حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية المغربية: بين إدارة جوبايدن وتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2020

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي،

باحث في مركز الدكتوراه

في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة.

معلوم أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2020 المؤرخ في

31مارس2021 يؤكد مرة أخرى مدى أهمية تكريس ثقافة الديمقراطية

وحقوق الإنسان في العالم، وذلك تماشيا مع أجندة البرنامج الانتخابي

لإدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن والذي يعتبر من أنصار والمدافعين

عنها والذي نادى بتوطيدها وتزكيتها خلال تنصيبه يوم 20 يناير2021

، كما أشار إلى دعم الموقف السياسي للولايات المتحدة الأمريكية بشأن

قضية الصحراء المغربية خلال إدارة سابقة للرئيس الأمريكي السابق

دونالد ترامب المؤرخ في 10 ديسمبر2020 ووضعية حقوق الإنسان

في المغرب، وخاصة التطور الكبير الحاصل في الأقاليم الجنوبية

المغربية، وذلك من خلال الإشادة بمجهودات ومبادرات عمل المجلس

الوطني لحقوق الإنسان واللجان الجهوية التابعة له سواء تعلق الأمر

بجهة العيون الساقية الحمراء أو جهة وادي الذهب الداخلة.

وتجدر الإشارة إلى أن تطور حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية

المغربية مرتبط أساسا بميلاد هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004

،حيث  تقع على عاتقها مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية

التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات

جسيمة لحقوق الإنسان. وتتضمن هذه التدابير الملاحقات القضائية[1]

ولجان الحقيقية[2] وبرامج جبر الضرر[3] وأشكال متنوعة من إصلاح

المؤسسات،[4] وكذا مكانة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الأقاليم

الجنوبية المغربية ودوره الجوهري والأساسي في توضيح ورصد

الأوضاع الراهنة بجهة العيون الساقية الحمراء و جهة وادي الذهب

الداخلة لما تشهده من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من طرف

جبهة البوليساريو الانفصالية بمخيمات تندوف الحاضنة لدى الدولة

الجزائرية التي مازالت ولاتزال متعنتة ومتشبثة بأفكار الحرب الباردة،

بما في ذلك تنظيم الاستفتاء وحق تقرير المصير التي هي حلول

متجاوزة لدى الأمم المتحدة والمنتظم الدولي منذ سنة 2007 وعدم

جلوس إلى طاولة الحوار للتفاوض من أجل إيجاد حل سياسي مبني

على الواقعية والتوافق وهو الطرح المغربي والمتمثل في مبادرة

مقترح الحكم الذاتي، هذا فضلا عن توظيف المغرب تقارير وزارة

الخارجية الأمريكية من أجل الدفاع والترافع عن قضية الصحراء

المغربية لتعزيز وتكريس المكتسبات الجيو الإستراتيجية والسياسية

والميدانية.

 

 

 

 

 

[1] الملاحقات القضائية: لاسيّما تلك التي تطال المرتكبين الذين يُعتَبَرون أكثر من يتحمّل المسؤولية.

[2] لجان الحقيقية: و وسائل أخرى للتحقيق في أنماط الانتهاكات الممنهجة والتبليغ عنها، وللتوصية بإجراء تعديلات وكذا للمساعدة على فهم الأسباب الكامنة وراء تلك الانتهاكات.

[3] جبر الضرر: ذي تعترف الحكومات من خلاله بالأضرار المتكبَّدة وتتّخذ خطوات لمعالجتها. وغالباً ما تتضمّن هذه المبادرات عناصر مادية (كالمدفوعات النقدية أو الخدمات الصحيّة على سبيل المثال) فضلاً عن أشكال رمزية (كالاعتذار العلني أو إحياء يوم للذكرى).

[4] إصلاح المؤسسات:يشمل مؤسسات الدولة القمعية على غرار القوات المسلّحة، والشرطة والمحاكم، بغية تفكيك – بالوسائل المناسبة – آلية الانتهاكات البنيوية وتفادي تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإفلات من العقاب. ولا ينبغي النظر إلى هذه الأساليب المختلفة كبدائل لبعضها البعض. على سبيل المثال، لجان الحقيقة ليست بديلا عن المحاكمات. تحاول لجان الحقيقة أن تفعل شيئًا مختلفًا عن الملاحقات القضائية بتقديم مستوى أوسع بكثير من الاعتراف والحد من ثقافة الإنكار. وبالمثل، فإصلاح الدساتير والقوانين والمؤسسات ليست بديلا عن تدابير أخرى ولكن تهدف مباشرة إلى استعادة الثقة ومنع تكرار الانتهاكات. ومن المهم التفكير بشكل مبتكر وخلاق حول هذه النُهج وحول مقاربات أخرى أيضا.

 

 

قد يعجبك ايضا