الإدارة العمومية بين إكراهات تطبيق المفهوم الجديد للسلطة وتحديات تنزيل الاقتصاد الرقمي

المعلومة القانونية

محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه

في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة

في إطارتجاوز الاختلالات والإشكالات التي تعاني منها الإدارة العمومية ببلادناسواء تعلق الأمر بضعف في الأداء و جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين أو التضخم و قلة الكفاءة وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفينالتيتبتدئ من الاستقبال و مرورا بالتواصل إلى معالجة الملفات والوثائق ، وتسريع التحول الرقمي للاقتصاد الوطنيمن أجل استمرارية المرفق العمومي، وتقوية مكانة المغرب كقطب رقمي جهوي، وإزاحة العوائق البنيوية المتعلقة بالحوكمة والمؤهلات البشريةحسب تقرير البنك الدولي الذي قام بتقديم 500 دولار من أجل تدعيم إصلاحات الشمول الماليوالرقمي[1] بالمغرب بتاريخ 22 يونيو 2020 تعزيزا للإستراتيجية المغرب الرقمي سنة 2020 التي حلت محلت الاستراتيجة الوطنية لمجتع المعلومات أو المعرفة والاقتصاد الرقمي 2009-  2013 وتفعيلا للخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 2018-2021،[2]بما في ذلك مختلفالوحدات الإدارية التابعة للإدارة المركزية والمصالح الخارجية وكذلك الوحدات الإداريةالمتواجدة علىصعيد الإدارة اللامركزية، يقتضي من الدولة المغربية أن تعرف بنفسها وأن تعيد النظر في طبيعتها وهياكلها وعلاقاتها مع المواطنينوالمواطنات ومع تحديث مؤسسات القطاع العام[3] والمقاولات العمومية،[4] وذلك تماشيا مع مرتكزات المفهوم الجديد للسلطة الذي هو مذهب في الحكم و هو مفهوم يسجد رؤية واضحة ونظرية متكاملة الأركان حول مفهوم الدولة وآليات اشتغالها و الذي يقوم على مرتكزات مهمة تتمثل في صيانة كرامة المواطنين والمواطنات وحفظ حقوقهم وحرياتهم ودمقرطة الإدارة واتخاذ القرارات العمومية التي يجب أن تكون بشكل تشاركي في علاقة بالمواطنين والمواطنات واستهداف السلطة  مبادئ التنمية والأمن والاستقرار، هذا فضلا عن المقاربة بالنتيجة أو بالفعالية من خلال المحاسبة على النجاعة والفعالية  والأداء أو الأثر وتحقيق النتائج بالأهداف والمردودية  والإنتاجية والنفعية، وهذا ما أكد عليه العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة تنصيب اللجنةالاستشارية الجهوية في الخطاب الملكي التاريخي المؤرخ في 3 يناير2010 والخطاب الملكي الساميبمناسبةافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة المؤرخ 14 أكتوبر 2016 الذي أكد “أن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات، هو خدمة المواطن. وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا”،وكذا في تقديمدستور2011.

