجريمة موضوع البحث تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو جريمة منظمة أو تتعلق بالعصابات الإجرامية أو بالقتل أو التسميم أو الاختطاف وأخذ الرهائن أو بتزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو بالأسلحة أو الذخيرة والمتفجرات أو بحماية الصحة أو بغسل الأموال أو بالرشوة أو استغلال النفوذ أو الغدر أو اختلاس و تبديد المال العام، أو بالجرائم الماسة بنظام المعالجة الآلية للمعطيات، والجرائم ضد الإنسانية والاتجار بالبشر.

[13] يونس جان، التقاط المكالمات الهاتفية في قانون المغربي، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2010/2011، ص 53.

[14] مولاي رشيد الإدريسي، إشكالية التقاط المكالمات الهاتفية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2010/2011، ص 54.

[15] Article 100 : «  En matière criminelle et en matière correctionnelle, si la peine en courue est égale ou supérieur à deux ans d’emprisonnement, le juge d’interception peut, lorsque la nécessité de l’information  l’exigent, prescrire l’interception l’enregistrement et de la transcription de correspondances emis par la vois télécommunication ces opérations sont effectuées sans autorité ».

[16]يجب أن يتضمن المقرر الذي يتخذ طبقا للمادة السابقة كل العناصر التي تعرف بالمكالمة الهاتفية أو بالمراسلة المراد التقاطها وتسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها، والجريمة التي تبرر ذلك والمدة التي تتم فيها العملية.

لا يمكن أن تتجاوز المدة المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة ضمن نفس الشروط المشار إليها في المادة السابقة.

[17]رمزي بوشالة، التصنت على المكالمات والتقاط الصور بين التجريم والإباحة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة العربي بن مهيدي، أم البواقي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2014/2015، ص 71.

[18] محمد العروصي، نظام المكالمات والاتصالات في قانون المسطرة الجنائية، مقال منشور في مجلة الإشعاع، العدد 29، غشت 2004، ص 187.

[19]جاء في الفقرة الثانية من المادة 109 من قانون المسطرة الجنائية: ” لا يمكن أن تتجاوز المدة المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة أربعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة ضمن نفس الشروط المشار إليها في المادة السابقة”.

[20] محمد العروصي، المرجع السابق، ص 188.

[21]يونس جان، مرجع سابق، ص 75.

[22]الحبيب بيهي، اقتناع القاضي ودوره في الإثبات الجنائي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط، السنة الجامعية 1988/1989، ص 222، 223.

[23]Bouloc Bernard, « Règlement des Ecoutes Téléphonique » Revue de sciences criminelle et de droit pénale comparé, N°1 Janvier-Mars 1992, p 144.

[24]Jean GRAVEN, « Microphones et tables d’écoute comme instruments d’enquete pénale », art. Précité, p 178 et 179.

[25] محمد الإدريسي العلمي المشيشي، التقنيات الجديدة في الإثبات الجنائي،مقال منشور بأشغال اليوم الدراسي الذي نظمه مجلس النواب 29/03/2002. ص 143

[26]أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، المحاكمة – طرق الطعن، الجزء الثاني، الطبعة الرابعة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 1999، ص 109.

[27] خالد أبغاط، الحماية الجنائية للحياة الخاصة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2016/2017، ص 221.

[28] الحبيب بيهي، مرجع سابق، ص 253.

[29]تنص المادة 286 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي: ” يمكن إثبات الجرائم بأية وسيلة من وسائل الإثبات، ما عدا في الأحوال التي يقضي القانون بخلاف ذلك، ويحكم القاضي حسب اقتناعه ويجب أن يتضمن المقرر ما يبرر اقتناع القاضي، وفقا للبند 8 من المادة 365 الآتية، إذا ارتأت المحكمة أن الإثبات غير قائم صرحت بعدم إدانة المتهم وحكمت ببراءته”.

[30] جاء في الفقرة الأولى من المادة 212 من ق م ج: ” يترتب البطلان كذلك عن خرق المقتضيات الجوهرية المسطرية إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرفين من الأطراف”.