وتجدر الإشارة إلى أن تحديث الدولة المغربية رهين بفهم واستيعاب واستحضار الإدارة العمومية ومؤسسات القطاع العام والمقاولات العمومية جميع مرتكزات المفهوم الحديد للسلطة وبضمان الحق في الحصول على المعلومة وبمصالحة الدولة المغربية مع مواطنيها ومرتفقيها في ظل احترام تام للحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الباب الثاني من دستور 2011، وذلك من خلال  توفير شروط النضج وكشف الحساب لدى الإدارة العمومية المتضمنة في المفهوم الجديد للسلطة والعمل على تغيير العقليات الإدارية التي تفتقد إلى ثقافة الوعي والفهم والاستيعاب لهذه المرتكزات، مما يتطلب المزيد من مراجعة البنية الفكرية لدى الدولة المغربية بمختلف هياكلها ودواليبها، الأمر بات من المؤكد رقمنة الاقتصاد المغربي والارتقاء بمنظوماتهالدستورية و التشريعية والتنظيمية والبشرية لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحاصلة في خضم التطور التكنولوجي السريع الذي عرفه العالم اليوم ،وذلك لما له من تأثير كبير في مجال الاقتصاد الرقمي[5] باعتباره يشمل المنصات الإلكترونية على شبكةالإنترنت وأنشطتها الملازمة، حيث ازدادت وثيرة هذا التأثير حدة في ظل أزمة كوفيد –19-الحالية، سواء من خلال جودة وسرعة الخدمات المقدمة للفاعلينالاقتصاديين والمواطنين، أم من خلال تطوير الابتكارات والحلول التي يحتاجها المجتمع، إضافة إلى تحسين أساليب العمل الإداري والحكومي،وبالتالي أصبحت الرقمنة عنصرا لا محيد عنه في كل مناحي الحياة. ووعيا بأهمية رقمنة الإدارة العمومية وتسريع وتيرة الاقتصاد الرقمي في المغرب،فإن على الدولة المغربية اتخاذ التدابير والإجراءات التالية:

-نظرا لحالة الطوارئ الصحية التي تم تفعيلها لمواجهة جائحة فيروس كورونا، اعتمدت عدة إدارات الأداة الرقمية لتشجيع العمل عن بُعد وتقليص التبادل المادي للمراسلات والوثائق الإدارية. ومواكبةً لهذه الدينامية، أطلقت وكالة التنمية الرقمية عدة مبادرات رقمية لتشجيع وتيسير العمل عن بُعد بالإدارات المغربية.

المبادرة الأولى- بوابة مكتب الضبط الرقمي للمراسلات الإداريةيتعلق الأمر بمنصة لرقمنة مكتب الضبط بشكل يسمح للإدارات والهيئات العمومية بإحداث مكاتب ضبط رقمية من أجل التدبير الإليكتروني لتدفُّقات المراسلات الواردة والصادرة. وبذلك يصبح بوسع المواطنين والمقاولات والإدارات والهيئات العمومية إيداع مراسلاتهم بالإدارات المعنية مقابل وصل رقمي بتأكيد الاستلام. ويمكن الولوج إلى بوابة مكتب الضبط انطلاقا من رابط الأنترنت التالي:https://courrier.gov.ma/virtualbo/.

المبادرة الثانية – الخدمة الإليكترونية للمراسلات الإداريةتسمح للإدارات بمعالجة المراسلات آليا. وتمكن هذه الخدمة أعوان الإدارة من معالجة وتتبع المراسلات الواردة والصادرة عبر إدارة سير العمل Gestion des workflows الخاصة بالبحث والمصادقة. ويمكن الولوج لبوابة الشباك الإليكتروني للمراسلات الإدارية انطلاقا من رابط الأنترنت التالي: https://courrier.gov.ma

المبادرة الثالثة: الخدمة الإلكترونية “الحامل الإليكتروني“(parapheur éléctronique): تسمح بالتجريد المادي الكامل لتدفق مختلف الوثائق الإدارية التي تستلزم قيمة إثباتية. ولهذه الغاية، فهي تتضمن إمكانيات جديدة تهم بالخصوص تدبير تدفق العمل Gestion des workflows (تدبير الموارد البشرية، المشتريات واللوجستيك والتواصل الداخلي،…) والتوقيع الإليكتروني للوثائق الإدارية. ويمكن الولوج لبوابة الحامل الإليكتروني انطلاقا من رابط الأنترنت التالي:https://courrier.gov.ma/parapheur/

وقد انضمت إلى اليوم لخدمة “الحامل الإليكتروني” 6 وزارات و5 جماعات ترابية و5 مؤسسات ومقاولات عمومية.

وتمتثل كافة الحلول الرقمية التي طورتها وكالة التنمية الرقمية لمعايير أمن المعلومات الجاري بها العمل. وستقوم الوكالة بمواكبة الإدارات من أجل تفعيل كافة هذه الحلول. (assistance.egov@add.gov.ma).

 

-تماشيا مع ما جاء به دستور 2011، خصوصا الفصول من 154 إلى

160 المتعلقة بالمرافق العمومية، أصبح لزاما تسريع إخراج ميثاق

المرافق العمومية، باعتباره مرجعا أساسيا في تحديد قواعد الحكامة

الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية

والأجهزة العمومية، كما جاء في الفصل 157 من دستور2011 ، حيث

أكد على 3 مبادئ أساسية وهي:1- مبدأ الشفافية 2-مبدأ تبادل

المعلومات مع المواطنين 3-مبدأ رقمنة الخدمات.

-تمكين المواطن من قضاء مصالحه، في أحسن الظروف والآجال،

وتبسيط المساطر، وتقريب المرافق والخدمات الأساسية منه بموجب

ظهير 6 مارس 2020 الخاص بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق

بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.

-ضرورة الإسراع بالخروج بمشروع قانون الإدارة الرقمية.

ضرورة التحول الرقمي بالإدارات العموميةسواء تعلق الأمر بالمصالح المركزية، والإدارة الترابية ، أو بالمجالس المنتخبة، والمصالح الجهوية للقطاعات الوزارية،وكذا مختلف المرافق المعنية بالاستثمار وتشجيع المقاولات ، وحتى قضاء الحاجيات البسيطة للمواطن ، كيفما كان نوعها، واستغلال وتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أجل رفع أداء المرفق العام والارتقاء به إلى مستوى النجاعة والفعالية، وتحسين جودة الخدمات العمومية وتقريبها من المواطن.

-تفعيل قانون الحق في الحصول  على المعلومة.

-توفير الموارد البشرية المؤهلة في الإدارة العمومية ومؤسسات القطاع العام والمقاولات العمومية.

-تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

-استقلالية السلطة القضائية.

-استحضار الإدارة العمومية الحقوق والحريات الأساسية التي هي أساس تعاقد وطني وشرعية كافة المؤسسات الدستورية وغير الدستورية.

-توفير بنية تحتية رقمية في مختلف المجالات.

– إحداث وزارة متخصصة بالاقتصاد الرقمي.

-إبرام شراكات حقيقية بين القطاع العام والخاص بشأن تطوير وتجويد أساليب تدبير الإدارة العمومية.

-تأهيل المواطنين والمواطنات بشأن علاقتهم واتصالاتهم بالخدمات المالية والرقمية في عصر الاقتصاد الرقمي بفعل ارتفاع الأمية والجهل في المغرب، خاصة في العالم القروي.

-تكريس آليات تتبع الحكومة في إصلاح الإدارة والحكامة الجيدة وهي:

1-آلية الالتقائية السياسات العمومية عند نشأتها ووضعها.

2-آلية تتبع تنفيذ البرنامج الحكومي والبرامج القطاعية.

3-آلية لتقييم السياسات العمومية بعد تنفيذها.

4-آلية تتبع التقارير عن هئيات الحكامة كآلاليات الدستورية للديمقراطية التشاركية والرقابة الوطنية كالمفتشية المالية العامة والمفتشية العامة للإدارة الترابية.

-تعزيز آليات تتبع السياسات العمومية المجالية أو الجهوية أو المحلية وهي:

1-عقد برنامج بين الدولة والجهات أي البرامج الجهوية.

2-وضع ميثاق اللاتمركز بين القطاعات المعنية  والمؤسسات المتدخلة

3-تعزيز الالتقائية المالية والميزانياتية بين مختلف الاستراتيجيات القطاعية كبرمجة متعددة السنوات التي تهدف إلى توضيح رؤية استراتيجية على مدى المتوسط تتضمن 3 سنوات بدل من سنة واحدة.