[31] يوسف علالي، التنصت على المكالمات بين حرمة الحياة الخاصة وضرورة الكشف على الجريمة، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2007/2008، ص67.

[32]تنص المادة 751 من قانون المسطرة الجنائية: ” كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز، وذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 442 المتعلقة بجلسات غرفة الجنايات”

[33]خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 223

[34] أحمد الشافعي، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية، دراسة مقارنة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، ط2، ص 65.

[35] حكم المحكمة الابتدائية ببني ملال، عدد 2006/4460 الصادر بتاريخ 30/11/2006 غير منشور.

[36]ظهير شريف رقم 140-03-1 صادر في 26 من ربيع الأول 1424 (28 ماي 2003) بتنفيذ القانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب

[37]عبد الله بالحاج، التنصت الهاتفي بين الحرمة الشخصية والإثبات الجنائي، مقال منشور بمجلة الإشعاع، العدد المزدوج 34/35 السنة 2009، ص 235.

[38]جاء في الفقرة الأولى من المادة 115 من ق م ج: ” دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 10.000 إلى 100.000 أو بإحدى هاتين العقوبتين….”

[39] أسامة عبد الله قايد، حقوق وضمانات المشتبه فيه في مرحلة الاستدلال –دراسة مقارنة-، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص 108.

[40] خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 227.

[41] Stefani GASTON, George LEVASSEUR, et Bernard BOULOUC: « Procédure pénale », 12éme édition. Paris 1984, p : 361.

[42] يوسف أديب، إجراءات تفتيش المنازل بين حرمة وضرورة محاربة الجريمة، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 12، ابريل 2017، ص 161.

[43] تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تعلق بالجريمة . ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة.

وفى جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً

[44] عبد الواحد العلمي، شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2006، ص 74.

[45] محمد الإدريسي العلمي المشيشي، المسطرة الجنائية، الجزء الأول، المؤسسات القضائية، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، الرباط، 1991، ص 211 و212.

[46]  أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الخامسة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 1999، ص 278.

[47]تنص المادة 81 من ق م ج: ” يجوز لضابط الشرطة القضائية إجراء تفتيش جسدي على كل شخص تم وضعه تحت الحراسة النظرية.

لا تنتهك حرمة المرأة عند التفتيش، وإذا تطلب الأمر إخضاعها للتفتيش الجسدي يتعين أن تقوم به امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية لذلك، ما لم يكن الضابط امرأة.

تسري مقتضيات هذه المادة أيضاً في حالة التلبس بجناية أو جنحة.”.

[48] خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 231

[49]وزارة العدل، مرجع سابق، ص 149

[50] Stefani GASTON, George LEVASSEUR, et Bernard BOULOUC, op.cit, p : 360.

[51] قرار عدد 8/2381 بتاريخ 19/10/1995 أورده الحسن هواية، نظرية الدفوع في التشريع الجنائي المغربي، الجزء الثاني، الدفع ببطلان إجراءات التفتيش، الطبعة الأولى، مطبعة ورقة القلم، الرباط، ص 118.

[52]عبد السلام بنحدو، الوجيز في شرخ قانون المسطرة الجنائية (مع آخر التعديلات)، الطبعة الخامسة، مطبعة اسبارطيل، طنجة، 2005، ص 86

[53] تنص المادة 99 من ق م ج: “يجوز لقاضي التحقيق أن ينتقل إلى أي مكان لإجراء المعاينات المفيدة أو للقيام بتفتيش. ويشعر بذلك النيابة العامة التي لممثلها الخيار في مرافقته.

يساعده في ذلك دائما كاتب الضبط.

يحرر قاضي التحقيق محضرا بما أنجزه من أعمال”.

[54]وزارة العدل، مرجع سابق، ص 239.

[55]لطيفة الدودي، دراسة في قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 22.01 (ظهير 3 أكتوبر)، الطبعة الأولى، المطبعة الورقة الوطنية، مراكش، ص 249.