4-منهجية الأداء المتمثلة في هيكلة ميزانية القطاعية على أساس برامج مقرونة بأهداف ومؤشرات للقياس.

5-برامج ميزانياتية يجب أن تنبثق من الاستراتيجيات القطاعية .

-توطيد آليات تتبع السياسات العمومية المركزية وهي :

1-إحداث لجنة وطنية وزارية للتنسيق والتقييم السياسات العمومية على الصعيد المركزي قبل إحداث السياسات العمومية وأثناء وضعها وبعد إحداثها من خلال تقييمها والعمل على تتبع بتنزيل البرنامج الحكومي،كما تم الإشارة إليها في المناظرة الوطنية حول الالتقائية في السياسات العمومية سنة 2013 .

2-وضع نظام معلوماتي مندمج لتتبع تقييم السياسات العمومية، وذلك بتنسيق مع الأمم المتحدة.

3-إخراج الوكالة الوطنية بصفة مستقلة لتقييم السياسات العمومية.

[1]الشمول المالي والرقمي:هي تمكن الأفراد والشركات من الوصول إلى منتجات وخدمات مالية ورقمية  مفيدة بأسعار ميسرة تلبي احتياجاتهم، من قبيل المعاملات والمدفوعات والمدخرات والائتمان والتأمين، ويتم تقديمها لهم بطريقة تتسم بالمسؤولية والاستدامة.

[2]برنامج تمويل سياسات التنمية من أجل الشمول المالي والرقمي : هو برنامج  بدأ في منتصف سنة 2019 أصبح أكثر أهمية في السياق الحالي لجائحة كورونا، حيث يتألف من دعم الموازنة، يعمل على مساندة الإصلاحات التي تفضي إلى تحولات مالية ورقمية، فالإصلاحات التي يدعمها برنامج تمويل سياسات التنمية من أجل الشمول المالي والرقمي ستسهم في الأولويات الثلاث التالية التي طرأت مؤخرا:  (أ) التخفيف من آثار فيروس كورونا من خلال التحويلات النقدية ومد مظلة برنامج الحماية الاجتماعية، وغير ذلك؛ (ب) المساعدة في دعم قدرة الأسر والمقاولات الصغيرة والصغرى والمتوسطة على الصمود؛ (ج) دعم جهود التعافي من خلال توسيع نطاق الشمول المالي والرقمي.

وتجدر الإشارة إلى أن  وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة هي الجهة القائمة على تنفيذ المشروع. وستتولى الوزارة تنسيق البرنامج مع وزارات ومؤسسات أخرى تشارك في برنامج الإصلاح (ومنها بنك المغرب، الوكالة الوطنية لتنظيم الاتصالات، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي، إلخ). وستقيم ما يتحقق من تقدم بناء على مجموعة من مؤشرات الأداء. ويواصل البنك الدولي تقديم المساندة المنتظمة للتنفيذ من خلال المشورة في السياسات والمساعدة الفنية للمؤسسات المعنية بتنفيذ برنامج الإصلاح، حيث ترأس السيد محمد بنشعبون ، وزير الاقتصاد والمالية ، يوم الاثنين 1 أبريل 2019، الاجتماع الأول للمجلس الوطني للشمول المالي. وعرف هذا الاجتماع مشاركة عدد من كبار المسؤولين و لا سيما والي بنك المغرب، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، وكاتب الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلف بالاستثمار ، و رئيس هيئة مراقبة التأمينات و الاحتياط الاجتماعي، و رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، و رئيس المجموعة المهنية لبنوك المغرب ، و رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى، و رئيس الجامعة المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين ،و أيضا رئيسة الجمعية المهنية لمؤسسات الدفع.

ولقد كان هذا الاجتماع، الذي يأتي بعد عرض وزير الاقتصاد والمالية لمشروع الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي على مجلس الحكومة يوم 31 يناير 2019، فرصة لتقديم والمصادقة على توجهات الاستراتيجية الجديدة.و للتذكير، فان وضع استراتيجية وطنية للشمول المالي، بمبادرة مشتركة بين كل من وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب و في اطار نهج تشاركي، يهدف إلى تحديد رؤية مشتركة وتوجهات وطنية للحد من أوجه التفاوت التي لا تزال قائمة فيما يتعلق  بالولوج للخدمات المالية. و يكمن الهدف المتوخى من ذلك في جعل الشمول المالي ناقلًا حقيقيًا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ولقد تم تحديد الرافعات الرئيسية للاستراتيجية و التي تتجلى فيما يلي:

  • تسريع تطوير نماذج بديلة تتكيف مع خصوصيات السكان خاصة النساء والشباب والسكان القرويين والشركات الصغيرة جدًا ؛
  • تدعيم دور النموذج “الكلاسيكي” في تعزيز الشمول المالي؛
  • تعزيز الأدوات لفهم مخاطر الفئات المهمشة بشكل أفضل ؛
  • تهيئة الظروف لاستخدام أكبر للمنتجات المالية.

كما ذكّر  السيد الوزير بأن نجاح هذه التحديات يتطلب مشاركة و تفاعل جميع الفاعلين في القطاعين العام والخاص. و عليه، صادق المجلس الوطني للشمول المالي على مخطط حكامة الإستراتيجية وعين  والي بنك المغرب  كرئيس للجنة الإستراتيجية.كما صادق المجلس الوطني أيضا على تنظيم يوم توعوي لتقديم الإستراتيجية لفائدة  جميع الفئات المعنية في القطاعين العام والخاص والشركاء الدوليين.كما ينبغي التذكير إلى أن المجلس الوطني للشمول المالي  عقد اجتماعه الثاني في 7 أبريل 2021، برئاسة السيد محمد بنشعبون بمقر وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بالرباط.

وبمناسبة الكلمة الافتتاحية، ذكر السيد محمد بنشعبون، رئيس المجلس الوطني للشمول المالي والسيد عبد اللطيف الجواهري، رئيس اللجنة الاستراتيجية المنبثقة عن المجلس، بالأولوية المعطاة للشمول المالي بالنظر إلى آثاره المباشرة والملموسة في مجال تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للشرائح المستهدفة، وخاصة الشباب والنساء، وسكان القرى والمقاولات الصغيرة جدا.

كما أكد المجلس على ضرورة تكييف الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي مع الإصلاحات الهيكلية التي تم إطلاقها مؤخرًا، وبشكل خاص لتعزيز دورها كمحفز يهدف إلى تسهيل ودعم إصلاح المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية.

تدارس المجلس على إثر ذلك، النقاط المدرجة على جدول الأعمال والمتعلقة خاصة بآلية تتبع وقيادة الاستراتيجية، ووضعية تقدم أعمال المجموعات التقنية، واستراتيجية التواصل، واعتماد النظام الداخلي الذي يحدد تشكيلة واختصاصات وأساليب عمل هيئات الحكامة للاستراتيجية الوطنية للشمول المالي.

وفي هذا الصدد، أعرب أعضاء المجلس عن ارتياحهم لوتيرة تقدم أوراش استراتيجية الشمول المالي، بالرغم من عام صعب (2020) طبعته أزمة كوفيد -19. وهكذا،  فقد تم تحقيق العديد من الإنجازات المتعلقة بالإصلاحات الهيكلية لصالح الشرائح المستهدفة، ولا سيما (1) اعتماد تخفيض في إطار قانون المالية المعدل لسنة 2020، بنسبة 100 في المائة، على رقم المعاملات المنجزة عن طريق الأداء بالهاتف المحمول من قبل صغار التجار؛ (2) إصدار قانون بشأن التمويل التعاوني (crowdfunding)، (3) إنشاء صندوق لتسهيل إعادة هيكلة القروض الممنوحة من قبل جمعيات القروض الصغرى للأنشطة المدرة للدخل؛ (4) إطلاق السجل الوطني للضمانات المنقولة و (5) تطوير آليات جديدة لدعم تمويل المقاولات المتوسطة والصغيرة والمقاولات الصغيرة جدا داخل سوق الرساميل، ولا سيما التسنيد التركيبي؛