[56] خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 232.

[57] أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، م س،  ص 304.305.

[58] محمد نجيب حسني، مرجع سابق، ص 540.541

[59] يوسف أديب، مرجغ سابق، ص 165

[60] خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 236.

[61] خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 236.237.

[62] تنص المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية على أنه :” إذا كان نوع الجناية أو الجنحة مما يمكن إثباته بحجز أوراق  ووثائق أو أشياء أخرى في حوزة أشخاص يظن أنه مشاركوا في الجريمة ،أو يحوز ومستندات أو أشياء تتعلق بالأفعال الإجرامية،فإن ضابط الشرطة القضائية ينتقل فورا إلى منزل هؤلاء الأشخاص ليجري فيه طبقا للشروط المحددة في المادتين 60 و62 تفتيشا يحرر محضراً بشأنه.

وفيما عدا حالات المس بأمن الدولة أو إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية، فلا يحق إلا لضابط الشرطة القضائية ومعه الأشخاص المشار إليهم في المادة 60 وحدهم الاطلاع على الأوراق أو المستندات قبل القيام بحجزها.

إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن معدة لاستعمال مهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة وأن يتخذ مسبقاً جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.

إذا كان التفتيش أو الحجز سيجري بمكتب محام، يتولى القيام به قاض من قضاة النيابة العامة بمحضر نقيب المحامين أو من ينوب عنه أو بعد إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة.

تحصى الأشياء والوثائق المحجوزة فورا وتلف أو توضع في غلاف أو وعاء أو كيس ويختم عليها ضابط الشرطة القضائية. وإذا استحال ذلك، فإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها بطابعه.

إذا تعذر إحصاء الأشياء المحجوزة على الفور، فإن ضابط الشرطة القضائية يختم عليها مؤقتاً إلى حين إحصائها والختم النهائي عليها.

=تتم هذه الإجراءات بحضور الأشخاص الذين حضروا التفتيش، ويحرر ضابط الشرطة القضائية محضرا بما قام به من عمليات.

[63] قدوري إبراهيم، التفتيش في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد خيضرة، بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2015/2016، ص 26.

[64] تنص المادة 101 من ق م ج: ” يجري التفتيش في جميع الأماكن التي قد يعثر فيها على أشياء يكون اكتشافها مفيد الإظهار الحقيقة.

ويجب في هذه الحالة على قاضي التحقيق، تحت طائلة البطلان، أن يتقيد  مقتضيات المواد 59 و60 و62.

[65] المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية

[66] فؤاد بوظيشط، الحماية الجنائية للحق في حرمة الحياة الخاصة، مقال منشور بمجلة الخزامى للدراسات القانونية والقضائية، العدد الأول، أكتوبر 2018، ص 247.

[67] تنص المادة 62 من ق م ج: ”

[68] قرار عدد 3005 المؤرخ في 28/06/2001 في الملف الجنحي عدد 2000/22629 غير منشور.

[69] Mohiedine AMZAZI: “ Précis de Droit Criminel” Premier édition, dar nachr Al maarif, Rabat, 1994, p:222.

[70] قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط 26/08/1958، أشار اليه خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 242.

[71]عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص 418..

[72] أحمد الخمليشي، مرجع سابق، ص 312.

[73] تنص المادة 60 من قانون المسطرة الجنائية: ”

[74] خالد أبغاط، مرجع سابق، ص 245

[75] قرار عدد 674 صادر عن عرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، ملف عدد 02/05/34 صادر بتاريخ 06/06/2005 منشور بمجلة محكمة، مكتبة دار السلام للطباعة والنشر، الرباط، العدد 6 يناير 2006، ص 393.

[76] خالد أيغاط، مرجع سابق، ص 251.

[77] قدوري إبراهيم، مرجع سابق، ص 71.

[78] قرار رقم 1613 صادر بتاريخ 31/12/1984، أشار إليه وزارة العدل، مرجع سابق، ص 119.

قد يعجبك ايضا