وفي أعقاب المناقشة، تطرق المجلس إلى العديد من التوصيات التالية:

  • مواصلة الجهود فيما يتعلق بالإصلاحات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمختلف محاور الاستراتيجية. وفي هذا الصدد، يوصي المجلس (1) بتسريع إصلاح الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يؤطر قطاع التمويل الصغير وكذا مكتب الائتمان و(2) إحداث إطار تنظيمي للتمويل التعاوني أو (crowdfunding).
  • تطوير قنوات توزيع جديدة للتأمين الشامل، وخاصة التأمين الأصغر، بالنظر إلى دوره في تعزيز الحماية والإدماج الاقتصادي للسكان المستهدفين. وحث المجلس كذلك، شركات التأمين على اقتراح عروض تأمين مصغرة لفائدة المقاولات الصغيرة جدا ولا سيما تلك التي تعمل في قطاعات التجارة والصناعة التقليدية، وذلك بالتعاون مع الوزارات المعنية؛
  • مواصلة أعمال تطوير الأداء بواسطة الهاتف المحمول بهدف جعله عاملا مركزيا في مجال الشمول المالي في السنوات القادمة، وخاصة من خلال تسريع انخراط التجار ووكلاء القرب وتعزيز التواصل المؤسساتي وتقوية التربية المالية للسكان المعنيين؛
  • تعميق تشخيص وتحليل الاحتياجات الخاصة للفاعلين بالعالم القروي بهدف تنويع العروض ومنتجات التمويل المخصصة للفاعلين المذكورين؛
  • وبالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا، أكد المجلس على ضرورة تعزيز دينامية برنامج “انطلاقة”، ولا سيما المكون المتعلق بالمواكبة؛
  • من جهة أخرى، أكد المجلس على ضرورة إعادة تكييف استراتيجية التربية المالية من أجل دعم نشر مختلف رافعات الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي؛
  • وأخيرا، واعتبارا لأهمية الورش الملكي للحماية الاجتماعية، أعطى المجلس توجيهاته لتشكيل فريق عمل يكرس لدعم نشر المشروع المذكور وكذا لتسريع التجربة الرائدة المتعلقة بإضفاء الطابع المادي على المساعدات المدرسية لبرنامج تيسير، وذلك في أفق تعميمها لتشمل برامج اجتماعية أخرى.

وعرف هذا الاجتماع، الذي عقد بطريقة هجينة تجمع بين الافتراضي والحضوري، مشاركة وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، ورئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، والرئيس بالنيابة لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب. كما شارك في هذا الاجتماع السيد محمد الكتاني نائب رئيس المجموعة المهنية لبنوك المغرب، ورئيس الجامعة المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين، ورئيس المجموعة المهنية لبنوك المغرب، ورئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى، ورئيسة الجمعية المهنية لمؤسسات الدفع وكذا ممثلي قطاعي الداخلية والفلاحة.

 

[3]مؤسسات القطاع العام:هو الذي يتكون من مجموع المؤسسات العمومية والتي هي أشخاص معنوية وأشخاص القانون العام ولها الاستقلال الإداري والمالي وتشتغل تحت وصاية الدولة. وهي أول مستثمر عمومي في المغرب بعد الإدارة المركزية أي بعد الوزارات والجماعات الترابية.

[4]المقاولات العمومية :هي التي تشمل مختلف المقاولات العمومية التي هي خاضعة لقانون الشركات، إلا أن مساهمة الدولة فيها تتجاوز نسبة 50 في المائة.

[5]ترأس السيد محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، يوم الاثنين 22 مارس 2021 عبر تقنية المناظرة المرئية، بصفته رئيس المكتب المنتهية ولايته لمؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، الجلسة الافتتاحية للدورة 53 للمؤتمر، والتي تنظم يومي 22 و 23 مارس 2021 في أديس أبابا، تحت شعار ” التصنيع والتنويع المستدامان في أفريقيا في العصر الرقمي في ظل كوفيد 19 “.

وقد تميزت هذه الدورة بمشاركة الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأفريقيا، ورئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الاتحادية الديمقراطية، بالإضافة إلى شخصيات وازنة تمثل الدول الأعضاء، ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية، وشركاء التنمية.

في كلمته الافتتاحية، أشار السيد الوزير إلى السياق غير المسبوق الذي تنعقد فيه هذه الدورة الثالثة والخمسون للمؤتمر، والذي يتسم بأزمة صحية واقتصادية مزدوجة ذات تداعيات سلبية عميقة على الاقتصادات العالمية والإفريقية.

كما أشاد السيد بنشعبون بوجاهة اختيار موضوع الدورة الحالية للمؤتمر، بالنظر للدور الأساسي الذي يمكن أن يلعبه كل من التصنيع المستدام والرقمنة في تعزيز قدرات القارة الأفريقية، وصمودها في مواجهة الصدمات الخارجية، وكذا في تسريع تنويع الاقتصادات الأفريقية.

وفي هذا الصدد، أشار السيد الوزير إلى أن نجاح التصنيع المستدام ورقمنة الاقتصادات الأفريقية يظل رهينا بمدى قدرة أفريقيا على تصحيح مكامن عجزها الرئيسية، لا سيما فيما يخص البنيات التحتية، والموارد البشرية، والتمويل. وشدد السيد بنشعبون بشكل خاص على أهمية حشد مصادر تمويل مبتكرة جديدة، وبخاصة في إطار شراكات مع القطاع الخاص. كما أكد على أهمية الانخراط الفعال للمجتمع المالي الدولي لدعم البلدان الأفريقية في عملية التحول الاقتصادي.

و في ختام كلمته، جدد السيد الوزير التزام المملكة المغربية الدائم، وفقا للتوجيهات الملكية السامية، بتعزيز التعاون الإفريقي والعمل من أجل النهوض بإفريقيا وتعزيز استقلاليتها.

تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، والتي تتخذ مقرها بأديس أبابا بإثيوبيا، هي إحدى اللجان الإقليمية الخمس التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. ويتمثل الدور الرئيسي لهذه اللجنة في تشجيع التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون الدولي من أجل تنمية أفريقيا. ويشكل مؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الهيئة العليا لهذه المؤسسة.

كما استقبل السيد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة يوم الأربعاء 10 مارس 2021 بمقر الوزارة، السيد فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.وذكّر السيد محمد بنشعبون بالأوراش المهمة التي تعتمدها الحكومة المغربية تنفيذا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، والتي تتمثل في خطة إنعاش الاقتصاد المرتكزة على صندوق محمد السادس للاستثمار وإصلاح القطاع العمومي، وتعميم التغطية الاجتماعية.

كما اغتنم وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة فرصة هذا الاجتماع لدعوة البنك الدولي، من خلال خبرته، إلى دعم جهود الحكومة المغربية في هذه المجالات ذات الأولوية.

من جانبه، أبدى البنك الدولي اهتمامه بتعزيز دعمه لجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، بحيث لم يتوان السيد بلحاج عن تهنئة بلادنا على تدبيرها النموذجي لحملة التلقيح الجارية. كما أعرب عن استعداد هذه المؤسسة لتقديم الدعم التقني والمالي لمختلف المشاريع الإصلاحية ذات الأولوية التي تنفذها المملكة المغربية.

إضافة إلى ذلك، أكد المسؤولان مجددًا التزامهما وإرادتهما المشتركة للنجاح في تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، المزمع عقدها بمراكش في أكتوبر 2022.

قد يعجبك ايضا